السبت، 16 يناير 2010

كيف تحول سهل الغرب الفسيح إلى بحر!


 كيف تحول سهل الغرب الفسيح إلى بحر! 
السورة لجانب من سهل الغرب وقد غمرته المياه في منتصف يناير 2010
امتلأت كل المجاري عن آخرها، والسدود فاضت، وأغلب الحقول مغطاة بالمياه.
(للمزيد انظر الموضوع السابق)


الجمعة، 15 يناير 2010

"الفيرمات" في منطــقة الـغــــرب وسؤال "من أين لك هذا؟"


"الفيرمات" في منطــقة الـغــــرب
وسؤال "من أين لك هذا؟" 
مدخل ضيعة فلاحية تكونت في العهد الاستعماري
 
سيدي يحي الغرب: حميد هيمة
تنفرد منطقة الغرب بخصوصيات طبيعية (التضاريس، المناخ، الشبكة المائية..) ملائمة لممارسة مختلف الأنشطة الفلاحية، وهذا ما تنبهت له السلطات الاستعمارية الفرنسية، في  مطلع القرن (20م). فشرعت، بتوظيف كل وسائل القهر، في انتزاع الأراضي من سكان المنطقة، ومصادرة المرجات؛ مستغلة "الفراغ" القانوني في شأن الملكية  العقارية. وحولت هذا الرصيد العقاري المصادر، بكل وسائل الترغيب والترهيب، إلى استغلاليات فلاحية كبرى تركز على الإنتاج التسويقي؛ الذي استهدف إشباع حاجيات الميتروبول من المنتجات الفلاحية.
 بعد حصول المغرب على استقلاله، في الظروف والحيثيات المعروفة، لم يتم مباشرة عملية استرجاع الأراضي التي كانت في " ملكية " الشركات الاستغلالية والمستوطنين الأجانب. وأجهضت المخططات الزراعية  الطموحة للحكومة الوطنية، التي قادها المرحوم " عبد الله إبراهيم ". و بفعل تضارب المواقف والتصورات بين السلطة الحاكمة والمعارضة، في شأن  استحقاقات مغرب الاستقلال، سيقت البلاد في آتون انتهاكات حقوقية ممنهجة على المستوى الفردي والجماعي. وبموازاة الانتهاكات السياسية المذكورة، فقد حصلت أيضا انتهاكات اقتصادية جسيمة؛ بحيث تحول بعض المغاربة المقربين من السلطة، بقدرة قادر، في سياق تفشي اقتصاد الريع، إلى ملاكين عقاريين كبار يحوزون أراضي خصبة وشاسعة. وبالمقابل، فإن الساكنة الغرباوية بقيت  محاصرة، كنتيجة للسياسة الاستعمارية، في مجالات ضيقة ولا تحوز إلا أراضي مجهرية.
 و السؤال الذي فرض، ويفرض، نفسه : كيف تحول البعض إلى ملاكين عقاريين كبار في منطقة الغرب؟ من الفئات المستفيدة ؟ و ما المعايير المعتمدة، آنذاك، في تفويت الأراضي  لهؤلاء الملاكين الكبار؟ إنها أسئلة، بصيغة استنكارية، موجهة لجميع الجهات؛ و في مقدمتها المنظمات الحقوقية المناضلة، والقنوات الحقوقية الرسمية.
و إذا كان المغرب، دولة ومجتمعا، عالج بذكاء ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على المستوى السياسي، فهل  يفتح ورش للتحقيق، بعيدا عن الجوانب الجنائية وعلى الأقل من زاوية التناول التاريخي، في ظروف وملابسات "استفادة " البعض من "وزيعة الفيرمات"، من مدخل الإجابة عن سؤال : "من أين لك هذا؟"
 إن تحقيق الإنصاف وجبر الضرر الجماعي، في ما يخص الانتهاكات الاقتصادية في المنطقة،  لن يكلف الدولة إلا  تعميق مسلسل التنمية البشرية؛ من خلال، مثلا، تفويت هذه الأراضي إلى السكان لاستغلالها  في إطار العمل التعاوني فيما  بينهم. وهو ما سيمكنهم  من تأمين خبزهم اليومي، وتكون الدولة بذلك قد أدت دينها في تنمية المنطقة وتأهيلها لتواكب إيقاع التطور كباقي مناطق المغرب.
قد يبدو هذا السيناريو حالما وغير ممكن في الحال، لكن الحلم والأمل هما الطاقة التي يتطلع عبرها الإنسان المغبون إلى المستقبل. وما هو مستحيل اليوم قد يصبح ممكنا مستقبلا، ودوام الحال من المحال.

———————-
موضوع مقتبس من :" الضيعات الكولونيالية في منطقة الغرب " ، بحث لنيل شهادة الإجازة، شعبة التاريخ، جامعة ابن طفيل – القنيطرة 2005 . 


الأربعاء، 13 يناير 2010

"واقع وآفاق تدريس اللغة الامازيغية" في لقاء للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا


 "واقع وآفاق تدريس اللغة الامازيغية" 
في لقاء للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا

سلا:عبدالإله عسول
"تبين من خلال المعاينة ومن خلال التقارير الميدانية أن تدريس اللغة الأمازيغية لا يطرح أي مشكل على المستوى البيداغوجي. فإذا توفرت الشروط المناسبة والمتمثلة خاصة في التكوين الجيد وتوفير الوسائل الديداكتيكية والتأهيل المهني المناسب للمدرسين والمؤطرين يصبح بالإمكان الانتقال من الإرساء والتعميم إلى التحكم في اللغة الأمازيغية. 
 جانب من الحضورأثناء الندوة 
من هنا يمكن القول إن تحسين شروط إدراج اللغة والثقافة الامازيغيتين في منظومة التربية والتكوين سيترتب عنه ولاشك تحكم المتعلمين في مختلف المستويات التعليمية وفي الكفايات اللغوية المنشودة. ولن يتأتى هذا إلا عن طريق البحث عن الحلول الممكنة للإشكاليات المطروحة حاليا"
تلك كانت خلاصة العرض الذي تقدم به الأستاذ عبد الرحمان بلوش خلال الندوة التي نظمها فرع الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بسلا، يوم الأحد 3 يناير الجاري 2010، في موضوع "تدريس الأمازيغية: واقع وآفاق"، والتي احتضنتها مدرسة فاطمة الفهرية الابتدائية، وحضرها ثلة من مدرسي الأمازيغية ونخبة من المهتمين.
توزعت الأرضية التي تقدم بها العارض على أربعة محاور وتساؤلات:
 - ما الهدف الاستراتيجي من تدريس الأمازيغية؟
 - ماذا تحقق بعد ست سنوات من إدماج تدريس الأمازيغية ؟
- ما هي الاختلالات والصعوبات التي واجهتها التجربة الحالية؟
- ما هي البدائل المقترحة لتجاوز هذه العراقيل؟ 
أسئلة أثارت نقاشا صريحا حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية، حيث تم وضع الأصبع على عدد من الصعوبات التي تعيق التحكم فيها، ومنها أساسا، ضعف تفعيل النصوص المؤسسة والتطبيقية في مجال تدريس الأمازيغية، تعثر التعميم أفقيا وعموديا، عدم انخراط 6 أكاديميات في المشروع، نقص في الموارد البشرية المتخصصة والمكونة في المجال وغياب مخطط توقعي لإعداد هذه الموارد.
من جانب آخر، وعلى مستوى نيابة سلا، أكد مصدر مطلع، أن "التقارير الإحصائية" تسجل توفر 38 مدرس(ة) يقومون بتعليم اللغة الأمازيغية ب27 مؤسسة ابتدائية، بوثيرة 3 ساعات أسبوعية للمستويات من الأول إلى السادس، بالإضافة للغة العربية والفرنسية .
وتحدث نفس المصدر، بأن هناك عدد من المعيقات التي تؤثر سلبا في الإدراج الفعلي للغة والثقافة الأمازيغيتين، من أبرزها، غياب مفتش للغة الأمازيغية يتقنها نطقا وكتابة، عدم تعيين أساتذة لهذه المادة، ضعف التكوين وغياب الوسائل، بالإضافة لغياب استعمال زمن خاص.

الثلاثاء، 12 يناير 2010

سيدي سليمان على أمواج الإذاعة الوطنية


سيدي سليمان على أمواج الإذاعة الوطنية 
حلت سيدي سليمان ضيفة على الإذاعة الوطنية صباح يوم الثلاثاء 12 يناير من خلال برنامج "نافذة الصباح" الذي يقدمه الحسين العمراني، وقد تم التطرق إلى معيقات التنمية بالمدينة والمنطقة من خلال الاستماع إلى ثلاث ضيوف ردوا على أسئلة الصحفي، هم الحسين الإدريسي ومحمد كلاف ومصطفى لمودن. 
          
الحسين الإدريسي         محمد كلاف             مصطفى لمودن
قدم المشرف على البرنامج المدينة لمستمعي الإذاعة، واصفا إياها بالمدينة التي كانت تعرف بأنها "متوسطة"، لكنها تراجعت، ففي الأربعينيات والخمسينيات كان يطلق عليها بارس الصغيرة ( le petit Paris !)، ولقيت اهتماما بعد الاستقلال، وشيد فيها أزيد من عشر معامل، وأصبحت مدينة "نموذجية"… ولكن فجأة أغلقت هذه المعامل مع بداية التسعينيات من القرن الماضي، وتأثرت سلبا وعرفت تراجعا كبيرا، فما هي الحالة والوضعية؟ يقول الحسين العمراني، وما موقف ورأي أبناء المدينة من الفاعلين الجمعويين؟
  طلب الصحفي من الحسين الإدريسي وصفا للوضعية والمدينة تتأهب إلى مصاف العمالات.
أكد الحسين الإدريسي أن المدينة فعلا أصبحت عمالة، رغم الضربات التي تلقتها على المستوى الاقتصادي، وهي تعرف تراجعا على مختلف المستويات، ومهددة بالترييف، وقد أغلق بها 13 معملا.
يتدخل الصحفي ليتساءل عن تأثير إغلاق الوحدات الإنتاجية على اليد العاملة وازدهار المنقطة.
يقول الحسين الإدريسي، في الستينيات كانت المدينة تستقطب اليد العاملة، وعليه كان يمكن أن تكون مركزا للصناعة التحويلية الفلاحية. يقاطعه الصحفي مشيرا إلى إغلاق معمل الشمند وشركات تلفيف الليمون.
الإدريسي:نعم وهذا أثر سلبا على الساكنة والعمال، فكثرت البطالة، إننا لم نعد نستعمل كلمة عمال في المنطقة.
الصحفي: هذا بدروه أثر على مداخيل الجماعة.
الإدريسي:نعم، وقد تحولت الرساميل الاستثمارية إلى مناطق أخرى.
الصحفي: هل بوجود عمالة قد تحل المشاكل؟
الإدريسي: المدينة أصبحت عمالة، ويجب تهيئة المدينة.
 الصحفي: كيف هي وضعية الشوارع؟ هل ما تزال محفرة؟
الإدريسي يشير إلى تزفيت الشوارع مؤخرا، لكنه ذكر أن مناطق أخرى بالمدينة ما تزال تحتاج إلى التزفيت، متحدثا كذلك عن تأثيرات الفيضانات على المدينة والمنطقة.
لينتقل الصحفي حسين العمراني للحديث مع الضيف الثاني محمد كلاف المشتغل بالقطاع الفلاحي كما قدمه، وقد سأله عن العلاقة القائمة ما بين الفلاحة وإغلاق المعامل.
محمد كلاف يؤكد العلاقة القائمة مابين المعامل التحويلية والفلاحة، وقد ضرب المثل بمعمل السكر الذي كان يسوق عبره الفلاحون منتجاتهم من الشمندر، وكذلك معملي الخمور، ومحطات تلفيف الحوامض….
الصحفي يتدخل: لقد تم تنقيل هذه المعامل إلى جهات أخرى كالدار البيضاء، والحوامض تنقل إلى الدار البيضاء ليتم تلفيفها!
    كلاف يؤكد من جديد على إغلاق المعامل والتأثيرات السلبية التي ظهرت بالمدينة جراء ذلك، فانتشرت البطالة والتسول والدعارة وتعاطي المخدرات والاتجار فيها.. أما العالم القروي فبدوره يعرف مشاكل عديدة.
الصحفي يقاطعه، قائلا بأن هذا الموضوع نناقشه مع ضيف ثالث.
قدم الصحفي مصطفى لمودن بالفاعل الجمعوي والمشتغل بالعالم القروي في مجال التدريس، وقد كان مجمل التدخل حول التأثيرات السلبية لإغلاق المعامل على الفلاحة بالعالم القروي وظروف عيش الساكنة، بحيث أصبح يصعب تصريف المنتوجات الفلاحية، مما أثر سلبا على دخل الفلاحين، وتمت الإشارة إلى ضعف التأطير الفلاحي بعد توقف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عن ذلك، رغم أن التأطير السابق فيه نظر، وعدم فعالية التعاونيات الفلاحية التي لم تعد تتعاون في أي شيء، باستثناء وجبة الغذاء التي تعدها عند تجديد مكتب التعاونية كل سنة! وتوقف المتدخل عند ضعف البنية التحتية خاصة الطرق التي تهمل ولا يتم إصلاحها، مشيرا إلى أنه رغم توفير الماء والكهرباء لجزء مهم من ساكنة العالم القروي فإنه رغم ذلك لا يساهم في الدورة الاقتصادية كما يجب.وتحدث عن الخراب الذي حل بضيعات الصوديا والسوجيطا والتفويتات التي لم تكن ناجحة في غالبيتها (الصحفي مقاطعا وهو يشير إلى تسلم الضيعات من قبل أطراف غير مهنينة).
 الصحفي يتدخل متسائلا عن الحلول الممكنة، وقد كان الرد هو وضع حلول ضمن تصور متكامل، بحيث كل منطقة تختص في قطاعات محددة في إطار الجهوية التي يتم الإعداد لها، أن يتم تأطير القطاع الفلاحي، وأن يتركز الاهتمام على الطاقة البشرية، من خلال التعليم والتكوين المتعدد، وأن توجد حلول لتسويق المنتوجات الفلاحية، ليس فقط للسوق الداخلي، بل للخارج كذلك..  
ختاما، قدم الثلاثة المتخلون من سيدي سليمان في مدة لم تتعد تسع دقائق لهم جميعا تصوراتهم للمشاكل القائمة والحلول الممكنة، لكن لضيق الوقت لم يتم التطرق لدور النخبة التي تبقى غائبة ولا تساهم بدورها المطلوب، فباستثناء "نخبة" انتفاعية أنتجتها الانتخابات، غالبا ما تركز على مصالحها الضيقة ولا تعير اهتماما لتنمية المنطقة، ثم هناك دور الإدارة الترابية المنغلقة على نفسها بفعل عدة عوامل منها ما هو موروث ويصعب التخلي عنه، حيث تعودت على الضبط والمراقبة دون أن تهتم بإشراك مختلف الفاعلين، لكن الوضع الآن تغير، يفرض تداول المعلومة، والتشاور والقيام بحوارت ونقاشات عامة وإشراك الجميع وعدم التركيز فقط على ما يسمى "ممثلي السكان" فقد تبث مرارا على أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم (في الغالب وباسثتناءات قليلة)بعد تناسل خيبات الأمل جراء انتخابات مغشوشة يشارك فيها قلة من المواطنين، بينما المؤسسات التمثيلية في الحقيقة هي أهم ركيزة تنطلق منها مبادرات التنمية الشاملة.
ونسجل بشكل إيجابي الانفتاح الحاصل في جزء من الإعلام العمومي متمثلا في الإذاعة الوطنية، بخلاف التلفزة التي ما تزال تكرس الإعلام المتخلف.

الأحد، 10 يناير 2010

تقديم مساعدات لفرعية الدغوغيين المدرسية


تقديم مساعدات لفرعية الدغوغيين المدرسية

عرفت الفرعية المدرسية "الدغوغيين" التابعة لمجموعة مدارس الأندلس المتواجدة بدائرة بلقصيري حفل تقديم مساعدات يوم الثلاثاء 22 دجنبر من طرف السيدة كلثوم الرزرازي، وهي مغربية مقيمة بسويسرا، وقد تمثلت مجمل المساعدات في معدات تخص التعليم الأولي؛ طاولات وكراسي، سبورة صغيرة ووسائل تعليمية، بالإضافة إلى كمية مهمة من النظارات الطبية الخاصة بالأطفال من النوع الجيد، وتجهيزات مدرسية أخرى.. ومن المرتقب أن تقام بين عدة أطراف  شاركة في إطار تحقيق أهداف "جمعية دعم التمدرس".  
مدير المجموعة المدرسية محمد كرام يلقي كلمة ترحيب بالمناسبة، وفي الصورة كلثوم الرزرازي المانحة وعبد الإله بنيفر منسق الحفل. 
تتوفر الآن أغلب الضروريات لتحقيق التعليم الأولي بالفرعية المعنية شريطة تضافر جهود متدخلين آخرين، وتجدر الإشارة أن هذه الفرعيةتعاني خصاصا كبيرا كأغلب الوحدات المدرسية بالعالم القروي، وحجراتها متقادمة تتسرب مياه الأمطار من سقوفها.
لوحظ أثناء الحفل غياب ممثل عن الجماعة القروية "دار العسلوجي" رغم توجيه الدعوة لها في شخص رئيسها
تفريغ المعدات وقد شارك في ذلك سكان من القرية 
وقدمت بالمناسبة جوائز تقديرية للتلاميذ والتلميذات المتفوقين.

نادي الأسير الفلسطيني في جولة له بالمغرب


نادي الأسير الفلسطيني  في جولة له بالمغرب  
 
المحطة الثانية بسيدي قاسم 
إعداد: مصطفى لمودن
 
فدوى البرغوتيالأسير لا ينتهي نضاله بالأسر، والانقسام الفلسطيني يدمي قلوبنا.. 
رائد عامر: ما نسعى إليه هو التعريف بقضايا الأسرى ومعاناتهم. 
 
محمد الشيكر: استمرار الاعتقال صخرة تكسر عليها شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
عبد اللطيف بوخال، فدوى البرغوتي، رضوان، رائد عامر، محمد الشيكر
 حل وفد فلسطيني عن نادي الأسير بسيدي قاسم يوم السبت 26 دجنبر 2006، في إطار جولة له بعدد من المدن المغربية للتعريف بقضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقد نظم فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يوما تضامنيا مع الأسرى الفلسطينيين احتضنته قاعة سينما وليلي، وضع له شعار " دعم القضية الفلسطينية يمر عبر دعم صمود أسراها". وقد تلقى الوفد الفلسطيني ترحيبا قويا، ورددت شعارات تضامنية مع فلسطين، وقد صمد الحضور منتظرا وصول الوفد المتأخر عن الموعد المعلن عنه لأزيد من ساعتين بسبب طول المسافة من تطوان حيث كان أول لقاء هناك، ثم بسبب انقطاع أقرب طريق نتيجة الفيضانات.
استقبال حاشد خص به الوفد الفلسطيني
 تميز الحفل التضامني بإلقاء كلمات بالمناسبة من طرف فدوى البرغوتي، المحامية الفلسطينية وزوجة المناضل الأسير مروان البرغوتي، ثم رائد عامر المنسق الوطني لنادي الأسير، وكلمة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ألقاها رئيس الفرع محمد الشيكر، وقدمت بالمناسبة هدايا تذكارية، كما استمع الحضور لأناشيد وأغاني فلسطينية من طرف مفيد الحنتولي بمساعدة أعضاء من مجموعته الموسيقية.   وتجدر الإشارة أنه خيم على أجواء الاحتفاء حادثة امتناع المجلس البلدي في المدينة في شخص الرئيس ونائبه عن الترخيص باستعمال قاعة البلدية لذات النشاط، وكان قد أصدر قبل ذلك فرع الجمعية الحقوقية بيانا استنكاريا حول الموضوع. كما تزامنت زيارة الوفد الفلسطيني مع اغتيال ثلاث مقاومين فلسطينيين بمنازلهم في نفس اليوم بنابلس من طرف الكيان الإسرائيلي، وهم غسان أبو شرخ ورائد عبد الجبار السركحي وعنان صبح.
الحضور في جانب من القاعة يقف احتراما واجلالا لأرواح الشهداء
فدوى البرغوتي:  
في البداية كان لفدوى البرغوتي كلمة تقديمية نوهت فيها بكل من يدعم القضية الفلسطينية مخاطبة حضورا غصت به القاعة قائلة :"شكرا على هذا الحب، شكرا لكم على هذا الانتماء، على هذا الحب والاحتضان والرعاية والضيافة…"، مضيفة بقولها"رسالة الشعب الفلسطيني صامد على أرضه ولن يركع ولن تفلح إسرائيل في أن تجعله يركع"، وقد حيت شهداء الأمة وشهداء المغرب وفلسطين من أجل التحرير والحرية، كما حيت شهداء فلسطين وحرصت على ذكر مختلف الرموز الفلسطينية المستشهدة، مثل ياسر عرفات، والشيخ ياسين وأبو علي مصطفى وأبو العباس وفتحي الشقاقي… بما يحيل على مختلف التنظيمات الفلسطينية.  
ذكرت في بداية مداخلتها أن جولتهم في المغرب تدخل ضمن حملة دولية انطلقت منذ ثماني سنوات للتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب برمته، وأن قضية المعتقلين قضية سياسية ذات أبعاد إنسانية.
فالعائلة تحرم من ذويها، والمرأة الفلسطينية ليست قاسية كما يقال وهي من تبحث عن الأهوال ، بل هي حنونة وطيبة، لكن المعركة تفرض عليها، فمنذ 1967 اعتقل مليون إلا ربع من الفلسطينيين، وكل بيت فلسطيني لديه معتقل على الأقل، بل هناك أسرى في اعتقال متواصل من 32 سنة، واستشهدت في ذلك بعميد الأسرى في العالم نائل البرغوتي ، بالإضافة إلى فخري البرغوتي (31 سنة اعتقال)، أبو التاجر، أكرم يونس، أبو العوض وغيرهم… وإسرائيل تدعي أنها تأسر الإرهابيين، ولا أحد يعرفهم في العالم أو يلتفت إلى أوضاعهم، ونحن نقول إن هؤلاء أسرى حرب، وبالتالي يجب أن تنطبق عليهم مقتضيات اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب.
وأضافت في تدخلها الذي كان يقاطعه بين الفينة والأخرى جمهور القاعة بالهتافات المناصرة لفلسطين قائلة:" منذ اختطاف مروان البرغوتي  وأنا أجوب العالم، دخلت خمسين دولة للتعريف بقضية الأسرى، نأتي لنتواصل معا، لنفكر في كيفية دعم القضية…" وذكرت في مداخلتها أنه ما زال في السجون الإسرائيلية أزيد من 11000 أسير، وأن أزيد من 120 منهم قضوا بظلمة السجن أكثر من 20 سنة، منهم كذلك 36 امرأة في ظروف صعبة، إلى درجة أن هناك من تلد وهي مقيدة، وفي السجون 300 طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 17 سنة، كما أن هناك سجونا مختلفة كمراكز الاعتقال الإداري، حيث يحتجز بها أزيد من 350 طفلا، والقاسم المشترك بين مختلف السجون هو التعذيب والإهانات.  
ورغم اتفاقية أسلو لم يفرج عن الأسرى، واعتبرت ذلك "خطأ كبيرا"، فيجب ألا تكون هناك اتفاقية تتجاوز قضية الأسرى. ومازال الاعتقال مستمرا، واعتبرت أن القادة الحقيقيين هم من يكون قد اعتقلوا، وهؤلاء هم من يصوت عليهم الشعب، لقد كان في المعتقلات 45 عضوا برلمانيا، أي ثلث المجلس التشريعي الفلسطيني، وثلثاهم (3/2)لا يستطيعون التواصل مع الخارج (خارج السجن)، وبقي الآن 15 عضوا منهم في السجون، أقدمهم مروان البرغوتي، لقد أرادت إسرائيل من خلال أسر القادة أن تقول للعالم " أن القادة إرهابيون"، حتى تضرب الشعب وتقتل ياسر عرفات…
لقد ظهر مروان البرغوتي بعد 100 يوم من التعذيب والتنكيل في الصورة، وأتت إسرائيل ب 500 وسيلة إعلام محاولة إدانة البرغوتي لتظهره ذليلا مكسور الإرادة، بعد تعذيبه وربطه بكرسي،  ورغم ذلك خرج القائد وتحدث بثلاث لغات ليقول :" الانتفاضة ستنتصر، الشعب سينتصر، إذا أرادت إسرائيل السلام عليها أن تنهي الاحتلال، وإذا كان فقداني للحرية من أجل ذلك فأنا مستعد لها".
وفي نفس سياق إبراز القادة ك"إرهابيين" من قبل إسرائيل، فالرفيق أحمد سعدات داخل السجن بتهمة إعطاء الأوامر لقتل وزير، لكن فدوى البرغوتي أكدت على أن "الأسير لا ينتهي نضاله بالأسر"، مؤكدة أن مروان البرغوتي عزل لأربع سنوات، وحاول السجانون منعه من الحديث، ورغم ذلك ساهم في الهدنة بين الفصائل الفلسطينية، وهي تقصد بذلك وثيقة الوفاق الوطني الصادرة في ماي 2006 من داخل السجن وقد كانت في الأول وثيقة للأسرى، وقد وقعت عليها جميع الفصائل الفلسطينية،  وأضافت فدوى البرغوتي قائلة:" على مدى ثماني سنوات يأخذ مروان رقم واحد في الاستطلاعات، لأنه مع الشعب، وقد غادر كل الامتيازات ليتبوأ مكانة النضال لصالح الشعب الفلسطيني.
إصدار وثيقة الأسرى جعلت إسرائيل تقوي من تشددها تجاه كل القادة الأسرى، بل أبعدت فيما بينهم إلى أربع سجون متباعدة، وتجاوزت إسرائيل "القانون" الذي يفرض جمع الأب بابنه في نفس السجن، ونقلت القسام ابن مروان البرغوتي إلى سجن آخر تنكيلا به… وحول معنويات الأسرى قالت بأنه لم يحدث أن تراجع أسير في سجنه عن مبادئه، ودعت إلى  أن تكون صفقة تبادل الأسرى "مشرفة" ليطلق سراح الأسرى، وتمنت من "الجهة الآسرة للجندي جلعاد شليط أن تبقي على وعدها بإطلاق 450 المحكوم عليهم بالمؤبد.
 وحرصت على القول بأن برنامج المفاوضات قد فشل ووصل إلى طريق مسدود، ولا يمكن أن نعتمد على ذلك وحده كما أشارت، وذكرت بموقف  مروان البرغوتي الذي يدعو إلى "الإبقاء على خيار المقاومة، "لأن ذلك دعم لكل تفاوض".
أما عن معضلة "الانقسام" الفلسطيني فقد نعتته ب"الذي يدمي قلوبنا"، وهو موجود في البيوت، ويؤثر على الأسر، والجميع يتألم لذلك، ودعت لوضع حد لذلك قائلة:" هذا الانقسام يجب ألا يستمر، لأنه سيطول من عمر الاحتلال، كما لا يوجد مشروع دولة في ظل هذا الانقسام، ولن ينجز أي طرف فائدة مع الانقسام كما جاء على لسان فدوى الذبرغوتي، وقد رأت أن الاستيطان يتوسع في فلسطين بما في ذلك القدس، واعتبرت أنه لا يمكن قبول قيام دولة فلسطينية بدون القدس، فهو روحها كما قالت، ودعت إلى مساندة المقاومة الفلسطينية:" نحن على خط الدفاع الأول، نريد من الأمة أن تبقى معنا وتقف بجانبنا ولا تحبط مقاومتنا.
وهي تخاطب من في القاعة قائلة:" أنقل لكم رسالة أخيكم البرغوتي، وهو يعلم أنني بينكم، يقبل جبين كل واحد فيكم، ويقبل جبين كل مغربي، وهو لن يتراجع قيد أنملة عن حق الشعب الفلسطيني ولن يتغير، وتمنت أن يطلق سراحه قريبا.
وقد ألبس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فدوى البرغوتي لباس المحاماة كتأكيد منه على مساندة فدوى البرغوتي المحامية في مساعيها للدفاع عن قضايا الأسري الفلسطينيين، وحرص عدد من الحاضرين على أخذ صور تذكارية مع أعضاء الوفد الفلسطيني
أحمد العبدالي يلبس فدوى البرغوتي بدلة المحاماة 
تنتظر فدوى البرغوتي مهام صعبة ضمن نادي الأسير الفلسطيني والمقاومة ككل
رائد عامر:
تحدث في البداية عن حفاوة الاستقبال الذي لقيه الوفد الفلسطيني، وذلك ليس بغريب كما قال، فقد "تعودنا عليه من طرف إخواننا بالمغرب، ونعتبر أننا شعب واحد"، وقد ابتدأ كلمته بتأثر شديد بسبب فقدان ثلاث زملاء له من  كتائب شهداء الأقصى إثر عملية غادرة من طرف إسرائيل كما أشرنا إلى ذلك، " كان يود أن يكون بين هذا الوفد غسان أبو شرخ، ليشارك في هذه الحملة الدولية لمساندة الفلسطينيين الأسراء، لكننا فجعنا في فقده" وخاطب بغضب الإسرائيليين:" اقتلوا وافعلوا ما شئتم ولكنكم لن تستطيعوا أن تقتلوا المقاومة والأمل داخل كل الفلسطينيين"، وأضاف :" اليوم شعرنا بأننا لسنا وحدنا في هذه المعركة المصيرية"، وبدوره تقاطعه القاعة بالشعرات المدعمة لفلسطين والمنددة بممارسات الكيان الإسرائيلي.
ثم قدم رائد عامر بصفته مديرا لنادي الأسير الفلسطيني بنابلس نبذة عن "مؤسسة جمعية نادي الأسير" التي تأسست سنة 1993، للدفاع عن قضايا وهموم الأسرى والأسيرات، وخدمة الأسرى وعائلاتهم خارج السجون، خاصة في ظل الاعتقالات اليومية. والقائمون على هذه الجمعية هم من الأسرى المعتقلين والأسرى المحررين. البداية كانت بمكتب ببيت لحم، وحاليا لدينا فروع في جميع المدن، ولدينا 30 محاميا لمتابعة قضايا الأسرى، نتابع شؤون السجناء في 26 سجن ومعتقل ومركز تحقيق في مناطق فلسطين المحتلة، يتصل محامونا بالمعتقلين، ويترافعون عنهم رغم أننا لا نعترف بشرعية هذه المحاكم ـ يقول رائد ـ فعدد المعتقلين يفوق عشرة آلاف في ظروف سيئة، وتحرم العائلات من حق الزيارة، ويعاقب المعتقلون بقسوة بما في ذلك العزل الانفرادي، وتريد إسرائيل أن يصبح الأسير عالة على أسرته… أحيانا يحقق الممعتقلون بعض المكاسب عن طريق إضرابات عن الطعام لكن سرعان ما يتم التراجع عنها… ما نسعى إليه من خلال حملتنا في المغرب وبقية الدول هو التركيز على قضية الأسرى ومعاناتهم.
 وتطرق لتجاهل قضية الأسرى على الصعيد الدولي، وللميز الموجود على مستوى مقارنة الاهتمام الملحوظ بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وآلاف الفلسطينيين القابعين وراء القضبان، يقول رائد عامر:" كنا نتحدث مع وزارة الخارجية الفرنسية، الكل يثير الجندي شاليط … قلنا لهم لماذا تطالبون بجندي قاتل جاء ليقتل الأطفال بغزة، لماذا لا تطالبون بإطلاق سراح من يطالبون باستقلالهم"؟ (يقصد بهم الفلسطينيين)، "ليس هناك عدل في هذا العالم" كما استنتج المتدخل.
وفي ختام تدخله دعا المجتمع المدني للوقوف بجانب الأسرى الفلسطينيين، "نطالبكم يا إخوان بالمساهمة معنا عن طريق فضح هذه الممارسات… سنستمر في دعم الأسرى والاعتقال لن بثنينا عن النضال" 
محمد الشيكر:
بصفته رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم ألقى كلمة باسم الجهة المنظمة لليوم التضامني، وقد نندد بزيارة تسيبي ليفني إلى المغرب، وطالب بمساندة الداعين إلى رفع دعوى قضائية ضد من ساهم في استقبالها، كما ندد بعدم سماح المجلس البلدي باستغلال قاعة البلدية لذات النشاط، ونوه ببعض المستشارين البلديين الذي تبرؤوا من موقف الرئيس ونائبه كما قال، وقد حيى المرأة الفلسطينية المناضلة، واستحضر بالمناسبة ذكرى المناضل الراحل عبد الفتاح بالواد، أول محام رفع قضية ضد فتح مكتب اتصال إسرائيلي بالمغرب، وذكّر بحق الفلسطينيين في المقاومة، وطالب بتجريم الاعتقال السياسي، ودعا إلى دعم كافة المعتقلين الفلسطينيين، والتخفيف من معاناة الأسرى وأسرهم، وتوقف عند حق تقرير الشعب الفلسطيني لمصيره وعودة اللاجئين، وتأسيس دولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس، وخاطب المعتقلين واصفا إياهم ب"الأحرار، بينما نحن الأسرى، وقضيتكم قضيتنا"، مضيفا بقوله:" ما غابت عنا معاناتكم وبدونكم لن تقوم فلسطين، واستمرار الاعتقال صخرة تكسر عليها الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتجدر الإشارة أن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي قاسم كان قد أصدر بيانا استنكاريا ندد فيه بمنعه من استعمال قاعة البلدية، وبعد ذلك أصدر المجلس البلدي بدوره بيانا يؤكد فيه "الدعم الكامل والمطلق لقضية الفلسطينية"، واعتبر كذلك أنه "لم يمنع النشاط ولكن القاعة الكبرى تشهد إصلاحات تقنية لا تسمح بإنجاح النشاط المذكور".
ومن خلال الحضور المكثف لأغلب الفعاليات النشيطة بالمدينة للجلسة المذكورة يظهر بجلاء مدى التقدير الذي يكنه الشعب المغربي للقضية الفلسطينية وعمق ترسخها في وجدانه.
كعادته يكون دائما جواد المغربي حاضرا بأغانيه الرائعة
 
مفيد الحنتولي في وصلة غنائية، وقد أدى أغاني وأناشيد فلسطينية، وحرص منذ البداية بأن يتغنى بمغربية سبتة ومليلية والصحراء 
 
 لينا بالواد تتسلم تذكارا في ذكرى وفاة والدها المحامي عبد الفتاح بالواد
 
أعضاء ودادية الزراري يسلمون الوفد الفلسطيني تذكارا 
 
تحف ومعروضات فلسطينية، وقد ذكرت المشرفة أن بعضها صنع من طرف أسيرات فلسطينيات

حقيبة يد صغيرة مطرزة بشكل أنيق

أزمة رياضة أم أزمة إرادة ؟ تداعيات على هامش الإخفاق الكروي


أزمة رياضة أم أزمة إرادة ؟
تداعيات على هامش الإخفاق الكروي 
  
مصطفى تيدار (*)   
إن فشلنا في التأهل لكأس إفريقيا ولكأس العالم للمرة الرابعة دفعنا إلى تأبين الكرة المغربية ومن خلالها جميع الرياضات وحملها إلى مثواها الأخير. بالمناسبة خطرت لدينا مجموعة من الأسئلة والخواطر:
ـ كيف؟ لمادا؟ متى؟… وما هي الأسباب وراء هذا الإخفاق الرياضي العام؟  أليست اللحظة وقتا للتفكير الجاد وللنقد البناء من أجل بلورة تصور جديد للرياضة المغربية؟
  بالرجوع إلى التاريخ الرياضي، بالمعنى العام، نلاحظ أنها  وجدت منذ منتصف العشرية الأولى للقرن الماضي، وعلى نطاق محدود بالطبع،  فانتشار الأنشطة الرياضية ببلادنا كان بفضل الدعاية التي قام بها المعمر.
فمنذ أواسط الثلاثينات من القرن الماضي برزت عدة أسماء مغربية منها: بن مبارك ـ  الشتوكي ـ  عبد السلام ـ  ملاكا… وتمكن الرياضيون من إبراز ذواتهم بقوة وفنية أبهرت الجميع، وبذلك أصبحت الرياضة منضوية في الحركة الوطنية، وبسبب هذا تعرض الرياضيون لمضايقات شديدة. وفي شروط بالغة القسوة بين المنع والترخيص المقنن تمكنت بعض الفرق تنظيم وتكوين بطولة تجمع بين فرق البيضاء ـ الرباط ـ فاس ـ  مراكش ـ  والجميل في هذه المرحلة أن الرياضة كانت وطنية، همها الوحيد الدفاع عن الوطن، وتوفير إمكانيات الاتصال بكل شرائح الشعب المغربي وبأقطاب الحركة  الوطنية في ذلك الوقت،  فماذا عن المشروع الرياضي الحالي؟
 يبدو أن الرياضة الوطنية اليوم تجتاز أزمة متعلقة بوجودها وقدرتها على الاستمرار كنشاط متقدم ومتطور وخلاق.
الآن ما نؤكد عليه هو أن جذور هذه الأزمة في خطها الممارساتي والفكري تكمن في نهج الجامعات الوطنية طوال هذه المرحلة. فما عزوف الجماهير وفشلها في استرجاعها(أي الجامعات) والإخفاقات التي أصبحت تحصدها  إلا نتيجة هذه الأزمة، بالإضافة إلى أسلوب العمل والتنظيم وأيضا بأزمة منهجية وإستراتيجية، إنها بالأحرى في هذا  كله.
أما على الصعيد الرياضي أو الممارسة فقد انهارت منظومة الرياضة بفعل الاستنساخ الذي قامت عليه، ولم تتمكن من مجابهة التغيرات العميقة التي عرفها المجتمع المغربي منذ منتصف الثمانينات، حيث تم تهميش الرياضة المدرسية، وبطولة الأحياء والعصب …الخ. أصبحت الإرادوية هنا مربوطة لدى البعض بتصور آني هو تشكيل  فرق وأندية للدخول في المنافسات وللحصول على الامتيازات.
كل هذه الأوهام  وغيرها، فبقدر ما ألهمت خيال عدد كبير في فترات "الازدهار"،  بقدر ما عطلت قدرتهم في مجال معرفة واقع الرياضة التي يشرفون على تسييرها،  من أجل العمل على فهمها وتطويرها.  
 إن مظاهر أزمة الرياضة تتفاعل فيها مستويات مختلفة؛ بنية تنظيمية بيروقراطية مركزية لا ديمقراطية، وتأرجحات مستمرة، وقرارات رياضية خاطئة، الأمر الذي يكوّن في مجموعه صورة قاتمة عن مستقبل الرياضة.
إن مجموع التناقضات الداخلية والخارجية ترجح أن الجامعات كانت دون وعي بهدفها أو عاجزة عن تسطيره وتحقيقه، أو تقف موقف المندهش أو المراهن؟
إن نقطة الانطلاق هذه تضمنت القول مبدئيا أن الجامعات عاجزة عن قيادة أي إصلاح جذري، وأنها تتخبط في أزمة عقم، كما أنها تمنع كل إمكانيات للتواصل الموضوعي…الأمر الذي لم يشجع على إدارة النقاش وفتح باب التطور وتنوير الرأي العام الرياضي،  بالإضافة إلى التهميش والإقصاء في حق مختلف الكفاءات، والاستغناء عن أطر مغربية شابة ومتخصصة ومؤهلة علميا، والقادرة على قيادة التغيير والإصلاح.
 فهل يرجع هذا إلى العقلية المتحجرة المناهضة لكل جديد؟ أم هناك ملابسات أخرى؟ أين هو الميثاق الرياضي لسنة  1986 الذي كان يحمل تصورا للتغيير والإصلاح؟  وما سر إقباره؟
فيما الرسالة الملكية الأخيرة  الموجهة إلي المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة المنعقدة بالصخيرات في 24 أكتوبر 2008 عرت عن كل التناقضات  والمشاكل التي تعيشها الرياضة المغربية، ودعت إلى خلق لجنة وطنية من أجل البحت عن البدائل.
 فإذا كان كل ما سبق يشكل أهم الشروط والعوامل التي حكمت على رياضتنا بالإخفاق، فإنه ينبغي  التأكيد على أن المرحلة من أشد المراحل تعقيدا وأكثرها التباسا، فقد تحتوي حججا وميولات  إصلاحية، ومن جهة ثانية مظاهر واتجاهات عميقة على نفس الأصعدة. وباستحضارنا  لكل الظواهر المتناقضة والدالة على الازدواج في سمات  الوضع الرياضي،  نستطيع أن نعي الشروط العينية التي كانت وراء ظاهرة الأزمة التي عرفتها رياضتنا، والتي  فاقهما ضعف الخبرة التنظيمية، وضعف الالتزام العملي والنظري والفكري الذي قامت على أساسه جل الجامعات.
 في نفس السياق وعلى نفس الأسس يجب أن نعمل  وأن نتبع توجها رياضيا يقوم على النهج الواقعي، وننطلق من أن التطلع الاستراتيجي بكل ما يعنيه من استعدادات لا متناهية للعمل والتضحية لا يكفيان وحدهما للفعل في الواقع وتغييره، بل ينبغي بالإضافة إلى ذلك  مراعاة الشروط الخاصة  للعمل والاستعدادات في المرحلة  والظرف. كما يجب أن نستفيد من الاندفاع الإرادي الجامع، وعدم الأخذ بطفرة الحماس الجاري وحده، إما أن يؤدي ذلك إلى النهوض برياضتنا وتطويرها، أو نعود إلى انتكاسة أخرى ونبعدها عن كل تقدم وتنظيم.  
إن الإصلاح الرياضي بهذا التوجه ليس إصلاحا مبتذلا، ومما لا جدال فيه  أن الإصلاح سيعمل على تحريرها من الطفيليات العالقة بها وعقلتنها، والاعتراف لها بمكانتها التي تستحقها في المجتمع. إنه إصلاح يستنهض روافع ضخمة حكم عليها بالركود والاعتزال، بينما هي قادرة على أن تستأصل  مواطن الضعف والتأخر العميقة في رياضتنا، وتؤسس لعلاقة حداثية وممارسة يومية، تدفع إلى التقدم وترتقي عبره وتترسخ.  
 إن العمل بهذا المنظور مقياس أساسي لدرجة استيعاب الواقع الرياضي وتناقضاته ومقياس أساسي لمصداقية القناعات الإصلاحية وتحديد لدرجة الاستعداد والانخراط فيه. وهو بالإضافة لكل  ذلك طريق للتفاعل والتقارب وتذويب الخلافات والتناقضات غير الموضوعية، وهذا يفرض على جل الأطر الرياضية المزيد من الارتقاء إلى فهم خصوصيات الرياضة، ولتتحمل هذه الأطر مسؤوليتها على الوجه المطلوب، إنها مدعوة إلى تكتيل جهود مختلف مكوناتها (التخصصات) وإلى الارتفاع عن تحميل مجمل الإخفاقات للمسيرين والممارسين،  والتصدي مقابل ذلك إلى توفير شروط تنمية الإصلاح بناءا على مصارحة النفس بأخطاء الحاضر، وعلى الجرأة العلمية في تجاوزها، وبالتالي فلن يتحقق المبتغى إلا نتيجة لصمودها ونضجها الرياضي و الفكري.                             
                             يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) أستاذ التربية البدنية وفاعل رياضي وجمعوي

الجمعة، 8 يناير 2010

أي كارثة حلت بالرياضة السليمانية؟


  أي كارثة حلت بالرياضة السليمانية؟
لا يجد شباب وأطفال المدينة غير ساحات متربة على قلتها للممارسة كرة القدم  
مصطفى تيدار(*)
  إن الحديث عن الرياضة بسيدي سليمان يدمي القلوب؛ فالعديد من الطاقات والكفاءات الفتية تنطفئ وتتلاشى موهبتها وفنيتها يوما بعد يوم نظرا لعدم توفر المدينة على المستلزماتالرياضية الضرورية؛ وحتى تلك الموجودة منها في حاجة إلى إعادة ترميم وإصلاح، وينطبق على وضعية التجهيزات الرياضية المقولة المعروفة "آش خصك العريان…؟" هكذا يعلق العديد من سكان المدينة عندما راجت فكرة إنشاء "مسبح أولمبي بسيدي سليمان في بداية آخر عشرية من القرن المنصرملقد مرت 14سنة ولازالت دار لقمان على حالها، فالميزانية الضخمة التي صرفت على المسبح،  لو كانت قد أنفقت على إعادة بعث الملعب البلدي من تحت الأنقاض وتحويله إلى مركب رياضي بكل مستلزماته الضرورية.
  إننا ما فتئنا  ننبه إلى الوضع المزي الذي تمارس فيه الرياضة بمدينتنا…  
انعدام البنية الرياضية مظهر من  مظاهر تخلف المدينة،  وإذا لم يكن في مقدور المسؤولين أن يرسموا متغيرات لهذا الوضع، فقد كان حريا بهم توفير الحد الأدنى مما تتطلبه الرياضة، ونحن نعرف المصير السيئ الذي آلت إليه الرياضة السليمانية عموما
ألم يكن من الأجدر إعطاء الأولوية لمركب رياضييجمع كل الرياضيات التي أقبرت، ككرة السلة و اليد والطائرة والعاب القوى.. بدل مشروع المسبح الأولمبي؟
 إنه نموذج لعقلية التسيير بالمدينة تتحمل مسؤوليته عدة أطراف.
 لقد راحت ضحية هذا التسيير على مدى عدة سنوات أمجاد سيدي سليمان الرياضية، وتبخرت أحلام أجيال في ممارسة رياضية سليمة.
 فكل ما كانت تفتخر به المدينة تلاشى واندثر؛ وحده النادي السليماني للكرة الحديدة بقي شاهدا على أمجاد الأيام الخوالي.  
ـــــــــــــــــــــــــــ
(*) أستاذ التربية البدنية وفاعل رياضي وجمعوي  

الخميس، 7 يناير 2010

لصالح التلاميذ A(H1N1)التمنيع ضد زكام نيابة التربية الوطنية بسيدي قاسم تشترط توقيع الآباء


لصالح التلاميذ A(H1N1)التمنيع ضد زكام
نيابة التربية الوطنية بسيدي قاسم تشترط توقيع الآباء 
زيادة على  التأخر الحاصل في حَقْـن التمنيع الخاص بالزكام المعروف اختصارا ب A(H1N1) فإن نيابة وزارة التربية الوطنية بإقليم سيدي قاسم تشترط موافقة الآباء وأولياء التلاميذ كي يتلقى أطفال المدارس نصيبهم من التلقيح.
ذلك محتوى مذكرة نيابية مستعجلة توصل بها مديرو المؤسسات التعليمية، وشرعت مؤسساتهم في تطبيقها عن طريق دعوة الآباء والأولياء للتوقيع والتأكيد على الموافقة.
لكن ذلك في بعض الأحيان أثار ارتياب الآباء والأمهات، فرفض أغلبهم في بعض المدارس الموافقة، متسائلين عن "السر في ضرورة التوقيع"، وأضاف آخرون "هل أن ذلك يعني تملص الجهات المسؤولة من مسؤوليتها في حالة ظهور نتائج غير مرغوب فيها؟"، وبذلك كانت الاستجابة جد ضعيفة.
ومن المرتقب أن يسلم رؤساء المؤسسات التعليمية قائمة التلاميذ المرغوب في تلقيهم التمنيع  إلى المسؤولين عن القطاع الصحي وعقد "اجتماعات" لأجل ذلك، في تواريخ محددة تغطي بداية يناير الحالي، لتحل بعدها فرق صحية بالمؤسسات التعليمية.
وفي نفس السياق سبق للمؤسسات التعليمية أن سجلت "الحالات" المستعجلة التي تتطلب احتياطا خاصا ضد جائحة الأنفلونزا الجديدة، مثل الأطفال الذين لهم مشاكل تنفسية أو مرضى السكري، كما قدم مختلف الأساتذة والأستاذات دروسا تطبيقية حول "أيادي نظيفة"، من خلال الحديث عن شروط الوقاية، كما تسلمت المؤسسات التعليمية وسائل تنظيف، عبارة عن محلول وفوطات ورقية، لكن ذلك كان بكمية قليلة.. علما أن أغلب المؤسسات التعليمية بالعالم القروي خصوصا لا تتوفر على الماء والمرافق الصحية.
وتناقلت وسائل الإعلام ـ خاصة المكتوب ـ أن بعض الحالات عرفت تأثيرات سلبية جراء التلقيح، منها حالتي وفاة بغفساي وحالة شلل في مديونة وحالة وفاة بالمركب السجني بابن سليمان وحالتي وفاة امرأتين حبليين،  وفي آخر بلاغ في الموضوع صادر عن وزارة الصحة نفت فيه "وجود أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين الحالات المذكورة والتلقيح ضد الأنفلونزا"، مضيفة أن التلقيح المعني "خضع لكل إجراءات المراقبة الضرورية". لكن الأحاديث تتناسل هنا وهناك مبرزة تخوفات البعض.
ويبدو أن التخوفات من عواقب أنفلونزاA(H1N1) قد ضخمت حسب ما ذكره تقرير صحي أذيع على إحدى القنوات التلفزية الفرنسية، مبرزا أن ضحايا هذه الجائحة أقل بخمس مرات مما تخلفه الأنفلونزا الفصلية، وهذا ما حدا ببعض الأطباء أنفسهم إلى التقليل من مخاطر الجائحة منذ بداية ظهورها، كما أكد لنا ذلك أحد أطباء الأمراض الصدرية بمدينة القنيطرة قبل شهور، مبرزا أنه هو وأبناؤه لن يتعاطى لأي تمنيع حسب ما ذكر، لكن أطباء آخرين بما فيهم التابعين للقطاع العمومي يلحون على تلقي التلقيح.
وقد شرعت وزارة الصحة في حملة التلقيح منذ 29 أكتوبر 2009، واستفاد منها لحد الآن أزيد من منصف مليون شخص.  

الاثنين، 4 يناير 2010

الروائي المغربي رشيد الجلولي يصدر الجزء الأول من روايته "الخوف"


    الروائي المغربي رشيد الجلولي يصدر
          الجزء الأول من روايته  "الخوف"
غلاف الرواية   

              
ا         القصر الكبير: أنس الفيلالي(*)
 
         عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء صدر حديثا الجزء الأول من رواية " الخوف"، المعنون ب »إرادة الحياة ضد إرادة الموت «  للروائي المغربي رشيد الجلو   لي، وهي من منشورات بلاغات بالقصر الكبير – المغرب، ضمن سلسلة نصوص إبداعية. 
 
مبدع الرواية رشيد الجلولي
          تقع  الرواية في 224 صفحة، تضم 50 فصلا، بغلاف معبر  بلوحة "الفيلسوف" للرسام  العالمي رامبراند. وقد خص الدكتور عبد الجبار العلمي هذه الرواية بمقدمة رصد فيها معا     معالم رواية الخوف بقوله: "إن المؤلف يود أن يقول لنا هنا إن الإنسانية مند قابيل وهابيل لم تتوقف يوما عن إشعال فتيل الحروب المدمرة. فكأنها إنما خلقت من أجل التطاحن لصر  والصراع والحروب الفتاكة. إن الرواية بوصفها للحرب بكثير من التفاصيل إنما تقدم إدانةإد    إدانة مرة للواقع المعاصر الملئ بالحروب، وسيادة مبدأ القوة الغابوي … لقد تمكن المؤلف أن يحشرنا في أجواء الحرب ويمالأ نفوسنا بالخوف. الخوف من قتل الإنسان للإنسان."
     تدور أحداث العمل الروائي 
وفق منهج سردي يتداخل فيه الرمزي والأسطوري بالواقعي والخيالي، والغرائبي والعادي اليومي. حيث تتم الإشارة إلى أماكن بأسمائها المعروفة كمدينتي القصر الكبير والعرائش. وأحيانا أخرى يعمد الكاتب إلى عدم تحديدها، فتصبح هلامية تتناغم مع المناخ العام للرواية التي تمتلئ بالأجواء الغرائبية. أما الزمن الروائي للرواية فغير محدد يجعل القارئ يشاغب في الأسئلة عن الزمن الذي يمر به كل حدث من أحداثها.
    و لعل العنوان الشامل الذي اختاره الكاتب لروايته "الخوف"، فإن امتاز بشدة اختزاله، فهو يحمل في طياته معاني وأضداد في العمق محتملة التأويل والتفسير والملاحظة، فهو في الحقيقة اسم لغريزة إنسانية وحيوانية قبل كل شي، هذا الاختيار، بقدرما يثير الدهشة لدى المتلقي، فإنه يبدأ في اللحظة الأولى بولوج عمق الرواية. فمنذ الفقرة الأولى يجد القارئ نفسه في عالم تنضح جوانبه بالحرب والتوحش وبانحدار الإنسان من البشاعة الوجودية التي يصعب تخيلها. في عالم تبدلت فيه موازين القوى الحضارية، فصارت الحضارة العربية هي المتحكمة في مسيرة البشرية.
     كما تلامس الرواية الواقع الحقيقي، بل تشخصه في صوت شخصيات بعضها واقعي: عيسى الشخصية الرئيسية في الرواية /ليلى زوجته/ابتسام ابنه/الخالة مسعودة، وبعض أخر استلهمه رشيد الجلولي من عالمه المتخيل الرمزي بمرجعيات جمالية متعددة، كسفيان الداودي الحاكم الدكتاتور. ليجعل المتلقي جزء من فضاءات زمنية متخيلة يعيش أحداثها وأمكنتها.
   وهذه النمطية الكتابية التي نقش من خلالها رشيد الجلولي عمله الأول، ذات أبعاد تأويلية مختزنة لمفاهيم وأبعاد متخيلة، تمزج بين الواقع والمتخيل دون أن يشعر المتلقي بهذا الاختلاف الواقعي الذي يترك المتلقي يشاكس بالأسئلة عبر الإجابة المتعددة التأويل والاحتمال، فالقارئ مثلا لن يدري ما الحرب التي يقصدها رشيد الجلولي في هذا العمل، أهي الحرب العالمية الأولى أم حرب اجتياح العراق أم حرب أخرى استعملت فيها كذلك الأسلحة الحديثة المتطورة؟ مما جعل النمط الذي انساقت معه الرواية يطغى عليه السحر اللغوي والتأويل الجمالي الفاتن والمنساق مع الفرضيات المتعددة التأويل، على نحو ما نجد في روايات أمريكا اللاتينية على شاكلة كتابات غابريل ماركيز باولو كويلو و خورخي لويز بورخيز.
     رواية “الخوف ”صورة مصغرة لواقع تأثر بنظريات تصادم الحضارات في ظل التغيرات الفكرية التي طرأت على الساحة العالمية وانعكاساتها على الذات تدميراً واغتيالا للفكر والعقل. هذه السياقات الجهنمية التي فشلت في قتل البطل وضعته أمام خيارين: الأول تتلاعب به القوى المادية والعسكرية دون إبداء أي رد فعل، والثاني يعبر عن الغضب كدليل على أن البطل لازالت فيه بقايا أحاسيس وحياة، وإن كان الكاتب قد انتصر للخيار الأخير، حيث نجح بتحالف مع أحد السقائين في إشعال حرب غير مسبوقة، لكنه لم يجعل من العنف والنار أفقين ضروريين من أجل الخلاص من الاستعباد.
     إن رواية الخوف هي رواية جامحة، تنفتح على كل المعارف الإنسانية، حيث يتقاطع فيها الشعري بالفلسفي والسياسي، من خلال توظيف إيحاءات بلاغية مكنته من توظيف الاستعارات والتشبيهات والإنزياحات، وقد نجحت في جعل المتلقي يعيد التفكير في علاقة الإنسان بالسلطة، وييسائل أكثر من الآخر، سواء كان الكون أو الإنسان أو الموت باستبداله بالحب.
    و لعل الرواية مقاربة استشرافية لجذور الإشكالية التي أدت إلى التطرف الفكري، وإلى اختلال موازين القوى في جميع المجالات المبتلية بفوضى الوجدان، وهي دعوة لحوار الثقافات كبديل لصدام الحضارات. وتجيب الرواية عن التساؤلات المطروحة التي تدور حول مفهوم الحرب والخوف وكيفية التخلص من فكرة “أنت لست معي إذن أنت ضدي”.

 إن رواية الخوف في جزئها الأول، هي رواية من أجل الانتصار للحب في صيرورة صراع الإنسان مع المجهول الكبير الذي هو الإنسان بالدرجة الأولى والكون بالدرجة الثانية، إنها إرادة الحياة ضد إرادة الموت.