السبت، 30 يناير 2010

كشف تناقضات الواقع من خلال مسرحية" بلاغ هام"


كشف تناقضات الواقع من خلال مسرحية" بلاغ هام"
 
إعداد مصطفى لمودن
إنهم فتية من سيدي سليمان، فعلوها مرة أخرى، لقد نالوا استحقاقا قلما يصل إليه غيرهم، لقد تلقوا تصفيقات الإعجاب من جمهور تنوعت أعماره غصت به القاعة الكبرى لدار الشباب 11 يناير… أثناء العرض حصل تفاعل مبهر بين ممثلين في عنفوان الشباب والفتوة والعطاء الفني، وبين متتبعين للمشاهد وهي تتوالى على الخشبة. كان الجمهور يصمت لينصت، ويضج فجأة متفاعلا مع جملة أو حوار، يضحك حين يكون الموقف يتطلب ذلك، ويصفق بحرارة حينما يشعر بصدق الشحنة الإنسانية الخلاقة والمثيرة التي انتقلت إليه عبر أرجاء القاعة، لتتسرب عبر المشاعر والأحاسيس، ولتترك أثرا ممتدا على المتلقي، إنه "الفعل الساحر" للمسرح، إنه "الاحتكاك" المباشر بالممثل /الإنسان وهو في مواقف متغيرة أمام المشاهد بلحمه ودمه دون وسائط، مباشرة تمر رسالة إنسانية مفادها تقوية الشعور بالانتماء للبشرية وهي تصارع وتتعايش، تحزن وتشقى… عبر المسرح تعبر الرسالة / الشحنة الخالدة لترقية النفس لتسمو نحو "الكمال "الروحي والوجداني، نحو الرقة والمسؤولية والإبداع…
  إن جماعة نادي "بروسينيوم للمسرح والتنشيط الثاقافي" بالنسبة إلي على الأقل اكتشاف جميل، فبعد التجاوب الذي لقيه العرض المسرحي المشار إليه، يحق أن نشطات غضبا واستنكارا ضد كل من يدعي "يتم المسرح والعروض الثقافية" عموما؛ ليس المسرح بلا جمهور، وليست الثقافة بلا منتجين ومتلقين، ودليلنا هؤلاء الفتية الذين حركوا بركة آسنة تسمى "الخمول الثقافي"، واستطاعوا جلب جمهور أدى في مجمله ثمن تذكرة الدخول، وسقطت بذلك بعض مقولات الانغراق في الانزواء من قبيل أن" الناس غرقت في هموم الحياة" وارتكنت في انعزال إلى وسائط التواصل "البديلة" (التلفاز والانترنيت…).
معاينتنا مساء السبت 23 يناير 2010 لواقعة إقبال الجمهور على العرض المسرحي يؤكد تعطشهم لذلك، وقد تجاوب الحضور مع مسرحية "بلاغ هام" لكاتبها كريم البلغيثي تجاوبا ملفتا طبعا، واتسم العرض بتوفر مواصفات العرض المسرحي في حد مقبول.  
  يمكن أن نلمس في "المحكي" المسرحي من خلال العرض تداخل أكثر من حكاية، ولعل أهمها التداخل والتفاعل مع القاعة (الجمهور)، بحيث صعد أولا الممثلون الخشبة من وسط الجمهور(تكسير الجدار الرابع)، ثم رجعوا إليه في نهاية العرض، ما يعني أن المسرحية جزء من مشهد مجتمعي عام، وأن الجمهور الحاضر (المواطنون) هم في الحقيقة من يتحركون على الركح (خشبة الحياة)، ثم نجد حكاية الاستعداد لمبراة في التمثيل، وهو بكل بساطة  دخول غمار الحياة (المسرح) بكل تشعباتها، وفي نفس الوقت نجد حكاية مركزية بطلها القيصر (الحاكم)، بكل سلطته وتسلطه رفقة معاونيه وخدمه ونسائه… وفي نفس هذه التركيبة نجد المخرج/المراقب/الضابط،  له حكايته وتواجده كذلك، وهو يتدخل في الأحداث ليحورها كما يشاء… وبذلك نصطدم بسلط عديدة، ظاهرة وخفية، وكل سلطة فوقها أخرى أقوى، فالمخرج يخشى زوجته، والقيصر يهاب قائد جنده…الخ.  
  أكد الممثلون المشخصون للأدوار قدرة متميزة على تقمص الشخوص التي يؤدونها، فبالإضافة إلى تشخيص  وضعيات الحالات داخل نفس الدور تبعا للسياقات الواردة في المسرحية، وما يتطلبه ذلك من مجهود مضن (مونولوك ـ تحسر ـ فرح ـ رقص…)، بل أكثر من ذلك شخص أغلبهم أكثر من دور، بالإضافة إلى كرافيزم تشخيصي متميز… واستطاعوا الإجادة.
كسرت مسرحية "بلاغ هام" أكثر من جدار، ليس فقط جدار المسرح الوهمي الفاصل بين الممثلين والجمهور (خروج الممثلين من وسط الجمهور، تبديل الملابس فوق الخشبة…)، بل "تخطي" عدة جدران، كان أولها التاريخ، فقد حاولت المسرحية المزج بين حقب زمنية مختلفة في قالب واحد له علاقة بالآن/ الحاضر، وأرفقت ذلك بسخرية لاذعة ذات توجه انتقادي؛ فأمام تاريخ "حافل بالانتصارات"، وعوض وضع الخطط الإستراتيجية العسكرية لانتصارات جديدة، يتم الحديث عن خطط كرة القدم! وسباقات ألعاب القوى! بل ما جدوى كل ذلك أمام عدم امتلاك مجرد قميص؟! لهذا يحتاج الأمر كله إلى إيقاد الفوانيس في ظلام حالك والبحث عن الحقيقة كما جاء في بداية العرض…   
أما القيصر الروماني، فهو الحاكم المطلق الذي يعربد كما يحلو له، وقد حفلت المشاهد الخاصة بهذا الجزء من المسرحية بمفارقات مثيرة، فعند تساؤل القيصر عن حالة أفراد الجيش، أجابه القائد: "إنهم يتدربون باستمرار، ومن كثرة الحماس قتل بعضهم البعض!"، وقد أضاف بأن الجنود "يحركون" (يرحلون) إلى دولة أخرى، واقترح على القيصر أن يشتري لهم جهاز البارابول، فهو " يلهي الشعوب ويجعلها لا تطالب بالشغل!"، ليكتشف القيصر بدوره "عظمة" البارابول، مادام يوفر مشاهد إيروتيكية تروقه، وقد نظم المشرفون على قصره كعادتهم في نهاية الأسبوع حفلة راقصة ليسلي نفسه، فهو متعب بالأشغال كما قال!
 أما وزيره في المالية فيدردش عبر الانترنيت مع إحدى ملكات الجمال…لينتهي المشهد بإعدام الخادم العربي، بعدما ألصقت به زورا تهمة الخيانة، في إحالة على الوضع العربي المتأزم، وضعفه وهوانه أمام بقية القوى العالمية الأخرى.
تنتهي المسرحية بإفاقة على الحاضر من جديد وكما هو، بعدما قضى المشاهدون لحظة يختلط فيها الحلم والخيال والتسلية… تعود بهم المسرحية لواقعهم، ذلك بمثابة رجة ضرورية وذكية؛ حينما تم الإعلان عن قرار إغلاق المسرح، وذلك يمس الجمهور بدوره، لكن الممثلين يعلنون تشبثهم بالمسرح كفضاء لحرية التعبير والتواصل، بل كفضاء أوسع لممارسة الحياة بمفهومها الشامل، وفي ذلك دعوة صريحة لمواجهة كل أشكال الحصار والاحتواء.
العرض المسرحي كما قدم يتيح فرجة مناسبة، تتضمن أغلب "التوابل" المطلوبة، من حوارات مفهومة، إضاءة، موسيقى، إكسيسوارات، انتشار مناسب على الخشبة… ورغم مشاهدتنا للعرض لمرة واحدة فقط، يمكن أن نشير إلى بعض الملاحظات التي لا تنقص من القيمة الفنية والدلالية للمسرحية، من ذلك عدم منح "المخرج" دوره الكامل في المسرحية، بل لفترة طويلة يظل يراقب في ركن من الركح دون حركة، رفع كرسي القيصر إلى أعلى، ما يتناسب مع مكانته المفترضة وليظهر لجمهور القاعة، تجنب بعض الخطابات المباشرة، مثل :"للأسف هذا هو العالم ديالنا، بغاوا يركبوا لينا كرون" كما جاء في خطاب موجه للجمهور من قبل أحد الممثلين، تجنب التطويل في تقليد المخرج وهو يرد على زوجته عبر الهاتف حتى لا يمل المتلقي، وضع روابط مقنعة بين بعض المشاهد حتى لا تتحول المسرحية إلى اسكيتشات متقطعة… أما بقية الضروريات الأخرى، كتحسين الديكور وضبط الإنارة أكثر، فذلك يرجع لضعف الإمكانيات المتوفرة.
العرض المسرحي "بلاغ هام" الذي نحج في إخراجه يونس بوكرين هو نداء لصحوة مطلوبة، دعوة صارخة ليتحمل كل مسؤوليته لمواجهة كل عبث يتلاعب بإرادة الناس وطموحاتهم من أجل الانعتاق…
 من اللازم أن تكون الثقافة عموما والعروض المسرحية محط اهتمام الجهات المسؤولة بالرعاية والاحتضان، فلا أحد يجادل في قيمة ذلك وفائدته للمجتمع، إلا لمن يزايد أو يساهم بإصرار في محاصرة المجتمع وتسطيح ثقافته وتدجينه لحاجة فيها مصلحة ضيقة.  
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
  فمن يساهم مثلا في دعم هذه الفرقة عن طريق اقتناء عروض؟ الدعوة موجهة لأطراف تملك مالا لا تعرف ما تفعل به، بما في ذلك إدارات عمومية وجماعات محلية، تقتني العرض لموظفيها ومستخدميها وأسرهم على الأقل. 
صور من العرض المسرحي:
دخول الممثلين بلباس أسود في ظلام دامس (الإنارة من آلة التصوير) 
كوريكراف متميز على موسيقى "ملحمية" 
من زمن القيصر 
كريم البلغيثي/ الخادم،  كباقي الممثلين تميز في أدوراه
 
أيمن الزهراوي في دور المخرج 
محمد مرغاض/الوزير وخالد شكري/قائد الجيش. 
كمال قجوان/ القيصر مع خادمه
القيصر يحاور قائد جنده
وزير المالية يشاطي/يدردش عبر الانترنيت 
نساء القيصر في رقص على "شرفه" 
زوجة القيصر في غنج 
تخلي القيصر عن إعدام قائد جنده رغم تبوث خيانته 
إعدام الخادم (العربي) 
العودة إلى البداية والتوصل ببلاغ هام حول إقفال المسرح 
جانب من الجمهور 
تقديم المساهمين في العرض المسرحي 
مسرحية "بلاغ هام":
تأليف: كريم البلغيثي
إخراج: يونس بوكرين
تشخيص: كريم البلغيثي، محمد مرغاض، كما قجوان، أيمن الزهراوي، خالد شكري.
الديكور: خالد حسني 
الإنارة: رضوان زبيدة، بمساعدة يوسف الغماري
الماكياج: صفاء بنكروم
الملابس: كريمة بنيكة
الموسيقى: علي الشايب، بمساعدة سعيد الحبيب
المنسق العام: أحمد الفاصوخي 
**************
 
 يونس بوكرين المخرج في تمرير الوصلات الموسيقية  
رضوان زبيدة في الإنارة
  
صفاء بنكروم في الماكياج 
*********************************

الخميس، 28 يناير 2010

المغرب بين حـــــدين: تجار الأمل وتجار الألم


المغرب بين حـــــدين:
تجار الأمل وتجار الألم
 
أمـــــيـــن جــوطـــــــــــــــي
قليلون هم أولئك الذين ينكرون أن المغرب يمر بمرحلة انتقالية، وهم في الغالب ينكرون ذلك لغرض في أنفسهم، رغم أنهم يدركون في بواطن ذاتهم أن الانتقال حقيقة لا ريب فيها، فالمجتمع المغربي لا يقبع في خندق بعيدا عن تأثير التفاعلات الحادة، والتغيرات المتسارعة يوما بعد آخر على الصعيد الدولي، والذي يسير في طريق الدفاع عن "ضرورة توطيد أسس الديمقراطية".
تلكم التغيرات والتفاعلات التي زادت وتيرتها سرعة مع بداية التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وإقرار الأحادية القطبية كنمط سائد ومهيمن في العلاقات الدولية، تحت عناوين كبرىن مثل: اقتصاد السوق، العولمة…الخ، بنفحة رأسمالية تتوخى السيطرة على المشهد العالمي سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فتظهر واضحة ملامحها الوحشية مع توالي الأحداث.
وفي مراحل الانتقال تسود المجتمع الذي يخضع لحركيته وتأثيره رضات قوية تزعزع بنيته التقليدية وميزان قيمه الأخلاقية والدينية والثقافية وأعرافه الاجتماعية…
قد يؤدي الانتقال الديمقراطي أيضا إلى فرض تغييرات في موازين القوى داخل المجتمع وتجديد النخب، ما ينجم عنه تصادم بين قوى تحديثية وأخرى تقليدية (سواء محافظة أو مستفيدة بشكل من الأشكال من الوضع الحالي)، وفي كل الأحوال فان المراحل الانتقالية، وخاصة منها تلك التي تكون تحت تأثيرات خارجية، تعرف انتشارا لقيم دخيلة عن المجتمع، إذا لم يكن محصنا ب"جهاز للمناعة القيمية" وبقوة سامية للقانون وبفكر عقلاني نقدي له القدرة على تحليل كل الفيروسات الاجتماعية الغريبة والمضرة التي قد تؤدي إلى القضاء على الجسم الاجتماعي برمته، والقيام بتشخيصها من أجل تحديد العلاج المناسب لها وسبل الوقاية منها.
في فترات الانتقال، كما في كل فترات التاريخ الحرجة تنشط عناصر تتاجر ببؤس الشعوب وأحلامه لتحقق لنفسها مصالح رخيصة وإن "غلت"(1)، وتقوم بذلك بكل الوسائل التي تطالها، وهي لا تعبأ بالمصلحة العامة أمام مصلحتها الخاصة، ويمكن تحديد هذه الخلايا الشيطانية في فئتين: تجار الأمل وتجار الألم.
قد ينجم عن الاثنين نفس الآثار: التقهقر، استنزاف القوى الفردية والجماعية، وانتشار قيم سلبية…
    * ـ  فتجار الأمل يسعون إلى تسطيح الأفكار من خلال شعارات تدغدغ المشاعر، وخطاب يدعو إلى الانغماس في التفاؤل الساذج، وهو خطاب بلا ركائز علمية ولا استراتيجيات عملية. وهي الآفة التي تؤدي إلى عواقب وخيمة، أعراضها التيبس الفكري والسلوك الانتظاري والوقوع في أسر الاتكالية…الخ، وهو ما يؤدي إلى امتصاص طاقات بشرية هائلة وسجن إبداعها وأحلامها داخل قضبان الوهم المنتظر المبني على كلمات عريضة وبراقة لكنها خادعة.
يهدف تجار الأمل إلى استنزاف زمن وجهد المواطنين بعد حقنهم بجرعات الانتظارية، وذلك للحفاظ على الواقع كما هو، لأنهم بذلك يحافظون على مصالحهم الأنانية، مفرزة مع ذلك بؤرا للفساد.
* ـ أما الفئة الثانية والتي قد تلبس أحيانا لباس المدافع عن حقوق المواطنين وتسوق نفسها لسانا يعبر عن الكادحين، فهي الفئة التي قد تكون أسوأ من سابقتها، وإن كان الاثنان يمثلان كابحا لتطور البلد.
يعمد تجار البؤس إلى تقتيم صورة الواقع وتهويل حقيقة الأمور، فهم خبراء في نثر سواد اليأس في كل مكان وكل مجال، زادهم شك "غير ممنهج" لكسر الثقة في كل فكرة ترى النور وكل مشروع يتوخى إحداث أثر إيجابي في المجتمع، حتى يتسنى لهم حشد الحشود حولهم واستعمالهم كورقة ضغط لأسباب عديدة تصب جميعها في جني فوائد شخصية أو جماعاتية ضيقة.
ويحاول هؤلاء توظيف خطابي هجومي -لا يحمل بدائل- لاستمالة الجماهير، غير أن هذا الخطاب يحرك في الأفراد ما يسميه علماء النفس ب"المجال العدواني"، وهو ما قد ينفرهم من الفعل في مجالات الشأن العام أو حتى الاهتمام بها، ويدفعهم للتمترس في أحضان الإحباط واليأس والمازوشية. فالخطاب التهويلي لتجار الألم يعزل الأفراد عن قضاياه الحقيقية التي تحتاج إلى مواجهات تستند على رؤى تنويرية وعمل جماعي موحد، بعيدا عن الخطابات العدمية التضليلية.
في حالتنا المغربية نحتاج الحقيقة كما هي، دون تزيين ولا تشويه. فالمغرب له أزماته ومشاكله، كما له مزاياه ومكامن قوته، هذه الأخيرة قد تضيع بؤسا وإحباطا مع تجار الألم، كما تضيع سذاجة وانتظارا مخدرا مع تجار الأمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
 المدونة: (1) من الغلو أي المبالغة في الشيء والتطرف فيه. 

مشاهد من جنازة الفقيد الحسين الإدريسي


مشاهد من جنازة الفقيد الحسين الإدريسي
 هذه الصور تابعة للموضوع السابق الخاص بتشييع جنازة المناضل الحسين الإدريسي الذي وافته المنية يوم الأربعاء 24 نهونبر 2010 (اضغط للعودة إلى الجزء الأول)
  
  
في المساء قدم عبد الحميد أمين التعازي لأسرة الفقيد ولأصدقائه ورفاقه بسيدي سليمان
*****************
*********

تشغيل الأطفال… أي مستقبل ينتظرهم؟


تشغيل الأطفال… 
 أي مستقبل ينتظرهم؟

واحد من نماذج كثيرة لأطفال يشتغلون طيلة اليوم (الصورة من أرشيف المدونة)
إدريس الميموني
هناك مجموعة  من المشاكل التي  تتخبط فيها أسر كثيرة. منها الفقر الذي يعتبر
أم المشاكل، بالإضافة إلى التفكك الأسري وكذا الهجرة من البادية إلى المدينة.
كل هذه العوامل وغيرها، لها تأثيرات سلبية على مجتمعنا المعاصر، فيما يتعلق
بتشغيل الأطفال الصغار القاصرين في عدة مجالات كالدكاكين أو ما شابه ذلك
دون مراعاة  ما سينتج  عن ذلك من أمراض، مع عدم احترام قانون الشغل كما أن
الفشل في الدراسة يدفع العديد من الآباء لإرغام أبنائهم على البحث عن عمل داخل المجال الحضري أو القروي.
فإذا كان أطفال اليوم رجال الغد فيحق لنا التساؤل عن أي مستقبل ينتظرهم؟
وإذا كانت تنشئة الأطفال في ظروف صحية من الناحية النفسية والفيزيولوجية؛ فيحق لكل الأطفال أن يجدوا العناية والاهتمام، وتوفير شروط التعليم واللعب والعناية والصحة… وذلك لبناء جيل جديد، بل لبناء مجتمع قادم.
غالبا ما تطرح بعض القضايا الكبرى من قبيل، شباب المستقبل، الانفتاح، الحوار الديمقراطي، العدالة الاجتماعية، التكافل الاجتماعي… فكيف يمكن للأطفال أن يلمسوا جزءا من ذلك في ظل الفقر؟ وهل يمكن أن يكون ذلك حتى مجرد جزء من خيالهم؟
إن واقع تشغيل فئة عريضة من الأطفال في  عدة مجالات بعيدة كل البعد عن طاقاتها وقدرة استحمالها، فتستغل في  عدة أماكن كالدكاكين، ومحلات النجارة، والميكانيك، والبيوت…الخ.
إذن يجب علينا أن ندرك أننا  اليوم بصدد البحث عن حلول كفيلة لإخراج الأطفال من دائرة التهميش والإقصاء من التعليم  والتعلم ورد الاعتبار للأطفال الذين يوجدون في وضعية صعبة.
إذا يجب على من يهمه الأمر الاستجابة للمجتمع  الدولي  والرأي العام الوطني لمحاربة تشغيل الأطفال.