عندما يفشل السياسي ويتهرب المثقف الفيلسوف
محمد سبيلا: "
أأنا المناضل الوحيد الذي تلقى كل تبعات النضال علي؟"
ذ. محمد سبيلا على اليمين في ندوة بالرباط
اقتباس وتعليق مصطفى لمودن
لنتمعن جيدا في هذا التحليل الصائب
وفي هذا الموقف الذي يثير أكثر من سؤال، توضيح من مثقف وفيلسوف لوجهة النظر
القائلة بهروب المثقف أو موته، والشرح الذي يعطيه الأستاذ محمد سبيلا لذلك في ظل
خيبة الأمل من "السياسي"، لكن المثير هو عندما يبرر أستاذ الفلسفة موقف
المثقف الذي قد يتهرب أو ينزوي وهو يرد على تساؤلات الملحق الثقافي لجريدة
"الاتحاد الاشتراكي" عدد 10406 الصادر يوم الجمعة 24 ماي 2013، وهو يرد
بقوله:
"أنا أقرأ دائما في الفكرة
الرائجة حول موت المثقف، وجهين، الوجه الأول هو الحاجة التاريخية إلى نبوات جديدة،
حيث ينتصب المثقف كمخلص تاريخي، كحامل لبشائر الأمل والخلاص في مجتمعات خاب أملها
في نخبها، وخاصة في النخب السياسية والحزبية التي لم يسعفها شرطها التاريخي في أن
تتحول فعلا وكما كان مأمولا، إلى نخب رائدة، موجهة، وحاملة لرؤى تاريخية بديلة. وذلك
بسبب انغماسها في الحدثية السياسية، وانشراطها بها وانغماسها فيها، مع ما يعنيه
ذلك من انشداد إلى أقصى من السلطة، والوجاهة والغنيمة، بمعنى أن القول بموت المثقف
هو نوع من العزاء، هو نوع من النواح الذي يعبر به المجتمع عن خيبته في نخبه،
وحاجته إلى نخب مستنيرة ومنيرة وطاهرة إلى حد ما، بديلا عن أشكال التعفن التي
يفرزها تاريخ هذه المجتمعات.
أما الوجه الثاني للقول بموت المثقف فهو يتعلق
بالشروط الذاتية للمثقف نفسه. وهنا أذكر أنني كثيرا ما لمت سابقا صديقي المرحوم
الشاعر أحمد المعداوي على صامته. فانتفض ذات مرة ورد علي بملاحظتين، أولاهما أن
هذه التحولات العميقة والعنيفة مع ما صاحبها من امتساخات وتشوهات هي من العنف
والعمق بحيث يتطلب فهمها واستيعابها وتفسيرها عقودا من التفكير معمق. فقد أصبح
اليمين يسارا، واليسار يمينا. والقومي إسلاميا، والإسلامي قوميا، والحداثي تراثيا،
ناهيك عن التحولات العنيفة التي حدثت على مستوى الأنظمة السياسية وتشوهاتها. ويكفي
أن نذكر كمثال على ذلك، أن الثورة المصرية في سنة 1952 التي قامت على أساس قومي،
من أجل تحري فلسطين قد انتهت في عهد مبارك إلى دولة مطبعة. المقصود هنا النظام
السياسي طبعا الذي كان فيه مبارك كنزا إسرائيليا ثمينا.
والرد الثاني، هو خيبات الأمل في التحولات التي
حدثت، وفي الانتقلات السريعة التي طرأت، لا فقط في الموضوع الخارجي، الذي هو
الأنظمة والمجتمعات بل أيضا في الذوات نفسها. فقد تبين أن الكثير من ادعاءات
النضال والطهرانية هي مجرد انصوبات ذاتية تتغيى الارتقاء الاجتماعي. انظر مثلا إلى
فلان، الذي كان أكبر المزايدين على الثورة والراديكالية والتطرف، كيف تحول إلى
مجرد موظف حكومي يتسابق حول حيازة الممتلكات والألقاب. فكيف تريد مني أن أظل وحدي أحمل على كثفي جثة " عمر دهكون"،
بينما فلان يشرب الأنخاب على ذكراه. أأنا المناضل الوحيد الذي تلقى كل تبعات
النضال علي؟"
واضح
إذا أن أستاذ الفلسفة محمد سبيلا جد متذمر من حصيلة الفعل والفاعل السياسي في
المغرب..
ويعتبر أن المناضلين مجرد مدعين للنضال، وغرضهم المصالح الشخصية..
يؤكد على حدوث التباس في المواقف والمبادئ، حيث اختلط الحابل بالنابل..
وأكثر من ذلك، فهو لا يريد أن يحمل
تبعات أي نضال أمام هكذا وضع..
فما المقصور بنضالية المثقف؟ هل يجب أن يعوض فشل
السياسي؟ وهل كل السياسيين وصلوا إلى النهاية والفشل؟ وكيف يعرض محمد سبيلا للساسية
عموما في شكل انتهازي صرف؟ وإذا كان السياسي قد يوصف بالحربائية للضرورة، فهل يحق
للمثقف أن ينسحب أو يتراجع وهو يقارن نفسه بوضعية السياسي؟
-----------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق