الأحد، 13 مايو 2007

منتديات إصلاح منظومة التربة والتكوين بين الطموح للارتقاء والارتجال في الإعداد


 منتديات إصلاح منظومة التربة والتكوين
بين الطموح للارتقاء والارتجال في الإعداد

 نموذج جهة الغرب الشراردة بني احسن
  - إحداث منصب نائب المدير بالفرعية المدرسية والمدارس الحضرية الكبرى
 التعاقد مع شركات خاصة للحراسة والبستنة والطبخ بالمؤسسات التعليمية 
عزوف عن تحمل مسؤولية الوظائف الإدارية التربوي                           
   تقديم:نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بجهة الغرب الشراردة بني احسن، وبتنسيق مع نيابتي التعليم بالقنيطرة وسيدي قاسم، منتديات الإصلاح 2007 الرابعة، على امتداد 5 أيام، ما بين 3 و 7 أبريل، وذلك على غرار كافة الأكاديميات والنيابات التعليمية بالمغرب، حيث تحط الرحال في كل يوم مقرر قافلة يتقدمها مدير الأكاديمية، ونائب الوزارة، مع طاقم من مساعديهما للدوائر الترابية بالجهة )أو حسب تقسيمات أخرى( لعرض وتدارس قضايا تعليمية وتربوية… بحضور عدد من المعنيين بالموضوع، نعرض لنموذج عن ذلك، من ملتقى سيدي سليمان المنعقد بإعدادية السلام، يوم الجمعة 6 أبريل2007، وما تم التداول خلاله من مستجدات وملاحظات واقتراحات…
        اختير كشعار لمنتديات الإصلاح في هذه السنة" الارتقاء بالإدارة التربوية"، قدمت لذلك "الوثيقة الإطار" المعدة مركزيا على شكل كتيب من القطع المتوسط في 50 صفحة، وهي تقول: "تكمن أهمية اختيار موضوع الارتقاء بالإدارة التربوية لهذا المنتدى في الموقع الحيوي للإدارة التربوية بصفة عامة، حيث أنها تمثل الحلقة الأساسية لتحصين مكتسبات الإصلاح وتوفير الشروط ليستمر الإصلاح بعد 2007" ص 4. وقد حددت هذه الوثيقة الموزعة على المشتركين الإطار العام للمنتديات، وهي صادرة عن مديرية الإستراتيجية والإحصاء والتخطيط، قدمت الدعامات التأطيرية لمنتديات الإصلاح حول الارتقاء بالإدارة التربوية، مذكرة بالمنتديات السابقة، ومتوقفة بشكل أساسي على " مفهوم الإدارة التربوية وإطارها المؤسساتي" وسياق وخطط الارتقاء بها، بالإضافة إلى ملحق يتضمن محاور ثلاث ورشات، ونص استمارة وجهت لرؤساء المؤسسات التعليمية.
       مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين:
"كلما ابتعدنا عن المدرسين كلما فشلنا في عملنا"
       انصب مجمل تدخل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة ذ.محفوظ بوعلام على التطرق إلى محتوى الوثيقة المركزية المصدر، المشار إليها أعلاه، نيابة عن أحد أطر الوزارة الذي لم يحضر لعذر قاهر كما ذكر. كان يقفز أحيانا على فقرات بكاملها تتطرق للعموميات مما يعرض أمام الحاضرين على جدار بآلة عاكسة، بينما كان يتوقف ليدلي برأيه الخاص في عدد من القضايا، وبمعلومات تهم أكاديميته؛ أخبر بالشروع في توزيع حواسيب على المؤسسات التعليمية، ممولة من طرف الوزارة،  ووعد بتنظيم عدد من اللقاءات التكوينية، خاصة حول مشروع المؤسسة والتدبير المالي للإدارة التربوية، ضمن 1200 مشروع مؤطر على المستوى الوطني، بالتشارك مع وكالة التنمية الكندية، بينما سبق أن استفاد المديرون من حلقات تكوينية أخرى حسب قوله، ومن المرتقب أن يشمل التكوين على الصعيد الوطني 23 ألف إطار تربوي وإداري، أي ما يمثل 35% في غضون 2007.
      كما تطرق إلى محتويات جدول غير مدمج داخل الكتيب بالشكل المعروض)!(، يتضمن ترقيات نساء ورجال التعليم، يشير إلى أن 143017 من شملتهم الترقية، منذ 2000 إلى سنة 2005، بتكلفة مالية وصلت إلى 10.5 مليار درهم وطنيا، مضيفا أن هذه الجهود تمت بتنسيق مع الفرقاء الاجتماعيين " ولولا النضال لما تحققت هذه المكتسبات"، وبالتالي على الرأي العام- يضيف- أن يعرف هذه المجهودات، متسائلا عن المردودية التي يجب أن تظهر من خلال تحسن مستوى التلاميذ، قائلا: أن "المدرسة العمومية في وضعية مقلقة"و"يجب أن نتحكم لثقافة تدبيرية محكمة تتحكم للنتائج والمردودية"، مردفا بقوله: "يجب أن نتعامل مع الموارد البشرية بإنصاف ومسؤولية وصرامة" مذكرا بالإجراءات الجديدة في التباري على المناصب، وبالصرامة المطلوبة في توزيع الحصص على كافة الأطر العاملة، "حتى لا نبقى نسمع عن الذين لا يعملون وعن الأشباح" حسب قوله، متوقفا عند العزوف عن تحمل الوظائف الإدارية التربوية بالإعدادي والتأهيلي، حيث وقع نقص خاصة بعد المغادرة الطوعية، وبالتالي ستفتح مستقبلا هذه المناصب لغير المدرسين كذلك، وللتحفيز ستخصص تعويضات تناسب المجهودات، مشملا بقوله مديري المدارس بالبوادي، مع إحداث منصب مدير مساعد بفرعية المجموعة المدرسية والمدارس الحضرية الكبرى، يتكلف به أستاذ عامل، يتقاضى تعويضا يصل إلى 6 ألاف درهم سنويا، حسب ما نصت عليه «الوثيقة الإطار" ص 38.
      فيما يخص النقص الحاصل في الأعوان والحراس والطباخين بالإعداديات والثانويات، فإن الوزارة ستتعاقد مع شركات خاصة لذلك، وعن تساؤل"اليسار الموحد" حول تاريخ إجراء الصفقات، لم يحدد مدير الأكاديمية موعدا، لكن أحد رؤساء المصالح بالنيابة التعليمية، ذكر أثناء عمل إحدى الورشات أن ذلك سيتم قبل متم السنة الدراسية الحالية، وأن الأعوان المتواجدين الآن بالمؤسسات السالف ذكرها سيتحولون إلى المدارس الابتدائية، وقد ختم مدير الأكاديمية تدخله بالدعوة إلى التقرب من الأساتذة لمعرفة مشاكلهم، خصوصا معاناة العاملين بالعالم القروي كما جاء على لسانه، قائلا: "كلما ابتعدنا عن المدرسين كلما فشلنا في عملنا".
       نائب وزارة التربية الوطنية"سأذهب إلى آخر مؤسسة متواجدة في الإقليم"
      بدوره انطلق نائب وزارة التربية الوطنية على إقليم القنيطرة ذ.محمد الرملي من "الوثيقة الإطار"، عارضا لمنتديات الإصلاح السابقة منذ 2004، بعد ذلك تحدث عن "منجزات" عامة، ذات طبيعة تنظيمية وتدبيرية، تهم الإدارة التربوية والمؤسسة التعليمية، تسير في سياق "الإصلاح"، متوقفا عند التغيبات التي وصلت إلى أزيد من 26 ألف يوم عمل حسبه، مبررة بشواهد طبية وصل عددها 4170، وهو ما حتم تكوين لجنة نيابية لدراسة الموضوع، داعيا إلى تتبع سير الدراسة      في جميع المؤسسات خاصة المتواجدة في العالم القروي، قائلا: "سأذهب إلى آخر مؤسسة متواجدة في الإقليم" ليعطي لتدخله بعد ذلك بعدا تقنيا من خلال سرد عدد من المعطيات على المستوى الإقليمي، كبناء ثماني إعداديات وثانويتين ومدرسة وخمس حجرات بالعالم القروي، ودار طالبة بشراكة…لينتقل إلى الحديث عن الدعم الاجتماعي الذي تشرف عليه النيابة التعليمية، 709 مستفيد من الداخليات )منهم210إناث(، 1100مستفيد من المطاعم المدرسية، وأشكال أخرى من دعم التمدرس )17787محفظة من مدعمين(، ومساندة 15 قسم للتعليم الأولي بالعالم القروي.
          ليختم ببعض الإكراهات التي يعرفها الحقل التربوي، وقد لخصها في العجز الحاصل في المناصب الإدارية، منها 3 مديرين للثانوي، 8 نظار، 1 حارس عام، 78 من المحضرين والكتاب… تشتت المجموعات المدرسية، عدم توفر المؤسسات على موارد مالية،  غياب التعليم الأولي بالعالم القروي، وهو ما يقتضي حسبه إيجاد حلول لهذه المشاكل في إطار ما سماه الآفاق.
   للإشارة، فقد عُرض شريط قصير بين المداختلين في إخراج غير موفق، يتضمن صورا متحركة وأخرى ثابتة، مركبة بطريقة غير مهنية، يعرض الشريط بعض البنايات المشيدة، ونماذج من الحياة المدرسية…دون أن يتحدث عما هو سلبي كوضعية المدارس بالعالم القروي…  
       تقييملا يجادل أحد في أهمية هذه المنتديات، لما لها من دور إشعاعي في الإخبار" بالجهود" المبذولة في مجال التربية والتكوين، ومحاولة إشراك فاعلين آخرين من"ممثلي الجماعات المحلية والفعاليات المهنية والثقافية والاجتماعية والجهوية والقطاع الخاص" ص16 من "الوثيقة الإطار"، إضافة إلى رؤساء المصالح والمؤسسات التعليمية والنظار والحراس… بينما لم يرد ذكر المفتشين وممثلي مجالس التدبير رغم ضرورة حضورهم،) ص7 وما بعدها(… قصد الاستماع لمختلف المتدخلين، وإبداء الرأي والمقترحات حول الموضوع.  لكن رغم نبل فكرة هذه المنتديات، فإن التساؤل عن كيفية الإعداد لها واستثمارها يبقى مشروعا. لننطلق من البداية، فالكتيب/ الوثيقة الإطار، أعد على الصعيد المركزي، وفُرض توجهه على الجميع، هذا ما يناقض مرامي اللامركزية واللاتركيز التي على أساسها وجدت الأكاديميات.  يحمل الكتيب تاريخ مارس 2007، مما يعني التأخر في إصداره، وبالتالي عدم حسن استغلال محتوياته،  في المنتديات التي أقيمت في العطلة البينية.
        في الكتيب دعوة إلى"وضع قوائم المشاركين ودعوتهم من طرف النواب الإقليمين بتنسيق مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين"ص8، لقد عاينا ملء اللوائح من خلال تسجيل اسم كل من يحضر قبل جلسة الافتتاح، مما يعني عدم توزيع الدعوات على كافة المعنيين، كما اطلعت "اليسار الموحد" على مذكرة نيابية، موضوعها "إخبار المديرين قصد دعوة جمعيات الآباء التي توجد في وضعية قانونية" مسجلة تحت عدد2282،  تحمل تاريخ الأربعاء 28 مارس2007، أي يومين قبل بداية العطلة البينية الثانية، والخميس آخر يوم عمل يحرص فيه المديرون على لزوم المدرسة، ويصعب الأمر أكثر على المؤسسات البعيدة، خاصة بالنسبة للعاملين بالعالم القروي، حيث يتنقل المديرون إلى مقر النيابة لتسلم البريد، مما يعني عدم التوصل بالمذكرة في إبانها وبالتالي عدم دعوة كافة من يحق لهم الحضور، وقد تحركت حلول آخر لحظة باعتماد الهواتف والدعوات الشفهية أثناء العطلة، مما انعكس على الكم والنوع، وقد تساءل مدير الأكاديمية في بداية تدخله عن ممثلي الجماعات المحلية، فلم يجبه أحد، و نعت المجتمع المدني "بالفاعل" وهو غير مدعو،  وقد سألت "اليسار الموحد" أحد المشرفين على القوائم عن الجمعيات الحاضرة فلم يقدم جوابا، وتم التأكد من ذلك من خلال اللوائح المبثوثة على الطاولات بالمدخل، باستثناء حضور بعض ممثلي جمعيات الآباء الذين منهم من ينتمون لسلك التدريس كذلك، وهو ما سهل إخبارهم… مع من إذا سيتم التشارك؟
      إذا كانت بعض الأرقام تحمل دلالة خاصة، تثير انشراح بعض المسؤولين، بل تحمل تباشير الأمل، كالقول بأن نسبة التمدرس الخاص بالسن مابين 6-11 تصل إلى 93% سنة06/05،  على الصعيد الوطني، فإن نسبة أخرى مقابلة تثير القلق، وهي أنه فقط 46.2% ممن  يتابعون دراستهم في نفس السنة، أعمارهم مابين 15-17 سنة، أي أن أكثر من نصف أبناء المغرب في هذه المرحلة العمرية لا يدرسون، أغلبهم من الإناث،) ص 30 من "الوثيقة الإطار"(، وهو هدر مدرسي خطير، من المسؤول عنه؟ وكيف ستكون معالجته؟
      تخصيص حيز ضيق للمناقشة في الجلسة العامة، وأمام إلحاح النائب الإقليمي حول ضيق الوقت لم يتدخل سوى خمسة، استهلكوا جميعا 30 دقيقة، ركزت مجمل مداخلاتهم على ضرورة تقييم حصيلة المنتديات السابقة، مطالب حول البنية الأساسية والتجهيزات، مشكل الدعم والدروس المؤدى عنها، تغييب ممثلي التلاميذ، التوقيت غير المناسب للمنتديات، وبعض المشاكل الأخرى الخاصة…
      بعد الزوال انقسم الحاضرون إلى ثلاث لجان: الوضعية الراهنة للإدارة التربوية، تطوير وتحديث الإدارة، الدخول المدرسي المقبل.  لكن بعد اطلاعنا على نسخ من التقارير وجدنا أن مضامين توصياتها متقاربة (حتى لا نقول مطالبها)،  تبقى متمنيات الجميع هو التجاوب معها.
     إن حرقة طرح الأسئلة تسترسل إلى أبعد مدى خاصة حول مجال مصيري كالتعليم، فهل فعلا كان الدافع لخلق هذه المنتديات هو الإنصات وإيجاد الحلول لمشاكل معروفة؟ كما جاء على لسان أحد المتدخلين في إحدى الورشات، كم نحتاج من منتدى مماثل لقضايانا التعليمية المختلفة؟ كم تكلف هذه المنتديات؟ هل يصل صداها إلى كافة الأركان والزوايا؟ هل يأبه بها المعنيون الأساسيون، وهم الآباء والمدرسون والمسؤولون ؟ بل المجتمع برمته؟ 

              مصطفى لمودن       
 (نشرت بجريد اليسار الموحد)