الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الاحتجاجات بمنطقة سيدي سليمان جرد لعدد من الاحتجاجات ورأي بعض الفاعلين


الاحتجاجات بمنطقة سيدي سليمان 
جرد لعدد من الاحتجاجات ورأي بعض الفاعلين
مصطفى لمودن
"الاحتجاج حق مشروع…"، لازمة يكررها المحتجون الذين يخرجون إلى الشارع للتعبير عن مطالبهم أو رفضهم لقرارات أو مواقف أو تصرفات معينة، وغالبا ما تكون الاحتجاجات رد فعل من قبل متضررين، وإلا لما سميت كذلك، وهي دليل على أن هناك سوء تواصل أو عدم وجوده أصلا، بين عدة متعاملين أو متدخلين، سواء في علاقة المواطنين مع إدارات مختلفة، أو علاقة هيئات مدنية (أحزاب، نقابات، جمعيات..) مع الفاعلين الرئيسيين في صنع القرارات وتنفيذها، الاحتجاجات دليل قاطع عن حصول تشنجات وانفعالات وانتهاك حقوق الغير أو عدم الاستجابة للمطالب "المشروعة". ولكن هناك من يعتبر تواجد الاحتجاجات و"السماح" بها مقياسا لممارسة هامش من "الحيرة" المراقبة…   
عرفت سدي سليمان ومنطقتها في السنوات الأخيرة بعض الاحتجاجات التي طفت على سطح الأحداث الرتيبة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث، أبرزها الاحتجاجات المترتبة عن موسمين من الفيضانات عرفتها المنطقة، تسببت في تهديم منازل وتشريد أسر وضياع ممتلكات، وأمام هول الكارثة وضخامتها، وشساعة المنطقة المتضررة، اضطر كثير من المتضررين اللجوء إلى الاحتجاج كوسيلة للتعبير عن همومهم… النوع الثاني من الاحتجاجات يخوضها المعطلون حملة الشواهد، هؤلاء الشباب الذين قضوا سنوات من عمرهم في الدراسة وجدوا أنفسهم بعد ذلك عرضة للشارع بدون شغل أو دخل يضمن كرامتهم، وقد انضووا داخل "الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين"، وأسسوا في مختلف المدن فروعا لها، تمارس هذه الجمعية ضغوطا من أجل الشغل، وتعتبر الاحتجاج وسيلة للفت الانتباه إلى قضية أعضائها. أما الاحتجاج الثالث، فله علاقة بالشغل كذلك، وهو يهم العمال والعاملات، خاصة عندما يتم طردهم من الشغل بشكل تعسفي، أو لما تغلق الوحدات الإنتاجية لسبب من الأسباب، ولعل هذه الفئة الثالثة في الطريق إلى الانقراض النهائي بسيدي سليمان إذا لم تحدث وحدات صناعة جديدة.
احتجاجات حول مخلفات الفيضانات: 
توجه جماعي لسكان قرية "الكبارتة" للقيام باحتجاجهم في سيدي قاسم

 بعد سنوات من الاطمئنان إلى ما توفره السدود المقامة على الأنهار، وبعدما اعتقد الجميع أن الفيضانات أصبحت مجرد ذكرى كانت تحدث في زمن مضى، استفاق سكان منطقة الغرب والمغرب عموما على تدفقات مائية هائلة غمرت جزء من منطقة الغرب السهلية، كان ذلك ابتداء من 18 فبراير 2009، ثم في السنة الموالية في 19 فبراير واستمرت لأسابيع إلى ما بعد منتصف شهر مارس، ليجد سكان أحياء مهمشة بنيت على ضفتي نهر بهت أنفسهم في العراء بعدما جرفت المياه منازلهم أو أحدثت بها أضرارا بليغة، وجعلتها غير صالحة للسكن، لتظهر بعد كل فيضان احتجاجات السكان، مطالبين بتوفير ملاجئ أو خدمات آنية مستعجلة في البداية، ثم بمساكن لائقة بهم فيما بعد، ويمكن أن نعطي مثلا عن ذلك ما وقع مساء الأربعاء 24 فبراير2010 ، حيث نظم سكان حي أولاد مالك مسيرة نحو عمالة سيدي سليمان لتقديم مطالبهم، لكن قوات الأمن اعترضت سبيلهم، واستعملت القوة تجاه بعضهم، مما دفع مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى عقد لقاء مع المسؤول الأمني الأول في المدينة، للاحتجاج عن ذلك، والمطالبة بعدم تكرار اللجوء إلى القوة… وبعد ذلك حاول المقيمون رفقة عائلاتهم بملجأ أعدته السلطات بإحدى الشركات بالمدينة القيام بعدة احتجاجات متقطعة مطالبين بظروف عيش مناسبة. كما لا يمكن أن نغفل عن احتجاجات سكان العالم القروي الأكثر تضررا من مخلفات الفيضانات، ويمكن أن نشير إلى أبرز مثل عن ذلك حالة قرية الرزاكة المجاورة لسيدي سليمان، بحيث نظم سكانها أكثر من مرة مسيرة مشيا على الأقدام على المدينة، وكحالة سكان من قرى بجماعة أولاد احسين الذين نظموا أكثر من وقفة احتجاجية بجانب مقر دائرة سيدي سليمان، مثل ما حدث يوم الأربعاء 15 يوليوز، كما قام سكان قرية "الكبارتة" بمسيرة إلى سيدي قاسم يوم الأربعاء 24 فبراير لما شعروا بإهمالهم أثناء الفيضانات، وقد حاصرتهم السلطات الأمنية بعيدا عن المدينة، وتفرق كثير منهم في الضيعات، وبعد ذلك تدخل أحد الأمنيين وطلب انتداب أربعة أشخاص مثلوا الباقين في اجتماع مع عامل إقليم سيدي قاسم، وبنفس الإقليم كتب محمد الشيكر من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان متحدثا عن وضعية سكان دوار "الشموسة"، الذين بدورهم اضطروا إلى تنظيم مسيرة إلى عاصمة الإقليم يوم الثلاثاء 16 فبراير، وقد حوصروا كذلك بعيدا عن المدينة… هي أمثلة فقط عن انفجار غضب كثير من سكان العالم القروي الذين وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الفيضانات……     
 
 
محاصرة أمنية لاحتجاجات سكان حي أولاد مالك   
  
 
احتجاجات سكان قرية "الرزاكلة"
    المعطلون: 
من وقفة احتجاجية سابقة للمعطلين
إذا كان المعطلون يستطيعون أحيانا عقد لقاءات مع المسؤولين المحليين، كعامل إقليم سيدي سليمان وباشا المدينة، ورئيس المجلس البلدي… فإنهم بدورهم يخرجون للشارع مطالبين بحقهم في الشغل، يلحون على مناصب في القطاع العام وأخرى في الجماعات المحلية، وكذلك تحصيل امتيازات كالأكشاك والعمل في القعطاع الخاص المرتبط بمرافق تابعة للبلدية كما صرح لنا بذلك رئيس فرع الجمعية بسيدي سليمان حكيم الشرقي، وقد كانت آخر وقفة نظموها يوم الجمعة 11 يونيو، وأخرى قبل ذلك يوم الثلاثاء 11 ماي.
العمال:
لعل إغلاق الوحدات الإنتاجية والتحويلية بالمدينة، كمعمل السكر ومعامل تلفيف الحوامض وتصبير الخضر، قد وضع حدا لتشغيل فئات عريضة من المواطنات والمواطنين، وبذلك توقفت الاحتجاجات في هذا المجال، لكن آخر ما عرفته سيدي سليمان في هذا المجال، اعتصام واحتجاج عمال كانوا تابعين لمطحنة سيدي سليمان، وبعد ذلك توصلوا مع المالك الجديد للمطحنة إلى حل توافي تلقوا على إثره تعويضا، كما احتجت أكثر من فئة من العاملات والعمال كانوا منتسبين إلى شركة لتفيف الحوامض أغلت أبوابها، وقد تلقى المحتجون بعد ذلك بدرهم "تعويضات"، كان آخرهم قبل شهور بحضور وزير التشغيل الحالي جمال أغماني بعد إجراء وساطة مع المشغل، لكن ما تزال قلة منهم غير راضية عن قيمة التعويض، ولا ننسى كذلك في هذا المجال الاحتجاجات التي خلفها سوء تدبير ضيعات "الصوديا" والسوجيطا"، والتفويت غير الفعال للضيعات، ومحاولة طرد المسيرين الجد لهذه الضيعات للعمال ومحاربتهم للعمل النقابي… وقد نظمت نقابات محلية عدة وقفات احتجاجية حول ذلك. ويمكن أن ندرج في نفس الموضوع مسيرات فاتح ماي، فهي بدورها تكون مناسبة للتعبير عن الاحتجاج ورفع مطالب…
 
نقابيو سيدي سليمان في وقفة احتجاجية ضد ما يقع بضيعات السوجيطا والصوديا   

 
احتجاجات عمالية حول ظروف تفويت ضيعات "الصوديا"و"السوجيطا"  
فضلنا عدم الإشارة مطولا إلى وقفات احتجاجية أخرى تمارسها بعض الهيئات، كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الأكثر ممارسة لهذا الحق، ووقفات "تنسيقية مناهضة الأسعار وتدني الخدمات العمومية" أو وقفات عادية بمناسبة معينة، كما فعل حزب الاتحاد الاشتراكي في ذكرى اغتيال المهدي بنبركة في 29 أكتوبر المنصرم، وكما يساهم أغلب الفاعلين المحليين للتضامن مع فلسطين بمشاركتهم في وقفات أو مسيرات.

الرأي الآخر
موقف هشام حمداني رئس المجلس الحضري لسيدي سليمان من مطالب متضرري الفيضانات والمعطلين.

 
من أجل معرفة الحلول الممكنة لتجنيب سيدي سليمان مخلفات الفيضانات، ذكر للإرسالية هشام حمداني رئيس المجلس البلدي أن هناك دراسة أنجزت بالاشتراك مع السلطة المحلية تقضي بتنقية مجرى النهر وبناء سور على جانبيه داخل المدار الحضري، وهو ما سيكلف 20 مليون درهم، وأضاف أنه طالب ببناء سدود تلية، وتنقية مجاري المياه والسواقي في المنقطة إثر اجتماعه بوكالة حوض سبو… وفي جوابه عن وضعية السكان المتضررين، ذكر أن هناك نوعين من المتضررين، هناك من غمرت منزله الفيضانات بسبب تواجده على ضفة نهر بهت، وهناك من سقط بيته الطيني بفعل غزارة الأمطار، وقال:"السيد العامل عنده مشروع أدرسه معه، هو أن هؤلاء المتضررين سيستفيدون من بقع، وليس هناك تعويضات مالية… الملف درسته وأكملته وأعطيته للسيد العامل، وأنتم تعلمون أن الفيضانات من اختصاص السلطة، وليس من اختصاص المجلس"، وجوابا حول ما يمكن أن يساهم به المجلس البلدي من تجهيزات. قال:"الواد الحار من اختصاص المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، المجلس البلدي يعد الوثائق، وتنازل عن البقعة الأرضية التي أخذتها العمران، هناك سيستفيد المواطنون، ونحن نوفر لهم كافة الوسائل الضرورية من مرافق وإدارات…"
وعن مطالبة المعطلين بمناصب شغل لدى المجلس، ذكر بأنه كمسؤول يجب أن يجد حلا لذلك، إلا أنه ملزم بالقوانين، ولا يتوفر على أي معلومات عن توفر المجلس على مناصب شاغرة، وأنه لم يتلق أي إشعار في ذلك من وزارة الداخلية على حد تعبيره، وأضاف: "الإخوان في جمعية المعطلين يطلبون ما يسمى بالكوطا أو الإدماج المباشر، أنا جلست معهم وناقشت معهم، قلت لهم الإدماج المباشر لم يبق، هناك مذكرة من وزارة الداخلية تقول بضرورة المباراة، وانأ ملزم بتطبيق القانون…"


ياسر اكميرة عضو الحزب الاشتراكي الموحد
لا وجود لإصلاحات جدية بعد الفيضانات
 
ذكر في بداية رده عن سؤال"الإرسالية" حول مخلفات الفيضانات وما سببته من احتجاجات بأن المصالح المعنية لم تأخذ العبرة من فيضانات 2009، و"لم تبادر لوضع حلول لتفادي وقوع الكارثة وتكرار المشكل، بل لجؤوا في أحيان قليلة إلى بعض الإجراءات الجزئية الترقيعية لامتصاص غضب السكان المتضررين، وإطلاق بعض الوعود الكاذبة، وإذا كان المتضررون قاموا باحتجاجات متكررة ومشروعة، فذلك لعدم استفادتهم من أي إجراء جدي، يمكنكم من وضع حد لحالة التشرد والعوز التي يعيشونها، فلم تنجز السلطات أيا من الوعود التي أطلقتها إبان الكارثة، حيث أن المنازل مازالت متهدمة وقد تركها قاطنوها وانتقلوا لأماكن أخرى، كل دبر أموره حسب وسائله الخاصة، بالإضافة إلى أنهم يمنعون حتى من إصلاح بيوتهم المتهدمة، ورغم سماعنا لتخصيص مبالغ كبيرة لإنقاذ منطقة الغرب وترميم بنيتها التحتية، فإننا في الحزب الاشتراكي الموحد نلاحظ غياب أية إصلاحات جدية، فالطرق ما زالت على حالتها وكل ما خربته الفيضانات  لا زال لم يعرف طريقه إلى الإصلاح، باستثناء بعض الترقيعات البسيطة في المعابر الطرقية الأكثر استعمالا. 
ـــــــــــــــــــ
 ـ نشر أغلب ما في هذا الموضوع بجريدة الإرسالية ع1. 
ـ مدونة سيدي سليمان: مستعدون لنشر أي رأي مخالف.