الأحد، 20 ديسمبر 2009

فـــــــــرجة الـــكــرة أي دوافع لهذا الهوس؟


فـــــــــرجة الـــكــرة
أي دوافع لهذا الهوس؟
تتيح كرة القدم اهتماما واسعا لدى جمهور عريض، ونظرا للإقبال المكثف عليها كفرجة يطرح ذلك عددا من التساؤلات:
 ـ ما سبب هذا الاهتمام المتزايد بكرة القدم، وخاصة بفرق معينة؟
ـ كيف يمكن قراءة هذا التلهف على الفرجة وتحمل كل المشاق من أجل ذلك؟
 
مشهد من مقهى أثناء إجراء مقابلة بين البارصا والريال، من تأخر لم يجد مكانه في المقاهي طبعا!
ليس الجواب عن هكذا تساؤلات متاح الخوض فيه بسهولة، فهذه الكرة الممتلئة بالهواء لا تعني فقط جسما يتدحرج، يركض خلفها لاعبون من أجل إدخالها إلى شباك الخصم فقط، أو حماية المرمى من غزوات الخصوم.
بل وراءها عدة عوامل رياضية وفنية وبيولوجية واقتصادية وسياسية وإعلامية…
كرة القدم رياضة تطلب مجهودا بدنيا، وقوة هائلة  واستعدادا دؤوبا بالنسبة للمحترفين على الأقل، رياضة جماعية تتطلب خطة للعب، ووضع اللاعب المناسب في المكان المناسب، وتوزيع اللاعبين على رقعة الملعب حسب الملابسات التي تتطلبها كل مقابلة، ولا يدري ذلك غير مدرب مقتدر، مطلع على إمكانيات الخصم، ومقدر لقوة فريقه وعناصره.  
لعبة كرة القدم لا يمكن أن تتاح ممارستها بفنية لجميع الناس، أولا هي موهبة، قدرة على التحكم في الجسد في مختلف وضعياته، ولا يكفي ذلك، بل تحتاج إلى تكوين وتدريب مستمر، وهي ثانيا تقنية تكتسب مع النمو الجسدي، كم من فريق الآن في العالم يراقب الأطفال ويرعى الموهوبين منهم منذ صغرهم.
الطب الرياضي وحده يحدد من له إمكانات بيولوجية ليسير بعيدا في اللعبة، ومن الضروري إحضار المختصين عند كل تعاقد جديد مع أي لاعب بالنسبة للأندية الكبيرة كي يضبطوا أي خلل جسدي لدى المرشح لحمل قميص الفريق، حتى لا تضيع أموالهم سدا. 
الآن وراء كرة القدم ومن أمامها الملايير، تحرك اقتصادا بكامله، ثروة هائلة تعرف الفيفا قيمتها حق المعرفة… دون الحديث عن صناعة التجهيزات الرياضية الخاصة بالكرة، والتي لا تمثل إلا النزر القليل مما يروج، ودون الحديث عن مداخل بيع التذاكر في الملاعب، هذا مجرد قشة لا تصم ظهر البعير… في الكرة تتحرك السيولة المالية بطرق أخرى، قد تكون صفقات"بيع" اللاعبين جزء منها فقط، لكن الأهم الآن هو عائدات الإعلانات الإشهارية والتي يؤدي قيمتها في الأصل كل المستهلكين، تستغل الشركات الكبرى الإقبال على الكرة كفرجة لتروج سلعها وخدماتها.. وطبعا يكون ذلك بالمقابل الذي يسيل له لعاب الأندية الكروية (المشهورة)، ومرة أخرى أمام هذا الهيام بالكرة دخل عامل جديد يدفع أكثر، إنها القنوات التلفزية، هذا الوسيط الذي يحمل الفرجة إلى البيوت والمقاهي دخل الميدان بقوة، الآن تدفع بعض القنوات الملايير من أجل نقل بعض الدوريات المشهورة كالإسبانية والإيطالية.. كل شيء له علاقة بالكرة والفرق يباع، حتى شارة الفريق وقميصه وصور اللاعبين.. الأندية الكبرى شركات قوية لها أسهم في البورصة، ورؤساؤها إما مالكو أغلبية الأسهم أو رؤساء وصلوا إلى سدة التسيير بعد مخاض طويل من عرض المشاريع وإقناع المنخرطين للتصويت عليهم.. بينما في أماكن أخرى الأندية مطية قصيرة لصعود على صهوة تسييرها بتحفيز من السلطة هنا وهناك، ونقصد بذلك الدول التي تسعى لمراقبة كل شيء والتحكم في حركات المجتمع ومفاصله. أحيانا تكون الرياضة عموما وتسيير فرق الكرة أقرب طريق نحو الوصول إلى الناخبين وتحيق الطموح السياسي الذي يبقى مشروعا للجميع في الدول التي تسيير دواليبها حسب آليات الديمقراطية الحق.
كل وسائل الإعلام تجري وراء الحدث الرياضي الكروي للترويج له، لأنه ببساطة يثير اهتمام عدد من المتلقين، وبالتالي يتيح مداخيل أكثر، كل وسيلة إعلامية تعرض لذلك حسب نوعيتها وكيفية عرض منتوجها الإعلامي. 
فلم كل هذا الاهتمام والإقبال من قبل جمهور عريض متعطش للفرجة الكروية؟   
 سنحاول في العرض اللاحق الإجابة عن ذلك