‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتابات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتابات. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

أدعو لاخال علال القادوس إلى السجن

أدعو لاخال علال القادوس إلى السجن

علال القاوس في مسكنه
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
إن السلوك الذي ابديته وانت تخاطر بحياتك لفتح بالوعات الماء فيه نقاش..
سلوكك هذا سيدفع الناس مستقبلا للتضحية وللمبادرة.. نحن لا نريد ذلك.. ألم تر كيف وقف جمهور من المتفرجين يشجعونك ولم يفعلوا اي شيء حتى عندما غطست في بالوعة الماء واختفى رأسك؟ لم يفكر أحد في إنقاذك.. هذا النوع من الناس من نريد.. هناك جهات خاصة بالتفكير والمبادرة عوض الناس الذين يجب ان يهتموا بشؤونهم فقط.. أنت تريد زرع عادات جديدة بيننا، لهذا تستحق السجن..
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
بسلوكك المشار إليه جعلت الناس يتحدثون عن غياب المسؤولين المطلق عن المكان.. هل تريد ان تحرجنا؟ لقد كان المسؤولون يغطون في نوم أو قيلولة، أو على الأقل يتملوْن أوراقهم في مكاتبهم.. وانت وحدك من تريد ان تظهر بصفة الغيور على المصلحة العامة، فمن رخص لك بذلك؟
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
تعرف ان هناك شركة مكلفة بتنقية مجاري المياه، وهي التي تتوصل بتعويض محترم مستخلص من الضرائب التي يدفعها المواطنون، العمل الذي قمت به انت في دقائق، كانت ستقوم به الشركة في أيام، تأتي بآلياتها وعمالها حتى يرى ذلك الجميع، فيطمئن السكان على أن هناك من يهتم بهم ووهناك من يرعى مصالحهم.. وأنت بافعالك تريد تعكير كل الأجواء وافساد خططنا..
آسي علال، هل تريد فعلا دخول السجن؟
لنفترض آسي علال ان المدينة غرقت، وماذا بعد؟ كانت على الأقل ستنهار علينا المساعدات من الدول، ولا عيب في ذلك، فنحن كذلك نساعد الدول المنكوبة.. وانت بافعالك سعيت لحرماننا من ذلك، أنت إذن تستحق السجن.. 
يبدو ان السجن سيكون أرحم بك من غرفتك التي تسكنها وانت حر طليق..
-------------------
خطاب خاص: لو كنت آسي علال في دول أخرى لتم تكريمك بسبب تطوعك، ولجعلوا من مبادرتك نموذجا يحتدى.. 
واسمه الحقيقي مصطفى السملالي

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

إلى الرفاق في المجلس الأعلى للحسابات./ ذ حميد هيمة

إلى الرفاق في المجلس الأعلى للحسابات.
Affichage de hamid.jpg en cours...
حميد هيمة 
تكشف التقارير الموضوعاتية للمجلس الأعلى للحسابات عن حجم الاختلالات في الإدارة العمومية والمصالح الرسمية، من حيث اختلاس المال العام وسوء التدبير و"تسرب" المال العمومي من الصفقات لفائدة المقربين بروابط عائلية وحزبية وبناءً على علاقات الزبونية والخدمة المتبادلة.
وبكلمة واحدة، فإن هذه المؤسسة الرقابية كشفت، وتكشف، في  حدود معينة، بنية الفساد القائم على عدم احترام قواعد الالتزام بالنفقات وتزييف البيانات وحصول "المسؤول-ة"  لنفسه او غيره على منفعة غير مبررة نقدية او عينية وإخفاء  المستندات او الادلاء الى المجلس الاعلى للحسابات بأوراق مزورة او غير صحيحة وفق ما حددته أحكام القانون المحدد لصلاحية هذه الهيئة الرقابية.
إن انغراس هذه الظواهر في بنية الدولة هو مفهموم بالنظر لزواج المتعة بين الفساد والاستبداد، لكن، ما أثار انتباهي أثناء قراءة الإطار القانوني للمجلس الأعلى هو:
أولا: إحداث السلطة لهذه المؤسسة قصد  المراقبة العليا لتنفيذ القوانين المالية، وهي تَعلم، أي السلطة، حجم الفساد المتغلغل في مصالحها الإدارية!
وهو، على كل حال، إجراء (إحداث المجلس) يجب تعزيزه، غير أنه يجب أن لا يحجب عنا بعض خلفيات وأبعاد السلطة، الراعية للفساد، في إنشاء المجلس؛ ومنها، على الأقل، توجيه الرسائل إلى الخارج بأن الدولة مُلتزمة بمحاربة الفساد وبأنها جدّية في توفير بيئة سليمة للاستثمار الأجنبي...الخ؛

ثانيا: إن الظهير، الصادر بتاريخ 14 شتنبر 1979، موقع بالعطف من طرف الوزير الأول، الراحل المعطي بوعبيد، وهو الوزير ذاته الذي سيتصدر، لاحقا، قيادة المخلوق الجديد/ الاتحاد الدستوري، كأحد الأحزاب الإدارية، في ظروف- أقصد قيادة بوعبيد للاتحاد- أثارت  تفاصيلها الكاملة ملفات المنابر الإعلامية.
وعلى كل حال، فإن مطالب النسيج الحقوقي والهيئات الديموقراطية والتقدمية هو ضرورة الربط الفعلي بين تحمل المسؤولية والمحاسبة الحقيقية، وتقديم المتهمين إلى المحاكمة وفق شروط المحاكمة العادلة وعدم الافلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والمالية.

وبالمقابل، فإن المجلس الأعلى للحسابات، أو أي مؤسسة رقابية ذات صلة، يجب أن تفحص مالية المؤسسات المدنية والحزبية المعبرة عن تيارات المجتمع. ولهذا، فإن الحركة الديموقراطية مطالبة بفك تناقضها بين المطالبة بإعمال القانون في الخروقات التي يسجلها المجلس الأعلى للحسابات في المؤسسات العمومية، وبين استمرارها في التملص من كشف حساباتها المالية لهذه المؤسسة من أجل القيام بالافتحاص اللازم  بمبررات أحيانا غير موضوعية وغير مبدئية.
 وإذا ما كُتب لقضاة المجلس الأعلى للحسابات الاضطلاع على ميزانية النقابات والأحزاب والجمعيات والشبيبات، مهما تكن قيمة هذه الأموال، فإنه يجب علينا أن لا نفاجأ بحجم "الاختلالات" القائمة والتي لن تقل حجما عن الفساد المستشري في المصالح العمومية.
طبعا، فليست كل الهيآت الحزبية أو الحقوقية أو الجمعوية فاسدة، وأي تعميم في الموضوع هو تجني مرفوض مهما كان مصدره،  لكن يجب الإقرار، بالمقابل،  أن المخالفات الواردة في المادة 56، التي تعد من اختصاص المجلس الاعلى للحسابات، سائدة، وهي: اخفاء المستندات أو الادلاء بأوراق مزورة أو غير صحيحة، وحصول الشخص لنفسه أو غيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية، وعدم احترام قواعد الالتزام بالنفقات...الخ.
ويكفي، لمن يُعاند حقيقة هذه المعطيات، متابعة المواد والأخبار المنشورة في المواقع الإلكترونية والجرائد للوقوف، على الأقل، على عينات من "شبهات" الفساد المالي والسرقة الموصوفة للمال العام، وتزوير الوثائق،  وتقديم معلومات مغلوطة، وخرق القانون..الخ.
والأنكى أن تكون هذه "الاختلالات" من إنتاج مؤسسات تُبشّر بالبديل الاجتماعي والسياسي المتعارض مع بنية الفساد، لكن تبقى مثل هذه الممارسات، على كل حال، للأشخاص وليست للمؤسسات المطلوب منها، قبل فوات الآوان، استئصال أورام الفساد قبل تفشيها في كافة انحاء الجسد التنظيمي....الخ.
والمؤسف أن رموز الفساد راكموا خبرات في التنصل من أي مسؤولية قانونية وأخلاقية مرتبطة بملفات الفساد، بل أن هؤلاء يفلتون من المحاسبة، كما تخرج الشعرة من العجين، باستثمار علاقاتهم العميقة مع رموز الفساد وعرابيه، وقد يتعرض من تجرأ على طرح شبهات الفساد للمعاقبة بتهم الإساءة إلى التنظيم والتقليل من شأن الزعيم!

إن على القوى الديموقراطية، المتشبتة فعليا بخيار النضال، مباشرة الاجراءات القانونية والتنظيمية لتسهيل عمليات الافتحاص المالي الداخلي، كعمل روتيني وطبيعي، وتشجيع مناضليها على فضح الفساد ليس فقط في مؤسسات الدولة، ولكن أيضا محاربة الفساد في المجتمع ومؤسساته باتخاذ الاجراءات الملموسة والعميقة وليس الاستعاضة عنها فقط برفع الشعارات!

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

رسالة إلى السيد وزير التربية الوطنية. إنك تضيف اسمك إلى صاحب مذكرة 504 (حول المنع من متابعة الدراسة الجامعية للمدرسين)

رسالة إلى السيد وزير التربية الوطنية.
إنك تضيف اسمك إلى صاحب مذكرة 504


لما ولجت ميدان التعليم سنة 1984 من خلال سنة تكوين بأحد المراكز المتخصصة في ذلك، تصادف أن أصدر وزير التربية آنذاك عز الدين العراقي مذكرة 504 التي تمنع نساء ورجال التعليم من التدريس..
السيد الوزير، لقد كان تعييني بالعالم القروي، في بادية مهملة، وفرت الحكومة للمدرسة حجرات من البناء المفكك، دون أن تفكر في البشر.. فلم نجد لا مسكنا ولا ماء ولا طريقا ولا كهرباء.. وعملنا بجدية.. 
ورغم سريان المنع ضدنا، هناك من وجدوا الأبواب مفتوحة، وحصلوا على الشواهد، وذلك من حقهم، لكن، ما يحز في النفس أن المنع كان ضد الضعفاء، ضد من ليست لهم علاقات تفتح لهم الأبواب، ضد الذين ظلوا يثابرون في عملهم رغم كل الصعاب التي لا يمكن أن تخطر على بالك السيد الوزير، وليس الآن المجال للحديث عنها، وخاصة في التعليم الابتدائي بالعالم القروي..
السيد الوزير رغم المنع من التعليم العالي، هناك من المدرسين، من ثابر على المطالعة، لم يركن للخمول وللتجهيل.. لأتحدث عن نفسي مثلا، لم أتقاعس يوما عن مراكمة المعرفة، لم اتخل يوما عن الجريدة والكتاب.. ساهمت في تكوين نفسي بنفسي، ولم تكن للوزارة التي تشرف على القطاع أي فضل لها علي.. فلماذا لا يحق لي تتويج ذلك بشهادة جامعية مستحقة؟..
السيد الوزير، لقد دخلت من باب التطوع عالم الصحافة، وأصبحت على دراية بأجناس الكتابة في ذلك، وحصلت على تجربة في مجال الصورة، ولما حل الحاسوب والانترنيت، لم أستسلم وولجت المجال، وكنت سباقا لإصدار "موقع" أحدث مكانة له، إلى أن فضلت لظروف طارئة على أن أقلل من ذلك.. 
السيد الوزير، المعلم هذا الذي يخاطبكم، بسبب إيمانه بالعلم والمعرفة، أصبح ناجحا في مهنته، ويحفر بتواضع مكانة له في مجال الكتابة الأدبية، ومن ذلك نشر قصص للأطفال حيث الفراغ المجحف ضد هذه الفئة، ومساهما في بعض مجالات النقاش العمومي، وحضوره مرتين في برنامج تلفزي مباشر ترك صدى طيبا..
السيد الوزير، أقول لكم، إنني أجد نفسي الآن محاصرا في هذا القطاع الحيوي والمصيري الذي تسيرونه.. أجد نفسي مساهما ضد إرادتي في تعليم التفاهات، لأن مقرر التعليم الذي يُعمل به وُجد منذ زمن بعيد، وهو فقط نسخ مستنسخة من مقررات سابقة.. إن ما توفرتُ عليه من "مهارات" وخبرات بدافع شخصي واجتهاد ذاتي، لا أجد لها مجالا في المدرسة المغربية التي تتحملون مسؤولية تدبير شؤونها.. 
السيد الوزير، لتعلم أن عددا من المدرسين، يعملون بجد، وهم الغالبية الغالبة، واتهاماتكم المجانية لهم بالتهاون أمر لا أساس له. وإن منعكم عددا منهم من متابعة الدراسة الجامعية تجنّ عليهم لا مبرر له.. وستضيفون اسمكم إلى اسم الوزير الذي ارتبط بالمذكرة رقم 504..
وها أنت تقرن طلب العلم بالجريمة!!
 التوقيع: مصطفى لمودن

الأحد، 14 سبتمبر 2014

أسوأ قرار يدعو له بلمختار، منع المدرسين من متابعة الدراسة الجامعية

أسوأ قرار يدعو له بلمختار، منع المدرسين من متابعة الدراسة الجامعية


إذا ما صح قرار منع نساء ورجال التعليم من متابعة دراسات جامعية وأكاديمية، وتم تطبيق ذلك، وهو احتمال جد وارد.. فذلك يعني:
ـ المنع الصريح من الترقي الفكري، لان الدراسة الجامعية في الغالب لا تساهم في الترقي الوظيفي بقرار جائر سابق..
ـ يريد المسؤولون من نساء ورجال تعليم ان يظلوا مجرد آلة بكماء، تنفذ البرامج بدون تمحيص او نقد.. 
ـ لم يحدث ان تبث أن متابعة الدراسة تكون على حساب الاخلاص في العمل. وليست هناك أية دراسة او بحث يؤكد ذلك.. 
ـ إن من يُمنع قسرا وظلما وبدون مبرر معقول من متابعة الدراسة، يشعر بانه مستهدف، وان جديته لا تؤخذ بعين الاعتبار.. 
ـ غالبا ما يتخذ الوزراء "التكنوقراط" كوزير التعليم الحالي قرارات خاطئة، وبعد تبيان ذلك وتأكده، يخرج الوزير كالشعرة من العجين دون ان يحاسبه أحد، وقد يعود ليتحمل مسؤوليات سياسية في أي لحظة.. 
ـ لرئيس الحكومة الحالي المسؤولية الكبرى في أي قرار حكومي، ولا يحق له التنصل منه تحت أي مبرر كان.. 
ـ أغلب أطر "العدالة والتنمية" كانوا يزاولون مهاما وظيفية داخل الإدارة، وفي نفس الوقت تابعوا دراسات جامعية، كجامع معتصم وغيره.. والآن، يقع تحت مسؤولية هذا الحزب، منع من يرغب في تحسين وضعه المعرفي من ذلك..
تبا لحكومة تحتفي بالمنع من التعلّم والبحث العلمي..

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الواقع الثقافي: أندد، أستنكر وأحتج./ ذ. العباس جدة

الواقع الثقافي: أندد، أستنكر وأحتج.

ذ. العباس جدة

 هل آن الأوان للحديث عن إقلاع ثقافي وفني في البلاد العربية؟ في ظل الظروف السياسية والإجتماعية والثقافية الراهنة، هل من المنطقي أن نأمل في نهضة إجتماعية وثقافية وفنية في البلدان العربية وخاصة في مغربنا الأقصى؟ الحلم والأمل لا ينقطعان بالطبع ولا يمكن بأي حال أن نستسلم لليأس، غير أن السبيل الكفيل لبلوغ الهدف لا زال بعيدا وتعترضه صعوبات وعراقيل ومعوقات متداخلة ومتشابكة، منها ماهو موضوعي ومنها ماهو ذاتي. كيف؟ ولماذا؟
 إن الطريق الصحيح لتحقيق النهضة الثقافية والفكرية هو نوع العقلية التي نمتلك: كيف نفكر؟ كيف نتصور الإنسان والعالم؟ كيف نعامل الآخر؟ كيف نتصرف في حياتنا المهنية والعامة والخاصة؟ ماهي القيم التي تسود وتحكم أفعلنا وسلوكاتنا وردود أفعالنا؟ هل هي التسامح الفكري والحوار والإقناع والعرفان واحترام الغير والمنافسة الشريفة والنزاهة والمصلحة العامة والعمل الجماعي وحب العمل والإحساس بالمسؤولية والإيمان بالعقل والمنطق والتشبع بقيم العدل والديموقراطية والإنصاف والمساواة؟
لا أعتقد أن الإنسان العربي والمغربي يمتلك هذا النوع من التفكير والسلوك اللذين يساعدان على السير في طريق النهضة الإجتماعية والثقافية المأمولة منذ عقود طويلة؛ بل إن هذه القيم الحداثية تكاد تنعدم في مجتمعاتنا العربية ليحل محلها التعصب الفكري والتفكير اللاهوتي واللاعقل والدوغمائية والإقصاء والتهميش والنبذ والحسد والمؤامرة والدسائس والكذب والولاءات واللوبيات والطائفية والتكتلات الرجعية، الى غير ذلك من الأفكار والمعتقدات والمسلكيات التي تفرمل بالتأكيد السيرورة الإجتماعية والثقافية للبلاد العربية.
لكن من المسؤول عن هذا الوضع المتردي للثقافة والفن في بلادنا وعن هذه العقلية المتخلفة التي تكبح كل محاولة للتقدم وتناصب العداء للجديد وللحداثة؟
المسؤولية في تقديري يتقاسمها ثلاثة أطراف: الدولة، المجتمع، والمثقفون.
الدولة: لا يختلف إثنان في كون الدولة المغربية تتحمل النصيب الأوفر في تحمل مسؤولية وضعنا الثقافي والفني البئيس والمأزوم. فالدولة بحكوماتها المتعاقبة لا تهتم بالشأن الثقافي ولا تبالي بالوضع الفكري والعلمي والفني للبلاد، بل لا تعمل حتى على توفير الشروط الكفيلة بممارسة فكرية وفنية سليمة وطبيعية، وبالتالي تكرس الجهل بدل الترويج للفكر والثقافة والفن. ويتجلى هذا في ما يعانيه المثقفون والأدباء والفنانون من اقصاء ونبذ وتهميش. إن الكثير من الكفاءات العلمية والمبدعين والأدباء مغمورون ومنبوذون، وتكبح نشاطاتهم العديد من العراقيل من طبع ونشر وتوزيع لأعمالهم الفنية والأدبية، في حين أن من مهام الدولة المواطِنة الكشف عن هذه الكفاءات ودعم وتشجيع الفعل الثقافي والفني؛ لكن دولتنا المغربية بحكوماتها المتتالية تعمق الأزمة بخلق "لوبيات ثقافية" لمحاربة المثقفين والمبدعين، حيث يمكن أن نعثر على هؤلاء الذين يحاولون اغتيال الفكر ومحاصرة المثقفين الحقيقيين في كل قطاع من القطاعات التي لها علاقة بالعلم والمعرفة والفن، كوزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب ووزارة الإعلام وكذا المجالس البلدية والقروية.
 المجتمع: إن المجتمع المغربي بصفة عامة لا زال متمسكا بعقلية القرون المظلمة، ويؤمن بالخرافة ويتشبث بالأسلاف وبماضيهم المجيد. فالجهل هو الذي يحكم المجتمعات العربية بصفة عامة. والجهل حسب الفيلسوف اسبينوزا هو علة كل الشرور والمصائب. إنها مجتمعات تقليدية بعقلية عتيقة، تعادي العلم والثقافة وتناصب العداء للفن ولكل ماهو جديد، متطور وعقلاني؛ وتتمسك بالماضي الغابر وتكبلها العادات والتقاليد والتصورات الماضوية التي تتنافي كليا مع معطيات الزمن الحاضر ومع الفكر الحداثي، بما تفترضه الحداثة من تسامح فكري وحوار وتواصل بين الذوات وتعاون من أجل المصلحة العامة وعقلانية وتقدم علمي والديموقراطية والحرية والحق في البوح بأفكار مغايرة لما هو سائد ومتعارف عليه منذ قرون. والجدير بالذكر أن سلطة المجتمع في تشكل وتكوين العقليات وتطويع النفوس والعقول أقوى وأعظم من سلطة الدولة بكثير. وبناءا على هذه الملاحظة فإن الدولة المغربية وحكوماتها تخشى سلطة المجتمع العاتية، تتفادى الإصلاح أو حتى محاولة تعديل بعض المعتقدات والعادات الشعبية ولو كانت سخيفة ومتجاوزة. ومن ثم تجد الحكومات المغربية نفسها مضطرة- وهنا أتكلم عن الحكومات التي تروم "بعضا" من الإصلاح والتجديد- تجد نفسها مضطرة لمجاراة قيم المجتمع وإبرام الهدنة معه لكي لا تستفز المألوف والمتعارف عليه أو  تشكك في العادات الراسخة الفرعونية والقواعد الإسمنتية، وهكذا تتخلي عن إرادة الإصلاح. فلا قوة ولا مقاومة ضد الماضي والتقاليد البالية.
3 ـ المثقفون: أما الطرف الثالث الذي يساهم بوعي أو بدون وعي في تهميش الثقافة وتأزيم واقع الآداب والفنون، فهم المثقفون والنقاد والمبدعون أنفسهم. إنهم يعمقون أزمة الثقافة في البلاد المغربية (والعربية عامة) من حيث لا يدركون. كيف لا وهم نتاج نبتة غرست بشكل غير سليم ولم تحظ بالسقي الكافي؟ فهناك عدد لا بأس به- وبأسف شديد- من المثقفين والأدباء والمبدعين الذين لم يتحرروا بعد من ثقافة المجتمع التقليدية المعادية للجديد والخلق والإبداع وتتمظهر تبعية واستلاب هؤلاء في بعض السلوكات والمواقف التي لا تنم عن رغبة في خدمة الثقافة والفن، كالحسد وتجاهل انتاجات الزملاء وممارسة الإقصاء والتهميش على المنافسين والإنخراط في لوبيات وتكتلات ذات مصالح شخصية ضيقة ودنيئة، متواجدة في كل الأجناس الأدبية من رواية وقصة وشعر وفنون، كالسينما والمسرح والفن التشكيلي. إن المبدعين والفنانين يتقاتلون فيما بينهم، فلا أحد يعترف بإنتاج الآخر، ولا أحد يعامل زميله الروائي أو المسرحي أو الشاعر باحترام وتقدير، ولا أحد منهم – بالطبع مع بعض الإستثناءات- يحاول التواصل مع الآخر، ولا أحد يعترف بقيمة ابداع زميله في الهم والإهتمام، ولا أحد تملأ قلبه مشاعر( وهنا أركز على المسرحيين من مؤلفين ومخرجين وممثلين لأنني أعرفهم جيدا) الصدق والنزاهة والود والمحبة لأصدقائه المسرحيين أوالمثقفين. كيف للمبدع أن يمارس الإبداع وينتج الجمال وأن يتطلع بفنه الى القيم الإنسانية العليا، وقلبه مليء بالضغينة والكره والنقمة والخداع؟ كل واحد منهم لا يتحدث إلا عن نفسه وعن ابداعاته وانتاجاته الفكرية والفنية الهائلة وبكثير من الوثوقية البليدة وقد جرفته هاوية الغرور والغطرسة وأصيب بجنون العظمة.
لهذا أندد بتقصير النقاد الأدبين والفنيين في القيام بواجبهم المتمثل في اكتشاف المواهب وتشجيعها  وفي ممارسة نقد نزيه وموضوعي ينأى عن الزبونية والولاءات والكتابة "تحت الطلب" والتنزه عن اللويبات الثقافية القاتلة. كما أندد بتخاذل غالبية الأدباء والفنانين الذين لم يتحرروا بعد من ثقافة  القبيلة التي تقوم على التعصب والتحجر الفكري والرغبة في إقصاء الغير واللجوء الى العنف الرمزي والجسدي... أجل هناك من الفنانين والمثقفين الذين لا يترددون في استعمال أياديهم...
وأستنكر سلطة المجتمع القاهرة والعاتية، التي ترهبنا وتفرض علينا وعلى الناس أجمعين قيما وأفكارا مغلوطة وسلوكات تعادي العلم والتقدم والفن.
وأحتج أخيرا على الدولة المغربية التي لا تتحمل مسؤوليتها في محاربة قوى الظلام المعادية للعلم وللفن. واحتجاجي يصبح مضاعفا عندما تتعمد هذه الدولة غرس بذور الجهل والإتكالية والنفور من العمل والغش والفساد في نفوس مواطنيها، ولا تدعم وتزكي مجهود الأستاذ والمعلم ولا تأبه بالمثقف والمبدع.


الأربعاء، 30 يوليو 2014

إيران وسلمان رشدي

إيران وسلمان رشدي
 مصطفى لمودن
شاهدت أمس الأربعاء 29 يوليوز ربورتاجا مصورا عن سلمان رشدي في القناة الانجليزية BBC، أود تسجيل بعض الملاحظات، سلمان رشيدي هذا كاتب من أصل هندي، سبق أن أهدر دمه الإمام الخميني زعيم الثورة الشيعية في إيران بعد إصدار كتاب "آيات شيطانية"... لا يهم إن كان سلمان كاتبا فعلا، وهل كان على صواب، أم كان مجرد مستفز لمشاعر الآخرين..الخ. لنترك حكم ذلك للنقاد والمفكرين والتاريخ..
 ساهمت فتوى الخميني في شهرة سلمان، وأصبحت كتاباته مطلوبة، فالجميع يريد الاطلاع على ما كتبه الرجل تطلب إصدار "حكم" بقتله.. وأصبح عرضة للموت في أي لحظة، سواء من طرف النظام الإيراني أو من طرف أشخاص يتصرفون من تلقاء ذاتهم.. لكن سلمان لم يقتل، لكن تعرض آخرون لهم علاقة به للقتل كما حدث في إيران وباكستان، وتعرض ناشره في النرويج لطلقتين أمام داره نجا منهما بأعجوبة..
الغريب وكما جاء في الروبرتاج هو كيف احتضن الغرب سلمان وحماه بكل قوة؛ فقد خصصت انجلترا له ستة شرطيين من نخبتها الأمنية لمرافقته الدائمة، وبيتا سريا له نوافذ ترد الرصاص مع احتياطات أمنية خاصة.. وكان يتنقل وسط قافلة أمنية كأنه رئيس دولة، يركب سيارة مصفحة وتسير أمامه الدراجات النارية، لكنه رفض وضع شعر مستعار وصدرية واقية من الرصاص كما جاء في البرنامج..
أصبح الرجل مشهورا جدا، تقام له حفلات توقيع كتبه، وتتحدث عنه صحف العالم، وقال بنفسه إنه رفض تقديم أي اعتذار كما طلب منه..
بعد سنوات من الحراسة والتخوف والحركة المحسوبة، تعلن إيران رسميا على لسان أحد مسؤوليها تخليها عن الدعوة لقتل سلمان، لكن الحذر بقي قائما.. غير أن حياة الكاتب بعد ذلك بدأت تأخذ سيرها العادي بدون حراسة مشددة..
هذا لمن تهمه الكتابة الأدبية، أجاب سلمان عن سؤال حول كتابته الروائية، فقال إنه لا يشرع في كتابتها إلا بعدما يكون قد توضح له الفصل الأخير!!!

 خلاصة الأمر، إيران ما تزال قائمة بنظامها كما وضع أسسه الخميني، وسلمان باع آلاف النسخ، وخلق تعاطفا معه في عدة مناطق من العالم، فكيف تلجأ دولة بكاملها إلى هدر دم إنسان لمجرد أنه يختلف مع توجهاتها؟ 

الجمعة، 25 يوليو 2014

هكذا يبيع الفقراء كرامتهم!!

هكذا يبيع الفقراء كرامتهم!!
 
كتابة مصطفى لمودن
أوقفت السيارة تحت ظل شجرة، وبقيت انتظر رفيقي حتى يتمم أشغالا يقوم بها، طال انتظاري لما يفوق الساعة، لكن، يا هول ما اكتشفت..
لاحظت على غير المعتاد وقبل منتصف نهار رمضاني ساخن مجموعات نسائية تحمن في المنطقة، هناك من تتمشى، هناك من تروح ثم تؤوب، هناك من هن تحت ظل سور أو شجرة.. قلت، لعل هؤلاء ينتظرن الصدقات أو زكاة الفطر.. لكن، من ضمن النسوة من هن على هيأة لا تبعث على الحاجة، واحدة تجر عربة يدوية اعتادت السيدات جرها إلى السواق..
للصدفة، كنت متوقفا مباشرة أمام الجهة التي ينوين قصدها.. تقدمت سيدة، دقت على الباب، لم يخرج أحد، هي تدق على باب بناية قديمة، كانت معملا، وقد اقتناه أحدهم في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وبعد ذلك أغلقه وسرح العمال واكتفى بالعقار في انتظار ارتفاع سومة الأرض..
كدت أتدخل لأقول للسيدة التي تدق، إن هذه البناية مهجورة ولا أحد بها، وفعلا يبدو ذلك، فالباب متسخ وقديم، وكل من يقف امامه يعتقد أنه موصد إلى تاريخ غير محدد..
لكن، وبعد ارتفاع منسوب قرع السيدة للباب، خرج رجل متوسط القامة، واضح انه استيقظ بصعوبة.. مدته المرأة بورقة بيضاء في حجم الكف.. وإذا بالنسوة الأخريات يتسارعن ليمددن الرجل بورقة مماثلة.. كل مرة يدخل اثنتين، فتعودان محملاتان بكيس بلاستيكي أسود (هذه الأكياس السوداء تم توقيف صنعها منذ سنيتين!!).. أسمع ما يدور من حديث، الرجل يبدي مرة تأففا، ومرة يرحب بالنسوة.. رأيت أن كل كيس بلاستيكي به كيس دقيق من 10 كيلوغرامات وقنينات زيت وسكر مسحوق..
قدم رجل نحيف على دراجته الهوائية التي تتكون فقط من إطار وعجلتين ودواسة ومقود.. يبدو على الرجل بؤس واضح.. اشتكى للرجل الذي يدفع للنساء بكونه لم ينل "وصلا"، ويريد رؤية السيد (...)، قال الرجل بصوت مرتفع بما يشبه الغضب "إنه يعطي لمن لا يستحق، يزيد الشحم في..، السنة المنصرمة لم أتسلم شيء..". رد الرجل الأول السبب لآخرين، يبدو أنه يتحدث عن "ممثلي" السيد(..) في الأحياء الشعبية.. وقال إنهم هم من يختارون من يعجبهم، واقترح على مخاطبه البحث عن السيد (..) والحديث إليه مباشرة.. حضرت امرأتان كذلك بدون "وصل"، وشرعتا تشتكيان وضعهما للرجل، لكن رفض مدهما بأي شيء..
قد ينمحي العجب إذا عرفنا أن السيد (..) منتخب مشهور، تسيطر أسرته على المجلس الحضري فيما يشبه الإرث، وتراقب عدة جماعات قروية مجاورة، ولا تمر أي فترة برلمانية دون أن يكون أحد أفراد الأسرة ممثلا في الرباط..
هكذا اصبحت السياسة تجرى في المغرب، حيث يتم "الاستثمار" في الفقر وتوسيع قاعدته، وإشاعة الجهل بين الناس، حتى يتم التلاعب بهم، وبمصالحهم الحقيقية.. وحسب التجارب الانتخابية السابقة، فهذه الأحياء الفقيرة هي المكان المفضل لعائلة السيد (..) حيث منها يكتسحون الانتخابات بنوعيها المحلي والوطني، بينما يزداد التهميش والفقر المنطقة رغم مواردها الكثيرة.. ولا يغرب عن بال أحد، أن هؤلاء هم حلفاء المخزن الأثيرون، حيث يقع تبادل المصالح، فلا يمكن مثلا التدخل لتوقيف هذه "الصدقات"، ودعوة صاحبنا كي يودع أموالا في مؤسسة عمومية مختصة كالتعاون الوطني هي من تتكفل بتوزيع ذلك.. لكن صاحبنا ليس غبيا حتى يفعل ذلك.. الأغبياء هم من مازالوا ينتظرون شيء من هذا "المسلسل الديمقراطي" العقيم.. ولا أظن أن هناك "كرامة" تخص أحدا دون غيره في ظل هكذا أوضاع..

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

طواف فرنسا للدراجات بالمغرب؟ مصطفى لمودن لعل الكثيرين يعرفون طواف فرنسا للدراجات الهوائية، هذه السنة فاق رقم مائة بدورة واحدة، ويعتبر الطواف أهم تظاهرة رياضية في العالم خلال الصيف، وذلك بفضل النقل التلفزي المباشر، حيث يمكن للمشاهدين في العالم ليس فقط متابعة حركات الدراجين وسعيهم المحموم لخط الوصول، بل كذلك مشاهدة الطبيعة الخلابة والمدن والقرى والآثار والحدائق من كل الجوانب، بما في ذلك الرؤية من أعلى، حيث يرافق الطواف طائرتان مروحيتان بكاميراتها..وتقديم شروحات حول كل ذلك.. هذا الطواف كذلك مؤسسة اقتصادية ضخمة، وقد لا يعرف الكثيرون أن الجماعات والمدن التي يمر منها الطواف تؤدي، نعم، تساهم بالمال مع الطواف، لأن مرور قافلة الدراجين عبرها فرصة لا تقدر بثمن من أجل خلق الإشعاع للجماعة أو للمنطقة ككل، ومن أجل جلب السياح.. ويجب الا يغيب هنا عن أحد، التنظيم الجيد، وإظهار الصور المبهرة، حيث البنايات منظمة وتامة التشييد، والنظافة في كل مكان، ولا يشوب تلك الصور الرائعة أية شائبة ممكنة... ونظرا لأهمية هذا الطواف، أصبحت دول بجانب فرنسا تحرس على أن يقطع ترابها هذا الطواف العجيب.. فقد سبق ان وقع نفس الشيء مع بلجيكا وإيطاليا وسويسرا وإسبانيا.. وهذه السنة قطع الطواف نهر المانش، ليعبر انجلترا، حيث هناك كذلك طبيعة خلابة وقرى ومدن منظمة.. هل يمكن لهذا الطواف أن يقطع مستقبلا البحر الأبيض المتوسط ليحل بالمغرب؟ ذلك ممكن جدا، حيث يعبر الطواف الجارة الشمالية إسبانيا، ثم يمكن أن تجرى في المغرب مرحلتين على الأقل وهما كافيتين، تكون الأولى من طنجة إلى فاس، والثانية من فاس إلى الناظور.. لكن، ذلك يتطلب دفع المال، ثم المساهمة في الاعداد والتنظيم، والأهم، توفير الصور المناسبة، بحيث يجب إبعاد كل مظاهر التلوث وخاصة قطع البلاستيك المتشرة عندنا في كل مكان.. وطبعا سيكون العائد الاشعاعي جد مهم على المغرب.. نعم، يمكن لطواف فرنسا أن يحل بالمغرب.

طواف فرنسا للدراجات  بالمغرب؟
 مصطفى لمودن
لعل الكثيرين يعرفون طواف فرنسا للدراجات الهوائية، هذه السنة فاق رقم مائة بدورة واحدة، ويعتبر الطواف أهم  تظاهرة رياضية في العالم خلال الصيف، وذلك بفضل النقل التلفزي المباشر، حيث يمكن للمشاهدين في العالم ليس فقط متابعة حركات الدراجين وسعيهم المحموم لخط الوصول، بل كذلك مشاهدة الطبيعة الخلابة والمدن والقرى والآثار والحدائق من كل الجوانب، بما في ذلك الرؤية من أعلى، حيث يرافق الطواف طائرتان مروحيتان بكاميراتها..وتقديم شروحات حول كل ذلك..
هذا الطواف كذلك مؤسسة اقتصادية ضخمة، وقد لا يعرف الكثيرون أن الجماعات والمدن التي يمر منها الطواف تؤدي، نعم، تساهم بالمال مع الطواف، لأن مرور قافلة الدراجين عبرها فرصة لا تقدر بثمن من أجل خلق الإشعاع للجماعة أو للمنطقة ككل، ومن أجل جلب السياح.. ويجب الا يغيب هنا عن أحد، التنظيم الجيد، وإظهار الصور المبهرة، حيث البنايات منظمة وتامة التشييد، والنظافة في كل مكان، ولا يشوب تلك الصور الرائعة أية شائبة ممكنة...
ونظرا لأهمية هذا الطواف، أصبحت دول بجانب فرنسا تحرس على أن يقطع ترابها هذا الطواف العجيب.. فقد سبق ان وقع نفس الشيء مع بلجيكا وإيطاليا  وسويسرا وإسبانيا.. وهذه السنة قطع الطواف نهر المانش، ليعبر انجلترا، حيث هناك كذلك طبيعة خلابة وقرى ومدن منظمة.. 
 هل يمكن لهذا الطواف أن يقطع مستقبلا البحر الأبيض المتوسط ليحل بالمغرب؟ ذلك ممكن جدا، حيث يعبر الطواف الجارة الشمالية إسبانيا، ثم يمكن  أن تجرى في المغرب مرحلتين على الأقل  وهما كافيتين، تكون الأولى من طنجة إلى فاس، والثانية من فاس إلى الناظور.. لكن، ذلك يتطلب دفع المال، ثم المساهمة في الاعداد والتنظيم، والأهم، توفير الصور المناسبة، بحيث يجب إبعاد كل مظاهر التلوث وخاصة قطع البلاستيك المتشرة عندنا في كل مكان.. وطبعا سيكون العائد الاشعاعي جد مهم على المغرب..
نعم، يمكن لطواف فرنسا أن يحل بالمغرب.

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

هذا تكلم الفقيه وسكت الجميع..

هذا تكلم الفقيه وسكت الجميع..

كنت راكبا سيارة أجرة كبيرة بين مدينتين، تأخذ الرحلة ما لا يقل عن ساعة ونصف، أطلق السائق المسن المذياع، فكان على موجة إذاعة وطنية رسمية متخصصة في الدين.. كان فقيه يبدو أنه محنك في علمه يتحدث وهو يرد على أسئلة من صحفي يسرد الأسئلة والفقيه يرد، ويظهر من الأجوبة والإحالات أن كل شيء مخرج ومعد سلفا.. طال الحديث، الصمت يعم بين الركاب، سوى راكبين كانا يتبادلان الحديث بين الحين والآخر.. تمتمت، ولم ألق بأي كلمة.. أتصور لو كنت تكلمت، أو تكلم أحد الركاب، أن يعرج السائق على أقرب مركز للسلطة.. في الحقيقة، استفدنا كثيرا، ومما تكلم عليه  وفيه الفقيه الأقلام الخمسة التي تسجل للبشرية أفعالها.. ولا أعرف كيف يستحضر الفقيه المحنك استشهاداته بسهولة ويـُقـوّلها ما يبتغيه.. كنت أتصور كم من مستمع (ة) في ربوع الوطن وفي الخارج، قد استخرج قلما وكراسة وهو يسجل تفاصيل هذه الأقلام الخمسة.. تأسفت أني لم أستعد بدوري لهذه المناسبة ولم أستحضر ورقة وقلما.. في منتصف الطريق، ولما بدأ الفقيه يتحدث في موضوع نزول المطر وتفسيراته الخاصة.. غير فجأة السائق المسن المحطة.. وبعد تجوله على ثلاث، اختار محطة كانت تتحدث فيها سيدة باللغة الفرنسية.. لاحظت أنه لا أحد احتج، أو طالب بالإبقاء على المحطة السابقة، خاصة وأن الفقيه يعالج الآن إشكالية مهمة تهم كافة الناس. قلت مع نفسي، لماذا لم يتدخل أحد ليرجع السائق إلى الإذاعة الأولى؟ هل فعلا أن الجميع لم يكن يرغب في الحديث السابق؟ في هذه الحالة سيكون الجميع عاقون ولا حول ولا قوة إلا بالله.. أو يمكن اعتبارهم عينة ممن توجه لهم هذه الإذاعة، وهم غير راضين عن محتواها، أو على الأقل على جزء من محتواها.. ويبدو أن السائق بدوره قد انتفخ رأسه مما كان يسمع، كدت أحكم عليه بالسوء في دماغي طبعا.

يبدو مع هذه الإذاعة أننا قريبا سنصل إلى الكشف العظيم، ورفع الستائر والحجب عن حقائق لا تعرفها البشرية هي في حاجة ماسة إليها لرفع القيود والأغلال وإزالة كل لبس وضلال.. أخيرا، ذكرت إحصائيات رسمية أن هذه الإذاعة هي المسموعة الأولى، دامت في تألقها إذا..

الأربعاء، 11 يونيو 2014

الانترنيت للتواصل الإنساني، الحاجة والمعيقات/ أهم ما توصل إليه الإنسان بعد النار والكتابة والعجلة

الانترنيت للتواصل الإنساني، الحاجة والمعيقاتأهم ما توصل إليه الإنسان بعد النار والكتابة والعجلة

 
مصطفى لمودن
  استهلال
 لماذا نقول إن أهم اختراع توصل إليه الإنسان الآن هو الانترنيت؟ الأمر يشبه اكتشاف النار واستعمالها، ثم اختراع الكتابة، وأخيرا العجلة.. فكيف ذلك؟
اـ النار لصهر المعادن؛ هي كانت أصلا في الطبيعة، تحدث نتيجة تفاعلات أخرى كقذف بركان للحمم أو بفعل حرارة الشمس.. فظهر مفعولها القوي، استغلها الإنسان لتحسين عيشه في غابر العصور، فهي وسيلة لتسخين مسكنه وإضاءته وطرد الحيوانات المفترسة، والأهم هو صهر المعادن وتحويلها لأدوات تفيده كالساطور والفأس والخنجر.. لننظر إلى الأشياء بمقياس زمن سحيق، وكيف اغتبط ذلك الإنسان عندما توصل لأول مرة إلى صناعة شيء من طرفه، إنه بداية التحكم في وجوده.. لهذا رأى في النار قوة هائلة تستحق العبادة والتبجيل.
ب ـ الكتابة لتسجيل المعلومات؛ يبدو أنها كانت في البداية مجرد رموز، وغالبا كان السبب في اختراعها العمل التجاري أو السحري، بالكتابة تشكلت ثقافة وتاريخ ونقل المعلومات والمعطيات بسلطتها الذهنية إلى أجيال لاحقة.. بالكتابة خط الإنسان مساره الخاص به، بالكتابة انتقل البشر من الشفوي الذي يضمحل مع الزمن إلى "الخبر" الموثوق.. بالكتابة أمكن التعبير عن المجردات ونقل ذلك إلى الآخرين، ولو إلى أجيال لاحقة.. الكتابة أهم وسيلة لظهور العلم واستمراره عبر تراكم اجتهادات الأجيال المتلاحقة، الكتابة تسجيل للغة المتداولة أو الحالمة أو الساحرة..
ـ العجلة للنقل والتحرك والاكتشاف؛ قد يبدو هذا الاختراع بسيطا، لكن له من الأهمية ما يجعله أساسيا في الحضارة، فالعجلة سهلة الدوران والتي لا تتعرض لكثير احتكاك مع جسم آخر، استخدمت لنقل السلع والأشخاص وفي الحروب حيث كانت هناك عربات تجرها الخيول وعليها فرسان ورماة، وتخترق بقوة حشد الخصم. هذه العربة ستبقى لزمن طويل إلى أن وضع لها محرك.. بينما شعوب أخرى لم تعرف العجلة ولم تفكر فيها، واضح أنها لم تكن في عجلة من أمرها. ويمكن تشبيه العربات التي توضع على عجلات بالزوارق ذوات المجداف أو الشراع. فهي كذلك ساهمت في تنقل السلع والثقافات بين الشعوب.
 تلك مقدمة لطرح إشكالات أخرى تهم هذا الأمر العيب المسمى "الأنترنيت".

 1ـ   أفترض أن موضوع  "الانترنيت للتواصل الإنساني، الحاجة والمعيقات" من المستجدات ذات الفعالية و"الخطورة" من ضمن ما توصل إليه الإنسان ويستعمله، حيث لم يعد مستعمِلُه مستهلكا للمعلومة أو مستقبلا لها فقط، كما كان الحال مع مختلف علامات وإشارات التواصل ومع الكتابة ثم المذياع والتلفزة والسينما.. وحتى وإن (كان) تفاعل مع المضامين، فإن ذلك لا يتعدى كيانه الشخصي ومحيطه القريب.. أما مع الانترنت فقد أصبح المستقبِل منفعلا ومتفاعلا وفي نفس اللحظة، بل يتحول بدوره إلى منتج ومرسِل.. لكن وفق أي شروط؟
 2ـ بحكم تعاطي سابقا مع مجال الكتابة الصحفية في بعض الأجناس ككتابة التقرير الصحفي وتغطية الأحداث وإجراء الاستجواب ونشر مقالة الرأي.. وبحكم اهتمامي بالتواصل عموما واستفادتي من عدة تكوينات في ذلك على مستوى التدريب "المهني" مع إحدى الجرائد، أو مع المجتمع المدني في محطات عديدة كنادي الصحافة الدولي بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والجمعية المغربية لصحافة التحقيق، وجمعية "عدالة"، وجمعية "العقد العالمي للماء" لمرتين وتحت إشراف خبراء من هولندا، وجمعية "منظمة حرايات الإعلام والتعبير".. كما مارست التدوين الالكتروني، إذ أشرفت لسنوات على مدونة كانت بمثابة جريدة الكترونية محلية ظل لها صيتها وإشعاعها إلى أن أغلق الخدمة أحد المواقع الأمريكية (1).  وبذلك تراكمت لدي "خبرة" في مجال الصحافة والتواصل، دون أن يكون ذلك مؤطرا بشكل أكاديمي.
  فلماذا الاهتمام بالتواصل عبْر مجال الانترنت؟
 3ـ  إنه الأداة الجديدة الأكثر انتشارا وتداولا، ويعرف تنوعا من حيث أشكال الحوامل الالكترونية، فهناك البريد الالكتروني والمدونة والموقع ومواقع التواصل الاجتماعي..
فما هي خاصية كل شكل من هاته الأشكال؟ وكيف يمكن استخدام ذلك بفعالية وإيجابية؟ ولأي أغراض؟  
4ـ تتجلى "خطورة" الانترنت في كونه "جذابا" وذي أشكال مثيرة من حيث الإخراج والتصفح، يستقطب كل يوم المزيد من الرواد، سهل الاستعمال بعد تدرب بسيط، ينتشر في العالم بأسره أنّى وجدت شبكة الانترنت، لا يحتاج إلى ناشر كما يقع مع الكتب والجرائد، يمنح مستعمليه إمكانيات استيعاب هائلة تكاد تكون بدون حدّ، ثم بطرق تقنية بسيطة يصبح المحتوى أو موجده وناشره متاحا للجميع بواسطة محركات البحث المعروفة، لا يتطلب نفقات كثيرة، بل يتم استعماله أحيانا "بالمجان".
   فهل فعلا أن الانترنت يؤثر على المستوى المعرفي والوجداني؟
 5ـ كيف يمكن للانترنت أن يؤثر على الإنسان؟ وما علاقة ذلك بالسلوك الفردي وردود الفعل والمواقف الجماعية لفئات محددة عمريا أو اثنيا أو إيديولوجيا..الخ.. انطلاقا مما يتم تداوله على الانترنت؟
 هل يمكن للانترنت أن يعمم رؤية معينة للذات والمعرفة والوجود؟ هل يعرّف بهويات مغمورة وبأقليات لا تجد صوتا لها؟ أم هو وبال على الأقليات عموما؟
  هل يمكن للانترنت أن يساهم في اغناء لغة معينة؟ أم سيفرض لغة أو بضع لغات محددة على العالم؟ هل سيثري لغات أخرى؟ أم سيجعل بانقراض بعض اللغات؟
 من هم الذين يستطيعون السيطرة على الانترنت لينشروا ويعمموا نموذجهم في الحياة والاقتصاد والسياسية والاجتماع..؟ وهل هناك من يفكر في هذا الأمر فعلا؟ وإذا كان كذلك هل هناك خطط من "المهدَّدين" للمقاومة؟ ولماذا أصلا هذه المقاومة؟ أي هل هناك خطر ما؟ أم نتحدث عن السعي للتثاقف والتفاعل الإيجابي بين "جزر" الإنسانية التي عاشت لقرون متباعدة؟
    ما هي أشكال التواصل المستعملة في الانترنت؟
  6ـ لا يكتفي التواصل عبر الانترنت باللغة المعتادة فقط وهي الكتابة، بل يعتمد كذلك على الصورة وعلى الشريط (الفيلم).. وهي أدوات فعالة لنقل الأفكار والأخبار والمواقف.. ويمكن التقاط معناها بسهولة من طرف الجميع، فما دور الصورة والشريط في التواصل الذي يتوسع ليشمل الجنس البشري برمته؟
 هل ستصل البشرية بواسطة وسائل الاتصال والتواصل الحديثة كالانترنت إلى تعميم سلوك بشري موحد؟ ورؤية موحدة أو متقاربة على الأقل؟ أم أن "الخصوصية" ستظل قائمة تقاوم؟
 هل يصح في الانترنيت استعمال مصطلح تقليد الأضعف للأقوى في اختياراته؟ ومن الأقوى ومن الضعيف هنا؟ هل يُحدَّد ذلك بالمستوى المادي والمعيشي أم بالثقافة والتجدر في التاريخ؟
 كيف يمكن للثقافات المختلفة أن تبرز ذاتها في عالم اليوم/ عالم الانترنيت؟
  كيف يتحول الانترنت إلى بدائل عن التنظيمات الحزبية والنقابية بشكلها التقليدي؟ وكيف أصبح وسيلة تواصل وتحريض وعقد الاجتماعات الافتراضية والخروج بقرارات بعد التداول فيها عن بعد؟ كيف يمكن أن يتحول الانترنت إلى وسيلة لإشباع "النزوات" الذاتية والالتقاء بالآخر المشابه وفق تصنيف مسبق معد الكترونيا؟ هل ذلك يحقق الإشباع وبالتالي القفز عن الوضع غير الطبيعي؟ أم يقود ذلك لتعقد الحالات البشرية على المستوى النفسي والاجتماعي؟
   كيف يمكن الاستعانة بالانترنت بشكل فعال ومنظم من طرف عدة متدخلين في المجال الثقافي والبيئي والتربوي والاقتصادي والصحي الخ؟
 هل الانترنت وسيلة لممارسة الحرية أم يضع مستعمله نفسه أمام الرقابة والتتبع والإحصاء؟
 7ـ هل سيغير الانترنت علاقة الإنسان بنفسه وبمحيطه وبوسطه الثقافي؟ كيف سيصبح مفهوم الدولة والسيادة الترابية؟ هل يمكن أن نصل يوما إلى الإنسان "الأممي" حيث تترسخ لدى الجميع أو الغالبية نفس القيم؟ ماذا سيصبح عليه مفهوم الهويات؟ هل سيقاوم البعض عبر "التحصين والانغلاق"؟ أم عبر دخول المجال والتفاعل معه؟ كيف سيصبح مفهوم الزمان والمكان عند التداول العام للانترنت؟
   لكن، ما نوعية الحديث عن المعيقات؟
 8ـ يمكن التساؤل عن معيقات انتشار الانترنيت انطلاقا من توفر حد أدنى يتيح التواصل وهو اللغة، فهل نعني بها الأمية الأبجدية أم الأمية التقنية؟ أم كلاهما معا؟ والتساؤل عن إتاحة ولوج الشبكة من طرف الجميع؟
 ثم التساؤل عن أنواع الرقابة التي تفرض على الانترنيت وهي تتوسع يوما بعد آخر، مما قد يحد من استعماله. خاصة أشكال التجسس على المستعملين من المعارضين للأنظمة السياسية، ومتابعة توجهات الرأي والأذواق وملاحقة المنافسين في المجال الاقتصادي خارج أي ضبط قانوني عادل..
 كيف يمكن للانترنت أن يسلم من الحضور القوي للتجارة وهي ما يحركه الآن على نطاق واسع؟ هل هذا الأمر يوسع استعماله أكثر أم يحد من آفاقه؟
  تلك جملة أسئلة المثيرة حول أداة أحدثها الإنسان وقد شرعت في وضع انقلاب تام لعدة مفاهيم تخص الإنسان في عمقه كالهوية واللغة والمكان والزمان...
_________
(1) ما تزال المحتويات موجودة بعد نقلها إلى مدونة أخرى.