الخميس، 14 أبريل 2011

محمد الساسي في ندوة بسيدي يحيى اختلالات في النظام السياسي المغربي


محمد الساسي في ندوة بسيدي يحيى  
اختلالات في النظام السياسي المغربي  

 
حنان الناصري، يونس…، محمد الساسي، بوعزة الخليفي

إعداد مصطفى لمودن(*)             
نظمت "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير" في سيدي يحيى ندوة سياسية وفكرية تحت عنوان "أي دستور نريد؟" يوم الأحد 10 أبريل 2011، وقد أطرها محمد الساسي بعرض تمحور حول نقطتين أساسيتين، هما "اختلالات فيالنظام السياسي المغربي"، و"كيف نصلح هذه الاختلالات، أو معالم الدستور الذي نريد". وقد عدد الاختلالات في سلسلة طويلة تخص المغرب وحده!!…  
انطلق المحاضر في التأسيس لعرضه على "الإعلان العالمي للحقوق الإنسان" الذي يقر بأن السلطة تكون مستمدة من إرادة الشعوب، حسب مقتضيات المادة 21 من نفس الإعلان، وعليه فإن "الملكية ـ في المغرب ـ إما أن تصبح ديمقراطية أو تنقرض" كما قال، وأضاف :"ليس نحن من يريد لها أن تنقرض"، فعدد الأنظمة الملكية الآن في العالم يصل إلى 28 حسب ما ذكره، والنظام المناسب لظروف العصر بالنسبة للملكية هو ولوج عهد "الملكية البرلمانية"… وحول اللجنة المعينة من أجل مراجعة الدستور وصف محمد الساسي أعضاءها بأن "فيها كل من لم يسبق لهم أن نادوا بالملكية البرلمانية"، نحترم هؤلاء الناس يضيف الساسي، لكن تم استبعاد كل من سبق أن تحدث عن "الملكية البرلمانية كفؤاد مدني ورقية مصدق وعمر بندورو… وعلق على ذلك بقوله لقد فهمنا الرسالة، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك بيان "العلماء" ورأي أحد أعضاء لجنة المنوني الذي قال بأن الشعب ما زال غير مهيأ لملكية برلمانية (الطوزي).. 

وقسم المطالب الرائجة الآن إلى:
ـ من يقول لسنا في حاجة على ملكية برلمانية كالأحزاب الإدارية.
ـ من يقول نعم للملكية البرلمانية ولكن ليس الآن، كالاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية…
ـ وهناك من يريد ملكية برلمانية كأفق، وتقسيم السلطة بين المتأتية من المرجعية الدينية وذات الشرعية الانتخابية. كتجمع اليسار الديمقراطي…
ـ وهناك من يشكك في جدوى تغيير النظام من داخله ك"النهج" و"العدل والإحسان"، حيث يعتبران نفسيهما معفيين من تقديم المزيد من التفاصيل الدقيقة، وأن أي نقاش حول ذلك ليست له أية فائدة، والمهمة الآن ـ حسبهما ـ هي تفكيك الآلة المخزنية، وبعد ذلك سيطرح الشعب ما يريد.
ورأى بأنه كان يجب وضع الملكية البرلمانية مباشرة بعد الاستقلال في 1956، لقد كانت الأحزاب جاهزة حينذاك، وتأخر وضع الدستور إلى 1962 حتى يتم إضعاف الأحزاب… وعند كل مراجعة للدستور كان يقال بأن ذلك خطوة، وهل سنبقى في كل مرة خطوة؟ وهو يطرح تساؤلات أخرى، من قبيل متى سنكون جاهزين؟ وهل سنظل دائما غير جاهزين؟ بينما الثورات في العالم العربي تؤكد بأن الشعوب جاهزة.
  
  محمد الســـــــــــــــــــــاســــــــــــــــــي
 مظاهر الاختلالات في النظام السياسيالمغربي:

عرض محمد الساسي قائمة طويلة مما اعتبره اختلالات في النظام السياسي المغربي:

ـ مازال النظام السياسي يتحكم في نتائج الانتخابات..
2ـ الحزب الأول لا يصوت عليه الناس ولا يشارك في الانتخابات، والمقصود به التكنوقراط ومن ضمنهم وزراء السيادة.
وتوقف المحاضر عند بعض الممارسات الجارية من طرف الوزراء كضرب وزير الداخلية للمحتجين، لأنه لا يشارك في الانتخابات، ولا يعمل ضمن ملكية برلمانية، وبذلك فهو يدافع كالآخرين عن نفسه وعن مصلحته..
3ـ مستشارو الملك يتدخلون في تركيبة الحكومة أكثر من الوزير الأول، لهذا تكون التركيبية ملكية، وأضاف بأن المرجع في ذلك محاضرة اليوسفي في بروكسل، وتقرير نفس السياسي أمام اللجنة الإدارية لحزبه في 2003 ، وتقييمات بعض الوزراء كاليازغي والأشعري، وبقية الأخبار المتداولة.  

4ـ محدودية سلطة الوزير الأول على بقية الوزراء.
5ـ ارتباط الوزراء بالملك وليس بالوزير الأول.
6ـ تصرف الوزير الأول على اعتبار أنه يطبق برنامج الملك…
وطرح تساؤلا بقوله: هل في الأصل للملك برنامجا؟ وإذا كان له برنامج فلماذا نصوت على الأحزاب؟ ولماذا الانتخابات أصلا؟ وأضاف بأن الملك في السعودية هو من يتكلف بكل شيء!وعلق؛ لا يمكن أن نقوم بالشكليات كما هو عليه الحال في السويد، بينما في العمق كما تجري في السعودية !!  
7ـ وجود برنامج الدولة القار… (خارج الحكومة والانتخابات).
تكون هناك تدشينات أثناء الحملة الانتخابية من طرف الملك…
8ـ خطب الملك وعلاقتها بالبرنامج الحكومي: ليست هناك أية ضمانة حينما يخطب الملك مراعيا برنامج الحكومة وعلاقتها بالناخبين..
مجلس النواب يصوت على البرنامج الحكومي، وفي نفس الوقت يكون هناك خطاب ملكي يسطر برنامجا آخر.
 على العموم، برامج الأحزاب تنفيذية، المطلوب منها أن تقترح طريقة لتنفيذها مع برنامج الملك، ليس فقط فيما هو اقتصادي أو اجتماعي… بل حتى في قضية الصحراء والتعليم مثلا، الوزير الأول لا دخل له في ذلك!
9ـ الحكومة ليس من حقها أن تبدي رأيا مختلفا عن رأي الملك، مثلا كيف تم تنزيل مشروع القطار فائق السرعة (TGV) وغير ذلك، ثم يأتي الوزير الأول ويوقع، وهو لا حق له في النقاش.
10ـ الملك مشرع باستعمال الفصل 19 من الدستور.
حسب المادة 46 من الدستور فالقوانين تصدر عن طريق البرلمان، لكن الملك يشرع القوانين مباشرة دون علم الحكومة.. وأعطى مثلا بقانون حول "السمعي البصري" كان قد أعده الوزير الأسبق محمد الأشعري، وبينما القانون في طريقه حسب المسطرة التشريعية، يصدر الملك قانونا آخر في نفس الوقت! 

11ـ صدور نصوص أو تدابير ذات طابع استراتيجي، دون أن يطلع عليها الوزير الأول أو الحكومة، مثلا، "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، والإعفاء الضريبي في القطاع الفلاحي الذي مدده الملك إلى 2013… ويـُطلب من الحكومة أن تطبق فقط !
12ـ الاتصال المباشر ما بين الوزراء والقصر عبر المستشارين… وهؤلاء المستشارون لهم تأثير على مختلف القطاعات.
13ـ نفوذ متزايد للأجهزة (يقصد بها المكلفة بالأمن) التي تتقوى وتتصرف كأن الحكومة غير موجودة، وتساءل عن مغزى اكتشاف عدد كبير من "الخلايا الإرهابية" منذ تفجيرات 16 ماي، مما يدفع إلى البحث عن السبب، ليعطونا جداول اجتماعات الحكومة التي تم فيها مناقشة هذا الأمر (يقول). وأعتبر أن جهاز المخابرات المعروف اختصارا بالديستي أقوى من الحكومة وليس ملزما بتقديم الحساب لها.
14ـ عدم وجود تناغم بين تدشينات الملك وزياراته وحواراته والعمل الحكومي: واعتبر زيارات الملك والتدشينات والحوارات وبعض مظاهر تحركات الملك وملاقاة الملك شعبه أو تدشينه شيءً إيجابيا… المطلوب هو وجود تناغم بين عمل الحكومة والنشاط الملكي، وتحديد من  يعين ومن يدشن… الملك وحده من يختار ما يدشن ومتى يريد ذلك.. الوزير الأول لا دخل له!
15ـ تكون هناك مفاوضات في غاية السرية، كالحوارات مع البوليزاريو.. الحكومة (أو جزء منها) مغيبة تماما، والحكومة لا تحدد أعضاء الوفود التي ستشارك… "دائما القضايا الحيوية كبيرة على الحكومة"!، و"الوزير الأول مجرد موظف في قطاع وزاري"!.
16ـ بقاء مصير مجلس الوزراء معلقا وعدم تحديد مواعيد اجتماعاته، بينما كل قرارات الحكومة قبل تنفيذها تمر عبره. وتساءل المحاضر عن الفعل المناسب إذا ما كان الملك يقوم بالسلبيات، وقد عرض إيجابيات حسبه قبل ذلك من قبيل إصدار مدونة الأسرة، والحكم الذاتي الخاص بالصحراء، والقرارات المتعلقة بالأمازيغية رغم تأكيده على عدم اكتمالها… وفي نظره يجب أن ترتبط المسؤولية بالمحاسبة حسب ما جاء في خطاب الملك نفسه في 9 مارس، وأن تكون المسؤولية بيد من يتم انتخابهم، مادام الملك لا يحاسب، وهذا تضمنه ملكية برلمانية.
17ـ القضاء من مشموليات الإمامة: رأى أن تصدر الأحكام القضائية حسب القانون باسم الملك، وألا تكون هذه الأحكام من مشموليات الإمامة، وأن تكون للقاضي كافة الضمانات والحماية التي تجعله يستند إلى القانون فقط عوض "الإرادة الملكية"… وأشار في هذا الأمر إلى أنه يتحدث عن "المؤسسة" وليس عن الشخص.   

18ـ تأسيس صناديق ولجان ومؤسسات يصرف عليها من العام وتقتطع عملها من مهام الحكومة… دون أن تكون للحكومة أية مراقبة عليها.
19ـ الزواج بين السلطة والمال: مقربون من القصر يحضون بامتيازات اقتصادية في حقل من المفترض أن يقوم على المنافسة والتباري النزيه، وهم يحصلون من مواقعهم على امتيازات أو تفوت لهم أراضي أو عقارات بثمن بخس (الماجدي، الصفريوي..)، وفاعلون آخرون يستنكرون ذلك.
20ـ ممارسة الملك اختصاصات هي في القوانين عائدة إلى مؤسسة أخرى: مثلا" الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة" مرتبطة بالوزير الأول وهو من يجب أن يعين رئيسها حسب المادة 3 من قانونها الخاص، بينما الملك من قام بذلك حسب الفصل 19 من الدستور، وهو ما يعني أن الملك يفوض صلاحياته لجهة أخرى مؤسسة أو شخصا، ويمكن أن يسحبها في أية لحظة ومتى شاء الملك، حتى دون أن يكون ذلك مدونا في الدستور.
21ـ وجود نوع من الأعراف اللادستورية سببها كما يقال ما يريده الناس كتقبيل يد الملك، وتواجد وزراء السيادة ضمن الحكومة، وأخذ الوزير الأول إذنا حتى يمكنه التدشين..
22ـ إزدواجية بين سلطة الدولة وسلطة الوزير الأول، فإذا كانت في بعض الدول حكومة الظل وهي بدون مهام، فقط تنتظر إمكانية تسلمها زمام السلطة، بينما في المغرب حكومة الظل هي الأقوى وفوق الحكومة، تتكون من القصر الملكي، ووزير الخارجية، ووزير الداخلية، والمستشارون، والولاة، والعمال، ومسيري المؤسسات الكبرى…
وفي الأسفل توجد حكومة أخرى أضعف مكونة من الوزير الأول وبقية الوزراء… وهذه الازدواجية تنشر ثقافة اللامسؤولية وعدم تحمس بعض المسؤولين لأخذ المبادرة والقرارات الحاسمة.
 23ـ  الدستور المغربي ينص على حرية المبادرة، كأنه في تلاؤم وتواءم مع برنامج ليبرالي، لكن العكس هو الموجود في الواقع.
24ـ وضع الأمانة العامة للحكومة: عوض أن يكون دورها تقني محض وتشتغل تحت سلطة الحكومة، تحولت في المغرب إلى سلطة ملاءمة، تتحكم في القوانين قبل عرضها على المناقشة، وهي بمثابة مقبرة للقوانين.. وقد كان الحسن الثاني يأمر بتأجيل إدراج مشاريع القوانين في مجلس الوزراء، لهذا ضمر وصغر وضعف مجلس الحكومة.
(قال في سياق حديثة ما تزال اختلالات أخرى كذلك، وهي طويلة وليس هو من أوجدها، لهذا فضل المرور إلى المرحلة الموالية من عرضه)    


ما الدستور الذي نريد؟

ذكر محمد الساسي أن الدستور الذي نريد هو ما يجيب عن الاختلالات.
من ذلك عدم توضيح مكانة الملكية وما علاقتها ببعض المؤسسات الأخرى، وخطب الملك، ومفهوم القداسة وإمارة المؤمنين، وتمثيل الأمة…كما يشير إلى ذلك في الفصل 19 من الدستور.
وما يشير إليه الفصل 28 من الدستور الذي يقول بأن خطب الملك لا تناقش، مما خلق للملكية مكانة فوق الدستور، والملك يتقمص إرادة الأمة ودور التشريع، والملك يستمد مشروعيته من البيعة وهي دستور آخر، وبالتالي الملك غير مقيد، وتـُفرض الطاعة تجاه ولي الأمر، ويمكن للملك أن يخرق الدستور كما حصل في عهد الحسن الثاني عندما عاقب المنتخبين الذين خرجوا من البرلمان رغم عدم تنصيص الدستور على ذلك.. ويمكن للملك أن يرتب أي عقوبة على المواطنين.. ورأى أن يتم حل إشكالية دور الملكية في الدستور، عبر نزول الصلاحيات من الطابق العلوي من الدستور إلى طابقه السفلي كما قال، وأن يحتفظ الملك بثلاث صلاحيات:
ا ـ الإشراف الرمزي الديني على العبادات (توقيت رمضان، ذبح الأضحية…)… والمشكل هو عندما تتدخل مؤسسة إمارة المؤمنين في كل شيء.
ب ـ استمرارية الدولة: عند مغادرة الحكومة أو الوزير الأول للسلطة لسبب من الأسباب، الملك يمارس الحياد، ويحدد تاريخا للانتخابات، الملك ضامن لاستمرارية الدولة واستقرارها وذلك يكون ضمن الملكية البرلمانية.
ج ـ التحكيم: عند حدوث صراع بين الحكومة والبرلمان وبقية المؤسسات، الملك يتسلم المفاتيح ويعطيها لجهة أخرى تصل إلى السلطة عبر الانتخابات، وفي هذه الحالة لا يحق للملك أن يمرر رأيه أو مواقفه..  

وأضاف المتحدث أن الملكية يمكن أن تلعب كذلك أدورا ثقافية، وقد أعطى أمثلة عن ملكيات برلمانية من دول أخرى كاليابان وبلجيكا واسبانيا وانجلترا.. وشدد على القول بعدم تدخلها في مجال السلطة التنفيذية وتقوم بأداء الضرائب ولا تكلف للدولة المال الكثير.
تحويل اختصاصات مجلس الوزراء إلى مجلس الحكومة، وأن يعمل مجلس الوزراء في ظروف استثنائية غير عادية كإعلان الحرب وإعلان حالة الاستثناء..
الوزير الأول يطلع الملك على كل القرارات، والملك يخبر في مجلس الوزراء بفحوى خطابه، حتى لا يقع أي تعارض مع قرارات الحكومة لأنها منتخبة وملتزمة ببرنامج انتخابي أمام المواطنين. 

خلق هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات.
تغيير جملة يتم التشريع ب… وبواسطة "مؤسسات دستورية" إلى "مؤسسات منتخبة" كما هو في أحد فصول الدستور المغربي.(…).
التنصيص على تحقيق العدالة الاجتماعية.
سمو المعاهدات الدولية، وجود آلية مبسطة ضد تطبيق القوانين اللادستورية. تعين الحكومة كل الموظفين بما فيهم موظفي الإدارة الترابية، كل الوزراء من الحكومة وتابعين لها بما فيهم وزير الدفاع، استقلال القضاء، ضمان حقوق المرأة، هوية متعددة(عربية، أمازيغية، يهودية، أندلسية)، حرية الاعتقاد، الحق في المواطنة، الإسلام المتنور..
البرلمان وحده من يشرع كما جاء في متقرحات بعض الأحزاب.
وختم مداخلته بقوله "كيفما كان الدستور، لا تعالج المشاكل إذا لم تكن الطبقة السياسية مؤهلة"، وأعطى مثلا بإمكانية إدخال صحفي إلى السجن في فرنسا عبر استعمال القانون، لكن لا وزير يستطيع اللجوء إلى ذلك رغم وجود نص حسب قوله.. ثم إصلاح أوضاع الأحزاب.
المداخلات والردود:

تدخل من القاعة  ما يقارب العشرين متدخلا، سواء لتطرح تساؤلات أو إبداء الرأي، وحول سؤال عن علاقة حكومة التناوب بالواقع الدستوري الحالي وتصويت أغلب أعضاء الكتلة على دستور 1996 باستثناء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي طالبت حينها بملكية برلمانية كما طرح متدخل، أجاب الساسي بقوله إن ذلك خلف عدة نتائج؛ فإذا كان جزء من اليسار قد دخل إلى الحكومة منذ 1998، فإن جزء آخر عارض الحكومة والدستور، والتاريخ الآن يعطي النتائج، فإذا كان البعض قد اعتبر التصويت بنعم على دستور 1996 إشارة سياسية والنص لا يهم، والثقة هي الأهم، وقيل بأن انهيار عدم الثقة سيسمح بالتعاون، وأن مشاركة شخصية اليوسفي الكاريزمية يمكن أن تفتح أفقا جديدا، وأن تجربة التناوب ستخلق تيارا شعبيا وسترفع جميع العوائق وبذلك سيتمكن المغرب من التقدم إلى الأمام. لكن كلا الطرفين فشلا حسب الساسي؛ التناوب والمشاركة في الحكومة لم يعطي الإنقتال، وعدم التصويت والامتناع عن المشاركة لم يشكل بديلا قويا. رغم أن المسؤولية متفاوتة وفق ملاحظة المحاضر. وأضاف بأن الناس فقدوا الثقة في اليسار المشارك في الحكومة، مما انعكس على الجميع على حد قوله، واعتبر على أن "التناوب كان خسارة"، وعلى العموم ساهم في ضياع  فرص أخرى، ولم تتم الاستجابة لمطلب توثيق التناوب عبر دستور …
وحول تساؤلات تهم مدى استعداد الأحزاب والنخب، ذكر الساسي أن الديمقراطية لا تتطلب توفير شروط معينة قصد إنزالها وتطبيقها، والديمقراطية هي ما يؤكد مشروعية الأنظمة، وهي مطلب كل الشعوب، والشعوب التي تنجح في الانتقالات تخلق نخبها وديناميتها في ظل الشروط المتكافئة، فتتجدد قوى وتتقوى أخرى وتنقرض ثالثة حسب كل حالة وسياقاتها. والمجتمعات هي من يختار نظام الحكم حسب الكلفة والزمن والحساب(…) في حالة اختيار ملكية برلمانية مثلا. وردا عن ملاحظات تهم "تضخم" عدد الأحزاب في المغرب، قال محمد الساسي: في ابراطانيا مائة حزب، المشكل ليس في العدد ولكن في العملية الانتخابية، ويجب أن تقع تكتلات بين الأحزاب، وأن تكون انتخابات حقيقية. وقال يجب ألا نستورد من الغرب ما نريد فقط، وضرب مثلا صفق له الحاضرون، وهو الاكتفاء باستيراد مدونة السير من السويد ورفض ذلك بالنسبة للدستور !! وذكر أن التعليم يعيش كارثة، والمدرسة العمومية خربت، وأكد بأن التعليم والمرأة عليهما اعتمدت الشعوب في الانتقال. وطالب بإزالة قانون الإرهاب، ولم تخلو بعض الأسئلة من حمولات دينية، عن ذلك قال محمد الساسي "نعم للدين الإسلامي المقاصدي المتنور"، ومفهوم "دولة إسلامية" في الدستور أصبح يحيل على ولاية الفقيه وعلى مفهوم معين للدولة، ورأى بأن "الحركات الإسلامية عملت بنوع من التعقل" في خضم التحولات القائمة في العالم العربي، حينما نادت بالدولة المدنية، وعليه فحسب محمد الساسي يجب ضمان"حق عدم التدين" كذلك… وأضاف بأن جانبا من العولمة ومفهوم المجتمع المدني على الصعيد الدولي والانترنيت تساعد إيجابيا في الثورات الحديثة رغم محاولة هيمنة بعض الأطراف مثل الدول الكبرى، وأكد على أن هناك فعلا علاقة وطيدة بين الدستور ومعيشة المواطنين…
وتجدر الإشارة أن الحضور استمع في البداية لكلمة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي يحيى ألقاها سعيد عباسي ، وكلمة "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير"، التي جاء فيها تأكيد على مطلب تغيير الدستور والفصل بين السلط ومحاربة الفساد وعدم الإفلات من العقاب…
بالإضافة إلى الحضور المتميز والمتنوع من حيث الأعمار والجنس، فقد حضر كذلك مناضلون من القنيطرة وسيدي سليمان ودار الكداري وسلا..
 ========
حميد هيمة أحد المتدخلين أثناء النقاش: "لن يكون الدستور ديمقراطيا على يد لجنة المنوني التي عينها الملك… ومواقف النخب السياسية المنتمية للقوى الديمقراطية متذبذبة…" وأعلن عن برنامج نضالي يعتزمون في "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير" تنفيذه  بسيدي يحيى، منه القيام بمسيرة لفضح المتلاعبين بمصالح المنطقة وإجراء محاكمة شعبية لكل من تورط في الفساد…

********
المدونة(*) بعض المواقع تقوم باستنساخ مثل هذه المواضيع وتعيد نشرها حتى دون الإشارة على المصدر.
————- 
 نشر في :

محمد الساسي في ندوة بسيدي يحيى اختلالات في النظام السياسي المغربي


محمد الساسي في ندوة بسيدي يحيى  
اختلالات في النظام السياسي المغربي  

 
حنان الناصري، يونس…، محمد الساسي، بوعزة الخليفي

إعداد مصطفى لمودن(*)             
نظمت "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير" في سيدي يحيى ندوة سياسية وفكرية تحت عنوان "أي دستور نريد؟" يوم الأحد 10 أبريل 2011، وقد أطرها محمد الساسي بعرض تمحور حول نقطتين أساسيتين، هما "اختلالات في النظام السياسي المغربي"، و"كيف نصلح هذه الاختلالات، أو معالم الدستور الذي نريد". وقد عدد الاختلالات في سلسلة طويلة تخص المغرب وحده!!…  
انطلق المحاضر في التأسيس لعرضه على "الإعلان العالمي للحقوق الإنسان" الذي يقر بأن السلطة تكون مستمدة من إرادة الشعوب، حسب مقتضيات المادة 21 من نفس الإعلان، وعليه فإن "الملكية ـ في المغرب ـ إما أن تصبح ديمقراطية أو تنقرض" كما قال، وأضاف :"ليس نحن من يريد لها أن تنقرض"، فعدد الأنظمة الملكية الآن في العالم يصل إلى 28 حسب ما ذكره، والنظام المناسب لظروف العصر بالنسبة للملكية هو ولوج عهد "الملكية البرلمانية"… وحول اللجنة المعينة من أجل مراجعة الدستور وصف محمد الساسي أعضاءها بأن "فيها كل من لم يسبق لهم أن نادوا بالملكية البرلمانية"، نحترم هؤلاء الناس يضيف الساسي، لكن تم استبعاد كل من سبق أن تحدث عن "الملكية البرلمانية كفؤاد مدني ورقية مصدق وعمر بندورو… وعلق على ذلك بقوله لقد فهمنا الرسالة، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك بيان "العلماء" ورأي أحد أعضاء لجنة المنوني الذي قال بأن الشعب ما زال غير مهيأ لملكية برلمانية (الطوزي).. 

وقسم المطالب الرائجة الآن إلى:
ـ من يقول لسنا في حاجة على ملكية برلمانية كالأحزاب الإدارية.
ـ من يقول نعم للملكية البرلمانية ولكن ليس الآن، كالاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية…
ـ وهناك من يريد ملكية برلمانية كأفق، وتقسيم السلطة بين المتأتية من المرجعية الدينية وذات الشرعية الانتخابية. كتجمع اليسار الديمقراطي…
ـ وهناك من يشكك في جدوى تغيير النظام من داخله ك"النهج" و"العدل والإحسان"، حيث يعتبران نفسيهما معفيين من تقديم المزيد من التفاصيل الدقيقة، وأن أي نقاش حول ذلك ليست له أية فائدة، والمهمة الآن ـ حسبهما ـ هي تفكيك الآلة المخزنية، وبعد ذلك سيطرح الشعب ما يريد.
ورأى بأنه كان يجب وضع الملكية البرلمانية مباشرة بعد الاستقلال في 1956، لقد كانت الأحزاب جاهزة حينذاك، وتأخر وضع الدستور إلى 1962 حتى يتم إضعاف الأحزاب… وعند كل مراجعة للدستور كان يقال بأن ذلك خطوة، وهل سنبقى في كل مرة خطوة؟ وهو يطرح تساؤلات أخرى، من قبيل متى سنكون جاهزين؟ وهل سنظل دائما غير جاهزين؟ بينما الثورات في العالم العربي تؤكد بأن الشعوب جاهزة.
  
  محمد الســـــــــــــــــــــاســــــــــــــــــي
 مظاهر الاختلالات في النظام السياسي المغربي:

عرض محمد الساسي قائمة طويلة مما اعتبره اختلالات في النظام السياسي المغربي:

ـ مازال النظام السياسي يتحكم في نتائج الانتخابات..
2ـ الحزب الأول لا يصوت عليه الناس ولا يشارك في الانتخابات، والمقصود به التكنوقراط ومن ضمنهم وزراء السيادة.
وتوقف المحاضر عند بعض الممارسات الجارية من طرف الوزراء كضرب وزير الداخلية للمحتجين، لأنه لا يشارك في الانتخابات، ولا يعمل ضمن ملكية برلمانية، وبذلك فهو يدافع كالآخرين عن نفسه وعن مصلحته..
3ـ مستشارو الملك يتدخلون في تركيبة الحكومة أكثر من الوزير الأول، لهذا تكون التركيبية ملكية، وأضاف بأن المرجع في ذلك محاضرة اليوسفي في بروكسل، وتقرير نفس السياسي أمام اللجنة الإدارية لحزبه في 2003 ، وتقييمات بعض الوزراء كاليازغي والأشعري، وبقية الأخبار المتداولة.  

4ـ محدودية سلطة الوزير الأول على بقية الوزراء.
5ـ ارتباط الوزراء بالملك وليس بالوزير الأول.
6ـ تصرف الوزير الأول على اعتبار أنه يطبق برنامج الملك…
وطرح تساؤلا بقوله: هل في الأصل للملك برنامجا؟ وإذا كان له برنامج فلماذا نصوت على الأحزاب؟ ولماذا الانتخابات أصلا؟ وأضاف بأن الملك في السعودية هو من يتكلف بكل شيء!وعلق؛ لا يمكن أن نقوم بالشكليات كما هو عليه الحال في السويد، بينما في العمق كما تجري في السعودية !!  
7ـ وجود برنامج الدولة القار… (خارج الحكومة والانتخابات).
تكون هناك تدشينات أثناء الحملة الانتخابية من طرف الملك…
8ـ خطب الملك وعلاقتها بالبرنامج الحكومي: ليست هناك أية ضمانة حينما يخطب الملك مراعيا برنامج الحكومة وعلاقتها بالناخبين..
مجلس النواب يصوت على البرنامج الحكومي، وفي نفس الوقت يكون هناك خطاب ملكي يسطر برنامجا آخر.
 على العموم، برامج الأحزاب تنفيذية، المطلوب منها أن تقترح طريقة لتنفيذها مع برنامج الملك، ليس فقط فيما هو اقتصادي أو اجتماعي… بل حتى في قضية الصحراء والتعليم مثلا، الوزير الأول لا دخل له في ذلك!
9ـ الحكومة ليس من حقها أن تبدي رأيا مختلفا عن رأي الملك، مثلا كيف تم تنزيل مشروع القطار فائق السرعة (TGV) وغير ذلك، ثم يأتي الوزير الأول ويوقع، وهو لا حق له في النقاش.
10ـ الملك مشرع باستعمال الفصل 19 من الدستور.
حسب المادة 46 من الدستور فالقوانين تصدر عن طريق البرلمان، لكن الملك يشرع القوانين مباشرة دون علم الحكومة.. وأعطى مثلا بقانون حول "السمعي البصري" كان قد أعده الوزير الأسبق محمد الأشعري، وبينما القانون في طريقه حسب المسطرة التشريعية، يصدر الملك قانونا آخر في نفس الوقت! 

11ـ صدور نصوص أو تدابير ذات طابع استراتيجي، دون أن يطلع عليها الوزير الأول أو الحكومة، مثلا، "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، والإعفاء الضريبي في القطاع الفلاحي الذي مدده الملك إلى 2013… ويـُطلب من الحكومة أن تطبق فقط !
12ـ الاتصال المباشر ما بين الوزراء والقصر عبر المستشارين… وهؤلاء المستشارون لهم تأثير على مختلف القطاعات.
13ـ نفوذ متزايد للأجهزة (يقصد بها المكلفة بالأمن) التي تتقوى وتتصرف كأن الحكومة غير موجودة، وتساءل عن مغزى اكتشاف عدد كبير من "الخلايا الإرهابية" منذ تفجيرات 16 ماي، مما يدفع إلى البحث عن السبب، ليعطونا جداول اجتماعات الحكومة التي تم فيها مناقشة هذا الأمر (يقول). وأعتبر أن جهاز المخابرات المعروف اختصارا بالديستي أقوى من الحكومة وليس ملزما بتقديم الحساب لها.
14ـ عدم وجود تناغم بين تدشينات الملك وزياراته وحواراته والعمل الحكومي: واعتبر زيارات الملك والتدشينات والحوارات وبعض مظاهر تحركات الملك وملاقاة الملك شعبه أو تدشينه شيءً إيجابيا… المطلوب هو وجود تناغم بين عمل الحكومة والنشاط الملكي، وتحديد من  يعين ومن يدشن… الملك وحده من يختار ما يدشن ومتى يريد ذلك.. الوزير الأول لا دخل له!
15ـ تكون هناك مفاوضات في غاية السرية، كالحوارات مع البوليزاريو.. الحكومة (أو جزء منها) مغيبة تماما، والحكومة لا تحدد أعضاء الوفود التي ستشارك… "دائما القضايا الحيوية كبيرة على الحكومة"!، و"الوزير الأول مجرد موظف في قطاع وزاري"!.
16ـ بقاء مصير مجلس الوزراء معلقا وعدم تحديد مواعيد اجتماعاته، بينما كل قرارات الحكومة قبل تنفيذها تمر عبره. وتساءل المحاضر عن الفعل المناسب إذا ما كان الملك يقوم بالسلبيات، وقد عرض إيجابيات حسبه قبل ذلك من قبيل إصدار مدونة الأسرة، والحكم الذاتي الخاص بالصحراء، والقرارات المتعلقة بالأمازيغية رغم تأكيده على عدم اكتمالها… وفي نظره يجب أن ترتبط المسؤولية بالمحاسبة حسب ما جاء في خطاب الملك نفسه في 9 مارس، وأن تكون المسؤولية بيد من يتم انتخابهم، مادام الملك لا يحاسب، وهذا تضمنه ملكية برلمانية.
17ـ القضاء من مشموليات الإمامة: رأى أن تصدر الأحكام القضائية حسب القانون باسم الملك، وألا تكون هذه الأحكام من مشموليات الإمامة، وأن تكون للقاضي كافة الضمانات والحماية التي تجعله يستند إلى القانون فقط عوض "الإرادة الملكية"… وأشار في هذا الأمر إلى أنه يتحدث عن "المؤسسة" وليس عن الشخص.   

18ـ تأسيس صناديق ولجان ومؤسسات يصرف عليها من العام وتقتطع عملها من مهام الحكومة… دون أن تكون للحكومة أية مراقبة عليها.
19ـ الزواج بين السلطة والمال: مقربون من القصر يحضون بامتيازات اقتصادية في حقل من المفترض أن يقوم على المنافسة والتباري النزيه، وهم يحصلون من مواقعهم على امتيازات أو تفوت لهم أراضي أو عقارات بثمن بخس (الماجدي، الصفريوي..)، وفاعلون آخرون يستنكرون ذلك.
20ـ ممارسة الملك اختصاصات هي في القوانين عائدة إلى مؤسسة أخرى: مثلا" الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة" مرتبطة بالوزير الأول وهو من يجب أن يعين رئيسها حسب المادة 3 من قانونها الخاص، بينما الملك من قام بذلك حسب الفصل 19 من الدستور، وهو ما يعني أن الملك يفوض صلاحياته لجهة أخرى مؤسسة أو شخصا، ويمكن أن يسحبها في أية لحظة ومتى شاء الملك، حتى دون أن يكون ذلك مدونا في الدستور.
21ـ وجود نوع من الأعراف اللادستورية سببها كما يقال ما يريده الناس كتقبيل يد الملك، وتواجد وزراء السيادة ضمن الحكومة، وأخذ الوزير الأول إذنا حتى يمكنه التدشين..
22ـ إزدواجية بين سلطة الدولة وسلطة الوزير الأول، فإذا كانت في بعض الدول حكومة الظل وهي بدون مهام، فقط تنتظر إمكانية تسلمها زمام السلطة، بينما في المغرب حكومة الظل هي الأقوى وفوق الحكومة، تتكون من القصر الملكي، ووزير الخارجية، ووزير الداخلية، والمستشارون، والولاة، والعمال، ومسيري المؤسسات الكبرى…
وفي الأسفل توجد حكومة أخرى أضعف مكونة من الوزير الأول وبقية الوزراء… وهذه الازدواجية تنشر ثقافة اللامسؤولية وعدم تحمس بعض المسؤولين لأخذ المبادرة والقرارات الحاسمة.
 23ـ  الدستور المغربي ينص على حرية المبادرة، كأنه في تلاؤم وتواءم مع برنامج ليبرالي، لكن العكس هو الموجود في الواقع.
24ـ وضع الأمانة العامة للحكومة: عوض أن يكون دورها تقني محض وتشتغل تحت سلطة الحكومة، تحولت في المغرب إلى سلطة ملاءمة، تتحكم في القوانين قبل عرضها على المناقشة، وهي بمثابة مقبرة للقوانين.. وقد كان الحسن الثاني يأمر بتأجيل إدراج مشاريع القوانين في مجلس الوزراء، لهذا ضمر وصغر وضعف مجلس الحكومة.
(قال في سياق حديثة ما تزال اختلالات أخرى كذلك، وهي طويلة وليس هو من أوجدها، لهذا فضل المرور إلى المرحلة الموالية من عرضه)    


ما الدستور الذي نريد؟

ذكر محمد الساسي أن الدستور الذي نريد هو ما يجيب عن الاختلالات.
من ذلك عدم توضيح مكانة الملكية وما علاقتها ببعض المؤسسات الأخرى، وخطب الملك، ومفهوم القداسة وإمارة المؤمنين، وتمثيل الأمة…كما يشير إلى ذلك في الفصل 19 من الدستور.
وما يشير إليه الفصل 28 من الدستور الذي يقول بأن خطب الملك لا تناقش، مما خلق للملكية مكانة فوق الدستور، والملك يتقمص إرادة الأمة ودور التشريع، والملك يستمد مشروعيته من البيعة وهي دستور آخر، وبالتالي الملك غير مقيد، وتـُفرض الطاعة تجاه ولي الأمر، ويمكن للملك أن يخرق الدستور كما حصل في عهد الحسن الثاني عندما عاقب المنتخبين الذين خرجوا من البرلمان رغم عدم تنصيص الدستور على ذلك.. ويمكن للملك أن يرتب أي عقوبة على المواطنين.. ورأى أن يتم حل إشكالية دور الملكية في الدستور، عبر نزول الصلاحيات من الطابق العلوي من الدستور إلى طابقه السفلي كما قال، وأن يحتفظ الملك بثلاث صلاحيات:
ا ـ الإشراف الرمزي الديني على العبادات (توقيت رمضان، ذبح الأضحية…)… والمشكل هو عندما تتدخل مؤسسة إمارة المؤمنين في كل شيء.
ب ـ استمرارية الدولة: عند مغادرة الحكومة أو الوزير الأول للسلطة لسبب من الأسباب، الملك يمارس الحياد، ويحدد تاريخا للانتخابات، الملك ضامن لاستمرارية الدولة واستقرارها وذلك يكون ضمن الملكية البرلمانية.
ج ـ التحكيم: عند حدوث صراع بين الحكومة والبرلمان وبقية المؤسسات، الملك يتسلم المفاتيح ويعطيها لجهة أخرى تصل إلى السلطة عبر الانتخابات، وفي هذه الحالة لا يحق للملك أن يمرر رأيه أو مواقفه..  

وأضاف المتحدث أن الملكية يمكن أن تلعب كذلك أدورا ثقافية، وقد أعطى أمثلة عن ملكيات برلمانية من دول أخرى كاليابان وبلجيكا واسبانيا وانجلترا.. وشدد على القول بعدم تدخلها في مجال السلطة التنفيذية وتقوم بأداء الضرائب ولا تكلف للدولة المال الكثير.
تحويل اختصاصات مجلس الوزراء إلى مجلس الحكومة، وأن يعمل مجلس الوزراء في ظروف استثنائية غير عادية كإعلان الحرب وإعلان حالة الاستثناء..
الوزير الأول يطلع الملك على كل القرارات، والملك يخبر في مجلس الوزراء بفحوى خطابه، حتى لا يقع أي تعارض مع قرارات الحكومة لأنها منتخبة وملتزمة ببرنامج انتخابي أمام المواطنين. 

خلق هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات.
تغيير جملة يتم التشريع ب… وبواسطة "مؤسسات دستورية" إلى "مؤسسات منتخبة" كما هو في أحد فصول الدستور المغربي.(…).
التنصيص على تحقيق العدالة الاجتماعية.
سمو المعاهدات الدولية، وجود آلية مبسطة ضد تطبيق القوانين اللادستورية. تعين الحكومة كل الموظفين بما فيهم موظفي الإدارة الترابية، كل الوزراء من الحكومة وتابعين لها بما فيهم وزير الدفاع، استقلال القضاء، ضمان حقوق المرأة، هوية متعددة(عربية، أمازيغية، يهودية، أندلسية)، حرية الاعتقاد، الحق في المواطنة، الإسلام المتنور..
البرلمان وحده من يشرع كما جاء في متقرحات بعض الأحزاب.
وختم مداخلته بقوله "كيفما كان الدستور، لا تعالج المشاكل إذا لم تكن الطبقة السياسية مؤهلة"، وأعطى مثلا بإمكانية إدخال صحفي إلى السجن في فرنسا عبر استعمال القانون، لكن لا وزير يستطيع اللجوء إلى ذلك رغم وجود نص حسب قوله.. ثم إصلاح أوضاع الأحزاب.
المداخلات والردود:

تدخل من القاعة  ما يقارب العشرين متدخلا، سواء لتطرح تساؤلات أو إبداء الرأي، وحول سؤال عن علاقة حكومة التناوب بالواقع الدستوري الحالي وتصويت أغلب أعضاء الكتلة على دستور 1996 باستثناء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي طالبت حينها بملكية برلمانية كما طرح متدخل، أجاب الساسي بقوله إن ذلك خلف عدة نتائج؛ فإذا كان جزء من اليسار قد دخل إلى الحكومة منذ 1998، فإن جزء آخر عارض الحكومة والدستور، والتاريخ الآن يعطي النتائج، فإذا كان البعض قد اعتبر التصويت بنعم على دستور 1996 إشارة سياسية والنص لا يهم، والثقة هي الأهم، وقيل بأن انهيار عدم الثقة سيسمح بالتعاون، وأن مشاركة شخصية اليوسفي الكاريزمية يمكن أن تفتح أفقا جديدا، وأن تجربة التناوب ستخلق تيارا شعبيا وسترفع جميع العوائق وبذلك سيتمكن المغرب من التقدم إلى الأمام. لكن كلا الطرفين فشلا حسب الساسي؛ التناوب والمشاركة في الحكومة لم يعطي الإنقتال، وعدم التصويت والامتناع عن المشاركة لم يشكل بديلا قويا. رغم أن المسؤولية متفاوتة وفق ملاحظة المحاضر. وأضاف بأن الناس فقدوا الثقة في اليسار المشارك في الحكومة، مما انعكس على الجميع على حد قوله، واعتبر على أن "التناوب كان خسارة"، وعلى العموم ساهم في ضياع  فرص أخرى، ولم تتم الاستجابة لمطلب توثيق التناوب عبر دستور …
وحول تساؤلات تهم مدى استعداد الأحزاب والنخب، ذكر الساسي أن الديمقراطية لا تتطلب توفير شروط معينة قصد إنزالها وتطبيقها، والديمقراطية هي ما يؤكد مشروعية الأنظمة، وهي مطلب كل الشعوب، والشعوب التي تنجح في الانتقالات تخلق نخبها وديناميتها في ظل الشروط المتكافئة، فتتجدد قوى وتتقوى أخرى وتنقرض ثالثة حسب كل حالة وسياقاتها. والمجتمعات هي من يختار نظام الحكم حسب الكلفة والزمن والحساب(…) في حالة اختيار ملكية برلمانية مثلا. وردا عن ملاحظات تهم "تضخم" عدد الأحزاب في المغرب، قال محمد الساسي: في ابراطانيا مائة حزب، المشكل ليس في العدد ولكن في العملية الانتخابية، ويجب أن تقع تكتلات بين الأحزاب، وأن تكون انتخابات حقيقية. وقال يجب ألا نستورد من الغرب ما نريد فقط، وضرب مثلا صفق له الحاضرون، وهو الاكتفاء باستيراد مدونة السير من السويد ورفض ذلك بالنسبة للدستور !! وذكر أن التعليم يعيش كارثة، والمدرسة العمومية خربت، وأكد بأن التعليم والمرأة عليهما اعتمدت الشعوب في الانتقال. وطالب بإزالة قانون الإرهاب، ولم تخلو بعض الأسئلة من حمولات دينية، عن ذلك قال محمد الساسي "نعم للدين الإسلامي المقاصدي المتنور"، ومفهوم "دولة إسلامية" في الدستور أصبح يحيل على ولاية الفقيه وعلى مفهوم معين للدولة، ورأى بأن "الحركات الإسلامية عملت بنوع من التعقل" في خضم التحولات القائمة في العالم العربي، حينما نادت بالدولة المدنية، وعليه فحسب محمد الساسي يجب ضمان"حق عدم التدين" كذلك… وأضاف بأن جانبا من العولمة ومفهوم المجتمع المدني على الصعيد الدولي والانترنيت تساعد إيجابيا في الثورات الحديثة رغم محاولة هيمنة بعض الأطراف مثل الدول الكبرى، وأكد على أن هناك فعلا علاقة وطيدة بين الدستور ومعيشة المواطنين…
وتجدر الإشارة أن الحضور استمع في البداية لكلمة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي يحيى ألقاها سعيد عباسي ، وكلمة "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير"، التي جاء فيها تأكيد على مطلب تغيير الدستور والفصل بين السلط ومحاربة الفساد وعدم الإفلات من العقاب…
بالإضافة إلى الحضور المتميز والمتنوع من حيث الأعمار والجنس، فقد حضر كذلك مناضلون من القنيطرة وسيدي سليمان ودار الكداري وسلا..
 ========
حميد هيمة أحد المتدخلين أثناء النقاش: "لن يكون الدستور ديمقراطيا على يد لجنة المنوني التي عينها الملك… ومواقف النخب السياسية المنتمية للقوى الديمقراطية متذبذبة…" وأعلن عن برنامج نضالي يعتزمون في "حركة 20 فبراير… الشعب يريد التغيير" تنفيذه  بسيدي يحيى، منه القيام بمسيرة لفضح المتلاعبين بمصالح المنطقة وإجراء محاكمة شعبية لكل من تورط في الفساد…

********
المدونة(*) بعض المواقع تقوم باستنساخ مثل هذه المواضيع وتعيد نشرها حتى دون الإشارة على المصدر.
————- 

إضراب نساء ورجال التعليم المصنفين في السلم التاسع على ضوء تفاقم الإضرابات في "ظل" حكومة بدون سند شعبي


إضراب نساء ورجال التعليم المصنفين في السلم التاسع على ضوء تفاقم الإضرابات في "ظل" حكومة بدون سند شعبي
تخوض التنسيقية الوطنية لموظفي التعليم المرتبين في السلم التاسع إضرابا وطنيا أيام 14 و15 و16 أبريل 2011 مصحوبا باعتصام ممركز أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اليوم الأول وفي اليوم الثاني أمام وزارة تحديث القطاعات العامة وذلك من الساعة 10 صباحا إلى الثالثة بعد الزوال، وخوض إضراب وطني أيام 26 و 27 و28 أبريل2011 مع اعتصام وطني ممركز أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اليوم الثاني من الساعة العاشرة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال.. وتطالب التنسيقية بترقية استثنائية إلى السلم 10 تشمل جميع الموظفين الذين قضوا 6 سنوات في السلم التاسع مع 15 ســنة أقدمية عامة، بأثر رجعي مالي وإداري من تاريخ استيفاء 6 سنوات في هذا السلم .- ترقية استثنائية إلى السلم 10 تشمل جميع الموظفين المستوفين لشرط 10 سنوات في السلم 9 مع احتساب الأثر الرجعي المادي والإداري انطلاقا من تاريخ استيفاء 10 سنوات في هذا السلم .- حذف السلم 9 من نـظام الأجـور الخاص بموظفي التعليم بمختلف أسلاكه وترقـية بقية الـمرتبين فــيه مباشرة إلى السلم 10- الرفع من نسبة الحصيص إلى 33 في المائة مع تحديد سقف سنوات الترقي وجبر الضرر. (عن mostafa lakrimi عبر مجموعة بريدية خاصة)
الإشكالية وهي كيف تحول قطاع التربية الوطنية على مستوى الموارد البشرية إلى تصنيفات جزئية، أحيانا ميكروسكوبية؟ هل مرد ذلك للنقابات التي تقفز على مشاكل حقيقية تتخبط فيها بعض الأطراف كالمشار إليهم؟ أم أن الحكومة تمارس ميزا فاحشا بين موظفيها رغم أدائهم لنفس المهام؟ وهي بذلك تخالف مقتضيات دولية في الموضوع، وبالتالي تكونت فرق وطبقات متباعدة وأحيانا حتى متنافرة…
ويبدو أن الإضرابات قد تصاعدت وتيرتها مؤخرا في عدة قطاعات، فبعد الإضراب المطول للعدول في الحاكم، والذي كان يكلف الدولة خسارة كبيرة سواء في الأموال غير المستخلصة أو تأخر البث في الدعاوى القضائية، وما أن لاح حل في الأفق استجابة لمطالب المضربين حتى تبخر كل شيء، ليهدد العدول من جديد بالدخول في إضراب، بالإضافة إلى البريديين الذي التحقوا قبل أسبوع بقافلة المضربين، وكذلك السككيين سواء عبر التوقف عن العمل أو حمل الشارة…دون أن ننسى سلسلة الإضرابات التي لم يعد يلتفت إلا أصحابها المنفذين لها والمتضررون منها ونعني بها إضرابات مستخدمي الجماعات المحلية…  فهل الأمر ظاهرة صحية تعكس ديمقراطية الدولة والتزامها باحترام الحريات؟ أم أن اللجوء إلى الإضراب يعكس تجدر المشاكل في عدد من المصالح الحيوية؟ فعلا لا أحد يجادل في تواجد أسباب موضوعية وراء الإضرابات، خاصة في ظل تراكم عدد من المشاكل عبر سنوات، والتهرب المستمر من معالجتها بشكل تام، بحيث يتم أحيانا اللجوء إلى حلول ترقيعية مؤقتة لها، كبعض الزيادات الطفيفة التي تقسم على عدة سنوات… ولن يحل الأمر إطلاقا، لأنه دائما سيبقى متضررون وبالتالي رافعين لمطالب… لكن لو كانت كل القضايا تحل بالشفافية والنزاهة المرغوب فيها على صعيد الدولة، ولو كان المواطنون على اطلاع بحقيقة الأوضاع الاقتصادية في البلد وكان التوزيع للثروة يتم بعدل، ولا تعتمد الدولة فوارق صارخة بين الأجور وبين القطاعات، ولا يلاحظ الناس بشكل يومي تبذيرا هنا وتقتيرا هناك.. لما لجؤوا إلى الاحتجاج عير الإضراب.. فأحينا قد تجد كثلة من المواطنين أو طبقة معينة تقف وراء الحكومة وتساندها عندما تكون هناك تمثيلية حقيقية وتعاقدا على برنامج انتخابي وتنموي واضح، أي أن الحكومة الحالية بدون سند شعبي.. وفي حالة المغرب فالحكومة الحالية لا تمثل فعلا المواطنين، لأن عدد المصوتين عليها لم يتعد ال 20% ،  بالإضافة إلى مشاركة وزراء تكنوقراط آخرين.. لهذا يجد الكثير من المواطنين أنفسهم غير معنيين بما "تخطط له " الحكومة ولا يصدقون أقوالها ولا يثقون في وعودها.