الجمعة، 6 فبراير 2009

ملاحظات أولية حول توزيع المناصب بسيدي سليمان، خلل في القوانين أم خلل في التدبير والتسيير؟


   حسين الإدريسي                


تفاجأ المهتمون بالشأن المحلي بسيدي سليمان بمبادرة  توزيع بيان من طرف العدالة والتنمية الفرع المحلي  حول توزيع مناصب من طرف رئيس المجلس البلدي ولجنة التوظيفات وتفاعلت مع ذلك البيان على الأقل شفويا بشكل متفاوت من قبول الاستنكار الوارد في بيان 22 يناير 2009 إلى الاستغراب والتساؤل عن الموقف العملي المطلوب .

لا نشك في فعالية التعبير عن المواقف بواسطة البيانات كأداة  جماهيرية مواتية للتواصل إلا أن ما يثير الانتباه هو الموضوع وأساسا الموقف  من الحدث  الصادر عن حزب العدالة والتنمية المصنف عادة ضمن المعارضة وعضو في المجلس البلدي المحلي حاليا الشيء الذي يعطي للبيان نكهة خاصة تجعل كل متتبع للشأن المحلي يتساءل عن

   ـ كيفية اتخاذ القرار داخل المجلس البلدي بخصوص القضايا المطروحة وهنا توزيع المناصب. هل يتم ذلك بشكل انفرادي أو بمشاركة الهيآت المنتخبة في المجلس وفي لجنة التوظيف وبذلك يطرح دور الحزب صاحب البيان

   ـ المطالب المرافقة للتنديد  بالتفويت غير واضحة من قبيل الاستغراب من «عين ميكا» الذي يمارسه المسؤولون تجاه القرار الخاص بتوزيع المناصب وكأن الحزب يطالب  بتدخل، بما في ذلك المتابعة والمحاسبة. و أخيرا دعوة الغيورين للتصدي لهذا الفساد ! كيف ؟

فإذا كان البيان يسجل ممارسة سليمة  من حيث الشكل فهو لا يخفي فشل مستشاري العدالة والتنمية  في الدفاع عن مصالح المواطنين داخل المجلس  طبعا،  ما دام  صدور البيان  قد جاء  مباشرة في أعقاب الإعلان عن التوظيف، لذلك يبقى الإبهام قائما، هل التنديد يهتم بتوزيع المناصب العشر أم بطريقة التوزيع أو بعبارة أوضح بمشكل تدبير ملف التوظيف في إطار المجلس البلدي. إن المشاكل التي يثيرها البيان لأعمق مما يظهر، إذ تتجاوز الإشعار بالتنديد (الموقف من توزيع المناصب) والإخبار بسوء  التدبير، لتبرز الصراع المبطن أو المعلن داخل المجلس، ليتحدد خلاله موقع وثقل كل مكون من مكونات المجلس البلدي:

الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، العدالة والتنمية، الاتحاد الدستوري، و نسجل أن حزب العدالة والتنمية قد انفرد بإصدار البيان في النازلة، وكان له السبق إعلاميا على المستوى المحلي عبر البيان طبعا، وبالتالي إثارة نقاش في  الموضوع،  لدى كل الأوساط المهتمة بالشأن المحلي وبآلياته على خلفية التحضير للانتخابات الجماعية المقبلة.

          وبغض النظر عن مجال اهتمامات البيانات بسيدي سليمان على قلتها، فان البيان الصادر عن العدالة والتنمية  محليا يروم بدون شك فضح واقع مرتبط بممارسات تكاد تكون سائدة بمجالسنا المنتخبة البلدية أو القروية على السواء، ومرتبط أيضا بتمثل المستشارين لدورهم وفي علاقاتهم بالرئيس،  إذا افترضنا جدلا أن المستشارين  مستوعبون للميثاق الجماعي الجاري به العمل قبل أن يعدل أخيرا و جزئيا بما فيه صلاحيات الرئيس  والوصاية، الشيء الذي يستدعي إعادة النظر في هذه الممارسات عبر إصلاح القوانين المنظمة للإطار المشار إليه أعلاه. ألم يحن بعد الدخول في المطالبة بتخليق الحياة السياسية والاجتماعية  بالدعوة العلنية إلى إصلاحات دستورية و سياسية بعد التجربة التشريعية والجماعية التي لا تخلو من مواطن فساد وإفساد؟ التي لم يفت البيان أن يشير إليها بالمناسبة، فإذا كانت دعوة البيان إلى هذا التغيير فهذا شيء جديد، أما إذا كان الأمر يقتصر على سلوكيات الرئيس أو أعضاء لجنة التوظيف المعتمدة على المحسوبية على حد تعبير البيان، فهذا لم يعْدُ أن يكون سوى مجرد طوطولوجيا لا قل ولا أكثر، ومن تم فلا داعي لتغطية الشمس بالغربال، اللهم إذا حرم الرئيس أصحاب البيان من مناصب في التوزيع دون أي استشارة. أما المطالبة بوقف مهزلة  التوظيفات فيظهر أنه متأخر بعد أن استفاد من استفاد من المطالبين بالشغل (على سلامتهم كما يقال بعد الانتظار الطويل والقاسي) فالمطلوب حسب رأيي هو المزيد من المناصب أيا كان مصدرها حتى القضاء على البطالة المستشرية في مجتمعنا السليماني، وكيف ما كان الحال، فكل منصب جديد يعد مكسبا حقيقيا على رعاة البطالة  و المستفيدين منها على كل الواجهات( تجار الانتخابات على سبيل المثال)، طبعا الاستفادة  يجب أن تخرج من المحسوبية والزبونية و شراء الذمم  بشكل مسبق، أي بالرجوع إلى الاستحقاق والقانون وإلى التباري الحر، أما تدبير ملف التوظيفات فهو يتطلب أيضا إشراك المعنيين بالأمر من المجتمع المدني وعلى الأقل الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، في إطار سياسة تشاركية راشدة تخدم التنمية البشرية بمدينتنا،  حتى نتجاوز المحسوبية والزبونية والتدبير الكلاسيكي لشؤون المواطنين بسيدي سليمان.

و يبدو لي في نهاية هذه الملاحظات أنه من الضروري التعامل إيجابيا مع المقترحات التالية

1-إعمال القوانين الداخلية في المجالس للبت في الملفات المتعلقة بالشأن المحلي بما فيها التوظيفات، وهذا ما يفرض الرجوع إلى القوانين وتغليبها على كل المرجعيات الأخرى بتخليق الحياة الجماعية، وتسييد العلاقات الديمقراطية داخل المجالس.

2- إعمال سياسة التشاركية  تفعيلا  للحكامة الجيدة في التدبير والتسيير بدل الترويج لها في كل الإطارات.

3- عقد لقاء تقييمي لتجربة المجالس المحلية عبر تنظيم طاولة مستديرة مفتوحة في وجه الجميع، ترمي إلى قراءة شجاعة للممارسات  الصحيحة والخاطئة داخل المجالس بهدف التجاوز والتغيير لما فيه مصلحة المواطنين.

ألم يحن الوقت لدخول المجالس المنتخبة في تجربة جديدة  تخدم انتظارات المواطنين في التنمية و العيش الكريم…؟

سيدي سليمان  في  28 يناير2009 

 

المدونة: توصلنا بالموضوع قبل استفحال ما ترتب عن فيضانات نهر بهت