الأحد، 28 يوليو 2013

الكراهية والعنف ليس حلا للصراع المحتدم بالعالم العربي

الكراهية والعنف ليس حلا للصراع المحتدم بالعالم العربي

مصطفى لمودن
ودعت تونس يوم السبت 28 يوليوز 2013 أحد أبنائها البررة الفقيد محمد البراهمي نائب في المجلس التأسيسي عن "حزب الشعب" في جنازة مهيبة (الفيديو) والذي قتل أمام بيته بالعاصمة تونس يوم أمس حيث اخترقت جسده أربعة عشر رصاصة حاقدة..  واتهمت وزارة الداخلية التونسية في ذلك أحد المنتسبين للتيار السلفي التكفيري باعتباره المتهم الرئيسي، وهو تاجر سلاح مبحوث عنه دوليا، سبق أن شارك في "حروب جهادية" بالعراق وسوريا، وحكم عليه سبع سنوات سجنا.. وذكرت أوساط أمنية أن السلاح المستعمل هو نفسه الذي قتل به قبل شهور  شكري بلعيد اليساري.. هذا وقد رفعت أثناء الجنازة شعارات تطالب باستقالة الحكومة وحل مجلس الشورى الذي استقال منه لحد الآن 52 عضوا.. ولا يتوانى البعض في توجيه أصابع الاتهام لحزب "النهضة" الإسلامي خصوصا وللترويكا الحاكمة في تونس عامة..
 وفي علاقة بموضوع القتل، فقد رُمي بالرصاص قبل ثلاثة أيام في بنغازي المحامي عبد السلام المسماري أثناء خروجه من المسجد وهو حقوقي وقيادي بالثورة التي أطاحت بالقذافي.. كما قتل بنفس المدينة ضابطان في الجيش والشرطة.. واليوم عرفت طرابلس وبنغازي مظاهرات حاشدة، رفعت خلالها شعارات ضد "حزب العدالة والبناء" وهو فرع من "حركة الإخوان المسلمين" العالمية، كما اقتحم المحتجون مقر هذا الحزب في بنغازي وأتلفوا وثائقه وهم يحملونه مسؤولية الاغتيال.. ويرى المراقبون أن ليبيا تفقد يوما عن آخر "مقومات الدولة"، فهي لحد الآن بدون نظام أمني وقضائي، وتعيش في فوضى عارمة، إذ تتحكم الملشيات المسلحة في بقاع تقاسمتها فيما بينها.
 يحدث هذا في نفس الوقت التي تعرف فيه مصر منعطفا خطيرا، وقد بدأت الدماء تسيل وعدد القتلى يرتفع خاصة من جانب تيار "الإخوان المسلمين" الذين يتهمون الجهات الأمنية في ذلك.. بينما وزير الداخلية قال إن الشرطة أطلقت فقط الغازات المسيلة للدموع وأن الرصاص انطلق من وسط المحتجين.. وقد أعطى الجيش للمعتصمين برابعة العدوية مهلة لفض الاعتصام والانتظام إلى "العملية السياسية".. وفي نفس الوقت  حبس المدعي العام المصري محمد مرسي الرئيس المطاح به لمدة 15 يوما ووجه له عدة اتهامات، منها التخابر مع قوى أجنبية (يقصد بها حماس) والهروب من السجن  أثناء ثورة 25 يناير.. وهي التهم التي رد عليها الإخوان بالاستغراب.. لا أحد يستطيع تحديد مآل الأحداث بمصر، خاصة بعدما طلب عبد الفتاح السيسي القائد العام للجيش من الشعب الخروج في مسيرة مؤيدة أمس الجمعة، وهو ما يتعبره البعض بداية لشد الحبل بين الإخوان والجيش على مستوى أخطر لا أحد يستطيع تحديد عواقبه على مصر ومحيطها..
في نفس السياق كذلك، تتوالى أحداث القتل والتفجيرات بالعراق، ومن أخطر ما وقع قبل أيام يبين سقوط هيبة الدولة إلى  الحضيض هروب السجناء من سجنين كبيرين، وذكرت الأخبار أن العملية من تنفيذ تنظيم "القاعدة"، وعلم قبل أيام كذلك استقدام القاعدة لأعداد كبيرة من أعضائها إلى العراق وتجنيد شباب من نفس البلد ليقوموا بما سموه "غزوة رمضان"؛ وهي ليست سوى زرع الرعب عبر التفجيرات، ويتبادل الشيعة والسنة كذلك التهم فيما بينهم أما القتل المستمر والانتقامات المضادة...
 أما في سوريا حيث القتل والانفجارات هي "الخبز" اليومي هناك، فأهم ما يميز الأحداث ما قيل عن نية الأكراد في شمال سوريا الإعلان عن "الاستقلال الذاتي" على غرار الإقليم العراقي بكردستان، وهو ما أرهب الجار التركي الذي يخشى من انتقال العدوى إلى تركيا.. كما انفجر الوضع بين "الجيش الحر" السوري وبقية "الحركات الجهادية" التي حلت بسوريا من أجل "تشكيل جزء من الخلافة" الموعودة حسبهم.. حقق الجيش السوري بعض الانتصارات الأسبوع المنصرم في حمص، وهو يحاصر معارضيه هناك ويضيق عليهم الخناق.. في ظل تردد الدول الغربية في مد الجيش الحر بالسلاح، فقد أكد مثلا ممثل فرنسا في مجلس الأمن يوم الجمعة الفائت أثناء اجتماع مع "قيادة الثورة" في نيويورك شارك فيه ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن حيث اعتبر أن الحل يجب أن يكون "سياسيا"، أي التوجه نحو التفاوض، وهو يعبر عن مخاوف الدول الغربية في انتقال الأسلحة إلى المتشددين ك"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" في حالة دعم "الجيش الحر".
 يبدو أن الأحداث تتفاعل بشكل ينذر بالأسوأ، خاصة أن هوة الخلافات والنزاعات تتوسع بين مختلف الأطراف في العالم العربي، وقلة من ينادون بالحوار وبحق الآخر في التواجد وبالاحتكام لصناديق الانتخابات.. إلى أي مدى ستستمر هذه الموجة من العنف والكراهية؟