"التغيير المنشود بالمغرب: أية مداخل"
خلاصات ندوة بسيدي سليمان بمشاركة محمد مونشيح، فتاح العايدي، حكيمة الشاوي
مصطفى لمودن
نظمت التنسيقية المحلية للتغيير/ سيدي سليمان ندوة حول موضوع"التغيير المنشود بالمغرب: أية مداخل" يوم السبت 16 أبريل 2011، وقد احتضنته قاعة "الخزانة البلدية" بمساهمة فتاح العايدي من "حركة 20 فبراير" بالدار البيضاء محمد بعرض تحت عنوان " "حركة 20 فبراير الواقع والآفاق"، ومحمد مونشيح أستاذ القانون بجامعة طنجة الذي قدم قراءة في "حركة 20 فبراير" وسياقاتها المختلفة، بينما تمحورت مساهمة حكيمة الشاوي حول "المدخل الثقافي من أجل التغيير"، وكان للحضور مداخلات طرحت تساؤلات أو طرحت وجهات نظر.
قسم فتاح العايدي عرضه إلى ثلاث نقط؛ دواعي تأسيس حركة 20 فبراير وسياق ذلك، المراحل التي قطعتها الحركة، والآفاق… وقد بدأ عرضه بالتذكير بمختلف الحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب قبل ذلك من احتجاجات المعطلين والمدن المهمشة، ونضالات في المناجم والتعليم والفلاحة، ونضالات التلاميذ والطلبة، وما راكمته تجربة "تنسيقيات مناهضة الأسعار" رغم فشلها كما قال. وربط ميلاد حركة 20 فبراير كذلك بما وقع في دول عربية من انتفاضات، واستعمال الانترنيت… ثم تطرق للعراقيل والهجومات والقمع الذي تعرضت له الحركة عند ظهورها سواء من قبل الدولة ممثلة في وزارة الداخلية التي قدمت أرقاما هزيلة عن أول خرجة في 20 فبراير، مرورا بالحملة الإعلامية وهجوم بعض غالبية الأحزاب عليها سواء الأحزاب الإدارية وأحزاب الكتلة وحزب العدالة والتنمية، لكنها وجدت الدعم من طرف تحالف اليسار الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان وبعض القطاعات النقابية.
وأشار فتاح العايدي إلى أن حركة 20 فبراير بالدار البيضاء ذات شكل هلامي، بدون قيادة، وتعتمد الاشتغال عبر لجان محددة، واعتبر الحركة الآن في مفترق الطرق وأمام محك، وعليها إبداع صيغ احتجاجية جديدة، وألا تبقى نخبوية ينخرط فيها من يقرأ الجرائد ويدخل الفايسبوك كما قال، وأضاف بأن الجموع العامة الموسعة للحركة تكون ملغمة في الدار البيضاء، خاصة من قبل الذين يدفعون إلى "مبادرات أكبر"، وهناك من يسعى إلى تقسيمها وشراء بعض الوجوه.. ويرى الرد على من يقف ضد أهداف الحركة هو الارتباط بالقواعد الشعبية وتوسيع الانتماء إلى الحركة بما في ذلك الانفتاح على الأرياف ومشاركة العمال والتلاميذ.
قدم محمد مونشيح قراءته الخاصة في حركة 20 فبراير، وقد أبدى تهيبه من مستوى الشباب المنخرط في الحركة، وأكد من جانبه صعوبة رصد التفاعلات المعتملة وقصور شبكة التحليل المتوفرة عن متبعة ما يجري وتحولاته المستمرة، لكن من تجليات ذلك حسبه سقوط نظرية الاستثناء المغربي، ثم الانتقال المباشر إلى الحقل السياسي، وأننا لسنا أمام حالة ثورية، ولسنا أمام هزات اجتماعية جديدة كانتفاضة 1965، وحركات السبعينيات…
ولكن أمام "مسارات" نكتشف فيها شبابا مسيسا في ظل ما يقال عن العزوف، تخطى ثنائية دولة/أحزاب، أحزاب/ملك، فهل الأمر تحولا نحو ميلاد مجتمع المواطنة دون المرور عبر الوساطات التقليدية؟ يتساءل المحاضر، في ظل التحول من الافتراضي عبر الانترنيت إلى النزول إلى الواقع، وانتشار مصطلح ملكية برلمانية. وعلى إثر هذه الحركة جاء خطاب الملك في 9 مارس، وقد وصفه بالغموض واحتمال عدة قراءات له بما فيها قراءة ليبرالية… إن الملك ليس حزبا ولا يمكن أن يكون كذلك حسب تحليله، وأننا في بداية حراك لا أحد يستطيع التنبؤ فيه بمآل محدد. ووصف غالبية الأحزاب بالانتظارية، بل وبالعبء على المجتمع المغربي، وان هناك طبقة سياسية ما زالت لم تتحرر من كل ما علق بها ، وبالتالي هذه الأحزاب لا يمكن الرهان عليها، وحمل المسؤولية للدولة في خلقها للحزب الواحد (رغم التعددية الظاهرة)، وأحد هذه الأحزاب مجرد عراب مافيوزي استولى على السلطة والثروة، وانتقد ما يسمى الإجماع. وتحدث عن "المجالات المحفوظة" في الدستور، وعن بعض القراءات الخاصة كما سماها بالسلطة التقديرية التي قال بها عبد اللطيف المنوني نفسه (رئيس لجنة صياغة الدستور) اعتماد على الفصل 19، وفي ظل ذلك تساءل عن إمكانية توفر دستور أصلا في المغرب، وقال بأنه يستحيل أن يقع تعايش في ظل هذا الوضع… وانتق ما سماه البلاغة الرجعية في مواجهة مطالب حركة 20 فبراير منها خرجة محمد الطوزي وتصريح وزير الخارجية وبيان المجلس العلمي.. وختم بالقول المأثورة لشارل دوكول بعد ثورة السباب في 1968 حينما قال "لقد وقع ما وقع، لكني فخور بشباب فرنسا".
بدأت حكيمة الشاوي عرضها بعدما استمعت إلى بعض مداخلات المتتبعين في القاعة، وقد حذرت من تخوين جميع الأحزاب، وبما أن عرضها يركز على الجانب الثقافي، فقد قدمت تعريفا لذلك باعتبار الثقافة هي مجموع الخبرات والأعراف والتقاليد والمعتقدات… التي تؤثر على السلوكات، لكن ذلك غير متجانس حسبها، ورأت بأن الثقافة السائدة في المغرب تبريرية ومحافظة ومتسلطة، تقود على الخنوع والطاعة والخرافة والتمييز بجميع أشكاله.. تمررها الطبقة الحاكمة وتستغلها عبر التعليم والإعلام والمؤسسة الدينية… وتساهم في ذلك الأسرة والعائلة..
وترى الشاعرة حكيمة الشاوي أن الشباب يلعب أهم دور في التغيير بما في ذلك الثقافة، وتنتقل الثقافة من دور التبرير إلى دور التنوير، وان تكون مؤسسة على مبادئ حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية والسلم والحرية والإبداع والمساواة وعدم التمييز والحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي للهوية المغربية، ويحصل ذلك عبر المؤسسات المعنية بذلك خاصة التعليم والمدرسة العمومية والإعلام في ظل استقلاليته ونزاهته، والمؤسسة الدينية وفق "الدين لله والوطن للجميع" كما قالت، ثم الأسرة التي تحتاج إلى التوعية والتثقيف، والمثقفون والعلماء والباحثون والأدباء والفانون.. الذين لهم جميعا دور مهم في التوعية كما ذكرت. ودعت الجمعيات الجادة إلى مضاعفة الجهود من أجل التثقيف، وختمتن بقولها إن ما يعرفه المغرب فرصة لن تتكرر للتغيير من اجل الكرامة والحرية والمساواة والعدالة… وقد استدركت بعد مداخلات المتتبعين فأضافت مؤسسة الأحزاب الموصفة بالديمقراطية رغم محاصرتها وليست التي تعرضت للتدجين كما ذكرت، أما النقابات فقالت إنا نعرف أوضاعها، ولم تذكر دور الجماعات المحلية