الأربعاء، 3 أبريل 2013

أُمبيرطو إيكُّو: " بدون كُتب؛ الحياة أَقصر"./ ترجمة جواد المومني


         حوار مترجَم
     
أُمبيرطو إيكُّو: " بدون كُتب؛ الحياة أَقصر".

 ترجمة جواد المومني

      تقديم و تنويه لا بد منهما :
إستضافتْ أسبوعية لوپوان الفرنسية الروائي والأديب والمفكر الكبير: أُمبيرطو إيكُّو، وقام الصِّحافيان طوماس ماهلر وكريسطوف أُونو دي بْوا باستجواب  صاحب " إسم الوردة " (المُترجِم: الرواية الهائلة الحائزة على عدة جوائز عالمية منذ صدورها سنة: 1980، والتي 
بيع منها لحد الساعة أكثر من 17 مليون نسخة ! )
وما سأقوم بعرضه خلال السطور التالية؛ إنما هو ترجمة مقتضبة وبتصرف لِأهم ما جاء في الحوار الشيق، حيث تفاديتُ عن قصد مجموعة شذرات تدخل ضمن التسلسل الحواري، لم أَرَ جدوى لِإدراجها ما دامت تندرج في إطار الإستطرادات وليس المواقف والرؤى الشخصية للمُحاوَرِ .
  1ـــ يقول إيكـــــو : " وأنا في سن 82 من عمري، أُشير إلى آخر إبداعاتي، كتاب بعنوان " إعترافات روائي شاب "وهو في الحقيقة عبارة عن تجميع لعدد من المحاضرات الملقاة بجامعة أَطَلَنْطا عام 2008 . أمَّا عن العنوان وعن إيحاءاتِهِ، فوَجَبَ التنويه إلى أن أولى رواياتي صدرت أواخر 1980 ( وكان عمري لحظتئذ 52 عاماً ) ،عندها ٱعتبرتُ نفسي روائيا شابا.
  2 ـــ وقد طرحتُ في مؤلَّفي المشار إليه أعلاه تساؤلا أدبيا عميقا: ـــ لماذا يَصدمنا موت " آنَّا كارِنِينْ " رغم كونها  بطلة من صنع الخيال، مقارَنَةً مع فجيعة مقتل أو موت أطفال وضحايا مدنيين عندما يتعرض الإعلام لذلك؟
( المُترجم: " آنَّا كارِنِينْ " عمل روائي عظيم للكاتب الروسي: ليون تولستوي سنة 1877 )، أجبْتُ على الأمر من منطلق أن صيرورة الحدث في العمل الروائي تتطلب تقمُّصاً للدور وحُلولاً في بعض جزئياته، ما يجعلنا ــ كقراء ــ نحْيا الهوية المفترضة، للشخصية عبر ما يُسميه العلماء ب " الْخَلايا المِرْآة "؛ بعيداً عن الخبر الذي يبثه الإعلام بشكل سريع، ما يدفعنا إلى النفور منه. وقد أذهب إلى أبعد من ذلك؛ فالخيال يبقى دائما أقوى رغم " جاذبية
الواقع "... وبين ثنايا المؤلَّــــف المتحدَّث عنه تعثرون على تساؤل آخر: " ـــ لماذا نبكي الشخوص الروائية بتفاعل، رغم يَقينِنا كونها من صنع الخيال ؟
  يجد التساؤل مشروعيته من خلال النَّظم الأنطولوجي للشخصية الروائية ومن خلال " واقعية " تواجدها ! وهكذا تتحصَّــلُ لدينا قناعاتٌ وشبه يقينيَّــــات ضمن عالمٍ كله خيالٌ ( فَيَقيناً أنَّ " آنَّا كارِنينْ " قد ٱنتحرتْ ) في الوقت الذي تُساوِرُنا فيه شُكوك ضمن عالم " الحقيقة " ( هناك ٱحتمال أن يكون " ناپوليون " قد مات يوم 5 ماي 1821،  
ما لم يُفَنَّذ الزعم عبر مجموعة وثائق أخرى تُثبت العكس ! ) إذاً... فالحقيقة المُطلقة هي الحقيقة الروائية .
  3 ــ يستمر إيكو في تبنيه للموقف الرامي إلى أنَّ " الكتاب شيء كامل " وأنه لن يتلاشى في العالم الرقمي . ويستطرد في تفاؤله رغم ٱعترافه بضراوة النزال! لكنه، يؤكد بالمقابل أنّ إغلاق عدد من دور النشر ليس نتيجة لذلك فقط، إنما للأزمة العالمية الحالية يد أيضا. وهذا ما حاول إبرازه بمعية: " جانْ كْلودْ كارْييرْ " من خلال كتابهما المشترك :" لا تُراهِنوا أَنَّكم سَتُقْصُونَ الكُتُب ! "
(المترجم: ـــ صدر هذا المؤَلَّف عام 2009 عن دار النشر كْراسّي ) .
  يقول أمبرطو إيكو في هذا الصدد :
 " كنتُ أعلم أنه من الأسهل تحميل موسوعة: " لاروسْ " على جهاز الْآيْپادْ على تَحَمُّلِ عِبْءِ ضخامة الكتاب... لكن، أَيُعْقَلُ مُقارنة ذلك مع متعة القراءة وتصفح الأوراق المطبوعة ؟ "
و قد حاول الصِّحافيان المستجوِبان ربط رأي إيكـــــو السابق بما كان قد ٱعتبره الفيلسوف الفرنسي: " ميشال سِيرّْ "
" مأساةً وبلاهةً " عندما تم تدشين " المكتبة الوطنية الفرنسية "، في زمن التطور الرقمي السريع والأنترنيت ! كان ردُّ " إيكــــــو " مقتضباً وعميقا، يقول: " أنا متأكد أن صديقي ميشال سِيرّْ يعشق التجوال بين مرافق ورِدَاهِ مكتبةٍ قديمة مثلي تماماً، وفي نفس الوقت، هذا لا يمنعني شخصيا من تحميل عشرين كتابا قَيِّماً على لوحتي الإلكترونية / الْآيْپَّادْ حين أهمُّ بالسفر لمدة أسبوعين أو أكثر، بدلاً من وضعها في حقيبتي ! " ( ... ) و أنا أظن أن الأجيال الحالية 
ستستعمل ـــ و بدون حدود ـــ وسائل الاتصال المعاصرة دون التغاضي عن مثيلتها التقليدية ! "
  4 ـــ و في سؤال حول مصدر المكانة العلمية المُمَيَّزة التي يحظى بها " إيكـــو "، كان جوابه كالآتي :
  ـــــ " دائماً أردد أنّ الإنسان الذي لم يقرأ كتابا واحداً طيلة حياته، سيموت حزيناً، ولن يتذكر وقائع حقيقية، أو ذات قيمة، كما لو أن حياته كانت أَقْصَرَ ." وهكذا ، فعندما سأُودع حياتي، وأنا قد عشتُ مقتل يوليوز قيصر، أو معركة واتِرْلُو، أو الرحلة إلى الجحيم ( لِ: دانْتي ) .. سأكون سعيداً بحياتي الغنية و الطويلة ! "
  5 ـــ وحول آخر نصيحة يُسْديها في مُواجهة الآلة الجهنمية لعصرنا، قال أمبرطو إيكـــــو: " أظن أنه يجب علينا 
تطبيق ما قال به غْرامشي: ـــ تشَاؤميَّةُ العقل، دون التغاضي عن تفاؤُليّة الإرادة .. "

               أَنجزَ الترجمة و بتصرف: جواد المومني
              پـــــــــيــــــرپـــــــيــــــنــــــيـــــــان / فرنسا في: 1 أبريل 2013
---------------------------
عن المجلة الأسبوعية الفرنسية: لُوپْوان ــ 14 مارس 2013 ــ العدد: 2113 ــ ص: 108،109 .
الصحافيان المستجوِبان: طوماس ماهلر وكريسطوف أُونو دي بْوا .

السبت، 30 مارس 2013

تازمامارت/محمد رحو


تازمامارت(*)(+)

محمد رحو

منها تغار الأحجية
طقوس القرون الكهفية!
منها تغار
فهل لمخالب الحصار
ألا تغار
من مخالبها الخفية
هي لغز يفضي للدمار
هي صحيفة وحشية لا مرئية
هي يومية المحو حد الافناء
هي جدول السحق حد الابادة
هي قصيدة تقضم مخيال الشعراء
حيث لا يملك القراء
إلا أن يتقبلوا الأعذار
كلما "ضبطوا" شعراءهم
في وصف مراياها
تباعا يندحرون!
و من ترى يملك أن يصف
جحيم جحيم الجحيم!
من يستشرف تخوم الذهول
ولا يعترف أن باطن المشهد
من ظاهر الشهادة أفظع!
أولائك ضحاياها
على سرير من ثلج يبيتون
على فحيح من جمر يصبحون
من خلف أسوار لا ترى
من خلف مسافات تنسف التصورا
كانت تصلنا الحشرجات الناتئة
ويلذعنا شيء ما
لكأنه شقيق النشيج
نرف السمع قليلا
ويلف المدى السكوت
وتسحبنا حدائق الغفوة
فنبحر خلف ساق امرأة
تستوطن الشاشة الصغيرة
والشهوة الكاسرة الكسيرة
ولا ندركها
ولا ندرك أن خلف المسافات/الأسوار
بشر مثلنا
يجوعهم "بشر"!
يمرضون و لا أثر
لطبيب يعارض العلة
يعوون ولا ممر
لأنين الروح المجروح
ملء قلاع العزلة
ما أقساها من رحلة
تحت كتائب الكبت
فوق عقارب الصمت
بين مضارب الموت
هناك
حيث للشمس أسماء النسيان
حيث لشعاعها البكر
قشعريرة الفقدان!
هناك مسكن الآلام
هناك مدفن الأحلام
هناك بصمت كانوا يقبرون
لا صلاة للجنازة
ولا من يشيع الجنازة
سوى حرس يسحبون الجثث
مرحين نحو ما انتشر
من أشداق الحفر!
هناك معجم يجسم روح العبث
هناك جسم يمحي و روح تتحدب
هناك أخي الانسان يصلب!
هناك لم يبسم القمر منذ الأزل
هناك رمس الأمل
هناك وطني الذي لم يكتشف
مغارته تطفل السائح
هناك وطن اغترابي الفادح!
--------------
(*)تازمامارت ..معتقل سري بالمغرب خلال عقود الرصاص.
(+)الى ضحاياها..الناجون والأموات

الجمعة، 29 مارس 2013

في اليوم العالمي للمسرح تكتفي "المديرية الجهوية للثقافة" بقراءة كتاب في القنيطرة، ومحمد صولة يقرأ في "ملاك الجحيم" لعباس جدة

المديرية الجهوية للثقافة تنظم توقيع كتاب مسرحي بالقنيطرة في اليوم العالمي للمسرح
قراءة محمد صولة في "ملاك الجحيم" لعباس جدة
محمد بدري، محمد صولة، عباس جدة، محمد الزيات

مصطفى لمودن
احتضنت المكتبة الجهوية بالقنيطرة مساء الأربعاء 27 مارس قراءة في كتاب"ملاك الجحيم" للكاتب المسرحي عباس جدة، من تنظيم "المديرية الجهوية للثاقفة"، وقد قدم الناقد والكاتب المسرحي المتخصص محمد صولة ورقة تقديمية حول المسرح بمناسبة يومه العالمي الذي وافق نفس الموعد، عنونها ب"شعرية الفن الدرامي"، لينتقل إلى تقديم قراءة في نص واحد ورد في  كتاب"ملاك الجحيم" عنوانه "يا للخسارة العظيمة"،  وقد صنفه ضمن "مسرح العبث"، وعزز طرحه بأمثلة متنوعة، واعتبر في الأخير جملة وردت على لسان أحد بطلي  المسرحية (العمياء والمقعد) تقول " الإنسان هو الذي أفسد الكون والعالم والطبيعة" بمثابة ملخص لمضمون المسرحية..
  أهم الإشكالات التي أثير حولها نقاش أكثر مسألة اللغة التي تكتب بها النصوص المهيأة للعروض المسرحية، فالكاتب عباس جدة يصرح بشدة؛ " اخترت أن اكتب بالعربية، العربية أعشقها أحبها، وأنا من مناصري اللسان العربي.. كي أتجاوز الكلمات المبتذلة وإضحاك الجمهور، والحفاظ على البعد الأدبي والفني.." قبل أن يستدرك بعد ذلك بقوله " لكن أستعمل كلمات دارجة وفي سياق آخر".. غير آخرين منهم مصطفى لكليتي الكاتب ورئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالقنيطرة يعتقد أن حصر الكتابة المسرحية في العربية وحدها يكون سببا في انحصار المسرح واكتفاءه بنخبة مثقفة فقط، وأضاف أن النصوص التي نناقشها ليست سوى مشاريع عروض مسرحية.. أما محمد صولة فركز في إطار الرد على التنوع اللغوي والتعبيري في المسرح، بحيث إنه عمل جماعي، واللغة يتم تذويبها من خلال خطاب معين.."، ليختم بوضع تساؤل عريض حول الثقافة العربية والمسرح عموما وهو "كيفية الخروج من السماعي إلى المنظور"، ويقصد بذلك العرض المسرحي المركب..
  الإشكال الثاني الذي أثار نقاشا وردودا هو غياب المسرح الحقيقي في اليوم العالمي للمسرح، والاكتفاء بعرض قراءة في كتاب يحتوي  نصوصا مسرحية، فحينما طرح السؤال نفسه بحدة، كان أول من رد محمد بدري عن "المديرية الجهوية للثقافة" والمشرف على المكتبة الجهوية، وقد أرجع سبب غياب عرض مسرحي لعدم وجود مسرحية بجهة الغرب الشراردة بني أحسن كلها، وأضاف "كنا مستعدين لتمويل ذلك".. لكن ظهر أن لمتدخلين آخرين رأيا مخالفا، أول مبرر موضوعي هو الغياب المطلق لقاعة العروض المسحية بالجهة وبمدينة القنيطرة كذلك.. وهناك من وجه اللوم لوزارة الثقافة التي لم "تبعث" بأي عرض مسرحي إلى القنيطرة أو الجهة كما فعلت مع مناطق أخرى وبلدات صغيرة، ورأى المتحدث أن ذلك مدعاة للاحتجاج ضد الوزارة، وأثير بحدة وحسرة عدم حصول سبع عروض مسرحية من القنيطرة على منحة الإنتاج المسرحي من وزارة الثقافة.. وذكر مطلع للجريدة بعد ذلك أن هذا الأمر قد يكون هو السبب في مقاطعة عدد كبير من المسرحين لهذا النشاط الذي نظمته "المديرية الجهوية للثاقفة"..  وقد كان الحضور باهتا جدا..   
 تلا في البداية المسرحي محمد الزيات رسالة اليوم العالمي للمسرح  لهذه السنة والتي كتبها المسرحي الإيطالي داريو فو وترجمها إلى العربية  يوسف عيدابي..


الخميس، 28 مارس 2013

هنا "إذاعة" الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية !!


هنا "إذاعة" الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية  !!

مصطفى لمودن
قيل إن إدريس لشكر ينوي فتح إذاعة خاصة بالحزب (*).. فكرة جيدة، خاصة أن أغلب المغاربة يهتمون بالشفوي أساسا، ومع انحصار المقروء والجريدة الحزبية وفراغ المقرات وهروب الناس إلى الماضي والفراغ، قد يكون هذا الحل مفيد للتواصل أحسن.. لكن، هل يمكن للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي أن يحصل على رخصة؟ لا أظن ذلك، ومعاذير القائمين على "الترخيص" كثيرة منها صعوبة فتح هذا الباب.. وقد رأينا العراقيل التي وضعت أمام قنوات تلفزية "خاصة"، فما بالكم بإذاعة تابعة لحزب.. فهل يمكن أن يفكر مثلا لشكر في فتح إذاعة بقبرص أو جزر الخالدات؟ تقنيا يمكننه ذلك ويصل صوته إلى المغاربة في قمم الجبال وكهوف دور الصفيح وشقق العمارات.. لكن هل يمكنه فعل ذلك أصلا؟ (أي في قبرص؟)، وهل ستجد مثل هاته الإذاعة الحزبية أذنا سامعة (أو صاغية على أبعد حد) أمام زحمة الإذاعات والقنوات التلفزيونية والتواصل بالهواتف النقالة.. هل ستقدم هذه الإذاعة العيوط والطقطوطقة والراب والهيب هوب حتى تجد من يستمع لها ومن يبحث عن "نشوة" موسيقية قبل أي استماع إلى البيانات والخطب.. إن نخبنا "تستفيق" متأخرة، فلو أن أحزاب "الحركة الوطنية" كانت ذكية وجادة لكانت قد أنشأت قناة فضائية تبث من أنجلترا مثلا في عز صولتها حينما كان الحسن الثاني يفاوضها كي "تشترك" في الحكم قبل 1998.. لكن في الغالب فنخب المغرب الحزبية تعلن عن بعض القرارات للمزايدات أو لإثارة الانتباه في إطار الإعلان عن التواجد أو محاولة تصريف الاحتقانات الداخلية والسلام.. على أي أتمنى أن يفتح الاتحاد الاشتراكي قريبا إذاعته الخاصة، فقد تكون مدرسة إعلامية جديدة كما ظلت صحافة هذا الحزب لعقود مدرسة إعلامية حقيقية إلى أن قتلها "التناوب" المغشوش.. إن الزمن الآن يفتح المجال للصورة المتحركة قبل الصوت الخافت الذي لم يعد يلتفت إليه إلا القلة القليلة جدا. وكل يوم تبدع التكنولوجيا صرخة جديدة آخرها الانترنيت بكل حمولاته عبر الهواتف المتنقلة. ويبدو أن لشكر مازال في زمن "هنا لندن" عندما كانت تخرج رنانة من راديونات في حجم الصناديق الكبيرة..
-----------------------
(*) "المساء" 27 مارس 2013