الاثنين، 14 يناير 2008

منتهى الإهمال سقوط شجرة وبقاؤها في الشارع العام !


    منتهى الإهمال
        سقوط شجرة وبقاؤها في الشارع العام !
قد يحدث يوما فيكون عاصفا، خاصة أن الفصل شتاء، تمر العاصفة مزمجرة، هناك من يحني رأسه إلى أن تمر، وهناك من يحاول الاعتراض لسبب أو لآخر، قد تكون ظروفه أو قناعته تحتم عليه البقاء واقفا، أو مجرد التحدي الخاص، فينجح في التحدي، وقد تكسر العاصفة قامته وتسقطه أرضا، كما وقع لشجرة الكاليبتيس العجوز بشارع محمد الخامس بسيدي سليمان يوم الخميس الثالث من يناير 2008، رغم محاولتها الالتواء حسب اتجاه العاصفة ومداراتها بمكر ودهاء كما تعودت دائما، لكن الزمن كان قد فعل ناموسه فيها، فخرّ نصفها ساقطا، لحسن الحظ لم تسقط على إنس، ولم تهشم رأسا، وإلا لكانت الطامة الكبرى… 
 
تظهر الشجرة من بعيد وهي ساقطة على الطريق
   عادٍ أن تمر العاصفة وتسقط بعض الرؤوس والشجر، وتُنتزع بعض الأسلاك…الخ، ولكن ما ليس عادٍ ويثير أكثر من سؤال، هو أن تظل تلك الشجرة الساقطة مطروحة في محلها، تعرقل المرور، وتمنع بعض التجار من مزاولة شغلهم، حيث تَفترش سلعُهم الأرض في انتظار زبون قد يأتي وقد لا يأتي. 
   
عرقلة السير والتجارة
 
الصورة من الجهة الشمالية، ورغم كل شيء هناك من يجلس أو يمر تحت الشجرة
   يقال أن الشجرة ما كان لها لتسقط بدون إذن، فمن رخص لها بتلك السقطة المدوية؟ وهي قائمة هناك شاهدة على مرور العهد الاستعماري بهذه المدينة، زمن غرسها، وكيف لها أن تجرؤ على التخلي عن إحدى مهامها التي أوكلت لها مؤخرا؟ وهي توفير الظل للباعة / الفراشة الذين يُنقلون من مكان لآخر حسب الأمزجة والظروف والحاجة. ويشاع كذلك أن المسؤولين ينتظرون بعثة أممية توثّقُ للحادث، وتستجوب الشجرة الجسور على تهاونها، بذلك يتحدد مصير هذه الشجرة، أو بالأحرى ما تبقى منها عالقا على الكرة الأرضية وهي تدور  في فلكها ، هل تقلع كلها أم لا؟ وإن كان البعض ـ حسب ما يروج دائما ـ ممن ينتظرون نصيبهم من الحطب والخشب إقلاع جذورها بالتمام، والتخلص من هاته المتهاونة! فلا يجب حسبهم أن يبقى بيننا متهاون أو متخاذل تعصف به ريح وتُرْديهِ مطروحا ولو كانت شجرة! وهناك من يرى أنه بالضرورة اعتماد شهادة البعثة الأممية، لإقامة دعوى عمومية دولية ضد الريح الذي غزى يوما المدينة دون استئذان، فأسقط شجرة من الملك العمومي، الذي يُعضّ عليه بالنواجد، ولا أدل على ذلك من حماية الأرصفة ضد كل معتد أثيم.  كيف تسمح شجرة لنفسها بالسقوط ومدينتنا يقل بها الشجر يوما عن آخر يقول بعض النبهاء الذين تنبهوا أخيرا للأمر، ولا تُغرس أية شتلة أو شجيرة، مادامت هناك حساسية مفرطة لدى مجلسنا البلدي الموقر تجاه ذلك. أما بعض النبغاء منا، فيَدْعون إلى تركها هناك، حتى تذبل وتيبس وتتحلل، لتُذريها النّسمات، وتكون عبرةً لكل متكبر ومتعجرف، فيعرف أن مصيره ـ كيفما كان ـ هو الهلاك والتحول إلى كمشة تراب، وبذلك تنتشر العبر بين البشر، حتى يعتبر كل من أراد أن يعتبر من " كل ما من شأنه" أن يعكر صفو الجو العام، ويتجاسر على المطالبة بحق، ولو كان بسيطا كإفساح الطريق ليمرّ الناس بسلام، وحال هؤلاء يقول: " ها هي شجرة بقدها وقديدها قد سقطت"، والعاقبة للمتسالمين الطيبين، الذين يدخلون " سوق راسهم"، ولا يُعيرون للشأن العام أدنى اهتمام، ولو كان شجرة ساقطة،  فالمسؤولون أحرص على سلامتنا وعيشنا الرغيد، وما علينا سوى أن نسير في الطرقات دون التفات، وقفز  يعترضنا كل ما يعترضنا من شجر أو حفر، وقد يضيفون من بنات أفكارهم طبعا قائلين: " أما الشجرة الساقطة فساعتها آتية لا ريب فيها، ولا عجلة في ذلك، ما دام ليس هناك أي مسؤول مهم، سيمر من الشارع، وليست هناك حالة طوارئ لدى المصالح المعنية المختصة في التزيين على عجل، وإزالة الشوائب من الشوارع مثل هذه الشجرة". 
 
تكاد الشجرة تقطع سلك الكهرباء ولا من تحرك
 أما نحن فسنحرص على إخبارك أيها القاريء الكريم بالمصير والمآل، ونجيبك عن كل استفهام أو سؤال، يخص الشجرة التي سقطت، ولم تجد من يحرك ساكنا لتحريك الأغصان من المكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  في الحقيقة انتظرت طويلا قبل كتابة هذا الموضوع، عسى أن يتحرك المسؤولون فيزيلوا الشجرة أو ما سقط منها، واليوم حينما تعمدت المرور من هناك، كنت أعتقد أنني سأجد المتلاشيات الدقيقة مبعثرة بعد عملية القطع، ولكن خاب ظني، فعلا هناك قانون يحمي الأشجار من القطع، وهناك مسطرة خاصة من أجل إزالة أي شجرة، لكن في مثل هذه الحالة الخطورة واضحة للعيان، قبل أي مسؤول يقتضي منه الواجب حماية الناس.
                     مصطفى لمودن