اكتشاف الغاز في المغرب
ضرورة مراجعة "قانون المحروقات
مصطفى لمودن
خبر سار عند الإعلان عن اكتشاف كميات مهمة من الغاز الطبيعي، احتياطه المؤكد يصل إلى 75 مليون متر مكعب، وقد حفرت إحدى الشركات خمسة آبار لذلك، جاءت كلها إيجابية، وقامت بربطها عبر أنابيب، والاستغلال بدأ، يقدر الإنتاج ما بين 2 و5.4 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز ، من منطقة جغرافية ضيقة شمال القنيطرة، على ضفاف نهر سبو (*).. يرى الخبراء أن النفط والغاز يمكن الوصول إليه في المنطقة الممتدة من العرائش إلى الصويرة، ناهيك عن المنطقة البحرية الممتدة على طول الساحل الغربي، ومما يزيد في حماس البعض، عدم تعرض هذه المنطقة للبراكين في الأزمنة السحيقة بعد تشكل البترول.
على أي، ومن توجه وطني يحق أن نبتهج، قد نخفض من فاتورة الطاقة المستوردة، قد نخفض من تكلفة السلع المصنعة محليا، وبالتالي نضيف إليها قيمة تنافسية، مع آمال مشجعة على المزيد من الاكتشافات..
لكن ما يقلق فعلا، هو المصيدة التي وضع المغرب نفسه فيها، أعني بها "قانون المحروقات" الذي أراد أن يغري شركات التنقيب دون الالتفات للمصلحة الوطنية، ففي حالة الغاز المكتشف المشار إليه، تستحوذ شركة إرلندية اسمها "سيركل أويل"على 75% والربع( 25%) المتقبي من نصيب المغرب..
قبل وضع هذا القانون العجيب، كان "المكتب الوطني للأبحاث والمساهمات المعدنية" ينقب بنفسه، سواء بآلياته أو بتعاقده مع شركات. لكن منذ حصول "التقويم الهيكلي" في بداية ثمانينات القرن الماضي، وأمام أزمة المغرب المالية حينذاك، تحولت المصلحة السابقة إلى "المكتب الوطني للمحروقات والمعادن" تحت إدارة أمينة بنخضرا وزيرة الطاقة والمعادن السابقة باسم حزب "الأحرار"، وجئ بهذا القانون المجحف لواضعيه المغاربة أولا!! ظنوا بذلك أنهم يستقطبون شركات التنقيب وهم شبه متيقنين من عدم وجود البترول والغاز بالمغرب، ويكفيهم ما تنفق هذه الشركات من مال أثناء عملها، يعتبرون ذلك هو الربح الخالص!..
الآن تطور وسائل البحث عن مصادر الطاقة الأحفورية، وأصبحت بتكلفة أقل. ورغم أن تحديد احتياطات الحقول المستكشفة يظهر أنه أغلى من التنقيب في حد ذاته.. وقد ذكرت الشركة الإرلندية أن زلزالا ضرب مؤخرا المنطقة وصل إلى 3.5 درجة على سلم ريشتر ساعدها على تحديد الاحتياط، علما أن بعض الشركات تظل تخفي الحقائق إلى وقت لاحق حفاظا على مصالها.. لقد أصبح من اللازم مراجعة قانون "المحروقات" قبل فوات الأوان، وقبل تهريب خيرات المغرب بالقانون.
إن اكتشاف النفط قرب جبل سلفات وبقرية "أحصاين" في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة سيدي قاسم كان من وراء إحداث معمل تكرير النفط بهذه المدينة في عهد الاستعمار، ورغم تعرض مخزون النفط بقاعدة جبل سلفات للاحتراق كما يحكي من عايشوا تلك الفترة، وقد بقيت النار مشتعلة فيه لأيام طويلة، فإن أنبوبا من قطر صغير ظل يمد محطة التكرير إلى وقت متأخر من بئر "احصاين"، كما توجد جنوب سيدي سليمان قرب "عين الجمعة" بئر نفطية كذلك، مما يعني إمكانية تواجد النفط في المناطق التي ذكرناها سابقا. هذا دون الحديث عن المناطق الممتدة جنوب وادي درعة.
(الصورة، لمعمل تكرير النفط السابق بسيدي قاسم الذي اقتنته شركة كورال السعودية ثم أغلقته فيما بعد)
————————
(*)نشرت ذلك "المساء" في صفحتها الاقتصادية ليوم الثلاثاء 11 شتنبر 2012 عدد 1865..