حجيبة غانة النقابية المتفانية من أجل التنظيم
حجيبة غانة أساتذة التعليم الابتدائي، والعضوة المؤسسة للنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي، لا يهدأ لها بال في كل لقاء، تتحرك وسط الجموع بحركات سريعة، هي هادئة منصتة، لكنها تثور عندما تتوثر الأجواء، عندما تطفو خلافات تهدد بتفريق شمل النقابة، حينها توقظ كافة حواسها لتقوم بمهمة الإطفائي، تهدئ هذا الجانب، وتلوم جانبا ثانيا، وتذكر الجميع بمسؤولياتهم، وبالتضحيات التي خاضها الجميع حتى ظهرت نقابة خاصة بالمعملين والمعلمات، هي لا تأخذ الكلمة في المنصة، ولا تبحث عن خطابة أو تسعى لاحتلال واجهة، لكن تنشط بنضالية في الكواليس وعلى الهوامش، وعندما تسخن أعصاب البعض، ويختلط الحابل بالنابل، تعرف أنه حينها إما أن تكون النقابة أو لا تكون، هكذا أتيحت لي رؤيتها في مراكش أثناء انعقاد أول مجلس وطني للنقابة الفتية في صيف 2007، وكأن هذا التنظيم له موعد مع الأجواء الساخنة، سخونة الطقس وسخونة النقاشات، مرة ثانية أثناء انعقاد المؤتمر الأول لنفس النقابة بمكناس، في خضم نقاشات حادة وجدت نفسي بجانبها، وسط كوكبة من النقابيين الرجال وحجيبة هي المرأة التي تسكب الماء على النار، لا تميل لكتلة معينة، ولا تساند فئة ضد أخرى، وبما أن الجميع كان يتكلم أو يصيح أو يحتج أو… وأنا صامت أراقب، توجهت لي بالكلام كأنها تريد إشراكي في همها الداعي للحفاظ على التنظيم وتقويته، ذكرت بتضحية الجميع، ذكرت بأجواء التأسيس، وقالت إننا لم نتلق مساعدة من أحد، وأعطت رقما ماليا مما جمع حينها من المدرسين أساتذة وأستاذات التعليم الابتدائي حتى تكون لهم نقابة، تحدث عن تضحيات البعض من حيث ماله وصحته وراحته… واعترفت أنها بدورها أصيبت بأمراض وأنها أصبحت تحس بالتعب وتريد أن تخلد للراحة قليلا.
حتى أساهم في هذا النقاش غير المنظم على هامش المؤتمر، ولا أبدو سلبيبا بدون موقف، قلت لها لا يمكنك أن تنسحبي، فاسترسل الحديث بيننا، أخبرتها أنني لست مؤتمرا ولكن في مهمة إعلامية، فقد تلقيت دعوة من المنظمين من أجل تغطية حدث المؤتمر، كما وافقت جريدة وطنية على تطوعي لصالحها من أجل إنجاز هذه المهمة الإعلامية، لاحظت أنها هدأت قليلا، فقلت لها لماذا لا ننجز حوارا مقتضبا، وافقت على الفور، فكان الحوار التالي:
س: ـ كيف جاءت فكرة تأسيس النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي؟
ج: ـ لم يأت التأسيس من فراغ، جاءت النقابة نتيجة ظرفية محدد، ذلك أن رجال التعليم ونسائه وصلهم حيف، والنقابات تخلت عنا، وقد ناشدناها جميعها، فوجدنا الآذان صماء، وقررنا إنشاء لجنة التنسيق لتدافع عن حقنا، وذلك في غضون 2005، بحيث كان النظام الأساسي ل 2003 فيه حيف، نحن لم نكن نسعى لتأسيس بديل نقابي، وهذه اللجنة كانت مستقلة، أعضاؤها من مختلف النقابات، نناضل داخل النقابات على نفس الملف.
ساهم رجال التعليم فقط في التأسيس، وهم من ساهموا من مالهم الخاص من أجل ذلك (وقد تحفظت على نشر الرقم الذي ذكرته في البداية)، لقد مررنا بظروف صعبة، حيث كانت عدة أطراف تحارب تأسيس النقابة، بحيث لا تتم الاستجابة لطلبات استعمال القاعات العمومية، بما فيها المؤتمر الأول، خاصة أننا لم نكن ننتظر أن تكون وزارتنا(وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر و البحث العلمي) هي المعرقل الأول لنا.
س: ـ كيف كانت درجة تجاوب رجال ونساء التعليم الابتدائي مع النقابة الجديدة؟
ج: ـ أظن أن الانخراطات في النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي انخراطات إيجابية، بالنسبة إلي أنا، كانت النقابة حلما، وكنت دائما أسعى لنؤسس نقابة نناضل فيها.
س: ـ كيف توازنين بين النقابة والمنزل والعمل؟
ج: ـ هناك تضحية، لا بد من أن تضحي بأشياء على حساب أخرى.
س: ـ هل سبق لك أن أشرفت على تأسيس فروع؟
ج: ـ نعم حضرت لتأسيس فرع أيت أورير.
لينتهي الحوار عند هذا الحد، ويستمر حوار حجيبة غانة مع كافة رفاقها في النقابة حتى تنجح محطة المؤتمر الأول، التي اعتبرها الجل هي التأسيس الفعلي، وقد كانت حجيبة عند »«كلمتها» فلم تترشح لمهمة جديدة، علها تأخذ استراحة المحارب لتراقب الوضع عن كتب، فهي من المؤسسين الأوائل التي يحتفظ لها الجميع بوضعها الاعتباري، وقد تحملت المسؤولية المباشرة مناضلات أخريات داخل النقابة.
مصطفى لمودن