الأربعاء، 8 أغسطس 2007

الشباب والسياسة بين المعيقات الضارة والمشاركة الضرورية


  الشباب والسياسة
بين المعيقات الضارة والمشاركة الضرورية
  في هذه الآونة كثر الحديث عن السياسة والسياسين، والمشاركة في الإنتخابات، قد تختلف وجهات النظر في الموضوع عامة، ارتأينا إعادة تبويب وتقديم هذه المساهمة، وهي في الأصل كانت عبارة عن مداخلة، قدمت بدار الشباب في سيدي سليمان، كنت حينها مازلت أتحمل مسوؤلية داخل إحدى الجمعيات الشبيبية… 
    نظمت كتابة الدولة المكلفة بالشباب في المغرب المنتديات الشبابية السادسة حول موضوع:«المشاركة السياسية للشباب» وإذا كان للموضوع حيويته وراهنيته، فإنه كذلك لا يخلو من اختلاف وجهات النظر، خاصة أن رهاناته تختلف من طرف إلى آخر، باختلاف المنطلقات والتوجهات، والرقم المتوفر للشباب قادر على قلب كل المعادلات… 
الشباب يمثل في المغرب أكبر نسبة من السكان، وهم فئة عمرية تعرف بالحيوية والعطاء، والرغبة في التجديد، وحتى التحدي والتغيير، الشباب هم من يجددون حيوية أي شعب، من يدفعون إلى ألأحسن والأرقى والأرحب لو توفرت لهم عدة شروط، منها التعليم الجيد، والتكوين المتين معرفيا وثقافيا…وإتاحة الفرصة والإشراك، ضمن رؤية متكاملة   واضحة المعالم، في إطار التشبع بقضايا الوطن والمواطنين عامة.
 لكن، لماذا الإلحاح على مشاركة الشباب؟ وضمن أية «مشاركة»؟ وكيفية هذه «المشاركة»؟ ولماذا اقترانها بالسياسة؟ ولماذا في هذه الفترة بالذات؟..أسئلة مشروعة تقتضي وقفة تأمل وتوضيح لابد منها.
من هم الشباب إذن؟ يكاد يتفق الجميع على أنهم من يوجدون بين سن18 سنة و 40 سنة، وهناك من يكتفي في التحديد بسن أذنى وهو30 أو 35 سنة، غير أن هناك كذلك من يعتبر بداية المرحلة العمرية للشباب تنطلق من 16 سنة، فدولة إيران مثلا تسمح لمن في هذه السن (16) بالتصويت في الانتخابات، بينما نحن في المغرب لم نقلص من 20 إلى 18 سنة إلا في سنة 2002، وقد كان فيما سبق سن التصويت محصورا فقط لمن تخطى 21 عاما من عمره إلى سنة 1992، وقد منع الشباب من دخول مجلس المستشارين، إذ حددت العتبة فيما فوق سن 30 سنة.
  ارتباطا بالموضوع نطرح السؤال التالي: ما هي السياسة؟
  قد تعتبر في كراسات التدريس، وفي أعراف فقهاء السياسة والدساتير بفن الممكن، أو بأحسن طريقة لتسيير دواليب الحكم، أو قيادة شعب أو فئة من المواطنين.لكن لنبحث لها عن تعريف يناسب المرحلة، فنقول أن السياسة هي المشاركة في تدبير الشأن العام، والوصول إلى تحمل مسؤولية التسيير المباشر عن طريق الانتخابات، وفق آليات محددة دستوريا وقانونيا، آليات متوافق حولها من طرف الغالبية المقتنعة بجدواها وبفعالية تحكيمها واللجوء إليها في مختلف المراحل للضبط والتسيير وحل الخلافات.
  غير أننا نصطدم بلبس يصعب تجلية غوامضه، وهو الجواب عما المقصود بالمشاركة؟  فهل هي المشاركة في الانتخابات القادمة لسنة 2007 ؟  هل معناها المشاركة في تسيير دواليب الحكم؟ وبالتالي المساهمة من موقع المسؤولية في الجماعات القروية والحضرية، والجهة، والحكومة، والبرلمان، ومختلف قطاعات التنفيذ المرتبطة بالاقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة… ؟ إلى أي حد يصل مستوى هذه المشاركة؟ بل لماذا يطرح هذا السؤال المحفز على المشاركة الآن؟ هل هناك عزوف فعلا ؟أو نفور؟أو إهمال؟أو لامبالاة؟ تجاه ما تحبل به السياسة؟  
إن انتخابات2007 المؤدية لمجلس النواب تطرح على جميع الفاعلين السياسيين بمختلف تلاوينهم ومواقفهم تحديات صعبة، أهمها ضمان مشاركة الناخبين بأكبر قدر ممكن بما فيهم الشباب، الكتلة الناخبة الأهم من حيث العدد، إذ أن ذلك قد يضمن أصواتا إضافية للمتنافسين حسب انتظاراتهم…غير أن جهة أخرى، خاصة السلطة(المخزن)، وأمام صعوبة اللجوء إلى التزوير المفضوح، كما كان يقع في السابق، لعدة عوامل محلية وإقليمية ودولية، وبالتالي التحكم المسبق في النتائج كيفما كانت توجهات الناخبين، فإنها(السلطة) تخشى عزوفا شاملا عن المشاركة في التصويت،  خاصة من طرف الشباب، لأن ذلك سيعتبر تصويتا في حد ذاته، إما احتجاجا على أسلوب حكم، أو فقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة وما ينبثق عنها، أو مجرد لا مبالاة معناها التنكر لكل ما هو عام ومصلحة مشتركة بين أفراد الشعب الواحد.
  لكن، الأمر الآخر الملفت، هو أن أي كتلة ناخبة غير مصوتة، قد تعتبر مدعمة للمنادين بمقاطعة الانتخابات لأسباب مختلفة، أو قد تقدر مصطفة إلى جانب المناوئين للعملية الانتخابية، والمعترضين جذريا على المؤسسات المنبثقة عنها، وتلك لعمري هي العقد والإشكالات التي يصعب التنبؤ بخواتمها وعواقبها، ولكل رهاناته.  
لكن، لماذا هناك اعتقاد بعدم مشاركة الشباب في السياسة ؟ أو على الأقل هذا ما يستنبط من خلفية الإشكالية المحورية المطروحة(المشاركة السياسية للشباب؛ التي طرحتها كتابة الدولة…)، ألا ينم هذا عن جهل بطبيعة البشر كيفما كان توجههم وسنهم؟ حيث هناك نزوع فطري لدى غالبية المواطنين إلى الاهتمام بالقضايا العامة، والسياسات المتبعة، لما لذلك من تأثير على المعيش والمستقبل… خاصة في ظل الانتشار النسبي للتعليم، وتعدد قنوات الإعلام والاتصال.
هل الاهتمام بالسياسة والشأن العام إذا ينحصر في المشاركة الانتخابية؟
تتحدث الأرقام شبه الرسمية (غير منشورة بشكل رسمي!) ضمن حصيلة انتخابات 2002 عن نسبة مهمة من المقاطعة فاقت 50% كمعدل وطني بينما ترتفع هذه النسبة في المدن خاصة، حيث تعلو نسبة التسيس لدى المواطنين، ويقل عامل الخوف من انتقام السلطة في حالة عدم الحضور، بخلاف العالم القروي الذي تتخذ فيه الانتخابات صبغة عائلية وقبلية، ويحضر فيها التهيب من الإدارة وأذنابها…وإذا أضفنا إلى ذلك أزيد من مليون ورقة انتخابية ملغاة، يظهر بجلاء أي منحى انحداري يسير فيه« المسلسل الانتخابي» من حيث الإقبال على التصويت.
في غياب إحصائيات دقيقة موثِّقة، واستطلاعات رأي مفصلة موضِّحة لدوافع عدم المشاركة، دعونا نعرض الأجوبة المحتملة، وهي ليست على كل حال رجما بالغيب، بل ما يتم التداول حوله وفيه، سواء عبر وسائل الإعلام، وفي المنتديات وبين الأفراد؛ يتميز مجال الممارسة السياسية بالانغلاق والانحصار على فاعلين ومتدخلين محدودين في مباشرة تدبير الشأن العام، واحتكار سلطة اتخاذ القرار من طرف نخبة محدودة وضيقة، وبذلك لا يتم التداول على هذه السلطة بشكل دوري بعد كل انتخابات، ولا تتجدد هذه النخبة وفق آليات الديموقراطية الكونية إلا بشكل نسبي وجزئي، عبر فترات زمنية متباعدة، وبواسطة قنوات خاصة غير مفتوحة أو مضمونة للجميع.
 لكن، ألا نتوفر على برلمان غرفته الأولى على الأقل منتخبة بشكل مباشر؟ ألا توجد حكومة طرحت تصريحا لها أمام البرلمان وهي تمثل الأغلبية؟ ألا يباشر وزراء عملهم في القطاعات الخاصة بهم؟  لكن، هنا مربط الفرس كما يقال، ومثل هذه التساؤلات تأخذ نقاشا حادا ومستمرا بين عدد من الأوساط المهتمة بالسياسة، وعدد من الفرقاء الحزبيين، حول الصلاحيات الحقيقية الممنوحة للحكومة، فهناك مناطق ظل معتمة، من بينها الصلاحيات المحدودة للوزير الأول نفسه، وما يخوله الفصل 24 من الدستور حولإمكانية تعيينه من خارج أحزاب الأغلبية، أو الحاصل منها على أعلى تقدير في الاستحقاق الانتخابي، ثم عدم بسط الحكومة لسلطتها على كافة مجالات التدبير لدواليب الدولة، حتى الجانب الاقتصادي منه، مادامت هناك مؤسسات
عمومية خارج مراقبتها. توفر الولاة والعمال على صلاحيات واسعة دون الانضباط لسلطة الحكومة وقراراتها. عدم قدرة البرلمان على المراقبة الفعلية للعمل الحكومي، سوى من سلطة الأسئلة الشفوية، التي لا أثر لها قانونيا على سحب بساط القرار التنفيذي من أي وزير أو من الحكومة ككل عند الإخلال بالواجب…صعوبة مسطرة وضع ملتمس الرقابة، وعقد لحان التقصي، لما يتطلبه ذلك من عدد مطلوب من النواب، غالبا ما يكون أغلبهم موالين بشكل آلي للتوجهات الرسمية ما فوق حكومية، ومنهم من لا ينضبط حتى لتوجهات الحزب الذي من المفترض أن يكون منتميا له. 
أما الجماعات، سواء الحضرية أو القروية أو الجهوية، فهي ترزح تحت مشاكل متعددة، تدبيرية وقانونية وتنظيمية، منها تراكم نتائج التسيير العشوائي لدى غالبيتها، ضعف إمكانياتها، عدم وضع استراتيجيات لتنمية الموارد، ثقل سلطة الوصاية، بل وعرقلتها أحيانا لتدابير مستعجلة تتطلبها وضعيات معينة. كما أنها- بفعل لوبيات مصلحية – لم تتحول إلى فضاء للحوار، ومجال للتنافس الديموقراطي، ومشتل لإبداع البرامج والمشاريع.
   كل هذا وغيره نتيجة لرغبة جامحة في احتكار السلطة، ومحصلة عن فقدان الثقة بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين في المغرب، منذ تنحية حكومة عبد الله إبراهيم في خمسينات القرن الماضي، وما تزال تبعات ذلك ممتدة في الزمان والمكان، وآثاره تنخر الجسم السياسي للبلد، تطلبت من الجميع سلوك نهج الحيطة والحذر والتهيب المتبادل، فبقي الشباب والوطن عامة ضحية لنزاعات وخصومات وتناحرات حدثت عبر عقود انقضت، وتكونت طبقة سياسية ممتدة أفقيا على المستوى المحلي والوطني، ترى في الانتخابات والسياسة أساسا قضاء للمآرب الشخصية… فهل سيبقى الإرث مستمرا مع الورثة؟
           كيف أصبح حال الممارسة السياسية في المغرب ؟
  لقد وقعت على امتداد خمسين سنة تقاطبات واصطفافات على الأقل بين قطبين بارزين،
اتخذت العلاقة بينهما أحيانا صبغة الشد والتنافر إلى حد التناقض المفضي إلى التنكر والإلغاء، كما صاحب ذلك تهدئة ووصال، لم تنقطع خلالها أوتار الود أو التشاور في قضايا مصيرية على نطاق ضيق، وتلك من المفارقات الخاصة بالمغرب(…).
   تكاثرت وتناسلت الأحزاب الإدارية، وأصبحت كل مناسبة انتخابية تعرف توالد المزيد، وبقدرة قادر تحصل على الأغلبية، كما وقع مع الإتحاد الدستوري سنة 1983، وقبل ذلك مع التجمع الوطني للأحرار سنة 1977، حيث تجمع الناجحون في الانتخابات، بعدما تقدموا بصفتهم الفردية، وكونوا بعد ذلك حزب الأغلبية!!! وما سبق ذلك مع جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية في الستينات، التي تلقى مرشحوها كامل الدعم من الإدارة، والأمثلة كثيرة، يمكن أن نظيف منها ما حصل عليه حزب كومسير سابق، كان قد تأسس للتو، في انتخابات 1992، إذ بقدرة قادر تساوى في الأصوات حينها مع حزب الاستقلال!…فتميع العمل السياسي، وزورت الانتخابات، وأصبح كل متقدم لها في نظر عامة الشعب مجر انتهازي يتحين الفرص للاغتناء غير المشروع، مما أبعد كثير من النزهاء والمناضلين، وكان الغرض من ذلك مقصودا، هو ترك مجال الحكم الحقيقي حكرا على فئة قليلة.  
 أما عند الأطراف الأخرى، فقد كاد ينحصر العمل السياسي في«كتلة» محدودة من المناضلين المعارضين، أغلبهم ينتمي لليسار بأطيافه المختلفة، وقد ذاق هؤلاء أشكالا من التضييف والحصار، وأحيانا الاعتقالات والتصفيات، مما جعل ممارسة السياسة لدى فئات عريضة من المواطنين مقرونة بالمخاطرة والتهلكة، ومعتركا مجانيا بدون أفق على مستوى النجاح والترقي الشخصي، سوى من فئة قليلة ظلت تؤمن بالمستقبل والتضحية من أجل الوطن.
    لكن، هل تقبل أية دولة تريد التقدم والانفتاح، وإشراك المواطنين حقيقة في السياسة (بتعريفها المشار إليه أعلاه) استمرار مثل هذه الأوضاع إلى ما لا نهاية؟هل ستظل «السياسة»  بمثابة اقتناص الفرص للاغتناء لدى البعض على حساب المصلحة العامة، وذلك بعد ركوب أنواع من المكر والخداع، منه تصنع ومباركة كل شيء، بل وحتى السقوط في مستنقع الخنوع المذل.
 هل ستبقى «السياسة» بالنسبة للأطراف الأخرى متاهة تقود إلى السجن والمحاصرة، عوض المساهمة في تنمية البلاد؟متى سيقع إذا تطبيع نهائي للمواطنين والشباب خصوصا مع السياسة المسؤولة ؟ التي تقود حتما إلى المشاركة في تدبير الشأن الوطني والمحلي، وليس أن يكون الشباب مجرد رقم، أو كتلة ناخبة مباركة، أو فئة طيعة تقاد كما يحلو لهذا أو ذاك.
إن أي ملاحظ ومتتبع للأوضاع السياسية في المغرب، يلمس تحولا في الخطاب، وتحولا في بعض الممارسات، إننا لا نغفل الإيجابيات كيفما كانت، ومن أية جهة صدرت، فمن ينكر المحاولات الرسمية الرامية إلى الإصلاح، سواء من خلال طي ملفات الماضي المأساوية حول خرق حقوق الإنسان، وجبر ضرر الضحايا، تطهير بعض الأجهزة من عناصر متسيبة، رد بعض الاعتبار للعملية الانتخابية من خلال محاكمة بعض الناخبين والمنتخبين« الكبار» من أجل ما تبت حولهم من شبهة استعمال المال في شتنبر 2006 الأخيرة، (حالة القنيطرة وبني ملال والجديدة وتازة على سبيل المثال)، رغم اختلاف الأحكام من منطقة إلى أخرى، وتراجعها أحيانا في الاستئناف. إجراء عمليات ترميم وإصلاحات لعدد من النصوص القانونية، كقانون الأسرة، وقانون الأحزاب، وما يلزمه من إشراك للشباب والنساء في مختلف الهياكل الحزبية، وضمان الشفافية في التدبير الحزبي بما فيه المالية. الالتفات للأوضاع الاقتصادية الصعبة لدى عدد من المواطنين. إجراءات لنشر التعليم وتحسين جودته…
 رغم تلك الإجراءات و"التحركات" التي تدخل ضمن تبرير تحمل التدبير والمسؤولية، فإن ذلك يعتبر مجرد ترميم لهيكل عربة متقادمة، نمتطيها جميعا، ومصيرها يهمنا كلنا، بسبب غياب وضوح الرؤية، وتحديد الأهداف والآفاق بتوافق بين جميع الأطراف…هناك تردد في الإصلاحات الحقيقية، خاصة المراجعة الدستورية المطلوبة لأكثر من داع، منه على سبيل الذكر، فصل السلط وتحديد صلاحيات كل واحدة منها، (التنفيذية- القضائية – التشريعية)، تدقيق كيفية محاسبتها ومراقبتها، انفتاح كافة المؤسسات العمومية على المواطنين لتتبع عملها والمساهمة فيها، فتح ملفات الفساد المالي ونهب الثروة الوطنية وما صاحب ذلك من تفويتات مشبوهة، مواكبة جميع النقاشات من قبل الإعلام العمومي، وفتح مجاله أمام جميع وجهات النظر.
داخل هذا الخضم ما المطلوب من الشباب؟
إن الشباب جزء من الشعب، ولا مسوغة من الحديث عن تفيء لا مبرر له، فنقسم المجتمع إلى أطراف متنازعة متنافرة؛ فنقول: الشباب، المرأة، الطفل، المتقاعدون…فعلا لكل فئة خصوصيات على الصعيد النفسي والاجتماعي، ومتطلبات ذاتية نوعية، غير أن النظرة الشمولية للحقائق، تقتضي تجميع كل الحقوق والواجبات في حق المواطنين كافة في العيش الكريم ضمن إطار دولة الحق والقانون، وهو الشعار الكفيل بضمان مصالح الجميع.
   هذا لا يعفي الشباب من تحمل مسؤوليته في التضحية، والنضال، والمساهمة، فإما أن يشارك ليصنع مستقبله، أو أن يندحر ويتراجع، وفي ذلك مأساة للوطن، وأن ينخرط بقوة في الحركة المناهضة للعولمة المتوحشة، ويساند الشعوب المظلومة، وعلى رأسها فلسطين والعراق…
     إننا لا ننسى كيف هب الشباب في فرنسا عشية حصول اليميني المتطرف جون ماري لوبن على 20%، من أصوات الناخبين في الدور الأول للانتخابات الرئاسية سنة 2002، ولا نغفل مساهمات الشباب خاصة لخلق الحدث، وتحويل مجرى التاريخ، كما وقع في أوكرانيا، وكما يقع الآن في عدد من دول أمريكا اللاتينية من تدافع انتخابي لمساندة مرشحي اليسار، الذين يسعون إلى القضاء على الفقر والتهميش، وتنمية البلاد بعيدا عن التبعية والهيمنة.
   لنبقى في المغرب ونذكر أن جيل الأربعينات والخمسينات، قد أبان عن مقاومة وتضحية لنيل الاستقلال، وأن جيل الستينات والسبعينات قد تلقى الخيبة والحصار والمضايقة، وأن جيل الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم عاش بدوره خيبة مزدوجة، تتعلق بفشل
 التأسيس للتناوب، وانسداد آفاق الشغل والاندماج، فهل سيقال بعد 20 عاما أن جيل اللحظة سيراكم الخيبات؟ ويسمى حينذاك جيل ضياع الفرص، فحتى مع استمرار انسداد آفاق الشغل وصعوبة الاندماج الاجتماعي، هناك فرص متاحة في حرية التعبير والتجمع والتنظيم والاحتجاج… بالرغم من بعض الاستثناءات، وما غاب حق وراءه مطالب، وهل هذا المطالب في مستوى اللحظة ؟ بل وهل سيتحول من المطالبة إلى الفعل والممارسة؟  
  
    ملحوظة: نص المداخلة التي ساهمت بها في إحدى الندوات في نفس الموضوع "الشباب والسياسة"، وذلك بدار الشباب سيدي سليمان، يوم الخميس 14 دجنبر 2006، كما قد نشرت بأسبوعية اليسار الموحد بتاريخ 28 دجنبر 2006
علي أي هذه فترة نقاشات مفتوحة حول عدد من قضايا الوطن، ساهم أيها القاريء برأيك