الجمعة، 8 يوليو 2011

الولادة المتجددة لـ"20 فبراير".


  الولادة المتجددة لـ"20 فبراير".
   
بقلم حميد هيمة
 توارى صوت التخوين أمام اندفاع أصوات الخبز والحرية، وانكسرت نظرية المؤامرة على صخرة العزيمة والوطنية، وانهزمت عقيدة القمع، أمام صلابة الإيمان بالتغيير. وبالتالي، فشلت محاولة وأد المولود الفبرايري في مهده الافتراضي، كما فشلت عملية خنقه بـ"البيعة الدستورية"، وخرج، بعد ثلاثة أيام من استفتاء 98.50 لـ"نعم"، في مسيرات حاشدة بعدة مدن مغربية.
ما الذي يؤمن الولادة المتجددة ل"حركة 20 فبراير"؟

أولا- تجاوز الإجماع الدستوري لـ1 يوليوز.
نجحت الحركة العشرينية في اجتياز اختبار نتائج الاستفتاء ثلاثة أيام على إجرائه في مسيرات شعبية، 3 يوليوز، طالبت بـ"إسقاط الدستور" الحائز على أكثر من 98 في المائة! وضع جديد خلق ارتباكا ذهنيا للمواطن-ة العادي حول نسب الاستفتاء الدستوري الأخير. وتعززت عوامل الشك بعد تواتر حالات من الخروقات، حسب تقارير ذات صلة، شابت عمليات الاقتراع؛ فضلا عن الملاحظات، وهي للنخبة الحزبية، التي تمس سلامة العملية الانتخابية برمتها.
كما أن غياب إجراءات عملية وملموسة للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، الذي يمس المعيش اليومي للمواطن-ة، واستمرار نفس السلوكات في مرافق الإدارة العمومية، المتهمة، حسب شعارات "20 فبراير"، باحتضان الفساد والرشوة والمحسوبية(…)، أهل الحركة لاستقبال فئات اجتماعية كانت مترددة. هذا النموذج تمثله حالة مؤلمة، لم ينفعها مركزها العلمي، لأستاذ جامعي مع حراك "20 فبراير"، يقول أستاذنا، في مقال/ شهادة/ شكوى، بعنوان" كيف أصبحت عشرينيا؟ .. ولماذا لابد أن أظل عشرينيا؟ "، توسل فيها بلغة مؤثرة تعتصر الحزن، لنتابع شهادته: " قبل خمسة أشهر لم أكن مساندا لعشرين فبراير رغم حضوري يومئذ في ساحة الحمام بالبيضاء كمشاهد مهتم بقضايا الوطن والتغيير، كما يُلزمه تخصصه العلمي بمتابعة أحداث المجتمع والناس… حينها، عاتبني شخصان: أولهما زوجتي التي ناقشتُ الأمر معها… كنت ملحا أن المغرب استثناء…(و) كان موقفها مخالفا إذ رأت أن الاستبداد والفساد في السلطة…(…) يوم الجمعة 11 مارس، نقلت زوجتي… إلى مستشفى ابن رشد.. لقد اكتشفتُ أن زوجتي تعرضت لإهمال طبي واضح.. وتأكدت في الحال أن المواطن العادي غير مسموح له بالمرض… سُرقت كل ملابس زوجتي لحظة دخولها إلى المستعجلات… لقد دفعت حياتها ثمنا كي أقتنع عمليا بوجهة نظرها: الفساد مازال قائما، وأننا ندفع ثمن وجوده بالتقسيط، في الصحة، وفي الشغل، وفي السكن، وفي التعليم..". بعد سرده للفصول المؤلمة لقصته الحزينة، توصل إلى أنه: ليس إلا مثال مكرر لآلاف الحالات اليومية في هذه البلاد… (و).. أن صمته كان يعني انتظار الدوْر..(و).. أن المسؤول على ما حدث هي وزيرة الصحة والذي وافق على توزيرها… (و)..أن حركة عشرين فبراير الصيغة الوحيدة القادرة على تغيير الوضع في المغرب الراهن...".
من المهم، هنا، الإشارة إلى أن استمرار الحركة على سلميتها، واستقرار مواقفها ومطالبها، المرفوعة من طرف شباب متعلم، متحفز وغير متورط في فساد السياسة، رفع من منسوب ثقة المواطن المغربي بشرعية الحركة ومشروعية مطالبها. 
ثانيا- عمق "حركة 20 فبراير".
للحركة العشرينية، ذات الروح الشبيبية، جذور في الأدوار التي اضطلعت  بها الشبيبة المغربية، وخصوصا المتعلمة، في تاريخنا الراهن. كما أن شروط ميلاد الحركة وتصلبها تستند إلى عوامل عميقة، يتركب فيها السياسي بالاقتصادي والاجتماعي. عوامل تؤمن تغذية مستمرة ل"حركة 20 فبراير ". 
أ- حلقات نضال الشبيبة المغربية. 
بعد هزيمة المقاومة القبلية المسلحة، نهاية النصف الأول من الثلاثينيات، في مواجهة الاحتلال الاستعماري، انبثقت مقاومة سياسية بالمدن المغربية، في إطار تنظيمات الحركة الوطنية، قادها شباب متعلم، بروافد ثقافية سلفية وليبرالية، من أجل استرجاع سيادة الوطن. إن جرد رموز، ما يمكن تسميته بشباب النضال الاستقلالي، سيمكننا من الانتباه إلى انتمائهم العمري لفئة الشباب؛ الذي نجح في تحقيق استقلال 1956، لكنه فشل في استحقاق الديمقراطية.
غياب الديمقراطية، في المغرب المستقل، كان مبررا، لشبيبة السبعينيات، في مقاومة هذا الوضع والنضال من أجل مغرب مستقل وديمقراطي. واعتنق شباب مناهضة الاستبداد مرجعية جديدة متمردة عن مرجعية شباب الاستقلال، كما انتظموا في حركات سياسية انعطفت يسار تنظيمات شباب الأمس. غير أن الشبيبة المتعلمة، لمرحلة السبعينيات، جوبهت بحملات قمع رهيبة، لا زالت أثارها موشومة على ذاكرة وعينا الجمعي: الاعتقالات في السجون، التصفيات الجسدية، المحاكمات الصورية،،، فتأجل، إلى موعد  لاحق، تحقيق الديمقراطية بالمغرب.
على امتداد عقد الثمانينيات، بعد شروع المغرب في تطبيق سياسة التقويم الهيكلي، وأثارها البنيوية على أوضاع قاعدة الشعب المغربي؛ كما ستكشف في التسعينيات، ظهرت حركة شبيبية جديدة بمعطف المطالب الاجتماعية، إنها شبيبة النضال الاجتماعي؛ التي ستلف قطاع واسع من معطلات ومعطلي المغرب في جمعية وطنية للدفاع عن حقوق هذه الفئة. غير أن خلف المطالب الاجتماعية، كانت مواقف سياسية تؤمن النضال من أجل الديمقراطية الاجتماعية.
تهاوت جدران السياسة والايدولوجيا، كما تهاوى الخوف والرعب الذي استحكم في الشعوب العربية جراء تسلط أنظمتها. وتقوى نفوذ قيم الحقوق وثقافة رفض اغتصابها أو خرقها، في أوساط فئات شبابية لم تعش ألام الأمس، لكنها تتطلع لأمال المستقبل. تمردت على ثقافة الخنوع القهر، وأمنت، بعمق، بشعار الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ فقررت تصريف شعاراتها في شوارع وساحات المدن والقرى، في 20 فبراير من السنة الجارية، معلنة عن ميلاد حركة شبيبية تناضل من أجل الديمقراطية هنا والآن. وبذلك، فمطالب "حركة 20 فبراير" هي تركيب للشعارات المؤجلة؛ التي حملتها شبيبات الأمس.
إن استعادة هذه اللحظات، في وقت تحول الشباب إلى أغلبية في المجتمع، يمكن أن يسعفنا في فهم حلقات تطور نضال الشبيبة المغربية، ودورها الثابت والأصيل في الفعل السياسي المغربي الراهن. 
ب- أزمة مركبة لمجتمع مركب.
يجر المغرب أزمته السياسية من طبيعة النظام الموروث عن المرحلة الاستعمارية، حيث يتعايش فيه، بشكل هجين، التقليد و"التحديث" الكولونيالي(تمييزا للحداثة). فشلت الحركة الديمقراطية والتقدمية، بمختلف فصائلها، في فك هذا التحالف لفائدة الحداثة والتنمية الحقيقية بما يؤمن الانتقال المبكر للمغرب إلى صف الدول الديمقراطية. انتهى الصراع بين قوى التقليد/ المخزن وجزء مهم من قوى التقدم/ الحركة الديمقراطية، على أعتاب "توافق" سياسي لم يحل الأزمة الموروثة، لكنه عزز من قوة التقليد.
إن مبرر قيام "حركة20 فبراير" هي انحراف المغرب عن طريق الديمقراطية. وبالتالي، ف"20 فبراير"، كقوة إصلاحية دافعة، هي حركة تصحيحية لمسار منحرف.
   تتفاقم الأوضاع الاجتماعية، لعموم المغاربة، رغم التحسن النسبي في بعض القطاعات، وانحدار مستوى الخدمات، وتعقد شروط ومتطلبات العيش الكريم، واتساع مؤشرات الهشاشة الاجتماعية، حسب شهادات رسمية وأجنبية، في القرى والمدن. فالمغرب الاجتماعي، يسير وفق وثيرتين مختلفتين: أقلية من المغاربة تعيش في ترف، و قاعدة المجتمع، التي تعززت بانحدار أوضاع الطبقة الوسطى، تعاني من صعوبات في العيش الكريم.
إن مبرر قيام واستمرار "حركة20 فبراير"هو تحقيق الإنصاف الاجتماعي والمجالي.
أما الوضعية الهشة للاقتصاد المغربي، المتأثر بتداعيات الأزمة المالية، يعكسها تدبدب مؤشراته. فالمغرب لم يؤهل اقتصاده لإنتاج الثروة في بلد تعوزه الثورة، كما يرهقه ثقل القضايا الاجتماعية الضاغطة. اقتصاد ريعي، تحتكر موارده بورجوازية بدون خلفية ليبرالية، استكانت لقربها من السلطة، كموقف سياسي، مقابل منافع اقتصادية ريعية.
إن مبرر قيام واستمرار "حركة 20 فبراير" هو محاربة اقتصاد الريع كمقدمة لبناء اقتصاد منتج. 
ج- فضاء الحرية في العوالم الافتراضية.

إذا كانت مساحة الحرية تنكمش وتتمدد في الواقع السياسي المعيش، وإذا كانت التنظيمات لا تحتمل"شغب" المواطنة عند أعضائها، ويضيق صدر الزعماء برأي مخالف، فإن شباب اليوم، أبناء الثورة الصناعية الثالثة، اكتشفوا شساعة مساحة الحرية في الفضاء الرقمي، و"شنقوا" الزعيم/ الشيخ. فتحرروا من وصايته، و فجروا طاقة الإبداع، تحث ضغط التطلع للحرية؛ كقيمة إنسانية وكونية.
إن مقرات الفضاء الرقمي، من مدونات ومنتديات اجتماعية وغرف الدردشة، توفر السرعة في نشر الخبر والمعلومة دون الالتزام بفروض سلطة الرقابة. مرونة في النشر، وحرية في التعبير عن الذات وتطلعاتها، وتنوع المنتوج المعروض. في هذا العالم تصنع قرارات الحرية، وترسم خطط التغيير، وتشحذ همم أنصار العدالة و الكرامة.   
ليس ضروريا، إذا، أن تمتلك بطاقة العضوية، فيكفي نقرة زر للانخراط في النقاش والسجال الملامس لكل القضايا والمنفتح على خلاصات التغيير. 
  ثالثا- شعوب تتحرك نحو الحرية.
 حفزت حركات التغيير، التي تعم العالم العربي، خلال السنة الجارية، شباب المغرب للانتظام في "حركة 20 فبراير". وانجذبت الشعوب لمضمون التغيير الجاري في الإقليم العربي، تحث يافطة قيم كونية، يعتبر تحققها شرط انتمائنا الإنساني. "بنعلي هرب… الشعب التونسي حر"، وتنحى مبارك من السلطة التنفيذية  ليجلس أمام سلطة القضاء، وانتهت مدة صلاحية حكام اليمن وليبيا وسوريا…الخ.  
زحف الربيع العربي بياسمين الحرية وأزهار العدالة والكرامة.
إن استمرار قيام هذه الأوضاع، على الأقل في شرطها المحلي، هو ما يؤمن استمرار نضال "حركة 20 فبراير ".
 *********************************

 ذ.حميد هيمة أستاذ الاجتماعيات بالثانوي التأهيلي 

الأربعاء، 6 يوليو 2011

مخزنة الديمقراطية ودمقرطة المخزن.


 مخزنة الديمقراطية ودمقرطة المخزن.
حميد هيمة
تفاعلت إشارات "حسن النية" بين النظام المغربي وجزء من معارضته، التي انخرطت، منذ السبعينيات، في إستراتيجية النضال الديمقراطي، مما أثمر "توافقا" سياسيا بين الطرفين، وأنهى حالة الصراع التناحري، التي امتدت منذ 1956 وإلى غاية السبعينيات، القائمة على أن وجود الذات يقوم حصريا على إلغاء الآخر. فالمعارضة بلورت كل الصيغ من أجل كنس النظام القائم وتأسيس نظام جديد وفق متخيلها السياسي. والنظام السياسي، من جانبه، استفرد بالسلطة والثروة وسخر كل الأساليب الوحشية لإعدام معارضته وتصفيتها.
لم ينته الصراع، كما لم ينجح أي معسكر في تصفية نقيضه، وهو ما سيسمح ببلورة قناعات جديدة لـ"العيش المشترك"، في إطار "المسلسل الديمقراطي"، برهانات متناقضة، يمكن اختزالها، بشكل استفهامي، في : هل نجحت المعارضة في دمقرطة المخزن أم توفق هذا الأخير في مخزنة الديمقراطية؟

1- ديمقراطية إلغاء النقيض.
شعرت الحركة الوطنية، وخصوصا جناحها التقدمي السياسي والمسلح، بالغبن بعد حصول المغرب على استقلال 1956. فكل التجارب التحررية، بصيغها المختلفة، أثمرت وصول حركة التحرر الوطنية إلى السلطة معززة برصيد نضالي وكفاحي ضد القهر والاستغلال الاستعماريين ومتحفزة، كشرط موضوعي، بالمد التحرري الذي كان يعم دول العالم الثالث. بيد أن التجربة المغربية كانت مخالفة لهذا المسار العام، حيث انفردت الملكية، التي لم تلتحق بالحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال إلا في النصف الثاني من الأربعينيات، بالسلطة السياسية والدينية والاقتصادية. كما أن الملكية، مسنودة بمحيطها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الداعم، سارعت إلى ترتيب الأوضاع السياسية للمغرب الجديد بما يعزز قوتها ويقلص من وزن قوى الحركة الوطنية بتعبيراتها السياسية والنقابية.
في هذا السياق، سيؤجل الاستحقاق الدستوري للمغرب مدة 8 سنوات عن استقلال 1956، كما سيتعاظم الاتجاه التقليدي في النظام المغربي على قاعدة شرعيات دينية وتاريخية وثقافية ممزوجة بطلاء حداثوي يعزز، في نهاية الأمر، شرعية النظام القائم؛ الذي سيعمل جاهدا من أجل إفشال استرتيجيات القوى السياسية الفاعلة. ونستحضر هنا إفشال تجربة أول حكومة وطنية بقيادة المرحوم "عبد الله ابراهيم"، وحل الحزب الشيوعي المغربي، و الزج بالمعارضين في المعتقلات، و تصفية جيش التحرير…الخ.
كما أن الأجنحة المعارضة، التي ستعبر عن نفسها سياسيا بعد بروز الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة1959، ستجرب خيارات سياسية، وليدة منطق الصراع الدموي، تتكئ على الإجهاز على النظام المغربي باعتباره لا شرعي ولا ديمقراطي. وسيتعزز معسكر المعارضة برافد سياسي جديد ولد من صلب القوى اليسارية والشيوعية، لكنه يحمل منسوب عداء ورفض أكبر للنظام: يتعلق الأمر باليسار الجديد، الذي ظهر سبعينيات القرن السابق، والذي آمن أن الثورة هي الحل الوحيدة لإزاحة النظام المغربي.
ما يهمنا،هنا، هو أن الديمقراطية، في تصور المعارضة المغربية، لا يمكن أن تتأسس إلا بإلغاء النظام غير الديمقراطي. وأن استنباتها يمر حصريا بتصفية نقيضها. كما أن الحكم، من جهته، عمل على الاستدماج التدريجي للآليات الديمقراطية، بصيغة شكلية لا تمس جوهره الثابت، بما يحول دون تمكين نقيضه(المعارضة) من الوصول إلى السلطة: إنها ثنائية ضدية تقوم على تأكيد الذات بنفي الآخر تغترف مبرراتها، بالنسبة للمعارضة، من الشرعية النضالية والشعبية أو بمسوغات دينية تستمد مضمونها من قراءات فقهاوية بالنسبة للنظام.

إن مقومات بناء الديمقراطية، في هذه المرحلة، تتأسس، حسب المنطق السائد للمعارضة، على إنهاء النظام المغربي. وبالنسبة لهذا الأخير، فإن الديمقراطية يجب أن لا تسمح للمعارضة بالوصول إلى الحكم، غير أنها-الديمقراطية- مطلوبة لتطعيم شرعيته؛ وهو ما سيجعل كل الاستحقاقات الديمقراطية، في صيغتها الانتخابية مثلا، مناسبة لتجديد "البيعة" وتأكيد لإجماع قبلي بطرق حديثة.
لم ينته الصراع، كما لم ينجح أي معسكر في تصفية نقيضه، وهو ما سيعبد الطريق لتبلور قناعات جديدة لـ"العيش المشترك"، في إطار "المسلسل الديمقراطي"، برهانات متناقضة ستؤطر المرحلة إلى حدود الخروج عن "المنهجية الديمقراطية ".

2- رهانات المخزنة والدمقرطة في"المسلسل الديمقراطي".
تعرضت المعارضة لحملات قمع واجتثاث ممنهجة، لكنها استطاعت الحفاظ على وجودها وتأمين استمراريتها التنظيمية والسياسية في بؤر النضال المناهض للنظام. وواجه هذا الأخير، بدوره، محاولات أكيدة لتصفيته من خلال المحاولات الانقلابية والتحركات الشعبية والتنظيمات الثورية.
استحكم الإرهاق والتعب بالطرفين، فكان من الضروري بلورة قواعد  جديدة للصراع تنبني على العيش المشترك وتنهي حالة التناحر التصفوي. النظام المغربي، بمبرر استحقاقات قضية الصحراء المغربية، وسع من هامش الفعل السياسي في إطار ما سمي بـ"المسلسل الديمقراطي". وبالمقابل، اجترحت المعارضة استراتيجية "النضال الديمقراطي" حتى تهيئ ذاتها لظروف مرحلة "المسلسل الديمقراطي".
بيد أن"المسلسل الديمقراطي" خضع لتجاذب رهانين أساسيين، في تقديري، وهما:

1- مراهنة النظام المغربي على "مخزنة" المعارضة، مما يجعل إرادتها في معارضة ثوابته مشلولة وغير ذات فعالية ؛
2- مراهنة المعارضة، أيضا، على "دمقرطة" المخزن من خلال النفاذ إلى مؤسساته القائمة والعمل على تطويرها / تطويعها تدريجيا حتى تصبح قادرة على استنبات الديمقراطية بمواصفاتها الكونية وغير المتعارضة مع الخصوصية المغربية.
هذه الرهانات المتجادبة أوجدت لها مساحة للتعايش بين الطرفين. لأن المخزن في حاجة، كشرط سياسي للخارج، إلى معارضة في الداخل تأكيدا، أولا، على انخراطه في المشروع الليبرالي(التعددية الحزبية و السياسية). وثانيا، تطعيما لشرعيته الدينية والتاريخية برتوش من الشرعية الديمقراطية. لكن المعارضة، حسب مواصفات السلطة القائمة، يجب أن لا تنازع في شرعية المخزن، بل تناوشه فقط في بعض خياراته. أما المعارضة، من جهتها، عملت بشكل ملموس على توسيع هامش تحركها السياسي والجماهيري بشكل يخدم رهانها القائم على إرهاق المخزن. طبعا، فالمعارضة الخارجة عن طوق التوافقات استمرت في منازعة شرعية السلطة بشكل جزئي، كما أنها واصلت صراعها التناحري مع السلطة، صراع قائم على إلغاء الآخر.
هذه الديناميات المتعارضة هي التي ستؤسس، لاحقا، لمسلسل التنازلات الثنائية وتبادل الإشارات الودية، التي تندرج في منطق "حسن النية"، بما سيقود إلى إعادة صياغة الرهانات الأولى، ديقراطية تصفية النقيض، وفق منطق جديد يقوم على "العيش المشترك".
من المهم جدا طرح التساؤل عن مآلات هذا المسار : هل تمخزنت المعارضة أم تدمقرط المخزن؟
فقدت المعارضة السابقة، التي كانت الكتلة الديمقراطية قوتها الدافعة، معاقلها النضالية، وانخفض، بشكل ملموس، وزنها السياسي، كما فقد الشارع ثقته فيها، وتعرضت لحالة من التذرية السياسية والتنظيمية. بالمقابل، مكنت مرحلة "التعايش المشترك"، التي لم تتزعزع رغم الخروج عن "المنهجية الديمقراطية "، المخزن من إعادة تأهيل ذاته لتأمين استمراره على أرضية ثوابته الأصلية. وباتت الأحزاب مجتمعة ودون تمييز، في نظر عامة المغاربة، قنوات للانتهازية والوصولية والتموقع السريع في صدارة السلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. يؤكد قطاع واسع من مغاربة اليوم على أن الأوضاع العامة، خصوصا الجانب السياسي، قد تغيرت، غير انه تغيير غير كاف وهش. المعارضة السابقة تآكلت تنظيميا ولم تعد تعبر، حسب نفس الرؤية، عن هموم شعبها. والواقع أن تآكل المعارضة الديمقراطية عزز من قوة النظام المغربي. فالحلول، التي ينتظرها المغاربة لمشاكلهم، لا تأتي من "الأحزاب" بقدر ما ستحملها الإرادة الملكية، لأن الأولى لم تف بوعودها لحظة إشراكها في السلطة سنة 1998 وما أعقبها، حسب تصور قطاع واسع من الشعب المغربي.
أكيد أن إشراك المعارضة في السلطة، بدون ضمانات سياسية ودستورية، وقيادة حكومة دون صلاحيات حقيقية، كما سيعترف بذلك الأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، هو توريط لها وتنفيس للنظام من أزمته الخانقة.
و أكيد، أيضا، أن الوطن، ككيان متعال عن الفاعل السياسي، ربح رهان تخفيض تكلفة الصراع. لكنه، بالمقابل، خسر رهان دخوله لنادي الديمقراطية. 

والحال، أن السلطة القائمة في المغرب نجحت، في تقديري الخاص، في استراتيجيتها وحققت جزءا معتبرا من أهدافها. لأنها، أولا، توفقت في استدراج المعارضة، المنخرطة في توافقات 1998، من وضع الصراع التناحري وجرها  إلى صراع خيارات لا تمس جوهر النظام السياسي القائم. وثانيا، انحدار الخط السياسي لأطراف المعارضة، المشار إليها، دون مواقف النظام ذاته إزاء العديد من القضايا المطروحة للنقاش، مما يوحي، وهذا ما تحاول تأكيده الدوائر الرسمية وامتداداتها الحزبية، أن للمخزن نفس إصلاحي أكبر من الأحزاب الإصلاحية .
استطاعت السلطة في المغرب، لحظة 1998 العابرة، تنفيس أزمتها الخاصة بالإدماج الحكومي للمعارضة في تدبير الأزمة العامة للبلاد (السكتة القلبية)، بما أعانها -السلطة- على تصريف جزء من أزمتها إلى الأحزاب السياسية التي عارضتها قبل نهاية عقد التسعينيات.
راهنت المعارضة السابقة والحالية، بقوة، على الإصلاحات الدستورية والاجتماعية القمينة بدمقرطة النظام المغربي. غير أن هذا الأخير يجري، كعادته، الإصلاحات/ البريكولاج الذي يعزز مكانته ويمتص من قوة باقي القوى الفاعلة ذات الروح التنافسية. 
كانت المعارضة، ستنجح  نسبيا في "اختراق" المخزن لو قعدت  توافقاتها بقاعدة دستورية وإطار سياسي جديد. كما أنها بالتأكيد كانت ستنجح، على الأقل رمزيا، لو أبعدت رموز ثقيلة في النظام؛ كما هو الحال بالنسبة لشرط "محمد بوستة" على وزير الداخلية الدموي. صحيح أن "لو" لا تغير اتجاه حركة التاريخ، غير أنها تسعف في فهم سيناريوهات أخرى لحركة التاريخ معاكسة للنهاية المأساوية لتاريخ معارضتنا.
إن الخلاصات الأساسية، من هذه الاستعادة التاريخية المستمرة في حاضرنا، يمكن تركيزها في:
1- بنية المخزن، بمحموله التاريخي والسياسي، متصلبة وعصية عن الاختراق الديمقراطي؛
2- تأسيسا على ذلك، فالمجهود النضالي يقتضي ملامسة جوهر بنية الدولة: النضال من أجل دولة ديمقراطية حديثة تتعايش فيها الشرعيات التاريخية والدينية والديمقراطية، وجميع هذه الشرعيات يخضع للشرعية الأخيرة؛
3- إن فشل خيار "دمقرطة المخزن" ليس بالضرورة نتيجة لضعف التنظيمات الحاملة لهذا المشروع، وإنما مرتبط، في تقديري، بغياب السند الشعبي الداعم لهذا الخيار؛
4- إن التغيير العميق يجب أن يصاغ في قلب المجتمع وبالمجتمع (…).
سيعلن رسميا عن نهاية حلم "دمقرطة المحزن" لحظة الخروج عن "المنهجية الديمقراطية" بتعيين جطو وزيرا أولا خلفا للأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، دون أن تمتلك المعارضة السابقة القدرة الكافية على رد الفعل المناسب مع استحقاقات اللحظة السياسية. بيد أن الشارع المغربي، في إطار ديناميته المستمرة، سينتج آليات أخرى في مطالبته بالديمقراطية؛ ستمثل حركة "20 فبراير" إحدى تعبيراته الناصعة.
توفق النظام المغربي، إذا، في الالتفاف على الديمقراطية، كما توفق في تمييع الوسائل والآليات الديمقراطية، ونجح، أيضا، في اختراق الصف الديمقراطي، غير أنه فشل في التحكم و ضبط المطالب الديمقراطية للمجتمع المغربي؛ كما عبرت عنها، مثلا، حركة "20 فبراير ".

04/07/2011
ــــــــــــــــــــ
 المدونة: حميد هيمة أستاذ الاجتماعيات بالثانوي التأهيلي

حركة 20 فبراير مقدمة لفهم طبيعة الخصوم


 حركة 20 فبراير 
مقدمة لفهم طبيعة الخصوم


        مصطفى لمودن                  
عندما "انطلقت حركة 20 فبراير" بالمغرب لم تختر خصومها، وبما أنها حركة مطلبية تناضل من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وفصل السلط والقضاء على الريع بمختلف أشكاله، مع سيادة الإرادة الشعبية، بحيث تنطلق وتؤول السلطة للشعب، يمارسها عبر انتخابات حرة ونزيهة… فإن كل من له "وجهة نظر" مخالفة قد اصطف في مواجهة  "حركة 20 فبراير"، ويسهل لكل متتبع تحديد أصناف هؤلاء:
    ـ المخزن: هو منظومة من السلوكات المترسبة في الواقع السياسي والقيمي والذهني لدى فئات عريضة من الشعب، هو جهاز سلطة متحكمة في كل شيء، وله آليات ما فوق ديمقراطية رغم اعتماده على بعض مظاهر "الحداثة" كإدارة حديثة كان للاستعمار فضل وضعها منذ البدايات الأولى للاحتلال… المخزن له امتداد في الزمن المغربي يعود لقرون، يعتمد مركزية الحكم، ومرونة في التحالفات التي تتبدل حسب الظروف (القبيلة ، الزاوية، الحزب..)، المخزن لا يرغب إطلاقا في أي ديمقراطية لأنها ستحد من صلاحياته التي يريدها بدون حد وبدون مراقبة، رغم اضطراره أحيانا إلى استعمال مساحيق "ديمقراطية" لتزيين الواجهة كسماحه بانتخاب برلمان دون صلاحيات.
    ـ مافيا الانتخابات: هم الأشخاص أو الشبكة المنتفعة من الريع السياسي الذي انطلق منذ "المسلسل الانتخابي" سنة 1977، لم نسمهم أحزابا، لأن ذلك لا ينطبق عليهم بحيث إنهم غير منضبطين لحزب معين، وهم بسلطتهم وعلاقاتهم المحلية فوق الأحزاب، وغالبا ما تسعى بعض الأحزاب لنيل ودهم، ماداموا قادرين على "النجاح" في كل الانتخابات، باستعمال شبكتهم وتأثيرهم الخاص على فئات من المواطنين باعتماد الزبونية والتدليس والارشاء، ولدى بعضهم القدرة على التدخل لدى إدارات عمومية بشكل غير مشروع… هؤلاء "المنتخبون" رؤساء مجالس محلية ومستشارون بها وأعضاء بمجلس النواب بغرفتيه وأعضاء بالغرف المهنية (فلاحة، صناعة تقليدية..) وأغلبهم قد اغتنوا بشكل فاحش في ظل التفقير المستمر لمحيطهم وجماعاتهم المحلية، يرون في مضمون مطالب "حركة 20 فبراير" تهديدا صريحا لمصالحهم، عبر "الوعي" الجديد الذي قد يصل إلى الشباب وعموم الناخبين، كما ترهبهم مطالب محاكمة المفسدين، وإن كان رفع المطلب ليس هو الشروع في الفعل (المحاكمة)، هؤلاء يربطون مصالحهم بكل ما هو نقيض ل "حركة 20 فبراير".
   ـ فاسدو الإدارة: هؤلاء بدورهم أصبحوا في المغرب شبكة مستحكمة وغير معلنة، تتبادل المصالح والمنافع فيما بينها، غالبا يحتلون مناصب يكون لها تأثير يومي على المواطنين، ولهم "سلطة" تؤثر على المعيش اليومي ومصالح الناس، أو يكونون مسؤولين عن صرف الميزانيات أو توقيع وثائق.. هؤلاء الموظفون اغتنوا في العقود الأخيرة بشكل فاحش وغير مشروع، سواء عبر الرشاوى أو نيل "نصيبهم" من الصفقات أو ابتزاز الناس في مقابل خدمات مشروعة أو غير مشروعة.. هؤلاء لا يهمهم الانتقال إلى دولة الحق والقانون ووضع آليات المراقبة والمحاسبة، لأن ذلك في نظرهم سيحد من "مداخليهم" الإضافية التي تفوق أحيانا أجورهم المشروعة..  
    ـ أحزاب الإدارة والأحزاب التي تتبنى مواقف الإدارة: ليس من الضروري أن تكون الأحزاب المعنية بمعارضة "حركة 20 فبراير" ذات طبيعة متجانسة، فتناقضاتها فيما بينها لا تحصى، ما يجمعها هو أن ظهور الاحتجاجات قد أربك كل حساباتها، وهي (الأحزاب) تعرف أن  فئات عريضة من الشباب المغربي غير مهتم بخطاباتها بل وبتواجدها أصلا، وقد أبانت في مناسبات عديدة أنها خارج السياق المجتمعي ومصالحه الضرورية والمشروعة في تحقيق العيش الكريم والديمقراطية الحق، وظهر بعد ميلاد"حركة 20 فبراير" أن هذه الأحزاب عالة على المجتمع، ويتجلى ذلك من نوعية "مطالبها" التي رفعتها من أجل مراجعة الدستور، حيث لم تلامس جوهر تبني الإرادة الشعبية في تسلم السلطة وتدبير الشأن العام الوطني.. وليس صدفة أن تتلقى دعما ماليا قويا عند انطلاق الحملة الدعائية بلغ 800 مليون سنتيم وما أكثر من ذلك لكل حزب، رغم أن وزارة الداخلية ذكرت أن ذلك من بقايا المساعدات التي تحصل عليها الأحزاب! لكن التساؤل المشروع هو لم في تلك الفترة بالضبط؟ والجواب واضح للجميع.
    ـ الحزب السري: غالبا ما يطلق على وزارة الداخلية وأعوانها المتواجدين بكثافة في كل مكان، هي أقوى وزارة على الإطلاق، سواء بطاقمها البشري وباللوجستيك الموضوع رهن إشارتها، تنظم التظاهرات من وراء ستار، تعد لوائح الانتخابات حسب هواها، توزع البطائق الانتخابية، تنظم الاستفتاء وتعلن عن النتائج، تقوم بحملة دعائية منظمة وقوية وحتى دون أن يكلفها ذلك الإعلان عن نفسها، ونعطي مثلا بمنشور مستقل وضع داخل الجرائد أثناء الحملة دون أي توقيع، ووضع لافتات بالشوارع وببعض مكاتب التصويت حتى يوم الاقتراع… 
  متفرعات مناوئة:
      من هذه الإرادات المناوئة المتأتية من المصادر المذكورة أعلاه، تتفرع عمليات ذات طابع تنفيذي تجاه  "حركة 20 فبراير"، تقوم بها أطراف أخرى بعد تلقيها الأمر أو التشجيع أو الأجر…
من ذلك كثير من خطباء المساجد العاملين تحت إمرة "المجالس العلمية" ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد حولوا منبر الجمعة وخطبتها إلى وسيلة دعائية..
 ثم بعض الزوايا المرتبطة بالمخزن أو بعض رموزه كالزاوية " البودشيشية" التي يرتبط بها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية نفسه، وقد هبت لنجدته أمام غضبة القيمين الدينيين الذي نظموا عدة مسيرات احتجاجية ذات طبيعة مطلبية خاصة، وتجدر الإشارة أن مسيرة  البودشيشيين شارك فيها الخطباء والأئمة كذلك..
وساهم بدون "هوادة ونجابة" في التشويش على "حركة 20 فبراير" عدة منابر إعلامية، لعل القنوات التلفزية العمومية احتلت موقع الصدارة، ثم منابر صحفية ورقية متعددة بشكل مفضوح وسافر، وهو أمر منتظر في الظل التحكم الخفي في كل شيء، مع استعمال العصا حكالة رشيد نيني الذي أدخل السجن، أو الجزرة كاستعمال الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة لمنابر صحفية معروفة رغم "استقلاليتها"، أو منح حصص إشهار وإعلانات، ولعل أهمها الدعوة للمشاركة في الاستفتاء الممول من طرف وزارة الداخلية.
البلطجية: وهو مصطلح قادم من مصر، هناك دعوات لوضع تعريف خاص بالمغرب لهؤلاء، المهم أنهم يـُستعلمون حتى دون أن يفهموا القصد الذي هم من أجله "يناضلون"، يتم تهييجهم بخاطبات مغلوطة تحمل الحقد والكراهية تجاه "حركة 20 فبراير"، ويتم اختيارهم بعناية، وفق شروط محدد، منها الهشاشة الاجتماعية وضعف المستوى الثقافي، وأحيانا حتى من ذوي السوابق والمتجرون في الممنوعات، والمهددون في أرزاقهم في أية لحظة عبر منعهم من التنقل وعرض خدماتهم وسلعهم كماسحي الأحذية والبائعين المتجولين.. وهؤلاء هم أساسا ضحايا وليس خصوما طبيعيين ل"حركة 20 فبراير".. لكن أفعالهم خطيرة، حيث يتم تهييجهم، ويغض الطرف عن ممارساتهم العنيفة، وقد يتحولون مع الوقت إلى مليشيات غير منضبة لأي طرف، حتى للذين صنعوهم وأوجدوهم.
من الضحايا الآخرين الذين تم استعمالهم بعض ممتهني النقل السري الذين "يعملون" تحت رحمة المراقبين للنقل والطرقات رغم خدماتهم الجليلة لحل مشاكل النقل، وأصحاب النقل المزدوج، رغم أن هؤلاء يعملون برخصة، لكن تجاوزاتهم في حشر الركاب داخل (وحتى فوق) سياراتهم المتهالكة، أي أن غض الطرف عن ممارساتهم اللاقانونية لا يكون دائما بدون ثمن..هؤلاء شاركوا في نقل المناوئين أو تنظيم مسيرات مساندة ل"نعم" أو معرقلة لمسيرات "حركة 20 فبراير".
من مظاهر الحلمة !!
ليس من الضروري أن يتفق كل الشعب مع "حركة 20 فبراير" فبالإضافة إلى الخصوم "الطبيعيين" الذين ينوجدون بحكم طبيعة مصالحهم، هناك فئات أخرى تتوجس من أي "تغيير" محتمل، سواء لعامل نفسي صرف يعتاد على السكون والاكتفاء بما هو كائن، أو من يدلي  بحجج مقنعة كتفادي الفوضى التي لا يرغب فيها طبعا أي عاقل ومتزن..وقد مثلت "حركة 20 فبراير" وهي من مواطنين لديهم كافة الأهلية رؤية أخرى لتدبير قضايا الوطن والمواطنين ضمن الشرط الديمقراطي، ومن حق الجميع أن يحتج ويعبر سلمياا عن رؤيته وتطلعاته،  والغريب أن هناك من "البلطجية" من يدعو في شعاراته إلى طرد أعضاء "حركة 20 فبراير" خارج المغرب !بينما شعارات الحركة تدعو إلى "محاكمة المفسدين".. المؤكد أن المغرب على مشارف حقبة جديدة تنطلق من العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين، ما مداها؟ ما نتائجها على الفاعل السياسي وعلى شؤون الوطن والمواطنين؟ ذلك تجيب عنه التفاعلات والحراك المستمر في مجتمع يتحول وفي محيط دولي يتغير باستمرار…    

 ——————— 
 نشر ب: 

الأحد، 3 يوليو 2011

حالف اليسار الديمقراطي: الاستفتاء فاقد للشرعية ومواصلة النضال لوضع حد للاستبداد ودعم لا مشروط لحركة 20 فبراير حتى الإقرار بكافة الحقوق


حالف اليسار الديمقراطي:

الاستفتاء فاقد للشرعية ومواصلة النضال لوضع حد للاستبداد ودعم لا مشروط لحركة 20 فبراير حتى الإقرار بكافة الحقوق

أصدر تحالف اليسار الديمقراطي بيانا إثر الإعلان عن نتيجة الاستفتاء الخاص بدستور 1 يوليوز، وقد اعتبر الاستفتاء فاقدا للشرعية، وقد سبق أن راسل ذ. عبد الرحمان بنعمرو الوزير الأول في شأن عدم إصدار مرسوم منظم للاستفتاء (*) باسم التحالف، وتوقف البيان عند جملة خروقات أفسدت الاستفتاء، وأكد على الدعم اللامشرط ل"حركة 210 فبراير".. وتجدر الإشارة أن هذا التحالف يتكون من "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" و"الحزب الاشتراكي الموحد" و"المؤتمر الوطني الاتحادي".. ندرج نص البيان كاملا
 
محمد مجاهد، عبد السلام العزيز، عبد الرحمان بنعمرو

بــيـــــــان

تحالف اليسار الديمقراطي يهنئ الشعب المغربي على نجاح مقاطعته الواسعة للاستفتاء على الدستور.
إن اللجنة التنفيذية لتحالف اليسار الديمقراطي المجتمعة يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011 بمقر حزب المؤتمر الوطني الاتحادي بالدار البيضاء، بعد قراءتها النقدية لطبيعة اللحظة السياسية الدقيقة.
 والصعبة التي يمر منها المغرب، واستمرار الدولة في تعاطيها مع استحقاق الاستفتاء على مشروع الدستور بالمنطق السياسي التقليداني المحافظ، واعتماد كل الأساليب المشينة و اللاحضارية في التعبئة للتصويت بنعم. وبعد استعراضها للخروقات التي شابت هذا الاستحقاق من إعداد الوثيقة إلى يوم التصويت والإعلان عن النتائج. وبعد استحضارها للأزمة المركبة التي يعيشها المغرب وما تتطلبه من إصلاحات جوهرية وعميقة، للتوجه نحو المستقبل لبناء ديمقراطية حقيقية.
فإنها :
     تعلن للشعب المغربي و كافة الشرفاء الديمقراطيين بالمغرب أن القرار التاريخي الذي اتخذه تحالف اليسار الديمقراطي، القاضي بمقاطعة الاستفتاء على الدستور يوم فاتح يوليوز 2011، هو بمثابة بيان وطني عام يؤكد أن المنهجية اللاديمقراطية التي اعتمدت في إعداد المشروع  و المرتكزات و المقتضيات التي انبنى عليها، توضح أن المغرب لازال بعيدا عن بناء نظام سياسي  ديمقراطي أساسه الملكية البرلمانية
2ـ      تشجب بقوة الأساليب الدنيئة والعتيقة التي اعتمدتها أجهزة الدولة والسلطات الإدارية على حشد و حمل المواطنات والمواطنين للتصويت بنعم على مشروع الدستور، موظفة في ذلك القوى المحافظة و بعض الفئات المغرر بها،  ومستغلة  الدين لأغراض سياسوية تسيء لقدسيته .
3ـ      نهنئ الشعب المغربي على مقاطعة أوسع شرائحه و فئاته للاستفتاء على مشروعالدستور  كتعبير عن رفضها له باعتباره يعد في جوهره استمرارا للنظام المخزني المتحكم في الثروة والسلطة،  وتعبر عن قلقها واستيائها العميقين في كون الدولة ضيعت على المغرب فرصة تاريخية أخرى لبناء المغرب الديمقراطي الحداثي القادر على مجابهة التحديات الداخلية و الخارجية و تحصين الوحدة الترابية .
4ـ      تعتبر أن العناصر  التي اعتمدتها الدولة في الحملة الاستفتائية، والتعليمات التي أعطيت لرؤساء المكاتب، وطريقة التصويت، والخروقات التي صاحبت العملية الاستفتائية من بدايتها  إلى نهايتها، تجعل  هذا الاستفتاء فاقدا للشرعية القانونية وفاسدا ومزورا ولا يعبر عن الإرادة الحقيقية  للشعب المغربي ،ويدفع البلاد نحو الاحتقان والانحباس .
5ـ     يدعو كافة مناضلات و مناضلي تحالف اليسار الديمقراطي إلى التعبئة المستمرة و المنتظمة لمواصلة النضال من اجل دستور ديمقراطي وإصلاحات سياسية واجتماعية عميقة، ووضع حد للاستبداد والفساد اللذان يعدان المعوق الأكبر  لكل تقدم وتطور منشودين .
     تؤكد دعمها اللامشروط لحركة 20 فبراير، وتدعو مناضلاتها ومناضليها إلى الانخراط في كل نضالاتها المسؤولة بغاية المساهمة في بناء مغرب ديمقراطيحداثي، سيتسع لكل أبنائه، ويقر كافة حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية و السياسية والثقافية .

الدار البيضاء :فاتح يوليوز 2011
اللجنة التنفيذية
ــــــــــــــــــــــــــــ
(*)           الرباط في 30 يونيو 2011
تحالف اليسار الديمقراطي                            
       الأمانة العامة


                                                 السيد الوزير الأول
                                         الوزارة الأولى بالرباط
                        تحية وسلاما ،
                                الموضوع : استفتاء فاتح يوليوز 2011 شاب تحديد تاريخه و مدة الحملة  بشأنه وتاريخ بدايتها و نهايتها خروقا قانونية تجعله لاغياـ  بالإضافة إلى خروقات أخرى ستطرح لاحقا

                        السيد الوزير الأول ،
                        تتشرف الأمانة العامة لتحالف اليسار الديمقراطي ، المكون من الحزب الاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة الديمقراطيالاشتراكي ، بأن تعرض عليكم ما يلي :
              نشرت الجريدة الرسمية عدد 5952 مكرر لتاريخ 14 رجب 1432 ( 17 يونيو 2011 ) الظهير الشريف رقم 82 . 11 . 1 الصادر في 14 رجب 1432 ( 17 يونيو 2011 ) يعرض مشروع الدستور على الاستفتاء .
         و قد جاء في تصدير الظهير ما يلي :
بناء على الدستور ولا سيما الفصلين 103 و 105 منه ،
وعلى القانون رقم 97 . 9 المتعلق بمدونة الانتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف  رقم 83 .97 . 1 " بتاريخ 23 من ذي القعدة 1417( 2 أبريل 1997) و لا سيما المادتين 109 و 110 منه ، 
و بعد دراسة مشروع الدستور في المجلس الوزاري المنعقد في 14 من رجب 1432 (17 يونيو2011) .
المادة الأولى :
يعرض مشروع الدستور، الملحق نصه بظهيرنا الشريف هذا ، على الاستفتاء يوم الجمعة 28 من   " رجب 1432 ( فاتح يوليوز 2011 ) ."وحسب المادة 109 من قانون مدونة الانتخابات فإن الاستفتاءات المنصوص عليها في الفصول 69 و 103 و 105 من الدستور تنظم وفقا لأحكام القسم الثاني من قانون مدونة الانتخابات مع مراعاة أحكام الجزء الأول من القسم الثالث . 
  وبالرجوع إلى القسم الثاني من مدونة الانتخابات ، وهو القسم الذي يحمل عنوان : " الأحكام المشتركة لتنظيم الاستفتاءات و انتخاب المستشارين الجهويين و أعضاء مجالس العمالات والأقاليم وأعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية ومجالس المقاطعات وأعضاء الغرف المهنية " نجده ( القسم الثاني) ينص في المادة 44 التي تنتمي إلى الفرع الثاني منه على ما يلي : " يحدد تاريخ الاقتراع والمدة التي تقدم خلالهاالترشيحات و تاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية قبل التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع ".
و من المعلوم أنه طبقا للفصل 66 من الدستور الحالي ، فإن المراسيم التنظيمية تحال ويبث فيها من قبل المجلس الوزاري .
و قد اطلعنا، من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالأمانة العامة للحكومة ، على مشاريع المراسيم المصادق عليها بالمجلس الوزاري المنعقد بالرباط بتاريخ 14 رجب 1433 ( 17 يونيو 2011 ) فلم نجد ضمنها أي مرسوم يتعلق بتحديد تاريخ الاستفتاء و مدة الحملة و تاريخ انطلاقها و تاريخ نهايتها.
   ومن جهة أخرى فقد اطلعنا على جميع الجرائد الرسمية، الصادرة منذ الخطاب الملكي لتاريخ  17 يونيو 2011 و لغاية كتابة هذه المراسلة، زوال يوم 30 يونيو 2011، و هو اليوم الذي يبعد عن تاريخ إجراء الاستفتاءبأقل من 12 ساعة، فلم نعتر على أية جريدة نشر بها المرسوم المعني .
          بناء على كل ذلك، وعلى غيره فإن الأمانة العامة لتحالف اليسار الديمقراطي، إذ تسجل :
          أهمية سيادة القانون ووجوب العمل به والامتثال لمقتضياته من قبل الجميع طبقا لمقتضيات الدستور، وبما يترتب عن خرقه من بطلان  .
      وأهمية تحديد تاريخ الاستفتاء ومدة الحملة وتاريخ بدايتها ونهايتها لعلاقة ذلك بحق المواطنين الاطلاع، في الوقت المناسب وخلال مدة كافية، على موضوع الاستفتاء واستيعابه واتخاذ موقف منه، خاصة إذا كان هذا الموضوع يتعلق بمشروع دستور يشتمل على 180 مادة و جاء بأحكام ومقتضيات جديدة .
  تعتبر تاريخ إجراء الاستفتاء و مدة الحملة بشأنه و تاريخ بدايتها و نهايتها أعمالا غير مشروعة ولا يمكن أن تؤدي الخروقات التي لحقتها، بالإضافة إلى خروقات أخرى، سيكشف عنها فيما بعد، إلا  إلى  إلغاء استفتاءفاتح يوليوز 2011 .

                                              و تقبلوا السيد الوزير الأول خالص الاحترام.

عن الأمانة العامة للتحالف
عبد الرحمن بن عمرو
نائب الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي،
أصالة ونيابة عن :
عبد السلام لعزيز الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي
ومحمد مجاهد الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد


مقر المخابرة :
سكرتارية التحالف – حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
الهاتف / فاكس 59 05 20 37  05
الإيميل : pads.pads@gmail.com