‏إظهار الرسائل ذات التسميات دولية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دولية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 6 ديسمبر 2014

الحرب المستعرة بين الشيعة والسنة /إلى متى هذا النزيف؟

الحرب المستعرة بين الشيعة والسنة
إلى متى هذا النزيف؟
مصطفى لمودن
 طائرات إيرانية تقصف "داعش" بالعراق.. بالموازاة مع القصف الأمريكي.. إيران الشيعية تدعم نظام الحكم في بغداد.. "داعش" نسخة ملقحة من "القاعدة"، و"القاعدة" و"داعش" بنتان شرعيتان ل"الوهابية".. فرع ل"القاعدة" باليمن يفجر سيارة قرب منزل سفير إيران.. الحرب تشتعل بين السنة والشيعة. وهي حرب موغلة في "القدم" والوحشية المتبادلة.. منذ رفض التحكيم الذي قبله علي بن ابي طالب، منذ تغلب دهاء عمرو بن العاص على "نية" أبي موسى الأشعري.. منذ رفع المصاحف على الرماح لتجنب سيوف جيش علي بن أبي طالب.. منذ انتصار بني أمية وإطلاق سيوفهم في الشيعة اينما كانوا، ولو كان من ضمنهم حفيد للنبي.. استمر الصراع الدموي عبر العصور.. فكانت إمارة من هنا (الدولة الفاطمية في مصر) وإمارة من هناك،(حكم صلاح الدين الأيوبي مثلا).. انتصار هنا، وهزيمة هناك.. والضحايا بالآلاف.. والدمار يأتي على كل بناء.. الآن، كل يحصي "البقع" التابعة له، إيران عينها على الأقليات الشيعية في السعودية.. وهي شبه مطمئنة على الأكثرية البشرية الشيعية في البحرين واليمن وما يتبع لسلطة بغداد في العراق.. ولها نفوذ كذلك في سوريا، فرغم بعثية النظام (علمانيته المزعومة)، فلا شيء يقطع مع المذهبية والطائفية، وإيران متواجدة بالفعل في سوريا.. كما تتواجد في لبنان عبر حليفها الاستراتيجي "حزب الله".. للسنة "بقعهم" على الخريطة كذلك، فرغم انهم يسيطرون على السلطة في معظم المناطق في الخليج، في شمال إفريقيا.. لهم حلفاء في تركيا.. لكن، السلطة الآن لم تعد تجدْ مبررها في هذه المناطق باعتماد الانتماء للمذهب السني.. فهذه تونس تسير بهدوء نحو علمانية مضمرة.. والمغرب هو الآخر يعرف تعددية سياسية ونقابية وجمعوية، ولا أحد ينظر للمذهب الديني في اختيار التدبير الخاص بالدولة أو الجماعات المحلية، رغم سعي بعض الأطراف لتجعل الدين محور العملية، لكنها مجرد مغامرة قد تكون وبالا على أصحابها أنفسهم، أمام المعضلات الواقعية في كل مستويات العيش اليومي والرهانات الكبرى.. التساؤلات المطروحة
* ـ هل كل سنة العراق مع "داعش"؟ هل هم راضون عليها أم مكرهون على ذلك؟ سواء من طرف "داعش" نفسها، أو من طرف شيعة بغداد الذين أذاقوا السنة الأمرين منذ سقوط صدام حسين؟
 *ـ إلى متى سيتخذ الصراع صبغة دينية؟ علما ان الحقيقة، تؤكد أن الصراع يقع على السلطة والموارد الاقتصادية، وما الدين سوى غطاء لتأجيج النفوس وحشد الجند كوقود للحروب المستعرة؟
*ـ متى سيتخلى هؤلاء المتصارعون عن أسلوب الاقتتال، ويحوّلوا تفريغ خلافاتهم إلى عمل فكري وسياسي وانتخابي في ظل ديمقراطية تضمن التعايش السلمي والعيش الكريم للجميع بِغظ النظر عن التدين او الانتماء الطائفي.
*ـ متى ستعرف الشعوب في هذه المناطق أن ركبوها (أو إركابها) الصراعات الدينية لن تقود لاي نتيجة، وأن خصمها الحقيقي هو الجهل والتخلف والخصوم المشتركين الذين يسعون للاستحواذ على خيرات المنطقة؟

*ـ متى سيعرف الشيعة والسنة أن حربهم ضد بعضهم البعض ليست مقدسة، ولم يأمر بها الدين، ولا تقود اي طرف منهما إلى الجنة بفعل ذلك الاقتتال؟ متى سيفهمون أن حروبهم هي اقتتال بالوكالة ليضعفا معا؟ متى سينتبهون للتجربة الأوربية، حينما قررت الشعوب وضع الخلافات الدينية جانبا في القرن 16 م. بعد حروب داخلية مدمرة؟

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

الانتخابات التشريعية التونسية: تونس تنتصر على نفسها

الانتخابات التشريعية التونسية: تونس تنتصر على نفسها

بظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأحد 26 أكتوبر تضع تونس نفسها على سكة البناء الديمقراطي الطويلة.. ولعل أهم خلاصة ليست في النتائج، بل في توجه مختلف الفرقاء إلى المواطنين وإلى صناديق الاقتراع، حيث يكون الحسم للناخب في اختيار التوجه الذي يرغب فيه، ثم كيفية اجراء الحملة الانتخابية التي اتسمت على العموم بالهدوء والمواجهة البرامجية رغم بعض الهفوات التي حدثت هنا او هناك وهو أمر عادي في دولة تعرف لاول مرة حملة انتخابية حقيقية، لكن أهم ما ميز ذلك هو احباط محاولات إرهابية كانت تروم تعكير الجو الديمقراطي الفتي.. وأخيرا كيفية إجراء الانتخابات في حد ذاتها، فرغم بعض التجاوزات كمحاولات للتقليل من تأثير النساء وحضورهن في المشهد (نساء بدون بطائق، تحكم رجال في تصويتهن، تمييز جنسي في مكاتب التصويت البعيدة عن العاصمة..)، لكن على العموم عبّر التونسيون عن نضج ملحوظ وقد حضر ما يقارب 60% إلى مكاتب التصويت.. 
حصلت مجموعة "نداء تونس" على المرتبة الأولى اي بنسبة 38% من الأصوات المعبر عنها (80 مقعد).. ودخل "حزب النهضة" في الرتبة الثانية بنسبة 31% (67 مقعد).. وجاء "حزب تيار المحبة" ثالثا ب26 مقعد، وهذا الحزب ينتسب لشخص الهاشمي الحامدي صاحب قناتين فضائتين تبثان من بريطانيا. وحل "حزب الجبهة الشعبية" اليساري القومي رابعا..
ولعل أهم النتائج التي يمكن استخلاصها من التجربة التونسية:
ـ رغم ما حملته الثورة من نسائم، فإن المتنفذين السابقين في نظام بنعلي بقي لهم شيء من القوة، حيث يمكن اعتبار "نداء تونس" حضنا لهم، وقد اطلقت على هذا الحزب اسم "مجموعة" لانه خليط من الليبراليين ومن المتشبعين بالهوية التونسية المحلية المكتسبة منذ الاستقلال، وهذا الحزب هو تيارات ماتزال لم تعلن عن ذاتها بشكل واضح، يتزعم هذا الحزب وجه قديم وهو الباجي قايد السبسي..
ـ حصول "حزب النهضة" ذي التوجه الاسلامي على الرتبة الثانية يعكس تخوف التونسيين من اي انتكاسة ديمقراطية قد تحدث تتأتى من هذا الحزب، رغم كل رسائل الطمأنة التي وجهها قياديوه مؤخرا، ورغم تخليهم على ترشيح مباشر من حزبهم للرئاسيات التي ستجرى في 23 من نونبر (الشهر القادم) (*). ولعل النتائج التي حصل عليها هذا الحزب تؤكد أمرين:
ـ1 استمرار حضوره، وعدم تجاهل ذلك../ 2ـ يأخذ الحزب مع الوقت حجمه العادي ضمن التشكيلة الحزبية داخل تونس..
ـ بالنتائج المتحصلة، يظهر ان التونسيين يسعون للاستقرار أمام كل المشاكل التي حلت بهم (الارهاب والاغتيالات، التدهور الاقتصادي)، ولم تعد تهمهم الإيديولوجيات كيفما كانت..
ـ حضور الأحزاب المنتسبة لليسار والداعية للعلمانية على نتائج مناسبة بالمقارنة مع وضعها السابق تخول لها دخول مجلس الشعب، وهي أمام امتحان، ، فعليها الآن تشكيل جبهة معارضة قوية داخل المجلس التشريعي وطرح بدائلها الممكنة في ارتباط مع الشارع. (الجبهة الشعبية جمعت في صفوفها كلا من حزب العمال الشيوعي، حركة الوطنيين الديمقراطيين، حركة الشعب، حركة البعث، حزب النضال التقدمي، الحزب الشعبي للحرية والتقدم..) وليس لها من خيار سوى التوحد والاندماج الفعلي..
ـ رغم هذه الانتخابات لم يتوضح بعد بما يكفي الشمهد السياسي، وذلك من سيمات المراحل الانتقالية بعد سنوات من الديكتاثورية المطلقة، بحيث يمكن للتحالفات القادمة ان تهيء تشكيلا قويا يتسلم زمام الحكومة..
ـ إذا ظهرت في تونس تحالفات هجينة، كدخول الحزبين الأولين "نداء تونس" و"النهضة" في تكتل مشترك.. فسيكون ذلك ضربا للفرز الموضوعي بين تيارين وتوجهين مختلفين، مما سينعكس سلبا على المستقبل الديمقراطي في تنوس..
ـ ختاما ما تزال تنتظر تونس محطتين انتخابيتين، الأولى لاختيار رئيس، وهو بسلطات أقل من الحكومة، ثم بعد ذلك الانتخابات المحلية لتشكيل المجالس المحلية.. وحينها يمكن تحديد خريطة نهائية للمجال السياسي في زمن تونس الحالي..
وكما كتبت سابقا، فهناك عيون تنظر بالريبة والحذر للتجربة التونسية، وتتمنى لها الخيبة إذا لم تتدخل فعليا لافساد كل شيء.. وخاصة من أعداء الديمقراطية في محيط تونس القريب والبعيد والذين لا يرغبون في نجاح أي مسار ديمقراطي يعطي انطباعا حسنا لدى شعوب مقهورة من طرف حكامها المستبدين، وهنا يجب ان تحضر نباهة التونسيين للحفاظ على تجربتهم المتميزة..
-----------
(*)
من المفارقات،الموجود على قائمة صفاقس في حزب النهضة مرشح للرئاسيات باسم حزب آخر!


السبت، 11 يناير 2014

ماذا يحدث بتركيا؟ اشتداد الخناق على "حزب العدالة والتنمية"

ماذا يحدث بتركيا؟ 
اشتداد الخناق على "حزب العدالة والتنمية"
 مصطفى لمودن
لم تجد حكومة رجب أردوغان "الإسلامية" من هدية جديدة للشعب التركي غير مراقبة الانترنيت بشكل "حازم".. وقد أصبحت جد متوجسة من التواصل الذي يقع بين أفراد الشعب وجماعاته والتنسيق للتنظيم الاحتجاجات كما وقع قبل شهور في اسطنبول.. خاصة أن وقود نار الاحتجاج من جديد أصبحت متوفرة بعد الفضائح التي كشفت حقيقة "إخوان" تركيا، وهي السعي بكل السبل غير القانونية للاغتناء.. ولم يسلم من ذلك حتى ابن رئيس الورزاء أردوغان.. مما جعل المعارضة وحتى أعضاء من الحزب الحاكم مثل وزير المالية المقال يطالبون أردوغان بالاستقالة.. 
الأمر الثاني، وهو رفض المحكمة الدستورية لقانون كان وراءه وزير الداخلية التركي "الإخواني" سعى من خلاله للتدخل في تعيين القضاة حسب رغباته.. 
وهكذا لم يبق لهذا الوزير وهو ينفذ أوامر رئيسه هو إقالة رجال الشرطة الذين كانوا وراء اكتشاف التلاعبات الخطيرة التي كان أبطالها أعضاء من الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" وأفراد من أسرهم لتبييض أموال طائلة متأتية من أعمال غير مشروعة.. !! 
ولعل هذه الأحداث كانت وبالا على تركيا بكاملها، من ذلك انخفاض العملة، توسع نظرة الريب تجاه الفاعلين السياسيين والاقتصاديين التركيين، كما فقدت خلال بضعة أيام البورصة 100 مليار دولار..
ولامتصاص غضب المؤسسة العسكرية التي يتوجس منها الحزب الحاكم خيفة، قبِل أردوغان إعادة النظر في الأحكام القضائية التي كان ضحيتها عساكر برتب مختلفة بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري في وقت سابق.. ولعه بذلك يريد استمالة هاته المؤسسة التي لم تستلم لسياسة الحزب الحاكم الذي يسعى بكل الطرق لأسلمة الدولة والقضاء على كل بقايا العلمانية التركية التي كان قد وضع أسسها كمال أتاتورك. وبذلك يحاول استباق اي تحالف بين المؤسسة العسكرية والمعارضة اليسارية والليبرالية التي بدأت تسترجع أنفاسها..
مشكلة الأحزاب "الإسلامية" في كل مكان هي التعالي واحتقار الآخرين والانطلاق من "امتلاك الحقيقة" والسعي لأسلمة كل مرافق الدولة ضدا على التعددية التي أصبحت سيمة واضحة في العصر الحديث.. ما يوسع دائرة معارضي هذه الأحزاب المستغلة للدين في السياسة..

الأحد، 28 يوليو 2013

الكراهية والعنف ليس حلا للصراع المحتدم بالعالم العربي

الكراهية والعنف ليس حلا للصراع المحتدم بالعالم العربي

مصطفى لمودن
ودعت تونس يوم السبت 28 يوليوز 2013 أحد أبنائها البررة الفقيد محمد البراهمي نائب في المجلس التأسيسي عن "حزب الشعب" في جنازة مهيبة (الفيديو) والذي قتل أمام بيته بالعاصمة تونس يوم أمس حيث اخترقت جسده أربعة عشر رصاصة حاقدة..  واتهمت وزارة الداخلية التونسية في ذلك أحد المنتسبين للتيار السلفي التكفيري باعتباره المتهم الرئيسي، وهو تاجر سلاح مبحوث عنه دوليا، سبق أن شارك في "حروب جهادية" بالعراق وسوريا، وحكم عليه سبع سنوات سجنا.. وذكرت أوساط أمنية أن السلاح المستعمل هو نفسه الذي قتل به قبل شهور  شكري بلعيد اليساري.. هذا وقد رفعت أثناء الجنازة شعارات تطالب باستقالة الحكومة وحل مجلس الشورى الذي استقال منه لحد الآن 52 عضوا.. ولا يتوانى البعض في توجيه أصابع الاتهام لحزب "النهضة" الإسلامي خصوصا وللترويكا الحاكمة في تونس عامة..
 وفي علاقة بموضوع القتل، فقد رُمي بالرصاص قبل ثلاثة أيام في بنغازي المحامي عبد السلام المسماري أثناء خروجه من المسجد وهو حقوقي وقيادي بالثورة التي أطاحت بالقذافي.. كما قتل بنفس المدينة ضابطان في الجيش والشرطة.. واليوم عرفت طرابلس وبنغازي مظاهرات حاشدة، رفعت خلالها شعارات ضد "حزب العدالة والبناء" وهو فرع من "حركة الإخوان المسلمين" العالمية، كما اقتحم المحتجون مقر هذا الحزب في بنغازي وأتلفوا وثائقه وهم يحملونه مسؤولية الاغتيال.. ويرى المراقبون أن ليبيا تفقد يوما عن آخر "مقومات الدولة"، فهي لحد الآن بدون نظام أمني وقضائي، وتعيش في فوضى عارمة، إذ تتحكم الملشيات المسلحة في بقاع تقاسمتها فيما بينها.
 يحدث هذا في نفس الوقت التي تعرف فيه مصر منعطفا خطيرا، وقد بدأت الدماء تسيل وعدد القتلى يرتفع خاصة من جانب تيار "الإخوان المسلمين" الذين يتهمون الجهات الأمنية في ذلك.. بينما وزير الداخلية قال إن الشرطة أطلقت فقط الغازات المسيلة للدموع وأن الرصاص انطلق من وسط المحتجين.. وقد أعطى الجيش للمعتصمين برابعة العدوية مهلة لفض الاعتصام والانتظام إلى "العملية السياسية".. وفي نفس الوقت  حبس المدعي العام المصري محمد مرسي الرئيس المطاح به لمدة 15 يوما ووجه له عدة اتهامات، منها التخابر مع قوى أجنبية (يقصد بها حماس) والهروب من السجن  أثناء ثورة 25 يناير.. وهي التهم التي رد عليها الإخوان بالاستغراب.. لا أحد يستطيع تحديد مآل الأحداث بمصر، خاصة بعدما طلب عبد الفتاح السيسي القائد العام للجيش من الشعب الخروج في مسيرة مؤيدة أمس الجمعة، وهو ما يتعبره البعض بداية لشد الحبل بين الإخوان والجيش على مستوى أخطر لا أحد يستطيع تحديد عواقبه على مصر ومحيطها..
في نفس السياق كذلك، تتوالى أحداث القتل والتفجيرات بالعراق، ومن أخطر ما وقع قبل أيام يبين سقوط هيبة الدولة إلى  الحضيض هروب السجناء من سجنين كبيرين، وذكرت الأخبار أن العملية من تنفيذ تنظيم "القاعدة"، وعلم قبل أيام كذلك استقدام القاعدة لأعداد كبيرة من أعضائها إلى العراق وتجنيد شباب من نفس البلد ليقوموا بما سموه "غزوة رمضان"؛ وهي ليست سوى زرع الرعب عبر التفجيرات، ويتبادل الشيعة والسنة كذلك التهم فيما بينهم أما القتل المستمر والانتقامات المضادة...
 أما في سوريا حيث القتل والانفجارات هي "الخبز" اليومي هناك، فأهم ما يميز الأحداث ما قيل عن نية الأكراد في شمال سوريا الإعلان عن "الاستقلال الذاتي" على غرار الإقليم العراقي بكردستان، وهو ما أرهب الجار التركي الذي يخشى من انتقال العدوى إلى تركيا.. كما انفجر الوضع بين "الجيش الحر" السوري وبقية "الحركات الجهادية" التي حلت بسوريا من أجل "تشكيل جزء من الخلافة" الموعودة حسبهم.. حقق الجيش السوري بعض الانتصارات الأسبوع المنصرم في حمص، وهو يحاصر معارضيه هناك ويضيق عليهم الخناق.. في ظل تردد الدول الغربية في مد الجيش الحر بالسلاح، فقد أكد مثلا ممثل فرنسا في مجلس الأمن يوم الجمعة الفائت أثناء اجتماع مع "قيادة الثورة" في نيويورك شارك فيه ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن حيث اعتبر أن الحل يجب أن يكون "سياسيا"، أي التوجه نحو التفاوض، وهو يعبر عن مخاوف الدول الغربية في انتقال الأسلحة إلى المتشددين ك"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" في حالة دعم "الجيش الحر".
 يبدو أن الأحداث تتفاعل بشكل ينذر بالأسوأ، خاصة أن هوة الخلافات والنزاعات تتوسع بين مختلف الأطراف في العالم العربي، وقلة من ينادون بالحوار وبحق الآخر في التواجد وبالاحتكام لصناديق الانتخابات.. إلى أي مدى ستستمر هذه الموجة من العنف والكراهية؟


السبت، 29 يونيو 2013

خروج المصريين في الثلاثين من يونيو يعنينا

خروج المصريين في الثلاثين من يونيو يعنينا
صورة: ‏خروج المصريين في الثلاثين من يونيو يعنينا

كتابة مصطفى لمودن
ليس الأمر قضية مصرية فقط، وإلا ما كان تدخل يوسف القرضاوي ليدعو المصريين لعدم خروج المصريين للتظاهر.. القرضاوي مفتي "الجزيرة" والداعي لخونجة العالم، نعم العالم بآسره، وإلا لما أسس هيئة لذلك بأوربا يترأسها.. 
فما المشكلة في الخونجة؟ 
تنسب "الخونجة" ل"الإخوان المسلمين" بمصر، وهي الحركة السياسية التي تأسست سنة 1928 على يد حسن البنا معتمدة  مقومات دينية خاصة وفق تحليل خاص  للوصول إلى السلطة.. وبقي "الإخوان" في مد وجزر منذ ذلك الوقت، مرة يساندون نظاما سياسيا كما وقع في بداية حكم جمال عبد الناصر ومع أنور السادات الذي "تصالح" مع إسرائيل.. وكانوا يواجهون في بعض الأحيان بقمع أو تتم محاصرتهم.. لكنهم حافظوا على تنظيم جد مهيكل، ثم توفروا على قوة اقتصادية، والآن على ملشيات شبه عسكرية، ولهم امتداد شعبي، خاصة أنهم يعتمدون "الدعم المادي" لبعض الفئات الاجتماعية، ما يجعل الفقراء وذوي الحاجة متعلقين بهم لظروفهم المعيشية الصعبة في غياب سياسة تنموية تقوم بها الدولة،  وهناك تساؤلات يطرحها المصريون حول التمويل الخارجي لهذه الجماعة كما يكتب عن ذلك باستمرار علاء الأسواني في الصحف، ومع رفض الجماعة الإخوانية الكشف عن حساباتها ومصادر التمويل.. استغل "الإخوان" التذمر الذي خلفه النظام السابق، ورغبة المصريين في التغيير وضعف بقية المنافسبين بعد خلع حسني مبارك وإجراء الانتخابات.. ليستفيق المصريون على رغبة محمومة من تنظيم "الإخوان" للاستيلاء على الدولة برمتها وأساسا القضاء الذي بقي رافعا لواء "الاستقلالية" منذ زمن سابق، فغير الرئيس مرسي المدعي العام خارج المسطرة القانونية.. ثم أعلن الإخوان عن رغبة عارمة للاستيلاء على  وسائل الإعلام وحصار الفنون وتعيين وزير للثقافة جاء لتصفية الحساب مع الثقافة والمثقفين، والشروع في تعيين محافظين من جماعة الإخوان.. وعلى المستوى الخارجي يسقط الحاكمون الجدد يوما بعد آخر في براثن الوهابية المدعمة من طرف دول خليجية، وقد احتضنوا اجتماعا موسعا للسنة برئاسة القرضاوي نفسه وتم التحريض على الشيعة ونعتهم بأقذح النعوت مما ألب البعض ضد الشيعة في مصر وتم قتل أحد زعمائها.. كما تعرض المسيحيون للحصار وحرق كنائسهم..
  أصبح المصريون أمام واقع شبيه بعهد حسني مبارك، وتبخرت أمال الثورة في الحرية والإنعثاق، ووجدوا "رئيسهم" تابع لمجس الإرشاد وهو أعلى هيأة للإخوان المسلمين عوض أن يكون رئيس كل المصريين..  ولن ينسى المصريون قرار الرئيس بتغيير بنود الدستور اعتمادا على "مجلس الشعب" المطعون في صلاحيته، لقد غير أهم بند يمكن أن يحاسب الرئيس، ليصبح هو الحاكم المطلق في البلد..  
  أتاح  مرسي الفرصة لتتجمع ضده كل الأطياف، من ليبراليين ويساريين وبقايا النظام السابق.. وحتى السلفيين لم يعودوا ينظرون إليه باعتباره حليفا لهم، واستقال أعضاء هذا التنظيم من المسؤوليات التي كانوا يتحملونها، خاصة في الاستشارية الرئاسية.. 
 أصبح هم غالبية المصريين هو إزاحة الرئيس المنتخب، رغم أنه قضى فقط ما يفوق بقليل السنة في الحكم، ومبررهم هو  تخليه عن الوعود التي جاء بها، وهي تطبيق مبادئ الثورة، وصيانة الحريات وتحسين مستوى العيش.. لقد توحدت كل أطياف المعارضة ضد سياسة الرئيس، وجمع نشطاء المجتمع المدني 16 مليون توقيع لإقالته، ودعوا الشعب لاحتجاجات مكثفة في كل ربوع مصر يوم الأحد 30 يونيو، (للأحد دلالة الدعوة لدولة مدنية وليس لدولة دينية)، وقد شرع المصريون منذ مساء الجمعة في التجمع بساحات المدن الكبرى..   
 فلماذا يعنينا ما يقع في مصر؟ 
 كل عاقل وموضوعي يتشبث بمبدأ عدم التدخل في القضايا الداخلية لدولة أخرى، وهذا ما نؤمن به، فليس ما يعنينا في حالة مصر هو مناصرة طرف ضد آخر، ولكن هو استخلاص الدروس، فهل يجب أن نقف مع إقرار التعددية الحزبية والفكرية والثقافية في المجتمع؟  هل سنسعى لتكون الدولة في خدمة جميع المواطنين على قدم المساواة؟ أم تكون في خدمة فئة معينة وتحت سيطرة فئة معينة؟ هل ندافع عن الدولة المدنية التي تتيح لجميع الرؤى والأفكار والتنظيمات التواجد والعمل والسعي للسلطة عبر الانتخابات؟ أم يبقى التعدد شكليا أو ينمحي على مراحل بالمرة إلى أن ينقرض، فتجد الديكتاتورية كل المتطلبات لتنمو وتعشش وتمدد جذورها؟  فقد هدد مثلا منسق "لجنة دعم الرئيس" المصري جميع المصريين بتحويل مصر إلى دولة دينية كما نقلت ذلك القنوات الإخبارية ذلك طيلة يوم الجمعة وهو يخطب في حشد من الأنصار..
  إن مكانة مصر وثقلها الثقافي والتاريخي والبشري وموقعها الجيوستراتيجي يجعل  الأحداث التي تعرفها تؤثر في بقية البلدان المحيطة بها.. قلبنا على مصر، نتخوف من أن يتحول الخلاف إلى صراع دموي، ستكون الخسارات فادحة ليس على مصر فقط بل على محيطها كذلك.. وعلى "الجماعة الحاكمة" أن تعي أن الزمن اختلف وأن التعدد حق مشروع وأن الدولة يجب أن تبقى للجميع..   
-------------------------
قد يتعرض الموضوع لمراجعات بسيطة‏

مصطفى لمودن
ليس الأمر قضية مصرية فقط، وإلا ما كان تدخل يوسف القرضاوي ليدعو المصريين لعدم خروج المصريين للتظاهر.. القرضاوي مفتي "الجزيرة" والداعي لخونجة العالم، نعم العالم بآسره، وإلا لما أسس هيئة لذلك بأوربا يترأسها..
فما المشكلة في الخونجة؟
تنسب "الخونجة" ل"الإخوان المسلمين" بمصر، وهي الحركة السياسية التي تأسست سنة 1928 على يد حسن البنا معتمدة  مقومات دينية خاصة وفق تحليل خاص  للوصول إلى السلطة.. وبقي "الإخوان" في مد وجزر منذ ذلك الوقت، مرة يساندون نظاما سياسيا كما وقع في بداية حكم جمال عبد الناصر ومع أنور السادات الذي "تصالح" مع إسرائيل.. وكانوا يواجهون في بعض الأحيان بقمع أو تتم محاصرتهم.. لكنهم حافظوا على تنظيم جد مهيكل، ثم توفروا على قوة اقتصادية، والآن على ملشيات شبه عسكرية، ولهم امتداد شعبي، خاصة أنهم يعتمدون "الدعم المادي" لبعض الفئات الاجتماعية، ما يجعل الفقراء وذوي الحاجة متعلقين بهم لظروفهم المعيشية الصعبة في غياب سياسة تنموية تقوم بها الدولة،  وهناك تساؤلات يطرحها المصريون حول التمويل الخارجي لهذه الجماعة كما يكتب عن ذلك باستمرار علاء الأسواني في الصحف، ومع رفض الجماعة الإخوانية الكشف عن حساباتها ومصادر التمويل.. استغل "الإخوان" التذمر الذي خلفه النظام السابق، ورغبة المصريين في التغيير وضعف بقية المنافسبين بعد خلع حسني مبارك وإجراء الانتخابات.. ليستفيق المصريون على رغبة محمومة من تنظيم "الإخوان" للاستيلاء على الدولة برمتها وأساسا القضاء الذي بقي رافعا لواء "الاستقلالية" منذ زمن سابق، فغير الرئيس مرسي المدعي العام خارج المسطرة القانونية.. ثم أعلن الإخوان عن رغبة عارمة للاستيلاء على  وسائل الإعلام وحصار الفنون وتعيين وزير للثقافة جاء لتصفية الحساب مع الثقافة والمثقفين، والشروع في تعيين محافظين من جماعة الإخوان.. وعلى المستوى الخارجي يسقط الحاكمون الجدد يوما بعد آخر في براثن الوهابية المدعمة من طرف دول خليجية، وقد احتضنوا اجتماعا موسعا للسنة برئاسة القرضاوي نفسه وتم التحريض على الشيعة ونعتهم بأقذح النعوت مما ألب البعض ضد الشيعة في مصر وتم قتل أحد زعمائها.. كما تعرض المسيحيون للحصار وحرق كنائسهم..
  أصبح المصريون أمام واقع شبيه بعهد حسني مبارك، وتبخرت أمال الثورة في الحرية والإنعتاق، ووجدوا "رئيسهم" تابع لمجس الإرشاد وهو أعلى هيأة للإخوان المسلمين عوض أن يكون رئيس كل المصريين..  ولن ينسى المصريون قرار الرئيس بتغيير بنود الدستور اعتمادا على "مجلس الشعب" المطعون في صلاحيته، لقد غير أهم بند يمكن أن يحاسب الرئيس، ليصبح هو الحاكم المطلق في البلد.. 
  أتاح  مرسي الفرصة لتتجمع ضده كل الأطياف، من ليبراليين ويساريين وبقايا النظام السابق.. وحتى السلفيين لم يعودوا ينظرون إليه باعتباره حليفا لهم، واستقال أعضاء هذا التنظيم من المسؤوليات التي كانوا يتحملونها، خاصة في الاستشارية الرئاسية..
 أصبح هم غالبية المصريين هو إزاحة الرئيس المنتخب، رغم أنه قضى فقط ما يفوق بقليل السنة في الحكم، ومبررهم هو  تخليه عن الوعود التي جاء بها، وهي تطبيق مبادئ الثورة، وصيانة الحريات وتحسين مستوى العيش.. لقد توحدت كل أطياف المعارضة ضد سياسة الرئيس، وجمع نشطاء المجتمع المدني 16 مليون توقيع لإقالته، ودعوا الشعب لاحتجاجات مكثفة في كل ربوع مصر يوم الأحد 30 يونيو، (للأحد دلالة الدعوة لدولة مدنية وليس لدولة دينية)، وقد شرع المصريون منذ مساء الجمعة في التجمع بساحات المدن الكبرى..   
 فلماذا يعنينا ما يقع في مصر؟
 كل عاقل وموضوعي يتشبث بمبدأ عدم التدخل في القضايا الداخلية لدولة أخرى، وهذا ما نؤمن به، فليس ما يعنينا في حالة مصر هو مناصرة طرف ضد آخر، ولكن هو استخلاص الدروس، فهل يجب أن نقف مع إقرار التعددية الحزبية والفكرية والثقافية في المجتمع؟  هل سنسعى لتكون الدولة في خدمة جميع المواطنين على قدم المساواة؟ أم تكون في خدمة فئة معينة وتحت سيطرة فئة معينة؟ هل ندافع عن الدولة المدنية التي تتيح لجميع الرؤى والأفكار والتنظيمات التواجد والعمل والسعي للسلطة عبر الانتخابات؟ أم يبقى التعدد شكليا أو ينمحي على مراحل بالمرة إلى أن ينقرض، فتجد الديكتاتورية كل المتطلبات لتنمو وتعشش وتمدد جذورها؟  فقد هدد مثلا منسق "لجنة دعم الرئيس" المصري جميع المصريين بتحويل مصر إلى دولة دينية كما نقلت ذلك القنوات الإخبارية ذلك طيلة يوم الجمعة وهو يخطب في حشد من الأنصار..
  إن مكانة مصر وثقلها الثقافي والتاريخي والبشري وموقعها الجيوستراتيجي يجعل  الأحداث التي تعرفها تؤثر في بقية البلدان المحيطة بها.. قلبنا على مصر، نتخوف من أن يتحول الخلاف إلى صراع دموي، ستكون الخسارات فادحة ليس على مصر فقط بل على محيطها كذلك.. وعلى "الجماعة الحاكمة" أن تعي أن الزمن اختلف وأن التعدد حق مشروع وأن الدولة يجب أن تبقى للجميع..   


الأربعاء، 6 فبراير 2013

اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد

اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد

اتهم قبل وفاته جناحا في "حركة النهضة" (فيديو)


اغتيل في تونس المناضل شكري بلعيد المنسق العام لحركة الوطنيين الديمقراطيين صباح الأربعاء 6 فبراير 2012، وهو محام وناشط حقوقي ومعارض بارز في تونس منذ حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي وهو كذلك من أشد المنتقدين للائتلاف الحاكم الحالي ولحركة النهضة الإسلامية التي تقوده، وله توجه يساري ... حيثيات هذا الاغتيال تذكر بقتل النقابي فرحات حشات في تونس كذلك سنة 1952، وقتل عمر بنجلون في المغرب سنة 1975 من طرف متعصبين ومحرضين من قبل جهات لم جميعها إلى الآن ..
عندما علمت بهذا الاغتيال تداعى إلى ذهني مضمون الفيديو المسرب عن لقاء زعيم حزب النهضة محمد الغنوشي مع وفد من السلفيين في الصيف المنصرم، حيث ظهر بوضوح حقد الغنوشي عن كل ما هو حداثي، ويستخلص من حديثه كذلك الموقف القائم على "واعدوا لهم..".. ونستحضر كذلك في نفس السياق سعي بعض "التنظيمات الحزبية" إلى التوفر على ملشيات خاصة بها، كما تتهم بذلك "حركة النهضة" بتونس وجماعة الإخوان المسلمين بمصر..
رغم إدانة رئيس الحكومة وهو من حزب النهضة الإسلامي للاغتيال فذلك غير كاف، يجب إجراء تحقيق مفصل وتسليط الضوء على الآمرين بالاغتيال والمحرضين عليه..
لا يمكن إطلاقا أن يكون الغدر والاغتيال أداة لتصفية الحساب مع الخصوم.. فحذار ممن ينطلقون من وثوقية مطلقة ومن رغبة قوية في السيطرة على كل شيء وإعلان الوصاية على المجتمع.. إن منطقتنا كلها على فوهة بركان..

الأحد، 24 يونيو 2012

محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر الثانية


 محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر الثانية
مصطفى لمودن
محمد مرسي العياط رئيسا لجمهورية مصر بحصوله على 13232131 صوتا، بنسبة 51.73% وحصل أحمد شفيق على نسبة 48.27%، أي صوت عليه 12347380 ، بلغ عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية 50185794، حضر للتصويت منهم 26420763، ما يمثل 51.85%وجاءت الأصوات الصحيحة 25577511، والأصوات الملغاة 843252، هذا مجمل ما جاء في الندوة الصحفية التي عقدتها لجنة الانتخابات في مصر مساء الأحد 24 يونيو 2012.
التساؤلات المطروحة الآن حول مستقبل مصر، هل سيقبل الجميع بالنتائج، كيف سيكون "تعايش" الرئيس الجديد مع الجيش الذي أصبح المتحكم في زمام كل شيء بعد إلغاء المحكمة الدستورية الانتخابات الأخيرة التي سيطر على نتائجها "الإخوان المسلمون" والسلفيون، كل الأنظار ستتوجه الآن لمصر بسبب موقعها وتاريخا وعدد سكانها.

الأحد، 22 أبريل 2012

الانتخابات الرئاسية الفرنسية اليسار يسير نحو الإليزيه


 الانتخابات الرئاسية الفرنسية
اليسار يسير نحو الإليزيه 
نيكولا ساركوزي في مواجهة فرانسوا هولاند

مصطفى لمودن
صوت الشعب الفرنسي اليوم الأحد 22 أبريل 2012 بكثافة في الانتخابات الرئاسية، بعد حملة انتخابية "شرسة"، شارك فيها عشر مرشحين من مختلف الأطياف السياسية في فرنسا.
احتل مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند الرتبة الأولى ب 28.63 من الأصوات، وجاء مرشح "الاتحاد من أجل حركة شعبية " الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي ثانيا ب 27.18  من الأصوات، وحققت مرشحة "الجبهة الوطنية" اليمين المتطرف جان ماري لوبن نتيجة غير مفاجئة باحتلالها المرتبة الثالثة بنسبة 17.90%، وقد بنت حملتها الانتخابية ضد الهجرة، أما مفاجأة الحملة الانتخابية  جان جاك ملنشون، فقد صوت لصالحه 11.11 %، وهو مرشح "جبهة اليسار" الذي استطاع أن يلفت إليه الاهتمام بخطاباته القوية ضد الرأسمالية المتوحشة وضد الساركوزية، وقد كانت تجمعاته الانتخابية مثيرة من حيث الأعداد التي حضرتها.. أما مرشح "حزب الحركة الديمقراطية" يمين الوسط فرانسوا بايرو فقد جمع 9.19%، تلته في رتبة متأخرة مرشحة الإيكولوجيين إيفان جولي ب 2.31%..
  في انتظار الشوط الثاني والحاسم بين المرشحين الأولين في 6 ماي المقبل، انطلقت منذ ألان الحملة الانتخابية لكل طرف، ومحاولة استقطاب ناخبي المرشحين الآخرين، فقد أعلن فرانسوا هولاند عن مساندة مرشح " "جبهة اليسار" له، وهو ما أكده فعلا جان جاك ملنشون، ونفس الشيء بالنسبة لمرشحة الخضر، وذكر مرشح الحزب الاشتراكي أمام حشد من مؤيديه إنه يتبنى طروحات الطرفين بدون نقاش، وهو ما يعني تحول الحزب الاشتراكي الفرنسي نحو يسارية اليسار، سواء فيما يخص الرعاية الاجتماعية والحفاظ على البيئة، والتخفيض من استعمال الطاقة النووية، والاستقلال النسبي عن التبعية لألمانيا وأمريكا..
أما نيكولا ساركوزي فدعا في أول ظهور له جميع الفرنسيين للالتفاف حول برنامجه، وهو ما يعني صعوبة حصوله على حلفاء ولو من محيطه اليميني سواء في "الجبهة الوطنية"، وقد ذكرت جان ماري لوبن أنها لن تعلن عن موقفها سوى يوم الثلاثاء فاتح ماي، لتعطي للأمر تشويقا أكثر وتفرض تنازلات على ساركوزي لصالح توجهاتها المتطرفة.
طالب ساركوزي من خصمه إجراء ثلاث مواجهات تلفزية قبل اليوم الحاسم، لكن وفق تصريحات غير مؤكدة رفض هولاند ذلك، وطالب بلقاء واحد فقط.. ولعل ساركوزي بذلك يريد شن هجوم قوي على خصمه، خاصة أنه على دراية بالبوليميك، كيفما كان الحال سيتطارحان الطرق الممكنة للتنمية الاقتصادية وكيفية تمويل ذلك، نسبة الضرائب، وفرض ضرائب إضافية من طرف الاشتراكيين على الأغنياء، مشاكل التقاعد وتمويله، البطالة، الطاقات البديلة..
وجاء في آخر استطلاعات للرأي فوز فرانسوا هولاند بنسبة 54 %بينما ساركوزي سيحصل على 46.% ويبدو أن اليسار الفرنسي سيعود للرئاسة بعدما فقدها منذ عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميترا (1981/ 1995)، مستغلا أخطاء الرئيس المنتهية ولايته والأزمة الاقتصادية التي ضربت فرنسا مؤخرا وإخلافه لوعوده السابقة وانقسام اليمين الفرنسي..
 ما يهمنا نحن في المغرب من نتائج الانتخابات الأولية:
ـ أن الديمقراطية والانتخابات هي الحل الأمثل المتوفر للبشرية من اجل تفادي الديكتاتوية والصراعات الدموية حول السلطة والنفوذ، وقد رأينا في الدول الديمقراطية كيف تحمل صناديق الاقتراع توجهات جديدة ومختلفة لتدبير قضايا الدولة.
ـ وإن كان اليمين الفرنسي في شخص ساركوزي ومن معه في قصر ماتينيون يدعمون المغرب على المستوى الدبلوماسي، لكن ذلك لا يكون بدون ثمن، خاصة على المستوى الاقتصادي، حيث يتم فتح الأبواب للشركات الفرنسية، كمثل لذلك التدبير المفوض، القطار الفائق السرعة..
ـ في حالة فوز الاشتراكيين وهو الاحتمال الوارد  فسيكون هناك مشكل على مستوى تمرير الخطاب مع الحكومة المغربية الحالية التي على رأسها حزب "العدالة والتنمية" ذي التوجهات الإسلامية.. وقد يكون الأمر في صالح المغرب من حيث "ضبط العلاقة" نحو التوازن، وعلى الأقل عدم دعم الحكومة المغربية في توجهاتها المحافظة.. رغم أن مبدأ المصلحة يحتفظ بمبرره في مجال العلاقات الدولية.


الأحد، 13 نوفمبر 2011

دروس الديمقراطية الحديثة، التداول السلمي على السلطة


دروس الديمقراطية الحديثة، التداول السلمي على السلطة

 
البرلمان الإيطالي
مصطفى لمودن

تحل المجتمعات الحديثة خلافاتها حول السلطة بطرق ديمقراطية، وقد رأينا درسا آخر من ذلك قادم من إيطاليا، فأمام المشاكل الاقتصادية التي دخلت في دوامتها هذه الدولة الأوربية/المتوسطية، اضطر رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني تقديم استقالته يوم السبت 12 نونبر الحالي، بعدما فقد أغلبيته البرلمانية في تصويت على الثقة جرى يوم الثلاثاء، ومن المرتقب أن يكلف الرئيس جورجيو نابوليتانو المفوض الاوروبي السابق ماريو مونتي بتشيكل حكومة من التكنوقراط يوم الاثنين، وقد كان يشغل منصب مفوض أوربي في الشؤون المالية، ومن المنتظر أن تستمر هذه الحكومة التي سميت بحكومة الائتلاف الوطني ثمانية عشر شهرا، لكن مراقبين يستبعدون إتمامها لهذه المدة، بسبب الهزات السياسية المستمرة  التي تعرفها إيطاليا وتجديدها للحكومات عقب انتخابات برلمانية منها ما يكون سابقا لأوانه، ثم بسبب الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تعانيها إيطاليا وقد أصبحت تحت وصاية صندوق النقد الدولي ورحمته معا، وقد بلغت ديونها 1900 مليار دولار، ما يمثل 120 % من الناتج االداخلي الخام، ونسبة نمو جد ضعيفة لم تتعد 0.6 % طيلة العقد الأخير، وسيكون من أولويات الحكومة الجديدة تبني سياسة تقشف صارمة، منها حصول تسريحات وفقدان مناصب شغل بالآلاف، ورفع سن التقاعد إلى 67 سنة،  وتدابير مالية لإعادة الاطمئنان إلى منطقة الأوري التي تعاني الأمرين جراء أزمات مستفحلة هنا وهناك (اليونان، إسبانيا، البرتغال، السويد، فرنسا…)، وقد وجدت أوربا ودول غربية أخرى نفسها تعيش فوق طاقتها وإمكانياتها مند مدة طويلة، إلى أن استفاقت على أزمات خانقة.

  ما يهمنا من الأمر هي العبرة، فقد تمكنت الدول الديمقراطية عبر مخاضات عسيرة من إيجاد حلول جذرية للتداول على السلطة بشكل سلمي انطلاقا مما يقرره الشعب عبر الانتخابات، فرئيس فرنسا نيكولا ساركوزي ينتظره امتحان عسير بعد خمسة أشهر، ليبقى لولاية ثانية بقصر الإليزيه، أو يتركه لغريم آخر، قد يكون فرانسوا هولاند ممثل الحزب الاشتراكي، والأمثلة كثيرة.. بينما في الدول المتخلفة، يستمر الحاكم وحاشيته في السلطة على ظهر الذبابات وفوق الجامجم، ولا يتنحى إلا بانقلاب أو ثورة أو اغتيال.. بعدما تكون الخسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد.. 

تنحى بيرلسكوني وتوعد بأن يعود إلى الحكم، طبعا ليس بواسطة  فيالق عسكرية، ولكن عبر الانتخابات، وستكون الكلمة النهائية في ذلك للشعب.

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

أمريكا تنسحب من اليونسكو من أجل عيون إسرائيل والضحية المصداقية وشؤون الثقافة


 أمريكا تنسحب من اليونسكو من أجل عيون إسرائيل والضحية المصداقية وشؤون الثقافة
 
مقر اليونسكو في باريس  
مصطفى لمودن
على إثر منح فلسطين العضوية كاملة بمنظمةاليونسكو التابعة للأمم المتحدة والتى تعنى بالشؤون الثقافية عبر العالم يومه الاثنين 31 أكتوبر، انسحبت أمريكا من هذه المنظمة بسبب تصويت 107 دولة لصالح فلسطين، وامتناع 52، ومعارضة 14 دولة منها الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت المغادرة، إجراء غير مقبول وضدا على دعم ثقافات الشعوب، وقد كانت أمريكا قد أوقفت دعمها لليونيسكو في عهد فريديريكو مايور الإسباني(الغريب هاجر هذا المثقف أوربا ليكون مستشارا لدى أوبا بعد ذلك).. وبعد تعيين مسؤولة جديدة لليونسكو وهي البلغارية إيرينا بوكوفا رجعت أمريكا وبشروطها.. الآن ستجد اليونسكو نفسها أمام نفس المأزق، أي ضعف التمويل الذي يمثل الأمريكي منه نسبة كبيرة ( 50%)، وقد بلغ سنة 2006 ما مقدراه 4.6 مليون دولار.. طبعا، موقف أمريكا مخجل وغير مبرر، لكن الرئيس الحالي باراك حسين أوباما يخشى سطوة اللوبي الصهيوني والانتخابات الرئاسية على الأبواب في غضون 2012، وإذا أقلقهم فمصيره هزيمة نكراء، بفعل قوة هذا اللوبي المتحكم في الشركات الكبرى التي تمول الانتخابات، والمتحكم في وسائل الإعلام القوية كفوس FOX وسننCNN، وكثير من الجرائد… ويبقى التمويل الأوربي لليونسكو بدوره ضعيفا، حيث تفضل دول القارة العجوز الدخول في علاقات ثنائية مع دول العالم فيما يخص القضايا الثقافية كحماية الآثار وتشجيع "المنتوجات الثقافية"، وعلى أي فأوربا على حافة أزمة مالية واقتصادية تهدد استقرارها… وعليه فستكون اليونسكو بين أمرين، أحدهما وضع سياسة تقشفية، وبالتالي حضور رمزي في المجالات الثقافية، أو مراجعة الموقف بعد مدة قد تطول أو تقصر، وفي كلتا الحالتين تكون مصداقية "الدول العظمى" محط تساؤل بل الاستنكار.. وهنا تحضر كذلك البدائل الممكنة، كالتمويل العربي، لكن هذا جد مستبعد، لأن غالبية الدول العربية الغنية بعائدات النفط، لا تستطيع عصيان أميركا، كما أن لها حساسية مفرطة ضد كل ما هو ثقافي وتنويري، ولا نظن أن دول آسيا أو أمريكا الجنوبية ستتحمس لتعويض أي نقص مالي يهدد السير العادي للبونيسكو، لأن لهذه الدول أولياتها التي تهم شأنها الداخلي وتنميتها الذاتية أولا… فهل سندخل في دوامة جديدة أخرى تزيد في تكريس دونية الثقافة بمفهومها العقلي والنقدي والفني… باختصار كل ما هو حضارة أنتجته وتنتجه البشرية لتتفاعل بشكل إيجابي من أجل الحرية والسلم والتضامن… وتجدر الإشارة وفي علاقة بفلسطين نذكر أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قد وضع قبل أسابيع طلبا لدى الأمم المتحدة من أجل الموافقة على العضوية الكاملة، والحصول على صفة الدولة، وهو الأمر الذي لم يرق عدة جهات، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وينتظر أن تشهر الفيتو عندما يطرح الأمر للتصويت على مجلس الأمن، قبل إجازته للنقاش في لجان الأمم المتحدة..

الثلاثاء، 15 مارس 2011

الحكام العرب يسعون لإبادة شعوبهم من أجل البقاء في السلطة! دول الخليج تقمع بجيوشها انتفاضة البحرين


الحكام العرب يسعون لإبادة شعوبهم من أجل البقاء في السلطة!
دول الخليج تقمع بجيوشها انتفاضة البحرين
جيوش السعودية تدخل البحرين
مصطفى لمودن
تصل قوات عسكرية من دول الخليج إلى البحرين لدك انتفاضة الشعب هناك، وقد كانت أولى "الطلائع" من السعودية، وتليها قوات أخرى من الإمارات العربية المتحدة، والبقية ستأتي… كما حصلت البحرين على 20 مليار دولار من جيرانها من أجل "المساعدة على تكلفة إطفاء الانتفاضة"، ولعل جزء من ذلك المال سيكون ضمن "صفقة" داخلية من أجل شراء الذمم، ودفع علاوات ومنح من طرف الدولة للشعب أو لمن يريد التوصل بذلك خارج الأعراف الجارية من قبيل تأدية الأجور أو الإنفاق العام من أجل البنية التحتية أو غيرها كما يقع في الدول الحقيقية حيث لا تحكم المافيات التي تستولي على الثروة والحكم خارج كل الشرائع والأعراف الراسخة في الدول الديمقراطية، وهو نفس الأمر الذي مارسه العقيد القذافي على الأقل مع سكان طرابلس؛ فكل من يرغب في تسلم حصص مالية يتقدم لينال ذلك من أقرب مصرف، فمال النفط متراكم في خزائن الحكام، وهذا المال يصلح كذلك لأداء "أجور وتعويضات" المرتزقة والبلطجية، وحتى "خبراء وتقنيو" الاتصال والتداريب العسكرية وجلب المرتزقة… لقد وجدت في تونس بعد رحيل بنعلي خزائن سرية كانت "صندوقا أسود" للرئيس يستعمله في "وقت الشدة"، إنه نفس أسلوب اللص علي بابا وبقية عصابته. وبعد عودة عاهل المملكة العربية السعودية من فترة نقاهة قضاها بالمغرب، وزعت الدولة 35 مليار دولار على المواطنين، والمناسبة ليست هي "رفع" الضائقة المالية  على مواطنين في حاجة ماسة لذلك كما قد يتصور البعض، ولكنها محاولة إرشاء الشعب كي يصمت، لكن من المال العام طبعا، وكيفما كانت قيمة هذه "المساعدات" فهي لا تمثل شيء من الثروة الشخصية للحكام وأفراد عائلاتهم، وفي حالة عدم "نجاح عملية الإرشاء" يتم الانتقال على العملية الأخرى الأكثر حسما، وهي الهجوم العسكري بالأسلحة الثقيلة من طائرات راجمة وذبابات تقذف الموت في كل مكان، كما هو الحال الآن في ليبيا، وكما يمكن أن يقع في دول أخرى كدول الخليج، وهي دوليات صغيرة ذات أنوية قبلية وعشائرية بما فيها السعودية رغم اتساع مساحتها، تحكمها أوليغارشيات ترتبط بعصبية دموية، "دول" غنية بسبب بيع النفط والغاز وليس نتيجة شيء آخر كاستعمال التكنولوجيا المتطورة في الاقتصاد أو المساهمة في دورة الإنتاج العالمي انطلاقا من مقدرة الشعوب الذاتية الصرفة، وغالبا ما تكون إرادة  الشعوب هذه أصلا مكبلة ومراقبة حتى "لا تفوت وتتعدى" حدودا مرسومة لها مسبقا، لتتحول إلى المطالبة بالحرية والاحتكام إلى دساتير ديمقراطية مكتوبة تسمح بوضع حكومات تنبثق عن صناديق الاقتراع، مما سيسمح بمحاسبة الحكام المتسلطين على الشعوب وعلى الثروة… لهذا يحاول حكام الخليج الآن نهج خطة تمارس في عالم كرة القدم، ألا وهي "خير دفاع هو الهجوم"، فقبل أن تنجح الثورة في البحرين، وقبل أن تتكرس الديمقراطية الحق في بلد جار عضو في "مجلس التعاون الخليجي"، وحتى لا تنتقل "العدوى"، وجد الحكام الذريعة في حق "الدفاع المشترك" على كافة دول الخليج كما هو في "اتفاقية" خاصة بهم، وكأن البحرين تتعرض لعدوان خارجي، وليس مجرد مواطنين حالمين بالديمقراطية والعدالة والمساواة يتجمعون بشكل سلمي في "دوار اللؤلؤة" من أجل "ملكية دستورية" كما يطالبون بذلك. ولعل "درع الجزيرة" وهي التسمية التي أطلقت على هذه العملية العسكرية لن تكون بدون موافقة قوى خارجية تراقب المنطقة وتعتبرها مجالها الحيوي، بل والخاص، منذ عملية "درع الصحراء" و"عاصفة الصحراء" و"ثعلب الصحراء"، وما جاء بعدها من استعمار العراق واحتلاله عبر سفك الدماء والتخريب بقوة عسكرية لم يحدث مثيل لها في التاريخ، ويظهر أن دول الخليج قد أقنعت الغرب بهذه "الغزوة العسكرية" برفع فزاعة إيران المجاورة للبحرين، وإمكانية التأثير على الشيعة هناك، وتلفيق صور مفزعة لإسرائيل وتخويفها من مغبة إحاطتها بشيعة منظمين ومسلحين في شمالها "حزب الله"، وفي شرقها شيعة إيران الذين "لا يسلم جانبهم" ولا يمكن الثقة في ما يبيتون، وبالتالي قد يكتمل الطوق عندما يستولي الشيعة على الحكم في البحرين.. هذه هي خلفية الصورة التي لا يتحدث عنها أحد،  لقد أصبح الحفاظ على أمن إسرائيل شغلا شاغلا للحكام العرب، ألم يكن حاكم مصر حسني مباركا تلميذا بارعا في ذلك؟ وهو يؤدي خدمة جليلة لحلفائه الإسرائيليين عن طريق مراقبة الحدود مع غزة، ووضع سور من الأسلاك دعما للحصار الغاشم على مليون شخص في بقعة جغرافية ضيقة، إن مبارك الذي كان يتلقى مساعدات من أمريكا تصل إلى مليون أو مليونين من الدولارات في السنة كأسلحة وتداريب وخبرات، غير أنه كان يؤدي مقابل ذلك خدمات أغلى بكثير، فخدماته "الجليلة" كانت توفر من ورائها إسرائيل 13 مليار دولار في السنة كتخفيض من ميزانية الأمن ومراقبة الحدود التي تكلف بها النظام الموؤود لمبارك.. وقبل أيام نسى القذافي كل عنترياته وخطبه النارية الطويلة والمملة و"طوزّاته" في وجه أمريكا ليقول إنه هو من يستطيع حفظ أمن إسرائيل المهدد، وذلك من أجل البقاء في السلطة، مادام الشعب يرفضه وينبذه، وهذا هو حال الحكام المستبدين، فهم يعيشون بدون مبدأ، وابسط امتحان يكشفهم عن حيته وحقيقة بغضهم لشعوبهم، والاستماتة من اجل السلطة ولو أدى ذلك إلى إبادة كل الشعب، فهو قادر بعد ذلك على انتقاء شعب آخر كما جاء في قصيدة "الديكتاتور" للراحل محمود درويش.


إن فزاعة الشيعة سواء كانت حقيقية أو وهمية ترفعها كذلك دولة السعودية ودول أخرى في الخليج باعتبار نسبة السكان الشيعة المتواجدين في هذه الدول وهم محط ريبة وتشكك باستمرار، دون مبرر معقول، بل إن بعضهم يوضع في درجة أدنى بالمقارنة مع بقية المواطنين، حيث يمنعون من وظائف حساسة على سبيل المثال. فلو أن هذه الدول كانت ديمقراطية فعلا، فسيكون عامل المواطنة هو القاسم المشترك بين كل أفراد الشعب، وليس القبيلة أو المذهب الديني. لكن حكام هذه الدول مازالوا متنطعين يرفضون الإيمان بالقدر المحتوم، وهو انتشار الديمقراطية في أغلب دول المعمور، باستثناء هذه المناطق التي ما تزال أقلية متسلطة ترفض ذلك حفاظا على مصالحها الضيقة والمتناقضة مع المصالح المشروعة للشعوب.
 فهل سيسمح المجتمع الدولي بمجرة أخرى في البحرين؟ وهل سيغض الطرف كما كان دائما عن تجاوزات حكام ديكتاتوريين مقابل خدمات كضخ النفط بدون شرط أو قيد؟ هل سيجنح الحكام مرغمين الآن أو مستقبلا نحو الديمقراطية؟ أم سيجرون المنطقة كلها لحرب مدمرة يعتقدون عن خطأ أنها في صالحهم؟
 

السبت، 15 يناير 2011

كرنولوجية أحداث يومين بتونس


كرنولوجية أحداث يومين بتونس 

يقول بن علي إنه لن يترشح للرئاسيات القادمة بتونس ولن يغير الدستور من جديد من أجدل ذلك، وسيضمن حرية التعبير ولن يراقب الانترنيت، وسيخفض من أسعار المواد الغذائية( !!! ) حسب خطاب مقتضب ألقاه اليوم الخميس 13 ينار. المعارضة لا تصدق، وتطالب بهيئة مستقلة لضمان ذلك، والاحتجاجات ما تزال مستمرة، وقد انتقلت اليوم إلى مناطق الجنوب، وحسب مصدر مستقل فقد بلغ عدد القتلى 66… فرضت السلطات حضر التجول، وتحرك الجيش بدوره، وأغلقت المدارس والجامعات.. ولا أحد يعرف بالضبط ما سيحمله المستقبل لتونس، ما هو مؤكد أن تونس لن تكون كما كانت عند نهاية 2010
ـ ارتفع العدد إلى 70 قتيلا، وهناك مطالب ملحة من داخل تونس من أجل مغادرة الرئيس للسلطة، وقع اليوم الجمعة تحول جديد في الاحتجاجات، بحيث لم تعد قوات الأمن تمارس القمع ضد المحتجين، كما وقع مع آلاف المتظاهرين أمام وزارة الداخلية.
ـ استقالة سفير تونس في اليونسكو من منصبه اليوم الجمعة. 
ـ مع توالي الاحتجاجات أمام مقر وزارة الداخلية بتونس تستعمل قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع. 
ـ حصيلة اليوم الجمعة 13 قتيلا
ـ الرئيس يقيل الحكومة ويدعو لانتخابات بعد 6 أشهر، المطالب مغادرة الرئيس للسلطة. 
ـ ليس هناك بديل واضح لنظام بنعلي لأن هذا الأخير لم يفكر في مستقبل بلده ولكن كان يفكر في بقائه في السلطة عوض أن يؤمن بالتداول على الحكم ويقوي مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية ويجعل الشعب يتمتع بحرية التعبير والرأي، ويمكن لتونس أن تعرف مرحلة انتقالية لا أحد يعرف مآلها، ويظهر أن "الشركاء " الأوربيين تفاجأوا بالأحداث، وهم لم يهيئوا من جانبهم للوضع الجديد، وقبل قليل تحمسوا لرأي الرئيس بعدم ترشحه من جديد، لكن آخر قراراته العشوائية والتي منها إقالة الحكومة تقود إلى تنحيته  لا محالة، خاصة مع اتساع رقعة الاحتجاجات ودخول غاضبين آخرين.
ـ ذكر طبيب من تونس أن هناك قناصة فوق السطوح لقتل المحتجين. 
انتهى نظام بنعلي في تونس بعد ثلاث أسابيع متتالية من الاحتجاجات وسقوط ضحايا، هنيئا لتونس، فقد غادر الرئيس السابق للبلاد رفقة أفراد من عائلته مساء يومه الجمعة 14 يناير البلاد إلى وجهة غير معروفة… المعارضة تطالب بحكومة انقاد وطني، ومحاسبة كل من أساء إلى الشعب، بينما ألعن محمد الغنوسي الوزير الأول التكلف بأمور البلاد وممارسة صلاحيات الرئيس… لن تنسى تونس محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه في سيدي بوزيد احتجاجا على البطالة، وهو الحدث الذي أطلق شرارة الغضب… الجيش فرض حضر التجول، وحتى لا يكرر التاريخ نفسه، يدعو عدد من الشخصيات ليترك الشعب ليختار من يدبر أموره في أفق انتخابات حرة، وألا يسمح التونسيون لبروز خلافات داخلية تسيء لحركتهم الاحتجاجية ولأرواح الضحايا.. 
حسب بعض الأخبار بقي الرئيس سابق معلقا في السماء في الطائرة، وقيل أنه متوجه إلى مالطا ثم بعد ذلك إلى باريس، لكن الرئيس الفرنسي رفضا استقباله، وقد ذكر ربان طائرة لإحدى القنوات التلفزية أنه رفض قيادة طائرة الرئيس للهرب إلى الخارج، لأنه يرفض أن يهرب سفاكو الماء كما قال.. ونزلت بعد ذلك أخبار أخرى تقول أن بن علي خرج من تونس على متن مروحية إلى مالطا، ومنها يتوجه إلى دولة بالخليج قد تكون الإمارات أو السعودية، ونقل كذلك أن زوجته بدبي.. في هذه الأثناء بعد العشرة حسب التوقيت العالمي لا أحد يعر ما يقع بالضبط في تونس، وقد نشرت قناة تلفزية أرقام هواتف للجيش التونسي موجهة إلى المواطنين قصد طلب النجدة.. يبدو أنه في بعض المناطق عمليات نهب أو انتقام. ويسجل الجميع أن نظام الرئيس المطاح به قد "نجح" فعلا في إضعاف جميع الهيئات المعارضة، وبذلك هناك فراغ على مستوى الشارع التونسي فيما يخص تنظيم وتأطير المواطنين، لكن هناك من يرى بأن الشعب التونسي لديه مستوى تعليمي رفيع وبه مواطنون قادرون على تحمل مسؤولياتهم. 
الرئيس السابق ورئيس فرنسا: المصالح أولا.
ـ أمام ضعف الأمن تقول مصادر أن لجان شعبية تتشكل لحفظ الأمن بالأحياء… 
ـ آخر خبر قبل منتصف الليل يقول إن بن علي قد حط في جدة بالسعودية  
ـ بعد منتصف الليل:
ـ الرئيس الأمريكي أوباما يشيد بشجاعة الشعب التونسي ويدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة.
ـ محمد الغنوشي الوزير الأول والمكلف بتصريف سلطة الرئيس يعلن عن إطلاق المعتقلين في مقابلة مباشرة مع "الجزيرة"، ويقول أنه لا اعتقلات جديدة. ومعارضوه يطالبون بتنحيته هو الآخر.
ـ السعودية تؤكد بشكل رسمي استقبال الرئيس السابق الهارب،وتصدر بيانا يؤكد ذلك ويرحب ب"فخامة الرئيس". 

ـ صباح يوم السبت 15 يناير: 
أنهى المجلس الدستوري التونسي تولي محمد الغنوشي الوزير الأول أمر الرئاسة بالنيابة، ورأى بأنه يجب إعمال الفصل 57 من الدستور الذي يقر بأن الرئيس لم يعد موجودا.. وعليه تولى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع الرئاسة بالنيابة إلى حدود انتخاب رئيس جديد في غضون شهرين على أبعد تقدير.. الدرس المستفاد، هو تحرك الجهاز القضائي أخيرا لصالح تونس، وتنحية أحد رموز النظام السابق تلبية لمطلب الشارع، رغم أن رئيس مجلس النواب بدوره عضو مسؤول بالحزب الحاكم وقد تقلد عدة مناصب منذ عهد بورقيبة قبل أن يطيح به بن علي بواسطة انقلاب أبيض.. الكلمة الأخيرة ستبقى للشارع التونسي، علما أن النظام السابق قضى عمليا على كل الهيئات التي يمكن أن تعارضه فعلا، وبالتالي فلا يوجد تنظيم سياسي قوي ومنظم في تونس غير الحزب الحاكم "التجمع الدستوري الديمقراطي".. وأكيد فكل رمزوه سيحاولون العودة إلى السلطة عبر النافذة، كما أن مختلف الأجهزة الأمنية السرية والعلنية ستحاول من جانبها التدخل لتسهيل الأمر على مقربين منها، على الأقل بذلك ستتفادى محاسبات قادمة، د تطول بعض المسؤولين على التوجه المعي العنيف الذي كان يمارسه النظام السابق، وقد تظهر محاولات أخرى تخلق الفتن والنعرات وتشجع على التخريب والسطو والانتقام المتبادل… حتى تقوم بتشويه انتفاضة تونس المجيدة، وتبين على أنها مجرد عمليات فوضوية وليس حركة انعتاق من الظلم والاستبداد.. ود استمعت إلى مثقف تونسي يناشد كل القوى في تونس إلى الانتباه إلى المقالب والمآزق التي قد تنتظرها، وبالتالي تتخلى عن نزعات ذاتية تسوء لكل ما تم إنجازه، ودعا إلى تقديم لوائح انتخابية مشتركة وتحصيل تفاهمات تكون لصالح تونس والمستقبل.. ولعل الشعب التونسي يستحق مستقبلا مشرقا مادام قادرا على التضحية بالأرواح من أجل التخلص من الاستبداد، ولدى الشعب التونسي كل الوسائل لتأكيد نضجه.