الثلاثاء، 4 مارس 2008

أي أفق ينتظر تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية


أي أفق ينتظر تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
أعتبرت تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية من أهم محرك للاحتجاجات في السنة المنصرمة على الأقل، حيث عرفت أغلب المدن تكوين مثل هذه التنسيقيات، وبعضها قاد احتجاجات في أهم الساحات العامة، دفاعا عن القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، والمطالبة بتحسين جودة الخدمات العمومية أو الإلحاح على توفيرها… ولعل من أهم الأحداث التي ميزت السنة الفارطة 2007، خروج عشرات المواطنين بمدينة صفرو للاحتجاج وتحول ذلك إلى استعمال العنف المزدوج من طرف بعض المتظاهرين والقوة العمومية، حيث أسفر ذلك عن خسائر مادية واعتقلات، والصفحة الآن تسير نحو طي هذا الملف المترتب عن تلك الاحتجاجات، غير أن أهم ظاهرة احتجاجية عرفتها مدينة بوعرفة، حيث امتنع عدد من السكان عن تأدية واجبات استهلاك الماء والكهرباء، احتجاجا على ارتفاع الأسعار، ونفس الشيء عرفته سيدي سليمان من حيث تنظيم الوقفات الاحتجاجية، غير أن واحدة منها تم منعها من قبل السلطة المحلية، وقد أشرنا إلى كل ما يخص سيدي سليمان ضمن هذه المدونة في حينه، بعدما كانت هذه التنسيقية المحلية من أول ما ظهر على الصعيد الوطني بجانب تنسيقية واد زم، وهذه التنسيقيات تتشكل غالبا من عناصر تنتمي لليسار، سواء كأحزاب أو نقابات أو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أو جمعيات أخرى… وهي مفتوحة في وجه جميع الهيئات التي تؤمن بدور الشارع في الدفاع عن مصالح الطبقات المسحوقة والمتضررة من بعض القرارات كالزيادة في الأسعار… وقد أعتبرت هذه التنسيقيات أملا يعيد الاعتبار للنضال الحقيقي إلى جانب المواطنين في ارتباط بظروف عيشهم، حيث تنبهت الحكومة لعواقب كل زيادة على القدرة الشرائية للمواطنين، وما قد يحدثه ذلك من احتجاجات قد تخرج أحيانا عن نطاق المؤطرين، وهو ما جعلها تخصص أزيد من 20 مليار درهم من أجل دعم صندوق المقاصة الذي يحاول إحداث نوع من التوازن بين السعر الحقيقي المتواجد في السوق وبعض المواد الغذائية الأكثر إقبالا عليها، ورغم ذلك هناك زيادات متتالية في بعض المواد كزيت المائدة. 
 
(تصوير: مصطفى لمودن)
جانب من الوقفة الاحتجاجية المنظمة في 10 أكتوبر 2007 أمام بلدية سيدي سليمان
 وبقدر ما ظهرت بوادر الأمل من خلال خلق هذه التنسيقيات، خاصة مع بعض الحالات الإيجابية في الاحتجاج المنظم والسلمي كما هو موجود في كل الدول الديمقراطية، بقدر ما ظهرت كذلك بوادر الخلافات هنا وهناك، مما يعرقل سير واستمرار هذه التنسيقيات، من ذلك ما يقع مثلا على المستوى الوطني، حيث صعب باستمرار التحكم في آليات الإشتغال المشترك بحضور كل الحساسيات المشاركة، فتطفو على السطح نزعات قد تهدد استمرار عنفوان هذه الحركة الاحتجاجية، رغم قيامها سابقا بمسيرة وطنية مشتركة، وما يزال من المنتظر أن تُنظم أخرى في 23 مارس 2008 بالدار البيضاء، لكن آخر الأخبار عن اجتماع التنسيقيات يوم الأحد 2 مارس بالدار البيضاء حمل أخبارا غير سارة، حيث انقسم الجمع إلى طرفين متنازعين، كل طرف قرر الاستمرار في العمل حسب منهجيته الخاصة.
لقد توصلتُ عبر بريدي الإلكتروني الشخصي ببلاغ وبيان، الأول من طرف المنسق الوطني للتنسيقيات محمد غفري، والثاني من أحمد سعيد، الأول يؤكد الاستمرارية رغم إقراره وجود بعض المشاكل إذ يقول: " نظرا للنقاش الحاد حول مشاريع الأوراق المقترحة والذي استنزف وقتا طويلا" ويضيف رغم ذلك تكون مجلس وطني "ضم 54 عضوة وعضوا ممثلين لمختلف المناطق والهيآت السياسية والنقابية والجمعوية الحاضرة مع توصية المجلس باستكمال اللائحة بممثلي الهيآت التي تعذر عليها متابعة أشغال الملتقى إلى نهايتها وانتخاب لجنة المتابعة الوطنية."بينما البيان الثاني اتخذ منحا آخر حيث ذكر أنه كانت هناك محاولة من طرف بعض الأحزاب لجعل التنسيقيات تابعة لها " بمحاولة تحريف نضال التنسيقيات وجعلها ملحقة حزبية لأطراف سياسية بعينها وعلى رأسها حزب اليسار الاشتراكي الموحد وجزب الطليعة والمؤتمر الاتحادي وفي ذيلهم حزب النهج الديموقراطي من خلال محاولة تأسيس مجلس توجيهي بشكل فوقي وبيروقراطي ذو مضمون سياسي" وأخبر نفس البيان ب " انسحاب بعض أعضاء لجنة المتابعة الوطنية" دون تحديد العدد، و" تجديد الثقة فيما تبقى من لجنة المتابعة الوطنية وتطعيمها بأعضاء آخرين من داخل التنسيقيات المحلية وتشكيل لجنة متابعة وطنية مؤقتة" وعدم الاعتراف بكل ما انبثق عن محطة 2 مارس.
  
(تصوير: م. لمودن)
محمد غفري المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء 

فهل هي لعنة الخلافات والانشقاقات قد حلت هي الأخرى بتنسيقيات مواجهة الأسعار؟ أم وراء ذلك بعض النزَعات المغرقة في الأنانية؟ ألا يمكن أن يستظل الجميع تحت نفس الإطار ونسيان الخلافات إلى موعد لاحق؟ ثم ما ضير بعض الناشطين في هذا الإطار من انتماءات البعض إلى أحزاب ؟ خاصة أن مثل هؤلاء متعودون على التأطير والتنظيم وبالتالي دورهم حيوي لكل تنسيقية، وأي دور يريده البعض أن يبقى للأحزاب بعد سحب مثل هذه "الأنشطة" من مناضليها؟
كما أن أي ملاحظ سيلمس في البيان جهلا واضحا حتى بأسماء الأحزاب التي من المفترض أن يكون المنسحبون قد خاضوا مع مناضليها أشواطا من التضحية والنضال والعمل المشترك، فالأسماء الحقيقية للأحزاب المذكورة هي الحزب الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي (الاسم بكامله)،وحركة النهج الديموقراطي، فكيف يمكن للبعض أن يرى الجميع مخطئين؟ ويقف هو في وجهم؟ رغم حمل الجميع لنفس الشعرات، نقول هذا من باب طرح الأسئلة.
إن بعض القضايا الحيوية المصيرية أكبر من كل الخلافات الحقيقة أو المفتعلة.
مصطفى لمودن