‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرأي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرأي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

"الفقيه المقاصدي" أحمد الريسوني يفجر حقده ضد النساء

"الفقيه المقاصدي" أحمد الريسوني يفجر حقده ضد النساء



أتاحت من جديد جريدة "المساء" في عدد يوم الأربعاء 9 دجنبر 2014 (2550)لأحمد الريسوني الرئيس السابق ل"حركة التوحيد والإصلاح" أن يفجر حقده ضد النساء، منتقيا نعوته من أقدح الأوصاف والصفات و"الأشغال" ضدهن جميعا وبدون استثناء، فهناك في نظره منهن "المواشي المعلوفة المحبوسة، التي يتم تسمينها للبيع والإيجار لكل راغب وطالب..". وهناك "طوائف من النساء الجدد لم يسقطن إلى المهاوي والقيعان، ولكنهن مشغولات ـ كلما خرجن أو هممن بالخروج ـ بعرض أشعارهن وصدورهن وفتاحتهن ومؤخراتهن وعطورهن وحليهن..". وهؤلاء في نظره هن من في آخر الطائفة والأقل "انحطاطا".. لأنه في نظره هناك "صنف من هذا الجنس اللطيف إنما يراد ويستعمل لتلطيف الشوارع والحدائق وفرجة الجالسين في المقاهي". وهناك "صنف يستعمل لتأثيث الأسواق والمطاعم والمتاجر ومكاتب الاستقبال" .، أو في "الدعاية التجارية لكل أصناف البضائع والخدمات فلم تعد تحرك وتجلب إلا على أجساد النساء". و"ثمة صنف آخر محظوظ، هن عبارة عن مرطبات للرؤساء والمدراء وكبار الزوار..". "وهناك صنف مدلل ولكنه مبتذل. وهو صنف "الفنانات" ويخصص غالبا لتجميل "الفنون" القبيحة الرديئة وستر قبحها ورداءتها.." ويرى أن المراة تعد للإيجار في الدعارة وحفلات الجنس الجماعي وفي الدعارة التقليدية الرخيصة."
ويختم بقوله إن كل ما ذكره "مجرد إشارات وقطرات من "بحر نساء الحداثة"، ومازالت الماكينة تشتغل وتنتج، ومزال شياطين الرجال ـوليس النساء ـ يصممون لهن ويخترعون، ويفتحون عليهن من أبواب جهنم"..
ـ ويتضح مما سبق أن الرجل حاقد جدا على خروج المراة من أسْرِ ظلت فيه لقرون، وكما شاهدنا في الأخير، فهو يعتبرها قاصرة في ذهنه، وأنها مجرد مسيَّرة لحتفها المشؤوم.. ويسعى لتأليب النساء ضد الرجال جملة وتفصيلا..
ـ يبدو أن الرجل جد حانق على آخر مسيرة نظمت بالرباط يوم السبت 6 دجنبر، حيث عبرت النساء بقوة عن مطلب المسواة، مما يجعله يفقد صوابه ويُخرج ما خرج به..
ـ لم يتحدث في مقالته عن استغلالات أخرى للنساء، ومن ذلك حرمانهن من حق المساواة المكتسب من نضالات البشرية المتنورة، وهي الطريق التي يسير فيها المغرب، ويلائم قوانيه الداخلية وفقها الآن (وإن كان لم يثر المغرب بالاسم).. ولم يتحدث عن جعل المراة مجرد "حريم" بلا عدد لتلبية رغبات شهوانية ذكورية تجد السند هنا وهناك..
ـ يتجاهل "الفقيه" بالمطلق كل مساهمات النساء في الحراك الإنساني العام، فلم يثر إلا الصفات المقززة، والمهن السيئة التي قد توجد فيها المراة لسبب أو لآخر، ولم يتحدث عن المُدرسة والعالمة والطبيبة والمحامية والقاضية..الخ. ربما يعتبر هؤلاء في ذهنه بدورهن قاصرات، وما وصلن إليه جاء نتيجة "جسارة" يجب الحد منها..؟
ـ كيف يحق لجريدة"المساء" السماح بنشر كل هذا الحقد والسب في حق النساء في افتتاحيتها وعلى صفحتها الأولى، وجمْعَهُن في نعت واحد قبيح مثل الدعارة وحفلات الجنس والاتجار في الجسد؟ إن هذه الخرجة الخرقاء تتطلب ردا في مستوى هذه الرغبة المحمومة من أجل التحكم في المرأة والتهكم منها..

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

انتحار الشباب اليحياوي..وهذا هو المتهم!/حميد هيمة.

انتحار الشباب اليحياوي..وهذا هو المتهم!
 Affichage de 10511328_10202367831857101_3097709787075586263_n.jpg en cours...
حميد هيمة.
نحن، هنا، في جماعة بوكو فساد، نحن هنا في قلب مسالك كتامة! نعم، هنا كولومبيا، حيت تستقر مافيا الفساد المنظم، وعصابات مصادرة أحلام شبابنا في المستقبل!
هنا يتساقط، يوميا، شباب في عمر الزهور في دوامة التعاطي لكل أشكال المخدرات، التي "تتسرب" إلى المدينة بكميات كافية لإشباع الحاجيات المتزايدة لهذا "السوق" الكبيرة، ولتشجيع أفواج جديدة، من الشابات والشباب، لممارسة هذه الغواية القاتلة!
كولومبيا الغرب، كاختزال مكثف لانغراس سلوكات الإدمان على المخدرات بكل أنواعها، وللدلالة على انتشار كل ظواهر الانحراف الاجتماعي؛ من عصابات منظمة للنشل، والدعارة، والسرقة، واعتراض سبيل المارة...الخ.
إن "وعي" "النخبة" الفاسدة بضرورة تأمين شروط استمرارها، هو ما يجعلها تبدع في صناعة حاضنة اجتماعية تُطبّع مع كل ظواهر الانحراف الاجتماعي. ولا نحتاج، في هذا الصدد، إلى استدعاء نماذج للنجاحات الانتخابية المستمرة والمتوالية لكل من يحصل على سند فئات اجتماعية ضحية للفساد والانحراف الاجتماعيين.
إذا لم تُجرب استعمال إحدى أشكال الدوخة، فأـنت بالتأكيد لست ابن سيدي يحيى الغرب! هذه حقيقتنا، هكذا نحن عراة إلا من حقيقة أوضاعنا القاسية والمُرة!
يا للفضيحة، شبابنا، في كل الأحياء، في هجرة يومية إلى تلك الأمكنة السوداء لاقتناء ما تيسر من المخدرات كجواز سفر للهجرة من واقع البؤس والفقر والعهر الانتخابي والسياسي!
أ لم تنتبه السلطات المحلية إلى تلك "الهجرة اليومية" لهؤلاء الشباب في اتجاه هوامش المدينة لاقتناء ما يلزم من المواد المخدرة؟
بهذا السلوك المتوالي في الزمن، ننجر إلى تأويل "شيطاني" لسلوك تعامل/ تطبيع السلطة مع ما هذه الظاهرة: اللهم يتحشو ولا يحتجو باش يطلبو الخدمة والحقوق وداكشي ديال صداع الراس، هكذا قد يردد من لم يوشم في قلبه حب الوطن، ومن ليس على قلبه هواء المواطنة!
في تحدي جماعي على قتل المستقبل، نسمح لأنفسنا بـ"فضيلة" الصمت إزاء انتشار هذه الظواهر في المجتمع المدرسي وفي محيط المؤسسات التعليمية! لن نوفر لأبنائنا إلا تواتر أخبار الفساد الانتخابي، ولتأمين شروط وصول بضائع الموت والضياع والقتل البطئ لفلذت أكبادنا!

من منكم، أيها السادة، لا يعرف شابا أو شابة ضحية لهذا الصمت الجماعي! من منكم، أيها السادة، يجهل انغراس سلوكات تعاطي المخدرات في المحيط التعليمي؟
نعم، كل هادشي موجود وسط ولادنا وبالزيادة! نتابع، نتفرج، كمجتمع مدني لم يعد مشغولا إلا بالعائدات المالية لمشاريع "التنمية البشرية"، أو نشارك في حروب بالوكالة ضد أولياء النعمة!
إننا جميعا متهمون في هذه الجريمة في حق زهور أبناء سيدي يحيى الغرب! فالأمن "فشل" في تجفيف هذه السوق المتزايدة لتداول المخدرات، غير أن الوقت ما يزال من اجل التدارك والإصلاح.. إننا لا نطلب إلا الحق في الأمن والأمان، كمطالب حقوقية، لأبنائنا من هذه الظواهر التي تقتحم كل الفضاءات بالمدينة؛ في ظل سياسة القرب التي تنهجها عصابات ترويج المخدرات في الاحياء والازقة!

كلنا متورطون! فالأمن، لوحده، لا يمكنه "معالجة" هذه الظواهر في ظل لا وعي السلطات، الوصية والمنتخبة، بضرورة حماية أبنائنا/ مستقبلنا. وهل سبق للمجالس الجماعية ان بلورت إجراءً واحدا لتحسيس الساكنة بهذه الظواهر؟

الحقيقة أن المجالس الجماعية بريئة من تهمة محاربة ظواهر الانحراف الاجتماعي! فالجالسون على صدورنا لا يفكرون إلا في البيع والشراء في المواطنين كأصوات انتحابية! ولمن لا يعلم فجماعتنا تحمل اسم: بوكو فساد!
كلنا متورطون! فالمجتمع المدني منشغل بمشاريع "التنمية البشرية"، من حيث العوائد المالية، مقابل صمته عن هذا الضياع الذي يلفنا، والنسيج المدني الديموقراطي مرتبك ومشغول بخلافاته وحروبه التي لا تنتهي.
شموع تنطفئ! فمن سيُضيء ظلمة سيدي يحي؟
كلنا متورطون! كيف يتعايش المجتمع المدرسي، وفي مقدمته هيئة التدريس الحاملة لهم الوطن والمواطنة، مع تغلغل هذه الظواهر وسط أبنائنا؟ أ ليس بوسعنا العمل عن قرب في أنشطة ثقافية وتربوية لتحسيس هذه الشموع المضيئة بمخاطر المخدرات؟ للأسف، لم تعد أسرة التعليم، في غالبيتها،  تحترف إلا البحث عن عائدات السوايع الخصوصية، وبيع شرف الكلمة في سوق النخاسة الانتخابية!

الأقسى على القلب، هو صمت الأسر! والأقسى على الروح هو أن يختزل شبابنا أحلام مستقبلهم فقط في تقليد بطولات وهمية لأحد المجرمين! والأقسى على الوطن هو هذا التواطؤ الجماعي على إطفاء شموعنا ليعُم الظلام وحتى ينتعش الفساد بكل هدوء!

الخميس، 10 يوليو 2014

ما لم تقله جماعة العدل والإحسان في مؤتمرها الصحفي.

ما لم تقله جماعة العدل والإحسان في مؤتمرها الصحفي.

حميد هيمة.

لماذا انسحبت جماعة العدل والإحسان من حركة 20 فبراير في أعقاب تسمية عبد الإله بنكيران وزيرا أولا لحكومة الواجهة؟


   يبدو بشكل ملموس وعياني أن الجماعة، التي نجحت سابقا في تنويم قطاع واسع من المغاربة بمخدرات زائدة من الأوهام الدينية/ الصوفية، تعيش تدحرجا غير مسبوق في وضعيتها التنظيمية نحو الترهل، وتدبدبا ملحوظا في مواقفها السياسية تجاه النظام، وتراجعا في البنية الاستقطابية، وهجرة قواعدها نحو حركات أصولية أكثر "مرونة" في تعاطيها مع التوابث المخزنية.. إن هذه الجماعة تفكر مليا في البحث عن "مخارج" لأزمتها، ومن غير المستبعد أن المخرج هو معانقة العدالة والتنمية عبر ذراعها الدعوية: حركة التوحيد والإصلاح  للعمل الثنائي بين الإخوة على تضخيم الصراعات ذات الطابع الأخلاقوي لتعبئة الأتباع والأنصار وصرف انتباه الشعب المغربي عن الفشل المدوي والذريع للإسلاميين في حكومة الواجهة على صعيد إفقار المواطنين وتعميق الريع الاقتصادي ودعم الاستبداد السياسي.

 بداية، من المهم  إثارة الانتباه، أيضا، للرسائل السياسية من انسحاب الجماعة "المعارضة" بالتزامن مع مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد؟
من المحتمل، كفرضية أولى، أن الحزب الاشتراكي الموحد، ومعظم المثقفين الديمقراطيين، قد وضع الجماعة في وضعية إحراج عندما انبرى للسجال معها فكريا وسياسيا حول مواقفها الحقيقية والفعلية من الديمقراطية وحقوق الإنسان وأفق الوطن الذي نريد.
فهذه المسائل  عند الجماعة في علم الغيب ولا يدرك عمقها إلا أولو الألباب في الجماعة لا عامتها/ أنصارها! وليست الجماعة مطالبة بالوضوح مع الشعب المغربي في مواقفها فيكفيها أنها وصية على المجتمع بكامله ودون انتداب أو تفويض من أحد، ما دام التفويض الانتخابي منبثق عن الفكر الأنواري اللائكي الإلحادي!!

مبررات هذه الأسئلة/ القضية مرتبطة بعودة الجماعة، في كل المناسبات، لتبرير "انسحابها"، والحقيقة تخاذلها، في حركة 20 فبراير في عز تنامي المد الاحتجاجي  والمطلبي المتطلع للديمقراطية والإنصاف والعدالة.

عادت الجماعة، مؤخرا، للحديث المكرور عن "انسحابها" بمبررات لن تقنع حتى أتباعها الأذكياء، لكن من الظاهر أن وصول إخوتها في العدالة والتنمية لقيادة حكومة الواجهة جعل الجماعة، التي تجمع في إيديولوجيتها بين الإسلام السياسي الحركي والطرقية الصوفية بشكل تلفيقي وهجين، تخذل حراك الشعب المغربي حتى تمكن إخوتها في الحزب وحركة التوحيد والإصلاح من مناخ مناسب لترتيب العملية السياسية تحث إشراف السلطة المخزنية وبتنسيق تام مع السفارة الأمريكية؛ كما يظهر جليا من "الزيارات"/ الحج المنتظم لزعماء العدل والإحسان لمقر سفارة زعيمة الاستكبار العالمي!!

إن الجماعة التي زعمت إيمانها العميق بالدولة المدنية والديمقراطية في الحراك الاجتماعي، سرعان ما انقلبت عن "مواقفها" وجددت مطالبها اللاهوتية القديمة بعد الانسحاب من حركة 20 فبراير.. عادت لتؤكد على رسالتها في هداية المجتمع "المفتون" من خلال ممارسة وصايتها على المجتمع بكل أطيافه، كما استمرت في الهجوم والتشنيع العقائدي/ الإيديولوجي ضد خصومها الفكرييين والسياسيين وتناست أنهم "الفضلاء الديمقراطيين"؛ الذين لم تتوان في مراودتهم من أجل الحوار على أرضية ما تسميه "الميثاق الإسلامي" الذي ستصيغه الجماعة وفق رؤيتها ومحدداتها للتاريخ وللمستقبل.. وعندما رفضت المنظمات الديمقراطية هذا "الحوار" الاستعلائي اعتبرت نادية ياسين أن الأحزاب المغربية مجرد قبور!


سيمكن هذا الخيار الجماعة والعدالة والتنمية من:

1- العدالة والتنمية تجري تسخينات دائمة لتعبئة الشارع من أجل قضايا الدفاع عن الإسلام والأخلاق بعدما داست كل هذه المرجعيات والقيم في ممارستها السياسية في التجربة الحكومية: إفقار المواطن..القمع...الخ. وبالتالي ستتمكن من التغطية عن فشلها في التدبير الحكومي؛

2- العدل والإحسان ستنخرط في هذه المعارك الأخلاقوية لقياس وضعيتها التنظيمية وللتنفيس من أزمتها البنيوية.

لذلك، فمن المفهوم الآن أن الجماعة انسحبت من الحراك حتى تجنب إخوتها في العدالة والتنمية/ حركة التوحيد والإصلاح من مناخ التوتر القائم، كما أنها جنبت أعضاءها "عدوى" انغراس الممارسة الديمقراطية، كما كانوا يشاركون فيها في صناعة القرارات والمواقف في الجموع العامة بعيدا عن المواقف الجاهزة لمجالسها المغلقة المحصورة قطعا عن "أولي الأمر"!!

كيف تدخلت السفارة الأمريكية لتليين مواقف الجماعة،كما أومأت إلى ذلك التقارير الإعلامية، في علاقة بتخلخل النظام في عز الحراك الاجتماعي، وما الصفقة التي انتهى اليها ذلك؟ للأسف، فإن الندوة الصحفية لزعماء العدل والإحسان تجنبت بشكل مقصود الإشارة إلى ذلك.


الثلاثاء، 1 يوليو 2014

إفراغ الجهة بالمغرب من كل نفس ديمقراطي/ مصطفى لمودن

إفراغ الجهة بالمغرب من كل نفس ديمقراطي

م. لمودن
وقع ما كنت خمنته، وطبيعي أن يقع..
ـ لقد وقع تراجع عما كان قد جاء في مقترحات لجنة عمر عزيمان حول "الجهوية الموسعة"، والتي كانت قد دعت لانتخاب رئيس الجهة بشكل مباشر من طرف السكان، لقد وقع إلغاء هذا الانتخاب المباشر لرئيس الجهة، وعوض بالانتخاب غير المباشر حسب مسودة قانون الجهة الجديد!! وكما يحدث في الجماعات المحلية والمجالس الإقليمية والجهوية (بصيغتها السابقة) حيث يرافق فساد خطير وشراء ذمم "الناخبين الكبار"، والتحكم في النتائج التي ستتمخض عنها الرئاسة وبقية المسؤوليات في المكاتب المسيرة. فلماذا كل هذا التراجع؟ 
ـ في نظرنا ليس ممكنا في ظل الشروط الراهنة أن تخلق هكذا ممارسة ديمقراطية راقية، حيث يختار الناس رئيس جهتهم. ذلك يعني تكريس توجه ديمقراطي داخل المجتمع..
ـ لا يمكن منح رئيس الجهة هكذا سلطة مستمدة من الشعب مباشرة.. لان ذلك سيعطيه سلطة حقيقية تتفوق على بقية سلطة الوصاية (الوالي).
ـ لا يمكن التخلي عن الممارسات السابقة حيث يتسيد البيع والشراء وإفساد الأخلاق في مجال السياسية، ودفع الناس لعدم الثقة في هذه المسلسلات الديمقراطية.. والنظر إليها كأنها شر لا بد منه، أو أنها لا تنفع المواطنين في حياتهم اليومية عن طريق تهميش كل سلطة متأتية من الانتخابات..
ـ التخلي عن مثل الفساد المشار إليه، يعني التخلي عن نوع من الريع تستفيد منه فئة تمثل الوساطة بين الشعب والدولة.. هذا الريع بمثابة أجر وتعويض، لكن بشكل فاسد.. 
وفي نظري، لو لم يكن واضعو المشروع الجديد على بينة من تحكمهم في "النخبة" التي تحتل واجهة التشريع الآن لما تصرفوا بمثل هذا التصرف الذي تراجع عن مكتسب (مقترح لجنة عزيمان). 
ثم، لو لم يكونوا يعرفون ضعف ردة فعل الاتجاه الديمقراطي في المجتمع الذي ضعف لمستوى غير مسبوق.. 
لكن، هذا التصرف، سيقود لنتيجة سيئة على المدى المتوسط كما قالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد أثناء مشاركتها في آخر حلقة حول نفس الموضوع في برنامج "مباشرة معكم" خلال الأسبوع المنصرم، لأن عددا من النخب المحلية ستجد نفسها مبعدة عن تسيير شؤون الجهة بشكل فعلي، وذلك يدفع إلى المزيد من اليأس داخل فئات اجتماعية مختلفة وخاصة الشباب.. كما أن حزب الاستقلال يرى في المقترحات تراجعا لا يوافق توجهاته.. 
فهل ستتحرك النخب المغربية لتغير المسار، كي نؤسس لديمقراطية فعلية ومسؤولة من داخل الجهة..؟

السبت، 28 يونيو 2014

مخزنة الديمقراطية ودمقرطة المخزن./ ذ.حميد هيمة

مخزنة الديمقراطية ودمقرطة المخزن.
حميد هيمة.
تعرضت المعارضة لحملات قمع واجتثاث ممنهجة، لكنها استطاعت الحفاظ على وجودها وتأمين استمراريتها التنظيمية والسياسية في بؤر النضال المناهض للنظام. وواجه هذا الأخير، بدوره، محاولات أكيدة لتصفيته من خلال المحاولات الانقلابية والتحركات الشعبية والتنظيمات الثورية.
استحكم الإرهاق والتعب بالطرفين، فكان من الضروري بلورة قواعد  جديدة للصراع تنبني على العيش المشترك وتنهي حالة التناحر التصفوي. النظام المغربي، بمبرر استحقاقات قضية الصحراء المغربية، وسع من هامش الفعل السياسي في إطار ما سمي بـ"المسلسل الديمقراطي". وبالمقابل، اجترحت المعارضة استراتيجية "النضال الديمقراطي" حتى تهيئ ذاتها لظروف مرحلة "المسلسل الديمقراطي".
بيد أن"المسلسل الديمقراطي" خضع لتجاذب رهانين أساسيين، في تقديري، وهما:
1- مراهنة النظام المغربي على "مخزنة" المعارضة، مما يجعل إرادتها في معارضة ثوابته مشلولة وغير ذات فعالية ؛
2- مراهنة المعارضة، أيضا، على "دمقرطة" المخزن من خلال النفاذ إلى مؤسساته القائمة والعمل على تطويرها / تطويعها تدريجيا حتى تصبح قادرة على استنبات الديمقراطية بمواصفاتها الكونية وغير المتعارضة مع الخصوصية المغربية.
من المهم جدا التساؤل عن مآلات هذا المسار: هل تمخزنت المعارضة أم تدمقرط المخزن؟
من المؤكد أن إشراك المعارضة في هوامش السلطة، بدون ضمانات سياسية ودستورية، وقيادة حكومة دون صلاحيات حقيقية، كما سيعترف بذلك الأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، هو توريط لها وتنفيس للنظام من أزمته الخانقة./ السكتة القلبية.
و أكيد، أيضا، أن الوطن، ككيان متعال عن الفاعل السياسي، ربح رهان تخفيض تكلفة الصراع. لكنه، بالمقابل، خسر رهان دخوله لنادي الديمقراطية

1- ديمقراطية إلغاء النقيض.
شعرت الحركة الوطنية، وخصوصا جناحها التقدمي السياسي والمسلح، بالغبن بعد حصول المغرب على استقلال 1956. فكل التجارب التحررية، بصيغها المختلفة، أثمرت وصول حركة التحرر الوطنية إلى السلطة معززة برصيد نضالي وكفاحي ضد القهر والاستغلال الاستعماريين ومتحفزة، كشرط موضوعي، بالمد التحرري الذي كان يعم دول العالم الثالث. بيد أن التجربة المغربية كانت مخالفة لهذا المسار العام؛ حيث انفردت الملكية، التي لم تلتحق بالحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال إلا في النصف الثاني من الأربعينيات، بالسلطة السياسية والدينية والاقتصادية. كما أن الملكية، مسنودة بمحيطها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الداعم، سارعت إلى ترتيب الأوضاع السياسية للمغرب الجديد بما عزز قوتها وقلص من وزن قوى الحركة الوطنية بتعبيراتها السياسية والنقابية.
في هذا السياق، تأجل الاستحقاق الدستوري للمغرب مدة 8 سنوات عن استقلال 1956، كما تعاظم الاتجاه التقليدي في النظام المغربي على قاعدة شرعيات دينية وتاريخية وثقافية ممزوجة بطلاء حداثوي عزز، في نهاية الأمر، شرعية النظام القائم؛ الذي عمل جاهدا من أجل إفشال استرتيجيات القوى السياسية الفاعلة. ونستحضر هنا إفشال تجربة أول حكومة وطنية بقيادة المرحوم عبد الله ابراهيم، وحل الحزب الشيوعي المغربي، و الزج بالمعارضين في المعتقلات، وتصفية جيش التحرير…الخ.
كما أن الأجنحة المعارضة، التي عبرت عن نفسها سياسيا بعد بروز الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة1959، جربت خيارات سياسية، وليدة منطق الصراع الدموي، تتكئ على الإجهاز على النظام المغربي باعتباره لا شرعي ولا ديمقراطي. وسيتعزز معسكر المعارضة برافد سياسي جديد ولد من صلب القوى اليسارية والشيوعية، لكنه يحمل منسوب عداء ورفض أكبر للنظام: يتعلق الأمر، هنا، باليسار الجديد، الذي ظهر في سبعينيات القرن السابق، والذي آمن أن الثورة هي الحل الوحيدة لإزاحة النظام المغربي.
ما يهمنا،هنا، هو أن الديمقراطية، في تصور المعارضة المغربية، لا يمكن أن تتأسس إلا بإلغاء النظام غير الديمقراطي. وأن استنباتها يمر حصريا بتصفية نقيضها. كما أن الحكم، من جهته، عمل على الاستدماج التدريجي للآليات الديمقراطية، بصيغة شكلية لا تمس جوهره الثابت، بما يحول دون تمكين نقيضه(المعارضة) من الوصول إلى السلطة.
 إنها ثنائية ضدية تقوم على تأكيد الذات بنفي الآخر، تغترف مبرراتها، بالنسبة للمعارضة، من الشرعية النضالية والشعبية أو بمسوغات دينية تستمد مضمونها من قراءات فقهاوية بالنسبة للنظام. إن مقومات بناء الديمقراطية، في هذه المرحلة، تتأسس، حسب المنطق السائد للمعارضة، على إنهاء النظام المغربي. وبالنسبة لهذا الأخير، فإن الديمقراطية يجب أن لا تسمح للمعارضة بالوصول إلى الحكم، غير أنها-الديمقراطية- مطلوبة لتطعيم شرعيته؛ وهو ما جعل كل الاستحقاقات الديمقراطية، في صيغتها الانتخابية مثلا، مناسبة لتجديد "البيعة" وتأكيدا لإجماع قبلي بطرق "حديثة".
لم ينته الصراع، كما لم ينجح أي معسكر في تصفية نقيضه، وهو ما سيعبد الطريق لتبلور قناعات جديدة لـ"العيش المشترك"، في إطار "المسلسل الديمقراطي"، برهانات متناقضة ستؤطر المرحلة إلى حدود الخروج عن "المنهجية الديمقراطية ".
2- رهانات المخزنة والدمقرطة في"المسلسل الديمقراطي".
تعرضت المعارضة لحملات قمع واجتثاث ممنهجة، لكنها استطاعت الحفاظ على وجودها وتأمين استمراريتها التنظيمية والسياسية في بؤر النضال المناهض للنظام. وواجه هذا الأخير، بدوره، محاولات أكيدة لتصفيته من خلال المحاولات الانقلابية والتحركات الشعبية والتنظيمات الثورية.
استحكم الإرهاق والتعب بالطرفين، فكان من الضروري بلورة قواعد  جديدة للصراع تنبني على العيش المشترك وتنهي حالة التناحر التصفوي. النظام المغربي، بمبرر استحقاقات قضية الصحراء المغربية، وسع من هامش الفعل السياسي في إطار ما سمي بـ"المسلسل الديمقراطي". وبالمقابل، اجترحت المعارضة استراتيجية "النضال الديمقراطي" حتى تهيئ ذاتها لظروف مرحلة "المسلسل الديمقراطي".
بيد أن"المسلسل الديمقراطي" خضع لتجاذب رهانين أساسيين، في تقديري، وهما:
1- مراهنة النظام المغربي على "مخزنة" المعارضة، مما يجعل إرادتها في معارضة ثوابته مشلولة وغير ذات فعالية ؛
2- مراهنة المعارضة، أيضا، على "دمقرطة" المخزن من خلال النفاذ إلى مؤسساته القائمة والعمل على تطويرها / تطويعها تدريجيا حتى تصبح قادرة على استنبات الديمقراطية بمواصفاتها الكونية وغير المتعارضة مع الخصوصية المغربية.
هذه الرهانات المتجادبة أوجدت لها مساحة للتعايش بين الطرفين. لأن المخزن في حاجة، كشرط سياسي للخارج، إلى معارضة في الداخل تأكيدا، أولا، على انخراطه في المشروع الليبرالي(التعددية الحزبية و السياسية). وثانيا، تطعيما لشرعيته الدينية والتاريخية برتوش من الشرعية الديمقراطية. لكن المعارضة، حسب مواصفات السلطة القائمة، يجب أن لا تنازع في شرعية المخزن، بل تناوشه فقط في بعض خياراته. أما المعارضة، من جهتها، عملت بشكل ملموس على توسيع هامش تحركها السياسي والجماهيري بشكل يخدم رهانها القائم على إرهاق المخزن. طبعا، فالمعارضة الخارجة عن طوق التوافقات استمرت في منازعة شرعية السلطة بشكل جزئي، كما أنها واصلت صراعها التناحري مع السلطة، صراع قائم على إلغاء الآخر.
هذه الديناميات المتعارضة هي التي ستؤسس، لاحقا، لمسلسل التنازلات الثنائية وتبادل الإشارات الودية، التي تندرج في منطق "حسن النية"، بما سيقود إلى إعادة صياغة الرهانات الأولى، ديقراطية تصفية النقيض، وفق منطق جديد يقوم على "العيش المشترك".
من المهم جدا طرح التساؤل عن مآلات هذا المسار : هل تمخزنت المعارضة أم تدمقرط المخزن؟
فقدت المعارضة السابقة، التي كانت الكتلة الديمقراطية قوتها الدافعة، معاقلها النضالية، وانخفض، بشكل ملموس، وزنها السياسي، كما فقد الشارع ثقته فيها، وتعرضت لحالة من التذرية السياسية والتنظيمية. بالمقابل، مكنت مرحلة "التعايش المشترك"، التي لم تتزعزع رغم الخروج عن "المنهجية الديمقراطية "، المخزن من إعادة تأهيل ذاته لتأمين استمراره على أرضية ثوابته الأصلية. وباتت الأحزاب مجتمعة ودون تمييز، في نظر عامة المغاربة، قنوات للانتهازية والوصولية والتموقع السريع في صدارة السلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. يؤكد قطاع واسع من مغاربة اليوم على أن الأوضاع العامة، خصوصا الجانب السياسي، قد تغيرت، غير انه تغيير غير كاف وهش. المعارضة السابقة تآكلت تنظيميا ولم تعد تعبر، حسب نفس الرؤية، عن هموم شعبها. والواقع أن تآكل المعارضة الديمقراطية عزز من قوة النظام المغربي. فالحلول، التي ينتظرها المغاربة لمشاكلهم، لا تأتي من "الأحزاب" بقدر ما ستحملها الإرادة الملكية، لأن الأولى لم تف بوعودها لحظة إشراكها في السلطة سنة 1998 وما أعقبها، حسب تصور قطاع واسع من الشعب المغربي.
أكيد أن إشراك المعارضة في هوامش السلطة، بدون ضمانات سياسية ودستورية، وقيادة حكومة دون صلاحيات حقيقية، كما سيعترف بذلك الأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، هو توريط لها وتنفيس للنظام من أزمته الخانقة.
و أكيد، أيضا، أن الوطن، ككيان متعال عن الفاعل السياسي، ربح رهان تخفيض تكلفة الصراع. لكنه، بالمقابل، خسر رهان دخوله لنادي الديمقراطية. 
والحال، أن السلطة القائمة في المغرب نجحت، في تقديري الخاص، في استراتيجيتها وحققت جزءا معتبرا من أهدافها. لأنها، أولا، توفقت في استدراج المعارضة، المنخرطة في توافقات 1998، من وضع الصراع التناحري وجرها  إلى صراع خيارات لا تمس جوهر النظام السياسي القائم. وثانيا، انحدار الخط السياسي لأطراف المعارضة، المشار إليها، دون مواقف النظام ذاته إزاء العديد من القضايا المطروحة للنقاش، مما يوحي، وهذا ما تحاول تأكيده الدوائر الرسمية وامتداداتها الحزبية، أن للمخزن نفس إصلاحي أكبر من الأحزاب الإصلاحية .
استطاعت السلطة في المغرب، لحظة 1998 العابرة، تنفيس أزمتها الخاصة بالإدماج الحكومي للمعارضة في تدبير الأزمة العامة للبلاد (السكتة القلبية)، بما أعانها -السلطة- على تصريف جزء من أزمتها إلى الأحزاب السياسية التي عارضتها قبل نهاية عقد التسعينيات.
راهنت المعارضة السابقة والحالية، بقوة، على الإصلاحات الدستورية والاجتماعية القمينة بدمقرطة النظام المغربي. غير أن هذا الأخير يجري، كعادته، الإصلاحات/ البريكولاج الذي يعزز مكانته ويمتص من قوة باقي القوى الفاعلة ذات الروح التنافسية. 
كانت المعارضة، ستنجح  نسبيا في "اختراق" المخزن لو قعدت  توافقاتها بقاعدة دستورية وإطار سياسي جديد. كما أنها بالتأكيد كانت ستنجح، على الأقل رمزيا، لو أبعدت رموز ثقيلة في النظام؛ كما هو الحال بالنسبة لشرط "محمد بوستة" على وزير الداخلية الدموي. صحيح أن "لو" لا تغير اتجاه حركة التاريخ، غير أنها تسعف في فهم سيناريوهات أخرى لحركة التاريخ معاكسة للنهاية المأساوية لتاريخ معارضتنا.
إن الخلاصات الأساسية، من هذه الاستعادة التاريخية المستمرة في حاضرنا، يمكن تركيزها في:
1- بنية المخزن، بمحموله التاريخي والسياسي، متصلبة وعصية عن الاختراق الديمقراطي؛
2- تأسيسا على ذلك، فالمجهود النضالي يقتضي ملامسة جوهر بنية الدولة: النضال من أجل دولة ديمقراطية حديثة تتعايش فيها الشرعيات التاريخية والدينية والديمقراطية، وجميع هذه الشرعيات يخضع للشرعية الأخيرة؛
3- إن فشل خيار "دمقرطة المخزن" ليس بالضرورة نتيجة لضعف التنظيمات الحاملة لهذا المشروع، وإنما مرتبط، في تقديري، بغياب السند الشعبي الداعم لهذا الخيار؛
4- إن التغيير العميق يجب أن يصاغ في قلب المجتمع وبالمجتمع (…).
سيعلن رسميا عن نهاية حلم "دمقرطة المحزن" لحظة الخروج عن "المنهجية الديمقراطية" بتعيين جطو وزيرا أولا خلفا للأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، دون أن تمتلك المعارضة السابقة القدرة الكافية على رد الفعل المناسب مع استحقاقات اللحظة السياسية. بيد أن الشارع المغربي، في إطار ديناميته المستمرة، سينتج آليات أخرى في مطالبته بالديمقراطية؛ ستمثل حركة "20 فبراير" إحدى تعبيراته الناصعة.
توفق النظام المغربي، إذا، في الالتفاف على الديمقراطية، كما توفق في تمييع الوسائل والآليات الديمقراطية، ونجح، أيضا، في اختراق الصف الديمقراطي، غير أنه فشل في التحكم و ضبط المطالب الديمقراطية للمجتمع المغربي؛ كما عبرت عنها، مثلا، حركة "20 فبراير ".
04/07/2011

الأحد، 30 مارس 2014

الانتخابات عندنا وعندهم على ضوء الانتخابات المحلية في فرنسا وتركيا

صورة: ‏الانتخابات عندنا وعندهم على ضوء الانتخابات المحلية في فرنسا وتركيا
مصطفى لمودن                
 اليوم الأحد 30 مارس عرفت دولتان حدثين متميزين، فرنسا جرت فيها انتخابات الدور الثاني للجماعات المحلية، وتركيا بدورها عرفت نفس الانتخابات، لا تهمنا النتائج، بقدر ما نتطلع للدروس، حيث تتصارع التوجهات داخل الوطن وبين أفراد الشعب بشكل ديمقراطي ويكون الشعب هو الحكم وفق اختيار كل فرد من الشعب على حدة ممن يحق لهم الانتخاب، بعدما يقدم المتنافسون أطروحاتهم ويبسطون حلولهم التي يقترحونها لتسيير المدن والقرى.. وإن كان لا بد من الحديث عن النتائج الانتخابية في فرنسا، فالملاحظ أن الحزب الاشتراكي الفرنسي يعرف تراجعا ملحوظا، قد يكون السبب في ذلك عدم قدرة الرئيس فرنسوا هولاند الوفاء بوعوده الانتخابية، وصعود اليمين المتشدد متمثلا في الجبهة الشعبية التي لها مما تضعه من خطط إعادة النظر في انضمام فرنسا إلى الاتحاد الأوربي والتعامل مع الخارج عموما بما في ذلك التشدد في استقبال المهاجرين أو حتى منعهم من التصويت..  هذا إذا طبقت برنامجها فعلا.. صعد كذلك اليمين التقليدي في فرنسا كالاتحاد من أجل الجمهورية.. أما في تركيا، فالانتخابات الجماعية هناك تعتبر بمثابة "استفتاء" على سياسة حزب "العدالة والتنتمية" التركي وزعيمه رجب الطيب أردوغان.. فخصومه يحاصرونه من كل جانب، وقد انظم إليهم حليفه السابق فتح الله كولن زعيم جماعة دينية قوية في تركيا.. كما يعاني أردوغان من سلسلة فضائح مالية وقع فيها مقربون منه أو أعضاء في حزبه، ومنهم من عرض على القضاء، مما جعل رئيس وزراء تركيا يحذف التوتير واليوتوب من قائمة المواقع الاجتماعية المتاحة في تركيا، لكن، المنجزات الاقتصادية التي تحققت في تركيا ستكون عاملا مساعدا كي يحقق الحزب الحاكم مكاسب انتخابية، لكنها لن تصل إلى مستوى المرحلة السابقة.. 
  نلاحظ، كيف تصرف الأحزاب خلافاتها عبر انتخابات لا أحد يشكك في مصداقيتها، أو يقول إنها "مزورة" أو "مخدومة" كما يقع عندنا في المغرب وفي الكثير من دول الجنوب. 
كما يعرف الجميع الصلاحيات المخولة للمنتخبين على مستوى تدبير دوائرهم الانتخابية في كل المجلات، سواء في التنمية والتعليم والسكن والصحة والأمن..  
 هناك، ينتخب المواطنون مباشرة رؤساء البلديات، ويعرفون من البداية من سيسر جماعته ليحاسبوه فيما بعد.  وليس الرهان على المبهم والافتراضي كما يقع عندنا في المغرب، حيث تتشكل أغلبيات هجنية هنا وهناك.. 
  وكيف يتقبل المنهزمون النتائج وينسحبون في هدوء ليستجمعوا أنفاسهم لنزال مقبل، وكيف يقدمون الحساب للمواطنين ولمناضليهم أعضاء أحزابهم.. 
 وكيف تتعامل أجهزة الدولة بحياد مع جميع المنتخبين، دون ان تمد طرفا بالدعم السري أو العلني، وبدون وضع خريطة انتخابية مسبقة.. 
 وكيف تكون  الانتخابات عملية "مقدسة" لها ما قبلها وما بعدها... والجميع يستخلص النتائج، فالرئيس الفرنسي من المنتظر ان يعدل حكومته تماشيا مع الزلزال الذي وقع في فرنسا.. في تركيا كل عيون العالم تنتظر النتائج النهائية، والمؤكد أنه سيكون لها ما بعدها
فرق كبير بين ديمقراطيات ناضلت شعوبها من أجل ذلك، وبين شكل "ديمقراطي" بئيس، وضع للتستر على الاستبداد وإشراك بعض النخب في جني المنافع..‏


مصطفى لمودن 
اليوم الأحد 30 مارس عرفت دولتان حدثين متميزين، فرنسا جرت فيها انتخابات الدور الثاني للجماعات المحلية، وتركيا بدورها عرفت نفس الانتخابات، لا تهمنا النتائج، بقدر ما نتطلع للدروس، حيث تتصارع التوجهات داخل الوطن وبين أفراد الشعب بشكل ديمقراطي ويكون الشعب هو الحكم وفق اختيار كل فرد من الشعب على حدة ممن يحق لهم الانتخاب، بعدما يقدم المتنافسون أطروحاتهم ويبسطون حلولهم التي يقترحونها لتسيير المدن والقرى.. وإن كان لا بد من الحديث عن النتائج الانتخابية في فرنسا، فالملاحظ أن الحزب الاشتراكي الفرنسي يعرف تراجعا ملحوظا، قد يكون السبب في ذلك عدم قدرة الرئيس فرنسوا هولاند الوفاء بوعوده الانتخابية، وصعود اليمين المتشدد متمثلا في الجبهة الشعبية التي لها مما تضعه من خطط إعادة النظر في انضمام فرنسا إلى الاتحاد الأوربي والتعامل مع الخارج عموما بما في ذلك التشدد في استقبال المهاجرين أو حتى منعهم من التصويت.. هذا إذا طبقت برنامجها فعلا.. صعد كذلك اليمين التقليدي في فرنسا كالاتحاد من أجل الجمهورية.. أما في تركيا، فالانتخابات الجماعية هناك تعتبر بمثابة "استفتاء" على سياسة حزب "العدالة والتنتمية" التركي وزعيمه رجب الطيب أردوغان.. فخصومه يحاصرونه من كل جانب، وقد انظم إليهم حليفه السابق فتح الله كولن زعيم جماعة دينية قوية في تركيا.. كما يعاني أردوغان من سلسلة فضائح مالية وقع فيها مقربون منه أو أعضاء في حزبه، ومنهم من عرض على القضاء، مما جعل رئيس وزراء تركيا يحذف التوتير واليوتوب من قائمة المواقع الاجتماعية المتاحة في تركيا، لكن، المنجزات الاقتصادية التي تحققت في تركيا ستكون عاملا مساعدا كي يحقق الحزب الحاكم مكاسب انتخابية، لكنها لن تصل إلى مستوى المرحلة السابقة..
نلاحظ، كيف تصرف الأحزاب خلافاتها عبر انتخابات لا أحد يشكك في مصداقيتها، أو يقول إنها "مزورة" أو "مخدومة" كما يقع عندنا في المغرب وفي الكثير من دول الجنوب.
كما يعرف الجميع الصلاحيات المخولة للمنتخبين على مستوى تدبير دوائرهم الانتخابية في كل المجلات، سواء في التنمية والتعليم والسكن والصحة والأمن..
هناك، ينتخب المواطنون مباشرة رؤساء البلديات، ويعرفون من البداية من سيسر جماعته ليحاسبوه فيما بعد. وليس الرهان على المبهم والافتراضي كما يقع عندنا في المغرب، حيث تتشكل أغلبيات هجنية هنا وهناك..
وكيف يتقبل المنهزمون النتائج وينسحبون في هدوء ليستجمعوا أنفاسهم لنزال مقبل، وكيف يقدمون الحساب للمواطنين ولمناضليهم أعضاء أحزابهم..
وكيف تتعامل أجهزة الدولة بحياد مع جميع المنتخبين، دون ان تمد طرفا بالدعم السري أو العلني، وبدون وضع خريطة انتخابية مسبقة..
وكيف تكون الانتخابات عملية "مقدسة" لها ما قبلها وما بعدها... والجميع يستخلص النتائج، فالرئيس الفرنسي من المنتظر ان يعدل حكومته تماشيا مع الزلزال الذي وقع في فرنسا.. في تركيا كل عيون العالم تنتظر النتائج النهائية، والمؤكد أنه سيكون لها ما بعدها
فرق كبير بين ديمقراطيات ناضلت شعوبها من أجل ذلك، وبين شكل "ديمقراطي" بئيس، وضع للتستر على الاستبداد وإشراك بعض النخب في جني المنافع..

الخميس، 6 فبراير 2014

ضمير الوديع!.. كتابة ذ.حميد هيمة

ضمير الوديع!
    حميد هيمة

"
هو" ذلك العريس الذي تمرد عن الشعر ليعانق منصة الخطابة مرافعا عن جلاده! في الماضي عانق الصدر العاري رغم الجراح، لكنه، اليوم، لم يعد في قلبه شيء يستحق الانتباه!
وفي لحظات الانكسار، التي أعقبت انهيار الجدار، سارع للركوب في كل الشاحنات ليضمن وصوله إلى أعتاب محطته المنشودة. ركب طريق اليسار، لكنه لم يستحمل عناد الرفاق، كما أنه فقد طاقة حساب التناقضات في ميزان بيض النمل، كما ردد، غير ما مرة، على لسان لينين.

تسلل هاربا من زمن الرفاق.. ذلك الزمن المنتمي إلى هامش الذاكرة والماضي، وانزلق، بكل اندفاع، كـ"براح" يُبشّر عامة الناس بالزمن الجديد... زمن خدمة "العدو الطبقي" الذي اختطف من العريس، في زمن مضى، ليلة فرحته!

عاتبه الرفاق.. ولاحقته الذاكرة.. فالتف إليهم، من نافذة الشعر، قائلا: إلهي أشكوهم إليك...!

عندما يتأهب لتغيير مكانه في الشاحنة، كما في الحالات السابقة، يشعر بالقلق.. ويستعيد ضميره الغائب لإعادة ضبط تموقعه في الشاحنة المتجهة إلى أعتاب المحطة.

في موضوع الأمل وفقدانه لم يتوان في إعلان "لا":
"
لا بد من مكاشفة وطنية وشاملة
لابد من مصالحة وطنية....
لابد من قرارات سياسية كبرى
لا بد من تعاقد دستوري جديد
لا بد من اعترف بالسيادة الشعبية
لا بد من فصل حقيقي للسلط...(صلاح الوديع، قلق الانتقالات، ص. 51)

قبل أن يستعيد وعيه وضميره، لحظة صدمة 20 فبراير 2011 التي أفزعت ركاب شاحنته، كفر العريس بالمكاشفة الوطنية، وانزلق للتبراح في السوق بمشروع ممزق.. مجرور إلى الأصالة ومتطلع إلى المعاصرة!

بئس العريس!

الاثنين، 13 يناير 2014

بصدد الفساد: النقد المزدوج. حميد هيمة

بصدد الفساد: النقد المزدوج.

حميد هيمة

يجب الإقرار، بداية، على أن الاستبداد أصل لكل فساد؛ ذلك أن المستبد الذي يتوهم نفسه إلاها، حسب الكواكبي، في حاجة إلى جيش المُتمجدين العاملين له والمحافظين عليه، كما أن هؤلاء- المتمجدون- لا يهمهم الكرامة وحسن السمعة وإنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته. من الواضح، إذن، أن الفساد صناعة سياسية بامتياز ترمي إلى تأبيد استمرارية نظام/ وضع شاذ يعاكس الحاجة الطبيعية والملحة لشروط ومتطلبات الاجتماع الإنساني- المدني. غير أنه يجب الإقرار، أيضا، إلى تسرب الفساد، السياسي الأصل والصناعة، إلى الفضاء الاجتماعي والاقتصادي بما يجعله "ثقافة" سائدة و"حية" تعيد إنتاج ذاتها في مستويات أدنى لضمان استمرارية أصل الفساد(= الاستبداد). يبدو من المهم، في هذه الحالة، استعارة النقد المزدوج للراحل عبد الكبير الخطيبي، ليس لتناول "المهمة الأساسية للسوسيولوجيا في العالم الثالث"بل من أجل القيام بعمل نقدي مزدوج لمواطن الفساد والإفساد في مستويين: أ- لم يعد هناك مجالا للتغطية على فساد السلطة بعد نهوض الشعوب المغاربية والعربية، في ما سمي بالحراك الاجتماعي والسياسي، إلى المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد كشعار مكثف للمطالب المرفوعة، وكتعبير عن الوعي الجماعي والحاد بنمو الفساد في أحضان الأنظمة الاستبدادية؛ ب- يجب الاعتراف، بكل وضوح، أن الفساد لم يعد مقتصرا، فقط، على المجال السياسي، حاضنته الطبيعية، بل أنه تمدد إلى المجال الاجتماعي وأُعيد إنتاجه في مستويات مختلفة حتى تحول إلى سلوك سائد ومقبول اجتماعيا، بل تسنده ثقافة لا تتوانى في إضفاء الشرعية على أفعال الفساد وممارسات الإفساد. وبالنتيجة، فإن السلطة أوجدت لها ما سماهم الكواكبي "جيش المتمجدين" في قلب المجتمع، مقابل استفادة هؤلاء من ريع غير مستحق نظير انخراطهم في أنشطة لا تقلق السلطة القائمة أو مقابل صمتهم عن فسادها. فإذا كان الفساد السلطوي، في تجلياته السياسية، واضحا وظاهرا، فإن الفساد، الذي تغلغل في المجتمع نتيجة لفعل سلطوي مقصود، أكثر خطورة لأنه:
 1- يمنع نمو المقاومة الذاتية في قلب المجتمع للتصدي للفساد السلطوي؛
 2- يضمن استمرار الفساد السلطوي من خلال إعادة إنتاجه اجتماعيا وثقافيا....الخ؛
 3- "التباس" حالة الفاعل الاجتماعي المستفيد من الفساد، واجتهاده في تمييع الصراع والمعركة ضد معسكر الفساد. لقد تنبهت بعض القوى السياسية، بشكل مبكر، إلى "تفاعلات" الفساد والاستبداد بصياغتها لأطروحة سياسية لا زالت تحافظ على راهنيتها وحيويتها الاجتماعية والسياسية: دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع! وهو نفس الشعار الذي هيكل مطالب الشعوب المغاربية والعربية؛ إسقاط الفساد والاستبداد.


الأحد، 15 ديسمبر 2013

المافيا المنظمة في المغرب

صورة: ‏المافيا المنظمة في المغرب
كتابة مصطفى لمودن
  لا أقصد بها جماعة لصوص أو قطاع طرق أو مروجي المخدرات.. بل آخرين قد يكونون على درجة من التعليم، لكن لهم علاقة بالشأن العام، سواء كمشتغلين في الإدارة أو منتخبين مسؤولين على جماعات منتخبة. غالبية من هؤلاء أصبحوا متمرسين على التلاعب بمصالح المواطنين وعلى دراية عالية بكيفية الاغتناء غير المشروع وعلى علم بالمساطر الإدارية وكيفية خداعها، بل والأخطر من كل ذلك التواطؤات البينية (فيما بينهم)في مقابل تبادل الخدمات والمنافع.. حتى لا يبقى كلامنا عاما، نعطي مثلا ببعض الوقائع التي تسمح الصدف بظهورها هنا وهناك، من ذلك اكتشاف أن رئيس جماعة "الحوافاة" من إقليم سيدي قاسم وهي قريبة من سيدي سليمان، لم يضع مدخول تفويت السوق الأسبوعي في صندوق الجماعة، بل حوله ببساطة إلى جيبه وانتهى الأمر.. المبلغ لا ينقص عن 100 مليون سنتيم، ومن أين  له "المسكين" أداء مصاريف الحملة الانتخابية القادمة، حيث تعقد المآدب (الزرود) وتشترى الذمم كالبهائم وتعطى الرشاوى لبعض "أصحاب الحال" عن التجاوزات.. وقبل هذا بشهور، القي القبض في كمين على رئيس بلدية سيدي يحيى وهو يتلقى رشوة لا تقل عن 20 مليون سنتيم من مقاول مقابل التدخل من أجل التأكيد على "صلاحية" من نفذ من "مشاريع".. للتذكير الأول ينتمي لحزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون الحالي صلاح الدين مزوار والذي سبق أن اتهم بتحويل تعويضات له غير مشروعة لما كان وزيرا سابقا للمالية، والثاني الذي ضبط يتلقى رشوة ينتمي لحزب "الاتحاد الدستوري" الذي له رمز الحصان..  كما سبق في نفس المنطقة (الغرب)عرض أربعة رؤساء على المحاكم بتهمة تزوير "الشهادة الابتدائية"، (سوى الشهادة الابتدائية!!) التي تخول لحاملها كي يصبح بقدرة قادرة "رئيس جماعة".. 
 يحدث هذا ومثله الكثير في المغرب الآن، حيث طغى الفساد وانتشرت الرشوة والزبونية والمحسوبية وقد وصلت حتى إلى التجسيل في الجامعة من أجل "العلم" كما في حدث في جامعة المحمدية من أجل التجسيل في الدكتوراه (المساء يوم السبت 14 دجنبر)..ويعلم الجميع أن المغرب تراجع كثيرا على المستوى الدولي في تصنيف الشفافية ومحاربة الفساد، ولا غرو في ذلك، فقد كان من أول ما أعلن عنه رئيس الحكومة الحالي، هو "عفى الله عما سلف" من جرائم في هذا الشأن، وهو ما اعتبر إشارة ضوء أخضر لاقتراف المزيد..
 ما تعيشه الجماعات المحلية كارثة بكل المقاييس، فليس الأمر يهم سوء التدبير وضعف التصورات التي تقود نحو "تنمنية" مجالية مفقودة، بل هو نتيجة "سياسة" دولة انطلقت منذ بداية ما سمي ب"المسلسل الديمقراطي"، حيث انطلقت "الديمقراطية" مغشوشة ولم تتجاوز "التمثيل" على المغاربة من أجل تلقينهم درسا يجعلهم يكرهون كل ما يمت للديمقراطية بصلة، وقد كرس غير المأسوف عليه إدريس البصري ذلك، والنتيجة هذا التخلف المريع على جميع المستويات فيما يخص الجماعات المحلية، من حيث افتقادها لأي بعد تنموي في مختلف المجالات، ونحن نؤدي الآن ضريبة ذلك.. بقيت إشارة واحدة أريد الإشارة إليها بحكم تجربتي وملاحظاتي، إن ألذ أعداء غالبية الجماعات المحلية في المغرب هو قطاع التعليم، وخاصة المدرسة، فالجماعات المحلية بالعالم القروي من الناذر جدا أن تنظر في أحوال المدارس وتدعم التعليم بها.. والغرض واضح، فأغلب المنتخبين يفضلون الشعب جاهلا للتلاعب به.. 
لا يجب أن يستمر هذا الوضع، مما يحتم أولا تدخل القضاء لمعاقبة المجرمين أينما كانوا في الإدارة أو الجماعة المحلية، عدم تخلي "المثقفين" ذوي النية الحسنة عن الجماعات المحلية كما تخلوا عن المدرسة العمومية، ومواجهة كل "الشناقة" و"أصاحب الشكارة" من إقطاعيين جدد، تهمهم مصالحهم الضيقة أولا.. لن يرحم التاريخ أي متخاذل.‏

 مصطفى لمودن
لا أقصد بها جماعة لصوص أو قطاع طرق أو مروجي المخدرات.. بل آخرين قد يكونون على درجة من التعليم، لكن لهم علاقة بالشأن العام، سواء كمشتغلين في الإدارة أو منتخبين مسؤولين على جماعات منتخبة. غالبية من هؤلاء أصبحوا متمرسين على التلاعب بمصالح المواطنين وعلى دراية عالية بكيفية الاغتناء غير المشروع وعلى علم بالمساطر الإدارية وكيفية خداعها، بل والأخطر من كل ذلك التواطؤات البينية (فيما بينهم)في مقابل تبادل الخدمات والمنافع.. حتى لا يبقى كلامنا عاما، نعطي مثلا ببعض الوقائع التي تسمح الصدف بظهورها هنا وهناك، من ذلك اكتشاف أن رئيس جماعة "الحوافاة" من إقليم سيدي قاسم وهي قريبة من سيدي سليمان، لم يضع مدخول تفويت السوق الأسبوعي في صندوق الجماعة، بل حوله ببساطة إلى جيبه وانتهى الأمر.. المبلغ لا ينقص عن 100 مليون سنتيم، ومن أين له "المسكين" أداء مصاريف الحملة الانتخابية القادمة، حيث تعقد المآدب (الزرود) وتشترى الذمم كالبهائم وتعطى الرشاوى لبعض "أصحاب الحال" عن التجاوزات.. وقبل هذا بشهور، القي القبض في كمين على رئيس بلدية سيدي يحيى وهو يتلقى رشوة لا تقل عن 20 مليون سنتيم من مقاول مقابل التدخل من أجل التأكيد على "صلاحية" من نفذ من "مشاريع".. للتذكير الأول ينتمي لحزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون الحالي صلاح الدين مزوار والذي سبق أن اتهم بتحويل تعويضات له غير مشروعة لما كان وزيرا سابقا للمالية، والثاني الذي ضبط يتلقى رشوة ينتمي لحزب "الاتحاد الدستوري" الذي له رمز الحصان.. كما سبق في نفس المنطقة (الغرب)عرض أربعة رؤساء على المحاكم بتهمة تزوير "الشهادة الابتدائية"، (سوى الشهادة الابتدائية!!) التي تخول لحاملها كي يصبح بقدرة قادرة "رئيس جماعة"..
يحدث هذا ومثله الكثير في المغرب الآن، حيث طغى الفساد وانتشرت الرشوة والزبونية والمحسوبية وقد وصلت حتى إلى التجسيل في الجامعة من أجل "العلم" كما في حدث في جامعة المحمدية من أجل التجسيل في الدكتوراه (المساء يوم السبت 14 دجنبر)..ويعلم الجميع أن المغرب تراجع كثيرا على المستوى الدولي في تصنيف الشفافية ومحاربة الفساد، ولا غرو في ذلك، فقد كان من أول ما أعلن عنه رئيس الحكومة الحالي، هو "عفى الله عما سلف" من جرائم في هذا الشأن، وهو ما اعتبر إشارة ضوء أخضر لاقتراف المزيد..
ما تعيشه الجماعات المحلية كارثة بكل المقاييس، فليس الأمر يهم سوء التدبير وضعف التصورات التي تقود نحو "تنمنية" مجالية مفقودة، بل هو نتيجة "سياسة" دولة انطلقت منذ بداية ما سمي ب"المسلسل الديمقراطي"، حيث انطلقت "الديمقراطية" مغشوشة ولم تتجاوز "التمثيل" على المغاربة من أجل تلقينهم درسا يجعلهم يكرهون كل ما يمت للديمقراطية بصلة، وقد كرس غير المأسوف عليه إدريس البصري ذلك، والنتيجة هذا التخلف المريع على جميع المستويات فيما يخص الجماعات المحلية، من حيث افتقادها لأي بعد تنموي في مختلف المجالات، ونحن نؤدي الآن ضريبة ذلك.. بقيت إشارة واحدة أريد الإشارة إليها بحكم تجربتي وملاحظاتي، إن ألذ أعداء غالبية الجماعات المحلية في المغرب هو قطاع التعليم، وخاصة المدرسة، فالجماعات المحلية بالعالم القروي من الناذر جدا أن تنظر في أحوال المدارس وتدعم التعليم بها.. والغرض واضح، فأغلب المنتخبين يفضلون الشعب جاهلا للتلاعب به..

لا يجب أن يستمر هذا الوضع، مما يحتم أولا تدخل القضاء لمعاقبة المجرمين أينما كانوا في الإدارة أو الجماعة المحلية، عدم تخلي "المثقفين" ذوي النية الحسنة عن الجماعات المحلية كما تخلوا عن المدرسة العمومية، ومواجهة كل "الشناقة" و"أصاحب الشكارة" من إقطاعيين جدد، تهمهم مصالحهم الضيقة أولا.. لن يرحم التاريخ أي متخاذل.