الخميس، 11 أكتوبر 2012

أي دور مازال للمواسم التقليدية؟ نموذج سيدي قاسم بوعسرية؟


  أي دور مازال للمواسم التقليدية؟ 
نموذج سيدي قاسم بوعسرية؟

 
وسط حي الزاوية الذي يعرف اكتظاظا ومشاكل كثيرة
مصطفى لمودن

 هل يعوض موسم سيدي قاسم بوعسرية عن أي مهرجان ثقافي وفني في المدينة؟ لمصلحة من يقام الموسم؟ من يستفيد منه؟ كيف يكون التنظيم؟ علما أن الموسم أصبح يتوفر على وصلة إعلان تلفزي!!
 أسئلة من الضروري طرحها خاصة مع المتغيرات الثقافية والاقتصادية.. التي يعرفها المغرب..
 قد يكون الموسم مناسبة للترفيه في متابعة التبوريدة والحلاقي (إذا ما توفرت) والصعود إلى برج الموطور الذي يدور على جدار خشبي.. واقتناء الحلويات التقليدية الصلبة المخلوطة بكاوكاو أو زريعة الكتان.. قد تحضر بعض الشركات بجرارتها وآلياتها وسلعها تعرضها على الناس.. 
 قد يكون الموسم مازال يثير اهتمام القرويين الذين يحضرون بكامل أفراد أسرهم ويقيمون قيطونا على منحدر ربوة تطل على ميدان الفروسية، قد يكون الموسم مازال تعويضا للقرويين عن تعب سنة كاملة، وهو بمثابة سياحة داخلية لمن لا يستطيعون القيام في الفنادق ولا التنقل إلى مناطق بعيدة.. قد يلاحظ الكثيرون أن هذا الوصف ظل مرتبطا بفترة زمنية سابقة، كنا ونحن صغار ننتظر هذا الموسم أو مثله بشغف.. 
 قد يكون الموسم فرصة للبلدية كي تحصل على مداخيل بعد كراء أماكن في فضاء الموسم، وجني بعض الجبايات المحلية، وقد يكون مناسبة لبعض التجار الصغار والمتوسطين للحصول على مداخيل، مثل باعي النفاخات للأطفال، وبائعي الكفتة.. 
 قد يكون الموسم فرصة للبعض لممارسة النشل والسرقة.. وأحيانا تقع خصومات ومشادات، تقود لما لا تحمد عقباه، كالقتل كما وقع في إحدى السنوات الماضية.. 
 قد يكون الموسم فرصة لتعرض السلطة عضلاتها، وتشيد لها خياما ضخمة (خزانات) على الضفة الغربية من ميدان الفروسية، حيث يأتي وفد على متن سيارات مختلفة يلفها الغبار، وقد تقدم بالمناسبة للحاضرين من علية القوم خرفان مشوية مبسوطة على صحون كبيرة، بالمناسبة شاهدت ذلك مرة في طفولتي الغابرة من وراء سياج حديدي يحرسه المخازنية.. 
 للسلطة دائما حساباتها الخاصة غير المعلنة، وقد يبدي البعض تساؤلات عن الدعم المستمر لبعض الزوايا والأضرحة من قبل السلطة في المركز، وغالبا ما يدخل ذلك في لعبة التوزانات السياسية ومد الأذرع هنا وهناك.. 
 قد تحضر شاحنات الوقاية المدنية لترش الممرات وترش ميدان الفروسية وتعتني أكثر بالمساحة التي يؤمها المخزن وبقية المدعوين.. وينتهي الأمر مساء الأحد، وتكون غنيمة حي الزاوية الأتربة المتطايرة وما لا يحصى من قطع البلاستيك المتناثرة هنا وهناك.
 قد يكون الموسم فرصة يلتقي فيها الشرفاء القاسميون يحيون الرحم فيما بينهم، وبالمناسبة نهئهم على إحياء هذه الذكرى كل سنة(غياب الموسم حدث في مرات قليلة جدا)، قد يتلقى الضريح هبات وهدايا من مريدين ومن الدولة.. كل هذا لا دخل لنا فيه.. 
 لكن من الحق والواجب التساؤل عن الأفق الآخر الذي يمكن أن يساهم فيه الموسم، خاصة أنه يعرف توافد الزوار من مناطق مختلفة، ألا يمكن أن يكون للموسوم بعد ثقافي واقتصادي حقيقي آخر.. ذلك يتطلب رؤية مغايرة للبرمجة ونظرة أخرى للأهداف.. وإن كنت شخصيا أفضل ربط النهوض بالثقافة والاقتصاد بالأبعاد الحداثية، حيث يكون التنظيم مختلفا والرؤية تشرئب إلى المستقبل، خاصة أن المدينة ككل تعرف تراجعا ملحوظا في مختلف المجالات منذ إغلاق مصفة النفط، وغياب اي خطة للتنمية المحلية.. 
 فهل تتوفر المدينة على نخبة قادرة على رد الاعتبار للإنسان والمجال في زمن السرعة والتواصل وسعي الجميع نحو ثقافة جديدة ملؤها ضمان الحقوق والكرامة وترسيخ قيم المشاركة الفعالة..