الأحد، 14 ديسمبر 2008

هل يشتغل فعلا البريد الإلكتروني لبعض الجرائد؟ تخلف التواصل لدى عدد من الجرائد المغربية



هل يشتغل فعلا البريد الإلكتروني لبعض الجرائد؟
تخلف التواصل لدى عدد من الجرائد المغربية
    من المفترض أن تكون الجرائد قد وجدت من أجل التواصل، وتبادل الآراء، والاستماع إلى مختلف الأطراف، وجعل كل ذلك صالحا للنشر في قالب مقبول، وهذه مهمة الإعلاميين، لكن للأسف هناك جرائد صماء، تتحدث ولا تريد أنتسمع، توزع الأخبار وتبيعها كما تشاء، ليس لديها أي رجع صدى، يهمها أن الناس تشتري وتقرأ.
 مناسبة هذا القول هو أن بعض الجرائد المغربية، إما أنها ما تزال تسير على نهجالسلحفاة والأرنب، في السباق المعروف، والعام طويل… فلا تضع أي عنوان إلكتروني يمكن أن تتلقى عبره مراسلات وملاحظات القراء، وتسجل بغرابة بليغة عنوانها الذي يحيل على رقم الدار والزنقة والشارع… أو تضع رقم الفاكس، وتنتظر سقوط الورقة المطهمة بالحروف … وعليك وعلى الجميع السلام… بل حتى التي اجتهدت ووضعت لها موقعا في شبكة الانترنيت أغفلت بوابة تواصل، أو أي عنوان إلكتروني بسيط. ومن الجرائد من اعتبرت نفسها أكثر دهاء، فوضعتعنوانا إلكترونيا يبهر الناظرين، ويغيظ الحاسدين، لكن عند استعماله يأتي الجواب اليقين الأوتوماتيكي نافيا أن يكون هناك عنوان لأي جهة في الكون بهذه الصفة، وهو ما حدث لنا مع جريدة «المساء»، التي حاولنا إبلاغها بتقرير موجز  مرفق بصور يذكر أن فرعا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد نظم وقفة احتجاجية لصالح حرية التعبير)بالنقر هنا تطلع على الموضوع(، كانت جريدة «المساء» حاضرة فيه، سواء في تعابير الاحتجاج الذي بحت به الحناجر، أو في اللوحات المحمولة حيث اسم الجريدة بلونه العسلي، أو في الكلمة التي تليت باسم مكتب الفرع في ختام الوقفة التضامنية بسيدي سليمان يوم الجمعة 12 دجنبر الحالي، بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان… وبصفتنا كاتبا للفرع، نتكلف بجزء من مهام النشر والتواصل.
  نعرف أن النشر عبر الصحف في المغرب دونه ألف حاجز، وأن أصحاب بعض الجرائد والمشرفين عليها وبعضا من كتابها أو كتبتها يعيشون في نرجسية خاصة جدا، (أو هكذا يبدون للمغاربة) ومنهم من يعتقد أنه هو وحده من ولدته أمه قادرا على تخطيط الحروف وإنزال الكلمات و«نشرها» على الملأ، قد يقول قائل، لماذا كل هذا الإصرار على النشر في «المساء» أو في أي جريدة سيارة أخرى؟ 
   نرد بأنه ليس لدينا أي مطمح«جنوني » نحو ذلك، ولا نرغب بغير جدارة في اعتلاء الصفحات، بل هي فقط إشارة إلى سوء تقدير من طرف بعض وسائلنا الإعلامية التي تدعي التواصل والمهنية، ونحن نقدر أن أي جريدة أو أي أداة إعلامية لا يمكنها أن تخصص طاقما بشريا كاملا لقراءة المراسلات الإلكترونية وفرزها والرد عليها و… ذلك جد مكلف ومتعب، ولكن هذا لا يعفيها من تلقي الرسائل.
   لكن ألا تنشر كل الجرائد أخبار الناس وتعاليق البعض ومساهماتهم، فكيف يحدث ذلك؟
 هناك جرائد ما تزال تنتظر وصول ورقة مكتوبة من مساهم أو قارئ مفترض، يتلقفها رئيس التحرير أو أحد مساعديه، يخط فيها هنا وهناك باللون الأحمر أو بغيره، ويسلمها للراقنة… هناك من الجرائد من تتعامل فعلا بالبريد الإلكتروني،ولكن ليس لمن كان، تخبر بذلك فقط من يساهمون معها، سواء أكانوا مراسلين أو كتاب رأي أو غيرهم. أما العنوان الموضوع على الجريدة، إما في الصفحة الأولى، أو أي مكان منزو بجانب طاقم الجريدة، فذلك العنوان لا يدخله ولا يفتحه أحد، ولا تكلف نفسك يوما أيها القارئ المحترم عناء استعماله، إنه متبث هناك حسب دواعي الوقت والموضة لا غير. وعليك بدورك أن تتدبر أمرك مع «القوم»، وتكون اكثر دهاء فتصاحب مراسلا «محنكا» قد يكفيك عناء البحث عن العناوين الحقيقية للجرائد، أو أن تسافر إلى المراكز الكبرى كالدار البيضاء أو الرباط، وهناك تلتقي مع احدهم في بهو مقر جريدة أو بمقهى أو مطعم أو… وبعدها قد « يحن » عليك، فتكون من المقربين، وتنشر بجريدة معينة.
    الطامة الكبرى هي عند ما تريد أن تتواصل مع أحدهم، من الصحافيين طبعا، وأخص بالذكر منهم «الجهابذة»، أصحاب الرأي و«المعلقات» الورقية، والذين غالبا ما يضعون عنوانا إلكترونيا أسفل صورهم، التي يختارونها بعناية، ومن الأحسن أن تعود هذه الصورة لفترة زمنية سابقة، فهذا العنوان لا يشتغل لدى الكثيرين، وهو أكبر دليل على احتقار القراء والاستهزاء بهم، وإلا لمَ يوضع مثل هذا العنوان أصلا؟ هل فقط للظهور بمظهر الحداثي المتمكن بدوره من عالم الشبكة العنكبوتية؟ إذا كان ذلك مكلفا لأي صحفي من حيث الوقت والجهد، فليزله أصلا، ولتضع كل جريدة قناة التواصل الفعلية المناسبة لها، إن الإعلام الصادق ذا الجرأة والمسؤولية ليس فقط من يعمل بمهنية واستقلالية، بل منيحسن التواصل، ويستمع لمختلف الردود، وهذا من صميم المهنية والإخلاص للإعلام.  
    بقي فقط أن نشير  إلى أن أي إنسان قادر أن يصبح الآن صحفيا ومحررا ورئيس تحرير وكاتب تقارير صحفية، وذلك عبر النشر في الانترنيت، نعمة التكنولوجيا الحديثة، كل ما يكتب يكون أوسع انتشارا، وأسهل توزيعا، وأبقى وأحفظ… على المهنيين الانتباه للتغيرات الحاصلة، ومن تواضع للكتابة رفعته.

                              مصطفى لمودن