الثلاثاء، 9 فبراير 2010

المسير الرياضي وسؤال الهوية


المسير الرياضي وسؤال الهوية

 مصطفى تيدار (*)
بعد توالي الأزمات بالعديد من الأنواع الرياضية، تعمق النقاش بشكل كبير حول موضوع  التسيير الرياضي بالمغرب، حيث يجمع جل الفاعلين على أن هذه الانتكاسات كانت بالدرجة الأولى وليدة تسيير مختل على كل المستويات، ابتداء من الأندية مرورا بالعصب والجامعات ووصولا إلى الوزارة الوصية.
فمنذ سنوات والأجهزة الرياضية تراكم أخطاء تسييرها إلى أن جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، دون أن يطرح السؤال طيلة هذه المدة عن هوية المسير الرياضي المغربي، ودون أن توضع خطة عمل أو إستراتيجية رياضية كفيلة بتغيير ملامح التسيير.
لقد حان الوقت الآن ليزال القناع عن حقيقة التسيير الرياضي بالمغرب، ولتوضع علامة استفهام كبيرة عن هوية المسير الرياضي.
يصعب وضع تعريف مدقق لهوية المسير الرياضي المغربي، ربما كان مرد ذلك إلى غياب قانون خاص به، فحتى القانون المتعلق بالتربية البدنية والصادر في 19 مايو 1989 لا يحدد بشكل  واضح مثلا اختصاصات مسيري العصب  أو الجامعات الرياضية، أو حتى دور الدولة والمؤسسات العامة والخاصة في تنمية الرياضة(المواد 13-14-18 -29) بقدر ما يوضح العقوبات المفروضة على كل من خالف  ما نص عليه هذا القانون، (ننتظر ما سيأتي به القانون الجديد الذي ينتظر بدوره تصويت البرلمان عليه)  لكن بشكل عام، المسير الرياضي هو ذلك الإنسان المحب والمولع والغيور على مجال انشغاله، يضحي بكل ما لديه من وقت وتفكير ومال من أجل تطوير الرياضة.
وبالتالي فالحديث  عن التسيير الرياضي يجعلنا أمام نوعين من المسيرين: المسير المثقف العارف بالمجال، والمسير الجاهل للنشاط الذي يسيره والمتموقع بقوة المال من أجل غرض في نفس يعقوب (الانتخابات المحلية, البٍرلمانية…)
إن المسير الرياضي ظاهرة قديمة جديدة في المجتمع، وتبين الحالات التي يمكن معاينتها في كثير من الفرق والأندية الوطنية أن المسيرين الرياضيين لا يشكلون فئة متجانسة، لا من حيت معارفهم ولا من حيث القنوات والآليات  التي استعملوها لتبوء مكانة الصدارة على الصعيد الرياضي المحلي، ولا من حيث الأنشطة الرياضية التي يتعاطون لها. وأمام تنوع الحالات التي نصادفها في الواقع العيني، فإنه من الصعوبة مما كان صياغة نمط مثالي ينطبق على جميع المسيرين.
  إن المسير الرياضي الذي نجده على رأس الفرق والأندية الصغيرة أو المتوسطة هو في أغلب الحالات من النمط الذي يطلق عليه بالعصامي، لقد استفاد من الظرفية الرياضية في العقود الأخيرة حيث عرف المجال فراغا وتسيبا، كما استفاد من تشجيعات الدولة والجامعات الرياضية والمجالس الإقليمية والجهوية والبلديات…
 إلا أن هذه العوامل الموضوعية لم تكن لتساعده لولا توفره على صفات ذاتية أهلته للاستفادة من تلك الظرفية واستغلال ما أتيح له من فرص. وتجدر الإشارة إلى أن من جملة ما يتميز به المسير الرياضي عموما، هو حب العمل والتفاني فيه والتفرغ له، ومن يعرفه عن قرب يؤكد انه رجل منشغل باستمرار، تجده دائما مع اللاعبين أو المدرب أو نخبة من المكتب المسير، حاضرا في التداريب،  يصيح ويصرخ ويأمر ويستعطف…
  ومن حيث نوعية التكوين يمكن أن نميز بين المسيرين الذين تلقوا ما يمكن أن نسميه بالتعليم التقليدي، ولا يتمتع هؤلاء في كثير من الأحيان بتكوين رياضي شامل ومتخصص، ويتمتل رصيدهم التكويني والمعرفي أساسا من خلال التجربة الذاتية، ويفتقرون إلى تكوين حديث في مجال التسيير والتدبير الرياضي، أما المسيرون خريجو الجامعات والمعاهد العليا الرياضية، والذين بفضل ممارساتهم وما يتمتعون به من معارف رياضية وتخصصات يحصلون مواقع المسؤولية، لكن تشكل العلاقات الشخصية الوسيلة الرئيسية التي من خلالها يؤثر المسير الرياضي في محيطه، ونلاحظ ذلك على كافة المستويات؛ في معاملته اليومية، سواء تعلق الأمر بعلاقته بالفريق أو النادي الذي يسيره ويحتك به يوميا، ويسهر بشكل مباشر على مراقبة ومتابعة نتائجه وارتباطه بالعصبة والجامعة أو الإدارة المحلية… وبخصوص هذه الأخيرة تجدر الإشارة إلى أن نجاح المسير المحلي يتوقف إلى حد كبير على نوعية العلاقات الشخصية التي تربطه بها.
للفرق أو الأندية الصغيرة أو المتوسطة بنية تنظيمية بسيطة للغاية، فهي تتميز بوجود رئيس ونائبه، بالإضافة إلى مجموعة أخرى تتراوح ما بين 9 الى15 عضوا أو أكتر، ويسهر الرئيس على تلبية حاجيات الفريق وتحديد أهدافه، ومنهم من يتخذ أغلبية القرارات التي تهمه، وقليلا ما يوجد مكتب مسير يعمل يشكل جماعي. فعلاقة الرئيس بباقي أعضاء المكتب المسير غالبا ما يميزها الولاء و التبعية، كما يتوفر الرئيس على مجموعة من الامتيازات ويتدخل في كل شيء من شؤون اللاعبين والمدرب إلى الطاقم التقني، رغم عدم توفره في معظم الأحيان على تكوين متخصص في مجال التسيير الرياصي!! فمعرفته في هذا المجال محدودة أو منعدمة، وربما كان هذا أحد العوائق الأساسية التي تحول دون تطوير الفرق والأندية.
فالمسير الرياضي لم يعد هو ذاك الشخص الذي يسير ناديا أو عصبة أو جامعة بطريقة شخصية أحادية، بل بات لازما عليه إشراك كل الأطراف  في التسيير، وابتعاده عن لعب الدور القيادي  في كل شيء، لقد أصبحت ملامح مسيري اليوم مختلفة تماما عن ملامح مسيري الأمس الذين ارتبطت أسماء كثيرين منهم بشكل نضالي بأسماء أنديتهم، لدرجة أصبحت معها هذه الأخيرة تتنفس برئتي مسيريها، بدونهم لا يمكن أن تستمر، ويكفي ذكر أسماء من قبيل بلهاشمي بوجدة أو مكوار بالدار البيضاء أوالخمليشي بفاس… أما ليوم فالمعادلة تغيرت وإن كانت حصيلة اشتغال مسيري الأمس تبدو أفصل من حيث نظرائهم اليوم.
 حاليا لم يعد المسير/الرئيس الضامن الوحيد لاستمرارية عطاء النادي، بل وجب إعطاء الفرصة لكل الأطراف للمساهمة في اتخاذ القرار الرياضي. إنه نوع من دمقرطة التسيير الذي تفتقرت إليه دواليب الرياضة المغربية، والذي يحتم على المسير أن يصبح عالما بقواعد التدبير الرياضي كعلم قائم بذاته، وهو العلم الذي بدأت بوادره تظهر داخل المشهد الرياضي من خلال تخرج دفعات من حاملي دبلومات الدراسات العليا المتخصصة في التدبير والتسيير والتدريب الرياضي.
فالمسير الكفء والحديث، وعلى مستوى النسق القيمي،  يتوفر على قدر من المعرفة والكفاءة، فهو دائم الإطلاع، يتابع تطورات المعرفة الرياضية في مجال تخصصه، كما يتابع تطور الحياة الرياضية على الصعيد الوطني والدولي، وقد يساهم في تلك الحياة عن طريق الانخراط في الاتحادات أو العصب الجهوية أو الوطنية كالجامعات مثلا.
فالمسير المثقف أو المتعلم على العموم، وإن كان التعليم لا يشكل شرطا ضروريا من شروط التسيير الرياضي، يتوفر على معرفة دقيقة بالخريطة الرياضية الوطنية والجهوية والمحلية، ويعرف التنظيمات المتواجدة، إنه مسير صاحب فضية. أما المسير الوصولي فهو يفتقر إلى أنفته وشهامته وكرامته، ومبدؤه يختزل في أمر واحد هو المصلحة الشخصية أو الخاصة، والتي تحدد تعامله مع باقي مكونات الحقل الرياضي جهويا وطنيا، فالتسيير الرياضي بالنسبة له ليس وليد قناعات ومبادئ معينة، وإنما هو وسيلة فقط لتحقيق المكاسب المادية والمعنوية،
لقد أصبحت الدول المتقدمة رياضيا غنية بما يعرف بالمسيرين الرياضيين المحترفين، وهم أشخاص يحصلون بالأساس على مدخولهم من العمل الرياضي،  الذي يشكل نشاطهم الرئيسي.
 فالعمل الرياضي بات يشكل بالنسبة للعديد من الفاعلين  نشاطا اقتصاديا لا يختلف في جوهره عن سائر الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
 كما يمكن التمييز داخل قبيلة المسيرين الرياضيين بين ثلاثة أصناف:  المسيرون الكبار، وهم الذين يملكون رؤوس أموال مهمة، يقيمون بها مقاولات رياضية كبرى (ريال مدريد، بارشلونة، جيفو نتيس…) ويوجد صنف آخر تنطبق عليه كثير من مواصفات المقاولين المتوسطين، وهم أشخاص يمولون مشاريعهم الرياضية بالاعتماد على إمكانياتهم المادية ومساهمة الأجهزة والجهات الرياضية والسياسية، وهناك أخيرا المسيرون الذين لا يملكون سوى طاقاتهم الفكرية والعضلية في تدبير شؤون الفريق أو العصبة.
إن التسيير الرياضي علم وفن في آن واحد، وبالتالي فالمسير الذي يشتغل في هذا المجال يجب أن  يحتكم دائما للأساليب العلمية في التفكير والممارسة و الإبداع.
     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)أستاذ التربية البدنية وفاعل جمعوي

الاثنين، 8 فبراير 2010

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لقاء فروع جهة القنيطرة لمناقشة مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع


الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
لقاء فروع جهة القنيطرة لمناقشة مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع  
 
إعداد: مصطفى لمودن
التمت مكاتب فروع جهة القنيطرة ـ كما كان مقررا ـ  بالرباط يوم الأحد 7 فبراير 2010م بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتدارس مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، عبر مناقشتها وتطعيمها، تقدم ممثلو فروع مكاتب الجهة بحصيلة النقاشات التي تمت على المستوى المحلي، ومنهم من قدم ورقة مكتوبة للمقرر، كما استمع الحاضرون لتدخلات شخصية من قبل بعض مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للإدلاء بآرائهم…
ليتوزع الحاضرون بعد ذلك إلى العمل في ورشتين، الأولى انشغلت ب"المحيط العام وتقييم الأداء العام للجمعية"، والثانية اهتمت ب"المرجعية والانشغالات الكبرى، والتوجهات الإستراتيجية، ومقترحات التعديلات في القانون الأساسي"..
وتجدر الإشارة أن "لجنة تحضيرية" قد أعدت "المشروع" منذ أسابيع فيما يقارب ثلاثين صفحة يشمل النقط المشار إليها أعلاه. وقد أصدرت "اللجنة الإدارية" للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنعقدة في دورة 9 يناير 2010م، رزنامة زمنية تحدد مواعيد عدد من اللقاءات على المستوى المحلي ثم الجهوي، إلى انعقاد المؤتمر الوطني التاسع ما بين 13 و 16 ماي 2010م، يسبقها يومي السبت والأحد 20 و 21 مارس "الندوة الوطنية التحضيرية للمؤتمر" وهي بمثابة آخر لقاء لتجميع كل المقترحات والإضافات على مستوى الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، ووضع آخر اللمسات نحو بداية العد العكسي لانطلاق تاسع مؤتمر لهذه الجمعية الحقوقية التي عرفت ولادتها في 24 يونيو سنة 1979م.  
وسيتعقد "الملتقى الوطني التاسع لحقوق المرأة" في 13 و14 فبراير، و"الملتقى الوطني السابع للشباب" ما بين 26 و28 مارس، أما الانتدابات المباشرة للمؤتمرين ال 350 فستكون ما بين 20 فبراير و21 مارس. وقد تقرر عدد المؤتمرين فيما يتعدى بقليل 600 مشارك؛ 440  مؤتمر ثلثهم نساء، 100 ملاحظ (ة)، وحوالي 50 متتبع (ة)، وألا يقل عدد الشباب المشاركين ضمن هؤلاء عن 20%.
ويمكن اعتبار "مشروع الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع" وثيقة غنية بالمعطيات، وتتضمن تقييما لعمل الجمعية ككل منذ انتهاء المؤتمر الثامن المنعقد في أبريل 2007م، وقد حاولت الوثيقة اعتماد منهجية "محايدة" من خلال ذكر "المنجزات" والوقوف على "العوائق والنواقص"، وتقديم اقتراحات للنهوض بالعمل الحقوقي في المغرب حسب تصور هذه الجمعية الحقوقية. لكن بعد الاستماع لمناقشات المتدخلين سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي، ظهرت بعض الملاحظات الإضافية، فإذا كانت قلة تعتبر أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أصبحت تحث رحمة "توجه سياسي معين"، وبالتالي تقدم انتقادات جد حادة، بل هناك "طرف" سياسي أعلن عن انسحابه كمكون من المشاركة في اللجنة التحضيرية، ونقصد به المنتمون لحزب "الطليعة الديمقراطي الاشتراكي".. كما أن هناك في نفس الوقت من فضل تقديم انتقادات ووجهة نظر لتطعيم "مشروع الورقة التحضيرية". وعليه، يمكن إجمال مختلف التدخلات حول البناء التنظيمي للجمعية، وقد رأى عدد من المتدخلين منح صلاحيات أكثر للمجلس الوطني للفروع، وتحديد دور مكتب الجهة، ووضع آليات حكامة داخل الجمعية كتكوين لجنة لتدقيق الحسابات منبثقة عن المؤتمر، وتقييم التكوينات والجامعات الموضوعاتية، واعتماد آليات متنوعة للدفاع عن حقوق الإنسان، والمساهمة المالية من قبل المركز لدعم بعض أنشطة الفروع، وتحسين الدور الإعلامي، والاهتمام أكثر بالبيئة والجانب الثقافي، ووضع ضوابط للتشبيك.. وتثار باستمرار قضايا تناقش فيما بين النشطاء الحقوقيين، كدعم الحرية الفردية، والموقف من العلمانية، والمرجعية الحقوقية..الخ.  
حضر ندوة جهة القنيطرة ممثلو أو أعضاء مكاتب الفروع التالية: الرباط، سلا، تمارة، القنيطرة، سيدي يحيى، سيدي سليمان، تيفلت، الخميسات، سيدي قاسم، بالإضافة إلى أعضاء من اللجنة الإدارية المتواجدين بالجهة، وأعضاء من اللجنة التحضيرية للمؤتمر القادم. وسيرت الندوة عتيقة الضعيف عضوة المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقد تلت في البداية كلمة المكتب المركزي للجمعية.
    


  
صور أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمكتب المركزي
 
صورة من العاصمة الرباط، قريبا من مقر الجمعية المركزي.