الأربعاء، 20 أغسطس 2014

حاجة التعليم بالعالم القروي إلى إصلاح حقيقي..

حاجة التعليم بالعالم القروي إلى إصلاح حقيقي..



لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث يتم ذكر مدرسي ومدرسات العالم القروي (خطاب الملك لعشرين غشت 2014)
ـ فعلا، فلما شرع في توسيع نطاق التعليم الابتدائي منذ بداية ثمانيات القرن الماضي، كانت أول بناية حكومية تنبتت في القرية هي "المدرسة".. لكن أية مدرسة؟
ـ وكان أول موظف حكومي يصل إلى القرى هو المدرس (ة)، لكن كيف؟ 
ـ المدرسة عبارة عن حجرات من البناء المفكك، من المفترض أن يعمر كل قسم لعشر سنوات، كان الأمر للطورائ المستعجلة، بعد ثلاثين سنة، ماتزال نفس الحجرات واقفة، لكن في حالة يرثى لها. 
ـ أرسل المعلم (ة) إلى القرية، بل ألقي به في الفراغ، بدون أي شيء كالسكن أو الماء أو الكهرباء، وضع هامشا في عالم مهمش.. وبقي يتسول عيشه من سكان القرى، ولا من مد له مساعدة من إدارات الدولة، وهناك من سلخ عمرا في هذه الظروف المأساوية (كما وقع لي).. 
ـ هناك من مازال إلى الآن يعيش مدرسا مقهورا في العالم القروي، أو يضطر للتنقل اليومي في ظروف قاهرة بين عمله وبين أقرب تجمع حضري (او شبه حضري)..
ـ حان الوقت لرد الاعتبار لمدارس ومدرسي العالم القروي؛ عبر حذف كل حجرات البناء المفكك الخطيرة على الصحة (L'amiante)، ووضع مدارس تليق بكرامة التلاميذ والمدرسين، وتستجيب لحد أدنى من مواصفات التدريس.. 
ـ رد الاعتبار للمدرسين عبر منحهم التعويض الذي ظلوا ينتظرونه لسنوات طوال..

الاثنين، 18 أغسطس 2014

الحزب الاشتراكي الموحد بسيدي سليمان: إدانة الفساد السياسي والاقتصادي والدعوة للدفاع عن القرى والمدن المنهوبة

الحزب الاشتراكي الموحد بسيدي سليمان يصدر بيانا حول أهم الأحداث الأخيرة التي عرفتها المدينة والإقليم
 إدانة الفساد السياسي والاقتصادي والدعوة للدفاع عن القرى والمدن المنهوبة 

يُحيي انخراط الفعاليات المدنية في الأشكال النضالية المناهضة للفساد، ويعتبر أن تشكيل المكاتب الجماعية تتحكم فيها جهات نافذة ضمن ترتيبات تضمن استمرار الفساد الانتخابي، مما يستدعي إبداع كل الأشكال النضالية لمواجهة الفساد والتهميش، من أهم ما جاء في بيان الحزب الصادر في 15 غشت 2014.


 البــــــــــــــــيـــــــــــــــــان


عقد الحزب الاشتراكي الموحد بإقليم سيدي سليمان اجتماعا استثنائيا، يوم الجمعة 15غشت 2014، لتدارس المستجدات المتسارعة التي تعرفها المنطقة المنكوبة بفعل الفساد، والمتمثلة أساساً في اعتقال ثلاثة رؤساء للمجلس البلدي لسيدي يحيى الغرب، خلال ولاية واحدة فقط، في قضايا تتصل معظمها بالتورط في أعمال الفساد، وعزل رئيس المجلس البلدي لسيدي سليمان يوم 26 يوليوز 2014 على خلفية الخروقات المالية والإدارية التي أكدتها تقارير لجان الافتحاص المختصة، بالإضافة إلى متابعة عدد من المستشارين الجماعيين بتهم تتصل معظمها بقضايا الفساد المالي والإداري والانتخابي.
إن الحزب الاشتراكي الموحد بإقليم سيدي سليمان، الذي نبّه في مناسبات عديدة إلى التهميش الممنهج للمنطقة، يُدين بقوة استشراء الفساد السياسي والاقتصادي، مما يُؤدي إلى نهب ما تبقى من خيراتها، ويضمن استمرار تردي الخدمات الاجتماعية الأساسية: االتعليم، الصحة، التشغيل، السكن، النظافة، الطرق..إلخ.
وإذ يُحيّى الحزب الاشتراكي الموحد PSU انخراط مناضلاته ومناضليه بالإقليم، إلى جانب الفعاليات الديمقراطية والتقدمية، في كل أشكال النضال الديمقراطي المبدئي، كما يُحيي عاليا الفعاليات المدنية وعموم شرفاء مدينة سيدي يحيى المنكوبة، على انخراطهم الفاعل في المبادرات الميدانية ضد جماعة الفساد الانتخابي؛ فإنه يؤكد على أن ما يشهده الإقليم، الذي يعتبر مرآة لطبيعة النظام القائم على الفساد والقمع، ليس إلا نتيجة للتمييع الممنهج للعمل السياسي وفتح الأبواب على مصراعيها للكائنات الانتخابوية لإفساد العملية السياسية برمتها وإفراغها من أي مضمون ديمقراطي حقيقي، وجعلها لحظة تحضر فيها كل مظاهر البؤس والعبث، وتغيب فيها السياسة بمفهومها النبيل كخدمة تطوعية بعيدا عن كل النزعات الاسترزاقية.
إن الحزب الاشتراكي الموحد، الذي رفض دائما أن يكون طرفا في أية صراعات سياسوية ضيقة، تجسيدا لخطه الديمقراطي الواضح الملتحم بالقضايا الحقيقية للجماهير، إذ يقف على هذا الوضع المأساوي ليستنكر غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الدولة للقطع النهائي مع مثل هذه الظواهر المشينة والتخليق الفعلي للحياة العامة، واكتفائها بحملات تطهيرية جزئية ومناسباتية ومزاجية لإعادة ترتيب الخارطة الانتخابية، واستمرار رفضها إجراء إصلاح جذري للمنظومة الانتخابية يبدأ بإلغاء اللوائح الفاسدة، ومراجعة التقطيع الانتخابي، وإسناد الإشراف على العملية للجنة وطنية مستقلة عوض استفراد وزارة الداخلية بها، ترتيبا وتنظيما. 
كما توقف الحزب الاشتراكي الموحد على حيثيات "تجديد" مكتب بلدية سيدي سليمان، ليعبر عن استغرابه الشديد من تشكيل مكتب من الأغلبية السابقة برأس من "المعارضة"، وهي الصيغة ذاتها التي اعتمدت في سيدي يحي، وهو ما يمثل قمة العبث السياسي، مما يوحي بأن تشكيل المكاتب يتم بتحكم من جهات نافذة ضمن ترتيبات تضمن استمرار الفساد السياسي والريع الانتخابي ونهب ثروات المنطقة.
وفي هذا الصدد، يُجدد الحزب دعوته إلى كل الشرفاء بالإقليم للتعبير عن رفضهم لهذه الأساليب الفاسدة والاصطفافات المصلحية، بالتحرك الجماعي للدفاع عن مدنهم وقراهم المنهوبة، وانتزاع مقومات عيشهم الكريم بكل الأساليب النضالية النزيهة والمشروعة.
المكتب

الأربعاء، 30 يوليو 2014

إيران وسلمان رشدي

إيران وسلمان رشدي
 مصطفى لمودن
شاهدت أمس الأربعاء 29 يوليوز ربورتاجا مصورا عن سلمان رشدي في القناة الانجليزية BBC، أود تسجيل بعض الملاحظات، سلمان رشيدي هذا كاتب من أصل هندي، سبق أن أهدر دمه الإمام الخميني زعيم الثورة الشيعية في إيران بعد إصدار كتاب "آيات شيطانية"... لا يهم إن كان سلمان كاتبا فعلا، وهل كان على صواب، أم كان مجرد مستفز لمشاعر الآخرين..الخ. لنترك حكم ذلك للنقاد والمفكرين والتاريخ..
 ساهمت فتوى الخميني في شهرة سلمان، وأصبحت كتاباته مطلوبة، فالجميع يريد الاطلاع على ما كتبه الرجل تطلب إصدار "حكم" بقتله.. وأصبح عرضة للموت في أي لحظة، سواء من طرف النظام الإيراني أو من طرف أشخاص يتصرفون من تلقاء ذاتهم.. لكن سلمان لم يقتل، لكن تعرض آخرون لهم علاقة به للقتل كما حدث في إيران وباكستان، وتعرض ناشره في النرويج لطلقتين أمام داره نجا منهما بأعجوبة..
الغريب وكما جاء في الروبرتاج هو كيف احتضن الغرب سلمان وحماه بكل قوة؛ فقد خصصت انجلترا له ستة شرطيين من نخبتها الأمنية لمرافقته الدائمة، وبيتا سريا له نوافذ ترد الرصاص مع احتياطات أمنية خاصة.. وكان يتنقل وسط قافلة أمنية كأنه رئيس دولة، يركب سيارة مصفحة وتسير أمامه الدراجات النارية، لكنه رفض وضع شعر مستعار وصدرية واقية من الرصاص كما جاء في البرنامج..
أصبح الرجل مشهورا جدا، تقام له حفلات توقيع كتبه، وتتحدث عنه صحف العالم، وقال بنفسه إنه رفض تقديم أي اعتذار كما طلب منه..
بعد سنوات من الحراسة والتخوف والحركة المحسوبة، تعلن إيران رسميا على لسان أحد مسؤوليها تخليها عن الدعوة لقتل سلمان، لكن الحذر بقي قائما.. غير أن حياة الكاتب بعد ذلك بدأت تأخذ سيرها العادي بدون حراسة مشددة..
هذا لمن تهمه الكتابة الأدبية، أجاب سلمان عن سؤال حول كتابته الروائية، فقال إنه لا يشرع في كتابتها إلا بعدما يكون قد توضح له الفصل الأخير!!!

 خلاصة الأمر، إيران ما تزال قائمة بنظامها كما وضع أسسه الخميني، وسلمان باع آلاف النسخ، وخلق تعاطفا معه في عدة مناطق من العالم، فكيف تلجأ دولة بكاملها إلى هدر دم إنسان لمجرد أنه يختلف مع توجهاتها؟ 

إلى أحمد بركات/ ذ. الشاعر محمد رحو

                                     إلى أحمد بركات
محمد رحو

صديقي البسيط
أجمل ما فيك
أنك البسيط العميق
مدى الشعر الحياة
أجمل ما فيك
أنك المبدع المؤمن
بقصيدة يـبدعها الأمل
رغم "الداء والأعداء"!
أجمل ما فيك
أنك الفتى المدمن على الوفاء
لجراح حلم لا تندمل
قبل انقراض الزنزانة
ومنفى العشاق الأنبياء!
أجمل ما فيك
أنك لن تُسَوّد
أبدا لم تبدّد
ملء بياض الخيانة
حرفا من تبر السريرة!
***
صديقي
يا صديق الشموس الأسيرة
و يا صنو سري المصافح وهج البهاء!
يا أنت الندي المندلع
من قلب ديوان الوجع
هل تدري؟
كل من يخون الخراب سيأتيك
كل من يخون السراب سيأتيك
كل ما يفضي للربيع سيُحييك
كل ما يفضي للبديع سيُحَيّيك
فمن يزعم الآن
أنك الغصن الميت
بسروة الشعر
و قصيدتك المنذورة للحياة
ماانفكت – هنا –
خفيفة تجري
شفيفة تسري
عبر يباس الوقت
و شقوق القيظ/الغليل! ؟
لتوقظ فينا الربيع البديع
ومن يجسر الآن
أن يطمس أو يهيل
على نبضك الشعري الغياب! ؟
وهذي كفك تحمل
(الوردة التي توبخ العالم)+
رغم الحداد الجاثم الثقيل
تؤكد أنك المضرب الجميل
عن جملة ما فتئت تخادع
و أنك فاعل فن يصارع
من أجل فرح المضارع
رغم السل سليل قهرك
و كل مزاعم قبرك!
***
...و بعد
وماذا عساه يقول
شارع البكم أو قارع الطبول
إزاء ما رأيت
وما سمعت
وما عانيت
هنا
صديقي
ملء ص
ل
ي
ب
الأرض!


-------------
+من قصيدة (لن أساعد الزلزال)

للشاعر المغربي أحمد بركات 1960 – 1994

الجمعة، 25 يوليو 2014

أحاولو على الفن، أهيا تا... ذ العباس جدة

  أحاولو على الفن، أهيا تا...

 العباس جدة
  كيف نفسر هذا الكم الهائل من الأفلام والمسلسلات والسيتكومات التلفزيونية المغربية خلال شهر واحد، هو شهر رمضان؟ بماذا يمكن تبرير هذه اليقظة الفنية التلفزية المذهلة، بعد شهور من السبات العميق أو على الأقل الكساد الفني والرداءة التلفزيونية ؟ هل لأن تلفزتنا تغار على الفن على الأقل في هذا الشهر الرمضاني وتسعى جاهدة الى إمتاع المشاهدين والدفع بعجلة الفن التلفزيوني الى الأمام؟  
   الأكيد أن التلفزيون المغربي عودنا منذ سنين على دعم الإنتاجات الوطنية وفسح المجال للفنانين المغاربة للإفصاح عن مواهبهم والتعبير عن قدراتهم الفنية. لكن لماذا بالضبط يقتصر هذا التشجيع والدعم المكثفين على شهر رمضان فحسب؟ وما قيمة المنتوجات الفنية التي تقدم للجمهور الواسع؟ وهل يسهم هذا الكم الهائل من الإنتاج في بلورة وتطوير الفعل الفني الإبداعي؟
 أولا، من العبث الادعاء بأن تفعيل العمل الفني قد يقتصر على شهر واحد في السنة. ومن الغباء والتهور الاعتقاد بأن التلفزة تشجع المنتوج الفني الوطني وتسعى الى النهوض بالثقافة والفن. إن الأمر في الحقيقة مجرد ذر الرماد في العيون  ولا يعدو أن يكون كذبا وبهتانا وتضليلا ونفاقا اجتماعيا ليس إلا.
  ثانيا، صحيح أن أغلب هذه الإنتاجات الدرامية تروم الترويح على النفوس بعد يوم كامل من الإمساك، وتهدف الى تسلية المشاهد وإضحاكه، وبالتالي فإن نوع الكوميديا هو المهيمن على هذه الإنتاجات التلفزيونية. إلا أن ما لا يدركه القيمون على التلفزة الوطنية وكذا الفنانون أنفسهم من مؤلفين ومخرجين وممثلين، أن الكوميديا فن والفن يتطلب الموهبة والممارسة والتكوين والكفاءة  والمهنية والمخيلة الخصبة والقدرة على الإبداع والخلق، ويستلزم  الفن أيضا أخلاقيات فنية عالية، من تعاون وتسامح وعدم الهرولة الى الكسب المادي وعدم اتخاد الفن مجرد وسيلة للاسترزاق...
 والواقع أن ما نشاهده على الشاشة الصغيرة ومنذ عقود هو "الحلقة" بمفهومها القدحي وليس فن الكوميديا. والغريب في الأمر أن  المسؤولين على التلفزيون وكذا الفنانين يتمادون في تجاهلهم بأن ما يقدم للمشاهد دون المستوى، بل يصرون كل سنة  على  ممارسة جميع أشكال التعذيب على المشاهد المغربي من "تهراس الراس" و"شقيقة" و"صداع" و"بسالة" وإرهاب كوميدي؛ ويمعنون كل شهر رمضان في الاستخفاف بالمشاهد واستبلاده والضحك عليه. وقبل ذلك فهم يشوهون الممارسة الفنية ويحرفون مفهوم الفن بل يغتالونه ويجهزون على ما تبقى منه، إن كان بالفعل قد وجد "فن الكوميديا"  من قبل في هذه البلاد.
  إن الفنان الذي ينتظر شهر رمضان من أجل العمل ولا يفكر سوى في "الكاشي" والتكسب والتسابق للمشاركة في أكبر عدد من المسلسلات والسيتكومات والأفلام التليفزيونية ويلهث وراء الشهرة ولا يفكر سوى في إبهار الجمهور ويجد لذة في التباهي أمام زملائه الذين لم يحالفهم الحظ، بل يلجأ الى المحاباة والمجاملة وإقامة علاقات مشبوهة مع الفنانين والمسؤولين وجميع أشكال المحسوبية والزبونية، لا يعد فنانا. إنه مجرد "حلايقي" بل مرتزق من المرتزقة الكبار.
يقول المخرج الروسي الكبير ستانيسلافسكي : " عليكم أن تحبوا الفن فيكم لا أن  تحبوا أنفسكم في الفن."  ويضيف قائلا: "إذا كان المسرح  لا يهذب سلوككم ولا يسمو بمشعاركم فعليكم أن تتجنبوه." فالفنان الحقيقي هو الذي يعمل من أجل الفن لذاته وليس من أجل التكسب والاسترزاق، وهو الذي يحترم عمله الى حد القداسة، وهو الذي يحارب فيه الغرور والإغراء والفظاظة.
  لنأخد نموذجا من نماذج الكوميديا كما يتصورها السواد الأعظم من الفنانين المغاربة وتزكيها التلفزة الوطنية، وهو سيتكوم "حاولو على مستور". إن فريق التأليف يتكون من أربعة أشخاص من بينهم دكتور وفنان تلقى فن المسرح بالسوربون كما بلغني مؤخرا، علاوة على أنه المسؤول الأول في النقابة المغربية لمحترفي المسرح. إن هذا الدكتور والفنان المبرز والمسؤول على حقوق المسرحيين وإعادة الاعتبار للفن المسرحي، يشارك يا سادة يا كرام،  في المهزلة بكل أسى وأسف. ألا يدرك فريق التأليف ومن ضمنه الدكتور بأن أزمة الإبداع الفني عندنا تنطلق أولا من الصياغة النصية للفيلم  التلفزيوني أو السينمائي؟ ألا يعلم هذا الفريق أن المشكل يتمثل بالدرجة الأولى في "السيناريو"، إذ يمكن لي أن أجزم بأن كتاب السيناريو لا وجود لهم في بلادنا. كما يمكن لي أن أجزم بأن الشريط التلفزيوني أو السينمائي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مؤثرا وجذابا، إذا لم يستند الى سيناريو مكتوب بمهارة وإتقان وتماسك فني. لنعد الى نموذجنا، فأي تأليف هذا وأية شخصيات وأية وضعيات ساخرة وأية أحداث، أبدعها هذا الفريق واستوحاها من نسيج خياله؟ فالشخصيات مرسومة بشكل سطحي وفج والوضعيات الساخرة مفتعلة ومصطنعة والحوارات سوقية ومبتذلة الى حد الغثيان. ماذا إذن يبقى في السيناريو إذا لم نعتني برسم الشخصيات والعلاقات المتوترة بينها، وصياغة وضعيات ومشاهد فنية سلسة ومتماسكة، وما تتلفظ به الشخصيات من عبارات وحوارات بليغة وذكية ؟
 صحيح أن السيتكوم يروم الترويح عن النفس والتسلية، ولكن هل الكوميديا هي افتعال للوضعيات الساخرة، وإقحام لمشاهد لا مبرر لها، ورسم لشخصيات نمطية فجة لا حياة لها، وجعلها تنطق بألفاظ وعبارات شعبوية ؟ هل فن الكوميديا هو الإصرار على انتزاع الضحكات من أفواه المشاهدين كيف ما اتفق وبأية وسيلة ولو على حساب الفن؟ اعلم أيها الفريق (كتاب السيناريو) بأنه يكفي أن أبتسم وأحس بالانشراح والمتعة وأنا أشاهد موقفا ساخرا أو وضعية مسرحية أو سينمائية أو تلفزيونية، لكي يتحقق الهدف الفني. هل كان شارلي شابلين أو وودي ألين أو الممثلين الإيطاليين كمارسيللو ماسترواني ونينو مانفريدي وفيتوريو غاسمان  يتصنعون ويجهدون أنفسهم، لا أقول لإضحاك المشاهد، وإنما فقط جعله يبتسم ويشعر بالسعادة؟؟؟ إن الكوميديا أيها السادة هو فن والفن منزه عن الافتعال والضحالة والسوقية والارتجال. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه. فالأكيد أننا  نعيش أزمة ابداع حادة  في المسرح والتلفزيون والسينما والتي تتجسد بالدرجة الأولى في غياب كتابة نصية درامية مشرقة.
  والإخراج يلعب الدور الحاسم في انجاح الشريط أو فشله، والمخرج عندما يفتقر للموهبة والتكوين وينقصه المراس والتجربة، لا ينتظر منه شيئا. وهذا النموذج يجسده بالذات مخرج هذه السلسلة ، الذي أعرف عنه بأنه إعلامي في القناة الأولى لأكثر من عشرين سنة، وقبل ذلك كان يهتم بالمسرح في إطار رواد الخشبة بمكناس. فكيف للتلفزة المغربية أن تعهد لأناس، لا تجربة لهم ولا دراية لهم بفن الإخراج  التلفزيوني، بمسؤولية جسيمة كهذه ؟
   أما الممثلون فقد جعلونا نصاب بخيبة أمل، خصوصا الممثلين الرئيسيين، من حيث أنهما ممثلان مقتدران ويتمتعان بموهبة وقدرات تعبيرية لا بأس بها. غير أنهما يهدران موهبتهما الفنية في التهريج والأداء المبالغ فيه وفي اللعب النمطي وإجهاد نفسيهما في بلوغ الهدف الفني المنعدم أصلا في الكتابة النصية وفي الإخراج. والحال أن هذا النوع من الممثلين - وهم كثر- يسيؤون للفن ولا يحترمون أنفسهم. ناهيك عن الممثلين الآخرين المشاركين في نفس السيتكوم وبكيفية خاصة ممثلة معروفة منذ الثمانينات من القرن الماضي، التي أدت دورها بشكل مغلوط ومتكلف تماما، حيث كانت "تتقطع" المسكينة  لإضحاك المشاهد. وهذا يثير بالطبع شيئا من الشفقة الممزوجة بشيء من الأسى والحزن . فأين هي اللجنة التي ترخص لهذا النوع من الإنتاجات الرخيصة، المبتذلة والساقطة؟ أقصد فنيا وليس أخلاقيا. وقبل ذلك وهذا هو الأهم أين هم كتاب السيناريو الحقيقيون؟ وأين هم المخرجون المقتدرون الذين يحسنون إدارة الممثلين ويكبحون جماح الممثلين والممثلات المندفعين، لكي لا يتمادوا في التصنع والمبالغة في اللعب وتشويه فن التشخيص والضحك على المشاهد؟
 لكن يبدو بأن فنانينا (عفوا غالبيتهم) يفضلون المشاركة  في هذه الإنتاجات/ المهازل فقط من أجل الهروب من الاحتياج والفقر بالنسبة للبعض ومن أجل تنمية الرصيد البنكي بالنسبة للبعض الآخر. وفي كلتي الحالتين يضيع الفن ويغيب لتحضر المصلحة الشخصية الضيقة الكابحة للفعل الفني بل القاتلة لكل محاولة خلق وإبداع. وهذا يثير الحسرة والحزن العميق في النفوس الغيورة.