الجمعة، 20 أغسطس 2010

أراء في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد مؤثرها التاسع عبد الحميد أمين، مصطفى الشافعي، عبد اللطيف مستغفر وجها لوجه


أراء في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد مؤثرها التاسع
عبد الحميد أمين، مصطفى الشافعي، عبد اللطيف مستغفر وجها لوجه

نظمت مجلة عدالة لقاءا حواريا حول المؤتمر الوطني التاسع للجمعية وآفاق العمل داخل الجمعية، أداره مدير المجلة الأستاذ عبد اللطيف وهبي، وشارك فيه الإخوان عبد الحميد أمين ومصطفى الشافعي وعبد اللطيف مستغفر.
وتعميما للفائدة، ننشر هنا مضمون الحوار كما توصلنا به من هيئة تحرير الجريدة في صيغته الإلكترونية. وقد نشر الحوار في العدد الثاني من المجلة الصادر في غشت 2010 (المصدر: بريد مشترك لأعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)
  
غلاف مجلة "عدالة جوست" ويظهر عبد اللطيف وهبي مدير المجلة، في عمق الصورة عبد اللطيف مستغفر، في الوسط مصطفى الشافعي، ثم عبد الحميد أمين
ارتأت هيئة تحرير «عدالة جوست» أن تستضيف بعض الفرقاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على إثر الارتجاج الأخير الذي وقع بالمؤتمر التاسع، ذلك أنه قيل الكثير بشأن انسحاب أعضاء من المؤتمر، مما أثار عدة تساؤلات حول المسؤولية، ومصير الجمعية.
وانسجاما مع اهتمام مجلة «عدالة جوست» بالمجال الحقوقي استضافت كل من عبد الحميد أمين، وعبد اللطيف مستغفر، ومصطفى الشافعي، باعتبارهم من الوجوه البارزة لأطراف الخلاف، وإيمانا منا بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تمثل رصيداً وطنيا، ومصيرها مسؤولية تاريخية على عاتق أعضائها.
وحرصنا خلال هذا الحوار، الذي جمع لأول مرة أطرافا فاعلة في الجمعية، على ألا نعود بعقارب الساعة إلى خلافات المؤتمر الأخير للجمعية ونغوص في كنهه، ولنكون صلة وصل بين المتدخلين والمهتمين، وخاصة القراء.
من هذا المنطلق أكدنا قبل الشروع في هذا الحوار على أننا ننبذ الإثارة، ودافعنا من عقد هذا اللقاء هو إعطاء فرصة للأطراف للتداول بكل حرية حول خلافاتها من خلال تقييمها لأسباب هذا الصراع، لإعطاء تصور ولو مرحلي لمآل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كإرث تاريخي ووطني.
وقد كانت هذه الجلسة بمقر مجلة «عدالة جوست» وعرفت زخما من المعطيات بفعل النقاشات التي كانت تحتد أحيانا، ولكن إطلاقا لم تكن تتجاوز حدود اللياقة واحترام الرأي الآخر. ونعتبر في المجلة أن هذه نقطة إيجابية تدعم الحوار بين الأطراف داخل الجمعية بشكل حر وديمقراطي، والذي ساهم فيه كل من عبد الحميد أمين عضو المكتب المركزي للجمعية، ومصطفى الشافعي عضو المكتب المركزي سابقاً وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع للجمعية، وعبد اللطيف مستغفر عضو المكتب المركزي سابقا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (2004-2010).

م. "عدالة جوست": كيف تقيمون المؤتمر الجمعية المنعقد أخيرا؟
عبد الحميد أمين:
أولا أود أن أشكر مجلة «عدالة جوست» في شخص مديرها عبد اللطيف وهبي على هذه المبادرة باعتبارها تمثل أول فرصة نلتقي فيها بعد انتهاء المؤتمر بالشكل الدرامي الذي انتهى إليه، وهذه فرصة أولا نتحاور فيها وجها لوجه، ونضع الأمور في نصابها ولنطرح طبعا الآفاق المستقبلية.
بالنسبة لسؤالكم أعتبر أن المؤتمر الوطني التاسع كان ناجحا في بلوغ جميع أهدافه إلا هدفا واحدا.
فالمؤتمر انعقد وانتهى في وقته القانوني، وحدد جدولا لأعماله المتمثلة في مناقشة التقرير الأدبي والمالي والبت فيهما، ثم بعد ذلك طرح على نفسه البت في عدد من المشاريع والمقررات وكان له ذلك، وصادق على البيان العام المقترح بعد مناقشته وإغنائه، ثم انتخاب لجنة إدارية اجتمعت وانتخبت مكتبا مركزيا مشكلا من 19 عضواً من ضمنهم 8 نساء، ونفتخر دائما في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمكانة التي تحتلها المرأة في الأجهزة القيادية.
م. "عدالة جوست": (مقاطعا): ما هو الهدف الوحيد الذي لم يتحقق خلال المؤتمر؟
عبد الحميد أمين:
الهدف الوحيد الذي لم نحققه هو أننا لم نتمكن من إدماج كافة التوجهات داخل قيادة الجمعية، طبعا نحن غير مرتاحين لكوننا لم تتمكن من إدماج كل التوجهات الموجودة داخلها في القيادة كما كان ذلك في السابق. إذن هذه هي النقطة الوحيدة التي لم نتمكن من تحقيقها، وطبعا هذه المسألة يمكن، إذا أردت أن نرجع إلى المسؤوليات بصددها فيما بعد، لكن هذه هي النقطة في نظري الوحيدة التي لم يتمكن المؤتمر من تحقيقها وهي إدماج كافة التوجهات على مستوى القيادة التي توجد بها.
مصطفى الشافعي:
أنا بدوري، كمناضل بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ساهمت بقسط كبير في ثلاث ولايات ضمن القيادات السابقة، أشكر مجلة «عدالة جوست» على إتاحة هذه الفرصة، التي هي في الحقيقة بعيدة عما يمكن أن أسميه بـ«الغوغاء» التي تبادلتها بعض الصحف حول المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي يمكنني القول بشأنه من الناحية النظرية الصرفة إنه انتهى إلى تشكيل أجهزة والمصادقة على البيان العام، ولم ينته إلى المصادقة على مضامين المقررات وفق ما نوقش داخل اللجان الداخلية، وبالتالي فإنه من الناحية الجوهرية فإن الجمعية كفضاء تعددي يختزن في تعبئته البشرية حساسيات فكرية وسياسية وفعاليات نضالية وأن النقطة المركزية لم ينته إليها المؤتمر لأنه لم يشكل أجهزة تعددية بالمعنى الواسع، وهذا باعتراف الرفيقات والرفاق في قيادة الجمعية أو بالنسبة للمناضلات والمناضلين الذين سحبوا عضويتهم من اللجنة الإدارية.
إن المؤتمر الوطني التاسع تضمن عيوبا من حيث المنتوج الأدبي الذي انتهى إليه بالضرورة، خاصة مقررات اللجان، والتي أحيانا لا ترجع لأسباب تتعلق بصراع سياسي، لكن المشكل حتى في التصورات والمذاهب التي يترتب عليها برامج وأنشطة في المستقبل.
من هنا أخالف رأي رفاقي في قيادة الجمعية، لأن المؤتمر من الناحية الشكلية أنهى أشغاله لكن لم ينجح في ضمان استمرار احتوائها للتنوع.
من هذا المنطلق أقول شخصيا إن المؤتمر فشل في تدبير تمثيلية الأجهزة.
عبد اللطيف مستغفر:
بدوري أحيي الإخوة في هيئة تحرير مجلة «عدالة جوست» على هذه المبادرة.
بالنسبة لي كعضو سابق من أعضاء اللجنة المركزية للجمعية لولايتين أعتبر بأنه إذا كان هناك نجاح للمؤتمر فهو من الناحية الشكلية والصورية، بحكم انتهاء أشغاله وبرنامجه في الوقت المحدد، وذلك بمساهمة من الإخوان والأخوات الذي سحبوا ترشيحهم من اللجنة الإدارية والذين لم تكن لهم الإرادة لتأزيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أو السعي إلى خلق نوع من الانشقاق داخلها على الرغم من أن بعض الإخوان من قيادة الجمعية كان لديهم نوع من الفكر المسبق حول إمكانية فشل المؤتمر، وهذا ما لم يحدث، وحرص الإخوة المنسحبون على نجاحه…، ولكن المؤتمر فشل من ناحية أخرى من حيث عدد من النقط أبرزها أنه لأول مرة في تاريخ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يمارس نوع  من الإقصاء الممنهج تقريبا على مستوى إعداد المؤتمر، خصوصا على صعيد لجنته التحضيرية، أي إقصاء عدد من الأطر والمناضلين الذين اشتغلوا داخل الجمعية ومشهود لهم  بالخبرة والفعالية والكفاءة، وذلك لكونهم اختلفوا  مع التيار المهيمن داخل أجهزة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
م. "عدالة جوست": ماذا تقصدون بالتيار المهيمن؟
عبد اللطيف مستغفر:
المكون السياسي المهيمن الآن على أجهزة الجمعية، نعني به حزب النهج الديمقراطي. إذن لأول مرة  في تاريخ الجمعية يتم الإقصاء بهذا الشكل، كما تشكلت أجهزة منبثقة عن المؤتمر فيها اكتساح شامل لهذا المكون المهيمن ضمن مكونات أخرى كانت عاملة ومشتغلة داخل الجمعية.
 لأول مرة في تاريخ الجمعية كذلك يتم التحفظ على التقرير الأدبي والمالي بالنسبة لأكثر من ثلث المؤتمرات والمؤتمرين.
لأول مرة أيضا  في تاريخ مؤتمر الجمعية – وهذه سابقة خطيرة- تتم إحالة منتوج عمل عدد من مؤتمرين  ومؤتمرات في اللجان على اللجنة الإدارية، في الوقت الذي شهدت فيها كل المؤتمرات السابقة تقديم كل لجنة عملها لتتم المصادقة عليه على حدة، في حين أنه في المؤتمر الوطني التاسع ضمت جميع المشاريع والمقررات وأُحيلت على اللجنة الإدارية المقبلة، مما جعل اللجنة الإدارية في موقع أكبر من المؤتمر.
أقول بأنه اللجنة الإدارية المنتخبة بخلاف السمفونية التي ترددت طيلة ثلاث سنوات ( 2007 إلى 2010) وتكررت في مختلف وثائق المؤتمر والتي مفادها أنه لأول مرة في تاريخ الجمعية يتم انتخاب اللجنة عبر الاقتراع السري المباشر.
وقد انتفت هذه السمفونية خلال هذا المؤتمر وتم انتخاب أجهزة اللجنة الإدارية والمكتب المركزي بطريقة مخالفة للقانون والنظام الداخلي الأساسي للجمعية، اللذين ينصان على أن انتخاب الأجهزة  يكون إما عن طريق الاقتراع السري المباشر أو لجنة الترشيح في حين أن هذه العملية لم تحصل في مجملها…
م. "عدالة جوست": هناك حديث عن الهيمنة والإقصاء، ترى هل الأمر يعود إلى صراع في الأفكار والتوجهات أم هي «حرب» مواقع أم هي حسابات معينة داخل المؤتمر مرتبطة بالواقع السياسي بالبلاد؟
عبد الحميد أمين:
إذا سمحت لا بد من إرجاع الأمور إلى نصابها.
م. "عدالة جوست": (مقاطعا) من فضلك أجبنا على السؤال بالتحديد لأننا لا نريد أن ندخل في الحوارات الثنائية؟
عبد الحميد أمين:
أولا صيغة السؤال خطيرة لتطرقه لمسألة «الإقصاء» و«الهيمنة» وفق ما تحدث عنه المتدخلون.
أقول إن ما نحن متفقون عليه هو أن مكونا سياسيا معينا غير ممثل داخل اللجنة الإدارية والمكتب المركزي للجمعية المغربية، في حين أن هناك ستة تيارات سياسية متواجدة على مستوى اللجنة الإدارية و المكتب المركزي، بالإضافة إلى المستقلين، وما أدراك ما المستقلين داخل الجمعية، والذين يشكلون اليوم أكثر من 75% من الأعضاء، وما لم يفهمه البعض هو أن الجمعية تحولت بشكل جدري منذ 10 إلى 12 سنة، إذ أنه في سنة 98 كانت الجمعية تضم 3000 منخرط، وأنا شخصيا أقدر أن حجم التيارات السياسية الثلاثة الأساسية كانت ممثلة بحوالي الثلثين (المرتبطون بالتنظيمات السياسية) والثلث على الأكثر كان من المستقلين، أما في نهاية سنه 2009 فأصبح عدد المنخرطين أزيد من 10000 منخرط، وأنا شخصيا أحدد نسبة المتحزبين في أقصى الأحوال في الربع، و 75% من المستقلين.
هذا على مستوى الأعضاء، أما فيما يخص الأجهزة فطبعا كما هو الشأن فإن المتحزبين يشكلون الأغلبية، وهذه القضية كانت دائما كمعطى وستظل لمدة طويلة.
م. "عدالة جوست": قلتم في مداخلتكم إن المؤتمر الوطني التاسع للجمعية فشل في نقطة وحيدة وهي عدم إدماج كافة  التوجهات داخله. فما هي أسباب ذلك؟
عبد الحميد أمين:
خلافا لما قاله أحد المتدخلين، كانت هناك إرادة لتأزيم مؤتمر الجمعية، التي لامسناها في مناقشة التقريرين الأدبي والمادي من خلال عدم تسجيل أدنى شيء إيجابي قام به المكتب المركزي في أول لجنة في الثلاث سنوات الأخيرة، كما ظهرت المواقف السلبية في التصويت بتحفظ على عمل الجمعية التي تمكنت في ظرف الثلاث سنوات الأخيرة من الحصول على حصيلة إيجابية يشهد عليها الرأي العام الوطني، ثم جاءت أكبر أزمة داخل المؤتمر وهي انتخاب الرئاسة، حيث كان هناك نقاش ثم اقتراح لرئاسة معينة يمثل فيها التيارات اللذان انسحبا بنسبة 40%، إلا أنهم رفضوا أن يتم التصويت على الرئاسة، وكانوا يريدون أكثر من ذلك بشكل غير مباشر، بل في وقت معين كانت هناك محاولة لاحتلال منصة المؤتمر، وتمكنا في نهاية المطاف من الخروج بحل وسط ليتم التصويت بشكل ساحق لصالح رئاسة المؤتمر…
م. "عدالة جوست": ألم تكن هناك تقسيمات داخل الجمعية؟ وهل تمت مراعاة حساسية التيارات بانتخاب الرئاسة؟
عبد الحميد أمين:
كانت هناك تقسيمات داخل الجمعية وأخذت بعين الاعتبار التشكيلة الموجودة داخل المؤتمر، أي تمثيلية نسبية لما هو موجود حتى بلجنة الرئاسة، لأننا كنا نعرف أن المؤتمر صعب وصعب جدا، خاصة أمام التخوف من عدم نجاح المؤتمر.
من الطبيعي حينما تكون هنالك إرادة للتأزيم أن ينتهي المؤتمر بسحب الترشيحات، وبالانسحاب أيضا من المؤتمر وذلك بعدم إتمام أشغاله. إذن لم يكن هناك إقصاء بدليل أننا لم نكن قد وصلنا بعد إلى انتخاب الأجهزة، مما يعني أن المنسحبين أقصوا أنفسهم.
م. "عدالة جوست": (مقاطعا) تحدثت عن تأزيم المؤتمر فما هي الخلفيات من وجهة نظرك؟
عبد الحميد أمين:
إن الخلفيات واضحة، وإذا كنا سنتحدث عن المواقف فيما بعد فإن ما يتحدث عنه البعض في الجمعية يهم المواقع، لأن هؤلاء يريدون الحصول على أكبر حصة، إلا أنه حينما لامس طرف معين داخل المؤتمر أنه لن يحقق مبتغاه انسحب قبل الوقت، إذن المسألة هي مسألة مواقع، ومع الأسف لم نتمكن من فرض آليات لإعطاء كل ذي حق حقه، ولحد الآن فإن الآلية الوحيدة التي تستجيب لهذا التصور هي الانتخاب باللائحة وبالنسبية، لكن  هذه الفكرة طرحت ولم تناقش إلا بضعة أيام قبل المؤتمر. وبالتالي لم نتمكن من إيجاد التقنيات لإعمالها على أرض واقع المؤتمر التاسع للجمعية، مما يعني أن السبب الوحيد للانسحاب كان هو مسألة المواقع.
م. "عدالة جوست": سؤال: (مقاطعا)؟
عبد الحميد أمين (مقاطعا):
قبل طرح سؤالك لا بد من أن أشير فيما يخص عدم انتخاب اللجنة الإدارية بالتصويت، أنه بالفعل تنص أنظمة الجمعية على أن انتخاب اللجنة الإدارية يكون بالتصويت السري،  لكن ما جدوى ذلك إذا كان عدد المرشحين يوازي العدد المطلوب للجنة خاصة أن المؤتمر أكد على أن التصويت على هذه الوقائع مسألة عبثية، وهو نفس الشيء بالنسبة لانتخابات المكتب المركزي، علما أن الأمر وقع بالفروع أثناء انتخاب المؤتمرين ولم تتم إثارته. بل إني قلت حينها بضرورة التصويت السري، لكني كنت أواجه بعدم الجدوى إذا كان عدد المرشحين يوازي عدد المطلوب لتشكيل اللجان والفروع والمكاتب…
م. "عدالة جوست": هل فعلا سبب الأزمة هو الإرادة الخفية لتأزيم المؤتمر وحرب المواقع؟
مصطفى الشافعي:
أنا في تقديري على الأقل هناك قاسم مشترك بيننا، ونقر الآن بجميع المواصفات والتوصيفات التي نريد بأن المؤتمر فشل في انتخاب أجهزة تعددية بالمعنى الواسع، وهذا عنصر أساسي في الاتفاق، وذلك لسببين رئيسيين بعيداً عن الحديث عن العدد، لكون الثقافة السائدة وسط الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فيما يخص الاحتكام للديمقراطية تحكم فيها « المنطق العددي» للأسف منذ تأسيسها ابتداءً من 1979 إلى الآن، أي أنه عبر تاريخها حملت معها مسألة ثقافة الأقوى عددا أولاً.
أما العنصر الثاني للفشل المتحدث عنه فيكمن في عدم توصل الجمعية لحد الآن إلى إيجاد الآليات والضوابط الناجعة لتمثيلية الروح السياسية الداخلية.
إن الرأي السياسي لا يمثله العدد، والاجتهاد لا يعكس التمسك بالعدد، وهذا هو الفرق الكبير بين الشعار والاجتهاد، فعندما نقول الديمقراطية كشعار دائما نتوجه نحو الأسلوب السهل الذي يعطينا ديمقراطية شكلية، أي أن الانتخابات تكون ديمقراطية من حيث الشكل، لكن ممارسة جوهر الديمقراطية يكون مغيباً، أو نسبيا غير مكتمل. 
إن صيغة تنظيم المؤتمر في حد ذاتها كارثية، لأن إعلان «الحرب» ما بين الفرقاء السياسيين تبتدئ من الفروع، وكل واحد يقول (ضرب على جطي) وبالتالي لا يتم الانتباه إلى الآثار البعدية للتطاحنات على مستوى الفروع، وهذا عنصر خطير أعتبر أنه السبب الرئيسي لعدم الاندماج بالنظر لسيادة ثقافة الفرقاء السياسيين، أي أن الاشتغال بهذه الثقافة (الفريق السياسي) تنسينا أحيانا العمل ضمن الوحدة العضوية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كآلية للدفاع عن هذه الحقوق المتعارف عليها دوليا، وبالتالي تكون عملية تنمية الاشتغال داخل الجمعية تحكمها خلفية الفريق السياسي المنتمي إليه، وهذا أمر خطير.
وعليه فإن المشكل هو أننا لم نستطع بلورة الآلية التي يمكن أن تحد على الأقل من الآثار السلبية لهذا العمل، لهذا أدعو إلى الانتخاب السري مثلا وأعتبر شخصيا الآن أن لجنة الترشيحات أكثر ديمقراطية من التصويت السري المباشر، لأن التصويت السري المباشر …يمكن الأقلية المنظمة أن تصل نسبة تمثيليتها إلى %70 أو 75% أو 80%  أو حتى 90 % من المنخرطين في الجمعية غير المنتمين لأحزاب سياسية، في حين أن نسبة 10 % المنخرطة في هذه الأحزاب يمكن أن تشكل قوة كي تصل بأكبر عدد إلى المؤتمر، وبالتالي تكون المجموعة الأكثر تنظيما داخله وتصل بأقل عدد للأجهزة التقريرية.
وقد استعملت آليات لجنة الترشيحات منذ 1979 إلى حدود المؤتمر الثامن وهي آلية كانت تمارس فيها بشكل أو بآخر النسبية، وهي نسبية غير معلنة بشكل واضح تم تكريسها في المؤتمر الثامن وأدخل المنطق العددي الذي تكتسح به الأجهزة…
في هذا الصدد تقدمت شخصيا بمقترح لرصد آلية النسبية بهدف وضع حد للمفاهيم الرائجة داخل الجمعية (الإقصاء، الهيمنة…الخ)، مع مراعاة سقف معين لا يمكن لأي جهة تجاوزه، لكن للأسف رغم ضيق الوقت إلا أن الإرادة لم تكن متوفرة، والتي كان يجب أن تتوفر لمعالجة أي قضية، سواء العلمانية أو الصحراء أو الحريات …الخ.
وهذه الأمور كلها كنا سنستدركها لو أننا خلقنا الآلية التي تمثل فيها جميع التعبيرات السياسية والفكرية داخل الجمعية.
أما النقطة الثانية المتعلقة بالعدد فتتخلص في كوننا حضرنا جميعا للمؤتمر لهدف تحمل المسؤولية، بمعنى أن هناك إرادة لتقاسم المسؤولية في تسيير الجمعية، وهذا الاقتسام لا يجب أن يكون شكليا بل تنظيميا، أي أن الشافعي ومستغفر وأمين وخديجة وغيرهم كلهم يبحثون عن مواقع، وبالتالي يفترض إعادة الأمور إلى نصابها بخصوص الحديث عن المواقع.
أعود لأقول لم تكن الإرادة القوية لإنجاح هذا المؤتمر، إذ أننا جميعا نقر بفشلنا في تدبير انتخابات تمثيلية بالمعنى الواسع للتعددية.
م. "عدالة جوست": هل يمكن القول إن عدم التمكن من تدبير الخلاف والتناقض استحكما داخل الجمعية وأعطى النتيجة التي وصلت إليها؟
عبد اللطيف مستغفر:
نعتبر أنه كان هناك نوع من التخطيط السياسي لإيصال الجمعية إلى ما وصلت إليه الآن، لأنه قيل قبل وبعد المؤتمر أن هناك متغيرات وتوترات بين المكونات السياسية داخل الجمعية ووجود فيصل سياسي جديد لم يكن في السابق، وبالتالي أعطت هذه المسألة الانطباع لدى المتتبع لشأن حقوق الإنسان في بلادنا بأن التحكم السياسي القوي في مسار الجمعية هو الذي أوصلها لما هي عليه الآن، لأنه في الوقت الذي كانت فيه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إطارا متعددا ومتنوعا منذ تأسيسها إلى غاية المؤتمر الثامن، ظهرت إرهاصات أولية لهذا المأزق مباشرة بعد انتهائه سنة 2007، حيث صرح الأخ أمين وهو مازال رئيسا لهذا المؤتمر (الثامن) والذي لم تتشكل أجهزته آنذاك بالقول: «انتهى زمن الريع السياسي»، وهذا يتضمن إحالة على انتهاء كل أشكال التوافقات السياسية التي كانت تعطي نوعا من التعدد والاختلاف والتنوع داخل اللجنة المركزية لحقوق الإنسان، وهذا التصريح أصبح بمثابة توجه سياسي غطى مرحلة 3 سنوات تبين من خلال الممارسة والسياسة الممنهجة أن هناك مسارا للاستفراد والتحكم في الجمعية من قبل المكون السياسي الذي تكلمنا عنه في السابق.
أعود أيضا إلى مسألة أخرى طرحت مباشرة بعد أشغال المؤتمر الثامن، إذ صرح الأخ أمين كذلك في حوار أجراه مع أحد الصحفيين بأنه: «الآن يمكن أن تتحقق أهداف إلى الأمام …» وهذا فيه نوع من الإلحاقية السياسية بجمعية حقوقية…
أما ما ذكره الأخ أمين بخصوص تمثيلية التيارات ووجود ستة منها داخل الجمعية فحبذا لو يعطينا النسب المئوية لتركيب التيارات السياسية، وماذا عن التيار السياسي الوحيد الموجود بالأجهزة… في حين صدر بلاغ لمكون سياسي آخر يؤكد بأنه غير ممثل داخل أجهزة الجمعية، وأعتبر أن هذا التحليل مجانب للصواب.                       
بالنظر لتحكم  قوة سياسية معينة، لكي تعطى لهذه القوة شرعية على مستوى الرأي العام عملت بعض المكونات على تأتيت شكلي وصوري…
أما فيما يخص مسألة الاستقلالية التي ذكرت – مع وضعها بين هلالين- فقد اتفق عدد من المناضلين على اختيار شخص من المستقلين ليكون في لجنة الرئاسة، مقابل إصرار قوي جدا للإبعاد والإقصاء لهذا المستقل، وهو الأخ عبد الإله بنعبد السلام…
وفيما يهم مسألة التمثيلية فإن المؤتمر استغنى على الاقتراع السري المباشر، أو لجنة الترشيحات، لكن لماذا لم يحترم القانون الذي كان للمؤتمرين حق تغييره؟
م. "عدالة جوست": سؤال: كان هناك حديث عن الأزمة، والكارثة، واختلاف في وجهات النظر منذ سنوات خلت لكن ألم يكن من المنطقي والمفروض الانسحاب قبل المؤتمر التاسع؟
عبد اللطيف مستغفر:
أولا: إن الأخوات والإخوة المنسحبين كان لديهم حرص شديد للانتماء للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ولا أخفيك أنه طيلة 3 سنوات، أي من 2007 إلى حدود انعقاد المؤتمر في 2010، كانت توترات قوية ما بين أعضاء المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بشأن عدد من القضايا، لكن كنا دائما نقول بأن هذه الخلافات لا يجب أن تصل إلى الباب المسدود، حيث كان لدينا أمل في يقظة الإخوة الذين يأخذون الآن بزمام الأمور داخل أجهزة الجمعية للأشتغال وفق المنظور الذي تأسست عليه الجمعية منذ تأسيسها، بمعنى التنوع، التعدد، والديمقراطية.
مصطفى الشافعي:
 بالنسبة إلي أصبحت مؤتمرات الجمعيات المحلية والوطنية استنساخ للصيغ الحزبية والنقابية، لهذا أقول إن صيغة المؤتمر في علاقته بمنظمة /جمعية مدنية لا يجب أن يكون على منوال الأحزاب السياسية والنقابات التي لها رهان السلطة عبر الوصول إلى المؤسسة التشريعية وتقلد المناصب الحكومية.
إن قوة الجمعيات، والفضاءات المدنية هي القدرة على الإبداع واحترام رأسمالها المتمثل في المصداقية….
م. "عدالة جوست": ما هي النقط الأخرى التي وقع بشأنها الخلاف خارج التمثيلية والجوانب التنظيمية؟
عبد الحميد أمين:
لابد من تمكيني من الوقت لتوضيح جملة من النقط للرد على ما قيل.
م. "عدالة جوست": لا نريد الدخول في التعقيبات الثنائية لأن ما قيل فيه الكفاية، وإنما نستهدف تسليط الضوء حول بعض النقط وفتح الحوار حولها؟
عبد الحميد أمين:
قبل التطرق لهذه النقطة أقول إن القضايا الأساسية لم تكن هي النقط الخلافية حول موضوع العلمانية والصحراء وغيرها، وإن كانت بشأنها خلافات… وأتذكر اجتماعا عقد في 12 مارس 2010 وحضره الأخوان الموجودان معنا هنا بالإضافة إلى عدد من الفعاليات الأخرى داخل الجمعية معروفة، وكان هناك شبه احتجاج علينا، لأننا أقررنا بوجود نقاط خلافية، بل قيل لنا لماذا تضخمون الأمور، والنقطة الخلافية الوحيدة هي التمثيلية داخل الأجهزة، بالإضافة إلى سوء تدبير مشكل الصحراء وليس الموقف من الصحراء، وهذه هي خلاصة ندوة 12 مارس، فإذا بالحديث يثار بعد ذلك بشأن خلافات في مواقف كثيرة سنرجع إليها ونجيب عليها، لكن ما يهمني في هذه اللحظة هو أن هناك قضايا تنظيمية خطيرة لابد من الوقوف عليها .
في الأول قيل أنه تم تهريب المقررات وذلك لم يتم، بل نوقشت ونقحت وتمت المصادقة عليها، وما تم تحويله إلى اللجنة الإدارية هو التقرير، أي أن اللجان اشتغلت في جو محموم، وفي جو من الصراعات الخطيرة، حيث لم تكن هناك إمكانيات للنقاش، فماذا فعلت اللجان؟ بكل بساطة أتت بتقارير فيها الشيء ونقيضه، وهو ما دفع باقتراح من أحد الإخوان الذين كانوا يمثلون الطرف المعارض داخل المؤتمر، وهو عضو في الرئاسة إلى اقتراح إحالة كل هذه  الأمور على اللجنة الإدارية، أولا لملاءمتها مع البيان العام الذي يجسد المواقف المضبوطة، وثانيا لأخذها بعين الاعتبار فيما يخص إغناء المـواقف و برامج، وهذا ما تمت إحالته على اللجنة الإدارية وليس المقررات التي كانت مضبوطة، وكان الأخ الشافعي في اللجنة التحضيرية وتم الاتفاق على مشاريع المقررات وأحيلت بعد إغنائها…أصبحنا دائما نسمع معزوفة «هيمنة مكون سياسي معين» وإلحاقه بالجمعية وهي مجرد صيغة بوليميكية لأن ما يوجد على أرض الواقع هو  أغلبية داخل الجمعية، لا بد لها أن تمارس حقوقها الديمقراطية في إطار احترام حقوق الأقلية بما في ذلك حقها في أن تصبح غدا أغلبية…
م. "عدالة جوست": (مقاطعا) لا نريد أن ندخل في الردود وسؤالي هو ما هو تقييمك للمؤتمر؟
عبد الحميد أمين:
قبل أن أجيب على السؤال أرجع إلى مسألة لجنة الترشيحات كآلية مفضلة استعملت آخر مرة في المؤتمر السابع الذي انتهى بانسحاب التيار الذي كان يتزعمه الأخ الشافعي، لأنه رفض  تحكيم لجنة الترشيح، ومن تم ظهرت عيوب لجنة الترشيحات وبدأ الناس يفكرون في مسائل أخرى، وإلى غاية المؤتمر الثامن وشرعنا في تداول آلية اللائحة النسبية، لكن الأخ الشافعي، وهذا ما يجب أن يتذكره، اقترح علينا في إطار الانتخاب باللائحة النسبة انطلاقا من عدم تجاوز أي تيار سياسي نسبة 40%  بمعنى  أن التيار الذي يمثل بالفعل أكثر من 60%  داخل المؤتمر، سيصبح لديه 40%، والتيار الذي كان يشكل الثلث داخل المؤتمر سيصبح له 60 %…
على أي حال ربما أن الأخ الشافعي بنفسه لم يكن مدركا لأبعاد ما اقترحه، لكن هذا إن دل على شيء فإنما يؤكد على أنه لم يكن لنا الوقت الكافي رغم توفر الإرادة السياسية، وأنا من الذين يدافعون عن اللائحة النسبية منذ سنة 1968، حيث وضعت آنذاك أرضية الحزب الشيوعي المغربي وفق النسبية داخل الطلبة، لكن مع الأسف لم يكن لدينا الوقت لدراسة الصيغة التي طرحت…
م. "عدالة جوست": أكرر بأننا لا نريد الدخول في الردود لكن ما هي النقط الكبرى التي كانت محل خلاف داخل المؤتمر؟
عبد الحميد أمين:
 أنا أقول إن النقطة الأساسية هي المنظور للديمقراطية من خلال نقاش علمي وموضوعي من أجل الإقناع والاقتناع والوصول إلى حلول بعد النقاش العلمي والموضوعي، وبعد ذلك لما لا نصل إلى الحل يتم اللجوء إلى التصويت  بالديمقراطية العددية، لكن تصوروا معي أن الديمقراطية العددية أصبحت اليوم كلمة قدحية، في حين أن أي ديمقراطية في نهاية المطاف هي عددية، ونقيضها هي ديمقراطية التوافقات، أو ما يؤدي بك إلى الإنتظارية أو إلى دكتاتورية الأقليات .
م. "عدالة جوست": هل هذه هي النقطة الخلافية الوحيدة؟
عبد الحميد أمين:
هذه نقطة أساسية، لكن بما أن هناك صعوبة في مناقشة مشكل المواقع تم الرجوع إلى المواقف، وجوابي عن النقط الخلافية، أفضل أن يكون بعد إعطاء الكلمة للآخرين الذين انسحبوا، أو سحبوا ترشيحاتهم وعللوها بعدد من النقط الخلافية التي لا تحتمل الانسحاب من المؤتمر من وجهة نظري.
م. "عدالة جوست": (مقاطعا) ما هي هذه النقط الخلافية بالضبط؟
عبد الحميد أمين:
أولا موضوع الصحراء طرح أول مرة يوم المؤتمر. بخصوص هذا الموقف، كان لنا دوما خلاف بشأن تدبيره منذ ثلاث سنوات، ولم يكن أدنى خلاف حول موقف الحل الديمقراطي إلى حين بداية المؤتمر ونفس الصيغة التي تبنيناها في المؤتمر العاشر هي نفس الصيغة الحرفية التي تبنيناها في المؤتمر الثامن، وكان ذلك معروفا لأن مشروع البيان العام كان قد وزع على المؤتمرين. إذن فقضية الصحراء كانت صيغتها معروفة والنقاش بشأنها مفتعل ويتسم بنوع من ابتزاز، أي إذا لم تريدوا أن تتفقوا معنا حول المواقع فسنطرح مسألة وطنية كبرى وآنذاك تحملوا مسؤولياتكم أمام الشعب المغربي، هذه هي الطريقة التي  طرحت بها مسألة الصحراء…
م. "عدالة جوست":  سؤال: هذا كل ما يخص هذه القضية وبهذه الدرجة؟
عبد الحميد أمين:
لم تعش معنا المؤتمر الذي أكد على أن التشبث بموقف الحل الديمقراطي لقضية الصحراء مما جعل إخواننا ينسحبون وهم يغنون أغنية «العيون عيني والساقية الحمراء لية… الخ
م. "عدالة جوست": ماذا تقصدون بالحل الديمقراطي؟
عبد الحميد أمين:
أولا موقف الجمعية لا ينص على الحل الديمقراطي، بل يضمن عبارات «أننا نستنكر استمرار الصراع منذ عشرات السنين، وهذا الصراع الذي استنزف القدرات الاقتصادية للشعب المغربي والذي شكل عرقلة للوحدة المغاربية المنشودة، وأضاف الموقف: نحن مع الحل الديمقراطي للنزاع حول الصحراء وأننا نتصدى لكل الانتهاكات المرتبطة بهذا النزاع مهما كان مصدرها. هذا هو الحل، أما الحل الديمقراطي فهو الحل السلمي الذي ينبذ الحرب، والذي يتوافق عليه كل المتنازعين، وكل حل يجنبنا الحرب في المنطقة ويتوافق عليه المتنازعون فهو بالنسبة إلينا حل ديمقراطي وهو موقف حقوقي بامتياز، خلافا لما قيل حول هذا الموقف…
م. "عدالة جوست": هل الحكم الذاتي حل ديمقراطي؟ ثم ما هو الحل لهذا النزاع من وجهة نظرك كحقوقي في الجمعية؟
عبد الحميد أمين:
أنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا أعتبر شيئا، ليس لنا موقف لا من الاستفتاء ولا من الحكم الذاتي، وموقفنا الوحيد هو الحل الديمقراطي للنزاع، حيث يمكن أن يكون الحكم الذاتي هو الحل الديمقراطي إذا توافق عليه المتنازعون كما يمكن أن يكون الاستفتاء هو الحل الديمقراطي شريطة التوافق.
عبد اللطيف مستغفر:
… الجديد الذي حصل من المؤتمر الثامن إلى التاسع بخصوص ملف الصحراء هو أنه خلال هذه المدة ازدادت فروع الجمعية المحسوبة على مقاربة البوليساريو، وبالتالي حضر المؤتمر عدد من النشطاء الصحراويين الذين هم مع مقاربة الطرف الآخر في النزاع…إذ بعد أن كان فرع العيون انضاف فرع السمارة وطانطان…
م. "عدالة جوست": سؤال: هل توجه اتهاما…؟
عبد اللطيف مستغفر:
لا أوجه اتهاما، وإنما الأعداد الحاضرة للمؤتمر رددت شعارات معينة مما خلق استفزازا لدى الآخرين وأدى إلى ردود الفعل… كما أنه طيلة مدة ثلاث سنوات (2007 - 2010) تبين أن المقاربة لم تعد صالحة وأن الجمعية تغلب بشكل قوي التنديد بالانتهاكات التي تقوم بها السلطات المغربية تجاه نشطاء صحراويين وغض الطرف عن الانتهاكات المرتكبة من طرف السلطات الجزائرية والبوليساريو في المخيمات…الخ، كما يمكن إعطاء أمثلة ببعض النشطاء الصحراويين…
هذا الخلاف كان طيلة هذه المدة لكن ما نؤاخذه هو تبني التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان بمقاربة تغليب طرف على الطرف الآخر… أما المسألة الثانية فهي أن صيغة الحل الديمقراطي سياسية وليست حقوقية، لأنها صيغة متفق عليها في إطار التوافق بين المكونات السياسية للجمعية، علما أن  هذه المكونات بعضها لديه مقاربة استكمال الوحدة الترابية، وأخرى لها مقاربة تقرير المصير، ولكن حينما لم يعد هناك توافق سياسي أصبح كل إطار يعبر عن موقفه في إطار الرأي والتعبير التي نتحدث عنه  داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان…
م. "عدالة جوست": يبدوا أن قضية الصحراء المطروحة منذ السبعينيات فجرت الوضع داخل الجمعية سنة 2010؟
مصطفى الشافعي:
…القضيتان الأكثر إثارة للجدل والخلاف في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اثنتان، الأولى هي تدبير التمثيلية في الأجهزة، والتدبير الديمقراطي لبعض القضايا بشكل واضح في أكثر من موضوع، وأقول إن هذه الوثيقة جاءت في اجتماع 12 مارس ونص الورقة التحضيرية  التي ساهم فيها الجميع .
أما فيما يخص القضيتين الأكثر جدلا فإنه بالرجوع إلى الصيغتين اللتين قمنا بتجريبها على امتداد  تاريخ الجمعية سواء لجنة الترشيحات أو التصويت السري المباشر فإنها خلفت – الوثيقة الواضحة - آثارا سيئة وسلبية، لهذا فإن المطروح هو البحث عن صيغة أمثل تكون صالحة لهذه اللحظة ومفتوحة على الاجتهاد في مختلف اللحظات، وهذا مسجل في الوثيقة التقديمية… أما بخصوص الذين سحبوا ترشيحهم ولم ينسحبوا من الجمعية ومن المؤتمر فإن لديهم نقاطا مشتركة في تدبير بعض القضايا كالتعاطي مع الانتهاكات في قضية الصحراء والعلمانية، بمعنى أن هناك خلافا يتعلق بـتدبير التمثيلية داخل الأجهزة والتدبير الديمقراطي لبعض القضايا…
أما فيما يهم قضية الصحراء فإن الموضوع الذي يدور حوله الجدل من ناحية صياغة البيان  العام أو غيره فإنه جدل فارغ لأن ما يهمنا هو متابعة الانتهاكات في الصحراء مهما كان مصدرها، ولهذا لم نكن نغوص في مناقشتها بشكل قوي…
وأنا أقول إن تدبير التمثيلية داخل الأجهزة، والتدبير الديمقراطي لبعض القضايا يجب أن نستحضر فيهما الإرادوية وليس الإرادة فقط بأكثر بكثير لتدبير الخلافات والتعاطي مع القضايا.
م. "عدالة جوست": هل تعتقدون أن المؤتمر فشل لكونهم لم تتخذوا موقفا من القضية الوطنية؟
مصطفى الشافعي:
في تقديري، استطاعت الجمعية خلال مسارها تدبير قضية من أعقد القضايا.
والخلل أن المؤتمر لم يتوقف عند هذه النقطة بالضبط، أي نقطة الصحراء، ولكي أكون واضحا، أقول إن قضية الصحراء لم تكن مطروحة في طبق المؤتمر أو الجدل بشأنها بشكل قوي لنستنتج أنها فجرت المؤتمر، وإنما كانت ردود أفعال.
وهذا يعني كما ذكر ومستغفر وأمين أنه حينما لم تعد آفاق لتقاسم المسؤولية في تدبير الجمعية يصبح كل واحد يعبر عن موقفه الأصلي، وهذه من إشكالات تدبير الديمقراطية في بلادنا .
م. "عدالة جوست": هل يمكن القول إن ما عرفه المؤتمر كان نتيجة التخوف من هيمنة تيار معين على الجمعية، وبالتالي ألا تعتقد أن هذا هو فعلا الخلل الموجود داخل الجمعية، وفشل المكونات الانتقال من الانتماءات السياسية إلى الانتماء للجمعية؟
عبد الحميد أمين:
هذا ما أتمناه في المستقبل، وسأعمل على أن يكون للمستقلين دور كبير، وآنذاك لن يتم مراعاة سوى الكفاءات الشخصية والكفاح الذاتي، لكن الآن من الصعب أن نجسد ذلك، لأنه لما نتفق على مواقف معينة كل واحد في منظوره يظن ويعتقد أن تلك المواقف لن يطبقها باجتهاده الخاص إلا إذا كان متواجدا في الأجهزة.
لو كنت مؤمنا بأن المواقف الحالية للجمعية يمكن تطبيقها من أي كان فلا ضرورة لوجودي في الجمعية نهائيا، وكنا  سنتواجد فيها بنسبة قليلة لأن أي شخص سيطبق ما خرجت به الجمعية من مؤتمرها، لكن ليس  هنالك اطمئنان على القدرة لترجمة مواقف الجمعية، ولهذا من الطبيعي أن يحاول أي كان أن يكون في موقع المسؤولية. أنا أشكر فعلا الأخ مصطفى الشافعي لأنه كان واضحا  حينما حصر المشكل بما سماه «آفاق اقتسام المسؤولية»، وهو ما سميته أنا بالمواقع، إذن ما قيل عن المواقف هو كلام لتغليف الصراع، علما أننا أخذنا بعين الاعتبار الصراع حول المواقع داخل المؤتمر الذي قيل فيه للجميع إن التصويت على التقريرين الأدبي والمالي بين أن الأغلبية تتوفر على حوالي الثلثين والأقلية لديها حوالي الثلث، مما يعني أن كل توجه يحصل على عدد المناصب التي يعطيها له المؤتمر، وهذه قمة الديمقراطية.
م. "عدالة جوست": تعتبرون أنفسكم كبديل عن الصراع السياسي في البلاد لماذا لم تتوافقوا وأنتم تمثلون اليسار، هل هذا الأمر مرتبط بعدم القدرة على التضحية بالمواقع، أم عدم القدرة على تجاوز الذات، أم أن النظرة الدونية لكل طرف اتجاه الآخر هو السبب في هذا المأزق؟
عبد اللطيف مستغفر:
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من الإجابة عن سؤال أساسي مفاده: لماذا لم يكن هناك تطور في اتجاه الانتماء للجمعية عوض الهيئات؟
إن هذا الشكل من الانتماء بدأ في أواخر التسعينيات مع التطور الذي عرفته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في ظل نوع من تقارب الأفكار رغم اختلاف المكونات، علما أنه في بعض الأحيان يمكن أن نجد داخل المكون الواحد تباينات واختلافات، وهذا أمر إيجابي، لكن للأسف الشديد دخلت الجمعية في سمفونية «منطق» الأغلبية والأقلية، وهو ما ضرب المنحى المتبع في الانتماء للجمعية والتنوع والاختلاف والاحتكام فقط للقضايا الحقوقية الصرفة وفق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
إن «منطق» الأغلبية العددية والأقلية أعطانا مخلوقا يسمى «الثقافة السياسية»، يعني أن نقرر قضية معينة فقط تبعا لموقف المكون السياسي الذي أنتمي إليه وبالتالي لم يحدث ذلك التطور للجمعية لتصبح جمعية حقوقية مستقلة تشتغل بالمهنية والحياد…الخ.
إن الحديث عن عدم الاطمئنان على مسار الجمعية يشكل وصاية خطيرة عليها لأنه يجب أن تكون مؤسسة تتكون من أطرها وخبرائها الذين يشتغلون من تلقاء ذاتهم ويفكرون بشكل جماعي… وأن الوصاية على إطار جمعوي له أكثر من 31 سنة تشكل تراجعا….
ـــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر بريد مشترك لأعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان


السبت، 14 أغسطس 2010

مستوى الرشاشات والمراحيض بالشواطئ المغربية تمارة أسوأ نموذج


مستوى الرشاشات والمراحيض بالشواطئ المغربية 
تمارة أسوأ نموذج

 لعل كثيرا من الناس لا ينتبهون لواقع المراحيض والرشاشات العمومية بالشواطئ المغربية، ويتم التركيز على رمال الشاطئ ومستوى ارتفاع الأمواج وحضور النظافة والأمن والمنقذين.. لكن حينما تحل الرغبة في استعمال المرحاض إن وجد، أو لما تنتهي فترة السباحة في الماء البحري، ويريد المصطاف إزالة كل ما علق بجسده في عين المكان عبر الاغتسال تحت رشاشات بماء صافي، يتفاجأ بالوضعية غير المناسبة لهذه المرافق؛ أولا بعدم تجهيزها بما يناسب، رشاشات مكسرة وماء يسقط عوديا من أنابيب مثبتة على الجذران، مراحيض ممتلئة قذارة تنبعث منها الروائح الكريهة كحالة "شاطئ الأمم" بسلا، مسارب المياه العادمة  مغلوقة والماء يكوّن بحيرة داخل الرشاشات كحالة شاطئ "واد مرزك" بنواحي الدار البيضاء… أما الأسوأ منها جميعا فهو الرشاش الوحيد بشاطئ تمارة.
 الرشاش والمراحيض في مكان مناسب قريبا من رمال الشاطئ، أول ما يواجه المرتادين كتابة الأثمنة بعشوائية لا معنى لها في مكان كان يمكن أن يكون كل ما فيه متناسقا…  
 
تجد بداخله رجلا جالسا على كرسي يضع أمامه علب السجائر وأوراق التنظيف.. مسترخ مائل إلى الوراء يعطي الأوامر لطفليه الصغيرين، فهما من يتكلف بكل شيء، يبدو من ملامحه أنه متعب وحزين وعليه ثقل هموم العالم… ولعل أكثر ما يتعبه ويضايقه تقديم الشروحات المتوالية لكل من يلج المكان، مستفسرا عن حالة مزرية، عن غياب الماء في المراحيض والدوش، عن إهمال واضح من قبل السلطات المعنية، عن فوضى عارمة في اتخاذ القرارات على مستوى تمارة، حملها الرجل إلى حميع المسؤولين ونحن نتحاور معه، محاولين تقصي الأمر في أغرب حالة واجهتنا على مستوى عدد من الرشاشات المماثلة التي أتيح لنا زيارتها…
ـ كل من أراد دخول المراحيض عليه أداء 3 دراهم عوض اثنين كما هو مسجل على الحيطان.
ـ استعمال المرشات مقابل خمس دراهم.
ولكن كيف يمكن ذلك بدون ماء؟
الجواب هو إصدار أمر من القائم على الرشاشات لأحد أبنائه كي يمدك بسطل ماء…
 سطل ماء واحد مقابل خمسة دراهم، يملأ طفل السطل من حاوية تقف بجانب الدوش، وهي ممتلئة بماء مجلوب من جهة أخرى…
تفاصيل القصة البئيسة كما يرويها الرجل:
عند بداية فصل الاصطياف، وبعد أدائي ثلاث ملايين سنتيم لاستغلال المراحيض والدوش، امتنعت "ريضال" )شركة الماء والكهرباء… بالرباط)عن تزويدي بالماء ووضع عداد جديد، المبرر هو أن المحل في ذمته مليون ونصف متأخرات استهلاك الماء عن السنة المنصرمة، لأن المستغل في السنة الماضية لم يزل العداد ـ حسب ما يقول الرجل ـ وبقي الماء يضيع إلى أن وصل إلى مليون ونصف المليون سنتيم… ولم يجد أمامه من حل كي يسترجع جزء مما دفع غير كراء حاوية يجرها جرار، تكلفه 700 درهم للمرة الواحدة… المشكلة لها بعد آخر أكثر مأساوية، فعندما طلبنا من المشرف على المحل الإدلاء باسمه كي ننشره، رفض بتأدب وقال بأن ذلك "ممنوع"، لأنه ليس هو من "تسلم" الصفقة من البلدية، بل رجل آخر، ما هز ما حط، تسلم من هنا على الورق، وفوت إلى طرف ثان بمقابل 3 ملايين سنتيم، وانتهى الأمر بالنسبة إليه وبالنسبة للسلطة المحلية! وهذا نموذج عما يجري في كثير من الصفقات العمومية بما فيها عمليات البناء والترميم… 
  

وهكذا أصبح الرجل معلقا في انتظار استرجاع جزء مما دفع من مال، والمصطافون يقتصدون بالرغم منهم في استهلاك سطل من الماء، والسياحة التي يتغنى بها المسؤولون في كف الاستهتار بالمسؤولية…  
بقي أن نشير إلى أن أنظف رشاش وأرخصه يوجد بأصيلة، ثمن الدخول ثلاث دراهم، نظافة واضحة رغم ضيق المكان… أما أكبر نسبة من الرشاشات المتوفرة فتوجد بشاطئ "عين الدياب" بالدار البيضاء، ثمن الدخول خمسة دراهم…وب"واد مرزك" يستعملون مياه جوفيه من عين المكان…
هذه الرشاشات التي قد لا يهتم بها البعض هي مورد رزق لعدد من الأسر التي تحصل على مداخيل من ذلك، ثم تلبي حاجة ملحة للمصطافين، وهي ضرورية بيئيا وصحيا وتجلب مداخيل للجماعات المحلية.. 
شواطئ مغربية خلابة:
  
أصيلة
مولاي بوسلهام
 
المهدية
شاطئ الأمم
تمارة
  
عين الدياب (الدار البيضاء)
واد مرزك

الجمعة، 13 أغسطس 2010

ما ذنب النساء في السعودية؟


ما ذنب النساء في السعودية؟
مصطفى لمودن
جاء في أخبار مؤكدة في بحر الأسبوع المنصرم أن "مصالح مختصة" في السعودية أصبحت تخبر عبر رسائل إلكترونية SMS كل قريب من سيدة أو فتاة غادرت المملكة إلى الخارج، يتوصل برسالة زوج أو أخ أو أب… تخبر بهذا "الحدث العظيم"، وينضاف هذا الأمر إلى أشكال أخرى من الحصار المضروب على المرأة بخلاف دول مجاورة كالكويت أو البحرين، حيث أنها ممنوعة من قيادة السيارة، وممنوعة من ممارسة حقوقها الديمقراطية لاختيار الحكام، وهنا تتساوى في ذلك مع الرجال، ومع ذلك فكثير من النساء فيالسعودية ودول الخليج عموما يملكن ثروات مهمة، لكن ليس أمامهن كل حرية التصرف فيها، واستثمارها كما يشأن، تعاني المرأة فيالسعودية من تأخر في الزواج وعنوسة واضحة، ويرى البعض أن ذلك يرجع لإقبال الذكور منالسعودية على الزواج من أجنبيات عبر أساليب مختلفة، وأمام تفاقم الأمر وبعض مخلفاته السلبية مثل إهمال الأسرة، فتحت المملكة عبر جمعية خيرية وبمشاركة من قنصلياتها بالخارج عملية إحصاء أبناء السعودية المتخلى عنهم في دول مختلفة كالمغرب وسوريا ولبنان… وهي تحاول بذلك جمع أبنائها المهملين والمتخلى عنهم ومعاقبة كل سعودي قام بذلك، وفي نفس الوقت محاولة للتقليل من الزواج بغير السعوديات، لعل ذلك ينقص من العنوسة، وذكرت بعض الإحصائيات أن السعوديات هن الأكثر حرصا على جمالهم باستعمال أكبر نسبة من أدوات التجميل المختلفة وزيارة محلات التجميل، وهن من أكثر المتعلمات بالمنطقة والمتحصلات على شواهد جامعية… ولعل ثقل الواقع الاجتماعي المتسم بالرقابة المفرطة سواء من قبل الذكور وبقية المؤسسات الرسمية الأخر كهيأة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي تتدخل في حياة الناس وتصرفاتهم بالشارع العام وحتى بالبيوت إذا وصلتها "أخبار". وكلما تتاح الفرصة للسعوديات السفر إلى خارج البلد لا يترددن في ذلك، بل يقبلن على التوجه إلى الخارج بكثرة، ولهذا تحركت الأجهزة لمراقبة ذلك وإخبار أفراد الأسر الذكور، ويحكي بعض الشهود أن بعض السعوديات ما أن يمتطين الطائرة حتى يزلن عنهن كل الملابس التي تربطهن بتقاليد البلد حيث تغطية كل الجسد في غالب الأحيان، وتجدهن في الخارج مقبلات على الحياة برغدها، ويكثرن من زيارة محلات الموضة واقتناء الملابسالعصرية ولو اقتضى الأمر ارتداءها لفترة زمنية قصيرة. 
وعلاقة بالموضوع، ذكرت صحف مغربية أن قنصليات السعودية تمتنع عن التأشير للفتيات المرافقات لأسرهن قصد التوجه إلى الديارالسعودية، وقيل أن بعض البنات يبقين هناك، وهو ما جعل برلمانيين يحتجون ويعتبرون هذا التصرف بمثابة إهانة للمغاربة، لكن سفارة المملكة العربية السعودية بالرباط نفت ذلك، وذكرت أن التأشيرة تمنح حسب القوانين الجاري بها العمل…
المهم أن المرأة في العربية السعودية تعيش وضعا خاصا، ومراقبة مستمرة وتحكما مبالغا فيه، وميزا غير مبرر، يقتضي التضامن معهن من أجل رفع كل الأغلال المفروضة عليهن.  
صورة عن إعادة تمثيل رجم النساء ضمن تظاهرة أقيمت في ألمانيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
 نشر ب: 

الخميس، 12 أغسطس 2010

في الرد على دعوة للتعاون مع منخرطة في البام(*)


في الرد على دعوة للتعاون مع منخرطة في البام(*)

تحية، لا تستغربي عن تساؤلي حول انتمائك، لقد قرأته في صفحتك، وأردت أن أتأكد.
1
ـ ليس الانتماء السياسي جريمة، ويحق لك أن تختاري الوجهة التي ترغبين فيها.
2
ـ من حيث العلاقة الشخصية والإنسانية بالنسبة لي ليس في ذلك أي إشكال.
لكن من أوجه أخرى يثير لدي هذا الأمر تساؤلات ومواقف:
1
ـ أرى بأن هذا الحزب لم يضف ولن يضيف شيئا يفيد المغرب والمغاربة، بل يعيد تكرار أحداث مماثلة أو شبيهة وقعت في التاريخ الحديث للمغرب، وكانت نتائج ذلك كارثية على تنمية المغرب، بدء بتجربة "الجبهة الدستورية" لأحمدكديرة، مرورا ب"الأحرار" لأحمد عصمان، وأخيرا (وليس أخيرا) "الاتحاد الدستوري" مع المعطي بوعبيد ومن رافقه.
2
ـ الحزب منذ ولادته وضع في فمه ملعقة من دهب، وهذا لا يوافق لا القوانين ولا الأخلاق، من ذلك التحاق ما لا يحصى من النواب بصفوفه، ليصبح أول حزب بالبرلمان، رغم أنه يتوفر قانونيا على 3 فقط.
3
ـ التخلي عن صريح القانون لصالح الحزب وترضيته كما قال الوزير الأول عباس الفاسي نفسه، وذلك لما تم القفز على المادة 5 من قانون الأحزاب الذي يمنع الترحال، وبذلك ترشح ضمن "صفوف" الحزب كل محترفي الانتخابات وانتهازيوها، فحصل هذا "الوافد الجديد" على أول نسبة من الفوز في الانتخابات الجماعية ل 6يونيو 2009.
4
ـ ليس لهذا الحزب مشروع سياسي واضح يسعى من خلاله إلى دمقرطة البلاد وجعلسلطة الحكم مستمدة من صناديق الاقتراع، وذلك بدليل عدم إثارته مطلقا لأي مطلب للإصلاحات الدستورية وفصل السلط. لأن هذا الشرط وحده هو الكفيل بتحقيق أماني المغاربة في التقدم والعيش الكريم، وهو ما تأكد عبر عقود في دول المعمور الديمقراطية.
5
ـ يسعى هذا الحزب ليجعل عددا من الأجهزة في خدمته، وهو ما يتعارض مع مبدأ مساواة جميع المواطنين وهيئاتهم المختلفة تجاه مؤسسات الدولة وعدة فاعلين آخرين، ولعل إقالة عمدة مراكش وإصدار حكم استئنافي مخالف للحكم الابتدائي من أجل ضمان تبؤ عمدة المدينة الموقع الذي تحتله الآن، بينما لم تفعل نفس السلطة شيئا نحو ما وقع في يعقوب المنصور بالرباط، وليس صدفة أن يكون ذلك هذه المرة لصالح مرشح من نفس الحزب.
6
ـ الامتيازات التمويلية الخاصة التي حصلت عليها دائرة المتزعم الحقيقي للحزب من قبل مؤسسات عمومية وخاصة، لينمي منطقته وحدها، بينما يصعب أو يستحيل أن يتم التعامل مع بقية المناطق بنفس الأسلوب.
7
ـ إيحاءه لعدد من الإنتفاعيين بتحقيق أغراضهم عند انضمامهم إلى "حزب الدولة"، أو هكذا هم اعتقدوا، جعل كما هائلا من منخرطي مختلف الأحزاب الإدارية والانتهازيين يتهافتون على الانخراط فيه، بينما نستثني هنا البعض الذي ينخرط كمناضل حزبيوعليه، بالنسبة إلي أحضر على نفسي في هذه اللحظة التعامل مع أي توجه يخدم مصلحة هذا الحزب، ويخدم الأغراض الانتخابية لمنحر طيه، أولا، لأنني أعتبر نفسي غير معني بهذا الحزب، وثانيا لأنني أجد نفسي في الضفة المقابلة لهــــــــــــــــــ
الأخت التي وجهت لي دعوة من أجل المشاركة في بعض الأنشطة قد تكون بريئة من أي محاولة استقطاب أو ما شابه هذا، وأنا لا أعرفها شخصيا، وسأظل أحترمها كشخص تجمعني وإياها المواطنة    …
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)، نشرت هذه الرسالة في الفييس بوك، وقد أثارت نقاشا وردود فعل مختلفة، و"بام" مقصود به حزب الأصالة والمعاصرة.

تقاسيم في الكتاب القديم


تقاسيم في الكتاب القديم
 

أنـــس الفيـــلالي(*)
 
حينَ يتمدّد لحامُ العُري
بإظهارِ سهوِ الشّوكِ
كان بالحصى أدراجُ الطّوفان
معراجُ المجدِ
الجهرُ المارقُ خفوًا
من وخزِ الحقيقةِ
يغفو كالخرافةِ
لو فجّرته العواقبُ!
لآخرِ المديحِ المبتهلِ
لأخرِ قطرةِ دمٍ
جبرًا للفراغِ
وتهمةَ الكافرِ
من الأجنحةِ حيث الطّوفان، وقصفةُ النّبيحِ
حينما يحترقُ النّزيفِ
بدُجى الهزيمةِ
في سورِ الأغطيةِ
والإسمنت لشرفةِ الفجيعةِ
وهْم الغَرقى في الماءِ
إلى حيث الأغاني الملتويةِ
في المشهدِ
كي ينبلجَ اللّيلُ،
وبخُطى الماشيةِ
إلى موضعِ العفنِ،
ونحن نسدلُ خريطةَ الحدسِ
لاستقامةِ حيضِ الانهيارِ
شعابًا ملتويةً
تشربُ ماءَ الجحيمِ الهُلامي
شأنَ حرقةِ الحرقِ
غبارًا في العقرِ
ينخرُ بلا رصيفٍ
بيتَ الهزيمةِ
أو شكلاً للمقيتِ
عن أسرَِ الفيضِ
بلا عقمٍ
يا المنسيّ في العقرِ
الفراغ الملتوي
من الموجِ الرّعاش
والخذلان والأنين، والوقت
وشفيف الورق والطين الحالك
وكلّ المروج..
لعلّ الآتي يرمّمُ التّالي
من حدّة النّزفِ
وآثارِ الشّوق
وتسدلُ الكائناتُ عروشَ زُمرتها
قريبًا في القماشة
بنديمِ الحَصى القديمِ
في عقر السّواد..
حدّ ذاك القزم
مَن يرتع في المشيئةِ
ويصلبُ الخرابَ بلون الدّم
ورفيفِ عفنٍ
سوى “أوغسطين”
بالشّدوِ المجفّف
يا الهالك في الهمّ
حدّ السّماء
برذاذِ البياض المعفّن
كما الشّرود المجفّف
في عقل العُباب
وانحسارِ التّبول في أبهى البهجةِ
في صحوة الظّن
ما أعذبَها جغرافية الخنجر
بين لهثِ النّخيل
وشهوة القتيل المُبرّح
فالوجدُ تجرّدت أمكنتُه
بنعيقِ الكسرِ
عطر الحلم
لا شيءَ فوق ثغرِ العمارةِ
فالكتب المخبولة بالرّهبة كالقبرِ
لا أحد يترك الشّوكَ
غير الشّوك المُصاب.

ـــــــــــــــــــــ
(*) شاعر مغربي من القصر الكبير

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

نتمنى الشفاء العاجل للرفيق الحسين الإدريسي


نتمنى الشفاء العاجل للرفيق الحسين الإدريسي
قضى رفيقنا الحسين الإدريسي ليلة أمس الثلاثاء بمصحة بسلا(تابرايكت) في انتظار إجراء عملية جراحية، ذكر إبنه نبيل أنها تخص المرارة.. وقد شعر رفيقنا منذ أيام بعياء وإرهاق، الحسين مناضل في صفوف الحزب الاشتراكي الموحد، من حكماء الحزب الثلاث حسب ما انبثق عن آخر مؤتمر، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أدى ضريبة الاعتقال السياسي حيث كان النضال والاصطفاف إلى جانب الشعب يقود إلى دهاليز السجون والأقبية، جمعوي بامتياز؛ سبق أن كان أمينا ماليا للجامعة الوطنية للأندية السينمائية ومنظما لعدة عروض سينمائية، ومنسق منسقية مواجهة الغلاء وتدني الخدمات العمومية بسيدي سليمان، أطر جموعا ولقاءات عديدة، عضو بعدة جمعيات ومؤسس لها، كاتب، يتكلف بالجانب الفرنسي بمدونة سيدي سليمان… تقاعد قبل سنوات قليلة حيث مارس مهنة التدريس، وقد أنهى مشواره المهني كأستاذ لمادة الاجتماعيات بثانوية علال الفاسي… نتمنى له الشفاء، وهو في حاجة لكل دعم ومؤازرة حتى يعود معافا شافيا إلى أسرته الصغيرة والكبيرة…

الاثنين، 2 أغسطس 2010

رؤية الحزب الاشتراكي الموحد للوضع السياسي في المغرب من خلال مداخلات بعض قادته


رؤية الحزب الاشتراكي الموحد للوضع السياسي في المغرب من خلال مداخلات بعض قادته
 
عبد السلام القجوجة، مصطى الشافعي، عبد الهادي حسن، محمد الساسي، محمد بولامي  

إعداد مصطفى لمودن
نظم فرع الحزب الاشتراكي الموحد بأصيلة ندوة في موضوع "الوضع السياسي الراهن، الوضع التنظيمي ومحطة المؤتمر"، بمشاركة محمد الساسي ومحمد بولامي ومصطفى الشافعي، تناولوا جملة قضايا تهم المشهد السياسي بالمغرب في المحور الأول، ثم تلا ذلك حديث حول الشروط التنظيمية والنضالية التي يعرفها الحزب الاشتراكي الموحد في أفق عقد مؤتمره المقبل، كما قدم كاتب الفرع المحلي ورقة تحدث فيها عن الوضع بأصيلة وظروف العمل السياسي بها. حضر اللقاء بالإضافة إلى منخرطي ومناضلي الحزب بأصيلة ممثلون عن عدة فروع.
 
    محمد بولاميتكوين كثلة يسارية والنضال مع الناس 
ابتدأ محمد بولامي، عضو المكتب السياسي للحزب مداخلته بوضع أسئلة عن وجهة المغرب، من قبيل:" إلى أين يسير المغرب؟ هل نحو الديمقراطية أم نحو الديكتاتورية والاستبداد؟"، معتبرا أن هذا السؤال لا يهم الحزب فقط بل مجموع الوطن، واستمر في وضع أسئلة مشابهة عن مفهوم "الانتقال الديمقراطي" ليرى بأن "المغرب لا يسير في انتقال ديمقراطي"، مستشهدا بنتائج تجارب مماثلة في جنوب إفريقيا واسبانيا تحولت بعد ذلك إلى اعتماد انتخابات نزيهة والحكم عبر صناديق الاقتراع، وما وقع سلميا في أنجلترا واليابان مع الملكية البرلمانية، ومثل وما وقع عبر العنف في تجربة فرنسا وروسيا… وهو يرى بأن "الحكام ليسوا مستعدين لذلك"، وعليه فلماذا ليست عندنا ديمقراطية حسب قوله؟ الجواب كما قال هو غلبة المصالح القائمة على الريع والفساد والزبونية… لهذا "نحن نعيش دورة سيزيفية" وإجهاضا لكل محاولة لبداية التأسيس للديمقراطية… مستعرضا عدة أحداث تؤكد ذلك، من وقت تصفية المهدي بن بركة، إلى ديناميكية الكتلة في بدابة تسعينيات القرن الماضي، والتحول الذي وقع بعد ذلك بقبول دستور 1996م والمشاركة في الحكومة مع إدريس البصري في 1998م… لتشهد بعد ذلك أحزاب الكتلة عدة ضرابات أدت إلى حدوث انشقاقات بها كما يرى عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد… رغم حدوث بعض التغييرات كما ذكر كحذف "قانون كل ما من شأنه"، وإصدار"مدونة الانتخابات"، و"القانون الجنائي"..لكن ذلك لا يكفي من وجهة نظره، ف "مدونة الانتخابات" كرست صعود الأعيان للبرلمان… مما جعله ينتقد "نمط الاقتراع"… دون أن يغفل "مسؤولية طرف المعارضة" وهي أنها لم تحسن تدبير ملف "الانتقال الديمقراطي"، منه قبول دستور 1996، والقبول بحكومة التناوب، وحمل ذ. عبد الرحمان اليوسفي مسؤولية ذلك، وأعطى أمثلة عن نواقص وسلبيات تلك المرحلة وعدم تحكم الحكومة في عدة قطاعات أساسية.
أعطى محمد بولامي بعد ذلك معايير شبه موحدة تهم تجربة اليسار في الحكم عبر العالم، وهي ترسيخ الدفاع عن حقوق الإنسان،  الحفاظ على القطاع العام وتنميته، تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم تخفيض الضرائب على المستهلكين. لكن عكس ذلك ما وقع أثناء "التناوب"، فالخوصصة ذهبت إلى نهايتها، وعرف ملف حقوق الإنسان تراجعا، ولم يتم تنفيذ توصيات "هيأة الإنصاف والمصالحة"… ليظهر فراغ نتيجة  حصول التناقض بين الخطاب والممارسة، وقد ملأت هذا الفراغ قوى أصولية كان للمخزن دور في خلقها لتكون بمثابة فزاعة تجاه مطالب التحديث والدمقرطة.. ودعا إلى تكوين "كثلة يسارية" لوقف التدهور والحفاظ على المطلب التاريخي للانتقال الديمقراطي، والعمل على النضال مع الناس في الشارع، واعتماد برنامج للإصلاحات السياسية والدستورية مع المواطنين وانتزاع ذلك عبر "الطريق السلمي والحضاري" وضمان مصالح الجميع. وقبل أن يختم مداخلته في الشطر الأول انتقد بعض المخارج الرسمية لمعالجة الأزمات، ف"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" ك"علاج" للفقر، وفك العزلة عبر "الأوراش الكبرى" التي لن تفيد فلاحا أو عاملا بل الطبقة المنتفعة كما قال… لكن ليس هناك حديث عن الإصلاحات الدستورية وعن المستقبل.   
   
 
 مصطفى الشافعيحسب المعايير الدولية ليس عندنا أي انتقال ديمقراطي
ذكر منذ البداية أنه لن يقدم قراءة مغايرة، بل سيكتفي بطرح أسئلة، من قبيل "لماذا كثر خطاب الانفتاح من قبل النظام على أفكار جديدة وقيم حقوق الإنسان وهامش الديمقراطية…؟"، وعليه يضيف يجب تقييم ذلك حسب معيار دولي، وأي تحول ديمقراطي يعني وضع قطائع مع ما سبق. من معايير القياس التي طرحها المتدخل: 
1ـ السلطة للشعب: عبر انتخابات حرة ونزيهة تضمنها ترسانة دستورية وقانونية.
2ـ قضاء مستقل: يقف إلى جانب المواطنين لينصفهم، ويسعى لعدم إفلات أي جان من العقاب.  
3ـ حرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان.
4ـ مجتمع مدني ذو "خاصية سياسية"(caractère politique)، وليس مجتمعا مدنيا "خدماتيا"..  
ليخلص إلى غياب المعطيات السابقة عن الواقع باستثناء المجتمع المدني ذي الخاصية السياسية كجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الأمازيغية حسب قوله… ويرى بأن الجميع يتحمل مسؤولية في ذلك، كالدولة (أساسا) والأحزاب السياسية… ويعتقد بأن الأحزاب "فشلت في إعادة تشكيل البنية السياسية"، بل إنها "تتماهى مع السلطة الحاكمة"، واعتبر بأن المواطنين لم يعودوا محتاجين "لتسجيل الواقع"، بل لوضع التصورات للمخارج والحلول، من ذلك:
1ـ إعادة الاعتبار للقيم: كالتضحية، والديمقراطية، والصدق، وضوح الخطاب…
2ـ سياسة حزبية واضحة.
3ـ  آلية تنظيمية حاذقة.
 ويعتبر بأن الحزب الاشتراكي الموحد يتوفر على إطار مناسب لذلك، منه اختياره العمل بالتيارات.
4ـ أن يصبح الحزب منشطا ومشغلا لعدد من الأدوار على صعيد المجتمع المجني والنقابي…  
ولهذا يجب اتباع عدة مسارات: 
1 ـ مسار تجاه الدولة: يقوم على المطالبة بالإصلاحات الدستورية وتحويل ذلك من شعار إلى فعل. 
2ـ  تجاه الأحزاب والشركاء السياسيين: واقترح في ذلك التفكير بمنطق الصدمة وقوة الأفكار والمبادرات…
3ـ تجاه الهوية: ورأى في ذلك ضرورة إحياء الخطاب القديم…وضرورة تفكير الحزب بشكل جماعي، لهذا يقول "نريد الحزب في أكتوبر(موعد المؤتمر) أن يكون قويا بمبادراته.


 

 محمد الساسيكل دينامية إصلاحية تخترقها دينامية مضادة. 
رأى أن يقسم جزء من مداخلته حسب متناقضات يعيشها الواقع السياسي في المغرب، أو ما سماه بالدينامية الإيجابية أو دينامية الإصلاح التي تلتهم دينامية مضادة كل مكتسباتها بعد ذلك؛ يقول: "ما أن تنطلق دينامية الإصلاح حتى تخترقها دينامية تؤشر على الاستمرارية"… فما غنمته المرأة من خلال مدونة الأسرة فالدينامية المضادة تأكل المكتسبات عبر "الحرب القضائية، و"حرب الفتاوى"، وهناك تراجع لوضعية المرأة على المستوى المجتمعي والحقوقي..
ما غنمته "المسألة الأمازيغية"(التلفزة، التعليم، خطاب أجدير…) وتطبيق أغلب بنود "ميثاق أكادير 1991"، باستثناء مسألة الدسترة، وما لم يتم دسترة ذلك تبقى كل المكتسبات هشة.  
على مستوى "الحكم الذاتي"، الدولة انتصرت على نفسها يقول محمد الساسي، فهي ترفض الديمقراطية على المستوى العمودي، وتقبل ذلك على المستوى المحلي! علما أن مقترح الحكم الذاتي يقر ب"رئيس حكومة" لذلك… لكن ما يعاكس هذا حسب رأي الساسي هو استفادة أقلية من التحسينات التي طرأت على البنية التحتية، وقيام الدولة بما يعاكس روح  مشروع"الحكم الذاتي" عبر اعتقال نخب صحراوية (أميناتو حيضر).
موضوع "الأوراش الكبرى"، لن تستفيد منها مختلف الطبقات، لهذا يرى عدد من الاقتصاديين أنها لن تضمن الاستقرار واستمرار التخلف.
"الانتظامية الانتخابية"؛ يتم الحفاظ على مواعيدها، بينما في عهد الحسن الثاني كان يتم تأجيل ذلك تحت عدة ذرائع، لأن الانتخابات "لحظة تمرد"… لكن الانتخابات في عهد محمد السادس يقول الساسي "فقدت جدواها ومصداقيتها".
الإنهاء مع "أغاني التمجيدات" ، وهو ما يفيد التعبير عن مظاهر الولاء في أي لحظة كما كان سابقا، لكن هذه "الدينامية" أجهضت هذا البناء مع تأسيس حزب "الأصالة والمعاصرة"، وعودة مظاهر البروتوكول القديم والتقاليد العتيقة والوجوه القديمة. واستمرار العمل بالدستور القديم، ولكن (أكثر من ذلك) هناك استمرار للقراءة القديمة للدستور..
مركزة دائرة القرار؛ وتهميش الحكومة وعدم تحكمها في مواعيد مجلس الوزراء نظرا لأهميته. 
تمديد الإعفاء الضريبي للفلاحين بشكل فوقي ودون نقاش، مما يبين عدم عدالة الدولة تجاه كل الطبقات. 
وتشكيل مندوبيات (السجون..) وتكوين صناديق خاصة، تعيين شيوخ الزوايا ومسؤولين عن الرياضة… دون إخبار الحكومة وهيمنة التكنوقراط على الحكومة، (رأى بأن الحكومة بها أربعة أنظمة وزراء).
الإقرار بفشل التناوب، و"نقيس ذلك بمدى تحقيق ما وعد به"، وقد ابدى تعجبه من استمرار حكومة ائتلافية دائمة، بحيث أن ذلك لا يكون إلا أثناء الاستثناء كما ذكر، ورأى بأن الحكم يجب أن ينطلق من صناديق الاقتراع… ومن المفارقات السياسية الغريبة كما قال مشاركة "الحركة الشعبية" في حكومة صوتت ضد تصريحها الحكومي! كما تعجب من معارضة أحزاب مشاركة للحكومة (المعارضة الحكومية كما سماها!)… 
 ما تراكم على المستوى الحقوقي وما أضافته الدولة من اجتهاد وقع فيه تراجع بعد حوادث الإرهاب، وتم إقبار كل ما تحصل بعد مسلسل المصالحة.
ظهور الحرب على الصحافة، وهو ما يعني رفض أي سلطة مضادة، ورفض صحافة "مستقلة" عن توجهات الدولة.
 وتوقف المحاضر عند كيفية التعامل مع الإسلاميين، فرغم إعلانه اختلافه معهم في عدد من الأمور، لكنه انتقد كيفية تشكيل بعض المجالس إثر الانتخابات الجماعية الأخيرة لإقصاء أطراف معينة، وأبدى ملاحظات حول "محاربة" التشيع، وقال إنه يمكن أن يقع تسامح مع من يغير دينه، لكن لا تسامح مع من يغير مذهبه كما ذكر.
ومن خلال المزيد من قراءة الساسي للوضع السياسي في المغرب، يؤكد على "اكتشاف المغرب الآخر"، مغرب الانتفاضات الصغرى كما نعتها، بسيدي إفني وصفرو وأنفكو… موضحا أن هذه المناطق غير مستفيدة من الأوراش الكبرى. وهناك تكريس صورة سلبية عن المغرب، حيث تتوارد أخبار الدعارة والهجرة السرية، وتراجع مصداقية الانتخابات والأحزاب، وقال في هذا الصدد" نحن نعيش يتما سياسيا من حيث النخبة"، وقد انتهت مرحلة ولم تبدأ مرحلة أخرى… والمغاربة لم يعودوا يصوتون لأن الانتخابات بدون مصداقية، انتخابات غير مسيسة، هي لعبة خاصة بالأعيان، مع تأكد الجميع بأن الحكم لن يكون انطلاقا من صناديق الاقتراع… مع انتشار مختلف مظاهر الفساد، الرشوة، تركيز الثروة، الريع من خلال التقرب من السلطة، غياب اقتصاد السوق والمنافسة، وإعادة التحكم في الأحزاب، واستغلال الدين في السياسة…  

قضايا تنظيمية
أما في الجانب المتعلق بالقضايا التنظيمية فقد تحدث المتدخلون بإيجاب عن ظروف الإعداد الأدبي للمؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد، الذي يحمل في طياته تجربة أربع تنظيمات سياسية اختارت الاندماج فيما بينها عبر مراحل، كانت بدايتها في 2002 في تجربة "اليسار الموحد" باندماج "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي"، و"الديمقراطيون المستقلون" و"الحركة من أجل الديمقراطية" وفعاليات يسارية مستقلة. لينضم بعد ذلك إلى الحزب "الوفاء للديمقراطية" وهم مجموعة مناضلين من أعضاء سابقين في "الاتحاد الاشتراكي" يتقدمهم محمد الساسي.
كما تطارح الجميع مجموعة من التوجهات التي يمكن أن يعتمدها الحزب مستقبلا انطلاقا من مقررات المؤتمر، فأخبر الساسي مثلا أن اللجنة التحضيرية توصلت بسبع أوراق يمكن أن تدمج فيما بينها بعد ذلك، وأنه هو ورفاق آخرون تقدموا بورقة تحمل اسم "الأزمة وإعادة البناء"، سرد جزء من مفاصلها الأساسية…
كما تأكد تشبث الجميع بالعمل بمبدأ التيارات، والحفاظ على "تحالف اليسار" مع "المؤتمر الوطني الاتحادي" و"حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، رغم بعض السلبيات التي ظهرت أثناء الانتخابات الجماعية الأخيرة والتي ردها بولامي إلى "صراعات ذاتية" حالت دون لوائح مشتركة في بعض المناطق، وقد أخبر هذا الأخير بالاشتغال الجماعي الآن داخل "تحالف اليسار" حول ورقة مشتركة تهم "الإصلاحات الدستورية"، كما أشار إلى نقاط القوة والضعف التي يعرفها الحزب، فإذا كان الحزب متواجدا في كل العمالات والأقاليم فهناك تفاوت من حيث الفاعلية بين منطقة وأخرى، كما يعاني الحزب من تشتت مناضليه في عدد من النقابات من دون أن يكون لذلك تأثير على القرار، والعمل بالتيارات أعطى انطباعا بغياب الوحدة الحزبية، مع غياب جريدة للتواصل والإخبار بأنشطة الحزب… وقد أثار مصطفى الشافعي من جانبه علاقة مناضلي الحزب بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث كان في البداية توافق على عدد من الأمور المختلف حولها، لكن ظهر بعد ذلك أن طرفا حزبيا يتوفر على الأغلبية وقع في تماهي مع الجمعية وكان يريد تعددية شكلية فقط، غير أنه أكد الاشتغال في الجمعية ودعا إلى تعزيز ذلك من طرف المناضلين.
أثار بعض المتدخلين من القاعة انتقادا تجاه غياب الحزب في بعض المحطات وعدم  إصداره حتى بيان، وكذلك غيابات غير مبررة لمسؤولين قياديين في المكتب السياسي والمجلس الوطني، وأثار متدخلين اثنين تساؤلات حول الجدوى من المطالبة بالإصلاحات الدستورية مادام اليسار غير قادر على فرض مطالبه، كان الرد على هذه النقطة قويا على اعتبار أن الحزب يجب ألا يغيب رأيه في هذه المرحلة التي يثار فيها الموضوع وذلك لتوضيح الجدوى الحقيقية من ذلك كما قال الساسي، وهذا ما يجمع كل مكونات الحزب كما قال بولامي، وهو ما استغرب أصلا لطرحه مصطفى الشافعي.  وأثيرت مسألة الجهوية وعدم اهتمام الحزب بشكل كاف بذلك، وقد رأى متدخل أن هذه الجهوية قد تكون بداية لتشكل الديمقراطية في المغرب…  
أدار النقاش عبد الهادي حسن، وقدم في البداية أبو بكر القجوجة كاتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد ورقة حول أنشطة الفرع، وقضايا تخص مدينة أصيلة، وقد ذكر فيها "اكتساح فريق وزير الخارجية السابق (محمد بنعيسى) لكل مقاعد المجلس البلدي، وأضاف أن هناك استغلال للممتلكات العمومية، واحتلال للملك العام، وضعف الخدمات وانتشار الفقر، وصعود الأصولية… وكان قد أصدر الفرع قبل أيام بيانا في ذلك…  
  
عبد الهادي حسن
  
أبوبكر القجوجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ