السبت، 14 يوليو 2007

انقراض خط سككي وإهمال خطوط أخرى حقيقة أغرب من الخيال


انقراض خط سككي وإهمال خطوط أخرى
                    حقيقة أغرب من الخيال
  ما نتحدث عنه أغرب من الخيال، بل قد لا يصدقه البعض، سوى قلة من الشيوخ الباقين على قيد الحياة، هم فقط من يتذكر بحسرة القطار الذي كان يمر أمامهم، ومنهم من كان يمتطيه مغتبطا، رغم سرعته البطيئة بالمقارنة مع زمننا، رغم كثافة دخانه المنبعث من قاطرة بخارية، كانت تئن من حمولتها، ما تزال إلى الآن قناطر وبقايا محطات مهدمة شاهدة على ذلك، أما قضبان الحديد فقد أزيلت بكاملها، ويذكر البعض أن من هذه القضبان ما يُتخذ أعمدة وركائز لبعض المنازل.
محطة القطار بيسدي قاسم حروش  !
   إنه خط سكة انقرض من الأرض ومن الخرائط، كان قد وضعه الاستعمار الفرنسي لغرض أمني وتجاري، سواء "لتهدئة" المقاومة، أو جلب المنتوجات إلى الموانيء قصد التصدير، من ذلك المعادن والمنتوجات الفلاحية، وخاصة الحلفاء… كان الخط المعني يربط مباشرة بين مشرع بلقصيري وفاس( ليس الحالي العابر لمكناس)، وقد عدد أحد الشيوخ بالتفصيل للجريدة المحطات التي كان يتوقف بها القطار الموؤود، انطلاقا من محطة بلقصيري نجد سيدي قاسم حروش، أحد كورت (مزال إلى الآن أحد ملتقيات الطرق القريب منها يسمى المحطة، وبجانبه معلمة قديمة لذلك)، عين الدفالي، جرف الملحة، الشرف، بني مزكلدة، فاس البالي، مولاي بوشتى، إثنين بوشابل، أربعاء الحفاء، أربعاء السماء، ففاس نقطة الوصول، أسماء مغربية مجهولة كأنها من الربع الخالي، إنها محطات كان يتوقف بها القطار، لن ينساها التاريخ، كما نساها عهد الاستقلال، حيث توجهت الرغبات لتكديس الثروة الخاصة، وإلى أشياء أخرى،  وأهملت أطراف من البلد على أقل تقدير، كما لا يجب أن ننسى أن السكة كانت بميدلت كذلك، وبين تطوان والفنيدق في اتجاه سبتة، وتصل إلى بوعرفة ومدن أخرى جنوبه، وهناك خبر لم نستطع التأكد منه، يؤكد على أن القطار كان يصل في زمن مضى إلى الناظور! حيث ذكر لنا أحد المواطنين المنحدر من هناك، أن أباه كان يعمل بنفس القطار،  ويجب أن نستذكر باستمرار إلغاء ربط مراكش بأكادير في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، رغم توفر جميع الدراسات وما كلفته من مال، لكن سياسة التقويم الهيكلي، والأزمة المالية الخانقة التي عرفها المغرب آنذاك، كانت من أسباب ذلك حسب ما يبدو…
 
بقية قناطر صغيرة كان يعبرها القطار، وبعض القناطر تحولت للاستعمال من طرف عابري الطريق 
     لو بقي الخط المشار إليه لكانت قد تحولت تلك القرى المنسية إلى مدن، ولما عرفت هجرة سكانية بكثافة ملحوظة إلى عدد من الحواضر،  فكيف سنحسب فرص التنمية التي أهدرت لساكنة تلك المناطق، والعزلة القاتلة التي دخلتها مكرهة، إنها تحتاج الآن مثل غيرها لأكثر من مصالحة ورد الاعتبار…

 
  سكان حد كحورت مازالوا يسمون هذا الموقع "المحطة"
            مصطفى لمودن  
    نشرت بأسبوعية "اليسار الموحد" عدد195، بتاريخ12 يوليوز 2007 
رأيك مهم، ادل به