حصيلة يوم دراسي حول التربية على حقوق الإنسان
بسدي سليمان
من تنظيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
كان لعدد من نساء ورجال التعليم موعد مع يوم دراسي نظمه فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (ج.م.ح.إ) بسيدي سليمان يوم السبت 22 مارس 2008 ، حضره ممثل عن نيابة التربية الوطنية بالقنيطرة ومسؤولان وطنيان من ج.م.ح.إ، أطر اليوم الدراسي إبراهيم المحمدي وجواد المومني من الفرع المحلي.
بالمناسبة أعدت لافتتين وضعت الأولى أمام البلدية والثانية بجانب الخزانة البلدية التي احتضنت اليوم الدراسي.
قد كان الهدف من اليوم الدراسي هو الاطلاع على مبادئ حقوق الإنسان، وتسجيل الخروقات التي تقع في حق الطفولة، والمشاركة في ورشة حول تكوين الأندية الحقوقية بالمؤسسات التربوية، وإصدار توصيات وتكوين اللجنة المحلية للتربية على حقوق الإنسان… وقد وزع في البداية ملف على جميع المشاركين يتضمن خمس عشرة وثيقة تتعلق باليوم الدراسي.
من يمين الصورة: خالد كوي، إدريس الخارز، عبد اللطيف مستغفر، حسن أيت بلا.
مهد للأشغال وأشرف على تنسيق فقراتها وسير الافتتاح إدريس الخارز، وقد توقف عند بعض الصعوبات التي تعترض أنشطة الفرع المحلي لجمعية م.ح.إ، منها ما هو مادي، إذ أكد عدم استجابة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين من أجل تقديم مساعدة سواء لهذا اليوم الدراسي أو للقافلة الحقوقية التي سطرها الفرع لتقديم أنشطة داخل المؤسسات التعليمية ( انظر البرنامج وتغطية في إدراج سابق)، بينما النيابة التعليمية قدمت مساعدة رمزية (أوراق، لافتة…) وساهم النائب الإقليمي من ماله الخاص! كما جاء على لسان المتدخل.
حسن أيت بلا :
النيابة مستعدة لكل تعاون لكننا لا نتوفر على ميزانية
نوه حسن أيت بلا باسم نيابة وزارة التربية الوطنية على إقليم القنيطرة بمجهود فرع ج.م.ح.إ بسيدي سليمان من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان وإشراك الأساتذة في ذلك، وقد تلا المسؤول عن التواصل بنيابة القنيطرة ورقة حول ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بالمدرسة العمومية وضرورة إشراك كل الفاعلين في ذلك، وانفتاح المدرسة على محيطها، واعتماد مبادئ حقوق الإنسان في المناهج والمقررات الدراسية، رغم بعض الصعوبات كما قال. وأثناء رده على مداخلات بعض الحاضرين ذكر أنه فعلا وقعت الوزارة اتفاقية شراكة مع عدد من الجمعيات الحقوقية، كما وقعت النيابة التي يتحدث باسمها اتفاقية سنة 2006 مع فرع ج.م.ح.إ بالقنيطرة، وهو ما يؤطر مثل هذه الأنشطة، وأضاف أنه على كل الشركاء أن يلتزموا بنصوص البنود المتفق عليها، بما فيها تقديم الدعم، لكنه استدرك بقوله أن النيابة لا تتوفر على ميزانية، بينما أصدرت مذكرات تحت على إنشاء أندية لحقوق الإنسان بالمؤسسات التربوية، وتحدث عما أسماه بعض العراقيل الذاتية منها عدم تشبع البعض بروح وفكر حقوق الإنسان "فهناك ممارسات في المؤسسات التعليمية لا تمت لحقوق الإنسان بصلة، وهناك من يدور بتيوات" في إشارة إلى استعمال العنف داخل المؤسسات التربوية، وأضاف أن النيابة مستعدة لكل تعاون بما في ذلك نشر أنشطة ذات طابع حقوقي بالنشرة التي تصدرها نيابة القنيطرة.
عبد اللطيف مستغفر:
تكوين الأساتذة والتلاميذ في مجال حقوق الإنسان
دعوة النيابة التربوية بالقنيطرة لتكوين لجنة مشتركة
في تدخله أكد عبد اللطيف مستغفر عضو المكتب المركزي للجمعية .م.ح.إ أن الجمعية تهدف إلى حماية حقوق الإنسان ضد كل الانتهاكات، وفي نفس الوقت النهوض بهذه الحقوق من خلال التربية والتحسيس، وهي تستهدف بذلك المدرسة والوسط التعليمي عامة، كما ذكر أن ج.م.ح.إ سبق أن أنجزت دراسة حول استيعاب وتبني قيم ومبادئ حقوق الإنسان لدى نساء ورجال التعليم، وأصدرت ذلك في كتاب، كما أن مسؤولي الجمعية يشتغلون ضمن اهتماماتهم الحقوقية على مشروع ابن رشد الذي يستهدف تأطير وتكوين 2000 مدرسة ومدرس، ومشروعبروميتوس الذي يصبو إلى تكوين 2000 تلميذة وتلميذ في الإعدادي والثانوي، واعتبر اتفاقيات الشراكة مع وزارة التربية الوطنية والاتفاقيات المحلية مع بعض النيابات مشجعة على انفتاح المؤسسات التعليمية أمام العمل الحقوقي بعكس فترات سابقة حسب قوله، "ونحن مطالبون بإنجاز هذا العمل الحضاري لنشر قيم التسامح والعدالة وحقوق الإنسان ونبذ العنف وإلغاء الآخر"، وأضاف أن الفروع الخمسة والسبعون (75) للجمعية ج.م.ح.إ لها أنشطة تدخل في هذا المجال، أما أهم ما جاء في رده على المداخلات هو إقراره بوجود مشاكل حول إعمال اتفاقية الشراكة وطنيا ومحليا، ودعا نيابة القنيطرة من خلال ممثلها الحاضر في افتتاح اليوم الدراسي إلى تكوين اللجنة المشتركة الواردة في الاتفاق الثنائي مع النيابة، لأن "ذلك سيسهل العمل" كما قال، غير أن هناك إكراهات "يمكن أن تكون مطروحة على مستوى الجسم التعلمي، مرتبطة بذات المدرس وقناعاته" في إشارة إلى نتائج الدراسة التي قامت بها ج.م.ح.إ حيث "وردت نزوعات منافية لحقوق الإنسان" وفق تأكيدات المتدخل.
خالد كوي:
التربية على حقوق الإنسان ليست معارفا فقط ولكنها ممارسات وقيم
من جانبه قدم خالد كوي عضو اللجنة المركزية للتربية على حقوق الإنسان عرضا حول التربية على حقوق الإنسان، قسمه إلى ثلاث محاور رئيسية: 1- مفهوم حقوق الإنسان وأهم مرتكزاته. 2- التربية على حقوق الإنسان. 3- أهداف التربية على حقوق الإنسان.
وقد حاول أن يجمع بين الأنشطة والبرامج المسطرة للجمعية ج.م.ح.إ والأهداف التي تسعى إليها سواء " الدفاع عن حقوق الإنسان والتربية عليها"، وقد ذكر أنه في الأول كانت ترتكز ج.م.ح.إ على مجال الحماية، وذلك في ارتباط بظروف تاريخية أثناء ما يسمى بسنوات الرصاص، حيث كانت هناك خروق لحقوق الإنسان (…) كما قال، لكن في العقد الأخير وقع تحقيق بعض المكتسبات، رغم أنها هشة وقابلة للتراجع، وهي جاءت نتيجة نضالات الحركة الحقوقية بصفة عامة، لهذا اهتممنا في ج.م.ح.إ بالنهوض بحقوق الإنسان وانخرطنا في العشرية الأممية للنهوض بحقوق الإنسان، واعتبر أن التربية على ذلك كفيلة بترسيخ حقوق الإنسان والتصدي للانتهاكات، ووقف على تعاريف ومفاهيم في الموضوع، وأحال في ذلك على منشور الأمم المتحدة الصادر سنة 1989، وعلى المواثيق والعهود الدولية، خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية… واستنبط من أجل ذلك عددا من المبادئ كتقديس الحياة والحماية والأمان الشخصي، الحرية، المساواة، التضامن، السلم، احترام المحيط (البيئة)، العقلانية. ليعرج على مفهوم التربية على حقوق الإنسان وإسهام المدرسة في ذلك، وفق برنامج متكامل يعتبر المعرفة كمدخل للانتقال إلى مستوى التحليل وترسيخ قناعات وقيم حقوق الإنسان، حتى يتحول ذلك إلى فعل جماعي يُحدث التغيير المنشود… من أجل تربية إنسانية، عقلانية، نقدية، حداثية… يقع فيها التركيز على" الوعي بالحق والواجب ومناهضة ما يعادي حقوق الإنسان"، ليختم بتحديد أهداف عامة وخاصة لما في ذلك من تأثير على المستوى الاقتصادي لإحداث "التنمية" وضمان "المشاركة في اتخاذ القرار" والرفع من عدد الأطر المهتمة بحقوق الإنسان، وإكساب الجمعية مصداقية في ذلك داخل عدد من الأوساط… وأثناء رده أشار بالخصوص إلى النجاح الذي تلاقيه أنشطة الجمعية م.ح.إ بالمؤسسات التعليمية، ومدى التفاعل الإيجابي الذي تلاقيه، وأخبر بأن الجمعية م.ح.إ أعدت دليلا على "التربية على حقوق الإنسان".
أغلب الحاضرين في اليوم الدراسي، طبيعة الورشات تقتضي حضور عدد لا يتعدى الثلاثينمشاركا
أشغال الورشة
ابراهيم المحمدي أحد منشطي الورشة التكوينية في الوسط
أشرف على الورشة التكوينية كما أشرنا كل من إبراهيم المحمدي وجواد المومني عضوا الفرع المحلي للجمعية م.ح.إ، امتدت الأشغال من حدود العاشرة صباحا بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية إلى السابعة مساء، تخللتها بعض فترات الاستراحة، وقد تميزت بمشاركة الحاضرين، الذين تفاعلوا إيجابا مع فقرات الورشة التي اقترحها المنشطان، وقد مهدا لذلك بالتطرق لبعض الأهداف المسطرة، ثم عرّف المشاركون بأنفسهم، وسجلوا انتظاراتهم من هذه الورشة، ثم اتفق الجميع على ميثاق شرف الورشة، فأعطيت الفرصة للجميع ليعبروا عن حدود معرفتهم بحقوق الإنسان، من خلال الإجابة عن أسئلة تتمحور حول "التربية" و"الإنسان" و" الحقوق".
ابان المنشطان ابراهيم المحمدي وجواد المومني عن مقدرة عالية على تنشيط وتسيير الورشة التكوينية
وقد كان ذلك حافزا لاستكشاف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعاهدة الخاصة بحقوق الطفل، من خلال العمل على مجموعات تُختار اعتباطا قصد الاشتغال على وثائق لدراسة حالات تمت فيها خروقات لحقوق الإنسان وحقوق الطفل، مع الإحالة على المراجع بتحديد بنودها، حيث تسجل كل مجموعة نوع الخرق، والجهة الخارق للحقوق، والضمانات الحقوقية التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل، ليقدم ذلك أما الجميع ويناقش.
الجزء الثاني من الورشة خصص لدراسة خطوات تأسيس ناد حقوقي، من خلال نموذج عملي، فتقسم المشاركون إلى مجموعتين، الأولى من أساتذة الابتدائي والثانية من أساتذة الثانوي الإعدادي والتأهيلي، عرضت كل مجموعة الخطوات العملية التي تراها مناسبة لذلك، أهم ما جاء به الطرفان معا، هو ضرورة الاطلاع على اتفاقيات الشراكة مع الجهات المسؤولة وعلى النصوص والمعاهدات الدولية، والانفتاح على الشركاء، والشروع بعمليات تحسيسية في البداية…
ليتم في مرحلة لاحقة تحديد أدوار جميع المتدخلين من أجل تأسيس ناد حقوقي، سواء التلاميذ أو المدرس، أو الإدارة، أو جمعية الآباء وباقي الشركاء. ثم ألتم المشاركون في ورشات للاشتغال على النظام الداخلي للنادي (القانون الداخلي)، وتحديد وسائل العمل، ووضع مشروع برنامج. ولضيق الوقت وقدوم الليل، لم يتم الحديث عن المعيقات والمثبطات حسب ما قاله أحد المنشطين. عند الانتهاء تم الرجوع إلى ما سطره المشاركون حول انتظاراتهم من الورشة، فتأكد حصول الإجابة على أغلبها سواء بشكل مباشر أو ضمني، باستثناء كيفية إقناع الزملاء في المؤسسة التربوية من أجل الانخراط في العمل التطوعي الحقوقي، وكذلك كيفية الاشتغال بالموازاة مع مهام التدريس.
من التوصيات التي انبثقت عن أشغال اليوم الدراسي، الدعوة لتجميع النتائج والأشغال، تأسيس نواد بالمؤسسات التعليمية، خلق لجنة للتربية على حقوق الإنسان، مراسلة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ونيابة القنيطرة من أجل حثهم على الالتزام باتفاقيات الشراكة، وأخبر عضو من المكتب بأن هذا الأخير سيشرف على تأسيس الشبكة المحلية للتربية على حقوق الإنسان، ودعا كل الحاضرين – الذين هم بمتابة أعضائها - إلى الحضور لاجتماع موسع في الأسبوع الأول من شهر ماي لتقييم العمل.
صورة جماعية للمشاركين وارتياح من النتائج وانتظارات مهمة…
بقدر ما كان اليوم الدراسي في مجمله مفيدا للجميع حسب أغلب الحضور الذين تحدثنا إليهم، بقدر ما يبقى مثل هذا النشاط نخبويا تحضره فئة قليلة من القطاع التعليمي بالمقارة مع العدد الواسع من المدرسين والمدرسات الذين هم في حاجة ماسة قصد الاطلاع على مثل هذه المواضيع الجديدة، التي يمكن أن تدخل في إعادة التكوين وشحذ الخبرة للنهوض بالممارسة التربوية والتعليمية وللرقي بحقوق الإنسان والتشبع بمبادئه انطلاقا من المدرسة والثانوية، لكن ذلك لن يكون مفيدا أكثر إلا بمشاركة كافة الفاعلين وعلى رأسهم الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ونيابة وزارة التربية الوطنية وبقية الشركاء
يمكن تعميم نفس الملاحظات على الصعيد الوطني برمته، ونعتقد أن عددا من الجمعيات الفاعلة في ميدان حقوق الإنسان راكمت الكثير من الخبرة في هذا الميدان، وما على الجهات المعنية سوى أن تكون جادة، وتقرن القول بالعمل، والمكتوب بالممارسة.
مصطفى لمودن
المدونة: يشرفنا تلقي ملاحظاتك عبر تسجيلها في خانة التعليق