الجمعة، 6 ديسمبر 2013

مسرحية أنا هي انت قراءة أولية/ محمد صولة

مسرحية أنا هي انت
قراءة أولية
سعاد وغيثة (نورية بنبراهيم ـ أمال بنحدو)

محمد صولة
قدم محترف باناصا للفنون عرضا مسرحيا يوم الأربعاء5 دجنبر 2013 بسيدي سليمان على الساعة6.30 مساء بدار الشباب.
يحمل العرض عنوان ـ أنا هي انت ـ وهو من تأليف كاترين هيتز، ومن اقتباس نورية بنبراهيم، و تشخيص أمال بنحدو ونورية بنبراهيم، أما العلاقة العامة فهي لسناء محيي الدين، والإخراج لنورية بنبراهيم.
يوحي العنوان بترادف بين الضمائر، بحيث إن التعالق الذي يربط بين هذه المكونات الثلاثة يستثمر البعد السيكولوجي المتمثل في التداخل بين الشخصيتين، فأنا المتكلم الحاضر يستحضر هي الغائب الميت ويرىوجهه في مرآة نفسه القريبة منه والبعيدة عنه والممركزة في أنت، إذ أن اللعب المسرحي الذي يلون المشهد بالجسد يمنح العرض هذا الاتساع والامتداد نحو العوالم الخارجية، لذلك يتمظهر العنوان كعتبة تساهم في خلق فضاء داخلي للفضاء اللعبي الركحي أمام حركات الممثلتين، ووفق تموجات الإيقاع الذي طغى عليه الصمت أحيانا والصراخ أحيانا أخرى.
يلاحظ على النص أنه لم يسر على خطى المسرح الكلاسي، بقدر ما كسرها وعوض البناء بمحاولة التجريب، وذلك من خلال تقنات التباعد والاستطراد والإيجاز والأداء بواسطة الجسد، وهذ سر نجاح العرض، ومادام البحث جار عن منفذ للتخلص من مشاكل الحياة واليومي والماضي والحاضر هو العلة الأنطلوجية بالنسبة للشخصيتين، فإن الزما ن هو الآخر يغيب عما هو عقلي ومنطقي في المكان المتواري خلف ظلال الجسد ـ الوهم
ثم إن الشخصية في العرض المسرحي ( سعاد أوغيثة) استطاعت أن تحتوي الفضاء الركحي بكامله، بمعنى أن اللعب المسرحي على مستوى الإخرج كان يتخذ من امتداد الجسد بعده التعبيري والإيحائي، وليس أن العطاء الجسدي في العرض هو الهدف، بل ما يحمله من دلالات كعلامة، دالها الواقع ومدلولها الوجه الآخر لهذا المجتمع الأبيسي المرتهن في قبضة سلطة الأب وكل ما يأتي من جهتها.
هذه الشخصية المعرفة إسميا والنكرة دلاليا يمكنها أن تتعدد في التأويل الفني والجمالي كرموز لها معاني الصراع من أجل تحقيق نخوة الذات والدفاع عن الصدق في التعبير عن الأحلام والحب والعدالة والمساواة بلا زيادة او نقصان.
أما تيمة العرض المسرحي فهي مفتوحة على موضوعات متناثرة هنا وهناك، لكنها موحدة في الموت والبحث عن الحقيقة الروحية، ما دام أن النصوص التجريبية تنحو منحى عبثيا في أغلب الأحيان، وهذا راجع إلى محاولة القبض على الوعي المتقد ولجم هذيانات التفكير في الحياة الزائفة.
إن الحاضر في العرض المسرحي هو الجسد الممتلئ بالقلق والملل والخيبة والإخفاق، وهو المعلم الذي يستحق أن يكون آمرا وناهيا بخصوص ما يأتيه من خارجه، أما الغائب فيتلخص في الموجود على شفير العالم الآخر، وهو المفقود المتخفي ، والذي لا يظهر إلا من خلال الملفوظ.
لا أظن أن السينوغرافيا قد كانت غائبة عن العرض، وبما أنها بسيطة فقد منحت بدورها بعدا استطيقيا مناسبا للفضاء المشهدي، وما ساعد في هذا الانسجام هو تفقير العرض بديكور مألوف دون إثقاله بمؤثثات لا تقول أي شيء ولا تحمل قيمة ما، إنه عرض يعتمد رسائل مشفرة سيميائيا، يحسن قراءتها جماليا من زوايا تأويلية متعددة ومفتوحة علىالفعل الجمالي.
لقد استطاعت المخرجة نورية بنبراهيم أن تفتح نوافذ أولى أمام كتاب يحمل أكثر من سؤال، وبالتالي نحس أننا أولى باستقصاء هذا العمق الذي كلما اقتربنا منه إلا ويبتعدن فالأعمال الجيدة والجميلة لا تعطيك بقدر ما تأخذ منك ، فشكرا لمحترف باناصا على هذا العرض الذي أتحف به المدينة وأناسها، وأشكر بدوري الأخ طارق كناش والتلاميذ الذين حضروا والأصدقاء والزملاء الذين أثثوا صالة العرض ولإدارة دار الشباب 11 يناير ولمكتب جمعية أفق للثقافة والإبداع الذي تبنى العرض وهيأ له المكان والمناسبة، فللكل المحبة والتقدير.
 ----------------------

عن صفحة محمد صولة من الفايسبوك

يا بلادي.. يا التي تُخيِّر عشاقها مخالب الموت! / الى عبد السلام المودن/شعر ذ. محمد رحو

يا بلادي.. يا التي تُخيِّر عشاقها مخالب الموت!
                                          الى عبد السلام المودن*
 
الشهيد عبد السلام المودن
    















محمد رحو
1
منذ النبأ القاصم
لم أصدق
أن موتك محض صدفة
منذ زحفت نحوك القيود
لم أصدق
أن قبوك محض شرفة
منذ صحوك المبكر
لم أصدق
أن ميلادك محض نطفة
هو ذا نبض الأشياء – من حولي – يقول
هو ذا ومض الأنباء – من حولي – يقول
لا القيد أثناك عن الأمل
لا الداء الذي ما غفا أو شرد!
فأنت موغل في البلاد منذ الأزل
وأنت حامل بيرقها حد الأبد!
يجددك سفر لصبحها المحتمل
هل يصدك ألف سور مستبد
2
آه.. ما أوحش رياحك
يا ليلة الغدر اللئيمة
تصرعين حبيبي
تطمسين بصمات الجريمة!
و تطمرين سؤال الأسئلة
بمعزوفة قدرية متآكلة!
3
أيتها القصيدة
سأعذبك الليلة
مثلما عذبتني سياط الأيام!
سأدميك الليلة
مثلما أدمتني صخرة الآلام!
فالقتيل الليلة
ليس ظلا لشرفة شريدة
ليس سرجا أو مظلة


لإغتيال جذر الكلام!
أيتها القصيدة
تذكري – جيدا – هذه الليلة
فالجميل القتيل
شاهد ماجد إسمه (عبد السلام)!
4
هذه ليست مرثية
هي محض تحية
لسريرته الأمارة بالخروج
عن بؤس الممرات النمطية
هي محض تحية
لحلمه الأممي الأريج
هذه ليست مرثية
فلا وقت للمراثي
ولا وقت للقبض على ذيل الأحداث
فالوقت – هنا – غامض كحرب جلية!
5
ما أوسع غربتي هذه الليلة
ما أضيع شمعتي
في قفار هذا الليل الطويل
هل لي ألا أطلق في وجه السماء
صرخة العارف المجنون في البرية:
وطني قتيل وقتيل وقتيل!
6
دمك ما انساب سدى
إني أراه – هنا – يسري
يشق دربنا الصخري
يؤكد للورد الموعدا!
فمك ليس صدى
هو صوت الكامن الجذري
يقوض قيده السري
ويرشق حرفا من هدى!
حلمك ما مد يدا
لغير فاكهة محرمة
حلمك يد آثمة
تكشف الشهي المبعدا!
7
يا قلعة السراغنة
يا امرأة منفية هناك
بين جبال عذاباتها الطاعنة!
من هنا.. من بؤرة الذهول أراك
تبكين – ثانية – طفلك القتيل
تزوجين – ثانية – رحال الجميل **
عروسه الأطلسية!
يا قلعة السراغنة
يا أخت أكثر من منفية
و أم أكثر من قتيل!
رأسي دوار.. بصري كليل
سيدتي.. يا شجرة الزيتون البهية
هل تعذرين بصري الكليل
هل تسمحين لي بالانتماء
لجذعك اليقظان ليلا!
هل تسمحين لي بالغناء
لصبرك يا أجمل ثكلى!
8
أيها النافخ جمرة السر المصفدة
أيها الحر المصر على اقتراف الكبيرة!
سأخلع عيني المجردة
سأدلف للباطن توا
أنا الآن كلي سريرة
إني أراهم ينبحون حب الأميرة الأسيرة
ويشحذون – ملء جيدها – نيوبا ضريرة!
إني أراهم يمدحون فضاء التحليق/
طقوس الرحيق
وداخل ذات المشهد
يقصون جناح العصفورة!
أنا الآن كلي سريرة
لست آسفا على خطى وهم طليق
ليس لي وهم حول سدود الطريق!
لأصدق لسانا حاك خرقة الحكاية
لأقبر في الرمل نجما وراية!
أنا الآن كلي سريرة
سألملم أشلاء حلمك المجنونة
بالفجر حد الاتحاد!
وأبذرها في قلب البلاد
لتزهر مواويلها الكسيرة
زغاريد لعرس الميلاد!
9
أنت غريب يا رفيق
مثل قلبي أنت غريب
هل نستغرب تسييج حلمنا المشترك:
حلم مثقف يؤسس للحريق
وكادح مسه بعض اللهيب
فمضى يضع الحلم على المحك!
10
من حق احتراقك
أن يرشق في وجه "الأساتذة" السؤال
ما جدوى الفلسفة
بل ما جدوى المعرفة
إن لم ترابط في ساح النزال
إن لم تزوج أحوال الخلق المآل
11
حبيبي الحالم الصموت
حبيبي الذي لا يموت
هل موتك إلا توهج الحياة في الذاكرة
هل موتك إلا انتصاب المرآة
في وجه الأدغال المتآمرة
12
صديق المرأة والبحر والجبل
أيها الواثق من براكين الأمل!
لما رفضت أن تشاركك امرأة
درب العمر الطافح بالمحن
أهالك جوع القرى/ضياع المدن
فخفت أن يغريك أنسا
أن تشرد أو تنسى
فتخلف موعدا..
من معدن الوطن
13
ليس وطنك..
ذاك الجذلان في أحداق السياح!
ليس وطنك
ذاك الحاجب قمرا
بين جوانحه تقيحت الجراح!
أنت جاهز للحضور في الوطن
جاهز لهدم فكرة أو وثن!
جاهز للغناء والسفر
جاهز لحدس الخطر
هل أنت إلا نبض الحضور
بشغاف المرحلة!
فلماذا توهم رياح الحقد وهمها
باجتثاث حلمك الجميل/
حلمك الأطلسي الجذور
14
.. وكانوا يعدون سنوات أسرك بالدقيقة
وكانوا يترقبون سقطة صفيقة
وكنت أعرف أنك تلغي بيد المسافات
أنت تلغي كل فصول المأساة
من أجل ميلاد طفل الحياة
من أجل امرأة أو بلاد طليقة!
15
أيها العاشق المتفرد
أيها الواثق من صباح التمرد
هل أضيف شيئا للحقيقة
إن عرفتك للرفيقة:
"هو اليأس المتآكل حد التبدد
هو الأمل المتناسل أملا

...