الأحد، 21 أبريل 2013

المدرسة الجماعاتية بين الحاجة والعوائق


المدرسة الجماعاتية بين الحاجة والعوائق
تدشين مدرسة جماعاتية بجماعة أزغار بإقليم سيدي سليمان

 مصطفى لمودن 
أمام أزمة المدرسة القروية وما تعرفه من مشاكل متعددة كما هي عليه الآن، يرى البعض أن المدرسة الجماعاتية يمكن أن تكون بديلا، وهي "مجمع" مدرسي يضم أقساما كثيرة وبقية المرافق ومطعم وكذلك أماكن للمبيت ومكتبة وسكنيات..الخ، فيها يمكن العمل مع المدرس المتخصص في مادة معينة.. ويتم التعامل مع التلاميذ بأسلوبين، هناك من يقضي فيها أسبوعا ليرجع بعد ذلك إلى أسرته في نهاية الأسبوع.. والفئة الثانية توفر لها وسيلة نقل جماعي عبرها تعود كل مساء إلى المنازل، في هذه الحالة من الضروري تواجد المسلك الطرقي ووسيلة النقل المناسبة (حافلة)..  تعرض المدرسة الجماعاتية على المستوى الرسمي كبديل يحل بعض المعيقات، منها تشتت الوحدات المدرسية في البوادي، الهدر المدرسي، تعدد المستويات التي يدرسها مدرس (ة) واحد بسبب قلة التلاميذ أحيانا، الاقتصاد بالنسبة لتوظيف الأساتذة لأن عددهم بالمدرسة الجماعاتية سيكون أقل..
         لكن يجب ألا نغفل عن بعض سلبياتها؛ أهمها حجز التلاميذ الصغار في المدرسة التي تصبح عندهم بمثابة سجن، يسعون باستمرار إلى التخلص منه، المشكلة الأخرى هو إبعاد هؤلاء الأطفال عن حضن الأسرة وهم في سن صغيرة مما يسبب لهم مشاكل عاطفية ونفسية صعبة تتراكم مع الوقت وقد لا تظهر نتائجها السلبية إلا فيما كترسيخ الحرمان النفسي وظهور العنف كرد فعل عن الحرمان العاطفي، فأول مدرسة للطفل هي أسرته، وحين إبعاده عن هذه  المدرسة (الأسرة) التي لا تلقن المعلومات والقيم فقط، بل تبني المنظومة النفسية للطفل، ضمن الأسرة يجد الطفل الاستقرار والاحتضان.. فلا يمكن أن نعيد تجارب بعض الدول التي أبعدت الأطفال عن أسرهم لتنشئتهم وفق "مفهموم" محدد، وكانت النتائج كارثية كما وقع ببعض الدول مثل روسيا التي تبنت في بعض المراحل سياسة عزل الأبناء عن أسرهم.. 
 هذا هو أهم عائق لنجاح المدرسة الجماعاتية، وعليه من الأفضل إرجاع الأطفال إلى منازلهم وأسرهم، فالطفل في المرحلة الابتدائية يكون في حاجة لأسرته وأمه، ليبدو أن "المدرسة الجماعاتية" ليست كلها نجاح وحل و"ثورة" كما جاء على لسان النقابية فاطنة أفيد الكاتبة العامة للنقابة الديمقراطية للتعليم في برنامج "مواطن اليوم" بقناة ميدي 1 الفضائية ليلة الخميس 18 أبريل.. حيث أن نخبا تريد حل مشاكل المدرسة في القرى بخلق مشكل آخر أعوص. هذا بالإضافة إلى عوائق أخرى وهي غياب مساهمة بعض المتدخلين الآخرين كالجماعات المحلية وتوفير السيولة المالية الكافية لمثل هذا المشروع الذي يتطلب نفقات يومية، رغم أن الاستثمار في التعليم هو الأهم لأنه يهم المستقبل وبناء الإنسان... وغالبا للسبب المالي ما زال عدد المدارس الجماعاتية قليلا.. والأساسي في كل هذا النقاش هو عدم المزيد في إهمال بقية مدارس العالم القروي..

الأربعاء، 17 أبريل 2013

قضية الصحراء: تقوية الجبهة الداخلية ضمن دولة المؤسسات


قضية الصحراء: تقوية الجبهة الداخلية ضمن دولة المؤسسات
صورة: ‏الصحراء وتقوية الجبهة الداخلية  ضمن دولة المؤسسات
كتابة مصطفى لمودن
استفاق المغرب على التقرير الأخير لكريستوفر روس المبعوث الأممي الخاص في قضية الصحراء على منعطف جديد، فقد جاء في التقرير رغبة أمريكا في أن تنضاف بشكل رسمي مسؤولية التدخل في "قضايا حقوق الإنسان" لبعثة "المونيرسو".. وهكذا بدأت تطرح من جديد مسألة تماسك الجبهة الداخلية ودور المجتمع المدني والنخب عموما والدبلوماسية الموازية.. وفي نفس الوقت هناك من يتحدث عن تقاعس الدبلوماسية المغربية..الخ. لأن الأمر قد يعني انطلاقة سلسلة من "المقترحات" التي قد تقوض كل المبادرات السابقة التي قدمها المغرب وكان أساسها "الحكم الذاتي"، وليدخل الملف برمته في منعطف آخر..
وبدأت كذلك تطفو بعض البرامج الإعلامية المناسباتية حول نفس القضية كما وقع ليلة الثلاثاء 16 أبريل 2013 في برنامج "قضايا وحوار" من القناة الأولى، لكن للأسف بنفس الوجوه وبنفس الصيغ غير المثيرة والمقنعة إعلاميا حيث كان كل الضيوف يسيرون في نفس الخط.. وهو ما لا يتلاءم إطلاقا مع البرامج التلفزية الحوارية التي تجد إقبالا.. والمشكلة في اختيارات القائمين على الإعلام العمومي وفي مداخلات المشاركين المختارين بعناية حيث يستنسخ بعضهم بعضا.. 
لكن أخطر ما جاء في هذا البرنامج هو ما فاه به "زعيم سياسي" وهو مأخوذ بنشوة الخطابة والحماس الفياض ومن بعض التصفيقات من بلاتو البرنامج، إنه عبد الكريم بنعتيق أمين عام "الحزب العمالي" (المغربي طبعا) وهو يتحدث عما سمعه وهو ضمن المدعوين بصفته "رئيس" حزب، حيث ذكر أن المستشار عمر عزيمان طلب من وزير الداخلية تقريرا عن خروقات حقوق الإنسان (في المغرب طبعا)، فجاء جواب وزير الداخلية حسب بنعتيق يقول إن خروقات حقوق الإنسان في شمال المغرب أكثر من جنوبه ( !).. (انتهى)
أعلق: 
ـ إن هذا من الغرائب التي لا يمكن أن تقع مع ما يسمى "الدستور الجديد"، وهذا "الزعيم" لم ينتبه لفداحة ما أورده كشهادة حول خروقات "حقوق الإنسان"، لكن دون أن يفصح عمن في مصلحته هذه الشهادة.. خاصة أنه ركز على الشمال دون أن يحدده بالضبط. فهل هو كل ما يوجد شمال أكادير؟ أم الهلال الممتد من الناظور إلى العرائش مرورا بتاونات؟ أم الدائرة الضيقة التي تشمل تطوان والحسيمية حيث عرف التاريخ الحديث للمغرب أحداثا مثيرة في 1958 ومع إضرابات 1991و 1993 بتطوان، وما تلا مسيرات واحتجاجات "حركة 20 فبراير" ببني بوعياش وغيرها..
ـ بأي منطق قانوني ودستوري يأمر أو يطلب مستشار من وزير في حكومة يرأسها "رئيس الحكومة" الذي صلاحياتها معروفة في "الدستور" الجديد أن يمده (المستشار) بتقرير.. فهل هكذا تكون الدول التي تحترم الدستور؟ .ولماذا هذا الإصرار المتعمد إلى العودة لما قبل الدستور  ألخير وكأـن للدولة منطق خاص غير دستوري 
ـ كيف يحق لوزير في الداخلية أن يصرح بوجود خروقات؟ في هذه الحالة إما عليه أن يستقيل، أو يحاكم إذا كن هو المسؤول عما حصل ويحصل، أو يفتح تحقيق حول هذه الخروقات التي اعترف بها المسؤول الأول عن الشؤون الداخلية للبلد، وتتخذ عن ذلك الإجراءات المناسبة إذا كنا فعلا في دولة الحق والقانون وأن الإنسان فوق كل اعتبار؟ 
ـ كيف مر كل أولئك "الزعماء" السياسيين على الواقعة المشار إليها ولم يستنكر أحد الأمر أو يسأل عنه؟ وكذلك أثناء البرنامج التلفزي، الجميع يسير على نغمة واحدة دون أن يلتفت أحد لمثل هذه المشاكل التي تخلقها الإدارة بقرارات هوجاء تجعل المواطن (ة) غير مرتاح وغير مطمئن في وطنه.. وكلنا نعرف كيف تشكلت النواة الأولى للبوليزاريو في البداية من شباب مغربي لم يجد أذانا صاغية لمشاكله ومقترحاته..
إن تقوية الجبهة الداخلية يكون عبر الانتقال الفعلي إلى دولة المؤسسات وفصل السلط.. حتى لا تكون هناك فجوة منها تضرب حقوق الإنسان في الصميم نكون نحن من يصنعها بأيدينا..‏


 مصطفى لمودن
استفاق المغرب على التقرير الأخير لكريستوفر روس المبعوث الأممي الخاص في قضية الصحراء على منعطف جديد، فقد جاء في التقرير رغبة أمريكا في أن تنضاف بشكل رسمي مسؤولية التدخل في "قضايا حقوق الإنسان" لبعثة "المونيرسو".. وهكذا بدأت تطرح من جديد مسألة تماسك الجبهة الداخلية ودور المجتمع المدني والنخب عموما والدبلوماسية الموازية.. وفي نفس الوقت هناك من يتحدث عن تقاعس الدبلوماسية المغربية..الخ. لأن الأمر قد يعني انطلاقة سلسلة من "المقترحات" التي قد تقوض كل المبادرات السابقة التي قدمها المغرب وكان أساسها "الحكم الذاتي"، وليدخل الملف برمته في منعطف آخر..
وبدأت كذلك تطفو بعض البرامج الإعلامية المناسباتية حول نفس القضية كما وقع ليلة الثلاثاء 16 أبريل 2013 في برنامج "قضايا وحوار" من القناة الأولى، لكن للأسف بنفس الوجوه وبنفس الصيغ غير المثيرة والمقنعة إعلاميا حيث كان كل الضيوف يسيرون في نفس الخط.. وهو ما لا يتلاءم إطلاقا مع البرامج التلفزية الحوارية التي تجد إقبالا.. والمشكلة في اختيارات القائمين على الإعلام العمومي وفي مداخلات المشاركين المختارين بعناية حيث يستنسخ بعضهم بعضا..
لكن أخطر ما جاء في هذا البرنامج هو ما فاه به "زعيم سياسي" وهو مأخوذ بنشوة الخطابة والحماس الفياض ومن بعض التصفيقات من بلاتو البرنامج، إنه عبد الكريم بنعتيق أمين عام "الحزب العمالي" (المغربي طبعا) وهو يتحدث عما سمعه وهو ضمن المدعوين بصفته "رئيس" حزب، حيث ذكر أن المستشار عمر عزيمان طلب من وزير الداخلية تقريرا عن خروقات حقوق الإنسان (في المغرب طبعا)، فجاء جواب وزير الداخلية حسب بنعتيق يقول إن خروقات حقوق الإنسان في شمال المغرب أكثر من جنوبه ( !).. (انتهى)
أعلق:
ـ إن هذا من الغرائب التي لا يمكن أن تقع مع ما يسمى "الدستور الجديد"، وهذا "الزعيم" لم ينتبه لفداحة ما أورده كشهادة حول خروقات "حقوق الإنسان"، لكن دون أن يفصح عمن في مصلحته هذه الشهادة.. خاصة أنه ركز على الشمال دون أن يحدده بالضبط. فهل هو كل ما يوجد شمال أكادير؟ أم الهلال الممتد من الناظور إلى العرائش مرورا بتاونات؟ أم الدائرة الضيقة التي تشمل تطوان والحسيمية حيث عرف التاريخ الحديث للمغرب أحداثا مثيرة في 1958 ومع إضرابات 1991و 1993 بتطوان، وما تلا مسيرات واحتجاجات "حركة 20 فبراير" ببني بوعياش وغيرها..
ـ بأي منطق قانوني ودستوري يأمر أو يطلب مستشار من وزير في حكومة يرأسها "رئيس الحكومة" الذي صلاحياتها معروفة في "الدستور" الجديد أن يمده (المستشار) بتقرير.. فهل هكذا تكون الدول التي تحترم الدستور؟ .ولماذا هذا الإصرار المتعمد إلى العودة لما قبل الدستور  ألخير وكأـن للدولة منطق خاص غير دستوري
ـ كيف يحق لوزير في الداخلية أن يصرح بوجود خروقات؟ في هذه الحالة إما عليه أن يستقيل، أو يحاكم إذا كن هو المسؤول عما حصل ويحصل، أو يفتح تحقيق حول هذه الخروقات التي اعترف بها المسؤول الأول عن الشؤون الداخلية للبلد، وتتخذ عن ذلك الإجراءات المناسبة إذا كنا فعلا في دولة الحق والقانون وأن الإنسان فوق كل اعتبار؟
ـ كيف مر كل أولئك "الزعماء" السياسيين على الواقعة المشار إليها ولم يستنكر أحد الأمر أو يسأل عنه؟ وكذلك أثناء البرنامج التلفزي، الجميع يسير على نغمة واحدة دون أن يلتفت أحد لمثل هذه المشاكل التي تخلقها الإدارة بقرارات هوجاء تجعل المواطن (ة) غير مرتاح وغير مطمئن في وطنه.. وكلنا نعرف كيف تشكلت النواة الأولى للبوليزاريو في البداية من شباب مغربي لم يجد أذانا صاغية لمشاكله ومقترحاته..
إن تقوية الجبهة الداخلية يكون عبر الانتقال الفعلي إلى دولة المؤسسات وفصل السلط.. حتى لا تكون هناك فجوة منها تضرب حقوق الإنسان في الصميم نكون نحن من يصنعها بأيدينا..

السبت، 13 أبريل 2013

مجلة "العربي الصغير" تنشر قصة لمصطفى لمودن


مجلة "العربي الصغير" تنشر قصة لمصطفى لمودن


إنها قصة للأطفال تحمل عنوان " كان القنفذ أملس"، وقد نشرتها المجلة الصادرة من الكويت والمتوجهة للأطفال بعددها الذي يحمل رقم 237، الصادر في أبريل 2013، ولعل النشر بمجلات خليجية أصبح أهم متنفس للكتاب المغاربة، حيث يجدون هناك احتراما وإقبالا، وذلك يعوض الخصاص الفظيع في مجال النشر بالمغرب، فحتى الملاحق الصحفية لن تقبل النشر إلا باللجوء إلى العلاقات، ولا تنشر المساهمات الإبداعية إلا في حدود ضيقة، ووفق شروط غير محددة أو واضحة، حتى أن أسماء بعينها هي من تظهر في بعض الأحيان، بينما  تغرق "الملاحق الثقافية" في قضايا نظرية لها علاقة بالثقافة ونشر كل ما هو جدلي ونقاشات سطحية في الغالب مع بعض الحوارات..
وغالبا ما يلجأ الكتاب في المغرب إلى طبع كتبهم على حسابهم الشخصي ليصطدموا بعد ذلك بمعضلة النشر كما وقع لي شخصيا مع المجموعة القصصية "نزيل في التراب".
  أتمنى أن تعيد بعض الصحف النظر في نشر الإبداع الأدبي والانفتاح على أصوات مختلفة، وأن توجد حلول ناجعة لنشر وانتشار الكتاب وتشجيع المقروئية..
 

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

"العدالة والتنمية" والدين


"العدالة والتنمية" والدين

 مصطفى لمودن
بكل صراحة لم يطمئن قلبي للآتي إلا إذا ألطف الله بعدما نقلت تقارير صحفية أن أحدهم كان يقاطع خطبة عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة  وهو  يدعم مرشح حزبه أثناء آخر حملة انتخابية جزئية قبل أيام وبالضبط في مولاي يعقوب بناحية فاس وهو يقول (أي صاحب البوق): "تــكـــبير"، فيرد عليه آخرون "ألله أكبر".. فما الأمر في ذلك؟
 إنه خلط للأوراق وإدخال الدين في غمرة السياسة، وحتى نوع من التدليس أمام بسطاء الناس.. فلنفترض لا قدر الله أن بنكيران وحزبه بكامل خبرائه  فشلوا في الحكومة وحلت معهم الكوارث، فماذا سيكون عذر بنكيران حينذاك وعذر صاحب البوق الذي كان بجانبه؟ قد يردون الآمر للمناوئين وللمعارضة وللظروف وقد يفهم البساط الذين كانوا يرددون الشعارات أن وراء الفشل ذلك "أعداء الدين"..
إن الدين أسهل طريق يمكن بها الوصول إلى نيل "ثقة" البعض، وبالتالي النجاح في الانتخابات، لكن ذلك لعب بالنار يستهدف الدين أساسا من حيث لا يدري هؤلاء.. إن الدين قاسم مشترك بين المغاربة (إلا لمن لم يرد ذلك)، والدين علاقة ٌ للفرد مع ربه، والدين ملجأ للأنفس تحتمي بظله ليحصل الاطمئنان والقناعة والعيش في كامل الهدوء بالنسبة للمؤمنين المعتنقين أي دين..
 لكن السياسيين الذين يركبون الدين لأغراض ضيقة يسيئون لهذه الرغبة المشروعة لدى الكثيرين في تحصيل الألفة مع الذات في نسق خاص مبعثه اعتقاد راسخ، كما يثيرون لديهم الحيرة والبلبلة التي يكونون في غنى عنها.. حينما يقترن الدين بأي انتكاسة أو فشل" في المجال الذي تختص به السياسة والدين برئ من ذلك..
 ورغم ذلك فقد طلب مؤخرا بنكيران في خلوة مع برلماني حزبه في نهاية شهر مارس المنصرم الثبات على اختياراتهم المعروفة عنهم.. فما القصد من ذلك؟ هل يريد الاستمرار في نفس النهج القائم على نوع من الاستغلال للدين؟ أم عليه أن يعي أن الحزب الفاعل في السياسة من موقع "الحكم" وما يتطلبه من حلول تهم الاقتصاد والعلاقات الدولية والتعامل مع مختلف أطياف المجتمع والفاعلين الوطنيين في مواقع مختلفة.. عليه أن يبدع الحلول الموضوعية للمعضلات انطلاقا مما هو محسوس وعقلي وتدبيري، وإلا ما كان على بنكيران أن يتحالف مع أحزاب أخرى وما كان ليلجأ إلى الاقتراض من الخارج، بل وحتى لربط علاقات دبلوماسية مع دول العالم.. 
أما نزول رئيس الحكومة إلى دعم مرشح حزبه وهو مسؤول عن حكومة من المفترض أنها تسهر على مصالح الشعب برمته وليس حزبا بعينه فتلك قصة أخرى، في الدول الدول الديمقراطية التي  تحترم فيها الأحزاب نفسها، يتحول شبيه بنكيران إلى ممثل للشعب ويترك الحزب لمسير آخر يتفرغ له ويجادل باسمه..

الأحد، 7 أبريل 2013

نائبة جديدة بوزان للتربية الوطنية في مواجهة إرث ثقيل!


   نائبة جديدة بوزان للتربية الوطنية في مواجهة إرث ثقيل!
وزان: محمد حمضي
شرعت يوم الثلاثاء 26 مارس صباحا النائبة الجديدة لوزارة التربية الوطنية المعينة أخيرا على رأس قطاع التعليم بإقليم وزان ممارسة مهامها الجديدة، بعد أن كان مدير أكاديمية التربية والتكوين لجهة طنجة / تطوان، يقول مصدر مطلع قد سافر بها يوما قبل ذلك فوق التضاريس الصعبة لملفات القطاع.. رحلة شاقة ما في ذلك شك تنتظر السيدة الأولى على رأس قطاع يترنح بين الألم والأمل... بالتأكيد النائبة لا تتحمل وزر الماضي، ومن المؤكد أنه ليس من مسؤوليتها وحدها إيجاد الحلول وتقديم الوصفة الطبية لمعالجة الأمراض التي تنخر القطاع ، ولكن عليها من موقعها الحساس هذا أن تستحضر ثقل الرسالة التي تحملها على كتفها.. إن مغرب الغد الذي نريده أن يكون رقما صعبا في كل معادلة دولية أو جهوية أو إقليمية،  تصنعه المدرسة العمومية اليوم .
     لوحة القطاع على مستوى إقليم وزان لا تحمل أي لمسة فنية... عشوائية الخطوط . بشعة الألوان..تشتت القراءة .. وهذه جملة من قطعها المكسرة التي ينتظر كل من هو على علاقة تماس بالقطاع، من النائبة الإقليمية أن تعيد ترتيبها وفق نظرة جمالية تمدها بالحياة .
-   معضلة الهذر المدرسي وخصوصا في صفوف البنات مقلق، وتسائل البرنامج الإستعجالي .
-   التعليم الثانوي بسلكيه لا يتوفر منذ سنتين على مؤطرين تربويين (مفتشين ) .
- النيابة تعاني من خصاص مهول  في الموارد البشرية بكل أصنافها .
-  كثيرة هي المؤسسات التعليمية بالإقليم التي رصدت لها إعتمادات مالية ضخمة من أجل ترميمها وإعادة تأهيلها، لكن الواقع يفيد بأن اختلالات كبيرة عرفتها هذه العملية بأكثر من مؤسسة، وأن تبديدا قد لحق المال العام.
-   الوضعية كارثية بأكثر من قسم داخلي، وتدبير البعض  من هذه الأقسام تشتم منه رائحة الفساد، ومزودوها بمختلف مواد التغذية لا يحترم البعض منهم الشروط والمواصفات المحددة في دفاتر التحملات .
-   سكنيات كثيرة  محتلة، وأخرى شرعنت النيابة احتلالها، وأخرى فارغة حرم نساء ورجال التعليم من دخولها طبقا للمذكرات الوزارية في الموضوع .
-  ماء وكهرباء بمؤسسات تعليمية كثيرة يتم استغلاله عشوائيا من طرف بعض الإداريين الذين سكنهم الإداري أو الوظيفي لا يتوفر على عداد خاص بهم كما يقول القانون .
-  الشغيلة التعليمية بنساؤها ورجالها مجمعة على أن التدبير الإداري على مستوى النيابة مختل بشكل كبير، ساهم في تقديم صورة غير الصورة التي اعتادت القطاعات الأخرى رسمها عن إدارة التربية والتعليم، وهو ما ستلمسه النائبة الإقليمية مع مرور الوقت .
-  الزمن المدرسي كانت فاتورة عدم احترامه ثقيلة (؟ !)  
ـ المكتبات المدرسية إما منعدمة، وإن وجدت فإنها معطلة، نفس الوضع ينسحب على قاعات "جيني " التي لم تشغل جلها، فضاعت تجهيزاتها .
 هذه جملة من صور القطاع التقطتها كاميرا الواقع العنيد الذي لا يمكن للغربال أن يخفيه. واقع يقتضي أن تتضافر جهود كل المتدخلين والشركاء في وضع أياديهم في يد المسؤولة الجديدة، لتطويعه والتغلب عليه، وبصمه بالحكامة الجيدة، جني ثمارها على المدى القصير والمتوسط وارد لا ريب في ذلك .

الجمعة، 5 أبريل 2013

شركات خاصة تتجسس على مستخدميها في فرنسا


شركات خاصة تتجسس على مستخدميها في فرنسا
مصطفى لمودن
 مجمل ما عرضة برنامج Pièce a conviction   بقناة TV5  مساء الخميس 4 أبريل، فقد قام الصحفي Silvain Pak   بتحقيق شمل عدة شركات، حيث وقف على "عملاء" تستقطبهم إدارة الشركة وتدمجهم في عمل قريب من العمال ليتجسسوا على الزعماء النقابين، وقد عرض البرنامج عدة حالات، والنتيجة إن إحدى الشركات طردت 400 مستخدم رأت أنهم يمثلون "خطرا" بسبب نشاطهم النقابي، تلتجئ الشركات لمثل هذا التصرف رغم أن القانون يمنع ذلك، بحيث يعاقب من يقوم به بسنة سجنا.. المهم من كل هذا، أن مثل هذا البرنامج لا يعرض في أي قناة عربية بما في ذلك المغربيات، وقد قرأنا كذلك بجريدة "المساء" (4 أبريل 2013) المقال الثاني الذي كتبه محمد الساسي تعليقا على الاستجواب الذي أدلت به السيدة سميرة سيطايل في وقت سابق لجريدة "أخبار اليوم"، وهي ترى نفسها في حل من أي تدخل حكومي في عملها وهي مسؤولة بالقناة الثانية العمومية، وأن عملها "محايد ومهني"، وقد واجهها محمد الساسي بجملة من التحديات، حيث عرض عليها جملة من البرامج أو الحوارات التي رأى أن القناة الثانية لا يمكنها أن تخوض فيها، من ذلك استضافة أبو بكر الجامعي للحديث عن تجربته الصحفية وأحمد السنوسي بزيز ليتكلم عن منعه من الظهور بالتلفزة وإجراء تحقيق عن معتقلي حركة 20 فبراير..إلخ.
ولعله من الواضح أن التلفزة المغربية غير مهنية ولا تقوم بوظيفتها الإعلامية كما يجب .

أسبوع الدعم الخاص في المدرسة المغربية


قبل العطلة البينية تعيش المدرسة أيام الدعم الخاص

 مصطفى لمودن 
تتعطل المدراس ابتداء من الأحد المقبل لمدة خمسة عشر يوما، وقبل هذه العطلة تعرف المدرسة المغربية أسبوعين للتقويم والدعم، الأول تقويم ودعم عام، والثاني دعم خاص.. في إطار الرغبة في انفتاح المدرسة على محيطها وعلى المجتمع أفضل أن أطرح على عجل ما يحدث في الأسبوع الثاني الذي نعيشه الآن..
من المفترض أن يكون قد مر أسبوع التقويم، حيث وضع المدرس (ة) مجموعة آليات لتقويم مستوى تحصيل الكفايات لدى التلاميذ في جميع المواد، كما أنه يكون على إلمام بمستوى التلاميذ ودرجة تحسنهم أو عدم حصول أي تقدم في مشوارهم الدراسي.. نظريا نكون أمام مسؤوليتين في الأسبوع الأول، تحديد مستوى التلاميذ بدقة، ويكون ذلك عبر التمارين، أي الأسئلة والأجوبة، وهو ما يبدو مجرد امتحانات كما تطالب بذلك الوثائق المنظمة للسنة الدراسية، وهو أمر مطلوب للتقويم، لكن على المدرس أن يبحث عن "مرونة" مناسبة تراعي الشروط التربوية والبيداغوجية للتلاميذ حتى لا يتحول الأمر إلى "كابوس" كما يحدث في "التعليم الخصوصي" حيث يفضل القائمون عليه نوعا من "الضجيج".. والمستوى الثاني من المسؤولية هو أنه عبر هذا التقويم وعبر ملاحظات المدرس (ة) طيلة الأسابيع السابقة لمستويات التلاميذ يبني محتويات "أسبوع الدعم الخاص". 
فماذا يعني أسبوع الدعم الخاص موضوع هذه الورقة (أؤكد؛ أكتبها على عجل)؟
إنه فترة زمنية قبل كل عطلة بينية يكون الغرض منه (أسبوع الدعم الخاص) هو القيام بكل ما يمكن من أجل "إنقاذ" فئة من التلاميذ، وإلحاقها بركب الآخرين. لهذا لا يوجد بالمراجع المقررة أي إشارة إلى الكيفية ولا مقترح جذاذات، وهنا تظهر عبقرية المدرس (ة)، حيث يترك له وحده المجال ليكون الربان "المنقذ"..
فكيف يكون الاشتغال إذا؟ هل يكون عبر مراجعة الدروس السابقة وتكرارها؟ هل يكون بإبداع دروس مركبة تدمج فيما بينها لتغطي أسبوعا فقط؟ هل يتم إبداع دروس خاصة لا تهتم بالمقرر ولكن تعالج صعوبات جمة تحول دون التلقي أصلا؟ وماذا يقع مع الفئة الأخرى التي تكون قد تحصلت على الكفايات المرجوة أو قاربتها؟ هل يمكن إشراكها بدورها؟
أولا بعد تحديد الفئات التي تعرف مشاكل في الدراسة، وتحديد نوعية تلك المشاكل، أفضل حسب تجربتي واجتهادي معالجة الخلل الأساسي والعويص، والذي قد يكون صعوبات في التمكن من اللغة مثلا، بحيث لن تحصل مستقبلا لمن هو في مثل هذه الحالة أي تعلمات تذكر وهولا يتوفر على أهم مقوم وهو اللغة.. 
وحسب نوعية "الإعاقات" الموجودة، أسهر على تقديم ما هو بسيط ونافع لكل حالة أو للحالات المتقاربة، فقد أقدم درسا في الحروف وتهجيها وإعادة كتابتها للبعض الذين أركز عليهم أكثر ولو كانوا في مستويات أعلى كالمستوى الرابع وما بعده.. وأعتبر مثل هذا الاختيار أهم شيء في عملية الدعم، وغالبا ما أتوصل إلى نتائج سارة، حيث يستطيع هؤلاء وبفرح غامر القراءة والكتابة (الخط)والدخول إلى "الصف" من جديد بعد سلك طرق مختلفة في دمج الحروف والكلمات ليكون لها معنى (بدوري أسعد معهم كثيرا). 
في مثل هذه الحالة على المدرس (ة) أن يقوم بكل ما يلزم حتى لا يشعر هؤلاء بالدونية أو بالخجل أو يؤنبون أنفسهم.. في نفس الوقت يمكن الاستعانة داخل الحجرة بالتلاميذ "المتفوقين" على المساعدة وفق شروط مضبوطة.. 
كما يمكن في هذه المرحلة (أسبوع الدعم الخاص) العودة إلى ظواهر لغوية أو غيرها تعرض لها التلاميذ في مستويات أدنى، لكنهم إما نسوها أو لم يتملكوها بما فيه الكفاية، وهنا يستفيد الجميع رغم التركيز على الفئة المستهدفة في هذه المرحلة..
لا يهمني شخصيا في هذا الأسبوع احترام حصص استعمال الزمن، ما يشغلني هو معالجة الاختلات القائمة.. 
وحتى لا يشعر "المتفقون" بالإهمال وبالفراغ إما أن يساهموا بدورهم في مساعدة زملائهم وفق شروط محددة، منها تنفيذ شغل واحد بشكل جماعي وبتعليمات موحدة وفي وقت محدد.. أو أن تتضمن تعلمات التقويم بعض الإشارات التي تهم هذه الفئة "المتفوقة" والتي يكون المدرس (ة) على علم بأنها تصعب على الفئة المستهدفة بالدعم الخاص بشرط ألا تستحوذ على حصص زمنية مهمة وتكون مكملة أو هي امتداد للدعم نفسه، وكيفما كان الحال فهو فقط أسبوع واحد، ضمن أربعة أسابيع طيلة السنة.. 
الدعم الخاص" تتطلب جهدا ذهنيا وحضورا فكريا وطاقة كبيرة لدى المدرس (ة) كي يربح رهان إصلاح الأعطاب ودمج قلة من التلاميذ في المسار الدراسي..

الخميس، 4 أبريل 2013

آلاف المشاركين في المسيرة المشتركة للكدش والفدش بالرباط يطالبون بإسقاط الحكومة..


آلاف المشاركين في المسيرة المشتركة للكدش والفدش بالرباط يطالبون بإسقاط الحكومة..


الرباط: عبد الإله عسول
من باب الأحد إلى القرب من باب الرواح بالرباط، امتدت المسيرة التي دعت لها مركزيتا الكدش والفدش صباح الأحد الماضي..آلاف من المشاركين رددوا شعار 'الشعب يريد إسقاط الحكومة ' ..
كل فئات وشرائح الطبقة العاملة المغربية، من خلال التنظيمات النقابية المحلية للكدش والفدش، ومعها المئات من منتسبي الإتحاد النقابي للموظفين والموظفات(ا.م.ش)، ونشطاء من اطاك، و20فبراير، وقيادات اليسار، والإتحاد الإشتراكي، وقلة من المنتسبين لجماعة العدل والإحسان( الذين يبدو أنهم دارو الصواب فقط)، كلها كانت حاضرة في المسيرة، وحضرت أيضا كل مشاكل الشغيلة، من القاطع الخاص، إلى الشبه العمومي، إلى العمومي، إلى مطالب كتاب الضبط والمحامين.. الكل هتف بمحاربة البطالة، والفساد، وندد بغلاء الأسعار، والاقتطاعات من أجور المضربين..
وسط المسيرة، لوحظ إدريس لشكر، الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي، ومعه الحبيب المالكي، رفقة محمد المعتصم(البديل الحضاري)، وبعيدا عنهم، اصطف قياديو المركزيتين النقابيتين الداعية للمسيرة، أمثال، بلعربي، الزاير، العزوزي، منشد، ووراءهم كان القيادي الاتحادي أحمد الزايدي، فيما ظهر زعماء تجمع اليسار في صفوف خلفية ..
جموع بشرية، قدرتها بعض المصادر المشاركة في أكثر من 30الف مشارك، وأخرى دفعت بأكثر من ذلك، فيما تحدث مصدر حقوقي عن عدد يتأرجح بين 20و30الف مشارك(ة)..عمال وعاملات وموظفين .. جاؤوا من مختلف الأقاليم ليخلقوا الحدث بالعاصمة الرباط، ولسان حالهم 'باركا من الشعبوية، باركا من لغلا، زيدونا فالوظائف، والأجور، وباركا من استهداف الحريات النقابية، وفين هي محاربة الفساد؟'
عبد الغني الراقي (قيادي في الكدش)، إلتقته الجريدة على هامش المسيرة، وسألته عن القرارات التي ستتخذها المركزيتان بعد المسيرة وبعد مواصلة الحكومة  لقرارات الاقتطاع من أجور المضربين، حيث كانت إجابته مقتضبة ومركزة، قائلا' لن أحدثك عن قرارات جاهزة، ستجتمع الأجهزة المقررة للمركزيتن، لتقييم نتائج المسيرة، وبناء عليه سيتم الإعلان بشكل مسؤول عن الأشكال النضالية القادمة إذا التزمت الحكومة باللامبالاة اتجاه مطالب الطبقة العاملة، لقد توصلنا بمقترحات من الإتحادات المحلية، منها من تحدث عن الاحتجاجات المحلية والجهوية، والإضرابات القطاعية، والإضراب العام، كلها مقترحات تم  أخذها بعين الاعتبار'.
وفيما يخص الاقتطاع من أجور المضربين مثل ما حدث في قطاع التعليم، رد المسؤول النقابي 'أولا إننا نعتبر هذا الإجراء تضييقا على ممارسة العمل النقابي كحق دستوري،، كما أنه يأتي دون استناد على قانون تنظيمي، وبالتالي نعتبره إجراء غير قانوني، نحن سنسائل الوزارة عن مدى احترامها للمسطرة الإدارية المتعبة في مثل هذه الحالات، حيث بلغ إلى علمنا أن العديد من الموظفين المضربين لم يتوصلوا بأي استفسار، من جهة أخرى فنحن واعون بأن ذلك هو ضريبة النضال الجاد..

الأربعاء، 3 أبريل 2013

أُمبيرطو إيكُّو: " بدون كُتب؛ الحياة أَقصر"./ ترجمة جواد المومني


         حوار مترجَم
     
أُمبيرطو إيكُّو: " بدون كُتب؛ الحياة أَقصر".

 ترجمة جواد المومني

      تقديم و تنويه لا بد منهما :
إستضافتْ أسبوعية لوپوان الفرنسية الروائي والأديب والمفكر الكبير: أُمبيرطو إيكُّو، وقام الصِّحافيان طوماس ماهلر وكريسطوف أُونو دي بْوا باستجواب  صاحب " إسم الوردة " (المُترجِم: الرواية الهائلة الحائزة على عدة جوائز عالمية منذ صدورها سنة: 1980، والتي 
بيع منها لحد الساعة أكثر من 17 مليون نسخة ! )
وما سأقوم بعرضه خلال السطور التالية؛ إنما هو ترجمة مقتضبة وبتصرف لِأهم ما جاء في الحوار الشيق، حيث تفاديتُ عن قصد مجموعة شذرات تدخل ضمن التسلسل الحواري، لم أَرَ جدوى لِإدراجها ما دامت تندرج في إطار الإستطرادات وليس المواقف والرؤى الشخصية للمُحاوَرِ .
  1ـــ يقول إيكـــــو : " وأنا في سن 82 من عمري، أُشير إلى آخر إبداعاتي، كتاب بعنوان " إعترافات روائي شاب "وهو في الحقيقة عبارة عن تجميع لعدد من المحاضرات الملقاة بجامعة أَطَلَنْطا عام 2008 . أمَّا عن العنوان وعن إيحاءاتِهِ، فوَجَبَ التنويه إلى أن أولى رواياتي صدرت أواخر 1980 ( وكان عمري لحظتئذ 52 عاماً ) ،عندها ٱعتبرتُ نفسي روائيا شابا.
  2 ـــ وقد طرحتُ في مؤلَّفي المشار إليه أعلاه تساؤلا أدبيا عميقا: ـــ لماذا يَصدمنا موت " آنَّا كارِنِينْ " رغم كونها  بطلة من صنع الخيال، مقارَنَةً مع فجيعة مقتل أو موت أطفال وضحايا مدنيين عندما يتعرض الإعلام لذلك؟
( المُترجم: " آنَّا كارِنِينْ " عمل روائي عظيم للكاتب الروسي: ليون تولستوي سنة 1877 )، أجبْتُ على الأمر من منطلق أن صيرورة الحدث في العمل الروائي تتطلب تقمُّصاً للدور وحُلولاً في بعض جزئياته، ما يجعلنا ــ كقراء ــ نحْيا الهوية المفترضة، للشخصية عبر ما يُسميه العلماء ب " الْخَلايا المِرْآة "؛ بعيداً عن الخبر الذي يبثه الإعلام بشكل سريع، ما يدفعنا إلى النفور منه. وقد أذهب إلى أبعد من ذلك؛ فالخيال يبقى دائما أقوى رغم " جاذبية
الواقع "... وبين ثنايا المؤلَّــــف المتحدَّث عنه تعثرون على تساؤل آخر: " ـــ لماذا نبكي الشخوص الروائية بتفاعل، رغم يَقينِنا كونها من صنع الخيال ؟
  يجد التساؤل مشروعيته من خلال النَّظم الأنطولوجي للشخصية الروائية ومن خلال " واقعية " تواجدها ! وهكذا تتحصَّــلُ لدينا قناعاتٌ وشبه يقينيَّــــات ضمن عالمٍ كله خيالٌ ( فَيَقيناً أنَّ " آنَّا كارِنينْ " قد ٱنتحرتْ ) في الوقت الذي تُساوِرُنا فيه شُكوك ضمن عالم " الحقيقة " ( هناك ٱحتمال أن يكون " ناپوليون " قد مات يوم 5 ماي 1821،  
ما لم يُفَنَّذ الزعم عبر مجموعة وثائق أخرى تُثبت العكس ! ) إذاً... فالحقيقة المُطلقة هي الحقيقة الروائية .
  3 ــ يستمر إيكو في تبنيه للموقف الرامي إلى أنَّ " الكتاب شيء كامل " وأنه لن يتلاشى في العالم الرقمي . ويستطرد في تفاؤله رغم ٱعترافه بضراوة النزال! لكنه، يؤكد بالمقابل أنّ إغلاق عدد من دور النشر ليس نتيجة لذلك فقط، إنما للأزمة العالمية الحالية يد أيضا. وهذا ما حاول إبرازه بمعية: " جانْ كْلودْ كارْييرْ " من خلال كتابهما المشترك :" لا تُراهِنوا أَنَّكم سَتُقْصُونَ الكُتُب ! "
(المترجم: ـــ صدر هذا المؤَلَّف عام 2009 عن دار النشر كْراسّي ) .
  يقول أمبرطو إيكو في هذا الصدد :
 " كنتُ أعلم أنه من الأسهل تحميل موسوعة: " لاروسْ " على جهاز الْآيْپادْ على تَحَمُّلِ عِبْءِ ضخامة الكتاب... لكن، أَيُعْقَلُ مُقارنة ذلك مع متعة القراءة وتصفح الأوراق المطبوعة ؟ "
و قد حاول الصِّحافيان المستجوِبان ربط رأي إيكـــــو السابق بما كان قد ٱعتبره الفيلسوف الفرنسي: " ميشال سِيرّْ "
" مأساةً وبلاهةً " عندما تم تدشين " المكتبة الوطنية الفرنسية "، في زمن التطور الرقمي السريع والأنترنيت ! كان ردُّ " إيكــــــو " مقتضباً وعميقا، يقول: " أنا متأكد أن صديقي ميشال سِيرّْ يعشق التجوال بين مرافق ورِدَاهِ مكتبةٍ قديمة مثلي تماماً، وفي نفس الوقت، هذا لا يمنعني شخصيا من تحميل عشرين كتابا قَيِّماً على لوحتي الإلكترونية / الْآيْپَّادْ حين أهمُّ بالسفر لمدة أسبوعين أو أكثر، بدلاً من وضعها في حقيبتي ! " ( ... ) و أنا أظن أن الأجيال الحالية 
ستستعمل ـــ و بدون حدود ـــ وسائل الاتصال المعاصرة دون التغاضي عن مثيلتها التقليدية ! "
  4 ـــ و في سؤال حول مصدر المكانة العلمية المُمَيَّزة التي يحظى بها " إيكـــو "، كان جوابه كالآتي :
  ـــــ " دائماً أردد أنّ الإنسان الذي لم يقرأ كتابا واحداً طيلة حياته، سيموت حزيناً، ولن يتذكر وقائع حقيقية، أو ذات قيمة، كما لو أن حياته كانت أَقْصَرَ ." وهكذا ، فعندما سأُودع حياتي، وأنا قد عشتُ مقتل يوليوز قيصر، أو معركة واتِرْلُو، أو الرحلة إلى الجحيم ( لِ: دانْتي ) .. سأكون سعيداً بحياتي الغنية و الطويلة ! "
  5 ـــ وحول آخر نصيحة يُسْديها في مُواجهة الآلة الجهنمية لعصرنا، قال أمبرطو إيكـــــو: " أظن أنه يجب علينا 
تطبيق ما قال به غْرامشي: ـــ تشَاؤميَّةُ العقل، دون التغاضي عن تفاؤُليّة الإرادة .. "

               أَنجزَ الترجمة و بتصرف: جواد المومني
              پـــــــــيــــــرپـــــــيــــــنــــــيـــــــان / فرنسا في: 1 أبريل 2013
---------------------------
عن المجلة الأسبوعية الفرنسية: لُوپْوان ــ 14 مارس 2013 ــ العدد: 2113 ــ ص: 108،109 .
الصحافيان المستجوِبان: طوماس ماهلر وكريسطوف أُونو دي بْوا .