الأحد، 12 أبريل 2009

لغة: الهمزة المتوسطة، الصعوبات والبدائل الممكنة


 لغة:

الهمزة المتوسطة، الصعوبات والبدائل الممكنة 

    يطرح رسم الحروف العربية عدة إشكالات لدى التلاميذ، سواء في التعليم الابتدائي أو غيره، بل يُطرح ذلك أحيانا حتى لدى الكبار ، وتمثل  الهمزة "الدابة السوداء" التي تقف في وجه كل رغبة في كتابة سليمة من بعض الأخطاء الإملائية،  نقترح إطلالة على نموذج تبنته الجهات الرسمية المشرفة على التربية والتعليم، ثم نعرض البديل الذي نراه بسيطا يصلح للجميع، ولن نتبع في هذا منهجية "درس" تربوي يجري داخل حجرة دراسية.


      في المرجع التربوي الخاص باللغة العربية المعد من قبل ست مفتشين وأستاذ ديداكتيك اللغة العربية، المعنون ب "مرشدي في اللغة العربية"، وهو يعتبر "دليل الأستاذ"، مصادق عليه من قبل الوزارة الوصية على القطاع، نجد مقترحا لتدريس الهمزة وسط الكلمة في الصفحة 170 من الكتاب المذكور، (وفي الصفحة 145 من كتاب التلميذ بنفس العنوان) ما هو مضمون المقترح والخطوات المتبعة؟


  بعد اقتراح مراجعة على الألواح حول همزة "ابن"، وذلك حصيلة درس سابق، يقترح الانتقال إلى فقرة "الملاحظة"، وجاء المرجع بكلمة واحدة هي "سأل"، مقرونة بما يمهد لاستنتاج كالآتي بالضبط:


-        جاء الهمزة في كلمة"سأل" متوسطة.


-        همزة متوسطة مفتوحة.


-        قبلها فتح.


-        كتبت الهمزة في كلمة "سأل" على الألف لأنها مفتوحة وقبلها فتح (انتهى)


مع إشارة جانبية تقول :" تتم مناقشة بقية الأمثلة بنفس الأسلوب الحواري مع توظيف الألوان المغايرة"، دون اقتراح كلمات مناسبة لذلك.


 لنمر معا إلى مرحلة حاسمة في الدرس الإملائي سميت ب"الاستنتاج"، يقوم على الإجابة عن أسئلة تقول:


-        "متى تكتب الهمزة المتوسطة على الألف؟"


-        "ومتى تكتب الهمزة المتوسطة على الواو؟"


-        "ومتى تكتب الهمزة المتوسطة على الياء؟"


 ليخلص المرجع الرسمي إلى الاستنتاج التالي:


"تكتب الهمزة المتوسطة على الألف:


-        إذا كانت الهمزة مفتوحة بعد فتح.


-        إذا كانت مفتوحة بعد سكون.


-        إذا كانت ساكنة بعد فتح.


تكتب الهمزة المتوسطة على الواو:


-        إذا كانت مفتوحة بعد ضم.


-        إذا كانت مضمومة بعد فتح.


-        إذا كانت مضمومة بعد سكون.


-        إذا كانت ساكنة بعد ضم.


-        إذا كانت مضمومة بعد ضم.


تكتب الهمزة المتوسطة على الياء:


-        إذا كانت مكسورة بعد سكون.


-        إذا كانت ساكنة بعد كسر.


-        إذا كانت مفتوحة بعد ياء ساكنة.


-        إذا كانت مفتوحة بعد كسر.


-        إذا كانت مكسورة بعد ضم.


-        إذا كانت مكسورة بعد فتح.(انتهى)


ثم نجد "التطبيق" على الألواح حسب ما يراه المؤلفون، ويقترحون 9 كلمات تتضمن الظاهرة المدروسة عوض 14 حالة كما يتأكد ذلك من الاستنتاج!


الكلمات المقترحة هي : رئة – فؤوس – كأس – كؤوس – رؤوس – بؤساء- مسائل – ذئب- دأب (انتهى)


   وفي الأخير يعرض الكتاب/المرجع نصا تطبيقا غاية في الغرابة، "لأهميته" نطلع الجميع عليه:


  " يوميتي"


" علقتك على الحائط في غرفة نومي، أنت أول ما تنفتح عليه عيناي صباحا، وآخر ما ينطبق عليه جفناي مساء، تعدين أيامي، وأعد ورقاتك أشعر كلما أخذت منك ورقة كأنني أنتزع حياتي يوما.


 وضعتك على مكتبي لتراك دائما عيناي، وحملتك في جيبي فوق قلبي لأحس بك في كل حين وأراقبك يوما يوما وشهرا شهرا.


   في هذا الليل أنتزع آخر ورقة منك، ثم ألقي بثوبك القديم في الموقد."(انتهى)


ولحسن "نية" المؤلفين لم ينسوا ذكر صاحب النص الذي هو أمين تقي الدين، وللغرابة نجده (النص) يتكرر في بعض المراجع المماثلة، لكن "بتصرف" لم ينصف التلاميذ والمدرس الذي يطلب منه اعتماد الكتاب "المقرر"، بل أن ينسخ هذه الدروس في أوراق "بهية الطلعة"، تسمى جذاذة، يقدمها لكل من حضر كدليل على "حسن التدبير"، ولا يهم بعد ذلك المحتوى وما يدرس، فهل بمثل هذه الطرق سننقد التعليم مما يتخبط فيه، أو مما أريد له أن يكون عليه، من ضعف المستوى وغيره؟ (أنظر مقالات سابقة لنا في نفس الموضوع)..


-        نستنتج طول وتعقد درس الهمزة المتوسطة كما قدم.


-        افتقار النص للظاهرة الرسمية /الإملائية المدروسة، باستثناء كلمتين هما "الحائط" و "دائما"، أما "كأنني" و "لأحس" فلا يمكن اعتبارهما حقيقة كلمات تشمل الهمزة المتوسطة، ولكنهما تعرضتا لطارئ وهو دخول حرفي جر.


-        النص المقترح (المفروض بحكم طبيعة الأشياء) لا علاقة له مقنعة وواضحة بالمحور الذي من المفترض أن  تدور حوله كل المواضيع، ألا وهو "وسائل الاتصال والتواصل"، وهو الوحدة/الملف الخامس في مقرر المستوى الخامس.


فما هو البديل الذي اقترحته على تلاميذي؟ وعملت به وهو موثق في دفاتر تمارينهم وأوراقي الخاصة.


الدرس الآخر:


      


-        يجب أن يشعر التلاميذ بأن هناك مشكلة لديهم وأن يجدوا لها حلا نهائيا، وذلك عبر توصلهم بعد كتابة كلمات بها الهمزة المتوسطة أن هناك اختلافات فيما بينهم، وبالتالي فبعضهم على خطأ بطبيعة الحال. وهو ما يدفعهم إلى التشوق لمعرفة الحلول وبالتالي ضمان متابعتهم بانتباه.


-        يتوصلون إلى أن الهمزة وسط الكلمة تكون محمولة على حروف هي : ﯾ و –ا  ـــــــــــــــــــ أي الياء (النبرة) والواو والألف.


-        ولكن ذلك وفق قاعدة معينة، وهي إرجاع الغلبة للحركة الأقوى بين حركة الهمزة والحركة التي قبلها.


-        حسب القاعدة التالية، حركة الجر (الكسرة) أقوى من حركة الرفع (الضمة)، وهذه الأخيرة أقوى من النصبة (الفتحة)، والسكون (الجزم) هو الأضعف (إن لم نقل هو الميت). ونشير إلى ذلك بالرسم التوضحي التالي:


            ْ‹  َ‹  ُ‹  ِ





-        كل حركة تغلب تأتي بالحرف الذي يناسبها، الكسرة تأتي بالياء، والضمة تأتي بالواو، والفتحة تأتي بالألف، أما السكون فلا يأتي بأي شيء.(رغم وجود حالات شاذة قليلة كمائة كما تعودنا كتابتها)


       ْ ‹    َ  ‹  ُ    ‹  ِ


     ↓     ↓     ↓     ↓


     …   ا      و     


(رسم توضيحي)



-        نضرب أمثلة:


   مِــــئْـــذنة: الهمزة ساكنة قبلها كسر. الكسرة تغلب السكون فتأتي بالياء.


مسْـــؤُول: الهمزة مرفوعة وقبلها سكون، الرفعة تغلب السكون فتأتي بالواو.

سَـــــــأَل: الهمزة مفتوحة وقبلها فتح، الحركتان منسجمتان، فتكون الهمزة على الألف.


… إلخ من الأمثلة الكثيرة.


أما النص التطبيقي الذي اقترحته، فقد حاولت أن يكون بسيطا، قصيرا، مفهوما، له علاقة بالمحور الدراسي (وسائل الاتصال والتواصل)، وله ارتباط بالحياة المعيشة، ويحمل فائدة للتلاميذ:


"هاتف"


   


"جهازك صغير الحجم، ينبئك بما لم تكن تنتظر، ويجيبك دون أن تسأله، فائدته لا تحصى، إنه المسؤول الأول عن اتصالاتك… الهاتف النقال؛ لكن لا تقربه من رأسك مرارا، لأنه قد يؤذيك، ضعه جانبا و لا تسأم من ذلك"(انتهى)


خلاصة:


-        في النص على الأقل ست كلمات تتنوع بها الظاهرة المدروسة.


-        بعد التصحيح، ظهر أن تلميذة كتبت النص بدون أي خطأ، وتلميذان بخطأ واحد، وتلميذان بخطأين، والبقية من 22 تلميذا بالوسط القروي وقعوا في أخطاء متفاوتة.


-        بعد"اجتهادنا هذا" لا ندعي أننا وقعنا على وصفة سحرية، هذا ما كنا نتعلم مثله في الكتاتيب، لكن بطريقة غير مفهومة بما فيه الكفاية.


-        لا يمكن أن نعول دائما على المرجع، بل يمكن للمدرس أن يضيف أو أن ينقص، مراعيا عدة شروط، منها عامل الزمن، والوسط…


-        لا يمكن تقبل "هفوات" ولو بسيطة في كتاب مرجعي رسمي معتمد، من المفروض أن يكون قد مر عبر عدة قنوات قبل إقراره.   


-        يبقى الرسم التوضيحي المقترح مسجلا في لوح على الحائط أمام التلاميذ طول السنة، حتى تترسخ لديهم القاعدة، ويعودون لها كل مرة عند حدوث إشكال خطي لديهم.


                          مصطفى لمودن