الحرب المستعرة بين الشيعة والسنة
إلى متى هذا النزيف؟
مصطفى
لمودن
طائرات إيرانية تقصف
"داعش" بالعراق.. بالموازاة مع القصف الأمريكي.. إيران الشيعية تدعم نظام الحكم في بغداد..
"داعش"
نسخة ملقحة من "القاعدة"، و"القاعدة" و"داعش" بنتان
شرعيتان ل"الوهابية".. فرع ل"القاعدة" باليمن يفجر سيارة قرب
منزل سفير إيران.. الحرب تشتعل بين السنة والشيعة. وهي حرب موغلة في "القدم"
والوحشية المتبادلة.. منذ رفض التحكيم الذي قبله علي بن ابي طالب، منذ
تغلب دهاء عمرو بن العاص على "نية" أبي موسى الأشعري.. منذ رفع المصاحف
على الرماح لتجنب سيوف جيش علي بن أبي طالب.. منذ انتصار بني أمية وإطلاق سيوفهم في الشيعة
اينما كانوا، ولو كان من ضمنهم حفيد للنبي.. استمر الصراع الدموي عبر العصور..
فكانت إمارة من هنا (الدولة
الفاطمية في مصر) وإمارة من هناك،(حكم صلاح الدين الأيوبي مثلا).. انتصار هنا،
وهزيمة هناك.. والضحايا بالآلاف.. والدمار يأتي على كل بناء.. الآن، كل يحصي "البقع" التابعة له،
إيران عينها على الأقليات الشيعية في السعودية.. وهي شبه مطمئنة على الأكثرية
البشرية الشيعية في البحرين واليمن وما يتبع لسلطة بغداد في العراق.. ولها نفوذ
كذلك في سوريا، فرغم بعثية النظام (علمانيته المزعومة)، فلا شيء يقطع مع المذهبية
والطائفية، وإيران متواجدة بالفعل في سوريا.. كما تتواجد في لبنان عبر حليفها
الاستراتيجي "حزب الله".. للسنة "بقعهم" على الخريطة كذلك، فرغم
انهم يسيطرون على السلطة في معظم المناطق في الخليج، في شمال إفريقيا.. لهم حلفاء
في تركيا.. لكن، السلطة الآن لم تعد تجدْ مبررها في هذه المناطق باعتماد الانتماء
للمذهب السني.. فهذه تونس تسير بهدوء نحو علمانية مضمرة.. والمغرب هو الآخر يعرف
تعددية سياسية ونقابية وجمعوية، ولا أحد ينظر للمذهب الديني في اختيار التدبير
الخاص بالدولة أو الجماعات المحلية، رغم سعي بعض الأطراف لتجعل الدين محور
العملية، لكنها مجرد مغامرة قد تكون وبالا على أصحابها أنفسهم، أمام المعضلات
الواقعية في كل مستويات العيش اليومي والرهانات الكبرى.. التساؤلات المطروحة
* ـ هل كل سنة العراق مع "داعش"؟ هل هم
راضون عليها أم مكرهون على ذلك؟ سواء من طرف "داعش" نفسها، أو من طرف
شيعة بغداد الذين أذاقوا السنة الأمرين منذ سقوط صدام حسين؟
*ـ إلى متى سيتخذ الصراع صبغة دينية؟ علما ان
الحقيقة، تؤكد أن الصراع يقع على السلطة والموارد الاقتصادية، وما الدين سوى غطاء
لتأجيج النفوس وحشد الجند كوقود للحروب المستعرة؟
*ـ متى سيتخلى هؤلاء المتصارعون عن أسلوب
الاقتتال، ويحوّلوا تفريغ خلافاتهم إلى عمل فكري وسياسي وانتخابي في ظل ديمقراطية
تضمن التعايش السلمي والعيش الكريم للجميع بِغظ النظر عن التدين او الانتماء
الطائفي.
*ـ متى ستعرف الشعوب في هذه المناطق أن ركبوها (أو
إركابها) الصراعات الدينية لن تقود لاي نتيجة، وأن خصمها الحقيقي هو الجهل والتخلف
والخصوم المشتركين الذين يسعون للاستحواذ على خيرات المنطقة؟
*ـ متى سيعرف الشيعة والسنة أن حربهم ضد بعضهم البعض ليست مقدسة، ولم يأمر
بها الدين، ولا تقود اي طرف منهما إلى الجنة بفعل ذلك الاقتتال؟ متى سيفهمون أن
حروبهم هي اقتتال بالوكالة ليضعفا معا؟ متى سينتبهون للتجربة الأوربية، حينما قررت
الشعوب وضع الخلافات الدينية جانبا في القرن 16 م. بعد حروب داخلية مدمرة؟