الخميس، 14 أبريل 2011

إضراب نساء ورجال التعليم المصنفين في السلم التاسع على ضوء تفاقم الإضرابات في "ظل" حكومة بدون سند شعبي


إضراب نساء ورجال التعليم المصنفين في السلم التاسع على ضوء تفاقم الإضرابات في "ظل" حكومة بدون سند شعبي
تخوض التنسيقية الوطنية لموظفي التعليم المرتبين في السلم التاسع إضرابا وطنيا أيام 14 و15 و16 أبريل 2011 مصحوبا باعتصام ممركز أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اليوم الأول وفي اليوم الثاني أمام وزارة تحديث القطاعات العامة وذلك من الساعة 10 صباحا إلى الثالثة بعد الزوال، وخوض إضراب وطني أيام 26 و 27 و28 أبريل2011 مع اعتصام وطني ممركز أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اليوم الثاني من الساعة العاشرة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال.. وتطالب التنسيقية بترقية استثنائية إلى السلم 10 تشمل جميع الموظفين الذين قضوا 6 سنوات في السلم التاسع مع 15 ســنة أقدمية عامة، بأثر رجعي مالي وإداري من تاريخ استيفاء 6 سنوات في هذا السلم .- ترقية استثنائية إلى السلم 10 تشمل جميع الموظفين المستوفين لشرط 10 سنوات في السلم 9 مع احتساب الأثر الرجعي المادي والإداري انطلاقا من تاريخ استيفاء 10 سنوات في هذا السلم .- حذف السلم 9 من نـظام الأجـور الخاص بموظفي التعليم بمختلف أسلاكه وترقـية بقية الـمرتبين فــيه مباشرة إلى السلم 10- الرفع من نسبة الحصيص إلى 33 في المائة مع تحديد سقف سنوات الترقي وجبر الضرر. (عن mostafa lakrimi عبر مجموعة بريدية خاصة)
الإشكالية وهي كيف تحول قطاع التربية الوطنية على مستوى الموارد البشرية إلى تصنيفات جزئية، أحيانا ميكروسكوبية؟ هل مرد ذلك للنقابات التي تقفز على مشاكل حقيقية تتخبط فيها بعض الأطراف كالمشار إليهم؟ أم أن الحكومة تمارس ميزا فاحشا بين موظفيها رغم أدائهم لنفس المهام؟ وهي بذلك تخالف مقتضيات دولية في الموضوع، وبالتالي تكونت فرق وطبقات متباعدة وأحيانا حتى متنافرة…
ويبدو أن الإضرابات قد تصاعدت وتيرتها مؤخرا في عدة قطاعات، فبعد الإضراب المطول للعدول في الحاكم، والذي كان يكلف الدولة خسارة كبيرة سواء في الأموال غير المستخلصة أو تأخر البث في الدعاوى القضائية، وما أن لاح حل في الأفق استجابة لمطالب المضربين حتى تبخر كل شيء، ليهدد العدول من جديد بالدخول في إضراب، بالإضافة إلى البريديين الذي التحقوا قبل أسبوع بقافلة المضربين، وكذلك السككيين سواء عبر التوقف عن العمل أو حمل الشارة…دون أن ننسى سلسلة الإضرابات التي لم يعد يلتفت إلا أصحابها المنفذين لها والمتضررون منها ونعني بها إضرابات مستخدمي الجماعات المحلية…  فهل الأمر ظاهرة صحية تعكس ديمقراطية الدولة والتزامها باحترام الحريات؟ أم أن اللجوء إلى الإضراب يعكس تجدر المشاكل في عدد من المصالح الحيوية؟ فعلا لا أحد يجادل في تواجد أسباب موضوعية وراء الإضرابات، خاصة في ظل تراكم عدد من المشاكل عبر سنوات، والتهرب المستمر من معالجتها بشكل تام، بحيث يتم أحيانا اللجوء إلى حلول ترقيعية مؤقتة لها، كبعض الزيادات الطفيفة التي تقسم على عدة سنوات… ولن يحل الأمر إطلاقا، لأنه دائما سيبقى متضررون وبالتالي رافعين لمطالب… لكن لو كانت كل القضايا تحل بالشفافية والنزاهة المرغوب فيها على صعيد الدولة، ولو كان المواطنون على اطلاع بحقيقة الأوضاع الاقتصادية في البلد وكان التوزيع للثروة يتم بعدل، ولا تعتمد الدولة فوارق صارخة بين الأجور وبين القطاعات، ولا يلاحظ الناس بشكل يومي تبذيرا هنا وتقتيرا هناك.. لما لجؤوا إلى الاحتجاج عير الإضراب.. فأحينا قد تجد كثلة من المواطنين أو طبقة معينة تقف وراء الحكومة وتساندها عندما تكون هناك تمثيلية حقيقية وتعاقدا على برنامج انتخابي وتنموي واضح، أي أن الحكومة الحالية بدون سند شعبي.. وفي حالة المغرب فالحكومة الحالية لا تمثل فعلا المواطنين، لأن عدد المصوتين عليها لم يتعد ال 20% ،  بالإضافة إلى مشاركة وزراء تكنوقراط آخرين.. لهذا يجد الكثير من المواطنين أنفسهم غير معنيين بما "تخطط له " الحكومة ولا يصدقون أقوالها ولا يثقون في وعودها.

الأربعاء، 13 أبريل 2011

تــــأبــــيـــــن(*) بقلم: رضوان النجاعي


تــــأبــــيـــــن(*)  
بقلم: رضوان النجاعي
اخترت الرحيل سفرا
ورحلت
نقشت الصدق محبة
وكتبت
كنت المختار في الناس رفيقا
وذهبت
فألف تحية لك من وطني
يا مهجة الصابرين
كن للمؤمنين رفيقا
وأنت الصديق
احتضنتك أرض الليمون عبقا وزهرا
وكنت
كنت الأيام وكل اللحظات عبيرا
فسافرت
فأنت الحنون لطفا
وأنت الرفيق عشقا
وأنت الصبور صفة
وأنت اللطيف عبارات
رفقا يا جنان المؤمنين
رفقا
اطمئن الصمت للخلود
فباح
لعابرين
للصابرين
للصامدين
للرفاق
كنت الصباح الضاحك بشاشة
وكنت المساء المحتشم غروبا
فأيها العابر للصبر فقيدا
 ارقد هناك
 **************

(*) في حق الفقيد الحسين الإدريسي(المدونة)

هــــــــــذا هــــــــــو حـــــــــالــــــــــي بن يونس ماجن


هــــــــــذا هــــــــــو حـــــــــالــــــــــي
بن يونس ماجن

سوف أظل شاردا
أقتفي آثر القطط المدللة
كلما حاولت أن أعترف بذنوبي
يرن الهاتف
فيعتريني شيء
أتى خلسة
سمه ما شئت
كنت أظن أنني استثناء
ألبوم صور ودفاتري
تملأ رفوف مكتبتي المهترئة

ولجت رحم قصيدة دون سابق إنذار
فكان مخاضا عسيرا
وهذا هو اعتذاري:
أنا أكتب فقط
أنا مهاجر بالسليقة
في جمهورية أفلاطون الفاضلة
أطرق باب الشعر
وأنتظر اللحظة الشعرية

أنا أيضا أبحث عن قصيدة
لم يكتبها أي شاعر أبدا
أشعر أنني
أكتب الشعر بلا جدوى
لا الطيور تغرده
ولا الأشجار ترقص له
ولا رائحة الحبر والورق
تعبق أجواءه
أواري كتاباتي تحت وسادتي
أستطيع أن أجزم أن الليل يضاجعها
فتنمو كالجينات الوراثية
**********
بن يونس ماجن شاعر مغربي مقيم في لندن، أمدنا بنص القصيد.. تحية له

نــــــــــســــاء الــــــــــقــصيـــــــــــد محمد رحو


نــــــــــســــاء الــــــــــقــصيـــــــــــد
محمد رحو
من عقر ليل البلاد
سأزحف صوب فجركن
يا نساء القصيد
يا اللواتي لولا صمودكن
ما تيسر للحقيقة
أن ترفع صوتها النحيل
فوق سقف الأكاذيب!
وأنا أعبر الزقاق الخلفي
لمدينة الضياع
كأي مواطن بسيط
أدمته براثن العسف
وما زال يحلم..
بميلاد الميزان!
لست أدري
كيف سحبتني مواويلكن
شطر الشارع الكبير
فنفضت غبار انكساري
ونضوت قميص نكوصي
لأحيى نشيد احتجاجكن
ضد فيضان الصمت
وكبت هديل الذاكرة!
قد يكون حضوري بينكن
محض ترنيمة شاردة
تحن لعيد الغناء!
ورغم انجلاء الآيات الجاحدة
سأغني عبر سيرة آلامكن
صمودكن المنذور لعرس الحرية
وهل تراني أغني
سوى اللواتي
سفح الحقد الوحشي أكبادهن
ولم يرفض أفق التضحية
تحرير ندائهن
من أجل غد بهي آت
وهل تراني أغني
سوى اللواتي قدمن أبناءهن
قرابين لوطن الفجر الجميل!

*********************
ذ. محمد رحو شاعر من الدار البيضاء، خص مدونة سيدي سليمان بالقصيدة.. نحييه على كل التفاتاته.

يصير الدم قِرْطاساً شِعر: جواد المومني


يصير الدم قِرْطاساً  
شِعر: جواد المومني                  

زكِيٌّ هذا الدم
وأحمرُ يُجري الأزيز الصاعد
ورداً فيه،
كريحانة الموت
عليها انصبَّ قُرباناً؛ يَسْعد
الفجر إذ رآه صباحاً
إليه آتياً يتعثّر
.
              رشَقَ الكل في لحظة
              وبالأنيسون انطوى
              حالِماً يزدري لوعةً وأخرى
              فيزحف بؤساً قد
                             يخْشاه ملكوت الحس ويفنى
                             في صمت عذب ويفنى
                            كورْهاءَ أرْخت كل زلالها.. ويفنى
                            جذْلانَ قُرب ليلاهُ صباحاً ويفنى
                            مثلما نسيمٌ يحلّ بِوروارٍ ويفنى
                            لصيقاً بتنورة عِذْقٍ ويفنى
                            في شجر قَيْقَبٍ… ويفنى
                            لئلّا يعْثر النجم صَدعاً عليه ويفنى
                            قرب " مأْربَ " الجديد ويفنى
                            غصن لوز، زادَهُ جمالاً ألفناءُ… ويفنى
                            موجاً كابحاً لُجّته ويفنى
                            بدفْنِ لذّة المحجوب إذْ تُرخى ستائره… القوية، الحية النابضة، المتوهِّجة، اللامُتوارية، الكامنة

                            في سالِفِ العروس، القابعةُ بين جفون أسياد الرُّؤى… ويفنى
                            لغةً ما مرقتْ يوماً إلا
                            و اسْتشْرفَ أهلها العوالمَ/الطَّلاسم ويفنى
                            مُتجدِّداً كبشرةِ طِفلٍ عانقها صبحٌ غريرٌ ويفنى
                            في كلِّ الأَماسي السّاليات
                            عن مراتعِ الولَهِ ويفنى
                            في كل فناء

تأهَّبَ لولوج الريح هذا الدم
وجْهٌ؛ ضاع بين سكّاته الغثّة
علِم الجمْع حَدْبه إذْ تهاوى النبأ
صخراً عليه
فرماه إليه نيزكاً لمعتْ
بين أشفار عينيه لغةٌ سحيقةٌ
ما فكَّ رموزَها

غيرُ عارفٍ بمجاهل السماء
و جاهلٍ بمعارف العراء
.
ضَمِئاً كان هذا الدم

و الحال ماء
!
سكَنتْهُ الطير الهاجرةُ التي
لا تبعث السلام
لِأقاصي الدُّنى، والتي
في جرحها الجامحِ ترتاحُ، ين
أُصيب بالسَّيل هذا النجيعُ
فانْكَفأَ يشُقُّ سراديبَ مُسْتحيلةً
!!
هي الحقيقةُ ضامِرةً

                    ـ ألاَ يكفيكَ ما تُهديهِ الأبْراج النُّوَّحُ
                     تلك التي
                     في عليائها عرَّشَ بومٌ؛ وبها
                     حلَّ اليوم الأملحُ؟
                    ـ ألا تكفي ويْلاتُ الإحْتراق يا وِزْرُ
                     ليطير سقم المجد الأثيل؟
                    ـ أتحْسب أنّ الغيم
                     لا يقبس لوْنكَ الفاقعَ،
                     الأبيضَ احْمراراً

                     و اليانعَ بعد سنينِ غضٍّ !؟
تَعلَّمْ

أن ترى بعُيون "أَرْجوسَ" العظيمِ
وأن تصْدحَ بصوتِ نبيٍّ
غنّى للدّهاء؛
تعلَّم

أن تأتي كعيدٍ ـ مثل ذاك الدم ـ
يبني الفرحَ في هيكلٍ
خطفَ الأقمارَ كلَّها
يتّخذ من نوركَ لوناً
فيه الملاذ؛ ومن
جسارة الحرير برجاً
فيه الوجل؛
قد شَغلَ الكُلّ
عن طُلاءٍ بالتاريخِ عاشق؛
و من الوجع قُداساً
فيه الإِرتواءُ… قد
غطَّى الفجر بعباءة العليل
سوَّى القَدَرُ يوْمهُ.. مرَّةً
فكان عُرس دمٍ جميل
.
***************
تم النص في 17 ماي/أيار 1997 بمدينة: سيدي سليمان

***************
خص الشاعر جواد المومني المقيم في فرنسا مدونة سيدي سليمان بهذه القصيدة.. تحية له.

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

بصدد النقاش السياسي الدائر بالمغرب حول تعديل الدستور: الفصل بين الدين والدولة ضروري و"إمارة المؤمنين" تتناقض مع الديمقراطية


بصدد النقاش السياسي الدائر بالمغرب حول تعديل الدستور:
الفصل بين الدين والدولة ضروري
و"إمارة المؤمنين" تتناقض مع الديمقراطية
 
عبد الرحمان النوضة (1)
بعد خطاب الملك محمد السادس في 9 مارس 2011، وفي إطار جلسات الاستماع الجارية بين اللجنة المكلفة بإعداد مشروع دستور للمغرب من جهة، ومن جهة أخرى القوى السياسية، طرحت بعض الأحزاب، مثل حزب الاستقلال، وحزب الحركة الشعبية، وحزب العدالة والتنمية،  أنها تريد الحفاظ على "إمارة المؤمنين".
ليست هذه، لا المرة الأولى، ولا الأخيرة، التي تريد فيها بعض الأحزاب، مثل حزب الاستقلال، وحزب العدالة والتنمية، أن تظهر كأحزاب، غيورة على الملك، و"ملكية أكثر من الملك". ولماذا ذلك ؟ لأن هذه الأحزاب تتملق إلى الملك، ولأنها مهووسة بضرورة تغليب الدين على السياسة، ولو في المظاهر. وكل حزب, أو كل شعب، يقبل إخضاع الدولة أو السياسة للدين، فإنه لن يستطيع أن يكون ديمقراطيا.
ويمكن أن نقولها بكل وضوح، وبكل صراحة: ما دامت الشعوب العربية تُخْضِع الدولة والسياسة والاقتصاد والثقافة للدين، فإن هذه الشعوب ستبقى هي الأكثر تخلفا عبر العالم. ويُمكن لكل ملاحظ موضوعي أن يرى أن الشعوب الأكثر تقدما عبر العالم، هي بالضبط تلك التي قطعت أكثر الأشواط في مجال فصل الدين عن الدولة وعن السياسة.
لأن الدولة السليمة، أو الحَكامَة الجيّدة، هي تلك التي تُخْضِع تدبير المجتمع للعقل، وللتشاور، وللديمقراطية. بينما إخضاع الدولة للدين، أو إخضاع السياسة للدين، يُبخس العقل، ويُلغي الشورى، ويدوس الديمقراطية، ويسهل الانحراف نحو الاستبداد السياسي (وكذلك نحو الاستبداد الاقتصادي، والاستبداد الإعلامي، والاستبداد الثقافي).
والسبيل الوحيد لدخول عهد الديمقراطية، يمر بالضرورة عبر فصل الدين عن السياسة. وكل بلد يختار إخضاع الدولة للدين، أو كل شعب يقبل تغليب الدين على العقل، أو تغليب الدين على السياسة، يستحيل عليه أن يصل إلى عهد الديمقراطية والحداثة.
وكل الأحزاب التي تنادي بالحفاظ على "إمارة المؤمنين"، أو على الفصل 19 من الدستور القديم المنبوذ، تعوق انتقال الشعب المغربي من الاستبداد إلى الديمقراطية.
يمكن لِلْمَلِك أن يكون مَلِكا، دون الحاجة إلى لقب "أمير المؤمنين". ويمكن لِلَقَب "ملك" أن ينتج عن توافق تاريخي بين الشعب والملك، وأن يكون مضمون هذا التوافق هو "قيام ملكية برلمانية، مقابل تحقيق الديمقراطية". وإلاّ أصبحت "الجمهورية البرلمانية" هي الحل الوحيد المقبول.
يدعي البعض أن "إمارة المؤمنين" ضرورية. ونقول لهم: لماذا "إمارة المؤمنين" ضرورية ؟ ما هي حُجَجُكم ؟ لا يوجد ولو مبرر واحد معقول أو مقبول يبرر مؤسسة "إمارة المؤمنين". وحتى القرآن لا يدعو إلى إقامة "إمارة المؤمنين". إن "إمارة المؤمنين" هي مجرد استغلال للدين في السياسة. هل كَوْنُنا مؤمنين يُجبرنا بالضرورة على أن نكون تحت "إمارة" ملك مستبد مثل الحسن الثاني، وذلك بمبرر "إمارة المؤمنين" ؟
وهل الدين الإسلامي يُوجِب حقا أن يُوجَد "أمير" يحكم المؤمنين، أو يسيطر على المسلمين؟ وهل الإسلام يَفْرِض، أو يُبَرّر، ملكية مستبدة، مثل الملكية التي ظلت تحكمنا منذ عدة قرون، ولا زالت تبقينا في التّخلُّف ؟ على عكس تلك الإدّعاءات، ألا توجد في القرآن تَقيِيمَات سلبية للنظام الملكي (مثل الآية القائلة: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أَعِزّة أهلها أَذِلّة، وكذلك يفعلون" (سورة النمل، سورة 27، آية 34) ؟ وحتى إذا ما وجد بعض الفقهاء، من بين خدام السلطان، تأويلا لآية ما، أو لحديث ما، لتبرير "إمارة المؤمنين"، فإن ذلك سيكون في مجال العبادة, وليس في مجال نظام الحكم، ولا في ميدان القضاء، أو الاقتصاد، أو العلوم، أو الثقافة. وإذا كان الدين يبرر حقيقة "إمارة المؤمنين"، ويبرر ملكية مستبدة، فإننا - في هذه الحالة - نُفَضِّل الديمقراطية على الدين.
إن "إمارة المؤمنين" لم تكن دائما موجودة عبر التاريخ. بل "إمارة المؤمنين" هي مجرد بِدْعَة، أو حِيلة سياسية، تُمَكِّن الحاكم وأتباعه من استغلال قداسة الدين، بهدف إضفاء الشرعية على نظام سياسي مستبد. وفي ما يخص المغرب، وحسب بعض الملاحظين، فإن علال الفاسي، وعبد الكريم الخطيب، هما اللذان اقترحا إقامة "إمارة المؤمنين" على  الحسن الثاني. فوجد فيها الحسن الثاني حيلة سياسة قوية، وسجلها في دستوره الممنوح، وأنجح هذا الدستور باستفتاء مُزَوّر. وكان هدف الحسن الثاني من "إمارة المؤمنين" هو تبرير استبداده، وتعليل سيطرته على جميع السُّلَط. فَاسْتَغَلّ الحسن الثاني حيلة "إمارة المؤمنين" لفرض "قداسته"، ولتبرير قمع كل فرد أو جماعة تنتقد نظامه الدكتاتوري. فظل يستغل "إمارة المؤمنين" لتبرير نزواته الاستبدادية، دون أن يلتزم بأي مبدأ من مبادئ الإسلام. فدعاة "إمارة المؤمنين" لا يأخذون من الإسلام إلا ما يخدم مصالحهم الخاصة.
إن كل الذين يريدون استعمال مؤسسة "إمارة المؤمنين"، يفعلون ذلك لسبب واحد فقط، وهو أنهم يريدون أن يستمدوا شرعية الحاكم من الدين، وليس من الشعب، أو من الديمقراطية. فيحرمون الشعب من حقه في اختيار الحُكّام، ومن اختيار نِظام الحُكْم.
وكُلّما وُجِدت مؤسسة "إمارة المؤمنين" في مجتمع ما، فإن ذلك يجعل الديمقراطية مستحيلة التحقيق في ذلك المجتمع. كما يصبح ممنوعا على الشعب أن يطالب بالديمقراطية، لأن مطالبة الشعب بالديمقراطية تظهر في هذه الحالة كأنها طعن في الدين. وكُلّما رفض شخص أو جماعة حكم "أمير المؤمنين", يصبح ذلك الشخص أو الجماعة متهما بأنه يرفض الدين نفسه. فيُقَدّم ذلك الصراع السياسي على أنه صراع ديني. والهدف الخفي هو تأليب الجماهير الجاهلة ضد المعارضين التقدميين. بينما في الحقيقة، الدين بريء من إِدِّعَاءات الحاكم، وبريء من مؤسسة "إمارة المؤمنين"، وبريء من الفقهاء المدافعين عن "إمارة المؤمنين"، وبريء من كل المتصارعين السياسيين.
ويمكن أن نتساءل : هل يمكن، أو هل يعقل، أن يمنح الدين (أو الإله) الشرعية لحاكم ما، أو لنظام سياسي ما ؟ من يَدّعي أنه بالإمكان أن يمنح الدين (أو الإله) شرعية لحاكم سياسي ما، إنما هو كذّاب ودَجّال. مثل هذه الإدّعاءات مرفوضة، بل هي مجرد خُرافات تستعمل للتحايل على عقول الجماهير الجاهلة، وذلك بهدف تبرير إخضاعها لنظام سياسي مُستبد. بل على عكس تلك الإدعاءات الكاذبة، لا يوجد أي سبيل لتشييد الديمقراطية إلا عبر الفصل بين الدين والدولة، والفصل بين الدين والسياسة، وبين الدين والثقافة.
هل الخضوع ل "أمير مؤمنين" وراثي، ومُسَيْطِر على جميع السلط، وغير قابل لا للمساءلة، ولا للمحاسبة، هل هذا يتماشى مع الديمقراطية ؟ إن كل من يقبل بأن يكون الملك "أميرا للمؤمنين"، يصبح مُكَبّلا في كثير من المجالات، وخاصة منها المجال السياسي. حيث يصبح ممنوعا عليه نقد "أمير المؤمنين"، أو نقاش صلاحياته، أو تدبيره للحكم. لأنه عند اندلاع كل أزمة سياسية حادة، تُؤَوّل "إمارة المؤمنين" على أن الملك مُقَدّس، وأنه خليفة الله في الأرض، أي أنه فوق البشر، وأن شرعيته مستمدة من الله، وأن آراءه هي الحقيقة المطلقة، وأن ممارسته هي الفضيلة المُثلى، وبالتالي لا يحق لأي مواطن، ولا لأية مؤسسة، ولا لأية جماعة، ولو كانت هي الأغلبية المطلقة من الشعب، أن تحاول مناقشة الملك، أو أن تخالفه، أو أن تنتقده، أو أن تحاسبه، أو أن تعبّر عن الرغبة في تغيير نوعية النظام السياسي القائم. فتصبح "إمارة المؤمنين" هي المبرر الأقوى للاستبداد السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي. بينما في الأنظمة الديمقراطية (مثل الملكية الإنجليزية، أو الملكية البلجيكية، أو الملكية الإسبانية، أو الملكية الدانمركية، أو الملكية اليابانية، إلى آخره)، لم يَعُد الملك مُنَزّها عن النقد، وعن المساءلة، وعن المحاسبة، إلا بعدما تَوَقّف نهائيا عن التدخل في الدولة، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الإعلام، وفي الثقافة.
والبعض يطرح أنه "يجب أن تكون الدولة إسلامية"، أو أنه "يجب أن يكون دين الدولة هو الإسلام". وهذا الطرح هو مجرد نَزْوَة إيديولوجية فارغة. فلم توجد، ولن توجد أبدا، ولو دولة واحدة عبر العالم، يمكن أن يجمع الخُبَراء على أنها حقيقةً "دولة إسلامية"، أو "دولة مسيحية"، أو "دولة يهودية"، إلى آخره. فهل حدث، ولو مرة واحدة عبر التاريخ، أن كانت في المغرب الدولة إسلامية حقيقةً ؟ وهل حقيقة كانت الدولة إسلامية في السعودية ؟ وهل الدولة مسيحية في إيطاليا، أوكنفوشيوسية في اليابان، أو هندوسية في الهند، أو يهودية في اسرائيل ؟ لا، هذه مجرد إدّعاءات إيديولوجية فارغة. وحتى دولة الفاتيكان في روما لم تكن أبدا حقيقةً مسيحية. والجرائم التي ارتكبتها مثلا دولة الفاتيكان، على امتداد القرون، إلى جانب أنظمة سياسية إقطاعية، ثم استعمارية، ثم فاشية، إلى آخره، تُثبِت أن المسيح والمسيحية بريئان كل البراءة من دولة الفاتيكان.
وفي حالة إذا ما نجح القطب المحافظ في المغرب في فرض "دولة إسلامية"، فهل تعرفون ماذا سَيَقَع ؟ هاكُم بضعة أمثلة من بين آلاف : حينما صَرَخ المُتظاهرون في "حركة 20 فبراير 2011" بالمغرب بشعار "الشعب يريد إسقاط الفساد"، أَصْدَر "المجلس العلمي الأعلى"، التابع لوزارة الأوقاف الإسلامية، في 31 مارس 2011، أصدر بيانا يُهَدّد فيه بما يلي: عند "الدعوة إلى إلغاء الفساد (…) لا بد أن تكون (الدعوة) شاملة تُطَال الفساد العقدي". ومعنى ذلك في نظر ‘فقهاء’ هذا المجلس التابع للدولة: إذا أردتم إزالة الفساد السياسي أو الاقتصادي، فيجب قبل ذلك أن نزيل الفساد في الإيمان، وفي العبادة، وفي العقيدة. وأَضاف هؤلاء الفقهاء في بيانهم: "للأغلبية الحق في تبني القوانين التي تُجَرّم هذا الفساد" العقدي. أليس هذا استبدادا ؟ ألا يؤدي هذا النوع من "الدولة الإسلامية" إلى إقامة ما يشبه "محاكم التفتيش" (Inquisition ecclésiastique) التي وُجِدت في أوروبا بين القرن 12 والقرن 15 الميلادي، حيث كانت هذه المحاكم تُحَقّق في صواب إيمان المواطنين، وتحكم بالتعذيب وبالإعدام على الذين تتهمهم الكنيسة بسوء الإيمان ؟ وهل نَسِيتُم أن الدولة المغربية، في مارس 2003، حكمت بالسجن على 14 شابا من هواة موسيقى "الروك" (hard rock)، وذلك بتهمة "عبادة الشيطان، والقيام بأفعال من شأنها زعزعة إيمان المسلمين المغربية"، وذلك تحت ضغط تيارات إسلاموية موجودة داخل الدولة؟ وأتذكر شخصيا أنه، حينما كان البوليس السياسي يُعَذِبنا في معتقل "درب مولاي الشريف"، خلال سنوات السبعينيات، بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الملكي، كان هؤلاء البوليس يشتموننا قائلين: "خُذُوا أَلْمُلْحِدِين، أَوْلَادْ ال …". وبالتالي، لا داعي للنقاش مع الفقهاء المحافظين، الحل الوحيد هو فصل الدين عن الدولة.
وفي الحقيقة، فإن الدولة ليس لها دين، ولا يمكن أبدا أن يكون لها دين. وعلى عكس بعض الإدعاءات، لا يمكن للدولة أن تحمل دينا (سواء تعلق الأمر بالإسلام أم بالمسيحية أم باليهودية أم بغيرها من الأديان). ولا يمكن للدولة أن تمارس هذا الدين، ولا أن تَتقيّد بأي مبدأ من مبادئه. لأن الدولة هي بَشَر، ومؤسسات، وأجهزة، وآليات، وموازين قوى، وإجراءات، وقوانين، وصراعات، وعلاقات، وبرمجة، وتدابير، وغش، ونِفاق، وحِيّل، وخِيانات، إلى آخره. ولا مكان في مُكَوّنَات الدولة لا للإيمان، ولا للعبادة، ولا للروحانيات، ولا للأخلاق المجردة. وحتى إذا تَخَلّلت تلك الدولة طقوس دينية، فإن تلك الطقوس إنما تكون مجرد دِيكُور مُخادع. ومن يدّعي عكس ذلك، إنما يُغالط أو يُنافق. فجميع الدول الموجودة عبر العالم تتشابه في إيجابياتها وفي سلبياتها، وذلك بدرجات متفاوتة، سواء كان سكان تلك البلدان مسلمين، أو مسيحيين، أو يهود، أو بوديين، أو هندوسيين، أو بدون دين، إلى آخره. 
البعض يَدّعُون أن المغرب "استثناء". وهذه مجرد حيلة سياسية، ويُراد  منها إيهام الجماهير أن مبادئ الديمقراطية التي تَنْطَبِق على مجمل بلدان العالم، لا يقبل أن تَنْطَبِق على المغرب. وهذا إدعاء خاطئ. لأن القوانين الموضوعية التي تحكم سائر بلدان العالم تَنْطَبِق كذلك وبالضرورة على المغرب. ولا يُسْتَثنَى أي بلد في العالم من ضرورة الخضوع لهذه القوانين الموضوعية. والظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي توجد في سائر بلدان العالم، توجد كذلك في المغرب، ولو بدرجات مختلفة.
وهناك من يدعي أن كل المواطنين مُلْزَمُون باحترام "ثوابت" المغرب، وممنوع عليهم نقاشها، أو المطالبة بتغييرها. وهذه مجرد حيلة سياسية أخرى. إن كل من يتكلم عن "ثوابت"، أو عن "مقدسات"، أو عن "خطوط حمراء"، إنما يقصد أن هناك إجراءات أو مؤسسات أو قوانين سياسية لا يُسمح للشعب بأن يحاول مراجعتها أو نقدها أو تغييرها. وهذا هو الاستبداد بعينه. بينما في الحقيقة، السلطة تنبع من الشعب وحده، ومن حق الشعب أن يُغَيّر كل ما يَمَسّ حياته السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلامية أو الدينية أو الثقافية. بل القانون العام الذي يحكم الكون كله، هو أن كل شيء، ومهما كان، يَتطَوّر ويتغَيّر باستمرار، وذلك حسب الظروف التاريخية، وحسب موازين القوى بين الأطراف المتنافسة. بل حتى الدين، وعلاقة الدين بالدولة، يتغيران عبر التاريخ. والمحافظون، المُستفيدون من امتيازات مفرطة في الأوضاع القائمة، هم الذين يريدون إقامة "ثوابت"، أو "مقدسات"، أو "خطوط حمراء"، وذلك بهدف منع الشعب من الاعتراض على استمرار تلك الامتيازات الجائرة أو إلغائها.
والبعض يدعي أيضا أنه يوجد في المغرب "إجماع وطني"، تارة حول الملكية، وتارة حول "المسلسل الديمقراطي"، وتارة حول الصحراء، وتارة حول "إمارة المؤمنين"، إلى آخره . وهذه خرافة أيضا. بل هي مجرد حيلة سياسية يُرَاد منها تخويف أو ترهيب الجماهير التي لها مواقف مخالفة لمواقف الحكم القائم، وذلك بهدف إسكات المعارضين، وبهدف منعهم من التعبير الحر عن قناعاتهم. فلا يتكلم عن وجود "إجماع سياسي" في بلد ما سوى الحُكّام المستبدون وأتباعهم الذين لا يعترفون لمعارضيهم بمشروعية الدفاع عن اختياراتهم المخالفة. بل الحقيقة العامة، هي أنه في كل جماعة، وفي كل مجتمع محدد، توجد بالضرورة أفكار متفاوتة، ومواقف مختلفة، واختيارات متناقضة, سواء في ميدان السياسة، أم الاقتصاد، أم الدين، أم الثقافة، إلى آخره. والحل الوحيد، المعقول، للفصل في ما بين هذه الخلافات، وللتَّعايُش، هو الاحتكام للشعب، والاحتكام لمبادئ الديمقراطية، كما هي متعارف عليها عالميا.
إننا نحترم كل دين، ونحترم كل المتدينين، ونحترم غير المتدينين، أينما كانوا. لكننا لن نقبل أبدا بأن يفرض علينا أي كان، إجراءات سياسية استبدادية، أو غير عادلة، وذلك بدعوى أنها "مقدسة"، أو "نابعة من الدين"، أو بحجة أنها ناتجة عن "خصوصية استثنائية"، أو عن "إجماع وطني"، أو أنها مستمدة من "تقاليدنا العريقة"، أو إلى غير ذلك من الحيل السياسية السخيفة.
إن حرية التفكير، وحرية التعبير، تَسْتَوْجِبَان بالضرورة حرية العقيدة. حيث أن الدين، والعقيدة، والعبادة، أو عدم الإيمان، أو عدم العبادة، هذه كلها حقوق فردية، تدخل ضمن حقوق الإنسان. ومن حق كل مواطن أن يمارسها، أو أن لا يمارسها، وذلك حسب قناعته الشخصية، بشرط واحد فقط، هو أن لا يسيء إلى الحقوق المشروعة لمواطنين آخرين. وكل دولة تحاول ضبط أو تقييد عقيدة المواطن، أو تحاول فرض عبادات معينة عليه، أو تحاول منعه من ممارسة العبادة، تصبح هذه الدولة استبدادية، وغير مشروعة.
ولا نقبل من الدولة أن تحصر مرجعيتنا الفكرية، أو القانونية، أو السياسية، أو الثقافية، فقط في الدين، أو الإسلام، أو الشريعة. على عكس ذلك، نريد أن تكون مرجعيتنا متعددة، بل لا محدودة، حيث تشمل كل التراث الإنساني العالمي. فمن واجبنا، ومن حقنا، أن نستفيد من كل الثقافات، القريبة والبعيدة، الجديدة والقديمة، الشرقية والغربية، المُتَدَيّنة وغير المتدينة، وخاصة منها تلك التي أثبتت فعاليتها، أو عدالتها، أو صوابها. ومهما كانت أية مرجعية مشروعة أو مألوفة، فإننا لن نقبل شيئا منها إلا إذا كان معقولا وعادلا وفعالا. فإن لم يكن كذلك، رفضناه، مهما كان مصدره.
وخلاصتنا هي أن "إمارة المؤمنين" تتناقض مع الإسلام، وتتناقض مع الديمقراطية؛ وأن الفصل بين الدين والدولة، وبين الدين والسياسة، هو من صلب مبادئ الديمقراطية؛ وبدون هذا الفصل تنتفي الديمقراطية.
                                   الاثنين 4 أبريل 2011





(1) مهندس، كاتب، معتقل سياسي سابق، محكوم عليه بالسجن المؤبد، قضى 18 سنة في السجن تحت حكم الملك  الحسن الثاني. 

 
——————–
 المدونة: في إطار النقاش المرغوب فيه ترحب مدونة سيدي سليمان بكل الآراء والمواضيع التي تتوصل بها من أجل النشر..

الاثنين، 11 أبريل 2011

نيابة التعليم بسلا تنظم المخيم الربيعي الأول للدعم التربوي بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا


 نيابة التعليم بسلا تنظم المخيم الربيعي الأول للدعم التربوي  
بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا
تحت شعار
المخيم فضاء للتفوق والتربية على المواطنة"


 سلا: عبد الإلله عسول
تفعيلا لمضامين البرنامج الاستعجالي وخاصة التدبير الثاني من المشروع 5p1E  المتعلق بتنظيم أنشطة الدعم البيداغوجي قصد تجاوز كل أشكال التعثر الدراسي، تنظم نيابة وزارة التربية الوطنية بسلا بشراكة مع الجمعية المغربية لتربية الشبيبة  وجمعية تنمية التعاون المدرسي – فرع سلا- ،  مخيما ربيعيا  للدعم التربوي لفائدة  مائتي مشاركة ومشارك من تلميذات السنة السادسة من سلك التعليم الابتدائي المنحدرين من الجماعات القروية بوقنادل عامر والسهول، وذلك في الفترة الممتدة من 03 إلى 10 أبريل 2011 بالثانوية الإعدادية سيدي محمد بن عبد الله بجماعة السهول بسلا.
ويشتمل برنامج المخيم الربيعي الأول في الحصص الصباحية على دروس للدعم تستهدف جميع الوحدات الدراسية في المواد القاعدية، في حين خصصت الحصص المسائية للقيام بأنشطة مختلفة تتضمن عروضا مسرحية وفقرات فنية وترفيهية ورياضية وورشات متنوعة ومحترفات المعامل التربوية وخرجات استطلاعية إلى الحدائق العجيبة ببوقنادل وفضاء الألعاب، ومسابقات وسهرات موسيقية  وأمسيات شعرية .
وجدير بالذكر أن طاقما تربويا من الإداريين والأساتذة المتطوعين تمت تعبئته لأجرأة البرنامج والإشراف على تفعيل النوادي  وتفعيل خلية الإنصات للدعم النفسي والاجتماعي.

الأحد، 10 أبريل 2011

الحركات النضالية في زوبعة الفيضانات بسيدي سليمان


الحركات النضالية في زوبعة الفيضانات
 
وقفة احتجاجية أثناء فيضانات 2010

الحسين الإدريسي
ملاحظات  بصيغة الحاضر لابد منها في واقع  سمته الهشاشة والإهمال
وإن كانت قد رصدت ماضيا  صعبا بمدينتنا وضواحيها

  تعرضت مدينة سيدي سليمان إلى فيضانات واد بهت ابتداء من ليلة 22 فبراير بعد أن غمرت مياه سبو ورضوم  وورغة غالبية أراضي سهل الغرب مخلفة أضرارا بالغة  بالمجال القروي بشريا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا. مدينتنا وإن تعرضت للفيضانات متأخرة تحاول التصدي لمخلفات الكارثة بالإمكانيات الذاتية الضعيفة في غياب أو تأخر المسؤولين المباشرين والمتدخلين المختلفين والإطارات التي أبانت عن تحركات واسعة النطاق والمبادرات المتنوعة السنة الماضية، والتي لا تخلو من أثار على المتضررين على مستوى الحضور والدعم المعنوي والمادي. هذه السنة ربما انتفت أجواء الانتخابات  ليختفي معها قناصو الأصوات لتبقى الساحة للمدافعي عن مبادئ التضامن وحقوق الإنسان. كانت الساحة  الجماهيرية تستقبل أشكالا رائعة من المبادرات الحية التي تعكس عمق معاناة المواطنين من البطالة والفقر بالأحياء المسماة مهمشة. كيف تعاملت الجماهير الشعبية المستضعفة مع تهديدات مياه واد بهت؟
 
                                   نموذج منزل متضرر                                        
1ـ الوقفات والاحتجاجات 
‏بشكل شبه عفوي خرجت عدة مسيرات للسكان المتضررين من الفيضانات الأخيرة  من أولاد الغازي والسوق القديم  وغيرهما، ما مميزاتها؟
تستند التحركات الجماهيرية إلى ما راكمته من تنفيذ الوقفات والاحتجاجات أمام مقر الباشاوية في السنة الماضية (فيضانات 2009) إلى درجة أن أصبحت الأسلوب الأوحد للفت انتباه السلطات إلى التهديدات التي يتعرضون لها جراء الفيضانات. هذه السنة أيضا لم تتردد ساكنة الأحياء المتضررة من الخروج في مسيرات سلمية في اتجاه  مقر العمالة هذه المرة (مع بداية الفيضانات لا زالت الأشغال قائمة بها لتتخذ مع ذلك مقرا لخلية اليقظة المحدثة بمناسبة فيضانات 2010 )
ما ميز هذه المسيرات والاحتجاجات هذه السنة ( ستة في المجموع نظمت في أوقات مختلفة) هو أنها كلها  تستهدف  الدخول في مفاوضات مع السلطات المحلية عبر لجنة منبثقة من الساكنة، وغالبا ما تكون مختلطة نوعا وعمرا: المطلب الوحيد، فتح ملجأ للمتضررين على غرار ما جرى في السنة الماضية للاستفادة من التغذية  والغطاء، باعتبار أنهم فقدوا كل شيء بانهيار دورهم الهشة بحي أولاد الغازي أو السوق القديم أو دوار الوركة.
 المسيرات إذا كانت هادفة، لكن لماذا الانتظار حتى الاستماع إلى هذا المطلب المشروع؟ الم تستفد السلطات من تجربة  2009؟ أم أنها تصرف  الدرس بالشكل المناسب. مفارقة لا تجد الجواب إلا في منطق الحسابات والاستهتار بحقوق المواطنين في المسكن والغذاء والأمن، حقوق تتحول لا محالة إلي الاستعطاف من موقع التسول. تسول المستضعفين للقوي وهنا تنتفي الحقوق وقيم التضامن: انتهاز الأوضاع الاجتماعية المزرية وحتى الطبيعية الصعبة لتكريس منطق السلطة النافدة والمنقذة.
السمة الثانية للمسيرات هو تواجد العنصر النسوي بكثافة  بجانب الشباب واليافعين (أبناء المتضررين ) بل يمكن القول إن المبادرة لمواجهة أثار الفيضان، هذه السنة كانت نسائية بامتياز، ربما يرجع ذلك لاشتغال الأزواج بالبحث عن لقمة العيش خارج المنازل الآيلة للسقوط في أية لحظة. ففي ليلة صعود مياه بهت – 20 مارس – لم تترد 5 نساء محملات بالرضع إلى طلب إغاثة السلطات وهي في حالة استنفار بعد الساعة الثانية عشرة بقليل، لمعاينة الخطر المحدق بالدور المطلة على واد بهت. مبادرة جرت السلطات إلى عين المكان واتخاذ قرار المغادرة، نفس روح المبادرة أطرت التحركات الجماهيرية، حيث شكلت النساء طلائع  المسيرات والوقفات: إنهن تعلمن التفاعل مع واقع الشارع بالدفاع عن قضاياهن في مجال الحقوق، بصياغة الشعارات وترديدها بشكل جماعي من قبيل  "هذا عار هذا عار السكان في خطر"  أو "الساكنة ها هي والحقوق فين هيا"، وغيرها من الشعارات المعبرة عن عمق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب حلولا مستعجلة:السكن اللائق أولا.
الميزة الثالثة هي تحركها بصعوبة في أعقاب الإنزال المكثف لقوى الأمن، التي لا تترد في استعمال العنف والكلمات النابية في حق المتظاهرين، بل تتجرأ بإسقاط مسن على الأرض وسيدة حامل، لينالا قسطهما من القمع والضرب المبرح سعيا لإيقاف المسيرة بشارع محمد الخامس، القمع و التهديد لم يحول دون وصول الجماهير الغاضبة إلى العمالة  لإقناع السلطات المحلية بخطورة الأوضاع، وما يتطلب تدخلا عاجلا ومسؤولا.                                                                                                                            محاصرة وقفة احتجاجية                 

ومن سمات  كل هذه الوقفات والمسيرات مشاركة  بعض الفعاليات والإطارات الجمعوية  - ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان - والنقابية والحزبية التي تنتصر للحرية والحقوق المشروعة للمواطنين في التظاهر والتعبير عن المطالب المتعلقة بالعيش الكريم في الظروف العادية، فبالأحرى ظروف الفيضانات وظروف الأزمة الخانقة في هذه الأيام.
2ـ إضراب عن الطعام  لإسماع الصوت
   دخلت مجموعة من ساكنة السوق القديم 104 بسيدي سليمان في إضراب عن الطعام منذ يوم السبت (6-03-2010 ) بعد زيارة رئيس المجلس البلدي وفي أعقاب التقاط تناقض في التصريحات، التي مفادها  أن مشكل السوق القديم سيجد حله في إطار القضاء على مدن الصفيح، الشيء الذي شكك فيه قائد المقاطعة الأولى حسب المضربين عن الطعام. ويظهر أن السلطات رأت في تصريح رئيس المجلس البلدي محاولة انتخابية متسترة تسعى إلى الاقتراب من المتضررين عبر كارثة  الفيضانات، التي ألحقت أضرارا بالغة بالدور والممتلكات، حتى أصبحت تشكل خطرا على الأرواح، وحسب تصريحات المضربين وعددهم يتجاوز الخمسين، تفيد أن التشكيك في المشروع لا يعني سوى التماطل وربح الوقت لإقناع الكثير منهم لمغادرة مأوى "كوريال" (مؤسسة صناعية تستعمل كملجأ جماعي)حتى لا يستفيدوا من البقع وتعويض مقداره 30000 درهم، لكل مستفيد على غرار تجربة السنة الماضية حيت استفاد 204 مواطن ومواطنة, والحال أن تقديرات السلطات بالنسبة للمستحقين للبقع لا تتجاوز 15 عائلة  ضمن 56 عائلة متضررة، الشيء الذي جعل المقيمين يفطنون إلى أن شيئا ما يطبخ في الخفاء، خاصة وأنهم سمعوا أن السلطات اختارت أشخاصا من خارج "كوريال" للتحاور حول المستفيدين الفعليين، وهذا ما دفع بالمقيمين في "كوريال" إلى المطالبة بالاستفادة من البقع المزمع توزيعها في "مشروع الخير"(تشرف عليه وزارة السكنى والتعمير والتنمية المجالية)، وأمام التشكيك والتحركات المشبوهة قرر المتضررون المقيمون "بكوريال" الدخول في إضراب عن الطعام مطالبين إسماع  مطالبهم  إلى كل من يهم الأمر.
   يوم الثلاثاء  9-3-2010 أوقف المضربون إضرابهم بعد الزوال وبشكل مفاجئ. حينما استفسرناهم، كان الجواب، أنهم لم يتحملوا العيش في ظل اختلاف بين المقيمين "بكوريل"، البعض في إضراب والبعض الآخر يتناول الوجبات، المهم أن حركة الإضراب عن الطعام  التي دامت 3 أيام  ولم تحرك ساكنا لدى السلطات، لم تحقق شيئا، اللهم التشكيك في راهنيتها كآلية ضغطية مناسبة، الحركة العفوية إذا وصلت إلى الباب المسدود، لأنها تفتقد إلى الآلية التنظيمية وإلى البوصلة، الشيء الذي غاب عن ذهن المضربين عن الطعام، وأخطر من ذلك كله، أن الجميع فقد الثقة في الشكل النضالي… هذا ما طبلت له السلطات على الخصوص تعزيزا لأطروحاتها: مصدر الحلول هو السلطات، شكلا ومضمونا وبدون ضغوطات من فضلكم…
3كيف انتهت تحركات المتضررين من الفيضانات
     أعطى إعلان محمد بلعوشي بتحسن الحالة الجوية الضوء الأخضر للشروع في الاستعدادات لتسليم ملجأ "كوريال" لأصحابه، وأمر المواطنين المقيمين بالمغادرة. ظهر ارتباك وسط المتضررين من الفيضانات، الطريقة التي لجأت إليها السلطات، هي عدم تسليم الوجبات الغذائية للقاطنين بدءا بوجبة الفطور، إنها وسيلة ضغط "مقنعة" خاصة وأن الصغار من الرضع والتلاميذ يشكلون عددا لا يستهان به. قرر الكبار التشبث بالملجأ في انتظار تنفيذ الوعد ( البقعة +30000 د. ) وإن اقتضى الأمر إحضار الوجبات الغذائية من أي مكان للأبناء. رد فعل مناسب بدون شك،  لكنه هش وقابل للاحتواء، خاصة وأن 26 عائلة من دوار أولاد الغازي قد غادرت المكان بقناعة، وبالنتيجة أصبحت 56 عائلة من  السوق القديم معزولة وفي حالة صعبة، بادر البعض إلى التشكي للعامل، مما أدى إلى تكوين لجنة تدبر الوضع مع ممثلي السلطة في عين المكان، والخروج بلائحة متفق حولها للمستفيدين، تسلم لهم شهادة الإقامة "بكوريال" يدلى بها للحصول على البقعة المأمولة. مخرج حظي بالقبول، ما دام أن الأسماء قد انبثت على اللوائح الرسمية مدعمة بشهادة إقامة كبديل عن مصداقية تكاد تكون مفقودة. غادر المقيمون ملجأ كوريا في اتجاه  دورهم الآيلة للسقوط، أو في اتجاه جار يقبل مزيدا من السكان والازدحام في انتظار تسليم البقعة المنتظرة" بمشروع الخير". في انتظار كل ذلك تستمر المعاناة  ربما بشكل أصعب، أين رياح التغيير يا ترى؟