الأحد، 1 يوليو 2012

فلاحو "التوزيع" يبيعون أراضيهم


فلاحو "التوزيع" يبيعون أراضيهم
 
 مصطفى لمودن
 - شرع فلاحوا ما يسمى ب"التوزيع" في منطقة الغرب في بيع أراضيهم، وهم الذين حصلوا على أراض خصبة في إطار ما كان يسمى ب"الإصلاح الزراعي" منذ منتصف الستينيات وإلى سبعينيات القرن المنصرم (وامتد في بعض الحالات القليلة إلى الثمانينات في إطار توزيع أراض متخلى عنها من نفس النوع).. يبيعون ما بين 5 و10 هكتارات ب 100/120 مليون سنتيم، ويغادرون إلى وجهات مختلفة.
 - لقد ظل غالبية هؤلاء الفلاحين يؤدون عبر عقود أموالا طائلة للدولة، وكان ذلك بمثابة شراء الأرض بالتقسيط كما قيل لهم، وقد فات بعضهم المدة المحددة لهم في الأول بسنوات يؤدون. ومازالوا لم يتوصلوا بوثائق التملك إلى الآن.
 - حسب جودة الأرض وما ساهم به الفلاحون، فالأثمنة التي يبيعون بها جد متدنية، ولكنهم لا يعرفون القيمة الحقيقية للمال ولا للأرض.. علما أن أغلب هذه الأراضي في منطقة سقوية ضمن حوض سبو، وقد كلف تهيئها ومد قنوات الري بها أموالا طائلة.
 - من يقتني هذه الأراضي الآن بالجملة أو بالتقسيط؟ إنهم ليسوا سوى "أغنياء الحرب"، من راكموا الأموال من الفساد الإداري والاقتصادي والانتخابي، ومن يروجون المخدرات…وفيهم طبعا من ماله "حلال"، بحيث لا يحق التشكيك في ذمة الجميع.
 - كيف سمحت الدولة في مواطنين "عزل" أمام غول الأسعار (خدمة الأرض) وضعف ثمن المنتوجات الفلاحية، مثلا الشمندر تقتنيه كوزيمار ب 30 سنتيم للكيلو في أقصى حد ولسنوات طويلة، رغم أن هناك حديث الآن عن مراجعة هذه الأثمنة (في دكالة وتادلة يعطى ثمن أكثر).. والآن تتركهم الدولة وتتغاضى عن بيعهم لأراضيهم وهروبهم نحو المجهول.. حتى أن الأبناء والحفدة أصبحوا يرون في الفلاحة هما وجهدا بلا طائل، مما جعلهم يهاجرون قبل آبائهم إلى المدن (طنجة، الناظور..)
 - أين سيتوجه الفلاحون الآن رفقة أبنائهم الصغار؟ إلى المدن طبعا، وهذا من حقهم، لكن ما هي الإضافة التي سيمنحونها للمدينة؟ ما الخبرة التي يتوفرون عليها.. في غياب توفير تجمعات "مدينية" في نواة قابلة لذلك (الحوافات، سيدي عبد العزيز، لخنيشات، أولاد النصر، سيدي علال التازي، دار الكداري، زكوطة، دار بلعامري..الخ)
 - قد يقول البعض إنها مناسبة لتجميع الأراضي عوض تفتيتها على صغار الملاك والورثة، وهذا قول فيه بعض الصحة، لكن في يد من ستتجمع هذه الأراضي؟ وبأي كلفة اقتصادية واجتماعية؟

 - لقد سبق لأراضي "الكيش" (الجيش= وهي في ملك الدولة) أن أصبحت تباع منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، لكن بعقود عرفية، وبضمانة شيكات!! ومعظم هذه الأراضي بورية، توجد بإقليم سيدي قاسم (قبائل شراردة وتكنة..) كانت قد منحت لأصحابها منذ ما يقارب القرنين مقابل الخدمة العسكرية..

 - إن مشاكل الأراضي في المغرب بتصنيفاتها تحتاج لمقاربات نوعية وعاجلة، لتكون ذات مردودية، ولا يضيع أصحابها فيها، وألا يبقون ضحية المضاربين ومهتبلي الأزمات..
 إن العاقبة ستكون وخيمة إذا لم تقع أية معالجة آنية، وللأسف النخب السياسية (منتخبون وغيرهم) غير مكترثة، وغالبيتها انتهازية وبدون مواقف لها علاقة بالنفع العام والسياسات العمومية، أو المساهمة في نقاش جماعي مسؤول لتحديد مختلف الأبعاد التنموية في المنطقة.