السبت، 11 يناير 2014

ماذا يحدث بتركيا؟ اشتداد الخناق على "حزب العدالة والتنمية"

ماذا يحدث بتركيا؟ 
اشتداد الخناق على "حزب العدالة والتنمية"
 مصطفى لمودن
لم تجد حكومة رجب أردوغان "الإسلامية" من هدية جديدة للشعب التركي غير مراقبة الانترنيت بشكل "حازم".. وقد أصبحت جد متوجسة من التواصل الذي يقع بين أفراد الشعب وجماعاته والتنسيق للتنظيم الاحتجاجات كما وقع قبل شهور في اسطنبول.. خاصة أن وقود نار الاحتجاج من جديد أصبحت متوفرة بعد الفضائح التي كشفت حقيقة "إخوان" تركيا، وهي السعي بكل السبل غير القانونية للاغتناء.. ولم يسلم من ذلك حتى ابن رئيس الورزاء أردوغان.. مما جعل المعارضة وحتى أعضاء من الحزب الحاكم مثل وزير المالية المقال يطالبون أردوغان بالاستقالة.. 
الأمر الثاني، وهو رفض المحكمة الدستورية لقانون كان وراءه وزير الداخلية التركي "الإخواني" سعى من خلاله للتدخل في تعيين القضاة حسب رغباته.. 
وهكذا لم يبق لهذا الوزير وهو ينفذ أوامر رئيسه هو إقالة رجال الشرطة الذين كانوا وراء اكتشاف التلاعبات الخطيرة التي كان أبطالها أعضاء من الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" وأفراد من أسرهم لتبييض أموال طائلة متأتية من أعمال غير مشروعة.. !! 
ولعل هذه الأحداث كانت وبالا على تركيا بكاملها، من ذلك انخفاض العملة، توسع نظرة الريب تجاه الفاعلين السياسيين والاقتصاديين التركيين، كما فقدت خلال بضعة أيام البورصة 100 مليار دولار..
ولامتصاص غضب المؤسسة العسكرية التي يتوجس منها الحزب الحاكم خيفة، قبِل أردوغان إعادة النظر في الأحكام القضائية التي كان ضحيتها عساكر برتب مختلفة بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري في وقت سابق.. ولعه بذلك يريد استمالة هاته المؤسسة التي لم تستلم لسياسة الحزب الحاكم الذي يسعى بكل الطرق لأسلمة الدولة والقضاء على كل بقايا العلمانية التركية التي كان قد وضع أسسها كمال أتاتورك. وبذلك يحاول استباق اي تحالف بين المؤسسة العسكرية والمعارضة اليسارية والليبرالية التي بدأت تسترجع أنفاسها..
مشكلة الأحزاب "الإسلامية" في كل مكان هي التعالي واحتقار الآخرين والانطلاق من "امتلاك الحقيقة" والسعي لأسلمة كل مرافق الدولة ضدا على التعددية التي أصبحت سيمة واضحة في العصر الحديث.. ما يوسع دائرة معارضي هذه الأحزاب المستغلة للدين في السياسة..

الخميس، 9 يناير 2014

من جديد "فرس" الاتحاد الدستوري يظهر على حقيقته الفاسدة بمنطقة الغرب.

من جديد "فرس" الاتحاد الدستوري يظهر على حقيقته الفاسدة بمنطقة الغرب.

مصطفى لمودن

لن ينسى المغاربة تعرية النائب البرلماني إدريس الراضي عن ظاهر بطنه في مجلس النواب، ليقول إن بطنه فارغ من "العجين" !!.. هذا البرلماني هو رئيس فريق "حزب الاتحاد الدستوري" بمجلس النواب، وهو منتخب عن إقليم سيدي سليمان.. وبالتالي فالمؤكد أن له اليد الطولى في مجال الانتخابات الخاصة بحزبه على الأقل في جهة الغرب الشراردة بني أحسن، حيث تعرف هذه الجهة رغم غناها الطبيعي نسبا مرتفعة في الفقر والأمية.. وبعد فضيحة إلقاء القبض على رئيس المجلس البلدي لسيدي يحيى في حالة تلبس وهو يتلقى رشوة سمينة من مقاول من أجل حصول هذا الأخير على تعويضاته عن الأشغال التي قام بها لبلدية سيدي يحيى.. وقد كان هذا الرئيس منتم لحزب "الاتحاد الدستوري" الذي يضع الحصان كرمز انتخابي له.. لتنضاف فضيحة أخرى جديدة متهم بها "فاعل" حزبي آخر ينتمي لهذا الحزب الذي كان قد أطلق عليه المغاربة في الثمانينات "حزب الكوكوط مينوت".. حيث بمجرد تأسيسه حصل على أغلبية الأصوات في الانتخابات النيابية!! ليحتل أعضاء منه مواقع حساسة ساهمت في إدخال المغرب عبر سياسة التقشف الهيكلي إلى زمن "السكتة القلبية"...
الفضيحة الجديدة جاءت على شكل اعتراف علني أمام ممثل وزارة الداخلية وحضور عون قضائي في اجتماع مسؤول لمجلس بلدية القنيطرة مساء الثلاثاء 7 يناير 2013، حيث "صرح محمد البطان، منسق فريق الأصالة والمعاصرة بالمجلس الجماعي للقنيطرة، بأن الرشوة متفشية بين بعض ممثلي سكان القنيطرة، وقال لقد أرغمت على أداء شيك بمبلغ 20 مليون سنتيم لقيادي في حزب الاتحاد الدستوري، قصد التموقع في لائحة الحزب كوصيف له في الانتخابات الجماعية الأخيرة...". كما جاء ذلك في جريدة "المساء" عدد 2267 يوم الخميس 9 يناير 2013.
فهل "أكبر" مسؤول لهذا الحزب في الجهة له علم بهذه الواقعة؟ وهل سيتدخل القضاء لإجراء بحث في هذه النازلة؟ وكيف سيتعامل "حزب الأصالة والمعاصرة" مع هذا "المسؤول" الجهوي الرفيع وهو يعترف باقتراف جرما خطيرا؟

لقد آن الوقت لتطهير كل الفضاءات من المفسدين الذين اغتنوا في ظرف وجيز، وأشاعوا بين الناخبين والمنتخبين سلوكات الانتهازية والحربائية والغش...

الأحد، 5 يناير 2014

تاريخ المسرح /العباس جدة

تاريخ المسرح
العباس جدة(*)

          يعتبر الفن المسرحي من بين الفنون الأكثر ارتباطا بحياتنا اليومية إلى الحد الذي لا يمكن معه إن نتصور الوجود البشري بدون المسرح. فكما أن الإنسان كائن مفكر وعاقل فهو أيضا عاشق مبدع ومحب للجمال. وما علينا سوى النظر من حولنا لنلاحظ بأن فعل المحاكاة وحب التمثيل والتشخيص واللعب والرغبة في تقليد بعض الأشخاص أو الحيوانات رغبة كامنة ومتأصلة في الإنسان. إن حب المحاكاة واللعب المسرحي فعل طبيعي غريزي فينا، كالغناء والرقص والتفكير.
          وقد شكلت الأفعال السحرية والطقوس الدينية والاحتفالات التنكرية والحفلات والرقصات والأناشيد والغناء والرسم على الجدران والنقش على الصخور وتقديم القرابين للآلهة، البدايات الأولى للفن المسرحي. لقد كانت هذه الشعائر الدينية والرسومات والنقوش والأفعال السحرية لدى الإنسان البدائي، تلعب وظيفة مزدوجة: وظيفة فكرية معرفية ووظيفة فنية جمالية. أما الوظيفة المعرفية فتتمثل في فهم وإدراك العالم والإنسان من خلال إخضاع الطبيعة والتحكم في الأشياء. فإذا ما نقش البدائي على الصخور لوجوه حيوانات فرغبة منه  في التحكم فيها وإخضاعها لإرادته؛ وإذا ما رسم حادثة القنص، فهو يريد لها أن تحدث بل يرغمها على الحدوث. وكانت ترافق هذه الوظيفة المعرفية ومحاولة فهم العالم وظيفة فنية جمالية يمكن تلمسها من خلال ما كان يشعر به ذاك الإنسان من متعة ولذة وهو يمارس هذه الطقوس وهذه الأفعال، نشوة الانتصار على الطبيعة أو الحلم بالانتصار عليها.
           ولما كانت المحاكاة غريزية فينا، فإن هذا الفعل العفوي سيتحول إلى ما سيعرف عند اليونانيين ب" الفن المسرحي" والذي نميز فيه بين التراجيديا والملهاة. وتعتبر الشعائر الدينية وطقوس العربدة والسكر التي كان يقيمها اليوناني القديم، بمناسبة خصوبة الأرض وعطائها، الإرهاصات الأولى لفن المسرح؛ هذه الرقصات والاحتفالات ستتحول إلى اللعب المسرحي بعد أن تم إفراغها من شحنتها الدينية الغيبية لتتخذ بعدا إنسانيا دنيويا. لكن ما كان لهذه الغريزة الفنية الإيقاعية الفوضوية، أن تتبلور إلى إبداع مسرحي، إلا بعد تنظيم وعقلنة هذه الفوضى الغريزية والرقي بها إلى مستوى النظرة المتماسكة والمتكاملة للكون وللإنسان؛ وبعد أن أصبح فعل المحاكاة يتخذ موضوعا له الوضع البشري المعقد بأبعاده الانفعالية والأخلاقية والفكرية والوجودية.
             إن الانتقال من الميثولوجيا إلى الفن المسرحي المتميز تحقق بفضل العبقرية اليونانية. وقد ساعدت ملحمة الإلياذة والأوديسة ( أنشودة الحرب وأنشودة البحر) على ظهور المسرح في اليونان لما تتضمنه هذه الملحمة من شخصيات بطولية ومن صراعات وحروب وتوترات في العلاقات. لكن لا ينبغي أن يفهم من هذا، أن المسرحية  بالمفهوم الدقيق للكلمة، تأسست وأخذت ملامحها النهائية، فقط من خلال سرد وقائع وأحداث وشخصيات ملحمية. ويرتبط ظهور المسرح في القرن السادس قبل الميلاد بعبادة ديونيزوس Dionysos وإقامة الشعائر الدينية احتفاء به. تقول الميثولوجيا الإغريقية، إن ديونيزوس ابن تزوس، قتل بشكل وحشي من طرف أعداءه Les Titans لكن أباه تزوس Zeus  يعيد إحياءه وعندما ينبعث ديونيزوس من جديد يتحول حبه للحياة إلى نوع من الجنون والهيجان، هذا الهيجان لا يمكن أن يهدأ إلا بالانخراط الكوني في الإيقاع والموسيقى والرقص الصاخب ونشوة الخمر. وهكذا يصبح ديونيزوس عند اليونانيين القدماء إله الخصب والعنب والخمرة والفرح والفن والجمال. وبالتالي تكون تقليد سنوي في المدينة اليونانية، يقوم على تقديم الهدايا والقرابين إلى ديونيزوس إله الفن والجمال. وكانت هذه الطقوس والاحتفالات الديونيزوسية تقام مرتين في السنة في شهر مارس وفي شهر دجنبر. وتتألف الاحتفالات من أضحيات وهدايا ومواكب روحانية صوفية. وتقدم القرابين في ساحة يتوسطها مذبح تتجمع حوله جوقة تنشد أغاني دينية ويحمل أفراد الجوقة أقنعة على وجوههم ويترأس الاحتفالات كاهن يجلس على كرسي وثير في مكان مرتفع. وتقدم خلال الحفلين السنويين ولمدة ثلاثة أيام عروض مسرحية. وكان كتاب التراجيديا يدخلون في صراع ومنافسة لنيل الجائزة الأولى للمهرجان. والمسرحي الفائز ينال جوائز وتقدير الجمهور. وكانت الدولة الأثينية هي التي تتولى تنظيم هذه الاحتفالات المسرحية وذلك بتكليف أحد الموظفين السامين باختيار التراجيديين المتنافسين واختيار المواطنين الذين سيتولون الإنفاق على العروض وأصحابها. وهكذا فإن هذه الاحتفالات الديونيزوسية العفوية ما كان لها أن تتطور إلى عروض مسرحية منظمة إلا بتدخل سلطة سياسية مركزية تستند إلى الشعب. والغريب في الأمر أن المسرحية ظهرت وازدهرت في مرحلة ارتبطت بنظام سياسي مستبد وبسلطة سياسية قوية، هذه السلطة التي كان يجسدها الحاكم المستبد بيزيترات .Pisitrate

         ولفظ "تراجيديا" مشتق من كلمتين يونانيتين Tragos وتعني تيس وOdé وتعني أنشودة أو أغنية. أما المعنى الاشتقاقي فقد اختلف حوله: فهناك من يقول بأن اللفظ يدل على جلد التيس الذي كان أفراد الجوقة في التراجيديا البدائية، يرتدونه. وهناك من يرى بأن لفظ "تراجيدوس"Tragedos  يدل على الشاعر الذي ينال جائزة أحسن مؤلف مسرحي، والجائزة هي عبارة عن تيس والذي كان الشاعر يقدمه كقرابين لديونيزوس ثناءا وشكرا له على الفوز. هذا مع العلم على أن التيس كان الذبيحة المفضلة لدى الإله. فمأسسة وتنظيم المسرحية كجنس أدبي جديد ظهر بفعل عاملين: عامل أدبي وهو اكتشاف الشاعر والممثل تيسبيسThespis لإمكانيات جديدة لهذا النوع من العروض والمتمثل أساسا في ظهور ممثل إلى جانب الجوقة وحوارات بينهما ونص أدبي مكتوب؛ وعامل سياسي يتجلى في رغبة وإرادة الحكام تقديم حفلات ومهرجانات للشعب لكسب ثقته وإحداث وحدة وطنية. وهكذا ينال الشاعر والممثل تيسبيس أول جائزة مسرحية سنة 534 ق- م، لكونه ألف نصا شعريا، يقوم على حوار بين ممثل وجوقة (ممثلHypocrites : الذي يجيب) ويضعون أقنعة على وجوههم. ويفسر القناع  برغبة الممثل في إخفاء وجهه والانصهار كلية في الدور الذي يجسده. ويأتي أسخيلوس Eschyle  ليطور العرض المسرحي بإضافة ممثل ثان، فأصبح الحوار يجري ليس بين الممثل والجوقة ولكن أيضا بين الممثلين. وابتداء من 449 ق- م ازداد عدد الممثلين إلى ثلاثة. وهذا لا يعني أن العرض المسرحي يقتصر على ثلاثة أدوار أو شخوص مسرحية، ولكن كانت هناك أدوار عديدة يؤديها الممثلون الثلاثة ما دامت الأقنعة كانت توضع على وجوه الممثلين.
         وقد عمرت  التراجيديا اليونانية ثمانين سنة وتطابق هذه المدة نمو وازدهار أثينا سياسيا وفكريا. وإذا كان أول عرض مسرحي لتسبيس سنة 537 ق- م، فان أول نص تراجيدي جدير بالاهتمام والدراسة هو "الفرس" لأسخيلوس. ويمكن التمييز بين ثلاثة شعراء تراجيديين وهم أسخيلوس525 / 456 ق- م وسوفوكليس Sophocle 496/406 ق- م ويوربيدس Euripide 484 / 406 ق- م الذين حظوا بأهمية خاصة ونالوا جوائز عديدة في المهرجانات المسرحية الديونيزوسية، كمسرحية "أوديب" و"أنتيغون" لسوفوكليس ومسرحية "أندروماك" و"أورست" و"اليكترا" ليوربيدس. وبانهزام أثينا أمام أسبارته سنة 404 أو ما يعرف بحرب بيلوبونيز Péloponnèse  وفقدان أثينا لبريقها وإشعاعها السياسي والثقافي ابتداء من سنة 386 ق- م فقدت التراجيديا اليونانية بريقها وأهميتها.
       وقد ارتبطت الملهاة "الكوميديا" بشكل مباشر بالطقوس الدينية الديونيزوسية .ولفظ كوميديا  مشتق من cômos وôdé   وتعني أنشودة الموكب الهازل أو الساخر والذي كان بمثابة جني للعنب، ينتقل عبر القرى ينشد ويسخر من أولئك الذين يعرفهم. فإذا كانت التراجيديا نوع جدي من العروض المسرحية وتطرح فيها النهاية المأساوية للشخصيات البطلة، فإن الكوميديا نوع ضاحك وساخر من العروض وتتناول وضعية ومصير الأفراد العاديين والحياة العامة كالحب والزواج. ولم تدخل الكوميديا في الاحتفالات الأثينية الرسمية بالقياس إلى التراجيديا إلا في مرحلة متأخرة أي في سنة 486 ق- م على يد الشاعر الكوميدي الساخرChinodès.  ومن أبرز الشعراء الكوميديين أريسطوفانAristophane الذي نجده يسخر من سقراط في مسرحية "السحب" أو من الإله ديونيزوس في "السلاحف".
------------------

العباس جدة: أستاذ الفلسفة ومسرحي، وقد خص "مدونة سيدي سليمان" بهذا الموضوع القيم. 

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

الفلسفة والمسرح/ ذ. العباس جدة

العباس جدة(*)


       يبدو للوهلة الأولى بأن ليست هناك علاقة بين الفلسفة والمسرح، ما دام أن لكل منهما مرجعيته وأدواته وأسلوبه وأهدافه. فإذا كانت أم العلوم تعتمد على النظر العقلي وتتخذ التحليل المنطقي أسلوبا لها وتناقش قضايا الفكر والإنسان الكبرى وتروم المعرفة والكشف عن الحقيقة؛ فإن أب الفنون يقوم على المخيلة والخيال ويسترشد بالحدس ويستثمر البعد النفسي والانفعالي في الإنسان وينهل من الأحاسيس والمشاعر الدفينة فينا ويستلهم اللاشعور والذاكرة والأحلام والهواجس والأوهام، ويروم المتعة الفنية والجمالية الخالصة؛ فإن هذا التمايز البين لا يلغي التقاطع بينهما. ولإبراز هذا التلاقح والتمازج بين مجالين متبايين في المنطلق والأسلوب والهدف، سأركز على نموذجين من الفلسفة والفن الفرنسيين وهما جون بول سارتر وألبير كامو:
   تعتبر مسرحية "الذباب" لسارتر تحويرا لأسطورة يونانية قديمة وهي أسطورة أوريست وأخته إلكترا. وفي مسرحية سارتر، يرجع أورست الى أرجوس برفقة قريبه ليجد المدينة، التي كان أبوه ملكا عليها من قبل، قد أصيبت بالذباب وأن الناس غارقون فيها في الذنوب. ويحاول كل من مربيه وأحد الغرباء (وهو الإله جوبيتر متنكرا) إبعاد أورست عن المدينة. لكن هذا الأخير يصمم على البقاء فيها وأن يفعل شيئا من أجل مدينته. والفوضى التي تعاني منها المدينة هي نتيجة جريمة ارتكبت في حق الملك السابق أجاممنون والد أورست وإلكترا. فقد قتل أجيستوس اجاممنون وتزوج زوجته كليتمسترا أم أورست وإلكترا. وتحاول هذه الأخيرة إخبار الشعب بأن دينهم زائف وأن الآلهة لا ترغب في إسعادهم، وقد حلمت دائما أنه سيأتي اليوم الذي سيعود فيه أخوها أورست للانتقام لمقتل والده أجاممنون. وفي النهاية وبعد صراع مرير ضد أجيستوس وجوبيتر الإله، يقتل الملك أجيستوس أولا ثم يقتل أمه. والمسرحية تعالج أهم القضايا التي شغلت الفكر السارتري وهي مسالة الحرية. فالإنسان حر بطبيعته وفي إمكانه فعل المستحيل إذا أراد ذلك. فأورست يؤكد ذاته ويحقق وجوده من خلال تحديه للكون الذي تحكمه الآلهة. فهو يتحمل مسؤولية ما فعل ولا يحس بالذنب. وفي أحد مشاهد المسرحية يلجأ جوبيتر إلى براعته وقدرته على الإقناع، فيذكر أورست بأن الكون كله يتحرك وفق قانون الآلهة. فيرد عليه أورست: "أنت رب الأرباب يا جوبيتر، إنك رب الكواكب والنجوم والبحار، لكنك لست رب الإنسان." فيتساءل جوبيتر: "ألم أخلقك؟" يوافق أورست لكنه يضيف: " لقد خلقتني إنسانا حرا يا جوبيتر. وحالما خلق الإنسان ككائن حر، فهو لم يعد يمت للآلهة بصلة. إنني حريتي." فجون بول سارتر كفيلسوف يعتبر بأن خاصية الإنسان الأساسية هي محاولته الدائبة لتحقيق إمكانياته وتجاوز حالته الحاضرة. فالإنسان ليس شيئا آخر غير ما هو صانع بنفسه. إنه يريد أن يغير العالم ويغير من ذاته وذلك من خلال ما طبع عليه من حرية وقدرة على الفعل والاختيار.
   وفد صاغ سارتر آراءه الفلسفية المعروضة ف "الوجود والعدم." وخاصة إشكالية العلاقة بين الأنا والآخر، بصيغة فنية بديعة في مسرحيته الثانية "جلسة مغلقة" سنة 1944. تدور أحداث المسرحية في الجحيم ولكنه جحيم غير متوقع، فهو على شكل حجرة مؤثثة على طراز الإمبراطورية الثانية، وإن كان الأثاث بسيطا وليس في الحجرة نوافذ أو مرايا، وكل ما هنالك ثلاث أرائك، أريكة لكل شخصية من شخصيات المسرحية وهي: جارسان، أنيز وإستيل.
    إن كلا من جارسان وإستيل جبان ومخادع وأنيز هي الشخص الذي يرغمهما على الاعتراف بهذا. لقد كان جارسان أول الواصلين وعندما تظهر أنيز في الحجرة تسأله بوقاحة، لماذا يبدو مذعورا. فيقول لها ببرود إنه ليس خائفا. ويذكرها بأنه إذا كانا مضطرين للتعايش فيجب أن يكونا مؤدبين. فتؤكد له أنيز وهي امرأة سحاقية، أنها غير مؤدبة. ويتبادل جارسان وإستيل الأكاذيب عن الظروف التي أوجدتهما في الجحيم،. فيدعي جارسان أنه من دعاة السلام، وأطلقت عليه النار بسبب آراءه. أما إستيل فقد تزوجت - حسب قولها- رجلا عجوزا ثريا طمعا في ثروته لتعيل أسرتها ثم خانته مع رجل عشقته. وتضحك أنيز من حكايتهما ، وتتساءل كيف حكم عليهما بجهنم، إذا كان الأول بطلا والثانية قديسة؟ فلماذا لا يقولان الحقيقة؟ يقاوم جارسان لحظة ثم يوافق على الاعتراف. لقد كان قاسيا في معاملته لزوجته طوال خمس سنوات. فكان يأخذ عشيقته إلى منزله ، وهي امرأة زنجية، ويجبر زوجته على حمل الطعام لهما إلى السرير. تقول أنيز: سافل. فيسألها جارسان: وأنت؟ فتعترف بأنها أغرت امرأة بهجر زوجها لتعيش معها ثم جعلت المرأة تشعر بذنبها حتى أنها استعملت الغاز في قتل أنيز ونفسها. فتحكي إستيل روايتها: لقد دفعت عشيقها إلى الانتحار وذلك بالقضاء على طفلها منه.
    ويتطور الحوار بين الشخوص الثلاثة إلى أن يعترف جارسان بأنه أدين بسبب جبنه وليس لقسوته على زوجته. لقد حاول الفرار من الحرب ثم ألقي عليه القبض ومات ميتة الجبان وهذا ما يقلقه. فتقول أنيز:"إن الأفعال وحدها هي التي تكشف عما يريده الإنسان وأن شخصية الفرد إنما تتحدد بأفعاله واختياراته." ولا يستطيع جارسان الهروب من نظرات أنيز المليئة بالاحتقار وصوتها وهو يردد : جبان، جبان. وبذلك تكون المسرحية قد كشفت عن الرسالة الوجودية والتي تتلخص في فكرتين وهما: "الجحيم هو الآخرين" ، و"الإنسان يكون ما يفعل."
    وفي مسرحية "الأيادي القذرة" ومن خلال الشخصيتن المركزيتين هوجو وهودرر يخبرنا سارتر بأن الإنسان لا يستطيع أن يتأكد إطلاقا مما هو حق، وعليه أن يتحمل مسؤوليته وأن يكون فاعلا في سيرورة مجتمعه. فهذا هودرر يقول لهوجو، إن الإنسان الذي لا يريد أن يخاطر بكونه مخطئا يجب أن لا يشتغل بالسياسة. وعندما يعبر هوجو عن مثاليته وصفاء فكره وشيوعيته الخالصة ويده النقية، يرد عليه هودرر:"كم أنت خائف من تلويث يديك. حسنا فلتبق نقيا. النقاء هو مثال للزاهد الناسك. وأنتم أيها المثقفون ترون في هذا ذريعة لعدم القيام بأي شيء. لا تفعل شيئا ولتبق يداك نظيفتين. أما يداي فهما قذرتان. هل تستطيع أن تحكم وتظل روحك بيضاء؟".
   وبنفس الحماسة والمقدرة الفنية الإبداعية يعبر ألبير كامو عن فلسفته ونظرته للإنسان والعالم من خلال بعض النصوص المسرحية، وأهمها مسرحية "كاليغولا" فهو يوظف، في هذه المسرحية، الشخصية التاريخية والإمبراطور الروماني المتسلط والمجنون (37- 41 م.) للإفصاح عن آرائه الخاصة. يختفي كاليغولا بعد وفاة أخته ومحبوبته دروسيلا. الجميع يبحث عن الإمبراطور. وعندما يعود هذا الأخير يشرح لأحد مستشاريه - هيليكون- وللمقربين منه بأنه منشغل وحزين، ليس لموت أخته ولكن يحمل في صدره رغبة جامحة في بلوغ المستحيل. والعالم بالشكل الذي هو عليه لا يبدو له محتملا، لهذا فهو يسعى وراء امتلاك القمر وبلوغ السعادة والظفر بالخلود والسرمدية أو أي شيء لا ينتمي لهذا العالم الوضيع السخيف. ففي المسرحية نشاهد كيف أن الإنسان يحقق ذاته وكرامته ضدا على هذا العالم الذي لا يمنح له أي أمل لبلوغ ما يريد. إن موت أخته وعشيقته تفتح عيني كاليغولا على هذه الحقيقة: "الناس يموتون ولا يستطيعون أن يكونوا سعداء" وهكذا يتحول الإمبراطور من شخص رقيق الإحساس إلى وحش شديد القسوة، بل ينصب نفسه إلها، وبالتالي ليس هناك حدودا لممارسة حريته، وإنما يمارس حريته كاملة. غير أن هذه الحرية تدخل في صراع وتعارض مع حياته ومع العالم، ورغم أنه لن يستطيع بلوغ هدفه. وهذا هو التصور المركزي في فلسفة ألبير كامو والفكرة المحورية التي يحاول إبرازها من خلال مختلف كتاباته. يقول كامو:" إن العبث ينتج عن هذه المواجهة بين الإنسان والعالم، بين هذا النداء الإنساني وهذا الصمت اللامعقول للعالم.". فهناك قوتان متعارضتان، نداء الإنسان ومسعاه الحثيث والدؤوب لمعرفة معنى وجوده، وغياب الجواب أو الصمت الذي يلتزم به الوسط الذي ينتمي إليه. فالإنسان يعيش في عالم لا يفهم وجهته ومعناه ولا يعرف شيئا عن وجوده هو ولا المعنى من حياته. ويمكن للإنسان أمام هذا الوضع/العبث أن يعمل وأن يحدد أهدافه ويخلق مشاريعه. لهذا وجب أن نحيا العبث من خلال التمرد وبالتمرد. والتمرد يعني إدراك قدرنا المحتوم ومواجهته، ويدل أيضا على ذكاء الإنسان وهو بين مخالب صمت العالم الرهيب. والتمرد يعني أيضا تمكين الإنسان من توسيع دائرة الحركة والفعل الإنسانيين وتحرره من إكراهات الواقع ومن المستقبل الغامض.
     فهذا الإنسان/العبث يتمتع بحرية عميقة. إنه يسكن في عالم يحتم عليه أن يقبل ب " أن الكائن البشري يشتغل ويعمل دون أن يقدر على بلوغ هدفه." ولكنه عالم يسود فيه بل يمتلكه وتلك هي المفارقة الكبرى.
--------------------

(*) الأستاذ عباس جدة مدرس الفلسفة كاتب مسرحي ومخرج.. وقد خص المدونة بموضوعه..

الأحد، 15 ديسمبر 2013

المافيا المنظمة في المغرب

صورة: ‏المافيا المنظمة في المغرب
كتابة مصطفى لمودن
  لا أقصد بها جماعة لصوص أو قطاع طرق أو مروجي المخدرات.. بل آخرين قد يكونون على درجة من التعليم، لكن لهم علاقة بالشأن العام، سواء كمشتغلين في الإدارة أو منتخبين مسؤولين على جماعات منتخبة. غالبية من هؤلاء أصبحوا متمرسين على التلاعب بمصالح المواطنين وعلى دراية عالية بكيفية الاغتناء غير المشروع وعلى علم بالمساطر الإدارية وكيفية خداعها، بل والأخطر من كل ذلك التواطؤات البينية (فيما بينهم)في مقابل تبادل الخدمات والمنافع.. حتى لا يبقى كلامنا عاما، نعطي مثلا ببعض الوقائع التي تسمح الصدف بظهورها هنا وهناك، من ذلك اكتشاف أن رئيس جماعة "الحوافاة" من إقليم سيدي قاسم وهي قريبة من سيدي سليمان، لم يضع مدخول تفويت السوق الأسبوعي في صندوق الجماعة، بل حوله ببساطة إلى جيبه وانتهى الأمر.. المبلغ لا ينقص عن 100 مليون سنتيم، ومن أين  له "المسكين" أداء مصاريف الحملة الانتخابية القادمة، حيث تعقد المآدب (الزرود) وتشترى الذمم كالبهائم وتعطى الرشاوى لبعض "أصحاب الحال" عن التجاوزات.. وقبل هذا بشهور، القي القبض في كمين على رئيس بلدية سيدي يحيى وهو يتلقى رشوة لا تقل عن 20 مليون سنتيم من مقاول مقابل التدخل من أجل التأكيد على "صلاحية" من نفذ من "مشاريع".. للتذكير الأول ينتمي لحزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون الحالي صلاح الدين مزوار والذي سبق أن اتهم بتحويل تعويضات له غير مشروعة لما كان وزيرا سابقا للمالية، والثاني الذي ضبط يتلقى رشوة ينتمي لحزب "الاتحاد الدستوري" الذي له رمز الحصان..  كما سبق في نفس المنطقة (الغرب)عرض أربعة رؤساء على المحاكم بتهمة تزوير "الشهادة الابتدائية"، (سوى الشهادة الابتدائية!!) التي تخول لحاملها كي يصبح بقدرة قادرة "رئيس جماعة".. 
 يحدث هذا ومثله الكثير في المغرب الآن، حيث طغى الفساد وانتشرت الرشوة والزبونية والمحسوبية وقد وصلت حتى إلى التجسيل في الجامعة من أجل "العلم" كما في حدث في جامعة المحمدية من أجل التجسيل في الدكتوراه (المساء يوم السبت 14 دجنبر)..ويعلم الجميع أن المغرب تراجع كثيرا على المستوى الدولي في تصنيف الشفافية ومحاربة الفساد، ولا غرو في ذلك، فقد كان من أول ما أعلن عنه رئيس الحكومة الحالي، هو "عفى الله عما سلف" من جرائم في هذا الشأن، وهو ما اعتبر إشارة ضوء أخضر لاقتراف المزيد..
 ما تعيشه الجماعات المحلية كارثة بكل المقاييس، فليس الأمر يهم سوء التدبير وضعف التصورات التي تقود نحو "تنمنية" مجالية مفقودة، بل هو نتيجة "سياسة" دولة انطلقت منذ بداية ما سمي ب"المسلسل الديمقراطي"، حيث انطلقت "الديمقراطية" مغشوشة ولم تتجاوز "التمثيل" على المغاربة من أجل تلقينهم درسا يجعلهم يكرهون كل ما يمت للديمقراطية بصلة، وقد كرس غير المأسوف عليه إدريس البصري ذلك، والنتيجة هذا التخلف المريع على جميع المستويات فيما يخص الجماعات المحلية، من حيث افتقادها لأي بعد تنموي في مختلف المجالات، ونحن نؤدي الآن ضريبة ذلك.. بقيت إشارة واحدة أريد الإشارة إليها بحكم تجربتي وملاحظاتي، إن ألذ أعداء غالبية الجماعات المحلية في المغرب هو قطاع التعليم، وخاصة المدرسة، فالجماعات المحلية بالعالم القروي من الناذر جدا أن تنظر في أحوال المدارس وتدعم التعليم بها.. والغرض واضح، فأغلب المنتخبين يفضلون الشعب جاهلا للتلاعب به.. 
لا يجب أن يستمر هذا الوضع، مما يحتم أولا تدخل القضاء لمعاقبة المجرمين أينما كانوا في الإدارة أو الجماعة المحلية، عدم تخلي "المثقفين" ذوي النية الحسنة عن الجماعات المحلية كما تخلوا عن المدرسة العمومية، ومواجهة كل "الشناقة" و"أصاحب الشكارة" من إقطاعيين جدد، تهمهم مصالحهم الضيقة أولا.. لن يرحم التاريخ أي متخاذل.‏

 مصطفى لمودن
لا أقصد بها جماعة لصوص أو قطاع طرق أو مروجي المخدرات.. بل آخرين قد يكونون على درجة من التعليم، لكن لهم علاقة بالشأن العام، سواء كمشتغلين في الإدارة أو منتخبين مسؤولين على جماعات منتخبة. غالبية من هؤلاء أصبحوا متمرسين على التلاعب بمصالح المواطنين وعلى دراية عالية بكيفية الاغتناء غير المشروع وعلى علم بالمساطر الإدارية وكيفية خداعها، بل والأخطر من كل ذلك التواطؤات البينية (فيما بينهم)في مقابل تبادل الخدمات والمنافع.. حتى لا يبقى كلامنا عاما، نعطي مثلا ببعض الوقائع التي تسمح الصدف بظهورها هنا وهناك، من ذلك اكتشاف أن رئيس جماعة "الحوافاة" من إقليم سيدي قاسم وهي قريبة من سيدي سليمان، لم يضع مدخول تفويت السوق الأسبوعي في صندوق الجماعة، بل حوله ببساطة إلى جيبه وانتهى الأمر.. المبلغ لا ينقص عن 100 مليون سنتيم، ومن أين له "المسكين" أداء مصاريف الحملة الانتخابية القادمة، حيث تعقد المآدب (الزرود) وتشترى الذمم كالبهائم وتعطى الرشاوى لبعض "أصحاب الحال" عن التجاوزات.. وقبل هذا بشهور، القي القبض في كمين على رئيس بلدية سيدي يحيى وهو يتلقى رشوة لا تقل عن 20 مليون سنتيم من مقاول مقابل التدخل من أجل التأكيد على "صلاحية" من نفذ من "مشاريع".. للتذكير الأول ينتمي لحزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون الحالي صلاح الدين مزوار والذي سبق أن اتهم بتحويل تعويضات له غير مشروعة لما كان وزيرا سابقا للمالية، والثاني الذي ضبط يتلقى رشوة ينتمي لحزب "الاتحاد الدستوري" الذي له رمز الحصان.. كما سبق في نفس المنطقة (الغرب)عرض أربعة رؤساء على المحاكم بتهمة تزوير "الشهادة الابتدائية"، (سوى الشهادة الابتدائية!!) التي تخول لحاملها كي يصبح بقدرة قادرة "رئيس جماعة"..
يحدث هذا ومثله الكثير في المغرب الآن، حيث طغى الفساد وانتشرت الرشوة والزبونية والمحسوبية وقد وصلت حتى إلى التجسيل في الجامعة من أجل "العلم" كما في حدث في جامعة المحمدية من أجل التجسيل في الدكتوراه (المساء يوم السبت 14 دجنبر)..ويعلم الجميع أن المغرب تراجع كثيرا على المستوى الدولي في تصنيف الشفافية ومحاربة الفساد، ولا غرو في ذلك، فقد كان من أول ما أعلن عنه رئيس الحكومة الحالي، هو "عفى الله عما سلف" من جرائم في هذا الشأن، وهو ما اعتبر إشارة ضوء أخضر لاقتراف المزيد..
ما تعيشه الجماعات المحلية كارثة بكل المقاييس، فليس الأمر يهم سوء التدبير وضعف التصورات التي تقود نحو "تنمنية" مجالية مفقودة، بل هو نتيجة "سياسة" دولة انطلقت منذ بداية ما سمي ب"المسلسل الديمقراطي"، حيث انطلقت "الديمقراطية" مغشوشة ولم تتجاوز "التمثيل" على المغاربة من أجل تلقينهم درسا يجعلهم يكرهون كل ما يمت للديمقراطية بصلة، وقد كرس غير المأسوف عليه إدريس البصري ذلك، والنتيجة هذا التخلف المريع على جميع المستويات فيما يخص الجماعات المحلية، من حيث افتقادها لأي بعد تنموي في مختلف المجالات، ونحن نؤدي الآن ضريبة ذلك.. بقيت إشارة واحدة أريد الإشارة إليها بحكم تجربتي وملاحظاتي، إن ألذ أعداء غالبية الجماعات المحلية في المغرب هو قطاع التعليم، وخاصة المدرسة، فالجماعات المحلية بالعالم القروي من الناذر جدا أن تنظر في أحوال المدارس وتدعم التعليم بها.. والغرض واضح، فأغلب المنتخبين يفضلون الشعب جاهلا للتلاعب به..

لا يجب أن يستمر هذا الوضع، مما يحتم أولا تدخل القضاء لمعاقبة المجرمين أينما كانوا في الإدارة أو الجماعة المحلية، عدم تخلي "المثقفين" ذوي النية الحسنة عن الجماعات المحلية كما تخلوا عن المدرسة العمومية، ومواجهة كل "الشناقة" و"أصاحب الشكارة" من إقطاعيين جدد، تهمهم مصالحهم الضيقة أولا.. لن يرحم التاريخ أي متخاذل.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

الفلسفة والأدب/ العباس جدة (*)

الفلسفة والأدب
العباس جدة (*)


     كيف يحق لنا أن نتحدث عن صلة الفلسفة بالأدب، في حين أن هناك تمايزا بينا بين الإنتاج الفلسفي والإنتاج الأدبي بين الخطاب الفلسفي والخطاب الأدبي؟
     فإذا كان العمل الأدبي والفني يرمي إلى إشباع الذوق، فإن العمل الفلسفي يعمل على الاهتداء الى المعرفة ويسعى إلى الحقيقة؛ إذا كان الخطاب الأدبي يتوجه إلى وجدان المتلقي ويحفز مشاعر الإنسان، فإن الخطاب الفلسفي يروم إثارة ذهن المتلقي ويطرح السؤال؛
    يحق لنا أن نتحدث عن صلة الفلسفة بالأدب، في حين أن هناك تمايزا بين الإنتاج الفلسفي والإنتاج الأدبي، بين الخطاب الفلسفي كيف وإذا كان الإنتاج الأدبي يبحث عن الجمال ويهدف إلى تحقيق المتعة الفنية الخالصة والاستجابة لميل الإنسان لكل ما هو نبيل وجميل، فإن الإنتاج الفلسفي يستحث ملكاتنا العقلية والمعرفية ويدفعنا إلى مراجعة قيمنا وأسلوب تفكيرنا وطريقة عيشنا. ويميز شوبنهاور في كتابه " الفلسفة وعلم الطبيعة " بين الفيلسوف والشاعر قائلا: " إن ما يرمي إليه الشاعر من وراء إنتاجه الفني هو إتحافنا بمجموعة من الصور اللفظية التي تصور لنا أشكالا من الحياة، ونماذج مختلفة من المواقف البشرية وأنماطا متنوعة من الشخصية، وإن كان في وسع كل واحد منا من بعد أن يفسر تلك الصور الفنية وفقا لما يتمتع به من مقدرة ذهنية خاصة. أما الفيلسوف فإنه يصور لنا الحياة على هذا النحو، بل هو يعرض علينا أفكارا مكتملة واضحة المعالم، استطاع بقدرته العقلية المتميزة أن ينتزعها من صميم الحياة. والواقع - يستطرد شوبنهاو- أن الشاعر أشبه ما يكون بالرجل الذي يقدم لنا مجموعة من الأزهار، في حين أن الفيلسوف أشبه ما يكون بالرجل الذي يضع بين أيدينا خلاصة رحيق تلك الأزهار."
    ولكن لو رجعنا إلى تاريخ الفلسفة، لتحققنا من أن الصلة كانت وثيقة بين الفلسفة اليونانية وبين الأدب، أو بين الميتافيزيقا والشعر. ومن هذا القبيل مثلا ما رواه بعض مؤرخي الفلسفة عن السوفسطائيين، من أنهم كانوا يستشهدون بهوميروس ويلتمسون من أشعاره تأييدا لمذهبهم. فنحن نعرف كيف أن أنكسمندر قد صاغ معظم آرائه الفلسفية في عبارات شبه شعرية؛ وهذا بارمنيد زعيم المدرسة الأيلية قد نظم قصيدة طويلة رائعة يعبر فيها عن أفكاره الميتافيزيقية. ويعتبر أفلاطون الفيلسوف الذي مزج بحق بين الشعر والحوار المسرحي والفلسفة في أسمى صورة. وما علينا إلا أن نعود إلى محاوراته، لنتبين ما تحمله من قيم فلسفية مصاغة بلغة فنية وفي صور بليغة وجميلة. ونجد لدى فلاسفة الإسلام اهتماما بالتعبير عن المعاني الفلسفية بأساليب شعرية وفنية، وهذا ما فعله الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل في روايته " حي ابن يقظان" بما يعرف به  فن الرواية من عناصر أساسية كالرمز والتلميح والصور الفنية. كما وجد بين مفكري الإسلام فلاسفة أدباء كأبي حيان التوحيدي الذي وصفه ياقوت في " معجم الأدباء" بأنه " فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة" حيث مزج الأدب بالحكمة.
    وظهرت في العصور الحديثة مؤلفات فلسفية بارزة تقوم على الصياغة الأدبية، فقدم لنا الأب الروحي للوجودية كيركجارد مذكراته الشخصية، ووضع لنا نيتشه أشعارا فلسفية في كتابه " هكذا تكلم زرادشت". بل أصبح العديد من الفلاسفة المعاصرين أمثال جابرييل مارسيل وجون بول سارتر و ألبير كامو وسيمون دي بوفوار، يعمدون إلى صياغة مواقفهم الفلسفية من خلال القصة أو الرواية أو المسرح أو الشريط السينمائي.
    ولم يمنع هذا الأدباء أنفسهم، أن يقدموا لنا أعمالا فنية ذات مضمون فلسفي. فإذا ما تصفحنا رواية " الجريمة والعقاب" أو "الإخوة كارامازوف" للكاتب الروسي دوستويفسكي  فسنتبين بأن الروائي يحمل نظرة فلسفية عميقة لقضايا الإنسان الأساسية كالحرية والمسؤولية والأخلاق. ونفس الشيء بالنسبة للروائي التشيكي فرانز كافكا في روايتيه " المسخ" و" المحاكمة" اللتين تجمعان بين التعبير الأدبي الفني وبين التأمل الفلسفي والتفكير في الوضع البشري. وقد حظي كل من بول فاليري وأندري جيد ومارسيل بروست الفرنسيين بتقدير الفلاسفة واهتمام مؤرخي الفلسفة، لما تتضمنه مؤلفاتهم الأدبية من إشارات فلسفية ونماذج تأملية خاصة.
    والحال لو رجعنا إلى تاريخ التفكير الفلسفي في بلد كفرنسا مثلا، لوجدنا بأن القرابة كانت وثيقة دائما بين الفلسفة والأدب. فمن الناحية الشكلية نلاحظ أن المسرحية والرواية والقصة والشعر كثيرا ما كانت الأشكال التعبيرية المفضلة في التعبير عن الآراء الفلسفية لدى المفكرين الفرنسيين. وإذا نظرنا أيضا إلى بعض الأدباء الفرنسيين من أمثال بلزاك وهيجو وفلوبير، فلا يمكن سوى التسليم والاعتراف بمقدرتهم المميزة على مقاربة الوضع البشري مقاربة فلسفية واضحة.
    وإذا كان الأدب هو الذي يحتل المجال الفلسفي في القرن 19، يلاحظ اليوم، أن الفلسفة هي التي تحتل الميدان الأدبي، إلى درجة أضحت معه احتجاجات الأدباء تتعالى معلنة عن تطفل الفلسفة على الأدب واقتحامها لميدانه. لكن سرعان ما اقتربت الفلسفة من الأدب منذ بداية القرن 20 وذلك لاهتمام الفلاسفة المعاصرين بالقيم الإنسانية وحرصهم على الرجوع إلى التجربة البشرية الحية بما فيها من عمق وواقعية بدل الاهتمام بما وراء الطبيعية وأصل الكون. وهكذا أصبح الفيلسوف المعاصر يفكر في مصير الإنسان وموقعه في الوجود ويـتأمل علاقة الشخص بالغير، وفي السعادة والعدالة والجمال، ويهتم بالحقوق والواجبات وبالحرية الفردية، ويفكر في المجتمع وفي علاقة الفرد بالمؤثرات الاجتماعية والثقافية، وفي السلطة السياسية... وبناءا على ما سبق لم يكن اعتباطا أن تتلاقى الفلسفة مع الأدب، ما دام الموضوع الرئيسي للأدب إنما هو الإنسان.
   غير أن برييه في كتابه " تحول الفلسفة الفرنسية" يحذرنا من المغالاة في التقريب بين الفلسفة والأدب، ما دام أن الشيء الرئيسي في الأدب، إنما هو الفن وننشد فيه اللذة الفنية لا الحقيقة أو المعرفة العقلية. فالأديب يقدم لنا عملا فنيا نرتاح له ونستمتع بصوره البلاغية ونعجب به روحيا ونفسيا. أما إذا حشد في عمله الفني أدلة عقلية وبراهين واستدلالات فلسفية، فإنه سيفقد لا محالة كل ما في إنتاجه من شعر وفن وجمال. هذا بالإضافة إلى أنه من العبث مقارنة عمق الفكرة أو التصور الفكري لدى الأديب بعمقه لدى الفيلسوف، فعمق التأمل والتفكيرعند بالزاك لا يقارن بفكر أوجست كونط  الفيلسوف، وعبقرية بيتوفن لا تقارن بعبقرية هيجل. والقرابة الحقيقية بين الفلسفة والأدب هي التي تتمثل في اهتمام كل منهما بالإنسان وقيمه الأخلاقية والثقافية، كالحق والعدالة والعنف والألم والخوف... وعلى هذا الاعتبار كان بلزاك ودوستويفسكي وبروست وكافكا وكونديرا وغيرهم روائيين فلاسفة. ثم جاء سارتر وألبير كامو ليعبرا عن مذهبيهما الفلسفيين من خلال القصة والرواية والمسرحية كروايتي: "الطاعون" و"الغريب" لكامو، أو مسرحيتي: "الذباب" و"جلسة مغلقة"  لسارتر.
   والوجوديون عندما يقربون بين الفلسفة والأدب، فليعبروا عن شتى "المواقف الميتافيزيقية والوجودية " للإنسان بأسلوب روائي أو مسرحي يتناسب مع الوضع البشري الذي يطبع بطابع درامي غرائبي وعبثي. وما دامت الحقيقة لا تدرك – حسب الوجوديين- عن طريق العقل وحده، وإنما هي في صميمها تجربة حية وفعل وعاطفة قبل أن تكون فكرا وتصورا. من هذا المنطلق يرى الوجوديون بأن الأدب ليس دخيلا على الفلسفة بل هو تعبير حي عن ذلك " البعد اليتافيزيقي" في الإنسان الذي ينكشف من خلال قلقه وجزعه وخوفه من الموت وحنينه إلى الوجود وتعشطه للمطلق، قد يعجز النظر العقلي على تبيانه والتعبير عنه. والنتيجة هي أن الحقيقة ليست من شأن العقل وحده بل قد تتدخل في تكوينها المشاعر والرغبات والأهواء والغرائز والخيال والحلم والوهم والكذب. وفي هذه الحال يكون الفن أبلغ وسيلة للتعبير عن حقيقة الإنسان وعن وجوده المركب والمعقد.
-----------------------

(*) أستاذ فلسفة ومسرحي يقيم في القنيطرة وهو يساهم في اغناء "مدونة سيدي سليمان"

الأحد، 8 ديسمبر 2013

تجديد مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسدي سليمان

تجديد مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسدي سليمان

مصطفى لمودن
بعد المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، تشكل المكتب من تسعة أعضاء، بحيث تمت المصادقة على ثلاث عضوات من طرف الجمع العام هن نظيرة رفيق الدين، ابتسام التبات، هند أورحو وفق القانون الداخلي للجمعية الذي يخصص كوطا للنساء، وعن الشباب انتخب إبراهيم الشدادي، والبقية انتخبوا كذلك بالاقتراع السري وهم محمد أيت عبد السلام، عبد الإله الأنصاري، عزيز عز الدين، محمد أجرواي، مصطفى ابريول.. ويلاحظ أن جميع الأعضاء باستثناء الاثنين  الأخرين هم ينتمون للحزب الاشتراكي الموحد..أشرف على الجمع العام محمد الشيكر عضو المجلس الوطني للجمعية ومحمد بوكطاية عن المكتب الجهوي لنفس الجمعية الحقوقية، وكما جاء في التقرير الأدبي المقدم للجمع العام مساء الأحد الثامن من شهر دجنبر فقد اهتم المكتب السابق بمتابعة الخروقات وطلبات المساندة التي يتوصل بها من أصحابها، بالإضافة إلى قيامه بالتربية على حقوق الإنسان خاصة في المؤسسات التعليمية والمخيمات والندوات والورشات.. أما حصيلة التقرير المالي فقد لقيت التصويت بالإجماع، حيث بلغت مداخيل الفرع ما يفوق ثلاث ملايين سنتيم، سواء من عائدات بطائق الانخراط أو مما حصله الفرع من منح قدمت له من جماعات محلية كبلدية سيدي سليمان والمجلس الإقليمي ومجلس الجهة.. ومعروف عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مصداقيتها في الدفاع عن الحقوق، ومن ضمن تجليات ذلك حصول رئيسة الجمعية السابقة خديجة الرياضي على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قبل أيام..


الجمعة، 6 ديسمبر 2013

مسرحية أنا هي انت قراءة أولية/ محمد صولة

مسرحية أنا هي انت
قراءة أولية
سعاد وغيثة (نورية بنبراهيم ـ أمال بنحدو)

محمد صولة
قدم محترف باناصا للفنون عرضا مسرحيا يوم الأربعاء5 دجنبر 2013 بسيدي سليمان على الساعة6.30 مساء بدار الشباب.
يحمل العرض عنوان ـ أنا هي انت ـ وهو من تأليف كاترين هيتز، ومن اقتباس نورية بنبراهيم، و تشخيص أمال بنحدو ونورية بنبراهيم، أما العلاقة العامة فهي لسناء محيي الدين، والإخراج لنورية بنبراهيم.
يوحي العنوان بترادف بين الضمائر، بحيث إن التعالق الذي يربط بين هذه المكونات الثلاثة يستثمر البعد السيكولوجي المتمثل في التداخل بين الشخصيتين، فأنا المتكلم الحاضر يستحضر هي الغائب الميت ويرىوجهه في مرآة نفسه القريبة منه والبعيدة عنه والممركزة في أنت، إذ أن اللعب المسرحي الذي يلون المشهد بالجسد يمنح العرض هذا الاتساع والامتداد نحو العوالم الخارجية، لذلك يتمظهر العنوان كعتبة تساهم في خلق فضاء داخلي للفضاء اللعبي الركحي أمام حركات الممثلتين، ووفق تموجات الإيقاع الذي طغى عليه الصمت أحيانا والصراخ أحيانا أخرى.
يلاحظ على النص أنه لم يسر على خطى المسرح الكلاسي، بقدر ما كسرها وعوض البناء بمحاولة التجريب، وذلك من خلال تقنات التباعد والاستطراد والإيجاز والأداء بواسطة الجسد، وهذ سر نجاح العرض، ومادام البحث جار عن منفذ للتخلص من مشاكل الحياة واليومي والماضي والحاضر هو العلة الأنطلوجية بالنسبة للشخصيتين، فإن الزما ن هو الآخر يغيب عما هو عقلي ومنطقي في المكان المتواري خلف ظلال الجسد ـ الوهم
ثم إن الشخصية في العرض المسرحي ( سعاد أوغيثة) استطاعت أن تحتوي الفضاء الركحي بكامله، بمعنى أن اللعب المسرحي على مستوى الإخرج كان يتخذ من امتداد الجسد بعده التعبيري والإيحائي، وليس أن العطاء الجسدي في العرض هو الهدف، بل ما يحمله من دلالات كعلامة، دالها الواقع ومدلولها الوجه الآخر لهذا المجتمع الأبيسي المرتهن في قبضة سلطة الأب وكل ما يأتي من جهتها.
هذه الشخصية المعرفة إسميا والنكرة دلاليا يمكنها أن تتعدد في التأويل الفني والجمالي كرموز لها معاني الصراع من أجل تحقيق نخوة الذات والدفاع عن الصدق في التعبير عن الأحلام والحب والعدالة والمساواة بلا زيادة او نقصان.
أما تيمة العرض المسرحي فهي مفتوحة على موضوعات متناثرة هنا وهناك، لكنها موحدة في الموت والبحث عن الحقيقة الروحية، ما دام أن النصوص التجريبية تنحو منحى عبثيا في أغلب الأحيان، وهذا راجع إلى محاولة القبض على الوعي المتقد ولجم هذيانات التفكير في الحياة الزائفة.
إن الحاضر في العرض المسرحي هو الجسد الممتلئ بالقلق والملل والخيبة والإخفاق، وهو المعلم الذي يستحق أن يكون آمرا وناهيا بخصوص ما يأتيه من خارجه، أما الغائب فيتلخص في الموجود على شفير العالم الآخر، وهو المفقود المتخفي ، والذي لا يظهر إلا من خلال الملفوظ.
لا أظن أن السينوغرافيا قد كانت غائبة عن العرض، وبما أنها بسيطة فقد منحت بدورها بعدا استطيقيا مناسبا للفضاء المشهدي، وما ساعد في هذا الانسجام هو تفقير العرض بديكور مألوف دون إثقاله بمؤثثات لا تقول أي شيء ولا تحمل قيمة ما، إنه عرض يعتمد رسائل مشفرة سيميائيا، يحسن قراءتها جماليا من زوايا تأويلية متعددة ومفتوحة علىالفعل الجمالي.
لقد استطاعت المخرجة نورية بنبراهيم أن تفتح نوافذ أولى أمام كتاب يحمل أكثر من سؤال، وبالتالي نحس أننا أولى باستقصاء هذا العمق الذي كلما اقتربنا منه إلا ويبتعدن فالأعمال الجيدة والجميلة لا تعطيك بقدر ما تأخذ منك ، فشكرا لمحترف باناصا على هذا العرض الذي أتحف به المدينة وأناسها، وأشكر بدوري الأخ طارق كناش والتلاميذ الذين حضروا والأصدقاء والزملاء الذين أثثوا صالة العرض ولإدارة دار الشباب 11 يناير ولمكتب جمعية أفق للثقافة والإبداع الذي تبنى العرض وهيأ له المكان والمناسبة، فللكل المحبة والتقدير.
 ----------------------

عن صفحة محمد صولة من الفايسبوك