الأحد، 15 يناير 2012

العودة إلى نقطة الصفر مع عبد الحميد جماهري


العودة إلى نقطة الصفر مع عبد الحميد جماهري

عبد الحميد جماهري إلى جانب محمد سعيد السعدي في افتتاح المؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد

مصطفى لمودن
 
لماذا نضيع على المغاربة 13 سنة تذهب هباء؟
 
لماذا انساق الاتحاد الاشتراكي وراء السراب في 1998؟، ليظهر في 2002 أمام عبد الرحمان اليوسفي بالواضح والملموس أنه ليست هناك لا "منهجية ديمقراطية" ولا هم يحزنون، ولينطق الآن عبد الحميد جماهري بقول فصل في "تنصيب الحكومة" والقفز على الشكليات الديمقراطية التي صاحبت ذلك..
 
لماذا يساق بعض المغاربة عن حسن نية أحيانا إلى متاهات لا يكتشفون "المقلب" إلا بعد فوات الآوان؟
 
حينما أقرأ أو استمع إلى عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ومدير تحرير الجريدة الناطقة باسم هذا الحزب لم أشعر بالذهول، لأن ما ينطق به هذا المسؤول السياسي عن روية هو عين العقل والصواب، لكن بعد فوات الآوان…
 
لقد كان الرجل صارما وهو يرد على من يعتبر العمل بمقتضيات الدستور مجرد شكليات بينما الناس تنتظر الخبز، في حلقة من برنامج "مباشرة معكم" ليلة الأربعاء 11 يناير، ولم يجعل الفرصة تفوت أو يستسلم لمحاولات الصحفي المسير ثنيه عن مزيد من التوضيح، لقد سار في نفس المنحى الذي تعرضنا له في مقالة بنفس هذا الموقع (آراء حرة) تحت عنوان " ما لا يبعث على الاطمئنان في حكومة عبد الإله بنكيران"، واعتبر أن "شكليات الدستور" أمر أساسي من أجله خرج المغاربة للاحتجاج ومن أجل ذلك قامت ثورات في العالم العربي… وأن التعيين الحقيقي للحكومة يكون بعد مصادقة البرلمان على البرنامج الحكومي، حيث تتفعل الإرادة الشعبية الحقيقية، وأضاف في نفس الحلقة أنه يتوفر على أخبار مؤكد من صديق له في الحكومة تقول باستمرار الحكومة السابقة في مزاولة مهامها وأن الوزراء يوقعون الوثائق تحت تاريخ سابق عما سمي "تسليم المهام"، إنه منتهى التلاعب بالإرادة الشعبية وبروح الدستور على علاته.
 
وتوقف عبد الحميد جماهري عند هذا المنحى الخطير الذي يثير "الالتباس والقلق" في "كسر الخاطر" على الصفحة الأخيرة من جريدة "الاتحاد الاشتراكي" يوم الجمعة 13 يناير ووضع لمقالته عنوانا صريحا يقول "الدستور ليس أولوية !!!" بصيغة تعجب.
 
وقدم اعترافا يسجل لصالحه، نتمنى أن يكون ضمن سياق حزبي داخل الاتحاد الاشتراكي يعيده لمساره الذي افتقده منذ مارس 1998، "الاعتراف" يمكن اعتباره بمثابة نقد ذاتي (صريح أو مضمر لا يهم)، يوضح "التباسا" آخر مماثلا كان قد وقع فيه حزب عبد الرحيم بوعبيد آنذاك، لنصغ لهذه الفقرة الواضحة" وللحقيقة والتاريخ، كان قد "انتابنا" نحن أيضا (يقصد حزبه) كيسار التدبير الحكومي، نوع من هذا التفكير (يقصد ثانوية المسألة الدستورية) عشية التناوب وبعيده بقليل، وكانت الفكرة الرائجة آنذاك هي أن "الشعب ينتظر الشغل والسكن والصحة.. أما المطالب الدستورية فهي نخبوية وتهم القلة القليلة".
 
ويضيف نفس الكاتب "وفي أقل من أربع سنوات تبين بأن معالجة من هذا النوع قاصرة عن فهم آليات اشتغال الدولة والمؤسسات، وأن البلوكاج كان في الغالب يتم باسم الدستور القديم" .
 
وقدم خلاصته في الجملة التالية:" ولطالما عطل الدستور السياسة، كما يمكن للسياسة أن تعطل الدستور".
 
ما قيمة الدرس بعد فوات الآوان؟ وهل سيمضي وقت طويل قبل أن يكتشف "حزب العدالة والتنمية" نفسه أمام نفس الحائط الذي واجهته حكومة التناوب الأولى والثانية؟
 
ختاما هل ينسلخ بهدوء حزب الاتحاد الاشتراكي عن مواقفه وتجربته السابقة ليدخل غمار تجربة جديدة؟ أم أن ما يطفو أحيانا من قبل بعض مسؤوليه لا يعدو أن يكون رأيا ذاتيا وبالونات تطلق في الهواء؟
—————-