الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

في نقاش وضعية الاتحاد الاشتراكي وعلاقته مع أحزاب اليسار


في نقاش وضعية الاتحاد الاشتراكي وعلاقته مع أحزاب اليسار


مصطفى لمودن
نص هذه القراءة المتواضعة جاء نتيجة التفاعلات والردود التي حصلت بعد نشرنا على صفحتنا بالفايسبوك لخبر الظهور "المتجدد" والمتكرر لإدريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في التلفزة المغربية حسب إعلان نشرته القناة الثانية، وقد تطرق صديق نحترمه(*) للموضوع من وجه نظره المنافحة عن كل عمل مشترك يشمل كافة "العائلة الاتحادية" كما سماها، وهو (الصديق) ينطلق من نية صادقة يؤكدها منطق الحساب والقوة الكامنة.. التي يمكن أن تتحول إلى قوة فاعلة، بالنسبة لي شخصيا رغم أنني غير منتم إلى الاتحاد الاشتراكي. فأعرف عنه الكثير وأتتبع كل صغيرة وكبيرة تقع فيه ولديه.. ولولا بيروقراطية بعض أعضائه في مدينة منشئي لكنت اتحاديا من أول دخولي ميدان التحزب (حتى لا أقول السياسة).. غير أن مطالعاتي المستمرة لجريدة أنوال بمخارجها المختلفة(السياسي ـ الثقافي ـ الاقتصادي) وبفعل علاقات صداقة ولجت دون تردد منظمة العمل الديمقراطي الشعبي سنة 1992(1)، أقول هذا لأؤكد على منحى التوافق والعمل خلال تكثل معين قد يسوقه المستقبل مع الاكراهات التي تنتظر الجميع، ولن يتحقق أي نفع أو تغيير بدون حشد قوى ضاغطة، هذا قانون السياسة.. لكن لنكن واقعيين، لقد بنيت جدران عالية بين الذوات الفاعلة في أغلب التنظيمات (أقول الأشخاص)، وبالتالي أصبح صعبا ردم الهوة. كما أن قيادة الاتحاد الاشتراكي الآن غامضة، وغير معروف توجهها بالضبط، فهي مع الكتلة التي ضاقت بثلاث تنظيمات فقط، وهي مع "التحالف الحكومي" الهجين، وهي ترفع شعارات طنانة كما وقع أثناء آخر مؤتمر للحزب ينحو نحو المطالبة بالتغيير الدستوري، وقيل أن نفس القيادة أعدت مذكرة في الموضوع رفعتها إلى الملك، ولا تفاصيل عن ذلك. ورأينا كيف أن نفس القيادة تفاوض أو تضغط أو تجعل ذوي الأمر يلتفتون لها، فيحصل هذا على منصب وذاك على كرسي.. حتى ضد منطق الأشياء ورغبة القواعد، فهذا فتح الله ولعلو عمدة /رهينة/ على الرباط وحزبه يتوفر على 6 منتخبين فقط، وهذا لشكر "ناضل" بأسلوبه الخاص عبر الابتزاز المبطن حتى حصل على "وزير" يتشرف بحضور الاجتماعات ويتكلف ببريد البرلمان. وهذا عبد الواحد الراضي لا أحد يعرف بالضبط ما فعله في وزارة العدل (إن كان قد فعل شيئا) وهو قد دخل بنية الإصلاح، وأعطيت له الأوامر من اجل ذلك، وهو نفسه وعد قبل المؤتمر بالتفرغ للحزب، لكن انقلب 180 درجة، دون أن يكلف نفسه إقناع أعضاء حزبه فبالأحرى بقية المواطنين، وهذا اليازغي يحمل حقيبة دون مسؤوليات، فيظهر أمام المواطنين كمستهلك للمالية العمومية دون عائد، وربما ينال أجرا مقابل سكوته وخراجته غير المحسوبة كما وقع مع سلفه الوزير بدون حقيبة في الحكومة السابقة وأقصد به عباس الفاسي، عندما لم يتوقف عن انتقاد حكومة التناوب رغم مشاركة حزبه فيها.. باختصار قيادة الاتحاد في هذه الفترة دخلت آخر مرحلة في استخلاص "عائد النضال" عبر عقود مضت، ولا أمل في تغيير توجهاتها.. يمكن أن نراهن على المناضلين المحتلين للصف الثاني كحميد باجو وعلي بوعبيد وآخرين. فهؤلاء قد يكون لهم تصور آخر يقوم على أساس التحالف مع قوى اليسار، لكن إذا تخلى "الكبار" عن مسؤوليتهم الحزبية، وهو حدث قادم لا محالة بفعل عامل بيولوجي، وإذا انسلخ الحزب عن جانبه الذي احتله "الأعيان" ذوي المصالح الضيقة، كما وقع في السنوات الأخيرة عندما سطع نجمهم( الأعيان) الانتخابي وأصبحوا ملاذا لكل راغب في مقاعد إضافية.. فهل سيكون الجيل القادم من المسؤولين الاتحاديين في مستوى التقاط الإشارة التي تهدف إلى ما فيه مصلحة الوطن والشعب المغربي قبل المصالح الضيقة لبعض القياديين؟
وكذلك يجب ألا نغفل إطلاقا عن الانغلاق الذي تعيشه التنظيمات التي يمكن تجاوزا إدخالها ضمن طائفة "الحركة الاتحادية"، وهي لم تغير من أسلوب عملها، وارتكنت إلى نعث "النضالية" التي تطلقه على نفسها دون عمل واضح وله عائد تنظيمي وانتخابي وإشعاعي. وأصبح مفروض عليها إبداع أساليب متجددة من أجل الانخراط في واجهات نضالية بنفس مختلف.  
ونضيف تساؤلا أعمق، وهو هل أصبحت تحركات بقية أحزاب اليسار مرهونة للتجاوب الإيجابي للأخ الأكبر الاتحاد الاشتراكي؟ أم أن بقية أطياف أحزاب اليسار يمكن أن تشكل بدورها قوة تساهم بفعالية في المشهد الحزبي والسياسي في المغرب؟
ــــــــــــــ
(*) الأستاذ أحمد نشاطي رئيس تحرير جريدة "الصحراء المغربية" و"المشهد" و"نسمة"
(1) منظمة العمل الديمقراطي الشعبي اندمجت مع أربعة تنظيمات سنة 2002 لتكون "اليسار الموحد"، ثم مع الوفاء للديمقراطية"(ذات الأصول الاتحادية) سنة 2005 ليتشكل "الحزب الاشتراكي الموحد"