السبت، 22 سبتمبر 2012

أزمة الأساتذة تغلق ثانوية ابن خلدون الخاصة بسيدي سليمان


أزمة الأساتذة تغلق ثانوية ابن خلدون الخاصة بسيدي سليمان

أغلقت ثانوية "ابن خلدون" الخاصة أبوابها في وجه تلاميذ الثانوي التأهيلي (*)، ولن تشتغل أثناء الموسم الدراسي 2012/2013، بسبب "أزمة" الأساتذة، بعدما تم منع وزارة التربية الوطنية لأساتذة التعليم العمومي من تقديم دروس في التعليم الخصوصي، ثم تراجعت لتستثني من يحصل على ترخيص خاص من الوزراة نفسها. 
بينما الثانوية المنافسة "ابن النفيس" تستمر بالاشتغال، ويبدو أن أصحابها يتوفرون على "خزان" من الأساتذة، مادام المشرفون عليها لهم تجربة في التعليم الخاص، وذكرت مصادر أنهم استقدموا أساتذة التعليم الابتدائي الخاص للتدريس في الثانوية..  مما سيجعل أولياء التلاميذ يتساءلون عن "الجودة" التي ستضمنها هذه الثانوية.
 ومعروف في أوساط المدينة أن ثانوية ابن خلدون تحمل طابعا "تقدميا"، ومؤسسها له توجهات سياسية ديمقراطية، وهو من المعتقلين السياسيين السابقين. بينما "ابن النفيس"، تعرف بتوجهاتها المحافظة، وتذكر بعض المصادر أن المشرفين عليها مقربون من "حزب العدالة والتنمية"..
———- 
(*)المقصود لحد الآن هو إغلاق المستوى الثانوي التأهيلي، والجميع ينتظر كيف سيكون التعامل مع المستوى الثانوي الإعدادي.. ابن خلدون ما تزال تشتغل مع الإعدادي..

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

الشجرة صديقة للإنسان، لماذا كل هذا العداء للشجرة؟


الشجرة صديقة للإنسان، لماذا كل هذا العداء للشجرة؟
  
 مصطفى لمودن
في الغالب لا يراعي المغاربة احتراما للشجرة، ولا يقدرون قيمتها، إلا في بعض الأحيان، حيث يرى البعض مردوها المباشر وعائدها المادي الصرف.
لم يعد ممكنا الآن في المغرب غرس الأشجار على جانب الطرقات (*)، لم يعد ممكنا الإبقاء على الأشجار التي تغرس (إن غرست) في المدن والحدائق إلا بالحضور الدائم لحارس، لا تعطي  المجالس الحضرية والقروية والجهوية أهمية كبيرة للأشجار، سواء غرسا أو رعاية.. مجزئو الأراضي السكينة، ومعدو العقارات من دور وعمارات وغيرها لا يلتفتون للشجرة، ولا يمنحونها المكانة التي تستحق. وكأنها عدو يفزع من الأولى والواجب القضاء عليها ومحاربتها!!
إن الشجرة كائن حي، تنمو في مكانها ولا تؤذي أحدا، من فوائدها:
تمتص ثاني أكسيد الكاربون من الجو، وتضيف الأكسجين الحيوي للكائنات التي تتنفس، غير أن هذا الدور تقوم به أثناء الاستقلاب الضوئي، وفي الليل يقع العكس، غير أن ما تمتصه من ثاني أكسيد الكاربون أكثر مما تطلقه. يقع الاستقلاب الضوئي لما تكون الشمس ساطعة، فتحول ثاني أكسيد الكاربون والمعادن والماء وضوء الشمس إلى منتوج ملموس (خشب، ثمار، أوراق..).
ثاني أكسيد االكاربون أصبح يتواجد بقوة في الغلاف الجوي بسبب أنشطة الإنسان الصناعية وإحراقه للطاقة الأحفورية، كالفحم الحجري والبترول، فكل ما خزنته الأرض من ثاني أكسيد الكاربون على مدى ملايين السنين، يلقي به الإنسان في الفضاء خلال مرحلة زمنية قصيرة ابتدأت منذ انطلاق الثورة الصناعية في أوربا، وتزايدت في القرن العشرين في كل العالم.
ثاني أكسيد الكاربون سام للكائنات التي تتنفس، يسبب الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، حينما يمنع رجوع جزء من حرارة الشمس إلى الفضاء على شاكلة ما يقع داخل البيوت المغطاة للمزروعات.. الاحتباس الحراري يزيد في ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، مما يسبب في تغييرات مناخية قوية، فتكثر عواصف هوجاء في مناطق، وتقل التساقطات أو تنعدم في مناطق أخرى، تنصهر ركامات الجليد في القطبين وفي أعلي الجبال كسلسة الهملايا، مما يزيد في ارتفاع نسبة مياه المحيطات والبحار، فتغطي المياه وأمواج البحار الأراضي المنخفضة بالسواحل، وتغمر الجزر.. ذوبان الجليد يؤثر كذلك على التيارات البحرية، وعلى تخفيض نسبة الأكسجين في أعماق البحار، مما يهدد الكائنات الحية هناك بدمار لا مثيل له.
إن الشجرة والنباتات عموما هي الوحيدة من تقدر على امتصاص ثاني أكسيد الكاربون من الجو، وكذلك بعض العوالق في المحيطات..
بالإضافة إلى ذلك، فالشجرة تحمي التربة من الانجراف عندما تتكون السيول بفعل الأمطار القوية، هذه التربة الموجودة على سطح الأرض لا تقدر بثمن، لأنها صالحة للزراعة والاستنبات، وتحتوي على كل العناصر التي تضمن ذلك من دوبال (بقايا عضوية) ومعادن.. الأشجار بجذورها تنبث التراب ولا تسمح بمغادرته المكان.. افتقاد الأشجار في محيط السدود، جعل هذه الأخيرة تمتلئ بالأوحال عوض الماء، وأصبحت غير ذات جدوى.
الأشجار تمنح الإنسان الثمار (بالنسبة للأشجار التي نستعمل ثمارها) والخشب، وكلنا نعرف فائدة الخشب، وهذا الخشب يصلح لصناعة أوراق الكتابة، الشجرة تحتضن كائنات عديدة ترافقها في حياتها الطويلة، ويقع فيما بين الجميع تبادل للخدمات، ليعيش الجميع، الطيور، الحشرات، وعدد كبير من حيوانات أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر، وتعطيني الغابات في ذلك دروسا لا تنتهي..
الشجرة كائن حي يساهم بفعالية في دورات الحياة التي تعرفها الطبيعة، الشجرة أهم صديق للإنسان.
على الجميع الوعي بأهمية الشجرة، ومن المفيد ألا تغيب عن المقررات الدراسية في جميع المستويات التعليمية، وأن تحضر باستمرار في وسائل الأعلام، وأن يراعي ذلك كل واضعي السياسات العمومية، وكل من له دخل في التهيئة المجالية والعمرانية.. 
 فهل من مستوعب للمخاطر التي تحدق بالإنسان في غيبة الشجرة؟

—————-
(*)في زمن الاستعمار كان يمنع الرعي على جنبات الطرق، غالبية الأشجار المتبقية تعود لذلك الزمن مع كامل الأسف.

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

عامل وزان يستشرف مع فعاليات الإقليم المستقبل المتمدن لدار الضمانة


عامل وزان يستشرف مع فعاليات الإقليم المستقبل المتمدن لدار الضمانة

    وزان: محمد حمضي
باستقباله للمنابر الإعلامية بمقر العمالة، عشية يوم الجمعة  14 شتنبر الجاري، يكون عامل وزان قد أكمل حلقات دورته التواصلية مع الفعاليات السياسية، والنقابية، والاقتصادية، والمدنية والإعلامية، التي أطلقها بمناسبة مرور 100 يوم على تعيينه على رأس الإقليم خلفا لسابقه الذي لم يعمر طويلا على رأس هذه العمالة الفتية.
  منبرنا الإعلامي  تابع جل هذه اللقاءات، التي بالإضافة إلى أن عنوانها الرئيسي الذي حددته لها الإدارة الترابية الإقليمية الجديدة هو تقديم حصيلة العمل الميداني الذي تم انجازه على أرض الواقع منذ الزلزال الذي ضرب رأس العمالة، وهو ما سنرجع له بعد قليل، فإن ما يمكن استخلاصه من هذه اللقاءات التواصلية، هو بعث رسائل قوية لمختلف الفعاليات تذكرهم بوظيفة العامل في هرم السلطة، ودعوة الجميع لمصالحة هذه المؤسسة بعد أن كان قد طبع علاقتها في التجربة السابقة مع محيطها نوعا من التوتر كانت فاتورته ثقيلة على المشروع التنموي للإقليم عامة ودار الضمانة خاصة. كما أن من بين الرسائل التي التقطها كل من تابع هذه اللقاءات، هو كشف عامل الإقليم بعد تشخيصه لواقع الإقليم، عن مقاربته العلمية والعقلانية التي تقطع مع العشوائية في التعاطي مع مشاكل الإقليم التي لا يمكن معالجتها إلا باعتماد المقاربة التشاركية، وهي المقاربة التي غيبت في التجربة السابقة التي أضاعت على وزان موعدها مع التاريخ، وجعلتها لا تساير الركب التنموي بإيقاعه السريع الذي انخرطت فيه أقاليم الجهة الشمالية. كما شكلت هذه اللقاءات فرصة لكشفه عن الخطوط العريضة لمشروع خارطة الطريق التي وضعها من أجل أن تتصالح وزان مع المشرق من تاريخها، ومؤهلاتها البشرية والاقتصادية، وموروثها الثقافي والمادي الذي إذا ما تم استثماره مجتمعا بشكل ايجابي، فمن دون شك فإن المساحة الإشعاعية لوزان إذا ما صاحبها القطع مع التجارب الانتخابية الفاسدة، وتم إعلاء صوت القانون على كل الاعتبارات، كما ذكر بذلك مراسل الجريدة، ستتوسع ( المساحة الإشعاعية ) بشكل مذهل مما سيعيد الثقة لساكنة الإقليم التي ضاقت عليها فسحة الأمل في إنقاذ المدينة ومحيطها الرحب.
   أول ملف مؤرق سارع عامل الإقليم لمعالجته يتعلق بقطاع البناء والتعمير. فبسبب الصراع المفتعل بين العامل السابق ورئيس بلدية وزان،  فقد شل هذا القطاع الحيوي لمدة تجاوزت السنة والنصف، شلل كانت نتائجه كارثية على كل المتدخلين الذين أصاب الكثير منهم الإفلاس، وأغلق باب الشغل في وجه  اليد العاملة التي تعيل المئات من الأسر الوزانية. لهذا يقول رئيس الإدارة التربية " أعدت الاعتبار إلى القانون، ودعوت كل المؤسسات للتقيد به، وفتحت شباكا وحيدا بمقر البلدية، وانتهت العملية بالمصادقة على 560 رخصة بناء مما أنعش سوق هذا القطاع".
   أما برنامج التأهيل الحضري لمدينة وزان الذي كان قد أشرف على انطلاقته جلالة الملك أواخر شهر نونبر 2006، ليظل معلقا إلى اليوم، فإن هذا التعطيل تنطبق عليه الآية الكريمة " عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، لأن اعتماده كان سيشوه وجه وزان، وهو ما عبر عنه عامل الإقليم، وكان منبرنا الإعلامي سباقا في التعرض بشكل صريح، وفي أكثر من مناسبة، للبشاعة  التي جاء بها هذا المشروع، الذي كانت قد صادقت عليه مختلف ألألوان السياسية بالمجلس البلدي السابق. عامل الإقليم أوضح بأن مختلف أوراش التأهيل الحضري سيتم فتحها قريبا، وأن الشكل الهندسي الذي ستخرج به مختلف الساحات والحدائق… سيجعلها ذات وظيفة، بالإضافة إلى جعلها متناغمة مع الطابع المعماري للمدينة.
    بالنسبة لموضوع تصميم التهيئة والذي كان قد أسال بحرا من المداد، فقد طمأن المسؤول الإقليمي مختلف الفعاليات التي التقى بها،  بأن سكة القانون ولا شيء غير القانون قد عبدت أمام التصميم، بحيث تم الإعلان عن طلب العروض، وتعيين مكتب الدراسات .
  ولم يفت نفس المسؤول الإقليمي التعرض لمجموع  الاتفاقيات التي تم إنقاذها من الضياع في آخر لحظة والتي  تصل اعتماداتها إلى 22 مليون درهم، كما تم انقاذ حسب ما جاء على لسانه، أزيد من 40 مليون درهم من التبخر تتعلق بالتنمية الترابية المندمجة. هاتين الإشارتين بالإضافة  إلى الرسائل المشفرة ذات العلاقة بملف الإنعاش الوطني والتنمية البشرية، كلها مؤشرات تدل على أن تدبير الإقليم قبل الزلزال الذي هز أركانه، كان يوجد على هامش القانون، وعلى هامش روح الإلتفاتة  الملكية المتجلية في الزيارتين التاريخيتين لجلالته لدار الضمانة  في أقل من شهرين، في عز تقعيد برنامج الإنصاف والمصالحة الذي قاده الملك مع القوى الديمقراطية الحية التي استجابت لنداء الوطن في أخطر انعراج في تاريخه.
   مختلف هذه اللقاءات سادها نقاش مفتوح وصريح تعرضت فيه الفعاليات الحاضرة لأوضاع الإقليم القاتمة، واضعة أصابعها على القطاعات التي  ينخر الفساد مساحة واسعة من بعضها، نذكر منها قطاع الصحة  الذي تطابقت شهادة المتدخلين مع التقرير الذي رفعه العامل لوزير الصحة، وتسرطن البناء العشوائي أمام أنظار الجميع، وبتواطؤ مع بعض التقنيين الذين وصلت ملفات بعضهم إلى ردهات المحكمة الابتدائية بوزان، واستفحال ظاهرة الباعة المتجولين التي يشجع عليها البعض على اعتبار أنها تشكل بالنسبة لهم خزانا انتخابيا احتياطيا. وانصب النقاش كذلك حول أزمة الماء التي تعيشها المدينة وبعض القرى، ومشكل الطريق الجهوية رقم 408 التي  ضربت حالتها الكارثية الحصار على ساكنة  أزيد من ستة جماعات قروية، وحرمت  مدينة وزان من متنفسها الاقتصادي الواسع، والطريق الدائرية. وكانت الخلاصة هي البحث عن أنجع السبل للانتقال بوزان من حالة الترييف التي لحقتها في السنين الأخيرة على جميع المستويات، إلى  مدينة يسودها التحضر الثقافي والمادي  كما عاشته في ماضيها التليد .

الجمعة، 14 سبتمبر 2012

اكتشاف الغاز في المغرب ضرورة مراجعة "قانون المحروقات


اكتشاف الغاز في المغرب
ضرورة مراجعة "قانون المحروقات
 
  

مصطفى لمودن 
 
 خبر سار عند  الإعلان عن اكتشاف كميات مهمة من الغاز الطبيعي، احتياطه المؤكد يصل إلى 75 مليون متر مكعب، وقد حفرت إحدى الشركات خمسة آبار لذلك، جاءت كلها إيجابية، وقامت بربطها عبر أنابيب، والاستغلال بدأ، يقدر الإنتاج ما بين 2 و5.4 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز ، من منطقة جغرافية ضيقة شمال القنيطرة، على ضفاف نهر سبو (*).. يرى الخبراء أن النفط والغاز يمكن الوصول إليه في المنطقة الممتدة من العرائش إلى الصويرة، ناهيك عن المنطقة البحرية الممتدة على طول الساحل الغربي، ومما يزيد في حماس البعض، عدم تعرض هذه المنطقة للبراكين في الأزمنة السحيقة بعد تشكل البترول.

على أي، ومن توجه وطني يحق أن نبتهج، قد نخفض من فاتورة الطاقة المستوردة، قد نخفض من تكلفة السلع المصنعة محليا، وبالتالي نضيف إليها قيمة تنافسية، مع آمال مشجعة على المزيد من الاكتشافات..
لكن ما يقلق فعلا، هو المصيدة التي وضع المغرب نفسه فيها، أعني بها "قانون المحروقات" الذي أراد أن يغري شركات التنقيب دون الالتفات للمصلحة الوطنية، ففي حالة الغاز المكتشف المشار إليه، تستحوذ شركة إرلندية اسمها "سيركل أويل"على 75% والربع( 25%) المتقبي من نصيب المغرب..
قبل وضع هذا القانون العجيب، كان "المكتب الوطني للأبحاث والمساهمات المعدنية" ينقب بنفسه، سواء بآلياته أو بتعاقده مع شركات. لكن منذ حصول "التقويم الهيكلي" في بداية ثمانينات القرن الماضي، وأمام أزمة المغرب المالية حينذاك، تحولت المصلحة السابقة إلى "المكتب الوطني للمحروقات والمعادن" تحت إدارة أمينة بنخضرا وزيرة الطاقة والمعادن السابقة باسم حزب "الأحرار"، وجئ بهذا القانون المجحف لواضعيه المغاربة أولا!! ظنوا بذلك أنهم يستقطبون شركات التنقيب وهم شبه متيقنين من عدم وجود البترول والغاز بالمغرب، ويكفيهم ما تنفق هذه الشركات من مال أثناء عملها، يعتبرون ذلك هو الربح الخالص!..
الآن تطور وسائل البحث عن مصادر الطاقة الأحفورية، وأصبحت بتكلفة أقل. ورغم أن تحديد احتياطات الحقول المستكشفة يظهر أنه أغلى من التنقيب في حد ذاته.. وقد ذكرت الشركة الإرلندية أن زلزالا ضرب مؤخرا المنطقة وصل إلى 3.5 درجة على سلم ريشتر ساعدها على تحديد الاحتياط، علما أن بعض الشركات تظل تخفي الحقائق إلى وقت لاحق حفاظا على مصالها.. لقد أصبح من اللازم مراجعة قانون "المحروقات" قبل فوات الأوان، وقبل تهريب خيرات المغرب بالقانون.
إن اكتشاف النفط قرب جبل سلفات وبقرية "أحصاين" في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة سيدي قاسم كان من وراء إحداث معمل تكرير النفط بهذه المدينة في عهد الاستعمار، ورغم تعرض مخزون النفط بقاعدة جبل سلفات للاحتراق كما يحكي من عايشوا تلك الفترة، وقد بقيت النار مشتعلة فيه لأيام طويلة، فإن أنبوبا من قطر صغير ظل يمد محطة التكرير إلى وقت متأخر من بئر "احصاين"، كما توجد جنوب سيدي سليمان قرب "عين الجمعة" بئر نفطية كذلك، مما يعني إمكانية تواجد النفط في المناطق التي ذكرناها سابقا. هذا دون الحديث عن المناطق الممتدة جنوب وادي درعة. 
 (الصورة، لمعمل تكرير النفط السابق بسيدي قاسم الذي اقتنته شركة كورال السعودية ثم أغلقته فيما بعد)
————————
(*)نشرت ذلك "المساء" في صفحتها الاقتصادية ليوم الثلاثاء 11 شتنبر 2012 عدد 1865..

أخــــــــــبــــــــــار ومــواعـيـــــــــد


أخــــــــــبــــــــــار  ومــواعـيـــــــــد
 
ـ أجلت محاكمة محمد ياسر اكميرة كاتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد بسيدي سليمان  وعضو مجلسه الوطني إلى يوم الثلاثاء 12 فبراير 2013، بتهممة محاولة دهس فتاة 
مشاكل النقل بالعالم القرويبالإضافة إلى قلة وسائل النقل بالعالم القروي وضعف خدماتها وغياب الطابع الإنساني عن بعضها كالاكتظاظ، يجد سكان العالم القروي من مختلف الأعمار أنفسهم أمام مشاكل من طبيعة أخرى لا يلتفت إليها أحد، وهي غياب أسقف تحميهم في الأمطار شتاء وحر الشمس صيفا، تكون بجانب الطرق التي يظلون بجانبها ينتظرون قدوم وسائل النقل، ويستفحل الأمر شتاء حيث تتبلل الملابس وكتب التلاميذ..  بعض المناطق في المغرب كعمالتي مكناس أنشأت محلات انتظار للقرى، فلماذا يترك  سكان القرى في الغالب لمختلف المعاناة؟ ماذا سيكلف ذلك الجماعات المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا وبقية الإدارات المعنية؟
*- إغفال التشجير: هناك تجديد لرصيف شارع 11 يناير بسيدي سليمان، وهو شارع طويل وعريض مصمم منذ زمن الاستعمار.. الغريب هو ألا أحد انتبه لترك دوائر فارغة لغرس الأشجار، فمن له عداوة ضد الشجرة (تابع موضوعا حول فائدة التشجير) ..(وقع تدارك للأمر، وبدؤوا في ترك حفر، ولعل ذلك من إيجابيات الإعلام المحلي ومتابعته)

——-

الخميس، 6 سبتمبر 2012

الفقيدة زكية زوانات في "مشارف" باحثة الانتربولوجيا تنافح عن الزوايا والتصوف


الفقيدة زكية زوانات في "مشارف"
باحثة الانتربولوجيا تنافح عن الزوايا والتصوف


  مصطفى لمودن

  حرصت على متابعة الحلقة التلفزية المعادة من برنامج "مشارف" التي سبق أن خصصت للفقيدة الانتربولوجية زكية زوانات، والتي يعدها ويقدمها الشاعر والإعلامي عدنان ياسين.. وترسخ لدي من جديد الاعتقاد الذي يقول إن بعض دارسي الظواهر الاجتماعية والنفسية، في الغالب ما يتقمصون برغبة منهم أو بدونها خلاصات تلك الظواهر، ويصعب بعدها عليهم أن ينظروا ويحللوا بحياد.. فتنتفي صفة العالم لديهم، ويصبحون شبه معلنين ودعائيين لذلك.. استنتجت بعد الاستماع والمشاهدة أن زكية زوانات أصبحت غارقة حتى النخاع في عام التصوف والروحانيات.. وقد رفضت ملاحظة من محاوريها حول إضفاء صبغة الخرافات والانحرافات على بعض الممارسات في الزوايا، رفضت دون تعليل وكأنها تنافح عن ملك خاص، وليس عن ظواهر قابلة للنقاش، ورأت بأن الزوايا قسمين، التي ما تزال تتوفر على "مربي" ، والثانية ليست بالزاوية وإنما دار للبركة يشرف عليها الورثة.. وظهر بأنه منغمسة في التصوف وثقافة الزوايا والأضرحة إلى حد عدم الانفصال، وهي تؤكد ذلك بقولها "أنا من المولعين بالأولياء، وعاشقة للأولياء"، ورأت بأن مستقبل البشرية في التصوف، واعتبرت بأن أكثر المتعلمين والدارسين في العالم الغربي المسيحي يبحثون عن التصوف في العالم الإسلامي، لتبدو كمعلنة لسلعة اسمها التصوف.. ولظواهر ثقافية واجتماعية لم تعد تستهوي الكثيرين، ولا تلبي طموحاتهم في المعرفة والتشارك والمواطنة والديمقراطية…
قبل أسابيع غادرتنا الفقيدة زكية زوانات في سن العطاء، فقد كانت في منتصف عقدها الخامس، وتركت أبحاثا وكتبا منها المحقق والمترجم إلى الفرنسية، ومنها الكتابات الأدبية، ولعل أهم كتاب قدمه ياسين عدنان للمشاهدين مجلدها الضخم الذي يحمل عنوان "مملكة الأولياء"، وأخبرت الباحثة الانتربولوجية في نهاية الحلة أنها تنوي إصدار "أطلس الأولياء"، ومعجم للأولياء، وموقع الكتروني يوضح جغرافية الأولياء.. ويظهر أنه من الأفيد نشر الكتب المعدة من قبلها تكريما لها، واعترافا بمجوداتها..
يبدو أن ما تعنيه زكية زوانات من التصوف والزوايا هو البحث عن الحقيقة، والاطمئنان الوجودي للكائن البشري.. حيث يستظل المريدون بزاويتهم أو بشيخهم أو بطريقتهم الصوفية، بعيدا عن التدافع الدنوي والأغراض الضيقة، ولا يجعلونها وسيلة للريع والكسب وتحصيل الامتيازات كما يفعل الآن في المغرب الكثير من المنتسبين للزوايا والأضرحة وأصحاب بطاقة "شريف"، عوض بطاقة "المواطن".
  ————————–
أعيدت الحلقة مساء الأربعاء 5 شتنبر

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

لا يحق لبنكيران رئيس الحكومة أن يستجدي باسم الشعب


لا يحق لبنكيران رئيس الحكومة أن يستجدي باسم الشعب

مصطفى لمودن
 جاء في جريدة "المساء" ليوم الاثنين 3 شتنبر أن "رئيس الحكومة" السيد عبد الإله بنكيران يستنجد بملك السعودية لخروج المغرب من الأزمة.. ومن الغرائب أنه "استعرض أمام الملك السعودي الوضعية الاقتصادية المتأزمة التي يعيشها المغرب، وركز على بعض النقاط المتعلقة بارتفاع أعباء صندوق المقاصة وتفاقم عجز الميزانية والعجز التجاري". كما جاء في القصاصة الصحفية المشار إليها.. مزيان!
بأي حق يعرض رئيس الحكومة المغربي بهذه الطريقة قضايا وطنية على العاهل السعودي؟
ثم لو أن هذه الدولة تساهم باستثمار محايد، فتضع المشاريع التي تذر عليها الربح (وهذا من حق كل مستثمر) وتشغل الناس وتخلق قيمة مضافة.. لكن السعودية لا تستثمر لوجه الاستثمار فقط.. حسب عدة قرائن تبحث عن الطرق المناسبة لدعم نشر "الوهابية"، وهي وجهة نظر خاصة لوضع مقاربات تهم الدين والمجتمع.. منذ خرجت الوهابية وهي ضد المخترعات والعلوم الحقة، وضد الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وهي تحاصر المجتمع وتحد من تطلعاته بكل الطرق الممكنة، بما في ذلك العنف المادي، وجلد المخالفين بالشارع العام، وقمع المرأة، ومن أدوات ذلك ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. إن "وهابيي" السعودية يدعمون من يسير في فلكهم، ولعل "حركة التوحيد والإصلاح" التي يتبع لها "حزب العدالة والتنمية" قد تكون من هؤلاء.. فإذا كان لهؤلاء مساهمة في الاستثمار فلا يكون على حساب التدخل في شؤوننا الداخلية، نحن منفتحون على العالم، وكل من أراد أن يستثمر فأهلا به..كما نرحب نحن المغاربة بكل الضيوف من ملوك ورؤساء حلوا بالمغرب، ففي هذا شرف لنا.
 ثم لماذا لا تتوجه حكومة بنكيران لمشكلة الفساد والتبذير في المغرب؟ لماذا لم تقرر استرجاع الأموال المنهوبة؟ لماذا لا تضع خطة مكشوفة أمام الشعب لمعالجة ملفات الفساد المتوفرة سواء التي أنجزتها فرق تقصي برلمانية أو التي قامت بها مجالس الحسابات؟
ما يلاحظه المواطنون هو أنه يوما عن يوم تبدو الحكومة ورئيسها عاجزين عن ملامسة بعض الملفات، والسيد بنكيران يرى كل يوم "سلطته واختصاصاته" تتآكل وهو وصحبه صاغرون.. وأخيرا بصفتي مغربيا أتساءل عن كيفية قبول السيد بنكيران القيام بالعمرة (الحج) على حساب السعودية وهو رئيس الحكومة المغربية "المنتخب" كما جاء في الصحف قبل أيام.. لو كان خارج الحكومة وتلقى الهدايا من أي جهة (في إطار القانون)، فذلك شأنه.. أما وهو في الموقع الذي فيه، فغير مقبول منه ذلك.. وفي الدول الديمقراطية التي يحترم مسؤولوها أنفسهم، مجرد الهدايا كيفما كانت يضعونها رهن مصالح الدولة..
 علاقة بنفس الحزب الذي يترأس الحكومة، فمازال منع نشاط شبيبي تابع لنفس الحزب في طنجة يثير بعض اللغط.
فقد جاء في بلاغ صادر عن وزارة الداخلية حول منع "المهرجان الخطابي" الذي كان من المقرر أن تنظمه شبيبة حزب "العدالة والتنمية" في طنجة أنه تم تبليغ رئيس الحكومة بذلك من قبل، لكنه تصرف كرئيس حزب، والأغرب أنه لم يخبر شبيبته، ما يعني أنه أراد أن يطلع إلى الجبل.. وقد قرر ترؤس المهرجان بنفسه، كما بلّغ والي جهة طنجة الوزير نجيب بوليف من الحزب نفسه، لكن هذا الأخير قدم لقناة "الجزيرة" رأيا آخر، مفاده أن هناك جهة ما ضد حزبه.. ومن المعلوم أن طنجة ستعرف انتخابات برمانية جزئية في دائرة طنجة أصيلا نتيجة إلغاء المجلس الدستوري ثلاث مقاعد تعود لهذا الحزب.. وهو يسعى لاسترجاعها، حتى لا يعني ذلك "كبوة" له وعقابا من الناخبين، خاصة أن ذلك قد يستغله الخصوم ضد "العدالة والتنمية" في الانتخابات الجماعية المقبلة.
 لهذا بغى يحيح في طنجة في دعاية انتخابية قبل الأوان كما صرح بذلك مسؤول من حزب منافس.. ويعتبر بيان الداخلية أن نشاط "العدالة والتنمية" الممنوع كان سيخل بشرط التنافس الانتخابي .. وأضاف البيان أنه كان هناك اقتراح على الحزب كي يغير مكان المهرجان، لكن قوبل ذلك بالرفض..

المثير هو أن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وأمينه العام هو رئيسها الفعلي، مما يجعل بقية الوزارات كالداخلية تحت "سلطته"، فماذا وقع بالضبط؟ إما أن رئيس الحكومة لا سلطة له، ولا يطبق ما منحه إياه الدستور رغم علاته، وإما أن هناك محاولة لاستغباء الشعب، وإظهار هذا الحزب في موقع الضحية، لاستدراج العطف والتغطية عن قصوره المتتالي في حل عدة معضلات اقتصادية واجتماعية..
———— 

الاثنين، 27 أغسطس 2012

قصّ في العاصمة قصاصون ينزلقون على جبهة الرباط


قصّ في العاصمة
قصاصون ينزلقون على جبهة الرباط


 
مصطفى لمودن
بدعوة ومن تنظيم الشاعرة عزيزة رحموني التقى مجموعة من كتاب وكاتبات القصة يوم السبت 25 غشت 2012 بالرباط، حيث قرؤوا بالتابع شذرات من إبداعاتهم القصصية، احتضنت اللقاء إحدى قاعات مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية.. 
من آفاق مختلفة على مستوى التصورات، ومن ذوي تجارب متباينة، ساهمت الأسماء التالية:
ـ  الأديب والكاتب المتميز عبد الحميد الغرباوي من البيضاء
ـ الكاتب مصطفى لكليتي من القنيطرة
ـ 
زوليخة موساوي الاخضري/القنيطرة
ـ محمد ايت حنّا/ سلا
ـ كريمة دلياس/البيضاء
ـ حسن خرماز/تيفلت
 ـ رشيدة فقري/ تيفلت
ـ محمد البلبال بوغنيم/تيفلت
ـ علي بنساعود/فاس
ـ مصطفى لمودن/سيدي سليمان
استمع الحاضرون للقراءات القصصية، كما ترنمو بمعزوفات على العود أو عزف مصحوب بشدو راق للعازف والشاعر الغنائي بن بورحيم القادم من سلا، أدار اللقاء باقتدار وأناقة الشاعر عبد الحميد شوقي من تيفلت، وقد أثار نقطة للنقاش متسائلا عن "أصالة" القصة القصيرة جدا (الأقصوصة) في الأدب العربي، والتي يرجع البعض إخراجها إلى أمريكا اللاتينية حسبه، لم يوافقه الرأي عبد الحميد الغرباوي، وهو يرى أن الأدب العربي القديم يتضمن إشارات إلى هذا النوع من الحكي، وكتاب أمريكا اللاتينية يقرؤون الأدب العربي ويستفيدون منه على حد قوله.. بينما اعتبر الناقد محمد رمسيس أن النقاش والطرح بهذه الطريقة خاطئ، فلا يهم "السبق التاريخي" من وجهة نظره، ولكن الأساسي هو "السبق الإبداعي"، وتساءل عن إضافات المبدعين المغاربة على المستوى الجمالي.. الكاتب والناقد محمد آيت حنا، يعتقد أن هناك مغالطات يجب التوقف عندها، منها القول بأن "ألف ليلة وليلة" التي ترجمت باكرا، هي ما يمثل الأدب العربي في الغرب، وهو يعتبر أن الجاحظ مثلا هو من يجب أن يساق كنموذج..
وتجدر الإشارة أن السيدة عزيزة رحموني تنظم مثل هذه القراءات بشكل تطوعي، ولا تتلقى أي دعم، باستثناء استعمال إحدى القاعات بمؤسسة محمد السادس مجانا كما قالت في حديث على الهامش.. كما يتنقل الكتاب والكاتبات على حسابهم ولا يحصلون حتى على شرفة من كأس شاي.. لكن الأهم هو التواصل والتعارف والاستماع عن قرب للتجارب الإبداعية، وقد لوحظ أثناء اللقاء تبادل القصاصين والقصاصات لكتبهم فيما بينهم، وهم بذلك يساهمون في "إشعاع" الأدب المغربي في ظل أزمة خانقة تهم النشر والتوزيع والمقروئية.
ينزلق على الجبهة العرق أو العار..
مع الأولى تكون الحياة بلا شماتة..!!
وفي الثانية يكون الإهمال بلا التفاتة..!!
  

الأربعاء، 22 أغسطس 2012

باحث تربوي يدعو إلى مقاطعة التعليم الخاص… ويتهم الجمعيات ب"الاعتياش".


باحث تربوي يدعو إلى مقاطعة التعليم الخاص… ويتهم الجمعيات ب"الاعتياش".
حميد هيمة
وجه الباحث التربوي "حسن اللحية"، أستاذ مؤطر بمركز التوجيه و التخطيط، "نداء" إلى الأسرة التعليمية يناشدها فيه بـ" الكف عن الاشتغال في المؤسسات الخصوصية"، كما يناشد الفئة المذكورة بمقاطعة تدريس أبنائها في التعليم الخاص باعتباره وجه للأزمة البنيوية للمسألة التعليمية في المغرب.
واتهم الباحث التربوي، المعروف بانتقاداته للارتجال التربوي الذي اعتمدته الوزارات الوصية على القطاع، على صفحته في الفايسبوك، ما سماها بالجمعيات المدنية بــ"الاعتياش" من التعليم عبر عقد مجموعة من الشراكات للحصول على التمويل. كما هاجم بحدة ازدواجية النخب السياسية، في التعاطي مع التعليم، لعدم امتلاكها تصورا تربويا واضحا قادرا على إنقاذ المدرسة العمومية. و لم يفوت الفرصة الاستاذ بمركز التوجيه و التخطيط لتعرية المسكوت عنه للنخب السياسية التي توجه أبناءها نحو المدارس الخاصة و البعثات الأجنبية على أن يقذف بأبناء الشعب المغربي في مدارس أريد لها أن تكون قناة  لصناعة البطالة و للهدر الاجتماعي والنفسي، يعلق أحد المتفاعلين مع الموضوع في صفحته على الفايسبوك.
يأتي هذا "النداء" في سياق تنامي الانتقاذات الموجهة للدولة، بوصفها المسئولة عن القطاع، في تردي المستوى التعليمي بسبب اعتماد سياسة ممنهجة لإرهاق المدرسة العمومية و تقديم الامتيازات للتعليم الخاص، الذي لا يرى في التعليم إلا مصدرا للربح والاستثمار المالي على حساب الجودة و المردودية التربوية.
في سياق متصل، دعا العاهل المغربي، في خطاب ثورة الملك والشعب،  الاثنين 20 غشت الجاري،  إلى "إعادة النظر في …الطرق المتبعة في المدرسة٬ للانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه٬… إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين٬ وتنمية قدراتهم الذاتية٬ وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار٬ فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات٬ والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين٬ في التزام بقيم الحرية والمساواة٬ واحترام التنوع والاختلاف".
وتفاعلا مع الخطاب الملكي، الذي اعتبرته العديد من الفعاليات التربوية انه نعي ل" المخطط الاستعجالي" الذي صرفت من اجل بلورته و تصريفه ميزانية ضخمة دون أن تحاسب الجهات الوصية على هدر المال العام و الزمن المدرسي .

من عجائب حزب البام: مصطفى بكوري أمين عام حزب "الأصالة والمعاصرة" عوقب بسبب انتمائه لهذا الحزب؟!


من عجائب حزب البام:
 مصطفى بكوري أمين عام حزب "الأصالة والمعاصرة" عوقب بسبب انتمائه لهذا الحزب؟!

ذلك ما ذكره رئيس المجلس الوطني لنفس الحزب حكيم بنشماس في استجواب بجريدة "المساء" يوم الثلاثاء 21 غشت 2012ـ عدد 1883، أجاب الصحفي الذي حاوره بقوله "وتتذكرون جيدا كيف أنه دفع الثمن ليس هينا لارتباطه بالحزب".. هذا من آخر العجائب التي يجب أن ترفع عنها الحجب، لقد جئ بالرجل ليتم إعداده على نار هادئة  ليكون "بديلا" ممكنا لرئيس الحكومة في زمن قادم.. فهل يقصد بنشماس "دفع الثمن" هو إزاحته عن رئاسة صندوق الإيداع والتدبير؟ علما أنه لم يكن منخرطا في ذات الحزب من قبل وفق شهادة بشماس نفسه.
عجائب بنشماس لم تتوقف عند ذلك، بل اعتبر حزبه ضحية لمناورات "الحزب السري"، وهو مصطلح يعود لما يفوق ثلاث عقود، يقصد به وزارة الداخلية ومن يدور في فلكها.. وهو يرد على ما سبق أن وصف به حسن أوريد هذا الحزب، حيث اعتبره صنيعة المخزن، وتلقى الدعم منه، وجرت تغييرات للعمال والولاة لخدمة هذا الحزب حتى حقق الرتبة الأولى في آخر انتخابات جماعية في 2009، هذا التصريح القوي والمفاجئ من "رجل آخر من رجالات المخزن"، يعلم خبايا الطنجرة وما يطبخ فيها، جعل أعضاء من حزب البام يردون بقوة وبألفاظ لا تليق في الجدل السياسي كما فعل إلياس العماري على سبيل الذكر…
في استجوابه أثار بنشماس الانتقادات التي وجهت إليه حول "غش انتخابي" في جماعة يعقوب المنصور بالرباط وحول انتخابه للصعود إلى مجلس المستشارين، ونفي ذلك، وقد سبق لغريمه السياسي في نفس الدائرة الانتخابية محمد الساسي عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد أن أشهر أثناء برنامج تلفزي مباشر ورقة انتخابية موقعة تؤكد حسبه حدوث تلاعبات في الانتخابات، ودعا إلى إجراء تحقيق في الموضوع، وهو ما لم يقع من حينه..
سيظل حزب البام يحمل في جوفه "لوثة" اسمها الخروج من رحم الإدارة والمخزن رغم كل المحاولات البائسة لنفي ذلك.

السبت، 18 أغسطس 2012

ملهاة الفضـة مأساة الرصاص قراءة في المجموعـة القصصيـة "نزيل في التراب" لمؤلفهـا: مصطفى لمودن.


 ملهاة الفضـة مأساة الرصاص
قراءة في المجموعـة القصصيـة "نزيل في التراب"
 لمؤلفهـا: مصطفى لمودن.
 
بقلم: جمال الديـن حريفي
حين يستطيع القارئ أن يقيم ألفـة ما، حميمـة وغير مصطنعـة، مع عمل إبداعي ( نزيل في التراب بالنسبة لحالتنا ) يكون الكاتب قد نجح فعلا في جذبـه إلى عالمـه ورؤاه وسلب لبه بقصصه وحكاياه. وفي غمرة انتشائـه بسحر القصص والحكايا، يكون القارئ أيضا قد انخرط في ذلك العالم الخفي، حيث ينسج الكاتب الأحداث ويرسم الشخوص، ويقيم بناء المعمار السردي لبنة لبنة، من عبارات وجمل بهيجـة متألقـة.
في غمرة انتشائـه ذاك بسحر الحكايـة، يجد القارئ نفسـه متعاطفا مع الشخوص، متأثرا بالأحداث، متفاعلا مع المواقف.. فقد استطاع الكاتب إثارة اهتمامـه، وإيقاظ همتـه للانشغال ببعض قضايا الناس والمجتمع، وهذه واحدة من المهام التي لا يزال على الأدب أن يضطلع  بها في مجتمع يصبو للحريـة والكرامـة وإن كان لا يزال بعد يحبو نحو عصره مطأطأ الرأس دامي الركب.
وإذا كانت الأعمال الإبداعيـة التي ترقى إلى هذا الدور، وتوفق فيه، قليلـة كأعز ما يطلب، فإن نزيل في التراب واحدة منها. فما إن تسلس القياد لدفق حكاياتها حتى تسلمك إلى عالم مألوف لديك، بفضاءاته وشخوصـه ووقائعـه وأحداثـه، فالأمكنـة هي نفسها التي يعرفها المغربي ابن البلد، سليل الطين والتراب، ابن حر الصيف وبرد الشتاء، حارس بيض السمان وأعشاش الحجل، ابن السنابل والمنجل و ابن الكد والجد وبذل الجهد من أجل خبز الأولاد ودفاترهم. والشخوص / الأبطال هم أنفسهم، أهلنا وناسنا، جيران وأصدقاء، أو مجرد عابرين لخط الأفق. الأمر الذي يجعلك  تقتنع بأن الكاتب لم يتسلل إلى الواقع المغربي من الشقوق والأثلام، كما يحصل مع أولئك الذين يرصدون المجتمع من أبراجهم العاجيـة وبنظارات مستعارة .. الكاتب، عكس هؤلاء، يعرف مغربـه العميق والبسيط والحقيقي، ويكتب عنه بصدق من يشغلـه حالـه ومآلـه، كما أنه ليس من تلك العينات التي تقبل على الكتابـة مدججـة بترسانـة من القوالب النقديـة والفنيـة، تريد أن تحشر الواقع فيها حشرا، فتحجز حركتـه، وتكسر ألقه وتحجر على صوتـه وكلمتـه. ولا هو أيضا من تلك  العينات التي تندلق الهلاوس من أقلامها فتفيض بما فاضت به مكبوتات الأنفس من الهوس والعقد. الكاتب يستشعر ثقل مسؤوليـة الانتماء إلى المجتمع، ويعبر عن ذلك بأمانـة، كأحسن ما يكون التعبير الأدبي عن قضايا المجتمع. بدء بعنوان المجموعـة "نزيل في التراب" إنه نزيل الحكاية، يحمل هم أهلـه،  وينطق بلسانهم كما لو أنهم يكتبون عن أنفسهم وينطقون بألسنتهم، يجأرون بالشكوى ويحكون الآلام والأحلام، و الخيبات والإخفاقات.. وبعض الأماني التي يستحيل تحقيقها.
ينحاز الكاتب إلى الفقراء والمظلومين والمحرومين وينحاز إلى العمال الزراعيين وصغار الفلاحين والموظفين البسطاء انحيازا إيجابيا، لا مكان فيه للكليشيهات المتوارثة عن زمن"الواقعيـة الاشتراكيـة" ، إذ ليس هم الكاتب أن يعلن عن موقف أو يرفع شعارا، وليس همه أن يتهم جهـة أو فئـة أو طبقـة ويدافع عن أخرى، وليس همه أن يدين أو يستنكر أو يحتج أو يشجب تصرفا أو سلوكا، وإنما همه أن يقدم عملا إبداعيا أصيلا وحقيقيا مستوفيا لجماليـة الإبداع وشروط الأدبية ومبدئيـة الالتزام والانحياز، إنه يجيد تصريف الرؤى الفكريـة من خلال العمل الإبداعي دون أن يسقط في المباشرة.
الكاتب لا ينبش أو يفتش في قعر البئر الاجتماعي عن حثالـة ما يعرض أمراضها وعاهاتها استجداء لرضا صنف من القراء واستدرارا لعطفهم أو تعاطفهم. كما أنه لا يرفع إلى الأعلى كؤوس أنخاب المرفهين ليتملى بطلعة قشدة المجتمع أو رغوتـه أو يتسلى بأعطابهم الخاصـة تشفيا وانتقاما، فتلك فقاقيع لا مصير لها إلا مصير الزبد، ومن حقـه أن يفعل ذلك إذا شاء – وقد يشاء ويقدر – ولكنه يفضل انسجاما مع اختياراته الأدبيـة والفنيـة أن يكشف للناس ما ينفع الناس، فينطق بلسان نساء في مهب العواصف والرياح، ورجال متشبثين بالجذور، وبلسان أصحاب الجلابيب وأصحاب السواعد .. أصل المجتمع وقاعدتـه وطمي أوديته وصهارة بركانه.
وإذا كان الصبح الجميل يبشر بالنهار الجميل، مثلما يحمل الخطاف تباشير الربيع فكذلك  المجموعات القصصية الجيدة تعرف بمجرد رفرفة أجنحة خطاف قصتها الأولى، فنجد أنفسنا في القصة الأولى من أعمال المجموعـة أمام نساء يزاحمن الرجال في محطات الحافلات بالمدن المنسيـة من كل تنميـة، يتصيدون زبونا للمبيت في ضيافـة  نساء/بضاعة، نساء يبعن النساء ويتاجرن في فقرهن، نساء يكسبن لقمـة القوت من عرق الجبين المنزوع الكرامة والفخذ المغسول بماء المهانة.
يعبر السارد بيت الأجساد وينصرف.
وعليه الآن أن يشهد ويعترف بأن ما يراه هو أيضا وطن. وطن من أفخاذ تزاحم الأفخاذ … وفي الخارج تلمع الشهب الاصطناعيـة في سماء حالكـة.
تقول العجوزـ في القصة الأولى ـ : "أنتم أولاد اليوم لا تفهمون .. أنا من يعيلني، وهي من يعيلها ؟ والأخرى … والأخرى من يطعمها .. والأخرى والأخرى."
هي حالات / ظواهر .. عينات من واقع اجتماعي.
ثم تتوالى القصص .. يتعاقب الشخوص / الأبطال .. وتأتي الأحداث تترى مضيئـة في طريق سيرها وسردها الأركان المظلمـة، والزوايا الخفيـة لحيوات متروكة للنسيان.
شخوص أبطال .. معطوبو حرب طبقيـة مستدامـة، يقاومون النسيان.
شخوص / أبطال يبحثون عن مخرج بأقل الخسارات، ويفكرون في الكرامـة وحفظ ماء الوجه قبل أي شيء آخر.
عائشـة الهاربـة من طلاقين إلى معامل النسيج، أحمد الهارب من كماشـة القروض، طالب امعاشو العائد إلى بيت العز والشرف، البطل الرياضي، الموطن البسيط، النقابي المتعفف المستنكف عن الصدقـة، المعطي حارس شجرة الأسلاف، رحمة صاحبة الدجاجات وغيرهم…
أبطال مصطفى لمودن إيجابيون، مكافحون، منفتحون على الحياة، صامدون في وجه العواصف، يملكون كحد  أدنى وعيا جنينيا بأوضاعهم، وكحد أعلى وعيا مكتملا وناضجا بالمخارج والحلول.
ذلك هو شأن السارد مثلا في القصـة  المذكورة آنفا  ، إذ يخرج إلى الأفق الحالك لمدينـة بلا أفق، تتعثر خطاه بين أجساد شبه عاريـة وشعور مسدولـة، وسيقان تلمع .. لقد سقط سهوا في بيت للدعارة، لكنـه يغادر المكان دون شبهة نزوة، ولا تفكير في انتهاز لذة محرمـة تزفها إلى غرفتـه العجوز متوسلـة، لقد اكتفى بعرض الحال، واعترف.
 وعلى القارئ أن يفكر ويتأمل الوقعـة، القصـة مرآة  للحياة، مرآة للحقيقـة، ولذلك فهي لا تصف غير ما يقف أمام جهها، بلا تزييف ولا تشويـه ولا تزوير.. وليس هدف الكاتب أن يصور العاهات ويستدر العطف، وإنما هدفـه أن يشخص الأعطاب والأمراض، فالجنس في بيوت الدعارة ليس جنسا اختياريا ولا جنسيا طوعيا، إنه جنس تحت إكراه وذل الحاجـة، إنه ليس فقط فاكهـة محرمـة .. بل هو على الأصح فاكهـة فاسدة.
 لقد كان السارد إيجابيا في موقفـه من واحدة من أكثر الجراح إيلاما في جسد المدينـة / المجتمع / الوطن.
قـدم شهادتـه وانصرف.
أما في القصـة الثانيـة من المجموعـة  فيجترح الكاتب أسلوبا سرديا يزاوج بين جودة تقطيع الأحداث وتعاقب المشاهد وحسن توزيع الزمن – ماض/حاضر- ليرسم مسار انعتاق امرأة وكفاحها من أجل بناء حياة من اختيارها. فعائشـة بطلـة القصـة تهجر بلدتها مخلفـة وراءها ماض أثخنها بالجراح .. وهي البريئـة الغرة الساذجـة لم تكن إلا صبيـة ممزقـة بين طيبة الأب ورقتـه وتسلط الأم وانتهازيتها، أم اتخذتها سلعـة وباعتها مرتين.. زيجتان فاشلتان.. عاشت المرأة الفتاة الضحية فريسـة بين مخالب وأنياب الزوج الأول، ثم عاشت خادمـة في بيت الثاني، انصرف الأول عنها لما أرهقته الأم بالمطالب، وطلقها الثاني لأنها لم تنجب، فطلقت عائشـة طفولتها وهجرت بلدتها لتبحث عن أفق جديد لحياتها، يكون هذه المرة من اختيارها وصنعها، في مدينـة تلتهم الأجساد، مدينـة غابـة بلا نهايـة، ولم تسقط .. لم تختر الطريق السهل، ولم تعرض لحمها للبيع في دكاكين باعـة اللحوم، ولا في مطاعم أكلتها، لم تدخل المقاهي الرخيصـة ولا البارات النتنـة .. لم تشمر على فخذيها وإنما شمرت على ذراعها  وشرعت في العمل .. قصدت معامل النسيج لتشتغل ..تعمل وتكسب رزقها خير لها من كل شيء … تحصل على مال من عرق الجبين وتعشق القراءة والأناقـة.. ولا تحمل في صدرها غلا لماضيها، ولا تفكر في التفريط في والدتها.
وكذلك الأمر بالنسبـة لطالب معاشو / عامل الموقف، فهو يعي مأساتـه بكل أبعادها وهو قادر على تشريحها بكامل عناصرها، وبالنسبـة له فقانون السوق الهمجي كقانون الغاب لا يرحم الضعفاء. وهو مجرد طالب معاشو / يعيش حربه ويخوض معاركـه التي لا تنتهي  مع الرزق والخبز والمرق، تطارده الضروريات من متطلبات الحياة –الزيت والسكر والدقيق-  تقتحم عليه صحوة نهاره وغفوة نومه، وتتحالف ضده نفقات الطفلين، وفواتير الماء والكهرباء. أيامـه لفحات من صهد الانتظار تشوي اللحم ويتفصد لها الجسد من العرق، الانتظار في الموقف ولوك الكلام في السياسـة والتعاسـة والرياضـة، وكل ما يطالـه اللسان من رغبات صغيرة، وأحلام موؤودة مع أشباهـه من طلاب العيش.
ثم تأتي نساء لتنخرطن في العمل إلى جانب الرجال، ويأتي الشباب المفتولو السواعد، وتضيق المساحـة على من صار في مثل سنـه ووهن عظامـه. يضطر للصبر على برد لا يرحم، والصبر على السب والشتم طوال اليوم. فعلى مدار اليوم يمتهن كرامته الجيرا(مسير الضيعـة) مسبوقا وملحوقا بالشافات الصغار .
الصندوق الحديدي مربوط إلى الظهر، مملوء بعناقيد العنب، وهو وغيره من الحمالين يفرغون الصناديق في الشاحنات، تبدو العاملات وهن يجنين العنب كالنمل الصغير منتشرات في الحقول من أجل جمع أكبر قدر من المنتوج ونقلـه للمعاصر، ليجني صاحب الضيعـة أرباحا لا يصلهم منها شيء.
يعرف طالب معاشو هذا / عامل الموقف، بعد أن انتهى به المطاف في حقول العنب قادما إليها من أعمال شتى لم تعد تقبل به، بأنه ضحيـة سوق همجي لا  يعترف بالضعفاء ولا يرحمهم، ولذلك فهو يعود إلى بيتـه المتواضع مساء/يعود إلى حضن أسرتـه، بكامل شرفـه ونخوتـه وعزتـه.
 إنه يعرف.
القصـة إذن تشريح دقيق لواقع العمال  الزراعيين في ضيعات الأسياد الجدد. هي قصـة عبيد العصر الجديد، عبيد السوط والحديد وقيود الضروريات وشروط السوق.
وفي هذا السياق نفسـه الذي يمجد كفاح وصبر وإيجابيـة الفئات السالفـة، تندرج ثلاث قصص أخرى، تستلهم محنـة الفلاحين الصغار، في مواجهـة قساوة الطبيعـة، وشظف العيش، وكماشـة القروض، وتواطؤ الإعلام والسلطـة والأعيان، وتقدم تشريحا آخر، دقيقا وافيـا ومستفيضـا لأحوال الباديـة ومآسي ساكنتها. إنها على التوالي "عين على المهزلـة" ثم "الثعبان والبيض المسلوق" ف "الجذور والعاصفـة".
ففي "عين على المهزلـة" يجيد الكاتب صوغ معاناة الفلاحين الصغار في قالب قصصي شيق، يفضح تحالف "الإعلام والسلطـة والأعيان" ضد البسطاء الذين تنقصهم الحيلـة وذات اليد، فالإعلام يحابي السلطة و يمشي في ركابها ، يتقدمها ليقرع الأبـواب ويرفع صوتـه ليصك الآذان بأبواقـه القديمـة (البراح في الأسواق) ويأخذ بالأنفاس ويبهر العيون بمباخره ومراياه الحديثـة (الكاميرات). والسلطـة تمالئ الأعيان وتخدمهم، إذ يتم ادعاء تنظيم مسابقـة في الحرث يحشد لها الجميع، فتولم الولائم، وتبسط الفرش والزرابي، ليكتشف الفلاحون المساكين بأن الأرض الوحيدة التي تتنعم بالحرث هي أرض كبير الفلاحين، لم تكن المسابقـة إذا إلا خدمـة مجانيـة يقدمها المسؤولون الكبار للفلاح الكبير تحت أعين الكاميرا التي تتمسح بأقدام الوفد ككلبـة مطواعـة.مسؤولون  مستكبرون يعافون طعام الفقراء ويدوسون زرابيهم بأحذية متعجرفة .. حينها .. وقد انكشفت الخدعـة .. يتصدى الفلاحون الصغار للمهزلـة، لا حل غير الرفض والاعتراض، وطرد الوفد والكاميرا التي تمشي في ركابـه.
أما قصـة الثعبان والبيض المسلوق، فتترسم خطى الشقاء والعوز التي ستقود واحدا من هؤلاء الفلاحين إلى الهجرة من باديتـه الرؤوم، إلى مجهول المدينـة، بحثا عن كرامـة مفتقدة، له ولأبنائـه. فبين مطرقـة القروض وسندان متطلبات العيش وقساوة الطبيعـة، لا يبقى للفلاح الصغير من حل غير بيع ما تبقى يربطـه بالقريـة ومغادرتها، تاركا وراءه مهجتـه وعقلـه، حاملا معه قوة الساعد، ليرفع بها عمارات جديدة للمستثمرين في هواء الأرض، بعد أن استثمروا في ترابها. ويأوي هو والأولاد إلى كوخ من قصدير ومتلاشيات يسد بها ثقوب الرئـة والبطن والحياة.
وبدل الهجرة وترك الأرض نهبا لمن يدفع أكثر من المستثمرين في الإفلاس، يقدم الفلاحون في قصـة "الجذور والعاصفـة"  درسا قيما في ثمار التعاون والتضامن، وفي التصدي  للذين يسعون لتطهير الأرض من أهلها الأصليين، أو في أحسن الأحوال تحويلهم إلى رقيق لسادتها الجدد. لقد قرروا الصمود في وجه العاصفـة التي اجتاحت قريتهم لتقتلعهم من الجذور .. ومن بينهم تبرز شخصيـة المعطي، الذي يلهمهم الحل  فيلمهم حول شجرة  الأسلاف، ويشترط عليهم عدم اقتلاعها، فهي رمـز وحدتهم وتحديهم وهي رمز استمرار المكان مزهرا منورا بأهلـه.
هي ثلاث قصص إذن، متكاملـة، حتى وإن كانت كل واحدة منها تنفرد بموضوعها وأحداثها، ثلاث قصص تقترح كل واحدة منها اختيارا معينا على الفلاحين الصغار لمواجهـة معيشهم وضمان الاستمرار، فإما خلع جبـة الاستكانة والرضا بالمهانـة، وهو اختيار القصـة الأولى حين يجعل الفلاحين ينتفضون ضد من يستغل بساطتهم ويسخر من براءتهم، ويحتجون ضد تسخير الإعلام وتوظيف السلطـة في خدمـة الأعيان.
وإما حمل ما تبقى من متاع ومغادرة القريـة، وهو الاختيار الذي تقترحـه القصـة الثانيـة التي تجعل أحمد الفلاح ينهزم أمام ضربات الطبيعـة المتتالية القسوة وتكالب القروض ومتطلبات الحياة.
وإما التشبث بالجذور وإنشاء تعاونيـة من أجل المحافظـة على الأرض وحمايـة شجرة الأسلاف، وهو اختيار / اختبار القصـة الثالثة.
والعجيب في هذه الاختيارات / الاختبارات، هو أنها تكشف لنا  عن أن الفلاحين الصغار كلما كانوا مجتمعين متحدين، انتصروا لكرامتهم ووجدوا حلا لمشاكلهم ..وكلما واجهوا مشاكلهم منفردين، هزمتهم الظروف واقتلعتهم من جذورهم، ورمت بهم في الآفاق الحالكـة، بعيدا عن مجد الاستقرار في الأرض والانتفاع بسخائها.
وليس من المهم أو الضروري أن يكون الكاتب قد قصد إلى ذلك وتعمده، لأن دور القراءة المنصفـة هو أن تكشف عن الخيط الفكري الناظم للنصوص.
ثم إن محاسن هذه التجربـة الإبداعيـة للكاتب مصطفى لمودن لا تقتصر على إعادة الاعتبار للباديـة وأهلها وناسها ومآسيها – وهو أمر لا تحظى به البادية إلا في القليل من الكتابات – بل تتخطى ذلك لتخرج بنا من الفضاءات المألوفـة والسبل المسلوكـة في القول إلى مناح أخرى، تلوح بأيديها من تحت الماء لكتابـة وتعبير يذهب بالمجاز إلى حدوده القصوى، حيث يشف ويرهف ويخف ، حتى لا يبقى بينـه وبين الواقع حجاب.

فيفاجئـك بقصص لا يكسو فيها المجاز الواقع إلا لكي يجلوه أكثر ويكشفـه ويوضحـه. مثلما تكسو قشرة الفضـة كأس الرصاص.
ففي قصـة "الكأس المستنسخـة" يفاجئك الكاتب بمفارقـة الفضة والرصاص. وهي استعارة جميلـة ونافذة، يفضح من خلالها القيم المبتذلـة لمجتمع يحتقر مسؤولوه كل طموح وكل نجاح ويستصغرون أبطالهم ويسخرون منهم سخريـة قاتلـة سوداء. مشرفون ومدربون ومسؤولون يهتمون بالواجهـة، ويعمدون إلى قلب الحقائق وتزييف الوقائع، بلا حياء ولا خوف، ولا خجل من أن تكون حقيقـة أعمالهم مكشوفـة للجميع. إنها قصـة فتى رياضي يكتشف ( وهو يستنسخ عند صديق سباك، الكأس التي فاز بها من أجل أن يحتفظ هو بالأصل ويسلم النسخـة لرئيس الجامعـة الرياضيـة) بأن جميع الكؤوس مستنسخـة إنها مجرد رصاص مطلي بقشرة الفضـة، لقد طوحت الأيام بالفتى بين المعطلين فأضرب واعتصم وانتهى به المطاف مصورا صحافيا يغطي الأحداث الرياضيـة، وذلك ما جعلـه يكتشف هذه الحقيقـة الخطيرة، كل الكؤوس مزورة، مجرد رصاص مطلي بالفضـة، حتى الكأس التي يحتفظ بها تحت رعايـة جدتـه . والتي اعتقد بأنها أصليـة و من معدن مختلف عن الرصاص، ليست كأسا حقيقيـة من فضـة.
لا حقيقـة إذن لما يراه الناس، كل صورة جميلـة ليست إلا قشرة لقالب من القبح والذمامـة .. وحلقات الزيف والغش مستمرة بلا نهايـة .. لا بد من مطرقـة لنقر كل الكؤوس كي تفصح عن معدنها، وكي تسقط قشرة المظاهر التي تخفي الواقع الفعلي عن أعين الناس.
إذ حين تسقط قشرة الفضـة تظهر حقيقة الرصاص.
ومثلما يفاجئك الكاتب بتقشير رمانـة الواقع، وكشف التدليس والمكر والخديعـة، وفضح المظاهر الزائفـة من خلال نقر كأس القيم المستنسخـة، يفاجئك أيضا وهو يفرد أجنحـة الخيال ويحلق فوق نهر واقع آخر أكثر حضورا في المسارات المختلفـة من حياة الناس، واقع  الأمل والحلم، ومسارات أفراد وجماعات يتشبتون بالأول ويسعون لتحقيق الثاني.

 يحلق الكاتب فوق نهر واقع مختلف ويقرأ على لوح الماء حيرة السؤال فوق شفاه الشهود، ممن حاولوا عبوره.

أيكون نهر الواقع مجرد وهم في مرآة المجاز؟.
وهل يجب أن نصدق روايات الشهود ؟ وبأيـة روايـة يجب أن نأخذ ؟ هل حقا تم عبور النهر ؟ ! وأين مضى الذين عبروه ؟ ومن كان يقودهم ؟ وما الفرق بين من كروا و من فروا، ومن نجوا ومن هلكوا، إذا كانت الحمى تفترس الجميع وتقودهم إلى الهذيان الذي يجعلهم ينكرون حتى أنفسهم، ولا يعرفون هل حقا كانوا أم لم يكونوا؟ .. وهل الذين ظنوا بأنهم عبروا قد عبروا فعلا نهر الواقع أم نهر الأوهام؟ وهل لا زالت رؤوسهم فوق أكتافهم أم تكسرت على الصخرة الوحيدة العتيدة التي تغرس أقدامها بعيدا في بطن النهر.
هكذا هي قصص مصطفى لمودن ، أو هكذا تبدو لي أنا على الأقل ، وليس ماتناولته منها غير غيض من فيض الحقيقة والخيال والواقعية الجريئة الصريحة والمجاز القابل لكل تأويل .
إن المجموعة القصصية ـ نزيل في التراب ـ تشهد لصاحبها بأنه كاتب مقتدر، ينصت لنبض الحياة بقلب الشاعر، وينظر إلى الواقع بعين الباحث الاجتماعي، كما يمتلك قلمه ما يكفي من الذكاء الإبداعي لحل معادلة التوفيق بين متطلبات الأدب وشروط الالتزام الاجتماعي.
إن الزمن الحقيقي للقصة لا يبدأ إلا حين ننتهي من قراءتها.
فهنيئا للكاتب وللقراء بهذه المجموعة.

جمال الدين حريفي
القنيطرة: 14/08/2012

******************* 
الهوامش: 
*الأستاذ مصطفى لمودن: كاتب ومدون وفاعل جمعوي وحقوقي.
من مواليد مدينة سيدي قاسم.
يكتب القصة والمسرحية والمقالة الاجتماعية والسياسية.
نشرت له عدة منابر وطنية.
 يصدر مدونة سيدي سليمان وله حضور وازن في الكثير من المواقع الإليكترونية.

*نزيل في التراب: مجموعة قصصية ، الطبعة الأولى 2011 /لوحة الغلاف من فيضانات 2010بمنطقة الغرب/ صدرت عن التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع/ مطبعة rabat net maroc
* (ملهاة الفضة مأساة الرصاص) تحوير لعنوان قصيدة للشاعر الكبير محمود درويش
(مأساة النرجس ملهاة الفضة)
*نزيل في التراب تضم القصص التالية:
ـ نزيل في التراب /تاء التأنيث المتحركة: عائشة غير السعيدة / حالة: فاصلة من حياة مواطن/ عين على المهزلة / لماذا تلوح فقط؟ / تاء التأنيث المتحركة / حيرة / الشباك الآلي / الثعبان والبيض المسلوق / الكأس المستنسخة / المعروف على الرصيف / الجذور والعاصفة / هروب الحاكم .
قصص قصيرة جدا ( دجاج أمي رحمة / الفايس بوك / تكشيطة / حالة صغيرة / المسابقة / الحلزون رجل ـ عفوا حشرة ـ السنة / متصفح / بطاقة / شظايا / شواظ/ شجن )
——————-