الخميس، 10 مايو 2007

هل يعلم السيد عبد الواحد الراضي أنه حكيم المجتمع والأمة ويختزل البرلمان في شخصه؟


  هل يعلم السيد عبد الواحد الراضي أنه حكيم المجتمع والأمة
        ويختزل البرلمان في شخصه؟!
يحمل السيد عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب عدة صفات تؤهله ليدخل كتاب غينس المغربي للأرقام القياسية إن وجد، فهو نفسه يذكر في عدة استجوابات أنه كان أصغر نائب برلماني ينتخب في أول تجربة برلمانية عرفها المغرب، وأنه يعود لنفس البرلمان في جميع التجارب التي عرفها المغرب بعد استئناف "المسلسل الديموقراطي" سنة 1977. بل استطاع أن يصل إلى سدة مجلس النواب على دورتين انتدابيتين متتاليتين، آخرها ستكتمل بانتهاء الدورة الربيعية الأخيرة. 
لكن الغريب في الأمر هو إضفاء صفات عجيبة تتنافى مع الأعراف الجاري بها العمل على هذا الاتحادي الذي ينعته بعض خصومه "بالممخزن"، على أي فقد كان دائما يحتفظ بخيوط ودّ    ممدودة مع السلطات الحاكمة، حتى في أحلك الظروف التي كانت تتوتر فيها الأجواء السياسية داخل المغرب… كانت أول محطة أريد للرجل أن يتقمص فيها نعوتا لا تناسب الأعراف البروتوكولية والإدارية انطلاقا من دائرته الانتخابية، التي يتقاسم تمثيليتها مع نائبين آخرين، إذ تم تسريب محضر اجتماع عقد بمدينة سيدي سليمان في 15 دجنبر 2006،  يحمل توقيعه بصفته رئيس مجلس النواب، إلى جانب ممثلي السلطات المحلية وجمعيات من عين المكان، من أجل ترحيل الجوطية من جانب البلدية إلى مكان آخر، وهو القرار الذي لم تستسغه أطراف أخرى، مما أحدث زوبعة من الاحتجاجات و الإعتصامات المفتوحة حينئذ، خاصة من قبل بائعي سلع الجوطية والتجار المتنقلين… فتدخل على الخط الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي استغرب قي بيان له " لتدخل برلماني الدائرة بصفته رئيسا لمجلس النواب في إصدار قرار إداري تحكمي اتجاه ضحايا البطالة والتهميش والفقر بالمدينة". ليسخن الطرح وتتشابك الخيوط الظاهر منها والخفي، حسب المصالح المتناقضة والمتضاربة، وتصدر أربع جمعيات محلية (أغلبها لتجار) ومنتخبين اثنين بالغرف الحرفية بيانا مشتركا ومطولا في صفحتين بتاريخ 21 يناير 2007، مما جاء فيه أن " الأستاذ عبد الواحد الراضي(…) اُستدعي إلى الاجتماع بصفة غير رسمية باعتباره نائب الدائرة وحكيم المجتمع والأمة الذي يتوق الكل إلى نصائحه ومشورته في فض كل نزاع وخلاف". لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتكرر في أحدث واقعة، ففي ورقة معدة من قبل "جمعية ملتقى الشباب للتنمية" التي أغلب مسيريها منتمون للإتحاد الاشتراكي، ومن خلال تسطير فقرات البرنامج الذي قدمته الجمعية بسيدي سليمان يوم السبت 21 أبريل 2007 حول العولمة والمقاولات، هناك إشارة إلى أن " الكلمة الافتتاحية لرئاسة البرلمان"! والمقصود بذلك رئيس مجلس النواب،  فهل سيمثل في هذا النشاط المحلي بدائرة المنتخب عبد الواحد الراضي البرلمانُ بغرفتيه؟ وبالتالي ما حظ البرلمانيين الآخرين بمثل هذه" الإلتفاتة"؟ وهل صادق مكتب الغرفتين بمجلس النواب على هذه المهمة؟ وهل يدخل مثل هذا العمل في اختصاصيهما أصلا؟…  أم أن الأمر مجرد قصور معرفي، يختزل الغرفتين أو مجلس النواب في شخص رجل واحد؟ هو بالتأكيد رئيس الغرفة العليا فقط للبرلمان، وعند الإقرار بهذا الاختزال سنكون حينذاك أما سابقة تاريخية تأتي من"القواعد" ومن "الشعب"،  جديرة بنشرها في العالم أجمع، تغني الكل عن الانتخابات والحملات الانتخابية العسيرة والمكلفة،  بل وحتى عن التنظيمات الحزبية!!… فيقتنع الجميع باقتصار المؤسسات المنتخبة على شخص أو بضعة أشخاص، وكفى الله المواطنين شر الانتخابات.  كل هذا قد يعتبره البعض جزئيات بدون معنى، لكنه يؤشر إلى مستوى التمثلات التي يحملها كثير من المواطنين عن المؤسسات التي تمثلنا، بما فيهم منتمون لأحزاب يفترض فيهم مقدرة على الفهم والتمييز، وكذلك دور النخبة السياسية التي تستمريء تسميات ونعوت في غير محلها تتناقض مع مفاهيم الديموقراطية "والثمتيلية الانتخابية" وجانبها البيداغوجي خاصة،  فهل يعلم السيد عبد الواحد الراضي بهذه "الهفوات" أم هو راض عنها؟
نشرت بأسبوعية "اليسار الموحد" عدد 184ـ ـ 26 أبريل 2007