الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

الملك لم يزر سيدي سليمان


      الملك لم يزر سيدي سليمان
       
السلطات المحلية أرغمت  المواطنين على التوجه إلى القنيطرة و«أوراش» الترميم المرتجلة علقت.    
      لم يزر الملك محمد السادس مدينة سيدي سليمان حسب ما كان يبدو من خلال «حالة الطوارئ» التي عملت وفقها عدة مصالح إقليمية ومحلية، وقد أشارت مدونة سيدي سليمان إلى بعض من ذلك في حينه(اطلع)، بينما لوحظ تعليق العمل في ترميمات وإصلاحات آخر ساعة التي كان العمل جاريا بها على «قدم وساق» بالمدينة حسب الأسلوب الذي كان يحلو لأحد المذيعين المشهورين التغني به. وقد اكتفى الملك - لحد الآن – بالقيام بزيارة رسمية لمدينة القنيطرة عاصمة الإقليم، حيث أشرف في العاشر من أكتوبر الحالي على تدشين مركز صحي، ودار الشباب رحال المسكيني بعد «تأهيلها وتجهيزها»، وأشرف على توزيع أربع وحدات طبية متنقلة منحت واحدة منها لدائرة سيدي سليمان، واستمع ل«برنامج تقوية الشبكة الطرقية والإنارة بدائرة الساكنية بمدينة القنيطرة» حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، والتي أضافت أن «الأشغال قد انتهت به» (البرنامج)، بينما قدمت بقية «المشاريع» كمخططات يُنتظر إنجازها، كبناء مركبين رياضيين ومركز ثقافي ومرافق جماعية بالأحياء الحضرية بنفس المدينة، وحسب نفس الوكالة الرسمية للأخبار فالملك استمع لشروحات حول «تأهيل النسيج الحضري» لعدد من المراكز الحضرية (5) منها سيدي سليمان وشبه الحضرية (6)، وكذلك إلى «الشروحات الخاصة بالمشاريع التي يتم انجازها على مستوى مدينة القنيطرة»، «وتتوزع هذه المشاريع ما بين أشغال تقوية البنيات التحتية»، «والساحات العمومية والفضاءات الخضراء »، «والتجهيزات المدرة للدخل»، «والمرافق الثقافية والرياضية»، «والدراسات»، وكذلك إعادة هيكلة أحد الأحياء المهمشة بالقنيطرة دائما. 
 122471الملك محمد السادس عند افتتاح دار الشباب بالقنيطرة. (الصورة من موقع MAP) 
     ويبدو للملاحظين أن الوكالة الرسمية للأخبار قد استفاضت في التكرار لبعض المشاريع، وبعضها فعلا لا يعتبر منجزات ذات قيمة مهمة، كالساحات والفضاءات الخضراء التي يجب أن تكون من المهام الأساسية والعادية للجماعات المحلية تسهر على إنجازها ورعايتها باستمرار… رغم حرص الوكالة والجيهات الرسمية الإقليمية على إبراز تكلفة كل مشروع والجهات الممولة، حيث تأتي في المقدمة «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، وبعدها مجلس الجهة والمجلس الإقليمي والجماعات الحضرية والقروية ومصالح حكومية. بينما لم نعرف بالضبط ما نوع «التجهيزات المدرة للدخل» كما ورد في قصاصة وكالة المغرب العربي للأنباء.
   كما سلف أن وضحنا في عدد من الإدراجات فجهة «الغرب الشراردة بني احسن» ككل تعرف إهمالا واضحا من قبل المصالح الحكومية المركزية، كما أن نخبتها المحلية لم تلتقط عدد من الإشارات لتساهم بدورها في التنمية، علما أن أغلب فائض القيمة الإنتاجي بالجهة وإقليم القنيطرة خصوصا يحوّل إلى المدن الكبرى كالرباط والدار البيضاء… ويُفاقم في هذه الوضعية عدم وجود ضريبة فلاحية مباشرة على الضيعات الكبرى، ولا يتم استقطاب فاعلين اقتصاديين للمنطقة بفعل غياب أي خطة ملموسة لذلك، وأغلب الجماعات المحلية ـ حضرية وقرويةـ تعيش سباتا عميقا، بسبب جهل أغلب مستشاريها بالخطط التنموية ودورها في الإنعاش الاقتصادي، وطبعا منهم من ليس لهم أي غرض في تنمية جماعتهم وتحسين مستوى عيش سكانها، ويكتفون بتنمية ثرواتهم الخاصة، وأغلبهم يحرص على توفير سيارة الجماعة، التي تبقى رهن إشارتهم بوقودها ليل نهار كأنهم ورثوها عن أجدادهم! ولا يعيرون أي اهتمام لصعوبة تنقل تلاميذ من جماعتهم من أجل التوجه للأقسام الدراسية البعيدة عن سكناهم على سبيل المثال…
وفي نفس السياق فقد كانت وكالة المغرب العربي للأنباء محقة في القصاصة المشار إليها حينما تحدثت عن وضعية أوضاع إقليم القنيطرة واصفة إياه ب«الذي يعاني من ضعف مؤشراته الخاصة بالتنمية البشرية بالرغم من غنى وتنوع موراده ومؤهلاته، وكذا تدارك النقص المسجل على مستوى البنيات التحتية الأساسية والتجهيزات والمرافق الجماعية»، وبطبيعة الحال فالحكومة والإدارة الترابية ومختلف المجالس المنتخبة تتحمل المسؤولية في ذلك. 
dsc024
 كان من المنتظر أن يتم تدشين دار الطالبة بسيدي سليمان من قبل الملك محمد السادس، ولما لم يتم ذلك لم تفتح إلى الآن في وجه التلميذات، اللواتي أكيدا في حاجة ماسة لها، فمن يتحمل مسؤولية هذا التأخير؟ 
dsc024 
   «الأعمال كانت جارية على قدم وساق» منذ وصول الأخبار عن قرب الزيارة الملكية 
dsc024
 
dsc024 
    توقف بعض «الأشغال» في منتصف الطريق، الصورة لقطع الترصيف المهملة بجانب دار الطالبة. 
   وتجدر الإشارة أننا قد تساءلنا في ختام مقالنا السابق حول كيفية تعامل السلطة الإقليمية والمحلية مع الزيارة الملكية فيما يخص جمع المواطنين وتنقيلهم ووضعهم بجانب الطرقات، وقد جاء الجواب اليقين مما تمرست عليه هذه السلطات منذ حقب الإكراه وسنوات الرصاص المشؤومة، من ذلك إعطاء الأوامر من أجل إحضار مئات المواطنين من كل قيادة بالإقليم وتنقيلهم إلى القنيطرة، وقد تحرك من أجل ذلك جهاز الداخلية بكل ما أوتي من قوة، كما تمت المناداة ببعض القرى على السكان بواسطة أبواق المساجد مع توعد من لن يحضر، وتم حجز أوراق سيارات وشاحنات خاصة إلى أن تعود من رحلة القنيطرة…الخ، قلنا سابقا، لو تركت الناس بتلقائيتها تستقبل الملك أكيد ستكون الاستجابة عفوية، وقلنا على السلطات أن تهيئ ما يتطلبه الأمر من لوجستيك دون إكراه بالنسبة للحضور إلى سيدي سليمان من الأحواز المحيط به، إذا كان الأمر بالملحاحية التي تتوخاها السلطلات المحلية. والملك بشعبيته وشرعيته ليس محتاجا لمثل هذه التدخلات السلطوية، ولا إلى وسطاء ليبلغوا الشعب رسائل من الملك، كما أن الملكية في المغرب تحقق الإجماع، ولا حاجة لإجبار سكان العالم القروي من الفقراء قصد وضعهم طول اليوم طوابيرا بجانب الطرقات، وهل السلطة المحلية في الرباط مثلا تفعل نفس الشيء مع سكان حي الرياض وأكدال؟ كما أنني بكل صراحة لم أفهم قصد السلطة المحلية من ذلك، هل تريد أن تؤكد على تحكمها في رقاب الناس؟ ونفس الشيء يقال عن خلود بعضهم لكسل مستديم إلى أن يتم الإخبار بزيارة ملكية فيشمرون عن سواعدهم للعمل في الميدان، على مثل هؤلاء أن ينزلوا عند السكان أينما يتواجدون ويتدارسون معهم احتياجاتهم ومشاكلهم، إن ملك البلاد في حاجة لمسؤولين يتحملون مسؤوليتهم كاملة، ويهتمون بالتنمية الحقيقية، عوض تنميق الواقع وتصبيغه كما يفعلون ببعض الطوارات والجدران ووضع صباغة مغشوشة عليها تزول مع أول قطرة مطر. 
  dsc024
   من الإيجابيات الملحوظة تشجير مدخل المدينة من الجهة الغربية، لكن التساؤل حول إمكانية بقاء تلك الأغراس في مكانها، مع ما يتطلبه الأمر من رعاية مستمرة لها، علما أن المدينة تعيش «عداءً»غريبا تجاه الأشجار، بعضها الموروث اُقلع، والآخر عرضة للإهمال…
 dsc023 
 نفس المكان قبل تشجيره، ويلاحظ إزالة علامة التشوير، التي لم تبق في مكانها، فما هو الوقت الذي ستصمد فيه الشجيرات المغروسة؟
   فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي سليمان الهيئة الوحيدة التي استنكرت (في حدود علمنا) تنقيل المواطنين واللجوء إلى بعض الترميمات المستعجلة في آخر لحظة، حيث جاء في بيان لها أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر: «يدين(أي الفرع) السلوكات الموسمية للسلطات المحلية والمجالس المنتخبة المتمثلة في إجراء صيانات عشوائية بالمدينة، وإكراه عدد من المواطنين وأرباب النقل من أجل الحضور إلى القنيطرة أثناء الزيارة الملكية.» 
    إن التمنية المنشودة عمل مجالي واسع وهدف جماعي شامل، يشارك فيه الجميع، حسب أولويات متفق حولها، تنطلق أساسا من رغبة السكان ومشاركتهم حسب أبسط منطوق ديمقراطي سليم.
                                               مصطفى لمودن  
*****************************  
 ملحوظة: يخبر المشرف على مدونة سيدي سليمان مصطفى لمودن كافة القراء وكل من يهمه الأمر أن ما يصدر ببعض الصحف والمواقع من مقلات تحمل توقيعه، هي مستنسخة فقط دون إخبار صاحبها الذي يتعامل فقط مع المدونة وموقع الحوار المتمدن، وموقع فرعيتي الخاص بمدرسي العالم القروي إلى حدود الآن، ونحن نعرف بحكم التجربة أن مثل هذه الجرائد كانت إلى تاريخ قريب تتجاهل ما يرسل إليها من كتابات… ونعتذر لقرائنا عن التقصير الملحوظ مؤخرا في الكتابة، مرد ذلك يعود لكثرة مشاغلنا في مهمة التدريس بالعالم القروي. 
 نؤكد دائما أن مدونة سيدي سليمان مفتوحة في وجه جميع الآراء.