"مدن بدون صفيح" بسيدي سليمان
مشروع طموح يهم آلاف الأسر تواجهه عدة مشاكل
الحزب الاشتراكي الموحد يتدخل من جانبه
إعداد مصطفى لمودن
منذ عقود تفاقمت مشاكل السكن بمدينة سيدي سليمان، خاصة في ضفة غرب نهر بهت الذي يقسم المدينة إلى شطرين، حيث تكاثرت المساكن العشوائية وأحياء الصفيح، لتنضاف إليها قرى بعدما توسع المجال الحضري كقرية "زهانة"… لتتدخل القطاعات الحكومية المعنية قصد إيجاد حل لوضعية جد معقدة على المستوى الاجتماعي والعقاري، تهم ما يفوق 7000 أسرة حسب إحصاء متقادم، وقد تم تحيينه خلال السنة الجارية، و14 حيا سكنيا ممتدا على مساحة واسعة، وذلك وفق تدبيرين مندمجين، الأول هو "إعادة الهيكلة"، يهم 67%من الأسر المعنية، وذلك عبر وضع الطرقات وبقية البنى التحتية، وإبقاء غالبية السكان في أماكنهم، وهو ما شرع فيه فعلا، لكنه يسير ببطء وشمل لحد الآن جزء صغيرا فقط، كحي "أولاد مالك" و"أولاد زيد" و "دوار الوركة"، وتنتظر أحياء أخرى إتمام الأشغال ك"فريمان"و"بورنجة" و"الغلالتة" و "العبد السلامية"، وفئة ثالثة مازال دورها لم يحن بعد ك "جبيرات الواد"، و"العواد" و "دوار الجديد"… أما التدبير الثاني فهو "إعادة الإيواء" أي الترحيل إلى تجزيئات جديدة شرق المدينة على إحدى ضيعات "الصوديا" سابقا، ويهم القاطنين بأماكن خطرة كالمتواجدين على مقربة من مجرى نهر بهت…
ذكر (للجريدة) مسؤول مأذون من عمالة سيدي سليمان فضل عدم ذكر اسمه أن الانطلاقة التي ابتدأت منذ 2003 عبر وضع اتفاقية بين وزارة الإسكان والمجلس الحضري بسيدي سليمان والتي تحدد واجبات كل طرف واجهت عدة مشالك لم تكن منتظرة تهم تعدد نوع الملكيات، ما بين الملك العائلي العام كحالة حي "أولاد الغازي"، و"أولاد مالك"… من ذلك وجود تعدد الشركاء على "الشياع"، ثم هناك حالات أخرى صعب تحديد ملكية أصحابها للأرض التي عليها المنازل، بالإضافة إلى تأخر تسوية العقار الجديد الذي كانت تتحفظ وزارة الفلاحة على تحويله إلى تجزيئات سكنية.
تتزاحم البيوت الطينية والقزديرية في ظروف مأساوية
ابتدأت الأشغال في تهيئة تجزئة "الخير1" على مساحة 45 هكتار، وضمنها تم إيواء 204 أسرة متضررة من فيضانات 2009 التي ضربت سيدي سليمان، وهؤلاء السكان كانوا قد استفادوا من البقعة الأرضية مجانا، وحصولهم على منحة قدرت بمليون ونصف المليون سنتيم(1.5 مليون سنتيم)، والإعفاء من أداء رخصة البناء، لكن هناك حالات من هؤلاء لم تستطع بعد إتمام بناء منازلها. وخصص هكتار بنيت عليه محكمة ابتدائية بدأت الاشتغال منذ أشهر خلت، و6 هكتارات لتشييد مقر عمالة إقليم سيدي سليمان، بالإضافة إلى مرافق أخرى، ومن أجل توفير موزانة مالية، تخصص بقع للبيع التجاري تتكفل بها "شركة العمران" التابعة لوزارة الإسكان، لكن هذه البقع أصبحت تعرض بما يفوق 1500 درهم للمتر المربع وهي أثمنة مرتفعة حسب عدد من المتتبعين بالمدينة، وقد ارجع سبب ذلك محاورنا المسؤول المختص من العمالة إلى ارتفاع التكلفة بسبب نفقات التطهير والربط بالماء الصالح للشرب.
كانت تكلفة المشروع في بداية تقدر ب 175.10 مليون درهم، لتنتقل بعد ذلك إلى 206.6 مليون درهم، وكل تأخر يعني المزيد من رفع التكلفة.
من ضمن السكان المعنيين بالترحيل القاطنون بحي "أولاد مالك" السوق القديم، البالغ عددهم 541 أسرة، وقد أجريت قرعة توزيع البقع السكنية عليهم في 14 فبراير المنصرم، تصل مساحة كل بقعة في الغالب ما بين 60 و80 متر مربع، وبعد ذلك ظهرت معطيات جديدة كان أهمها توالي احتجاجات هؤلاء السكان وقيامهم بوقفات واتصالهم بعدد من الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني بالمدينة ومراسلتهم الجهات المختصة وعقدهم عدة لقاءات مع عامل إقليم سيدي سليمان، بل استطاعوا طرح مشاكلهم على وزير الإسكان بالرباط مباشرة، وهم يطالبون بحذف 200 درهم للمتر المربع كمساهمة منهم لاقتناء البقعة السكنية، الإعفاء من التكاليف التصميم ورخصة البناء، تخفيض تكاليف القرض.. ذكر البعض منهم باستحالة حصولهم على قروض بسبب ضعف مداخلهم، وقد قبل بنك واحد فقط منحهم القروض ضمن "فوكاريم" الذي يعنى بالسكن الاقتصادي، وتكلف مهندسون في إطار هيئتهم الخاصة بإعداد تصاميم البناء والحديد بمقدار مالي لا يتعدي 1200 درهم للمنزل، وتم التعاقد مع موثق لإيجاد حل لمشكل أعاق إتمام العملية، وهو مطالبة البنك بملكية الأرض(الرسم العاري)، بينما إدارة "العمران" ترفض ذلك ما لم تحصل على المساهمة المالية للمستفيدين، وحول طلب إعفاء المستفيدين من رخصة البناء استمعت (الجريدة) لرئيس المجلس الحضري لسيدي سليمان هشام حمداني، الذي طلب حضور مستشار مكلف بالتعمير والموظفان المكلفان بالجبايات والتصاميم إلى مكتبه قبل الإيجاب عن التساؤلات، وقد ذكر أنه لا مانع لديهم من الإعفاء لكن ذلك "امتياز خاص" يعني عدم المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، ورغم ذلك فإمكانية الإعفاء ممكنة كما حصل مع المتضررين من الفيضانات، لكن شريطة إيجاد مخرج "قانوني" تساهم فيه كذلك سلطة الوصاية كما قال.
جانب من الأحياء الغربية بسيدي سليمان
وتجدر الإشارة أن هناك ما لا يقل عن 90 حالة ممن يعتبرون متضررين من الفيضانات، الذين يحصلون على بقع مجانية ومساعدة مالية وتقنية(تضارب الأرقام التي حصلنا عليها حسب كل مسؤول)، وظهرت فئة أخرى يقول أصحابها إنهم لم يحصوا كما أشار بعضهم، مما جعل الجهات المعنية تعيد البحث في 126 حالة. وتحتج باستمرار ما لا تقل عن 14 أسرة كانت تقطن بجوار حي "اخريبكة" في منازل قصديرية، هدمت السلطة المحلية منازلها في 15 مارس 2005، ولم يتم إحصاؤها، رغم مراسلتهم عمالة سيدي سليمان في 24 يناير 2011( نتوفر على نسخة من المراسلة)، وتوجه اتهمامات لأعوان السلطة الذين اشرفوا على إعادة الإحصاء بالقيام بتلاعبات في ذلك، وقد أمدنا بعض المتضررين بلائحة مما يذكرونه بغير المستحقين، وفي نفس السياق راسل في الموضوع فرع "الحزب الاشتراكي الموحد" بسيدي سليمان مختلف المسؤولين عن المشروع من الوزير الأول إلى عامل الإقليم مرورا بوزير الداخلية ووزير الإسكان ووالي جهة الغرب الشراردة بني احسن، تحدثت الرسالةعما " ما يعرفه (مشروع مدن بدون صفيح بالمدينة) من تعثرات وتأخر طويل في التنفيذ لعدة أسباب أهمها سوء تدبير الملف على المستوى المحلي من طرف السلطة المحلية، وغياب الشفافية والإشراك الفعلي لمختلف الفاعلين المعنيين والمهتمين، منه تشكيل بعض أعوان السلطة المحلية لممثلين عن السكان دون استشارة هؤلاء السكان، مما خلف أجواء متوترة واحتجاجات سكانية متتالية.." وتطالب نفس المراسلة بالتعجيل في التنفيذ وتوفير الوعاء العقاري الكافي والمهيأ والتمويل، و"مساءلة ومحاسبة كل مسؤول تبث أنه كان وراء إفساد عملية إحصاء المتضررين"… وعلم أن أعضاء من نفس الحزب عقدوا لقاء موسعا مع باشا المدينة ومهندس العمالة حول الموضوع، واصدر الحزب المشار إليه بلاغا حول ذلك(انظر نص المراسلة والبلاغ أسفله).. وتجدر الإشارة أن السلطة المحلية كانت قد رفضت منح وصل الإيداع لجمعية أسسها سكان "حي أولاد مالك" في أبريل 2009 للدفاع عن مصالحهم، كنا قد حضرنا أطوار الجمع العام حينذاك، ولم تعترف السلطة المحلية كذلك بجمعية "بهت الخير" التي أسسها المتضررون من الفيضانات في 13 مارس 2009.
إن موضوع مشاكل السكن بسيدي سليمان جد معقد وقد ورثته المدينة منذ عقود خلت، يتطلب علاجه تكاثف الجهود وتنسيق العمل بين مختلف المتدخلين، وأصبح ضروريا تدخل الحكومة من أجل إيجاد حلول عملية للمشاكل المتفاقمة منذ عود
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعد هذا التقرير في الأصل لجريدة مغربية بشكل تطوعي حسب اعتماد مدتنا به هيئة تحرير الجريدة، ننشره بمدونة سيدي سليمان بعد تأخر ذلك في الجريدة المذكورة.
************
طال انتظار آلاف الأسر وهي تسكن في ظروف صعبة ولا إنسانية، وكلما تساقطت الأمطار أو ارتفعت الحرارة تجد سكان هذه الأحياء في مواجهة شدائد لا قبل لهم بها، تعرض مدونة سيدي سليمان هذه الصور كنماذج، علما ألا أحد يرضى عن هذه الأوضاع، إلا المصطادون في الماء العكر كمفسدي الانتخابات على سبيل المثال… الأمر لم يعد يستحمل.
نص المراسلة التي بعثها الحزب الاشتراكي الموحد إلى كل من الوزير الأول، وزير الداخلية، وزير الإسكان، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، عامل لإقليم سيدي سليمان:
الموضوع: معالجة القضايا المترتبة عن سوء تدبير ملف "مدن بدون صفيح بسيدي سليمان والتعجيل بتنفيذه.
تحية واحتراما،
وبعد، يشرفنا أن نراسلكم حول مشروع "مدن بدون صفيح" الذي يهم آلاف الأسر بسيدي سليمان، وتبعا لتلقينا في فرع الحزب الاشتراكي الموحد لعدة شكايات من المواطنين في الموضوع، ومتابعتنا للأمر، وما يعرفه من تعثرات وتأخر طويل في التنفيذ لعدة أسباب أهمها سوء تدبير الملف على المستوى المحلي من طرفالسلطة المحلية، وغياب الشفافية والإشراك الفعلي لمختلف الفاعلين المعنيين والمهتمين، منه تشكيل بعض أعوان السلطة المحلية لممثلين عن السكان دوناستشارة هؤلاء السكان، مما خلف أجواء متوترة واحتجاجات سكانية متتالية، وعقدهم لقاءات مع المسؤولين المحليين والإقليمين لم تسفر لحد الآن عن حلول مقنعة.
إن الحزب الاشتراكي الموحد إذ يسجل بقلق التأخر غير المبرر في المشروع يطالب:
ـ التعجيل في التنفيذ وتوفير جميع المتطلبات، سواء الوعاء العقاري الكافي والمهيأ، والتمويل اللازم ومصاحبة المستفيدين غير المشروطة.
ـ إشراك مختلف الفاعلين في كل ما له علاقة بالموضع إشراكا حقيقيا، وخاصة ممثلين عن السكان المعنيين، وليس تعيين لجان فوقية وفرضها على السكان.
ـ مساءلة محاسبة كل مسؤول تبث أنه كان وراء إفساد عملية إحصاء المتضررين.
ـ ضمان خيار السكان في تنظيم أنفسهم بكل استقلالية وحرية وعدم عرقلة حقهم في ذلك.
ـ مساعدة كل الفئات المتضررة من الفيضانات وتبعاتها، وكذلك الأسر المعوزة.
ـ توسيع قاعدة المستفيدين حسب استحقاق معقول وعادل.
ـ خلق آلية للتواصل المستمر تهم السكان والمصالح المتدخلة والمجتمع المدني الحقيقي.
وتقبلوا فائق التقدير والاحترام.
والسلام
المكتب
******************
الحزب الاشتراكي الموحد
فرع سيدي سليمان
سيدي سليمان في 19 أبريل 2011
بـــــــــــــــــــــــلاغ
إشكالية تدبير ملف "مدن بدون صفيح" بسيدي سليمان
يخبر الحزب الاشتراكي الموحد فرع سيدي سليمان من خلال هذا البلاغ، الرأي العام المحلي والوطني بخلاصات متابعته لملف تنفيذ مشروع "مدن بدون صفيح" الخاص بمدينة سيدي سليمان والذي يهم أربعة عشر "14" حيا سكنيا.
على إثر الشكايات التي توصل بها الحزب الاشتراكي الموحد من طرف المواطنين المعنيين بموضوع إعادة الإيواء وإعادة الهيكلة في إطار مشروع "مدن بدون صفيح" بمدينة سيدي سليمان راسل الحزب يوم الأربعاء 30 مارس 2011 الجهات المعنية بالموضوع:
- الوزير الأول- وزير الداخلية- وزير السكنى والتعمير- والي جهة الغرب شراردة بني حسن- عامل إقليم سيدي سليمان.
وقد تضمنت المراسلات مجموعة من النقط ذات الصلة بمشروع "مدن بدون صفيح" بالمدينة، وكذا انشغالات الناس وتطلعاتهم، وما رافق ذلك من توثرات، واحتجاجات، ابتداء من عملية الإحصاء، والمطالبة بالاشتراك الفعلي للسكان في اتخاذ القرارات التي تهمهم، وتهيئ الوعاء العقاري الكافي بالنسبة لإعادة الإيواء ومراعاة الظروف الاجتماعية للمتضررين من الفيضانات وإيجاد السبل المناسبة لمساعدة الأسر المعوزة، وتوفير شروط التمويل الملائمة، وعدم حرمان أي مستحق من الاستفادة… كما عبر الحزب من خلالها عن قلقه البالغ بخصوص تأخير تنفيذ المشروع.
وبناء عليه طالبت السلطات المعنية بالإقليم في شخص باشا المدينة لقاء مع فرع الحزب الاشتراكي الموحد الذي استجاب للدعوة من أجل التداول في شأن المراسلة الموجهة لعامل الإقليم، وذلك يوم الاثنين 11 أبريل 2011 بمقر باشوية بلدية سيدي سليمان.
وقد دام اللقاء الذي حضره بالإضافة إلى باشا المدينة حوالي ثلاث ساعات، المهندس المكلف بالتعمير، تم من خلاله عرض مختلف الجوانب المتعلقة بالموضوع، وما عرفته مراحل التنفيذ، وتمت الإشارة إلى أن تأخير المشروع ارتبط في جزء كبير منه بما هو وطني، وبالمشاكل المرتبطة بتدابير إدارية وتقنية مشتركة بين بعض الوزارات من أجل تصفية الوعاء العقاري.
وبعد الاستماع إلى تفاصيل العرض، سجل الحزب مجموعة من الملاحظات وعبر من خلالها عن تحفظاته وقلقه مما قد ينتج عن هذا الملف إذا لم يتم استدراك بعض الهفوات( التأخير- الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين- الإحصاء…) داعيا السلطات الحكومية المعنية والمجلس الحضري بالمدينة إلى تحمل مسؤولياتهما من أجل توفير كل المتطلبات الضرورية سواء التقنية أو المالية أو القانونية أو ما يتعلق بالوعاء العقاري وآليات التواصل، وفي الأخير تقدم الحزب ببعض المقترحات بشأن تدبير هذا الملف وطيه بشكل نهائي، وفق منهجية تشاركية تحكمها الشفافية والحكامة.
ونعد الساكنة بالمتابعة المسؤولة لهذا الملف وإخبارهم بكل التفاصيل.
———————-
المكــتـب
المقر: رقم 3، بلوك 18، حي السلام، سيدي سليمان.