مدونة سيدي سليمان في حوار صريح وشامل مع الأستاذ إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية بمناسبة ترشيحه وكيلا للحزب بدائرة سيدي سليمان.
إسماعيل العلوي:
ترشحي هو رد على سلوك دنيء وتكالب بعض القوى ضد حزبي.
تطرق إسماعيل العلوي لظروف ترشحه الطارئة، ولجزء من تاريخه النضالي مع حزبه، ولعلاقته مع سكان دائرة سيدي سليمان التي سبق أن مثلها في البرلمان، ثم أعطى رأيه في "المقاطعة" والتحالفات، وتشتت اليسار، ودور الحكومة المرتقبة…
أجرى الحوار من سلا لفائدة مدونة سيدي سليمان عبد الإله عسول
-سؤال: في عجالة أستاذ إسماعيل، نود منك أن تتفضل بإعطاء المدونة نبذة مقتضبة عن حياتك الشخصية والحزبية…
جواب-إنني من مواليد سنة 1940. رأيت النور بسلا بحومة بابا حسين في أسرة محافظة تسكن بجوار الزاوية الدرقاوية التي كان جدي من أبي مقدما عليها.
درست بمدرسة "الشراطين" ومدرسة "الرمل" بسلا وتعلمت اللغة العربية بالمنزل على يد أساتذة مثل الأستاذ الطازوطي والأستاذ العوفي، ثم الأستاذ محمد الغربي قبل أن أنهي تعلمي بالعربية مع الأستاذ اليابوري الذي أصبح من بعد رئيسا لاتحاد كتاب المغرب.
في مطلع الاستقلال سنة 1956 انتقلت الأسرة إلى القنيطرة وتابعت دراستي الثانوية هناك بعد ما بدأتها بثانوية كور والتي تحولت إلى ثانوية الحسن الثاني. وبعد حصولي على الباكالوريا بقسميها تابعت الدراسة في قسم "البربيدوتيل" أي التحضير للدراسات العليا بثانوية "ليوطي" بالدار البيضاء، وكنت أتابع دروسا في السنة الأولى علوم سياسية في آن واحد.
بعد حصولي على شهادة "البربيدوتيل" التحقت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط شعبة الجغرافيا والتاريخ قبل أن استكمل دراستي بباريس في معهد الجغرافيا.
وخلال مكوثي بالرباط التحقت بصفوف الحزب الشيوعي المحظور آنذاك في سنة 1961 انطلاقا من قناعتي بضرورة القضاء على كل أنواع الاضطهاد والاحتقار وبناء مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية. ومازلت وفيا لهذا الاختيار وسأبقى وفيا إليه إلى أن ألتحق بالرفيق الأعلى.
وبموازاة مع الانضمام إلى الحزب انخرطت في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب حيث تحملت داخل صفوفه مسؤولية التنسيق بين الفروع التي كانت له بفرنسا.
وسنة 1965 عدت نهائيا إلى أرض الوطن وتزامن ذلك مع وفاة الوالد رحمه الله.
في يوليوز 1966 كان لي شرف المساهمة في المؤتمر الثالث للحزب الذي انعقد في السرية حيث انتخبت عضوا في اللجنة المركزية؛ كما حصل لي شرف العمل بجوار أستاذي ورفيقي عبد العزيز بلال، وتكلفت تحت رعايته بالعمل في وسط الفلاحين بالغرب مع رفاق شباب آخرين آنذاك. وحيث كان الحزب محظورا كنا نلتقي مع رفاقنا الفلاحين والعمال الزراعيين في بعض الأضرحة ليلا بمنطقة دار بلعامري وسيدي سليمان.
في 1968 عاد الحزب إلى العمل العلني قبل أن يمنع من جديد سنة 1969 وكتب لي أن قضيت مدة وجيزة في سجن العلو بصحبة رفيقي علي يعتة ومحمد شعيب الريفي اللذين قضيا شهورا حبسا نافذا، أما أنا فأطلق سراحي بعد 15 يوما لأنه تبين أني لم أحضر في الاجتماع الذي اتخذ ذريعة لمنع الحزب، والحكم على أمينه العام وأحد أعضاء ديوانه السياسي.
وسنة 1975، بعد المسيرة الخضراء، تم الاعتراف القانوني بالحزب وساهمت في تأسيس حزب التقدم والاشتراكية وفي مؤتمره الأول انتخبت عضوا مساعدا بالديوان السياسي قبل أن أصبح في المؤتمر الثاني عضوا كامل العضوية في الهيأة التنفيذية للحزب.
أما ما حدث في حياتي الحزبية فيما بعد فهو معروف ولا داعي للإطالة في هذا الموضوع لأن على أي نبذة أن تكون مختصرة. وأنا رهن الإشارة إن أردتم المزيد.
السؤال الأول: أول سؤال يتبادر لذهن المتتبع، هو ما الذي حصل حتى تخرجون من تقاعدكم السياسي، ومن جبتكم كرمز للحزب وأحد حكمائه الذي طالب إعفاءه أكثر من مرة من مسؤولية الأمانة العامة لأسباب صحية، لتعودون إلى تحمل هذه المسؤولية التي ليست بالسهلة؟
الجواب: أولا لم أصبح في يوم من الأيام متقاعدا عن العمل السياسي بمفهومه النبيل. أنا مناضل أعتمد في حياتي على قيم ومبادئ وقناعات وكل هذا يمنعني من أي تقاعد.
صحيح أني طالبت أكثر من مرة بالتخلي عن مسؤولية الأمانة العامة لأسباب شخصية منها ما هو عائلي، ومنها ما هو أخلاقي. تعلمون أني تجاوزت السبعين من عمري ومن الأفيد لحزبي أن ينعم بالطاقات الشابة التي يزخر بها.
أما عودتي إلى الترشيح بإقليم سيدي سليمان فهذا يعزى إلى أمر طارئ حصل وهو تكالب بعض القوى على حزبي وهذا لا ولن أقبله أبدا.
قررت مع حزبي أن نرفع التحدي وأن نعمل بحكمة المقولة الشعبية "لي عندو باب واحد الله يسدو عليه". أني أعتبر أن لي مع إقليم سيدي سليمان روابط حميمية تعود إلى منتصف الستينيات وكان لي شرف تمثيل جزء مهم من سكان هذا الإقليم الفتي في الثمانينيات وبداية التسعينيات بالبرلمان.
ولم أنقطع عن الاهتمام بهذه المنطقة وبسكانه في الحواضر والأرياف. ويسعدني أن أقول أني مع رفاق ورفيقات وإخوة وأخوات أقوم بنشاط جمعوي في إطار الجمعية التي أترأسها وهي "جمعية تنمية عالم الأرياف" والتي أعطت حروفها الأولى بالفرنسية كلمة "ADMR" "أدمر" ونعلم جميعا معنى هذه الكلمة الدارجة المقتبسة من الأمازيغية.
طبعا عندما قررت عن طواعية رفع التحدي الموجه لحزبي لم أسقط في الغرور. سأخوض المعركة الانتخابية بنفس الحماس الذي كان لي في المعارك الانتخابية الأخرى دون المبالاة ب "الهزيمة" إن حدثت. إني أفعل في العمل السياسي الشعار الأولمبي القائل: "الأهم ليس هو الانتصار بقدر ما هو المساهمة".
السؤال الثاني: كيف تنظرون من موقعكم كسياسي خبر العمل الحزبي من موقع المعارضة والحكومة إلى الوضع السياسي العام بالبلاد، خصوصا مع ما يشهده العالم العربي من تطورات سريعة مفتوحة على احتمالات مختلفة، ومع ظهور حركة شباب 20 فبراير، الذي يطالب بتغييرات في ممارسة العمل السياسي بدءا بمحاربة الفساد والمفسدين وتطهير السياسة من الانتهازيين وأصحاب الشكارة والنفوذ..؟
الجواب: إن راهن الوضع السياسي ببلادنا يتميز بمجموعة من المفارقات. فشعبنا بفضل كفاحه ونضالات أبنائه ولاسيما منهم الشباب، استطاع أن يحقق من خلال الحراك الذي انطلق مع حركة 20 فبراير مكاسب هامة في الميدان السياسي والمؤسساتي؛ لكن يبدو لي أن عدداً من المواطنين ولاسيما منهم المسيّسون لم يقدروها حق قدر هذه المكتسبات، وأخذوا يستخفون بها وكأنهم في قرارات أنفسهم يريدون التنكر إليها، هذه هي المفارقة الأولى في تصوري.
أما المفارقة الثانية فيمكن تلخيصها في كون بعض الهيئات السياسية التي أخذت تساهم في العمل السياسي في إطار المؤسسات لمدة طويلة من الزمن وتحت مضلة دستور أقل تقدما من هذا الذي اقر في فاتح يوليوز 2011، تنادي إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية. أين هو المنطق يا ترى! أعتبر شخصيا أن العمل السياسي يجب أن يتنافى وكل انفعال ذاتي سلبي(sans états d’âme) كما يقول الفرنسيون، وما لا يأخذ كله لا يترك كله.
المفارقة الثالثة هي أن الدستور الحالي( كما هو حال كل الدساتير في العالم) رهين فعلا في تطبيقه بمدى المستوى السياسي العام للشعب. ودون التقليل من فطنة وحدس شعبنا يجب الاعتراف بأن "المشكلة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" لشعبنا في الوقت الراهن لا تناسب كل ما يمكن أن ينجم عن تفعيل الدستور الجديد. وبالتالي من الممكن إن لم نكن حذرين أن يبقى هذا الدستور المقدم حبرا على ورق.
ولتوضيح ما أقول آخذ مثل دستور مملكة الدانمارك. إن هذا الدستور الموضوع سنة 1953 أصبح متجاوزا إذ ينص بصراحة في مادته الثالثة أن العاهل الدانماركي "يتقاسم ومجلس الشعب السلطة التشريعية" وأنه "ينفرد بالسلطة التنفيذية"! لكن المستوى العام للشعب الدانماركي جعل هذه الصياغة متجاوزة. وما لوحظ إيجابا في حالة الدنمارك يمكن أن يلاحظ سلبا في بعض الحالات. وهذا ما أخشاه بالنسبة لنا في المغرب. ولتفادي هذا الوضع يجب الانخراط بوعي وبقوة في عملية "تنزيل" مضامين الدستور الجديد مما يقتضي لا "المقاطعة" بل الاجتهاد من أجل قطع الطريق على المفسدين وعلى كل من لا يريد التفعيل الحقيقي لمضامين هذا الدستور. وبالمناسبة أود أن أدقق مفهوما أصبح متداولا في الفترة الأخيرة وهو مفهوم "المقاطعة" الذي يترجم بكلمة "boycott." إن المقاطعة في المعجم السياسي تفترض العمل المنظم الواعي لا لعدم المشاركة في العملية الانتخابية بل إفشال هذه العملية بكل الوسائل بما فيها العنف! وهذا أمر غير وارد حتى في التصورات الأكثر تطرفا في بلادنا.
إن الخطأ الحاصل في استعمال هذا المفهوم ليدل على أن جزءا من طبقتنا السياسية لم يرتقي بعد إلى مستوى الأحداث. وهذه هي المفارقة الثالثة.
خلاصة القول هو أن محاربة الفساد والمفسدين وتطهير الساحة السياسية من الانتهازيين وأصحاب "الشكارة" و "النفوذ" كل ذلك يقتضي لا المقاطعة ولا عدم المشاركة والامتناع بل الانخراط بكثافة وبقوة في العملية الانتخابية. فهذه الطريقة هي الوحيدة الكفيلة بقطع دابر الفساد والمفسدين والانتهازيين الذين يستغلون الفقر والجهل اللذين ما زالا منتشرين بين صفوف شعبنا.
السؤال الثالث: ما هي أهم المستجدات التي ترون أنها تشكل دافعا جادا لانقطاع المواطنين بالإقبال على المشاركة في الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر الجاري؟ خصوصا أن هناك دعوات لأطراف سياسية معارضة، لمقاطعة الانتخابات، اعتبارا منها أن لا جديد عرفه ملف الإصلاح السياسي والدستوري – في نظرها-؟
الجواب: يبدو لي أن الجواب على هذا السؤال متضمن فيما سبق؛ لكن أستسمح إن أكدت مرة أخرى على عدم منطق قبول العمل السياسي في إطار الدستور القديم والتواجد في المؤسسات التي كان ينص عليها، ورفض العمل في إطار دستور جديد أكثر تقدما! فهذا موقف بعيد عن المنطق السليم. هذا موقف لا يمكن لا فهمه ولا قبوله من مناضلين لا نشك في حسن نواياهم. إنما كما يقول المثل "فطريق جهنم معبدة بالنوايا الحسنة" la route de l’enfer est pavée de bonnes intentions.
السؤال الرابع: هل تعتقدون أن دائرة سيدي سليمان توفر حظوظا للنجاح أكبر من دوائر أخرى مثلا؟
الجواب: لم انخرط في هذه الانتخابات سعيا وراء مقعد. وحتى في الماضي لم يكن سعيي هو الحصول على مقعد في البرلمان، أعتبر الحملة الانتخابية مناسبة للتعريف بخطة حزبي، بقيمه وبمبادئه، كما أعتبر في نفس الوقت أن مثل هذه المناسبة (أي الحملة الانتخابية) هي مناسبة للتعلم أكثر من شعبنا وإدراك محاسنه ومساوئه.
وأتأسف لكون العديد من المناضلين لا يحسنون العمل عن قرب ولا يتوفر لهم النفس الطويل الذي يمثل وحده ضمان النجاح السياسي (إضافة طبعا إلى توفر الخط السياسي والقدرة على التحليل الصائب).
ثم لا تنس أني أتيت إل دائرة سيدي سليمان نظرا لما يجمعني بسكانها منذ الستينيات وكذلك للرد على العمل الدنيء الذي اقترفه البعض ضد حزبي. لربما سيعتبر البعض أن موقفي كان نتيجة "انفعال" واعترف بذلك لأن ما أقدم عليه بعض الفاسدين المفسدين في دائرة سيدي سليمان وفي غيرها من الدوائر ضد حزبي، هو الذي جعلني أثور وأقدم على ما أقدمت عليه من ترشيح. لكن من وراء رد الفعل هذا نجد الرغبة في دق ناقوس الخطر إذ أن السلوك الدنيء الرامي إلى عرقلة حزب مثل حزب التقدم والاشتراكية واستعمال أساليب تذكرنا بماض ولى بدون رجعة، يمثل خطرا على استقرار البلاد وضربة لتقدمها على درب التحديث والتقدم.
السؤال الخامس: ما هي محاور برنامجكم الانتخابي سواء بالنسبة للحزب الذي تمثلونه، أو بالنسبة لكم كسياسي له علاقة حميمية بالمنطقة؟
الجواب: فيما يخص برنامج الحزب الانتخابي فمن دون شك أنكم اطلعتم عليه وعلى ما يتضمنه من التزامات. إننا كحزب وفي لدوره ولهويته نناصر أولا وقبل كل شيء الكادحين والمستضعفين من شعبنا في مطالبهم المشروعة، ولهذا اخترنا كشعار مركزي لهذه الحملة الانتخابية: "الكرامة الآن". و الكرامة تعني القضاء على الفساد وعلى كل تبعاته من استغلال النفوذ والجاه واحتقار المواطنين والمواطنات البسطاء في حياتهم اليومية عن طريق الرشوة والإقصاء والتهميش واستغلال الجهل والفقر.
إن تصريف هذا الشعار يهم كل مناحي الحياة اليومية للمواطن والمواطنة في ميدان السكن والصحة والتعلم والتثقيف والمساواة بين الجنسين، مما يقتضي تحسين شروط وظروف العيش الكريم، فمن الصعب تلخيص البرنامج في بعض السطور لكن الأهم هو جعل المواطنين والمواطنات يرتقون إلى مستوى أعلى من الوعي، وأن يصبحوا قادرين على تفعيل "الديمقراطية المشاركتية".« démocratie participative »
إضافة إلى كل هذا فنحن في حزب التقدم والاشتراكية نعطي أهمية قصوى لمفهوم العدالة الاجتماعية مما يفرض الانكباب على الحقل الاقتصادي وحقل العلاقات الاجتماعية للإنتاج، وهنا نصل إلى محاربة اقتصاد الريع وإلى ضرورة مراجعة نظامنا الجبائي حتى يساهم الجميع في تمويل احتياجات أفراد المجتمع بشكل عادل. وكل ما قلته في هذه العجالة ما هو إلا قطر من فيض فيما يخص منطقة سيدي سليمان فإنكم تعلمون أنها توجد في إحدى أغنى مناطق الوطن اقتصاديا، لكن سكانها من أفقر سكان هذا البلد، وهذا يطرح إشكالات منها ما هو متصل بالهياكل الزراعية والعقارية، وما هو متصل بالأوضاع الاجتماعية الطبقية. لذلك أعتبر أن على المجتمع المدني المتنور أن ينخرط في حل هذه المعضلة ليس فقط بتنظيم عملية حركات مطلبية، بل وكذلك بالمساهمة الفعلية الميدانية في حل العديد من جوانب هذه المعضلة: ميدان تعميم المعرفة، الصحة الجماعية، توفير السكن اللائق، تسهيل الاتصال: المسالك – الطرق… الخ.
إن مثل هذا الاختيار الذي أحبذه وأعمل على أساسه في إطار جمعية تنمية الأرياف رغم قلة الإمكانات لمن شأنه أن يساهم في ارتقاء وعي المواطنين والمواطنات والقضاء على العادات التي ترسبت نتيجة العملية التخريبية التي ما فتئ يمارسها الفاسدون المفسدون مستغلين الفقر والجهل.
السؤال السادس: جرت العادة أن تواصل أي منتخب لمجلس النواب مع منتخبي دائرته بمجرد نجاحه، هل لكم خطة تواصلية تخالف هذا الأمر مستقبلا، خصوصا وأنكم تدخلون الانتخابات في دائرة سيدي سليمان بعدما كنتم ممثلين لها في البرلمان ابتداء من 1997.
الجواب: أولا أريد أن أصحح ما جاء في سؤالكم لقد مثلت دائرة سيدي سليمان التي كانت تلقب آنذاك "بدائرة بني احسن" من سنة 1984 إلى غاية سنة 1992 وليس ابتداء من 1997 كما ورد في السؤال.
وعندما كنت نائبا عن سكان هذه المنطقة كنت حريصا على التواجد المستمر بين سكان الدائرة وكان لي مكتب مخصص للاتصال بالسكان للمساهمة في حل بعض قضاياهم الفردية والجماعية والدفع بعديد من المشاريع تهم المنطقة. وكنت أسعى عند نهاية كل دورة من دورات المجلس أن أتقدم برصيد عملي كبرلماني. كما نظمنا مناظرات متمحورة حول إشكال تشغيل الشباب. وقاعة بلدية سيدي سليمان التي تحولت إلى مركز العمالة شاهدة على ذلك.
وحتى بعد سنة 1992 لم أنقطع عن تتبع أحوال المنطقة التي تعرضت مرارا إلى كارثة الفيضان وقمت حتى عندما لم أبق منتخبا ممثلا للمنطقة ببعض المبادرات قبل وإثر وبعد تحمل مسؤولية تدبير شؤون وزارية (التعليم الابتدائي والإعدادي من مارس 1998 إلى غاية شتنبر 2000 والفلاحة من شتنبر 2000 إلى نونبر 2002). فاسألوا سكان العبيات ودوار السوالم وأولاد عقبة وغيرهم. إذن لم أكن من ذلكم الصنف من النواب الذين تنقطع علاقتهم بالمواطنين بمجرد نجاحهم، لقد بقيت متصلا بالمنطقة وسكانها خلال تحملي المسؤولية التمثيلية وحتى بعدها.
السؤال السابع: ما زال اليسار مشتتا، لا يدخل الانتخابات بناخب مشترك، ويسار آخر يقاطع، متى يمكن أن يكون اليسار المغربي وفق رؤية متقاربة؟ ما الدور المنتظر من حزبكم لتفعيل لذلك؟
الجواب: مع كل أسف ما ورد في سؤالكم هو الواقع: اليسار مشتت وبعض فصائله تائهة. ما العمل؟ سؤال مركزي لكن يصعب الجواب عنه في سطور. أعتبر أن عملية الإفراز لم تنته بعد وعملية النضج هي كذلك لم تصل إلى نهايتها. لقد حاولنا في حزب التقدم والاشتراكية عدة محاولات من أجل جمع الشمل لكن لم نفلح. من دون شك أننا نحن كذلك لم نكن منطقيين في حالات عديدة لكن يبقى أن إرادتنا راسخة. وبالمناسبة أشير إلى أن حزبنا قرر مساندة مرشح الاتحاد الاشتراكي في دائرة تيزنيت رغم النفوذ الكبير الذي يحضى به هناك. وهذا دليل على حسن نيتنا، علما أن نظام الاقتراع وقانون الأحزاب في صيغته الحالية لا يساعدان على جمع الشمل. هذه معركة لازالت طويلة ومثابرتنا أقوي من طول المعركة.
السؤال الثامن: قبيل الانتخابات تشكل التحالف الثماني المعروف، ضمنه أحزاب كان يمكن أن تكون معكم، وقيل من بعضهم أن "الكتلة" خذلتكم فتوجهوا نحو اليمين؟ هل تشعرون بنوع من المسؤولية فيما حدث بصفتكم الحزبية؟
الجواب: خذلان "الكتلة" ذريعة وتبرير واه. إن ما حصل يندرج حسب تصوري في نوع من التيه وعدم التبصر. والمستقبل كشاف!
السؤال التاسع: هناك دعوات لتشكيل لجنة وطنية تشرف على الانتخابات عوض وزارة الداخلية، هل هناك تأكيدات جدية بالتزام الحيادية الإيجابية لدى أجهزة الإدارة في الانتخابات المقبلة؟
الجواب: استمعنا إلى التأكيدات التي وردت من أعلى سلطة في البلاد. ونتمنى أن تفعل هذه التأكيدات على أرض الواقع من لدن الجميع. وسنقوم بتقويم هذا الوضع في حينه علما أن العقليات والسلوك لا تتغير بجرة قلم. وعلى الملاحظين والمواطنين أن يقوموا بواجبهم وكان عليهم أن يقوموا بذلك حتى قبل الخوض في الحملة الانتخابية.
السؤال العاشر: هل تعتقدون أن الدستور الجديد يوفر كل الشروط القانونية والتنظيمية لتتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة في تدبير مختلف قضايا الوطن التنفيذية؟
الجواب: أظن ذلك. لكن يبقى هذا الأمر مرتبط بنوعية الأغلبية المقبلة. وإذا تشكلت هذه الأغلبية -لا قدر الله- من الأحزاب " الإدارية" التي تفتقد لاستقلالية قرارها فلا شك أن هذا سيشكل ضربة حقيقية لتنزيل مبدأ فصل السلط المنصوص عليها دستوريا على أرض الواقع. كما أن تشكيل الحكومة كسلطة تنفيذية حقيقية قادرة على تسطير السياسات العمومية وتنفيذها سيظل حبر على ورق. ومن جهة أخرى أعتقد أن اضطلاع المؤسسات الدستورية بدورها كاملا، وخصوصا الحكومة، رهين بمدى قوة شخصية من سيتحمل مسؤولية رئيس الحكومة.
السؤال الحادي عشر: كلمة أخيرة لقراء المدونة.
الجواب: تحيات حارة لجميع قراء المدونة وتهاني الحارة لأصحاب المبادرة لأن مثل هذا العمل سيساعد في تحقيق كل ما أشرنا إليه في هذا الحوار والذي مازال ينتظر التحقيق.
فالمزيد من الصمود والمزيد من الابتكار.