الاثنين، 26 ديسمبر 2011

تسونامي 1755 هل يمكن أن يضرب المغرب من جديد؟


تسونامي 1755 هل يمكن أن يضرب المغرب من جديد؟




حقل واسع من الصخور الضخمة المتناثرة بشاطيء تمارة
مصطفى لمودن
ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الشواطئ الغربية للمغرب عرفت أمواج مـدّ عاتية سنة 1755م. أي ما يعرف الآن بالتسونامي، حيث يتسبب زلزال قوي أو انفجار بركاني في أعماق المحيط في إطلاق موجات عاتية تصل إلى الشواطئ المقابلة، وتغمر السواحل، لتحدث دمارا هائلا..
 الأدلة واضحة على شواطئ المغرب، وقد كان الفضل في ذلك للدكتورة نادية محمدي الباحثة في المعهد العلمي التابع لجامعة محمد الخامس أكدال ـ الرباط ـ وهي تستدل بأحجار أجثت من ثل صخري لتلقى بواسطة التسونامي على الشاطئ، وقد بقيت الحجارة الضخمة في موضعها وعلى وضعها منذ ذلك التاريخ، منها ما قلب وبقي في مكانه، ومنها ما تكسر على الشاطئ بمجرد ارتطامه، وظل هناك شاهدا على هول "غضب البحر"، وكثير من الأحجار الضخمة اصطفت قبالة الشاطئ على خط مستقيم.
 يشهد على ذلك شاطئ "سهب الذهب" بتمارة جنوب الرباط، كما توجد شواهد مماثلة بشواطئ أخرى كما هو عليه الحال قرب العرائش كما ذكرت الأستاذة الباحثة المتخصصة في الجيولوجيا البحرية والشواطئ نادية محمدي وهي تؤطر جزء من الورشات التكوينية لفائدة الإعلاميين حول "الإعلام والتغيرات المناخية"، وقد نظمت من طرف "صندوق الأمم المتحدة للتنمية" و"المركز الدولي للصحافيين" ودولة اليابان حضرتها "مدونة سيدي سليمان" في بداية شهر دجنبر 2011 بالرباط.
 

أحجار تكسرت بمجرد سقوطها!
حسب مختلف الدراسات التي أنجزتها الباحثة أو طلبتها بالمعهد العلمي فتسونامي 1755 كان قويا، وعرفت أولى موجاته ارتفاعا ما بين 10 و 15 مترا.
  لا توجد أي أدلة مكتوبة في المغرب تؤرخ لذلك الحدث، باستثناء "شواهد" الطبيعة نفسها، وهناك خط بارز تقول الباحثة على سور مدينة الصويرة المقابل للبحر يحدد مكان وصول الأمواج سنة 1755.
 لكن الغرب أرخ للحدث حتى فيما يخص المغرب؛ فقد أرسل رهبان الأديرة المسيحية التي كانت ببعض حواضر المغرب خاصة على السواحل تقارير إلى رؤساهم في بلدانهم الأصلية حول التسونامي المتحدث عنه..
   إن تسونامي 1755 لم يضرب المغرب فقط، بل جميع الدول المقابلة للمحيط الأطلسي، وقد سمي بتسونامي لشبونة Tsunami Lisbonne ، لأن عاصمة البرتغال حينذاك هي من عرفت توثيقا للحدث وتسجيل أكبر الخسائر، فقد فارق الحياة 60 ألف شخص، علما أن عد السكان كان وقتها 250 ألف، في الأول حدث الزلزال، وتساقطت البيوت، فهرع الناس إلى الشاطيء ورصيف الميناء، وإذا بموجة التسونامي تداهمهم حسب إحدى الوثائق، بينما يتحدث آخرون عن وفيات كثيرة داخل الكنائس بمدن أوربية ساحلية، لأن التسونامي فاجأهم وهم يؤدون شعائرهم صبيحة يوم الأحد 1 نونبر 1755، لهذا شرعوا كل سنة يخلدون ذلك ويسمونه ب"يوم الموت" في نفس التاريخ، وقد اعتقدوا حينذاك حسب الوثائق الموجودة في إسبانيا والبرتغال ودول أخرى بحصول "عقاب إلهي" لهم!

الدكتورة نادية محمدي وهي تشرح المعطيات للإعلاميين 
 المؤكد هو حصول التسونامي وقد ضرب المغرب بدوره رغم غياب الأدلة المكتوبة، المهم هو استخلاص الدروس، فلا شيء يمنع من تكرار نفس الفاجعة في أي لحظة، بما فيها أعاصير قوية، وتحدثت الأستاذة الباحثة في معرض حديثها عن إمكانية حدوث ذلك بقولها إن بعض الدراسات تتحدث عن تكرار الظاهرة كل 300 سنة، وبعملية حسابية بسيطة، فقد يعود البحر لغضبته في حدود 2055، ما يتطلب اتخاذ عدة إجراءات، منها ما هو آني، كتدريب المواطنين على تنظيم أنفسهم عند وقوع حادث مماثل واستعداد أطقم الإغاثة، وضع منبهات في عمق البحر كما فعلت اليابان ودول أخرى للإنذار المبكر، وتجنب وضع منشآت قرب الساحل، خاصة في المناطق المنبسطة.. ورغم ذلك يستمر المغرب في تشييد بنايات مختلفة بجانب البحر منها أحياء سكنية بكاملها..
بنايات في وضعية خطرة على ضفة ابي رقرار بين سلا والرباط: أساسات فوق الرمل وتعرض لهجمة البحر (مشروع تهيئة ضفتي أبي رقرار) 
 
 حاجز حجري وضع في غير محله ما يحول تدفق الماء إلى جدار الوداية وهو بذلك يتآكل!
كما نتمنى أن يتم الحفاظ على تلك الأحجار كشاهد على حادث مروع يمكن أن يكرر نفسه، كما يجب التعريف بذلك، وتنظيم رحلات سياحية على ذلك الشاطئ، يشارك فيها كذلك تلاميذ المؤسسات التعليمية.