سيدي سليمان تكحل عيونها
تعبيد الشوارع في انتظار تنمية حقيقية
قررنا أن نحرص في هذه المدونة على المصداقية، وعكس اهتمامات وانتظارات المواطنين، حسب مقدرتنا طبعا، مع إتاحة الفرصة لكل الآراء، في ظل الاختلاف المشروع، وحرية التعبير "المسؤولة"، التي يجب أن نصنعها و نرعاها نحن المواطنون… مناسبة هذا الكلام ما تعرفه المدينة من "ورش إصلاحي" قائم لا يمكن إغفاله، فإذا كان البعض يعتبر في المجال الصحفي أن مثلا عض كلب لرجل خبر عاد، بينما إذا حدث العكس يكون ذلك هو الخبر الجدير بالنشر، وكذلك المثل الآخر عن تأخر القطار عن موعده كخبر "مهم"، أما الحديث عن القطارات التي تحترم المواعيد، فذلك لايهم سوى قلة من المسافرين، مثل هذا الأسلوب الصحفي ليس دائما على صواب، وإن كان الخبر العجائبي غالبا هو ما يثير الاهتمام. نعود لصلب الموضوع فنقول أن المقصود "بالورش الإصلاحي" هو تعبيد عدد من شوارع المدينة، فبعدما أهملت هذه الشوارع لعقود طويلة، وأصبحت ممتلئة بالحفر والخنادق، ولم تعد تصلح لسير العربات والراجلين، انطلقت عملية التعبيد من الحي الجديد ثم حي السلام ولم تصل بعد لحي الغماريين…وأضيف شارعان بحي الوزين (المعمل)، نتمنى أن تشمل كل طريق غير صالح للإستعمال، كلفت العملية 3.7 مليار سنتيم، حصلت عليها البلدية في إطار غلاف مالي أكبر ضمن قرض من صندوق التجهيز الجماعي وفق مطلعين، أي أن ذلك من المال العام، وليس من جيب أحد، رغم أن التوقيت قد يثير بعض الشبهات، لقربه من موعد الانتخابات البرلمانية، ما يعني دعما غير مباشر لجهة معينة
نموذج شارعين بعد تعبيدهما
حسب ملاحظاتنا تعبد الشوارع بكيفية جيدة، حيث تزال الطوارات القديمة وتعوض بأخرى، تسوى الأرض، ثم توضع غالبا فرشتان من المزرار(حجارة صغيرة الحجم) والزفت المخلوطان والمنصهران، بينما يتم الاكتفاء في أزقة أخرى برشها بواسطة الزفت تم يوضع مزرار في شكله الأولي، وبعد ذلك يوضع الخليط الساخن (ما يسمى بالنيلو)، ينتج عن كل ذلك شوارع في المستوى المطلوب، تعطي قيمة مضافة لهذه المدينة، زوروا مثلا فيلات حي السلام، حيث كانت سابقا هذه الدور الفاخرة تسبح في فضاء شبه قروي…
لكن إذا كنا نسجل بإيجابية كل مشروع يرى النور في هذه المدينة التي أهملت، وأحس ساكنوها بالغبن، ومنهم من فضل الإقامة في القنيطرة رغم أن شغله مرتبط بسيدي سليمان، مثل ذلك عدد من المحامين والأطباء، غير أننا نسجل من جهة أخرى ملاحظات أولية نبديها كمواطنين لنا الحق في ذلك، منها اللجوء إلى القروض لإنجاز أي شيء بهذه المدينة، كما وقع للمسبح البلدي (يحرصون على تسميته رسميا بالمسبح الأولمبي)، الذي لم يشتغل ولم ينتج شيئا، رغم تشييده منذ زمن بعيد يفوق عشر سنوات، وما تطلبه ذلك من أموال باهضة، ثم إدخال الماء الصالح للشرب من جهة القصيبية، اعتمادا على قروض لتعويض الماء غير المستساغ السابق، لكن الماء الصالح للشرب حقا لم يصل لساكنة المدينة بالوفرة المطلوبة، إذ تم توزيعه في الطريق على قرى عديدة، والتي من حقها التوفر على الماء، ولكن ليس على حساب آخرين، ورأت مشاريع أخرى النور كإعادة تهيئ حديقة شارع الملعب المهملة الآن، وبناء مقاطعة بفضل ميزانية الجهة، وتعبيد شارع الحسن الثاني من الميزانية الإقليمية، أو إعداد مرافق غير صالحة للاستعمال كسوق السمك، وسوق الخضر قرب حي اخريبكة… وهكذا لم تفكر المجالس المتعاقبة والسلطات المختصة محليا وجهويا ووطنيا في توفير المناخ المناسب لإحداث مشاريع ووحدات إنتاجية، وكل ما يمكن أن يدر على المدينة مدا خيل مالية تغنيها عن اللجوء المستمر إلى القروض، التي ترهق الميزانية، وتكبل أي مجهود "تنموي" قد يتم التخطيط له، رغم أن هناك من يرى أنه لايمكن إحداث أي قفزة تنموية بدون اللجوء للقروض، لكن المشكل هو في كيفية إنفاق هذه القروض، كمهتمين لا يفاجئنا أي تقصير في المجال الاقتصادي من جانب المنتخبين، فهذا رئيس المجلس البلدي الحالي السيد قدور المشروحي قال لصحيفة محلية: "بالنسبة لنا كجماعة لا دخل لنا في الاقتصاد، لأن الاقتصاد له أصحابه" (الزمن المغربي عدد17). وإخفاء العجز وراء أسباب واهية لا معنى له، مادامت للمجالس المنتخبة وللرئيس خاصة صلاحيات واسعة في ظل ميثاق الجماعات المحلية الحالي، يمكن للجماعة أن تكون مستثمرا في المجال الاقتصادي، وموفرة للظروف المناسبة لذلك، ومن يريد أن يتخلى عن دوره فذلك "شغله"، فرئيس المجلس البلدي لسيدي سليمان، قال في نفس الجريدة المشار إليها في سياق الحديث عن "الإصلاحات" حسب السؤال الموجه إليه: "إذا كان كل من يريد أن يطلع على الملفات، فيمكن أن يجدها عند المسؤولين الذين يسعون جاهدين لإعداد مدينة نموذجية، مدينة تحاول الانتقال إلى عهد جديد…إلى مجال الأعمال الإيجابية". فهل المسؤولون هنا هم ممثلو سلطة الوصاية؟ الذين لهم اختصاصاتهم حسب القوانين الجاري العمل بها، وما دور المنتخبين الممثلين للسكان؟ والذين يعدون أثناء الحملات الانتخابية بالممكن والمستحيل. وارتباطا بموضوع الفاعلين المحليين نسجل عدم انفتاح كاف على الإعلام والمواطنين المهتمين، حيث لا تشهر مثلا اتفاقية/ صفقة 2007/06 الخاصة بتعبيد الشوارع، ولا تقام ندوة لذلك، وليس هناك موقع إلكتروني يمكن الإطلاع من خلاله على التفاصيل، وبالنسبة للبعض يتفادى أي "تجهم" يستقبل به في إطار البحث عن المعلومة، وعليه نوجه دعوة لهؤلاء الفاعلين قصد مدنا بالمعلومات وتسهيل وصولنا إليها في ظل احترام كرامة كل متسائل أو باحث، لإفادة المواطنين، وفي انتظار ذلك سنتابع عن قرب، ونكتب عما لم يعبد من الشوارع، وما لا يتم بشكل لائق، على الأقل في هذا الموضوع.
فيما يخص الأشغال الجارية، فعلا يبدو أن التعبيد يتم بشكل ملائم، حسب معاينتنا البسيطة، بينما المختصون والمراقبون والسلطات المعنية، هم الكفيلون بتحديد مستوى الجودة، وليتحمل كل مسؤوليته، حتى لا تتكرر تجربة شارع الحسن الثاني، التي زفتت قبل شهور من طرف نفس المقاول، بتمويل من الميزانية الإقليمية، وظهرت به شقوق وحفر، يتم ترقيع بعضها الآن، ولمن أراد التأكد فليذهب إلى الشارع المذكور على الأقل انطلاقا من حي السلام في اتجاه الشرق. وأخيرا تم تعبيد طريق أولاد الغازي المؤدية إلى دار بالعامري، والذي كان في حالة لا تطاق، وعرف عمليتين سابقتين فاشلتين لتعبيده، وكان ذلك نموذجا لهدر المال. عرفت بعض مواقف السيارات (بجانب البريد) وبعض الممرات (بالفيلات) التهيء بالإسمنت المسلح، بينما أهمل موقف سيارات بحي الزاوية قرب "الصيدلية الشعبية"، رغم تعبيد الطريق المحادية له، كما أحدثت مواقف جديدة بعدد من الأماكن. إذا كان استبدال أحجار الطوار بأخرى جديدة عمل جيد، لكن مستوى الجودة يبقى بدوره مطروحا، فقد وجدت إحداها مهشمة من الوسط، وهي تتفتت بمجرد لمسها بالأصابع، وذلك أمام المنزل رقم 136 بحي رضا، وقمت بنفس الشيء بالنسبة لأخرى فكانت صلبة. أما الطوارات القديمة والتي كان بعضها من الحجر المصقول، فعلا أن مجر نقلها عملية مكلفة، لكنها مادة خام تصلح لعدة استعمالات، كأن تهشم وتسوى بها مسالك في محيط المدينة أو بالعالم القروي، وليس أن تبقى متراكمة في إحدى الساحات، ووضع أكوام الأتربة وسط حي السلام فعل غير مناسب، ويخشى أن تسوى بعين المكان في علو غير متناسق مع المنازل المجاورة، لماذا لا يوضع منها بحفرة كبيرة في ساحة متواجدة ببلوك المدرسة في حي السلام عينه؟
جانب من أكوام الأثربة التي وضعت وسط المدينة
وإعادة تعبيد الشوارع دون التفكير في إصلاح قنوات الواد الحار المختنقة أو غير الصالحة، يثير علامات استفهام، كما هو عليه الحال في حي السلام، ونفس الشيء بالنسبة للصيانة المغيبة من قائمة أنشطة المصالح البلدية، فكثير من الشوارع تحتاج إلى ترميم الحفر، التي تظهر وتهمل إلى أن تتسع وتتعمق، رغم أن بعض هذه الشوارع تكون حديثة التجديد، كما هو عليه الحال في محيط مسجد الهدى، بحي السلام، والشارع المتفرع عنه جهة الشرق، لماذا تهمل ولا تصان ككل طرق العالم داخل عمرها الافتراضي، ليجري المنتخبون بعد ذلك وراء الصفقات الكبرى والقروض، لابد من الإشارة كذلك لضعف جودة الطرق ببعض التجزيئات السكنية، التي يستخلص أصحابها الملايير ويرحلون، في انتظار أن يتكفل المجلس البلدي في يوم ما بهذه الطرق، وإن أي جولة بسيطة كفيلة بتأكيد ذلك.
كان في السابق السائقون يسيرون ببطء حفاظا على عرباتهم من خطر الحفر، أما الآن فبعضهم يعتبر الشوارع طرقا سيارة، هناك سيارات وحتى شاحنات تسير بسرعة لا تناسب المدينة، قد تهدد حياة الراجلين، وفي غيبة ميادين الرياضة وفضاءات اللعب، يرى البعض أن عددا من الشوارع تصلح لممارسة مباريات الكرة المصغرة، وهو ما شرع فيه فعلا.
ختاما نقول هل ستعود سيدي سليمان لشبابها السابق؟ عندما شيدها المستعمر، وكانت بوتقة جذب، حيث وفرت الشغل والفضاءات المناسبة لساكنة ذلك الزمن، أم أنها أصبحت امرأة هرمة؟ تكحل عيونها بالزفت، وتضع مساحيق رخيصة تخفي التجاعيد والوهن، من جانبنا نتمنى لهذه المدينة تنمية حقيقية، وتصالحا مع ساكنتها الطواقة لمدينة عصرية، توفر مرافق الحاضرة الحقيقية، وتتصالح في إطار تكاملي مع محيطها الفلاحي. في احترام تام لخصوصية كل مجال، وبدون بدونة (من البادية) المدينة.
مصطفى لمودن
أدل بملاحظاتك وبرأيك وبمعلومات ترى أنها مناسبة للنشر، وكل من له رأي مخالف مستعدون لإدراجه