الخميس، 28 يناير 2010

المغرب بين حـــــدين: تجار الأمل وتجار الألم


المغرب بين حـــــدين:
تجار الأمل وتجار الألم
 
أمـــــيـــن جــوطـــــــــــــــي
قليلون هم أولئك الذين ينكرون أن المغرب يمر بمرحلة انتقالية، وهم في الغالب ينكرون ذلك لغرض في أنفسهم، رغم أنهم يدركون في بواطن ذاتهم أن الانتقال حقيقة لا ريب فيها، فالمجتمع المغربي لا يقبع في خندق بعيدا عن تأثير التفاعلات الحادة، والتغيرات المتسارعة يوما بعد آخر على الصعيد الدولي، والذي يسير في طريق الدفاع عن "ضرورة توطيد أسس الديمقراطية".
تلكم التغيرات والتفاعلات التي زادت وتيرتها سرعة مع بداية التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وإقرار الأحادية القطبية كنمط سائد ومهيمن في العلاقات الدولية، تحت عناوين كبرىن مثل: اقتصاد السوق، العولمة…الخ، بنفحة رأسمالية تتوخى السيطرة على المشهد العالمي سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فتظهر واضحة ملامحها الوحشية مع توالي الأحداث.
وفي مراحل الانتقال تسود المجتمع الذي يخضع لحركيته وتأثيره رضات قوية تزعزع بنيته التقليدية وميزان قيمه الأخلاقية والدينية والثقافية وأعرافه الاجتماعية…
قد يؤدي الانتقال الديمقراطي أيضا إلى فرض تغييرات في موازين القوى داخل المجتمع وتجديد النخب، ما ينجم عنه تصادم بين قوى تحديثية وأخرى تقليدية (سواء محافظة أو مستفيدة بشكل من الأشكال من الوضع الحالي)، وفي كل الأحوال فان المراحل الانتقالية، وخاصة منها تلك التي تكون تحت تأثيرات خارجية، تعرف انتشارا لقيم دخيلة عن المجتمع، إذا لم يكن محصنا ب"جهاز للمناعة القيمية" وبقوة سامية للقانون وبفكر عقلاني نقدي له القدرة على تحليل كل الفيروسات الاجتماعية الغريبة والمضرة التي قد تؤدي إلى القضاء على الجسم الاجتماعي برمته، والقيام بتشخيصها من أجل تحديد العلاج المناسب لها وسبل الوقاية منها.
في فترات الانتقال، كما في كل فترات التاريخ الحرجة تنشط عناصر تتاجر ببؤس الشعوب وأحلامه لتحقق لنفسها مصالح رخيصة وإن "غلت"(1)، وتقوم بذلك بكل الوسائل التي تطالها، وهي لا تعبأ بالمصلحة العامة أمام مصلحتها الخاصة، ويمكن تحديد هذه الخلايا الشيطانية في فئتين: تجار الأمل وتجار الألم.
قد ينجم عن الاثنين نفس الآثار: التقهقر، استنزاف القوى الفردية والجماعية، وانتشار قيم سلبية…
    * ـ  فتجار الأمل يسعون إلى تسطيح الأفكار من خلال شعارات تدغدغ المشاعر، وخطاب يدعو إلى الانغماس في التفاؤل الساذج، وهو خطاب بلا ركائز علمية ولا استراتيجيات عملية. وهي الآفة التي تؤدي إلى عواقب وخيمة، أعراضها التيبس الفكري والسلوك الانتظاري والوقوع في أسر الاتكالية…الخ، وهو ما يؤدي إلى امتصاص طاقات بشرية هائلة وسجن إبداعها وأحلامها داخل قضبان الوهم المنتظر المبني على كلمات عريضة وبراقة لكنها خادعة.
يهدف تجار الأمل إلى استنزاف زمن وجهد المواطنين بعد حقنهم بجرعات الانتظارية، وذلك للحفاظ على الواقع كما هو، لأنهم بذلك يحافظون على مصالحهم الأنانية، مفرزة مع ذلك بؤرا للفساد.
* ـ أما الفئة الثانية والتي قد تلبس أحيانا لباس المدافع عن حقوق المواطنين وتسوق نفسها لسانا يعبر عن الكادحين، فهي الفئة التي قد تكون أسوأ من سابقتها، وإن كان الاثنان يمثلان كابحا لتطور البلد.
يعمد تجار البؤس إلى تقتيم صورة الواقع وتهويل حقيقة الأمور، فهم خبراء في نثر سواد اليأس في كل مكان وكل مجال، زادهم شك "غير ممنهج" لكسر الثقة في كل فكرة ترى النور وكل مشروع يتوخى إحداث أثر إيجابي في المجتمع، حتى يتسنى لهم حشد الحشود حولهم واستعمالهم كورقة ضغط لأسباب عديدة تصب جميعها في جني فوائد شخصية أو جماعاتية ضيقة.
ويحاول هؤلاء توظيف خطابي هجومي -لا يحمل بدائل- لاستمالة الجماهير، غير أن هذا الخطاب يحرك في الأفراد ما يسميه علماء النفس ب"المجال العدواني"، وهو ما قد ينفرهم من الفعل في مجالات الشأن العام أو حتى الاهتمام بها، ويدفعهم للتمترس في أحضان الإحباط واليأس والمازوشية. فالخطاب التهويلي لتجار الألم يعزل الأفراد عن قضاياه الحقيقية التي تحتاج إلى مواجهات تستند على رؤى تنويرية وعمل جماعي موحد، بعيدا عن الخطابات العدمية التضليلية.
في حالتنا المغربية نحتاج الحقيقة كما هي، دون تزيين ولا تشويه. فالمغرب له أزماته ومشاكله، كما له مزاياه ومكامن قوته، هذه الأخيرة قد تضيع بؤسا وإحباطا مع تجار الألم، كما تضيع سذاجة وانتظارا مخدرا مع تجار الأمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
 المدونة: (1) من الغلو أي المبالغة في الشيء والتطرف فيه. 

مشاهد من جنازة الفقيد الحسين الإدريسي


مشاهد من جنازة الفقيد الحسين الإدريسي
 هذه الصور تابعة للموضوع السابق الخاص بتشييع جنازة المناضل الحسين الإدريسي الذي وافته المنية يوم الأربعاء 24 نهونبر 2010 (اضغط للعودة إلى الجزء الأول)
  
  
في المساء قدم عبد الحميد أمين التعازي لأسرة الفقيد ولأصدقائه ورفاقه بسيدي سليمان
*****************
*********

تشغيل الأطفال… أي مستقبل ينتظرهم؟


تشغيل الأطفال… 
 أي مستقبل ينتظرهم؟

واحد من نماذج كثيرة لأطفال يشتغلون طيلة اليوم (الصورة من أرشيف المدونة)
إدريس الميموني
هناك مجموعة  من المشاكل التي  تتخبط فيها أسر كثيرة. منها الفقر الذي يعتبر
أم المشاكل، بالإضافة إلى التفكك الأسري وكذا الهجرة من البادية إلى المدينة.
كل هذه العوامل وغيرها، لها تأثيرات سلبية على مجتمعنا المعاصر، فيما يتعلق
بتشغيل الأطفال الصغار القاصرين في عدة مجالات كالدكاكين أو ما شابه ذلك
دون مراعاة  ما سينتج  عن ذلك من أمراض، مع عدم احترام قانون الشغل كما أن
الفشل في الدراسة يدفع العديد من الآباء لإرغام أبنائهم على البحث عن عمل داخل المجال الحضري أو القروي.
فإذا كان أطفال اليوم رجال الغد فيحق لنا التساؤل عن أي مستقبل ينتظرهم؟
وإذا كانت تنشئة الأطفال في ظروف صحية من الناحية النفسية والفيزيولوجية؛ فيحق لكل الأطفال أن يجدوا العناية والاهتمام، وتوفير شروط التعليم واللعب والعناية والصحة… وذلك لبناء جيل جديد، بل لبناء مجتمع قادم.
غالبا ما تطرح بعض القضايا الكبرى من قبيل، شباب المستقبل، الانفتاح، الحوار الديمقراطي، العدالة الاجتماعية، التكافل الاجتماعي… فكيف يمكن للأطفال أن يلمسوا جزءا من ذلك في ظل الفقر؟ وهل يمكن أن يكون ذلك حتى مجرد جزء من خيالهم؟
إن واقع تشغيل فئة عريضة من الأطفال في  عدة مجالات بعيدة كل البعد عن طاقاتها وقدرة استحمالها، فتستغل في  عدة أماكن كالدكاكين، ومحلات النجارة، والميكانيك، والبيوت…الخ.
إذن يجب علينا أن ندرك أننا  اليوم بصدد البحث عن حلول كفيلة لإخراج الأطفال من دائرة التهميش والإقصاء من التعليم  والتعلم ورد الاعتبار للأطفال الذين يوجدون في وضعية صعبة.
إذا يجب على من يهمه الأمر الاستجابة للمجتمع  الدولي  والرأي العام الوطني لمحاربة تشغيل الأطفال.

تـــــــــــــفاح الفــقــــــراء


توصلنا من صديقنا مصطفى خداد بنصين للقراءة والـتأمل: تفاح الفقراء، وسؤال حولني حمارا. 
تـــــــــــــفاح الفــقــــــراء
مصطفى خداد (*) 
سأل مجنون من مجانين هذا العصر ويدعى مصطفى خداد، وقد كان واليا تم عزْله في عهد الخليفة المعتز بنفسه إثر حديث له عن المنطق، سأل طفلا مغربيا عما إذا كان يعرف الفواكه، فأجاب الطفل أنه يعرف التفاح فقط ، فطلب منه الوالي سابقا، أن يصف له تفاح بيتهم فكان أن أجاب الطفل بأبيات شعرية موزونة وكانت:
تـــفــاح بيــــتنا قــديــم
مذاقــه في فمنا عــديــم
غطـــاؤه كأنــه لكيــــــم
حــشاشه كـــأنـه نــديــم
تـــفاح بـــيــتــنا قــديــم
يقـولها مستـــكبر لئيــم
ولكن لبلادة وغباء هذا الوالي، تعذر عليه فهم مقصد الطفل، فطلب استفسارا فكان للطفل أن أجاب بالشعر أيضا لكن بالمنثور هذه المرة، فقال:
سألت أبي ذات يوم:
أيا أبي
هل التفاح رخيص؟
لم يجبني و كأنه خريص
عاودته أختي الصغيرة:
أيا أبي هل التفاح غالي؟
فأجاب الوالد:
ابنتي إلى حضني تعالي
سألت الأب والأخت معا
أيا أبي هل التفاح غال أم رخيص؟
أجابني:
تفاحكم هذا لم أشتره
تفاحكم هذا لم أشتهه
تفاحنا هذا لبائع "الصوصيص".
لقد وجدته على الرصيف
 لا تسأل،
فتفاحنا دائما فوق الرصيف.
لم يفهم الوالي بعدُ قصد الطفل، لكنه أدخل يده في جيبه، وأخرج درهما، ففكر قليلا، ثم أعاد درهمه إلى جيبه وانصرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سؤال حولني حمارا


 مصطفى خداد
في ندوة صحفية…
 سألت وزيرا
فلم يفهم سؤالي
نظر لي الزملاء من الصحفيين باحتقار
فأعدت صياغة السؤال لسيادته
فلم يفهم سؤالي
هتفوا لي :"أفصح عما وراء الستار؟"
فأخذت أفسر سؤالي للوزير
فلم يفهم سؤالي
فهددوني بطردي من القاعة لو حدث تكرار
فتفاديت التكرار للوزير
فلم يفهم سؤالي
نظروا إلي ونظرت إليهم وأنا محتار
فهمسوا لي: هل تريد أن ينعتك الوزير بأنك حمار؟
و أجبت بأني فعلا حمار
و اعتذرت للوزير ولم يتقبل الاعتذار
بعدها بيومين…
وجدت سيارة في الانتظار
أخذوني إلى المخفر للاستجواب والاستفسار
فأرغموني على أن أقول إني حمار   
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
  (*) قاص و كاتب صحفي من إيطالي

فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي يحيى يصدر بيانا تضامنيا مع العمال الزراعيين


فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي يحيى
يصدر بيانا تضامنيا مع العمال الزراعيين  
طالب البيان برد عمال زراعيين مطرودين إلى عملهم، وتسوية مختلف مطالبهم الأخرى…
ندرج البيان كما توصلنا به:
  
مدينة سيــدي يحـيى
        على إثر الاعتصام الذي خاضه العمال الزراعيون الرسميون يوم الجمعة 15/01/2010 أمام شركة أوكافوريست الكائن بسيدي يحيى الغرب، وذلك بعد استنفاذ كل محاولات التسوية على صعيد مفتشية الشغل ومندوبية الشغل بالقنيطرة، وبعد فشل كل الاتصالات سواء على مستوى مدير شركة أوكافوريست بسيدي يحيى الغرب أو على مستوى الشركة الأم صندوق الإيداع والتدبير.
      فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع سيدي يحيى الغرب وبعد أن تابعت عن كثب ظروف وضعية العمال الزراعيين المزرية، من خلال  مشاركتها في الاعتصام المفتوح ليوم الجمعة وأمام تعنت المسؤولين وتجاهلهم لمطالب العمال لا يسعها إلا أن تعلن للرأي العام ما يلي:
1-   تضامنها المبدئي واللامشروط مع العمال المطرودين
2-   مطالبتها المسؤولين عن الشركة بتسوية وضعية العمال وذلك عن طريق:
-        تمكينهم من العطلة والمنحة السنويتين.
-        تمكين العاملين مصطفى بريقلو وعبد الإله بريقلو من أجورهم التي أوقفتها الشركة منذ أزيد من خمسة أشهر.
-        التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
-        تمكينهم من بطاقة الشغل وورقة الأداء.
3-   إدانتها للتعاطي اللامسؤول للباطرونا مع العمال الزراعيين وباقي عمال القطاعات الأخرى.
4-   دعوتها السلطات المعنية إلى تحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بالتسريحات الجماعية التي تطال العمال.
5-    تثمينها لكل الخطوات النضالية الجريئة التي يخوضها العمال على طول خريطة الوطن.
6-   دعوتها كل الحقوقيين و الشرفاء إلى مناصرة ومؤازرة الطبقة العاملة في معاركها العادلة والمشروعة ضد مخططات الرأسمالية.

الثلاثاء، 26 يناير 2010

أصــــــــــــــل سكان المغرب سؤال علمي برهانات إيديولوجية


أصــــــــــــــل سكان المغرب  
سؤال علمي برهانات إيديولوجية

حمـــــيد هيــــــمة (*)

تبلور النقاش حول أصل سكان المغرب، بداية، في حقل التاريخ. لكنه، سرعان ما تدحرج إلى المجال السياسي؛ ليتخذ تأويلات إيديولوجية متباينة تشرعن وجودها بالاغتراف من تصورات تاريخية جاهزة. كيف ذلك؟  هذا ما سنحاول الاقتراب منه من خلال هذا الموضوع.
1- -  مناقشة سؤال أصل سكان المغرب في مستواه التاريخي والفكري:
من أين أتى البربر”؟ هل ” البربر” أقارب الأوربيين القدامى؟ أم أنهم تدفقوا، عبر موجات من الشرق؟ لكن، ماذا لو لم يأت هؤلاء من أي مكان؟
إنها أسئلة ذات انشغال علمي ترتبط بالدراسات التاريخية. لكنها، أيضا، مطروحة في الساحة السياسية المغربية وتتجاذبها أطراف متعددة. والواقع أن الأسئلة المطروحة أعلاه تتفسخ عنها أسئلة فرعية ذات أهمية واضحة بالنسبة لموضوعنا.  لكننا سنحجم عن إثارتها بالنظر للسقف الضيق لهامش هذا الموضوع وعموما، يمكن ضبط التموقعات/الاصطفافات الإيديولوجية، في شأن هذا الموضوع، في ثلاث اتجاهات أساسية:
 (أ) –  الاتجاه العروبي- الشرقاني : اتجاه مغلق ومنكفئ في تعاطيه مع سؤال أصل سكان المغرب؛ بحيث لا يرى، هذا الاتجاه، الهوية الإثنية للسكان المغاربة إلا في المشرق العربي: أي فرضية الأصل العربي للسكان؛
(ب)الاتجاه الشوفيني الأمازيغي: هذا الاتجاه يشترك مع الاتجاه الأول، في كونه منغلق ومنكفئ؛ لكنه لا يوجه نظره نحو الشرق في تحديده لأصل سكان المغرب، بل يجتهد – بكل الوسائل ـ لدحض الفرضية الأولى ( الاتجاه العروبي.). ويرى أنه يمكن أن يكون أصل سكان المغرب من أي منطقة إلا المشرق العربي؟ إنه تيار شوفيني ومتعصب؛
(ج) – الاتجاه الديمقراطي التعددي: بين الاتجاهين السالفين، ينبلج اتجاه عقلاني، تعددي وغير تصفوي مضمونه: أن معطى الهوية معطى متحرك وليس استاتيكي. وبالتالي، فإن المغرب اكتسب هويته عبر فترات تاريخية طويلة. انصهرت، خلالها، ثقافات الشعوب الإفريقية والمتوسطية والعربية…الخ.
 فضلا على أن هناك تحديات موضوعية، كطاحونة العولمة، الفقر، إرهاب الشركات المتعددة الجنسية، عسكرة الرأسمالية…الخ، تفترض، وجوبا، الوحدة ونبذ الصراعات الطائفية.  
   وانتصارا للاتجاه الثالث، الاتجاه الديمقراطي – التعددي، و في محاولة لتفكيك الاتجاهات التصفوية بشقيها العروبي أو الشوفيني، نقدم هذه المساهمة. وأقترح فيها، للإجابة على سؤالنا المركزي، محورين رئيسيين، هما :
1- في نقد الأطروحات الإلحاقية( العربية والأوربية)  
2 – الأصل المحلي للسكان.
1-1 في نقد الأطروحات الإلحاقية :
من أين أتىالبربر"؟ من تسبب في نشأة وتطور حضارتهم المادية والأدبية؟ “. إنها بعض من الأسئلة التي استقطبت، ولا تزال، اهتمام الباحثين الذين يعترفون بـ “أن دراسة تاريخ هؤلاء الأقوام- أي الأمازيغ- وتتبع مسار تطورهم الإثني والحضاري لا تزال تواجهه صعوبات عديدة؛ منها- أي الصعوبات - ما هو متصل بالمعطيات التاريخية… ومنها ما هو راجع لثقل النظريات والفرضيات. بحيث أنها من أنذر الشعوب التي بحث في أصلها بكثير من الخيال والمثابرة”. وفعلا، فقد نشط خيال الباحثين العسكريين، خلال المرحلة الكولونيالية، للبرهنة على الأصول الأوربية للبربر؛ هكذا نجد الجنرال” فدرب” يدعي سنة 1867: “إن البربر أقارب الأوربيين القدامى؛ وعلى خطه اعتبر” بريمون” أن “بلاد البربر بلاد أوربية”.
إن إلحاق "البربر" بالنسب الأوربي واجتراح تخريجات علمية” كان بهدف شرعنة الاستعمار الأوربي والفرنسي على منطقة شمال إفريقيا. أليست فرنسا هي وارثة الحضارة الرومانية؟! لكن، بريق هذه الأطروحة تراجع ليفسح المجال لانتعاش فرضية الأصل الشرقي " للبربر "؛ والتي روج لها بكثافة في سياق تنامي مد حركة التحرر الوطني بالشرق العربي. ومن المهم، هنا، أن نسجل أن كتب التاريخ المدرسي المعتمدة في المغرب تلقفت فرضية الأصل الشرقي وبثته في شكل معطى تاريخي ثابت، كما هو الحال في النموذج التالي: إن “البربر… في شمال إفريقيا عبارة عن شعوب… من الشرق”.
والحال أن تصاعد نضال حركة التحرر الوطني فرض على منظري الاستعمار الانقلاب على فكرتهم السابقة تحت ذريعة أن فشل “البربر” في استيعاب مقومات الحضارة الغربية راجع إلى أصلهم الشرقي؟!!
لقد نجم عن التصور الكولونيالي السالف الذكر، وكرد فعل ضد تأليفه، الذي كان مليئا بالأحكام السلبية، والمبنية على مفاهيم مسبقة” - تصورا جديدا تبلور في شكل تأليف مغربي أخد مادته من التأليف العربي القديم وعارض التأليف الاستعماري في أحكامه ومراميه، واجتهد في إثبات الأصل الشرقي “للبربر”.. مستفيدا من النجاح الذي حققته الحركة القومية العربية في المشرق وقدرتها على الاستقطاب الإيديولوجي لقطاع واسع من المثقفين، والإنجداب والتعاطف الجماهيري مع القضايا القومية العربية. وهو ما هيأ الظروف لاحتضان أطروحة الأصل الشرقي.وهذا ما عكسته كتب التاريخ المدرسي بشكل لافت للانتباه، وفي هذا السياق تمت صياغته عناوين تبطن العلاقات الفينيقية- القرطاجية / السورية مع منطقة شمال إفريقيا إلى مراحل عميقة تمتد إلى ما قبل مرحلة التوسع الرأسمالي على المنطقة (الاستعمار). هكذا نجذ عناوين بارزة وبخط سميك مثل: “ الحضارة القرطاجية بإفريقيا الشمالية ”  و “ الممالك البربرية كانت بها حضارة تأثرت بالقارطاجين”. إن تكثيف هذه العناوين والمضامين بشكل بارز حتى تمارس تأثيرا خاصا. وبوصفها– العناوين - أكثر الإشارات الخارجية إثارة واستفزازا، حيث أن ظاهر العنوان “ نص قصير وموجز لكن الإيجاز هو قول المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة”. لكن، الملاحظ أن هذه العناوين والمضامين انزلقت نحو تصوير معطوب لمنطقة شمال إفريقيا؛ التي لم تصطدم – حسب زعمهم - بالتاريخ إلا مع رسو المراكب الفينقية( السورية) الأولى على سواحلها. فأخذ الوافدون “البربر” على درب الحضارة والتقدم”؟ والحال أن البربر لم تنعدم لديهم المبادرة، بل انعدم إنصافهم في كتب التاريخ المدرسي. وعلق على ذلك “س غزيل” بقوله : أنه “لم ينتظر أهالي المغرب البحارة السوريين ليتعلموا تدجين المواشي والزراعة”. لكن رغبة المؤرخين المغاربة في التخلص من المخلفات الإيديولوجية للكتابة الاستعمارية حول تاريخ المغرب هو الذي يبرر انحيازهم للأطروحة الشرقانيةلكن، ماذا لو لم يأت هؤلاء من أي مكان؟ سؤال يستحق التأمل والنظر.
2-1  في الأصل المحلي للسكان :
لكن، ماذا لو لم يأت هؤلاء من أي مكان؟ إنها إشارة تفيد التطور المحلي للإنسان الأمازيغي-المغربي، غير أن كتب التاريخ المدرسي تغافلت العمق التاريخي للإنسان المغربي وربطته بمرحلة التسرب الأجنبي للبلاد؛ مما يبلور تصورا ذهنيا عند التلميذ عن ماضي المغرب كمجال لمبادرات الغير: فلا يراه إلا من خلال فاتحيه الأجانب على حد تعبير العروي. وهذا غير مطابق للدراسات الرصينة التي تناولت مرحلة ما قبل التاريخ بالمغرب، وميزت فيها بين المراحل التالية:
ـ الأسترالوبيتيك: وهو الإنسان القردي الجنوبي، ظهر في نهاية الزمن الجيولوجي لثالث. صحيح أنه لم يعثر على نموذج لهذا الإنسان بالمغرب، لحد اليوم، لكن تم اكتشاف أدوات حجرية استعملها هذا الإنسان في عدد من مناطق المغرب .
2ـ  الأطلانطروب الإنسان المنتصب القامة: لقبوا بالأطلانطروب تمييزا لهم عن البيتكنتروب. عثر على نموذج الأطلانطروب بالقبيبات سنة 1934 ثم مغارة سيدي عبد الرحمان سنة 1956؛
  ـ الإنسان الموستيري/ إنسان جبل إيغود: اشتق اسم الموستيري من مكان بفرنسا يعرف بمستي، عثر على نماذج هذا الإنسان سنتي 1962 و1968 بجبل إيغود شرق أسفي؛
4ـ الإنسان العاطيري: اشتق هذا الاسم من بئر العاطر بالجزائر. ويعد الإنسان العاطيري امتدادا نوعيا لإنسان جبل إيغود، خلف بقاياه وآثاره في المغرب كما هو الحال بمغارة المهربين بتمارة سنة 1956؛
5ـ الحضارة الوهرانية: بعد الحضارة المغربية الأصيلة (العاطرية)، أعقبتها الحضارة الإيبيرمورسية حسب تسمية “بلاري” اعتقادا منه بأن أصلها أيبيري، لكن “شوفري” دحض أطروحة “بلاري” السابقة معتبرا إياها حضارة محلية وسمها بالحضارة الوهرانية.
إن إثبات التطور المحلي للإنسان هو تفنيد للأطروحات الإلحاقية بشقيها الغربي أو الشرقي؛ اللتان تحاولان، في نهاية الأمر، طمس هوية الشخص، مما يجعله “غير واعي بذاته فتتدنى مرتبته من الشخص إلى الشيء، أي يصبح مجرد مادة قابلة للضم والامتلاك” على حد قول هيجل. 
ـــــــــــــــــــــــــــ
(*) أستاذ الاجتماعيات بالثانوي التأهيلي  
موقع خاص بالكاتب:




تجديد مكتب فرع النقابة الوطنية للتعليم (كدش) بسلا الجديدة


تجديد مكتب فرع النقابة الوطنية للتعليم (كدش) بسلا الجديدة 
المطالبة بتفعيل  أدوار مجلس الفرع، والاستمرار  في النضال من أجل النهوض بالمدرسة العمومية

سلا: عبد الإله عسول
احتضن مقر الإتحاد المحلي للكنفدرالية الدمقراطية للشغل بسلا يوم الأحد 17 يناير 2010، أشغال تجديد مكتب فرع سلا الجديدة للنقابة الوطنية للتعليم – كدش- وشمل جدول أعمال  اللقاء- الذي حضره 53 عضوا(ة) من بين 63 مجموع أعضاء مجلس الفرع-شمل بالإضافة لعملية إنتخاب أعضاء المكتب الجديد، المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، اللذين استأثرا بنقاش صريح ومتشنج أحيانا، حيث تم تسجيل الحصيلة الايجابية لاداء الفرع، منها الرفع من عدد المنخرطين، وإحراز مواقع هامة في انتخابات اللجن الثنائية، كما تم  التشديد على تفعيل أدوار مجلس الفرع التقريرية، وضرورة اغناء الملف المطلبي، ليشمل كافة القضايا التي تؤرق الشغيلة التعليمية بالإقليم وما أكثرها، على رأسها الخصاص في الموارد البشرية، الاكتظاظ، قلة وسائل العمل، التكوين المستمر، النقل، مشاكل العالم القروي، الحركة الانتقالية، الترقية، تقييم عمل المدرسين، الحريات النقابية الخ… وتنظيم عملية الحوار مع مسؤولي النيابة في إطار الاستقلالية والدفاع عن مصلحة المدرسة والتلميذ(ة) وأسرة التعليم، والتقييم المستمر للتنسيق النقابي والنضال المشترك، والعمل على تشكيل المكتب الإقليمي مع فرع سلا المدينة.
كان عد المترشحين 14، وأسفرت عملية الانتخاب عن تشكيل مكتب جديد من 11 عضوا منهم ثلاث أخوات كالآتي: 

أعضاء من المكتب السابق يتوسطهم أشباب موفد المكتب الوطني
الكاتب : محمد المحاسني
نائبه : جمال الحسني
امين المال : محمد العابدي
نائبه : محمد بنمسعود
مستشارون : محمد مغودي – فاطمة العلوي – محمد المتوكل – العربي صولدي – رشيدة السيقل – بوشعيب الراقي-عتيقة اتويرس

الجمعة، 22 يناير 2010

حتى لا يستفحل الإجرام


حتى لا يستفحل الإجرام
طفت على السطح مؤخرا بسيدي سليمان بعض الحوادث ذات الطابع الإجرامي، ورغم أن الموضوع لم يتحول إلى ظاهرة ملفتة ومقلقة، فإن تواتر بعضها يدق ناقوس الخطر، لتنتبه كل الأطراف المعنية للأمر، وتوليه ما يستحقه من عناية واهتمام.
 ولعل أبرز حدث ملفت في الموضوع هو قتل شاب لصديق له وهو في نفس الوقت من الجيران، الضحية في أقل من 16 سنة من عمره، وقد تعرض لطعنات قاتلة في عدة أجزاء بجسمه يوم الاثنين 11 يناير 2010، وقد اعترف الجاني بجريمته وقدم للعدالة.
وتقع حوادث نشل للمارة خاصة النساء منهم، كما وقع لسيدة تعمل مدرسة، وقد اعترضها أحدهم وهي قرب بباب منزلها بحي رضا مساء الأحد 17 يناير، وقد هددها بمدية، وسبب لها جرحا ورضوضا في يدها ومزق لها جزء من معطفها، لينزع منها حقيبتها اليدوية بما فيها من وثائق ونقود، وفر هاربا، ليتم إلقاء القبض عليه بعد ذلك من طرف الأمن بالمدينة وهو ما زال يتوفر على المسروق بعدما قفز سور مؤسسة تعليمية وشرع يفرغ محتويات الحقيبة، وظهر فيما بعد أن الجاني قد استفاد مؤخرا من عفو قبل أن يستوفي المدة المحكوم بها.
 أما الحالة الثانية في نفس الموضوع فتعني شابة في مقتبل العمر (رانية ر.)، فقد تعرض لها أحدهم بعد العاشرة صباحا بشارع المقاومة أمام حمام عمومي هناك، وقد كانت متوجهة إلى معهد للتكوين، وانتزع منها حقيبتها بالقوة تحث التهديد بالسلاح الأبيض.. وقد ألقي عليه القبض بدوره بعد ذلك، وظهر أنه من المبحوث عنهم.
وفيما يخص السرقة الموصوفة فقد تعرضت إحدى الأسر بحي رضا لسرقة تممت من أعلى سطح المنزل وفق قول أفراد الأسرة، ليلة الأربعاء 20 يناير الحالي ما بين السابعة والتاسعة ليلا حسب إفادة نفس الأفراد، وقد كان بعضهم بالمنزل نفسه، بينما استطاع المهاجم المجهول سرقة مقدار مالي وأدوات مطبخ من حجرة بالسطح، ولازال إلى الآن لم يفك لغز هذه العملية…
ونشير إلى أن استثبات الأمن بالمدينة لا يحتاج فقط إلى مقاربة أمنية وقضائية فقط، فهذه الجوانب ضرورية ومن أجل هذا الغرض وجدت، وبالأخص التواجد بمختلف الأماكن بالمدينة، وتدبير الطاقم البشري المتوفر بالكيفية المطلوبة، والقيام بدوريات مكثفة، والاستجابة لطلبات النجدة بالفعالية المطلوبة… مع ضرورة توفير كل المستلزمات الضرورية  ليقوم الجهاز الأمني بواجبه… بل من المعروف أن للأمن امتدادات أكبر، تشمل مجالات عديدة وتدخل فاعلين آخرين، فإذا كان لا يوجد إطلاقا أي مبرر للمجرم ليقترف فعله المنافي للقانون والماس بسلامة الآخرين، غير أن مقاربات أخرى تبقى ضرورية لإشاعة الأمن، منها طبعا توفير المتطلبات الضرورية لتجمع بشري كما هو عليه الحال في سيدي سليمان، من بنيات ثقافية ورياضية واقتصادية…
ومن اللائق كذلك توفير جهاز أو مصلحة أو إدارة (قد تختلف التسميات) تعنى بإدماج السجناء السابقين في المجتمع، بعد حصولهم على عفو أو إتمام المدة المحكوم بها عليهم، تقوم بتتبع كل حالة وتبحث عن أنجع وسيلة حتى لا يحسوا بالإحباط و"يختاروا" العودة إلى السجن عن طريق جرم جديد، وكل ميزانية تخصص لذلك لن تذهب سدا أمام بقية الخسائر التي تقع على مستوى الجناة أنفسهم وحياتهم الشخصية والأضرار التي قد تحدث للمجتمع بأسره.