الجمعة، 8 أكتوبر 2010

على هامش الانتخابات التشريعية الجزئية بجهة الشمال سطوة الفساد والمفسدين


على هامش الانتخابات التشريعية الجزئية بجهة الشمال
سطوة الفساد والمفسدين


وزان: محمد حمضي 
  *الخبر
   بعد الطعن الذي تقدم به أحد الذين كانوا يرغبون في الترشيح للانتخابات التشريعية بجهة الشمال الخاصة بتجديد ثلث مجلس المستشارين والتي جرت أطوارها بتاريخ 2 أكتوبر من السنة الماضية، وبعد مداولات المحكمة المختصة جاء القرار منصفا حين أقر بإلغاء نتائج هذه الانتخابات التي كانت معيبة في أول موقع قدم لها.
  مباشرة بعد صدور قرار الإلغاء، شرعت وزارة الداخلية في وضع ترسانتها القانونية والإدارية لتمر هذه الانتخابات في وقتها القانوني، وعلى نفس الوتيرة سارت كل الأحزاب التي قررت دخول هذه المعركة لتعزيز صفوف فرقها البرلمانية.
   وهكذا، وبعد" حملة انتخابية شرسة" جرت جولاتها في عز رمضان الأخير، "تصادمت" خلالها إحدى عشرة لائحة، فكانت النتائج التي أطلعتنا عليها مختلف وسائل الأعلام الوطنية.
  *التعليق
  كان بإمكاننا القفز عن هذه المحطة الانتخابية باعتبار نتائجها غير ذات قيمة "سياسية"، كما أنها لن تمس قيد أنملة بتضاريس المؤسسة التشريعية وبالتالي لا أثر لها على موقع جماعة الموالاة أو المعارضة، لكن العودة إلى الموضوع اليوم أملته عدة اعتبارات، وعلى رأس هذه الاعتبارات المصلحة الوطنية التي تعلو ولا يعلى عليها مهما كان.
  الجميع يتطلع اليوم إلى 2012، وهو في نظرنا المتواضع تاريخ حاسم في تاريخ المغرب، إما أننا سندخل به نادي الديمقراطية الحقة كما كان يسميها الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، وإما أننا  سنخطئ الموعد مع التاريخ من جديد، في زمن وعالم لم يعد فيهما للأخطاء القاتلة موقع قدم. سنة 2012 هي نتيجة حتمية لما يجري اليوم. فهل ما يجري اليوم، بل وهل ما جرى في الانتخابات الجزئية الأخيرة يدعو إلى الاطمئنان على مستقبل وطننا؟ هل استلهمت الأحزاب التي دخلت هذا الاستحقاق الجزئي درس 2007 عندما طلقت الأغلبية الساحقة من المواطنين صناديق الاقتراع؟ وهل يمكن للمواطن أن يثق في خطابها ليعود من جديد لمصالحة الصناديق؟

   لنستنطق البيئة التي جرت فيها هذه المعركة التي بدل أن تتصارع فيها البرامج والأفكار، تصارعت النخاسة بكل أصنافها وفي أبشع صورها… التهبت أسعار أغلب الناخبين الكبار في بورصة شراء الكرامة، ولم يعد من حديث في صفوفهم، ومكالماتهم وجلساتهم إلا عن آخر سعر استقر في البورصة التي دخلها على قدم المساواة اليميني واليساري والإداري والقديم والجديد منهم … فشلت كل الأحزاب في ضبط عدد ناخبيها الكبار… أكثر من ناخب مد يده لأكثر من وصيف لائحة وتلقى من هذا وذاك بلا حياء ولا حشمة ولا أخلاق..؟.أي تفسير نعطيه لما أقدم عليه وكيل لائحة لم يحالفه الحظ في تجاوز الحاجز رغم إغراقه للناخبين بالمال، حين انتقل مباشرة إلى منطقة وزان لاسترجاع ما أغدق به على من نستحيي من ذكر حتى أسمائهم. فبالأحرى نعتهم بصفة ممثلي السكان.. (؟)
   قال الأستاذ عبد الهادي خيرات(كاتب عام سابق للشبيبة الاتحادية) في برنامج تلفزيوني تابعه ملايين المغاربة كيف تعجز مخابراتنا بكل أصنافها من ضبط تجار الانتخابات متلبسين وهي المشهود لها دوليا باستباق الخلايا الإرهابية قبل ارتكاب مجازرها! نورد هذا الكلام لنتساءل أولا عن الغياب التام لهذه الأجهزة بمناسبة هذه الانتخابات التي كانت محصورة جغرافيا وعدديا، ولنسائل ثانيا مختلف الأحزاب عن سر صمتها وعدم مواكبتها للحملة الانتخابية بفضحها للممارسات المشينة التي اعترتها؟ فهل السبب يرجع إلى توريط هذا الوصيف أو ذاك الوكيل لحزبه في هذا المستنقع؟ أم أن التموقع بنادي الفساد أصبح شرطا من شروط الترشيح؟ وما قيمة الحصول على مقعد وسخ  أو حتى على كل المقاعد أمام حماية استقرار الوطن وطمأنينة مواطنيه؟ ألا يعتبر ما وقع مقامرة حقيقية بمستقبل بلادنا والزج بها في متاهة لا بداية ولا نهاية لها بل ولا مخرج منها؟ أي ثقل  تشكله مؤسسات بلا مصداقية في وجدان المواطن، هذا المواطن الذي يجوب ملك البلاد الشرق والغرب الشمال والجنوب  من أجل أن يكون قريبا منه ليستمع إلى آهاته ويوفر له الحد الأدنى من شروط العيش الذي يحفظ الكرامة وعزة النفس؟
  *قبل الختم
 لا نريد أن نختم هذه المقالة من دون أن نتعرض للموقف الشاذ لفرع إطار حقوقي الذي لم  ترمق عيون أعضائه الناخبين الكبار يلجون بورصة الفساد، ولم تلتقط آذانهم صيحات القلة من الشرفاء وهم يستنكرون ما يجري، ولم تشكل لجان لرصد الخروقات لا اليوم ولا في الاستحقاقات السابقة، في الوقت الذي يعلن هذا الإطار تضامنه مع المضطهدين في الهند والسند؟ صمته وصمت مختلف الإطارات الأخرى دليل على أزمة المشهد المدني والحقوقي بالمدينة وهو ما سنعود له بالتفصيل في أحد مقلاتنا القادمة.