الخميس، 6 سبتمبر 2012

الفقيدة زكية زوانات في "مشارف" باحثة الانتربولوجيا تنافح عن الزوايا والتصوف


الفقيدة زكية زوانات في "مشارف"
باحثة الانتربولوجيا تنافح عن الزوايا والتصوف


  مصطفى لمودن

  حرصت على متابعة الحلقة التلفزية المعادة من برنامج "مشارف" التي سبق أن خصصت للفقيدة الانتربولوجية زكية زوانات، والتي يعدها ويقدمها الشاعر والإعلامي عدنان ياسين.. وترسخ لدي من جديد الاعتقاد الذي يقول إن بعض دارسي الظواهر الاجتماعية والنفسية، في الغالب ما يتقمصون برغبة منهم أو بدونها خلاصات تلك الظواهر، ويصعب بعدها عليهم أن ينظروا ويحللوا بحياد.. فتنتفي صفة العالم لديهم، ويصبحون شبه معلنين ودعائيين لذلك.. استنتجت بعد الاستماع والمشاهدة أن زكية زوانات أصبحت غارقة حتى النخاع في عام التصوف والروحانيات.. وقد رفضت ملاحظة من محاوريها حول إضفاء صبغة الخرافات والانحرافات على بعض الممارسات في الزوايا، رفضت دون تعليل وكأنها تنافح عن ملك خاص، وليس عن ظواهر قابلة للنقاش، ورأت بأن الزوايا قسمين، التي ما تزال تتوفر على "مربي" ، والثانية ليست بالزاوية وإنما دار للبركة يشرف عليها الورثة.. وظهر بأنه منغمسة في التصوف وثقافة الزوايا والأضرحة إلى حد عدم الانفصال، وهي تؤكد ذلك بقولها "أنا من المولعين بالأولياء، وعاشقة للأولياء"، ورأت بأن مستقبل البشرية في التصوف، واعتبرت بأن أكثر المتعلمين والدارسين في العالم الغربي المسيحي يبحثون عن التصوف في العالم الإسلامي، لتبدو كمعلنة لسلعة اسمها التصوف.. ولظواهر ثقافية واجتماعية لم تعد تستهوي الكثيرين، ولا تلبي طموحاتهم في المعرفة والتشارك والمواطنة والديمقراطية…
قبل أسابيع غادرتنا الفقيدة زكية زوانات في سن العطاء، فقد كانت في منتصف عقدها الخامس، وتركت أبحاثا وكتبا منها المحقق والمترجم إلى الفرنسية، ومنها الكتابات الأدبية، ولعل أهم كتاب قدمه ياسين عدنان للمشاهدين مجلدها الضخم الذي يحمل عنوان "مملكة الأولياء"، وأخبرت الباحثة الانتربولوجية في نهاية الحلة أنها تنوي إصدار "أطلس الأولياء"، ومعجم للأولياء، وموقع الكتروني يوضح جغرافية الأولياء.. ويظهر أنه من الأفيد نشر الكتب المعدة من قبلها تكريما لها، واعترافا بمجوداتها..
يبدو أن ما تعنيه زكية زوانات من التصوف والزوايا هو البحث عن الحقيقة، والاطمئنان الوجودي للكائن البشري.. حيث يستظل المريدون بزاويتهم أو بشيخهم أو بطريقتهم الصوفية، بعيدا عن التدافع الدنوي والأغراض الضيقة، ولا يجعلونها وسيلة للريع والكسب وتحصيل الامتيازات كما يفعل الآن في المغرب الكثير من المنتسبين للزوايا والأضرحة وأصحاب بطاقة "شريف"، عوض بطاقة "المواطن".
  ————————–
أعيدت الحلقة مساء الأربعاء 5 شتنبر

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

لا يحق لبنكيران رئيس الحكومة أن يستجدي باسم الشعب


لا يحق لبنكيران رئيس الحكومة أن يستجدي باسم الشعب

مصطفى لمودن
 جاء في جريدة "المساء" ليوم الاثنين 3 شتنبر أن "رئيس الحكومة" السيد عبد الإله بنكيران يستنجد بملك السعودية لخروج المغرب من الأزمة.. ومن الغرائب أنه "استعرض أمام الملك السعودي الوضعية الاقتصادية المتأزمة التي يعيشها المغرب، وركز على بعض النقاط المتعلقة بارتفاع أعباء صندوق المقاصة وتفاقم عجز الميزانية والعجز التجاري". كما جاء في القصاصة الصحفية المشار إليها.. مزيان!
بأي حق يعرض رئيس الحكومة المغربي بهذه الطريقة قضايا وطنية على العاهل السعودي؟
ثم لو أن هذه الدولة تساهم باستثمار محايد، فتضع المشاريع التي تذر عليها الربح (وهذا من حق كل مستثمر) وتشغل الناس وتخلق قيمة مضافة.. لكن السعودية لا تستثمر لوجه الاستثمار فقط.. حسب عدة قرائن تبحث عن الطرق المناسبة لدعم نشر "الوهابية"، وهي وجهة نظر خاصة لوضع مقاربات تهم الدين والمجتمع.. منذ خرجت الوهابية وهي ضد المخترعات والعلوم الحقة، وضد الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وهي تحاصر المجتمع وتحد من تطلعاته بكل الطرق الممكنة، بما في ذلك العنف المادي، وجلد المخالفين بالشارع العام، وقمع المرأة، ومن أدوات ذلك ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. إن "وهابيي" السعودية يدعمون من يسير في فلكهم، ولعل "حركة التوحيد والإصلاح" التي يتبع لها "حزب العدالة والتنمية" قد تكون من هؤلاء.. فإذا كان لهؤلاء مساهمة في الاستثمار فلا يكون على حساب التدخل في شؤوننا الداخلية، نحن منفتحون على العالم، وكل من أراد أن يستثمر فأهلا به..كما نرحب نحن المغاربة بكل الضيوف من ملوك ورؤساء حلوا بالمغرب، ففي هذا شرف لنا.
 ثم لماذا لا تتوجه حكومة بنكيران لمشكلة الفساد والتبذير في المغرب؟ لماذا لم تقرر استرجاع الأموال المنهوبة؟ لماذا لا تضع خطة مكشوفة أمام الشعب لمعالجة ملفات الفساد المتوفرة سواء التي أنجزتها فرق تقصي برلمانية أو التي قامت بها مجالس الحسابات؟
ما يلاحظه المواطنون هو أنه يوما عن يوم تبدو الحكومة ورئيسها عاجزين عن ملامسة بعض الملفات، والسيد بنكيران يرى كل يوم "سلطته واختصاصاته" تتآكل وهو وصحبه صاغرون.. وأخيرا بصفتي مغربيا أتساءل عن كيفية قبول السيد بنكيران القيام بالعمرة (الحج) على حساب السعودية وهو رئيس الحكومة المغربية "المنتخب" كما جاء في الصحف قبل أيام.. لو كان خارج الحكومة وتلقى الهدايا من أي جهة (في إطار القانون)، فذلك شأنه.. أما وهو في الموقع الذي فيه، فغير مقبول منه ذلك.. وفي الدول الديمقراطية التي يحترم مسؤولوها أنفسهم، مجرد الهدايا كيفما كانت يضعونها رهن مصالح الدولة..
 علاقة بنفس الحزب الذي يترأس الحكومة، فمازال منع نشاط شبيبي تابع لنفس الحزب في طنجة يثير بعض اللغط.
فقد جاء في بلاغ صادر عن وزارة الداخلية حول منع "المهرجان الخطابي" الذي كان من المقرر أن تنظمه شبيبة حزب "العدالة والتنمية" في طنجة أنه تم تبليغ رئيس الحكومة بذلك من قبل، لكنه تصرف كرئيس حزب، والأغرب أنه لم يخبر شبيبته، ما يعني أنه أراد أن يطلع إلى الجبل.. وقد قرر ترؤس المهرجان بنفسه، كما بلّغ والي جهة طنجة الوزير نجيب بوليف من الحزب نفسه، لكن هذا الأخير قدم لقناة "الجزيرة" رأيا آخر، مفاده أن هناك جهة ما ضد حزبه.. ومن المعلوم أن طنجة ستعرف انتخابات برمانية جزئية في دائرة طنجة أصيلا نتيجة إلغاء المجلس الدستوري ثلاث مقاعد تعود لهذا الحزب.. وهو يسعى لاسترجاعها، حتى لا يعني ذلك "كبوة" له وعقابا من الناخبين، خاصة أن ذلك قد يستغله الخصوم ضد "العدالة والتنمية" في الانتخابات الجماعية المقبلة.
 لهذا بغى يحيح في طنجة في دعاية انتخابية قبل الأوان كما صرح بذلك مسؤول من حزب منافس.. ويعتبر بيان الداخلية أن نشاط "العدالة والتنمية" الممنوع كان سيخل بشرط التنافس الانتخابي .. وأضاف البيان أنه كان هناك اقتراح على الحزب كي يغير مكان المهرجان، لكن قوبل ذلك بالرفض..

المثير هو أن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وأمينه العام هو رئيسها الفعلي، مما يجعل بقية الوزارات كالداخلية تحت "سلطته"، فماذا وقع بالضبط؟ إما أن رئيس الحكومة لا سلطة له، ولا يطبق ما منحه إياه الدستور رغم علاته، وإما أن هناك محاولة لاستغباء الشعب، وإظهار هذا الحزب في موقع الضحية، لاستدراج العطف والتغطية عن قصوره المتتالي في حل عدة معضلات اقتصادية واجتماعية..
————