الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

الخدمات الصحية بالقنيطرة تحت الصفر يوم في جحيم مستشفى الإدريسي


 الخدمات الصحية بالقنيطرة تحت الصفر
يوم في جحيم مستشفى الإدريسي

بوعزة الخلقي
اتصل بي أحد الأصدقاء في الهاتف وأخبرني أنه تعرض لحادثة سير مروعة، ولم يرد إخبار عائلته وهو الآن بالمستجلات …
توجهت رفقة صديق كان معي على وجه السرعة عبر طاكسي صغير إلى مستشفى الإدريسي الذي يعتبر أكبر مركب استشفائي بجهة الغرب، نحو المستجلات لأن الولوج للمستشفى مترجلا ممنوع خارج أوقات الزيارة الرسمية، بعد تجاوزنا لحاجز الباب عبر الطاكسي توجهنا لقاعة الإنعاش حيث الاكتظاظ نساء ورجال وأطفال …لم يسمح للبعض بولوج الداخل من طرف الأمن الخاص.
لم أتردد رفقة مرافقي من التقدم نحو الباب، لم ننبس بكلمة حتى أتاح لنا الحارسين الدخول بعدما خاطب أحدهما الآخر بالقول: "خلي الأساتذة ديالنا أيدخلوا"
دخلنا وتنهد صديقي وقال لي ما الفرق بيننا وبين الناس الممنوعين من الولوج، فقلت له وأنا أتعجل السير ربما الملابس التي نرتديها والمحفظتين اللتين نحمل في أيدينا، وأردفت قائلا أو النظارة الطبية التي أضعها في عينيا هي السبب.
انتظرنا كما ينتظر الجميع أزيد من 80 شخص ينتظرون أن يهل عليهم هلال "الدكتورة المنتظرة" .
تبادل الجميع النظرات فيما بينهم:
- رجل يعاني من داء السكري وصل التعفن برجله اليمنى درجة لا تتصور، تورمت رجله وينتظر دوره في البتر، تحلقت حوله بناته وزوجته بيكينه ويتساءلن " واعيباد الله فين هو الطبيب؟؟". اكتفى الجميع بالاستماع لعل الانتظار يجيبهم.
- امرأة مغمى عليها لأزيد من ثلاث ساعات فوق سرير متحرك تنتظر " الطبيب" بدورها، في مواجهة مباشرة مع الألم.
- شاب مصاب في عينه اليسرى إصابة بليغة دخل واعتصم في مكتب "الطبيبة"، يصيح: "والله ما نخرج من اهنا حتى ديروا امعايا الواجب"
- بعد الانتظار لمدة أربع ساعات ستوجهنا الممرضة بعد احتجاجات متكررة، وربما خوفها من ملابسنا ومحفظتينا دخلنا إلى قاعة الفحوصات لإعطائه حقنة مهدئة، داخل القاعة لمحت رجلا مسنا تحلق الممرضون حوله "تتم خياطة بطنه" دون تخدير، الرجل يبكي لم يقوى ابنه على مشاهدة أباه يصيح بأعلى صوته " واااااااااااا ربي"، لم أتردد بدوري وغادرت القاعة وأقفلت الباب من ورائي.
- توجهت إلى صندوق الأداء لم أجد المكلفة بالأداء أزيد من 160 شخا ينتظرون القادم الذي لن يأتي، انتظرت للحظات، ثم قلت في نفسي " واش غادي انبات اهنا؟"
قصدت الكرسي الفارغ وناديت من بالداخل: "واش ماكاين حد أهنا؟"
أجابني موظف شاب بمنتهى اللباقة "خويا السيدة الي اهنا خارجة"
قاطعته قائلا: "ضروري من تسوية وضعية الأداء لأنني احتاج للوثيقة قصد إجراء الفحوصات لرجل تعرض لحادثة سير"
قال لي: " ماغاديش نبقى اندير خدمة عيباد الله؟"
فلم أتردد في القول : "أوهاد الراجل أيموت؟"
كتب الوصل وهو يتمتم ببعض الكلمات من جراء غضبي لم استبينها ولم أرد سماعها سلمني الوثيقة عن مضض .
- رجعت لقسم الأشعة وحملنا الصديق عبر كرسي متحرك وقام المكلف بالواجب، سلمنا الصور الشعاعية لطبيبة داخلية قالت لنا : تعرض لكسر في صدره، بعدها جاءت المحترمة" الدكتورة" وقالت لنا " مافيه تاحاجة".
تساءلت مع نفسي وتساءل من حولي "دابا أشكون ليغاديين انتيقوا؟؟"
- فجأة دخلت فتاة في مقتبل العمر، سنها لم يتجاوز تسع سنوات، أدخلوا المسكينة لقاعة الفحوصات، أمها تبكي بصوت مرتفع، سأل الجميع الجميع، فكان الجواب "ضربها كاميون واهرب"
خرجت المسكينة من القاعة وأّذنها تنزف بالدم، تأكد الجميع أن المسكينة ستلفظ أنفاسها بعد لحظات، الأم لم تصبر من هول ما وقع لابنتها أجهضت ما كان ببطنها، نسينا ما جئنا من أجله ولم يعد يظهر لنا ألم صديقنا، تألمنا لحال الناس وتألمنا أكثر لحال الصحة المريضة بالمغرب، التي أصبحت أومن أكثر من أي وقت مضى أنها تحتاج إلى عملية استعجاليه لاستئصال الأورام المتعفنة بها.
خاطبني صديقي بالقول "واش شفتي أش واقع للناس؟"
قلت له: "غير لي قلبو اقصاح أجي للطبيب"
وحلفت لي صديقي بأغلظ الأيمان على الالتزام التالي: "إل شفت وزير الصحة في التلفزيون تيخطب غادي نطفيه، حيت المغرب اللي في التلفزة ماشي هو لي في اسبيطار الغابة"
المستشفى المذكور كان يمر عليه يوميا "مصطفى الخلفي"الناطق الرسمي للحكومة ووزير الاتصال وهو متوجه نحو جامعة القنيطرة لدراسة الفيزياء، كما يعرفه عبد العزيز الرباح وزير النقل والتجهيز في الحكومة الحالية.
حقا المغرب يسير بسرعتين سرعة التلفزة وسرعة الواقع، ف"أشحال خصك ديال باش ايولي قد الفم قد أذراع؟"
لأن مجموعة من المسؤولين بالمغرب ينطبق عليهم المثل التالي:" الفم ماضي وأذراع كاضي".
الله يجعل قد فمنا قد أذراعنا

…05 نونبر 2012