الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

برنامج "45 دقيقة" ومعضلة التجارة بالشارع العام


 برنامج "45 دقيقة" ومعضلة التجارة بالشارع العام

 مصطفى لمودن

تطرق برنامج "45 دقيقة" لموضوع الباعة المتجولين/الفراشة بالمغرب، الدار البيضاء نموذجا، في حلقة ليلة الأحد 9 دجنبر على القناة الأولى المغربية، وظهر (وكما هو معروف) أن الظاهرة خطيرة جدا، فحسب إحصائيات رسمية يمثل الباعة المتجولون 250 ألف، يعيلون مليون و300 ألف فرد، يروجون 45 مليار درهم سنويا.. يستغلون فضاءات المدن العمومية والعامة للبيع، في الشوارع وجوانب الطرق.. وقد نقلت الكاميرا حالات مختلفة من الدار البيضاء، حيث تتوقف حركة السير، ويكثر الازدحام.. لكن غير المعروف بشكل واسع، هو كيف تدخل عدة أطراف لتستفيد من الوضع، منهم بعض المنتخبين الذين يعدون الباعة بتحسين ظروفهم، ومن يبيعون أماكن البيع الضيقة (وهي ملك عام) ب 50 درهما أو 120 درهما لليوم الواحد، أو يفوتون تلك الأماكن بما يفوق 5 ملايين للسنة.. وأبرز البرنامج تعدد أسباب الظاهرة، منها البطالة وعدم توفر دخل قار مستمد من شغل آخر دائم.. أما رأي المسؤولين المباشرين من منتخبين وسلطة معنية (وزير التجارة والصناعة)، فظهر أنهم لا يتوفرون على حلول آنية ومقنعة، رغم ما أكدوا عليه من خسائر ضريبية ومزاحمة التجارة المنظمة.. وإقرارهم ببعض التجاوزات الشبيهة بالعمل المافيوزي في هذا المجال، وفشل "الأسواق النموذجية" التي كانت قد انطلقت في 2002، غير أن الوزير تطرق لثلاث حلول من وجهة نظره، قال إنهم سيسعون لتعميمها على مستوى التراب الوطني، وهي توفير أسواق منظمة بالاشتراك مع جميع المعنيين في أماكن تجارية وليس بعيدا عن محج الناس، خلق أسواق أسبوعية متنقلة في مناطق مختلفة داخل المدن، تنظيم بعض الأرصفة وجعلها قابلة للعرض التجاري.. وظهر أن الوزير بدوره يكرس ظاهرة خطيرة، سببها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها فئات عريضة من المواطنين والمواطنات، بحيث لا يمكن أن تعتبر تجارة الرصيف بديلا كريما لمن يعانون البطالة.  وتأكد كذلك سوء تدبير فضاءات المدن، ومسؤولية السلطة المحلية التي وجهت لها من خلال البرنامج عدة اتهامات، لكن صوتها غير حاضر، لأن الإدارة الترابية في المغرب تعودت على الصمت والتعالي وعدم المحاسبة.. وقد ناب عن تلك الإدارة  أحد موظفي إحدى عمالات الدار البيضاء بشكل غير مقنع، ولم يقل ما يفيد، سوى حجز عربات الباعة التي يتركو أصحابها ليلا بأماكن البيع.. ولم يتطرق إلى كيفية توزيع دكاكين "الأسواق النموذجية" كما جاء في الحلقة من تجاوزات تتطلب التحقيق والمحاسبة، ولماذا لا تشتغل تلك الأسواق؟ ولماذا يسمح بالفوضى في محيطها؟ حتى أنه يصعب ولوجها واقتناء السلع منها، مما جعلها غير مستعملة رغم الأموال الطائلة التي أنفقت عليها، ويفضل الباعة في هذه الظروف الأزقة عوض هذه الأسواق؟..
ظاهرة عرض السلع والاتجار بالشوارع لا تقتصر على مدينة واحدة في المغرب كالدار البيضاء، بل تعم كل المدن.. ويبدو أن خلل التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني وإيجاد شغل للعاطلين يظل المبرر السهل غير المصرح به لإبقاء الوضع كما هو عليه (أشار إلى ذلك الاوزير باحتشام)، أو تفاقهم يوما بعد آخر
ختاما، يؤكد كل مرة أن برنامج "45 دقيقية" فلتة ناذرة من فلتات الإعلام العمومي، وقد أثار البرنامج في حلقات سابقة مواضيع مثيرة، حتى أن المشرف عليه تلقى التهديد من "متضررين" من إحدى الحلقات حول المنشطات في قطاع الرياضة.. 
————-