السبت، 26 فبراير 2011

سيدي سليمان تودع الفنان عبد القادر عبيث


 سيدي سليمان تودع الفنان عبد القادر عبيث
  


في حشد مهيب وري اليوم الجمعة 25 فبراير جثمان الفقيد عبد القادر عبيث الثرى في مقبرة سيدي سليمان، وذلك بعد صلاة العصر، لقد هبت أعداد غفيرة من ساكنة سيدي سليمان لتوديع الشاب الفقيد الفنان عبد القادر ابن حي بام، بل ابن سيدي سليمان كافة، شاب يشهد له الجميع بالخلق الرفيع، فنان وقف إلى جانب زميله ورفيقه ياسين في الكوميديا الهادفة والمشرقة ، وقفا معا ليثيرا إعجاب الجمهور المغربي بسكيتشات راقية، من حيث صدق الكلمة ورفعتها، ورونق الصورة الفنية المصاحبة لكل عمل فني قدماه، والصورة التي حاولا باستمرار ترسيخها عن فنهما رغم قصر التجربة، وقلة فرص الظهور للجمهور، الجمهور الذي أحس أن "منتوجهما" الفني ليس له تمن، لأنه نابع من القلب والعقل والوجدان .. تبع عبد القادر إلى مثواه الأخير فئات اجتماعية مختلفة ومن أعمار متفاوتة، من الجنسين معا، رغم الحضور الملفت للشباب، وإصرار حتى التلاميذ والتلميذات بأعداد كبيرة وبثقل محفظاتهم الدراسية، لقد جاؤوا للتو من أقسامهم متشبثين بحقهم في الحضور والمتابعة،  وقد ملؤوا المقبرة ومحيطها من أجل توديع عبد القادر الذي لم يرحل، لم يرحل لأنه ترك نموذج حياة، ونموذج تحدي كل الصعاب، من أجل تأكيد الذات، ووضع بصمة الفن الرفيع،  عبد القادر لا ينحدر من مدينة"مركزية" كالدار البيضاء أو الرباط،  لم تتح له الفرص والإمكانيات التي قد يحصل عليها آخرون، ولكنه وصل إلى قمة "كوميديا" 2010، وتربع على قلوب آلاف المغاربة مع رفيقه ياسين…
لحظة توديع الفقيد بمقبرة سيدي سليمان

 بكت اليوم كما شاهدت ذلك بالمقبرة عيون حزينة، سبق وأن أبكيتها بالضحك الهادف، نعم، لم تثر أنت وياسين في اسكتشاتكما ضحكا رخيصا يكون موضوعه الفقراء أو الصراع المفتعل بين القروي والمديني (كما يفعل آخرون)، بل تحدثتما عن "مجتمع الحداثة" وتناقضاته، عن التلوث وميكا الكحلة وعن القطار ومواعيده الغريبة، وعن التعليم وعن سيدي سليمان الغارقة في "العكز" (العجز والتخادل) وتفرج بعض سكانها دون اكتراث أو رد فعل عن سلوكيات غير مناسبة..
إنها رسالة للمشاركة، للفعل للمساهمة، لعدم الانحصار في زاوية التفرج…  ولكن الأعظم أن ذلك كان بلغة راقية لا تجرح أحدا، ولا تحرج أحدا،  ولا "تسيل دما من دمل" وصلت إلى تعفن يصعب استحماله..
لقد نجحت يا عبد القادر في استمالة كل هذه القلوب التي تبعتك اليوم..
نجحت في إضحاكنا على هم إذا كثر يضحك كما قال أجدادنا..
نجحت يا عبد القادر في نيل اعتراف كوكبة من الفنانين المغاربة، وقد جعلوا اليوم سيدي سليمان قبلتهم لتوديعك..
نجحت في جعل جنازتك شهادة حب بليغة من شباب المدينة نحوك ونحو فنك الرفيع، ونحو روحك المرحة والطيبة..
استمر يا شباب على شاكلة عبد القادر في نيل المنى عبر تحدي الصعاب.
استمر يا ياسين في حمل المشعل، روح عبد القادر معك، استمر إننا ننتظرك في أقرب منعرج.
استمري يا أسرة عبد القادر الكريمة في الصبر والتحمل، لقد افتقدنا كلنا شابا فنانا في ريعان عطائه…
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ 
المدونة: نظرا لتزامن دفن الفقيد عبد القادر مع موعد دفن أم رفينا أحمد المصمودي لم نستطع أن نكون في مكانين مختلفين في نفس الوقت