الجمعة، 22 أكتوبر 2010

مسيرة وطنية من أجل الطي النهائي لانتهاكات حقوق الإنسان


  مسيرة وطنية من أجل الطي النهائي لانتهاكات حقوق الإنسان
 
من المرتقب أن يتم تنظيم مسيرة وطنية  يوم الأحد 31 أكتوبر بالرباط، بدعوة من المنتدى المغربي من اجل الحقيقية والإنصاف، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية عدالة.. كما أعلن عن أن أغلب الهيئات السياسية وافقت على المشاركة ودعوة مناضليها وعموم المواطنين لإنجاح هذه المسيرة.
 وقد كان من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة طي الصفحة المأساوية التي عرفها المغرب بشكل نهائي، عبر عدة إجراءات، مازال بعضها لم يفعل كالإصلاحات السياسية والدستورية، وضمان عدم تكرار ما جرى… 
(الصورة عن مسيرة سابقة بالرباط من أرشيف مدونة سيدي سليمان)

قنديل "أصدقاء المدرسة" يضيء بجماعةعين دريج


   قنديل "أصدقاء المدرسة" يضيء بجماعةعين دريج

وزان: محمد حمضي
تحت شعار"المدرسة والمدرس أساس بناء مدرسةالنجاح "تحتفل جمعية أصدقاء المدرسة بالجماعة القروية عين دريج التابعة لإقليم وزان، بشراكة مع المجلس الإقليمي باليوم العالمي للمدرس، وذلك بتنظيم عدة أنشطة ثقافية وفنية وترفيهة نهاية شهر أكتوبرالجاري.
   تنطلق الأنشطة التي سيحتضنها فضاء إعدادية أبي بكر الرازي يوم السبت 30 أكتوبر بتقديم عدة لوحات فنية سهر على إعدادها براعم جيلمدرسة النجاح.
 كما ستعطى الكلمة للمدرس الجديد للتعبير فنيا عن شعوره وهو ينخرط في مشروع إعادة بناء المدرسة العمومية. ولأن المدرسة من بين وظائفها غرس قيم المساواة فستكون لمسة نساء التعليم بالعالم القروي متميزة في هذا الحفل التربوي.
  وفي التفاتة نبيلة وإنسانية اتجاه جيل بصم المدرسة العمومية بحضوره الاستثنائي رغم قساوة ظروف العمل، واعترافا لهم بما أسدوهمن تضحيات ليقاوم أبناء المنطقة النائية مركب الأمية والجهل، سيتم تكريم ثمان مدرسين سيحالون على التقاعد.
    أما يوم الأحد31 أكتوبر فسيتميز بتنظيم رحلةاستكشافية ودراسية لسد الوحدة، باعتباره واحدة من المعالم الكبرى للمغرب، كما ستتم زيارة حوض ازغيرة الذي إذا ما انتبهت إليه وزارة السياحة تأهيلا وتسويقا، فيمكن أن يتحول إلى قبلة سياحية تضاهي أرقى مناطق السياحةالجبلية بالمغرب.
    

الخميس، 21 أكتوبر 2010

رسالة إلى السيدة أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان


رسالة إلى السيدة أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان

 

 

 تحية واحتراما، سيدتي الفاضلة لا أخفي سرا أنني إلى حدود اليوم كنت من المعجبين بنضاليتك وجرأتك في الحديث ووضوحك في مواقفك، وقد بصمت بذلك الجمعية الحقوقية التي ترأسينها، وغالبا ما تستشهدين على مصداقية الجمعية بصدق تقاريرها، كمثال على ذلك ما أشرت له اليوم في جريدة "أخبار اليوم المغربية" ليومه الأربعاء 20 أكتوبر حول أحداث سيدي إفني…

 قلت إلى حدود اليوم عندما قرأت اتهامات ضدك بحصولك على تعويضات من
وزارة التشغيل دون أن تقومي بما يستحق ذلك حسب ما أورده رشيد نيني في
جريدة "المساء" يومه كذلك(20 أكتوبر).. فهل ما قاله صحيح؟ واعتقد لا يمكنه أن يغامر وينشر مغالطات..

 وعليه بصفتك تتحملين مسؤولية ذات طبيعة حقوقية فإن ما نشر يسيء لصورة هذه "الحقوق" ويخدش الصورة الناصعة التي توطدت لدي عن شخصكم المحترم، وإذا كان ما اطلع عليه عموم المواطنين حقيقة لا لبس فيها، فأرى أن أول ما ستبادرين لاتخاذه هو الاستقالة من مسؤولية المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كما يحدث في الدول العريقة في الديمقراطية والمسؤولية، حيث المواطنون يلتزمون وينفذون ولا يخلطون بين المصالح الشخصية والقيم التي ينادون بها…

أكتب لك وأنا جد متأسف على ما أقول، ولا أريد أن تتكرس لدى المواطنين تلك الصورة التي دأب على الظهور بها عدد من المسؤولين حيث لا اكتراث بالأخلاق والنزاهة، ولا أي رد فعل أمام ما ينشر ولا تقدير لرأي عام بدأ يفقد ثقته في كل شيء

توقيع: المواطن مصطفى لمودن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 نص الرسالة التي نشرتها بالموقع الاجتماعي "الفايسبوك"، وقد اثأر ذلك نقاشا بين رواد هذا الموقع الذين يعدون بالآلاف، وحيث تتاح إمكانيات هائلة للنقاش والرد والتعبير، ارتأيت أن أشرك في ذلك قراء مدونة  سيدي سليمان نظرا لأهمية هذا الموضوع حيث توضع مصداقية بعض النخب في الميزان… وقد اختلفت آراء المعلقين، منهم من يدافع عن السيدة أمينة بوعياش وينزهها عن أي فعل مماثل، وهناك من يطالب بتوضيح من المعنية، وهناك من دعا إلى تجاهل الأمر بصفة نهائية واعتبار ما يكتبه نيني مجرد لغو. وفئة نادت بإقامة دعوة ضد صاحب الجريدة…
 ولعل الرأي السديد هو معرفة الحقيقية ولاشيء غير الحقيقية وليتحمل كل مسؤوليته..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 ونقتطف الجزء الذي يخص رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وستلاحظون كيف يخلط نيني بين هذه الجمعية الحقوقية وبين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. فهل ستكون لهذا الأمر تبعات معينة، أم سيمر كما مرت عدة ملفات أثيرت بحدة في الصحف؟  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما كتبه نيني عن بوعياش:
ولو أن النضال السياسي لا يترك لبعضهن الوقت للحضور إلى مقر عملهن الذي يحصلن بفضله على راتب شهري سمين. ولعل أمينة بوعياش، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي لا تأتي إلى الوزارة إلا لكي تتقاضى حصتها من التعويضات الشهرية الجزافية، هي أكثر من يجب أن يشعر بالخجل من وضعية الموظف الشبح التي تعيشها داخل ديوان وزير الشغل. وما عليها إلا أن تتأمل مثال المعارض اليساري «بيزانسنو» الذي يخطب في مناضلي حزبه ويترشح للانتخابات الرئاسية ضد ساركوزي ويحضر البرامج الحوارية التلفزيونية دون أن يمنعه ذلك كله منالاشتغال كساعي بريد يوزع الرسائل والطرود يوميا على البيوت فوق دراجته النارية. السيدة أمينة بوعياش، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي لا تحضر الاجتماعات ولا تتابع الملفات ولا تقوم بأي عمل تستحق عليه أجرتها الشهرية والسيارة بالسائق التي وضعها الوزير رهن إشارتها، يجب أن تخجل من نفسها لأنها تتقاضى راتبا وتعويضات من أموال دافعي الضرائب دون أن تقوم بعمل تستحق عليه كل هذه الأموال

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

ذ. عبد اللطيف اليوسفي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الغرب الشراردة بني احسن يلقي عرضا بسيدي سليمان دور المدرس(ة) في المنظومة التربوية


ذ. عبد اللطيف اليوسفي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الغرب الشراردة بني احسن يلقي عرضا بسيدي سليمان
دور المدرس(ة) في المنظومة التربوية 

 إعداد: مصطفى لمودن
بدعوة من النقابة الوطنية للتعليم بسيدي سليمان (ك.د.ش.) ألقى مساء الاثنين 18 أكتوبر ذ. عبد اللطيف اليوسفي عرضيا حول قضايا التربية والتعليم، اختار له كعنوان: "مهنة وهيئة التدريس، الدور المنوط بالمدرس(ة) في إنجاح المدرسة المغربية الجديدة، كفايات المدرسين"، وذلك بإحدى قاعات إعدادية السلام التي اكتظت عن آخرها من متتبعين للعرض من مختلف فئات المدرسين نساء ورجالا.
عبر في البداية عن سعادته "باللقاء مع مختلف الحساسيات النقابية"، وذكر بأنه مستعد للتعاون مع جميع الأطراف والنقابات، ومادام العرض يدخل في إطار "ملابسات الإعداد للامتحانات"، فقد تمنى النجاح للجميع كما قال.
 في مستهل عرضه الذي فضل أن يقدمه واقفا انطلق مما اعتبره مسلمة مستخلصة من خلال التشخيصات التي تعرضت لها المنظومة التربوية وهي مركزية المدرس في أي إصلاح للمنظومة التربوية، لأنه عنصر أساسي وجوهري بالإضافة إلى التلميذ.. 
لينتقل إلى ما وصفه بالمنطلقات الأساسية لوظائف المدرس، وقد حددها في ثلاث؛ المعرفة، التكوين، التأهيل والتنشيط. وذلك في إطار متكامل ضمن اختيار واعي بالتدريس كوظيفة ومهمة… ومادام أنه في الواقع ليست الآثار كلها إيجابية كما قال، فقد طرح عدة أسئلة مؤطرة لبقية العرض؛ من ذلك التساؤل عن مدى تحقق الأهداف المتوخاة، والامتدادات الملموسة في عمل المدرس ووظائفه، وتأثير المحيط وظروف الاشتغال، وتقوية المهنية والاحترافية والتأهيل وتمتين مشاعر الانتماء الإيجابي إلى المهنة… 
 يجب توفير كل متطلبات وشروط التدريس…
لينطلق بعد ذلك في تقديم عرضه عبر تسلسل متدرج، يضع لكل مدخل عناوين رئيسية وأخرى فرعية متشعبة، كان أولها "إمكانيات التجديد والتجاوز"، تطرق فيه لعدة خصائص كالهوية، أي الشعور بأهمية المهنة وأخلاقياتها والاقتناع بها، والحد الأدنى المعرفي والتربوي المطلوب توفره في المدرس(ة) لتحقق الكفايات الأساس والمستعرضة في كل مستوى تعليمي. كما أشار إلى ضرورة تحسين ظروف العمل والتكوين المستمر الذي اعتبره حقا وواجبا، وإعادة النظر في التقويم الخاص بالفرد والجماعة. مع التأكيد على أن "التعليم هو القاطرة الشاملة لتطور المجتمع"، وذلك من مهام الدولة والمجتمع كما قال. ودعا إلى الاطلاع على الجزء الرابع من تقرير المجلس الأعلى للتعليم الخاص بالمدرس وبقية الأجزاء بالإضافة إلى بقية المؤطرات المرجعية كالميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض… 
ليطرح سؤالا أساسيا وهو "هل تتوفر الشروط للمدرس؟" وحول ذلك رأى مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بأن لدى المدرس (على العموم) تكوين أساسي هش، مع اختزال المهام في التلقين، وضعفا في القدرات المهنية، مع نقص في التكوين المستمر، وظروف العمل الصعبة، خاصة بالنسبة للعالم القروي، وضعف البنيات، الاكتظاظ…  وتدبير روتيني لدى بقية المساهمين (الإدارة..)، ضعف في التحفيز وعدم ربط الترقية بالمردودية. لكن أكد كمسؤول على أن التعليم العمومي مازال يستقطب غالبية أبناء المغرب، بحيث يفوق عددهم 90% في التعليم الابتدائي وأكثر من ذلك في بقية الأسلاك.
 

المدرس فاعل اجتماعي ومناضل ومساهم في العمل المدني
ليحدد بعد ذلك أدوار المدرس(ة) التي وصفها بالجديدة والمتجددة، ورأى بأن المدرس(ة) موجها ومحفزا على اكتشاف المعارف، ومساعدا على تحقيق الكفايات الملائمة للتلميذ، وهو مربي على القيم وقدوة كذلك، ومؤطر ومساهم في الحياة المدرسية، وفاعل اجتماعي خارج المؤسسة كمناضل ومساهم في العمل المدني.. وأردف إليها مهاما جديدة يقوم بها المدرس (ة) وهي التقويم والإسهام في التوجيه التربوي، والانتقال من مهمة التلقين إلى تدبير التعلمات والتنشيط، ضمن فريق متعاون ومبدع سواء مع زملائه المدرسين والمدرسات أو مع التلاميذ، خاصة من خلال العمل ضمن "مشروع"، ومن المفروض فيه كذلك أن ينمي مهنيته باستمرار ويكون دائم البحث..  
ليعرض للكفايات الأساس المنتظرة من قبل المدرس(ة)، وقبل أن يكمل أخبر باطلاع اللجنة الوطنية التي كانت تعد "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" وبصفته كان عضوا ضمنها على أربعين منظومة تربوية من مختلف دول العالم، ليجدوا أن هناك ست كفايات جوهرية، ضمن عشر كفايات مبدئية.
حول الكفايات العشر الضرورية التي ذلك؛ أن يكون المدرس (ة)  قادرا ملما بطبيعة المنظومة التربوية التي يشتغل في إطارها، مطلعا على المرجعيات التي تؤطرها كالميثاق الوطني لتربية والتكوين، المخطط الاستعجالي، تقرير 2008 المعد من طرف المجلس الأعلى للتعليم… متوفرا (المدرس ـ ة)على كفايات معرفية مرتبطة بمجال تخصصه، أي توفره على معرفة ورصيد محترم من المعارف العلمية الضرورية لمادة تخصصه…
متوفرا على قدرات لازمة لتحقيق كفايات منهجية، أي كيفية تقديم الموارد والمواد.
مطلعا على كفايات ذات علاقة بالقيم، أي معرفة بطبيعة المجتمع وقيمه، ونفس الشيء بالنسبة للقيم الكونية والإنسانية، وقبول الاختلاف..  
أن يكون مُنميّا لكفاياته في البحث والتكوين الذاتي بشكل علمي…
أن يكون متوفرا على كفاية الانفتاح على المحيط، مساهما في أنشطة المجتمع، سواء داخل المؤسسة بالمساهمة في المجالس الخاصة بها، أو خارجها عبر الشراكات المتنوعة…
أن تكون لديه كفايات التنظيم فيما يخصه، وفيما يهم مختلف أنشطته..
أن يساهم في تفجير الإمكانيات الإبداعية لدى التلاميذ ورعايتها…
أن يكون ملما بكفايات التقويم وعارفا بأصنافه وكيفية استعماله… 
أن يكون مساهما في الدعم والتوجيه…
أما بقية الكفايات الأساس الست، فقد حدها في:
الكفايات المعرفية المرتبطة بالتخصص، المنهجية، اللغة، القيم، البحث التربوي، الإسهام في تدبير المؤسسة..
وأقر بأن كل ما أشار إليه لن يكتمل إلا بتوسيع الاستقلالية البيداغوجية والحفز.. لينتقل إلى عرض توضيحات حول الغلاف الزمني للتعلمات وتنظيم الدراسة، وتحديد المواصفات الخاصة بكل مدرس حسب المادة والمستوى المدرَّس، والتكوين المستمر وشروطه، وألح على توفير الشروط المادية للعمل، كتأهيل المؤسسات التعليمية وفضاءاتها، توفير التجهيزات، استقلالية المؤسسات، استقلالية القسم والاستقلال البيداغوجي… والارتقاء بصورة المدرس (ة) في المجتمع وأن ترجع له سلطته المعرفية والاجتماعية.. 

وفي آخر مدرج له من عرضه المتسلسل أشار إلى"أدوار المتدخلين" المعنيين بالتربية والتعليم، وهم السلطات التربوية، والإدارة التربوية، وهيئة التفتيش، والأسرة، والشركاء الاجتماعيون، والشركاء المهنيون.. مستعرضا دور كل طرف وبعض معيقات عمله والتأثير السلبي لذلك على التعليم. داعيا إلى انخراط كامل الأطراف المعنية وذات المصلحة في إصلاح المنظومة التربوية.
وتجدر الإشارة أن غالبية الحساسيات النقابية المتواجدة في سيدي سليمان حضرت العرض، كما التحقت به نائبة وزارة التربية الوطنية بسيدي سليمان ذ. نعيمة ركيوي، وتابع العرض عدد كبير من الأساتذة والأستاذات، وفي اليوم الموالي ساهم ذ. محمد غباز مفتش اللغة العربية بعرض حول بيداغوجيا الإدماج… ولعل الإقبال الملحوظ على هذه العروض يرجع إلى الرغبة في التزود بالمعارف قصد استعمالها في الامتحانات المهنية التي ستجرى يومي الخميس والجمعة 21 ، 22 أكتوبر كما لاحظ ذلك البعض ممن تحدثنا إليهم، كما سجل آخرون الموافقة الإيجابية من صاحبي العرضين على ما قاما به.  
 
نائبة وزارة التربية الوطنية ذ. نعيمة ركيوي
حضور كثيف لمتابعة العرض 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ نشر بجردة الصحراء المغربية عدد 7945 يوم الخميس 21 أكتوبر ص:5
  
الصفحة الخامسة من الجريدة

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

السياسة التعليمية بالمغرب


السياسة التعليمية بالمغرب

صافي الدين البدالي(*)
1- تقديــم:
 في كل  دخول مدرسي  جديد تكثر التحركات وتتساقط المذكرات  الوزارية على رجال التعليم، وتتعدد الاجتماعات واللجان. وتتحرك وسائل الإعلام الرسمية لنقل صور توحي للمتتبع أن كل شيء على أحسن ما يرام . ويبدو  وكأن ثورة ما قد عرفها التعليم. لكن في الحقيقة ما هي إلا ممارسات فلكلورية لم ولن تغير من واقع التعليمورجاله من شيء. لم تغير هذه البهرجة مما تعرفه المؤسسات التعليم بالوسط القروي وبالأحياء الشعبية من تخريب  ومن تدني لبنيتها التحتية، حتى أن  بعضا منها لم يعد قابلا للدراسة. كما لن تفيد هذه التحركات معالجة الاكتظاظ الذي  تعرفه الأقسام في كل الأسلاك ، وكذلك تردي الخدمات على مستوى الأقسام الداخلية. ولم ولن تغير هذه التحركات من معالجة تدني المستوى عند التلميذ والتراجع المستمرفي المردودية التربوية  وفي الجودة بالرغم، من كل الشعارات التي تم رفعها منذ الإعلان عن  ميثاق التربية و التكوين إلى البرنامج الاستعجالي. فهل قطاع التربية والتكوين هو فيحاجة إلى هذه المسرحيات التي تكرر كلما حلت السنة الدراسية الجديدة؟ أم أن المسئولين لم يجدوا بعد تلك الوصفة السحرية لحل إشكاليةالتعليم في بلادنا؟ هل ما يعرفه هذا القطاع من تردي لأوضاعه جاء بالصدفة أو هو نتيجة عطب مؤقت في الآلة التعليمية؟
 سنحاول معالجة الموضوع من حيث الجوانب التالية:
1  ـ إشكالية التعليم في المغرب
2 ـ  المخطط المخزني لإجهاض المدرسة الوطنية
3 ـ  أدوات التأطير: للسياسة التعليمية.
 النتائج.
5 ـ   اليسار / المسؤولية.
6 ـ  خلاصات.  
*******
1ـ إشكالية التعليم في المغرب
إن ما وصل إليه التعليم في بلادنا من تقهقر وتراجع مستمر على جميع المستويات لم يعد خافيا على أحد. فلم يعد مشكل التعليم مقتصرا على أطره التربوية أو على أطره الإدارية بل امتد إلى كل الأسر المغربية التي ليس لها دخل أو ذات الدخل المحدود. فكل المؤشرات أصبحت تثبت أن السياسة التعليمية التي تم إتباعها منذ الاستقلال لم تخدم إلا الطبقة الحاكمة والرأسمالية المتوحشة، وكرست بالفعل الطبقيةفي التعليم. فالتعليم العمومي الذي يهم أبناء الشعب المغربي ظل في مساره وتوجهاته يهدف إلى سلب التلميذ والطالب هويته الثقافية ومن كل إرادة حقيقية في التفكير وفيالإبداع والتحليل العلمي والاستدلال والاستنتاج. هذا التوجه هو نفسه الذي  يغيب  كل الأدوات التربوية التي تساعد على الاكتشاف وعلى اكتساب المعرفة والكفايات الأساسية  التي تمكن  التلميذ  من الانخراط في المجتمع بشكل ايجابي . وأصبحت مخرجات التعليمالعمومي هي العطالة والتهميش والتسول الوظيفي والتسليم بالأمر الواقع. أما التعليمالخاص والذي يلجه أبناء الطبقة الميسورة فله توجه خاص، فهو يؤهل إلى المناصب الحساسةفي المؤسسات الإستراتيجية كالمؤسسات المالية والتجارية وغيرها ذات الارتباط.  إن وضعيةالتعليم قي بلادنا وما آلت إليه، رغم كل الخطابات الرسمية والتبريرات المرافقة لها، لم تأت نتيجة عطب تقني في الآلة التعليمية أو نتيجة أزمة اجتماعية أو اقتصادية فرضتها تحولات لم تكنفي الحسبان. ولكنها وضعية ناتجة عن سياسةتعليمية تؤسس لتعليم طبقي في إطار التوجه العام للنظام المخزني، الذي يهدف إلى تكريس الفوارق الاجتماعية من خلال المؤسسةالتعليمية  والجامعية. تمشيا مع إستراتيجية المقيم العام الفرنسي"اليوطي" الذي حددسياسة التعليم في البلاد والتي ترجمها فيمذكرة وجهها إلى المدير العام للتعليم "كلستون لوت" بتاريخ 30 أكتوبر 1915 تنص على تخصيص مدارس خاصة لأبناء الأعيان والنبلاء، تمكنهم من ولوج الأسلاك العليا قصد توليهم مناصب عليا في أفق تنظيم الإدارة المخزنية، وبالمقابل تخصيص مدارس من نوع ثان لأبناء العمال والحرفيين والفلاحين لاكتساب بعض المعارف  قصد الدخول إلى المزاحمة على مستوى أسواق الشغل.
    فكيف خطط ويخطط النظام المخزني  للتعليمفي البلاد حتى لا يؤدي دوره الطلائعي كسائر البلدان المتقدمة؟ وماهي أدوات التأطير السياسي لهذا المخطط؟ وما هو دور القوى الديمقراطية واليسار على الخصوص لمواجهة هذه السياسة التعليمية؟ وما هي النتائج المنتظرة على المدى المتوسط والبعيد؟
2 - المخطط المخزني لإجهاض المدرسة الوطنية.
إن شعار المدرسة الوطنية الذي رفع غداة الاستقلال كان يهدف إلى تأسيس تلك المدرسة ذات المبادئ الأربعة وهي التعليم، والتعريب، والتوحيد، وتكوين الأطر، كان لا يرقى إلى متطلبات المرحلة التي كانت تتميز بالانتقال من الاستعمار إلى الاستقلال الشكلي. هذه المرحلة التي تتطلب الحسم النهائي مع التبعية. مما جعل الجماهير الشعبية تسارع إلى المساهمة المباشرة في بناء مدارس بالقرى والبوادي لضمان تمدرس الأطفال من مختلف الأعمار والشرائح حتى انتقل عدد الممدرسين من 20.000 في عهد الحماية إلى مليون متمدرس ما بين 1960 و 1964، وهنا بدأ فعل المدرسة يبدو واضحا على المستوى السياسي  والانفتاح على كل الأنواع الثقافية وخاصة العلوم الاجتماعية والسياسية التي تنتجها الأقلام التقدمية والتحررية. ولم تعد الثقافة السائدة والتي كانت من إنتاج خطباء البلاط المخزني مقبولة أو ذات مكانة عند الشباب. ومن تم بدأت عملية الاحتواء بالتخطيط إلى التعليم كي يؤدي الوظيفة السياسية  والإيديولوجية للطبقة السائدة ضدا على الكيان الاجتماعي كنظام من العلاقات النفسية والاجتماعية بين الأطفال بالمدارس وبين الشباب في الإعداديات والثانويات والجامعات، هذا الكيان الذي بدأ يساعد على إفراز قاعدة شعبية، تبنت شعار التغيير الجدري للنظام القائم في البلاد، لكن المخطط المخزني واجه هذه التطلعات بوضع آليات تربوية وبيداغوجية تعمل على إخفاء الواقع الاجتماعي المعيش وإبراز الجانب المخزني فيه، كجانب إيجابي. وعلى المتعلم أن يقتنع به كحقيقة غير الحقيقة التي يعيشها. وحتى ينجح هذا المخطط تم اعتماد الوصفات الجاهزة للتربية والتكوين والتي تقوم بإعدادها دول غربية كفرنسا مثلا فيإطار التبعية التي ظل الشعب المغربي يعيش ويلاتها حتى اليوم. وهكذا وحتى لا يؤدي التعليمفي بلادنا دوره الطلائعي، تم إبعاده وبشكل ممنهج عن التطور المستمر الذي تعرفه النظمالتعليمية والتربوية في العالم وذلك بسببسياسة تعليمية ذات ثلاثة أبعاد:
البعد الأول : تربوي بيداغوجي
يتجلى هذا البعد في اعتماد النمطية والتجريب على المستوى  التربوي / البيداغوجي، وذلك بتأهيل المدرس إلى تمرير المعارف الجاهزة التي تخدم إيديولوجية الدولة دون مراعاة حاجيات الطفل وميولاته الفكرية والفنية والإبداعية. وهذا ما تسبب في الإخفاقات المتكررة للعمليةالتعليمية / التعلمية في المساهمة المباشرة والملموسة في التنمية. هذا البعد كان هدفه هو تنامي الفشل الدراسي، أي تنامي صفوف الأمية والانحراف، وبالتالي إعداد جيل مزدوج الهوية الوطنية، ومجرد من أي تكوين علمي يساعده على تحليل الواقع والانخراط في عملية تغييره. وفي هذا السياق سيشجع النظام المخزني القوى الظلامية  لالتقاط هذا الجيش من الشباب لتخرجهم من النور إلى الظلمات. 
البعد الثاني : عزل التعليم عن حاجيات المجتمعالمغربي.
يتجلى هذا البعد في تحريض المجتمع ضد مبادئ وأهداف المدرسة الوطنية وضد الأطر التربوية التي تعارض هذه السياسة (أحداث1965و 10-11 أبريل 1979) وكذلك على مستوى الخطابات الرسمية. وهذا ما أدى إلى تراجع الأداء المطلوب عمليا  من المدرسة وكذلك إلى تخلف المنظومة التربوية، مما أدى إلى الانحباس النفسي للأطفال المتمدرسين وإلى الردة البيداغوجيةفي صفوف المدرسين، مما ساهم في تأخر التنمية على جميع المستويات.
البعد الثالث : إفراغ التعليم من المبادرة
تجلى ذلك في تهميش المبادرات الهادفة للأطر الشابة التي كانت تسعى إلى تقدم التعليم فيالبلاد، مما أدى إلى استسلامها والتسليم بالأمر الواقع أمام تنامي الخطابات الرسمية، التي تعتبرالتعليم يثقل كاهل الدولة. وهذا التوجه الذي يعتبر بأن قطاع التعليم غير منتج (خطابات الحسن II شتنبر 1978  و 1979)، عجل  بإقصاء التعليم من التطور الأفقي على مستوى البنيات التحتية  والتجهيزات والوسائط التعليمية، وعلى المستوى العمودي من حيث الإدارة التربوية.  وبالمقابل تم الانصراف نحو القطاعات التي تسمح بالحصول على قروض من الخارج (البنك الدولي - صندوق النقد الدولي - نادي روما - نادي باريز …) وهذه القروض وجهت إلى القطاع السياحي بنسبة 75.
 ما بين 1968 و 1976. أما التعليم فسيخضع منذ 1966 إلى عملية التقشف باعتماد صيغة التناوب على الحجرات والاعتماد على مدرسين أجانب في إطار التعاون الثقافي، والاعتماد كذلك على  البعثات الثقافية الأجنبية (فرنسا، رومانيا، بولونيا، أمريكا…)   لسد الفراغ الحاصل من الأساتذة في التعليم الإعدادي والثانوي، وذلك بعد إغلاق المدرسة العليا للأساتذة لما لها من دور كفاحي في إطار الاتحاد الوطني لطلبةالمغرب. ولم يعد التكوين الحقيقي للشباب ملزما بالاعتماد على هذه البعثات. هذه السياسةكانت تعتمد على المقاربة الأمنية على مستوى المؤسسات من جهة وعلى مستوى البرامج من جهة ثانية.  
3- أدوات التأطير: للسياسة التعليمية.
بالرغم مما ينص عليه ظهير 63 في فصل 13 على إجبارية التعليم، فإن النظام المخزني تراجع عن تطبيق مقتضيات هذا الظهير. لأنه تأكد بأن المد التعليمي أصبح يفرز قواعد عريضة واعدة باستطاعتها تحريك الشارع ضد النظام القائم. مما أدى بالنظام إلى التخلي عن البرنامجالتعليمي في المخطط الخماسي (60 - 64) الذي خصص اعتمادات لتعميم التعليم لكل الأطفال البالغين 7 سنوات إلى 14 سنة. وبقي هذا المخطط فقط على مستوى الشعارات والتقارير التي كانت ترفع إلى الجهات الداعمة لقطاع التعليم، كمنظمة اليونسكو واليونيسيف وغيرهما. وكانت هذه التقارير لا تعكس الحقيقة، مما أدى إلى تعيين لجنة أممية لتقصي حقيقة ما يجري على مستوى التعليم في المغرب.
و أكد تقرير اللجنة الأممية في مؤتمر طرابلس سنة 1966 على " أن التعليم في المغرب يفتقد إلى التوازن بين أسلاكه والأهداف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية".
و لتأطير السياسة التعليمية/المخزنية فيالبلاد، تم اختيار وزراء لتنفيذ كل مرحلة من مراحل المخطط المخزني للتعليم، حيث تعاقب على وزارة التعليم منذ الاستقلال ما يزيد على  23 وزيرا، أي بمعدل سنتين لكل وزير. ويأتي تعيين كل وزير حسب الظرف السياسي الذي تعيشه البلاد وحسب الأهداف التي يحددها النظام.
و هكذا عرفت مرحلة الوزير محمد الفاسي، تأسيس الجامعة الحرة للتعليم التابعة لحزب الاستقلال واحتواء شعار المدرسة الوطنية، بتعويم مبدأ التوحيد والتكوين، حيث تم اعتماد التوظيف المباشر لمعلمين وأساتذة دون تكوين، و تبني التعليم العصري والتعليم التقليدي والتعليم الأصيل إرضاء لجميع الأطياف السياسية على حساب الهوية الوطنية. وجاءت مرحلة الوزير عباس الطعارجي  التي عرفت تجميد البنايات المدرسية وبداية التقنين الدراسي (التعليم الطويل والتعليم القصير) والتوجيه نحو المدارس المهنية (المدارس الفلاحية و مدارس التكوين المهني)، وبعدها أتت مرحلة ابن هيمة، الذي سينفذ التوجه نحو التبعية الثقافية باعتماد المدرسة النموذجية ونظام التناوب، لتدبير استعمال المؤسسات المتواجدة، دون إضافة مؤسسات جديدة، مع وضع حواجز للولوج إلى الإعدادي أو الثانوي أو الجامعي.  تلك كانت بداية عمليات الطرد من التعليم، وذلك كعقاب غير معلن للتلاميذ والطلبة على استمرارهم في المطالبة بتعليم وطني وتحسين الظروف التربوية والتعليمية.أما الوزراء الذين جاءوا بعد الوزير بنهيمة إلى حدود 1977، فكانت مهمتهم خاصة بإخضاع التعليم إلى نظام الخريطة المدرسية، للتحكم في نسب التسجيلات الجديدة وفيمعايير الانتقال من سلك إلى آخر، بتحديد المقاعد المسموح بها في كل سلك من الأسلاك. مما سيؤدي إلى حرمان الأطفال في سن التمدرس، ومن الولوج إلى المدرسة، مع تهميش العالم القروي وحرمانه من التعليم الابتدائي والإعدادي، بالإضافة إلى التراجع عن المنح. ولقد تميزت فترة الوزير عز الدين العراقي بتنفيذ مقررات وزارة الداخلية من خلال التضييق على الحركية النقابية واعتقال ومحاكمة وتوقيف المناضلين النقابيينفي ك. د. ش (أحداث 1979 و أحداث 1981)، وتميزت أيضا هذه المرحلة بإصدار مجموعة من المذكرات منها: المذكرة المشؤومة 510 المتعلقة بمنع رجال التعليم من متابعة دراستهم الجامعية.
كما تميزت بتمرير النظام الأساسي (1985) وفتح المجال للخطاب الأصولي بالمؤسساتالتعليمية والجامعية عن طريق أطر من حزب الاستقلال (تكليف أساتذة ومعلمين من الجامعة الحرة للتعليم بمهام التأطير والتفتيش). ولقد عهد إلى حزب الاستقلال على يد الوزير عز الدين العراقي بتوسيع دائرة نفوذ نقابته لمواجهة النقابة الوطنية للتعليم، وكذلك للترويج للسياسة التعليمية المتبعة. وإذا كانت فترة عز الدين العراقي أطول مدة في وزارة التعليم بعد فترة بنهيمة، فلأنها كانت ترتكز بالأساس على إخراج التعليم من دائرته التربوية و الاجتماعية والثقافية والإبداعية، وفصله عن حاجيات المجتمع وتطلعاته، وذلك بتحويل دور المعلم والأستاذ من المهمه التربوية الهادفة وإلى إعداد المتعلم إعدادا يعتمد فيه على ذاته،  إلى مهمة مقدم للمقرر، يكون المتعلم في وضعية متلق لا غير، من خلال برامج تعتمد على التدريس بالأهداف، وبشكل تعسفي. وتميزت فترة عز الدين  العراقي أيضا، بعملية تفيء رجال التعليمإلى درجات. مما سيؤدي إلى تفكيك وحدة رجالالتعليم وتفتيت قوتهم الاقتراحية والاحتجاجية، حتى لا يظلوا يشكلون النخبة الواعدة في إعمال فعل الوعي بالتغيير وسط الجماهير. وعلى مستوى التمدرس، فإن نسبته ظلت تعرف تراجعا حتى وصلت نسبة الأطفال غير الممدرسين إلى%67، وصلت إلى% 92 بالنسبة للفتيات فيالوسط القروي (تقرير البنك الدولي سنة 1990) أما مرحلة ما بعد عز الدين العراقي، فكانت مرحلة وزراء تقنقراط (الهلالي بلمختار…) كانت مهمتهم تنحصر في إعادة هيكلة الوزارة للتحكم أكثر في المسارات التعليمية، وفي الأطر التربوية والبحث عن التمويلات الخارجية للرفع من مستوى التمدرس من حيث الكم، للخروج من الدرجة التي رتب فيها المغرب في هذا المجال. لأن نسبة الأمية ارتفعت إلى% 72 وهي الأولى في العالم  العربي بعد مصر و%93 بالنسبة للمرأة (دراسة الجامعة العربية لسنة 1994). لكن الأنماط الهيكلية التي تم اعتمادها (النمط الفرنسي والأنكلوساكسونى) كانت تهتم بالجانب الإداري التحكمي، ولا تهتم بالجانب البيداغوجي أو التربوي، لأن تلك كانت شروط الجهات المانحة (البنك الدولي). ولمنح السياسة التعليمية المخزنية شرعية، تم إسناد القطاع بعد وزراء التقنقراط إلى أحزاب من الكتلة (حزب التقدم و الاشتراكية- الحزب الاشتراكي الديمقراطي- الاتحاد الاشتراكي ) بالإضافة إلى الأحرار. هؤلاء الوزراء وظفوا المساعدات التي استفاد منها القطاع من الخارج في البنايات الإدارية والتمويه الإعلامي، مما حدا بالجهات المساعدة إلى تكوين لجن المراقبة والتتبع، مثل البنك الدولي للإنماء (PNUD) و(FNUAP) و(UNESCO) و (MEDA) وهي برامج تستهدف  تنمية التعليم بالوسط القروي وبالمناطق المحرومة. ورغم ذلك فإن هؤلاء الوزراء، لم يهتموا بملاحظات الجهات المانحة التي كلها فيإطار التقويم الخارجي  تقوم به، وهي تؤكد أنالمغرب لم يلتزم بالتعهدات التي تم توقيعها فيهذا الإطار.
4- النتائج:
     إن السياسة التعليمية في البلاد حققت أهدافها التي رسمتها خلال القرن الماضي من خلال:
1-   ميثاق وطني يكرس اديولوجية الدولة بكل امتياز.
2-   الفصل بين قطاع التعليم العمومي والمجتمع ليصبح التعليم في نظر الجميع مضيعة للوقت.
3-   عزل رجل التعليم عن المجتمع ليصبح محط نعوتات مسيئة، وهدفا للعنف من طرف الأب وحتى التلميذ.
4- تحويل اهتمامات رجال التعليم إلى قضاياهم الخاصة بفعل مناورات الحكومة على ملفاتهم.
5-  جعل التلميذ  يفقد الثقة في نفسه، حتى أصبح يلجأ إلى الغش أو إلى المغادرة.
6-  إبراز التعليم الخاص كبديل بدعم من الحكومة، مما حدا بهذا القطاع إلى التوسع وإلى الاجتهاد في المتاجرة، وإلى اعتماد برامج خارجةفي غالبيتها عن مراقبة الدولة.
7-  التخلي عن إصلاح المؤسسات وفضاءاتها إلى ميزانية الجماعات المحلية أو جمعيات الآباء أو المحسنين.
8-  التخلي التدريجي عن تكوين الأطر التعليمية واللجوء إلى سياسة التعاقد دون مراعاة المبادئ والمعايير الدولية للتربية والتكوين.
9-     التخلي عن التأطير التربوي ومحاولة تأهيله ليكون دعامة تحكمية.
  5- اليسار/ المسؤولية
   لقد استطاع النظام من خلال المخطط الذي رسمه للنظام التعليمي في البلاد أن يطوق الفكر التقدمي من خلال المقاربات البيداغوجية التي أطر لها من خلال البرامج والمناهج، التي تعتمد على النمطية والتلقي، مكرسة الجمود الفكري ومنفتحة على الفكر الأصولي وكل الأفكار الرجعية. ولم يكن بإمكان اليسار تكسير هذا الطوق، نظرا لما عاشه من تشرذم ومن هجوم عليه بدون هوادة من طرف النظام الحاكم. فأحداث 1984، وما ترتب عنها من محاكمات فيصفوف الطلبة والتلاميذ والأساتذة التقدميين، فتحت المجال للأصولية في الجامعات والثانويات، بل حتى على مستوى التعليم الابتدائي بدعم من النظام والتستر عن أفعال الظلاميين الإرهابية وسط الطلبة والتلاميذ. لكن هذه الظروف كلها لا تبرئ اليسار بشكل عام من المسؤولية فيالوضع الذي أصبح عليه التعليم اليوم، لأنه لم يكن يشتغل على هذا القطاع من خلال إستراتيجية محكمة، تحافظ على امتداد الفكر التقدمي فيوسط المؤسسات والأطر العاملة به، بل إنه ـ أي تيارات اليسارـ  استجابت لاستفزازات المخزن عن طريق الظلاميين، لتحويل الصراع إلى وضع أفقي، بعدما كان ذلك الصراع عموديا.
هذا بالإضافة إلى الانسحاب العملي لليسار بكل اتجاهاته من الأوساط الشعبية (الأحياء الشعبية المهمشة – أحياء محيط المدن – الدواوير…) وهذا ما ساعد النظام على تحقيق أهدافه فيقطاع التعليم، ليصبح قطاعا لا ينتج الفكر التقدمي والفكر العلمي، بل ينتج الأفكار المستلبة والغيبية والخرافية، حتى أن أطر هذا القطاع في غالبيتهم أصبحوا من الظلاميين (أساتذة – معلمون…) و النتيجة هي تراجع التلاميذ في الشعب العلمية بنسبة 70%(2004) وارتفاع نسبتهم في الشعب الأدبية وخصوصا الإسلاميات، وهذا ليس راجعا إلى التدريس بالجامعات باللغة الفرنسية فقط، ولكن للتوجه الذي أصبح سائدا في الثانويات…
إن اليسار في وضعيته  الحالية، يوجد أمام تحديات كبرى في التعليم خصوصا، إن هذا القطاع يرتبط بالشعب كله، لذلك أصبح له خياران: الخيار الأول هو العمل على تأسيس جمعيات على مستوى التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوين في إطار إستراتيجية تهدف إلى إعادة الإنتاج الفكري لمواجهة الفكر السائد، وبالتالي وضع استراتيجيه لإعادة بنائه وفق التحولات الكمية والفكرية التي عرفتها وتعرفها الجامعات. وذلك بوضع البديل التعليمي لكل الأسلاك. أما الخيار الثاني فهو الإبقاء على الوضع الحالي،وسيتأتى للفكر الظلامي والمخزني معا القضاء مستقبلا على الفكر التقدمي وبالتالي خنق اليسار نهائيا.  
6- خلاصات:
- إن السياسة التعليمية في البلاد تعكس بالفعل إرادة الطبقة الحاكمة، فهي المستفيد الأول من التخلف ومن الأمية ومن البطالة والانحراف، لأنها تتاجر في كل شيء حتى فيالأرواح.
- إن هذه السياسة لا يمكن فصلها عن السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعتمدها النظام المخزني في البلاد.
- إن أي نضال من أجل التغيير لا يمكن أن يستثنى منه التعليم لأنه يشكل حاليا دعامة أساسية للنظام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)مفتش التعليم و باحث تربوي ـ نشر الموضوع في المدون بالاتفاق مع الكاتب